تاريخ ابن يونس المصري - ج ٢

أبي سعيد عبد الرحمان بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري

تاريخ ابن يونس المصري - ج ٢

المؤلف:

أبي سعيد عبد الرحمان بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري


المحقق: الدكتور عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3193-1

الصفحات: ٥٦٨
الجزء ١ الجزء ٢

ب ـ مطالعة تاريخ وفاة أحد المترجمين مكتوبا فوق أحد شواهد القبور (١).

ويلاحظ على الموارد غير التقليدية فى كتابى مؤرخنا ما يلى :

أ ـ أنها قليلة جدا بالقياس إلى استخدامه للموارد التقليدية «الصريحة ، والمجهولة».

ب ـ أنها فى تاريخ المصريين ـ شأنها شأن الموارد الأخرى ـ أكثر عددا ، وتنوعا منها فى «تاريخ الغرباء».

ج ـ أن مؤرخنا لم يحتفظ لنا بنص أية وثيقة من تلك الوثائق التى اطلع عليها ، سوى «وثيقة ديوان الأحباس» الواردة فى «تاريخ الغرباء».

__________________

(١) تاريخ الغرباء : (ترجمة ٣٤٠).

٣٨١

ثالثا ـ مناقشة بعض المعلومات التاريخية

الواردة فى عدد من التراجم

أود فى بداية هذه الجزئية أن أشير إلى أمرين :

الأول ـ أننا لا نستطيع تناول أحداث كبرى ، أو قضايا تاريخية ـ كما كنا نفعل فى دراسة بعض المصادر ـ فطبيعة تراجم بقايا كتابى ابن يونس الموجزة غالبا ، تجعلنا نتجه إلى النظر فى بعض الجزئيات ، التى تستوقفنا ، فترجع إلى المصادر الأخرى ؛ لنبحث الأمر فى ضوئها ، ونرى نصيب ما ذكره مؤرخنا من الصواب ، أو الخطأ التاريخى.

الثانى ـ أننا لو توقفنا أمام كافة الجزئيات لطال الأمر بنا جدا ؛ نظرا لكثرة التراجم.

ومن هنا ، اكتفينا بتناول بعضها بالدراسة ، مع الوضع فى الاعتبار أنه يكمل ذلك ويتكامل معه ـ على مستوى الكتابين ـ تعليقاتنا التى نوردها فى حواشى ما تم تجميعه من بقايا الكتابين ، بالإضافة إلى ما رجحنا دراسته عند النظر فى منهج «ابن يونس» ، وذلك فيما يتعلق بظاهرة تكرار بعض التراجم بمسميات متقاربة ، أو ما يتصل بملاحظاتنا على توقيت بعض الأحداث.

فى تاريخ «المصريين» :

١ ـ دراسة بعض الجزئيات الموجودة فى تراجم عدد من الصحابة :

أ ـ ما أثير حول صحبة «بسر بن أبى أرطاة» : اختلفت المصادر فى ذلك الأمر ما بين مثبت صحبته للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وناف إياها عنه. ومعلوم أن ابن يونس صرّح بصحبته للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكر أنه روى عنه ، وشهد فتح مصر ، واختط بها (١). فما حقيقة الأمر بهذا الشأن؟

١ ـ ذكر ابن سعد (٢) رواية للواقدى قال فيها : قبض الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبسر صغير. ولم يرو عنه أحد من المدنيين أنه سمع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقد تحول ، ونزل الشام. أما الشاميون وغيرهم ، فذكروا أنه أدرك الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه أحاديث ، وصحب معاوية «فهو عثمانى».

__________________

(١) تاريخ المصريين : (ترجمة ١٧٤) ص ٧٦ ـ ٧٧.

(٢) الطبقات ٧ / ٢٨٧.

٣٨٢

٢ ـ أفاض ابن عبد البر (١) فى الترجمة له ، ونقلها عنه ابن الأثير (٢). وفى هذه الترجمة ذكر صاحب «الاستيعاب» رأى القائلين بأنه لا صحبة له «ابن معين ، وابن حنبل رأيهما من رأى الواقدى السابق» (٣). وعلّل ابن معين قوله ـ لا تصح له صحبة ـ بأنه رجل سوء «إشارة إلى ما ارتكبه من فظائع وجرائم» (٤). وذكر رأى الدارقطنى بأنه تصح صحبته ، لكنه لم تكن له استقامة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لقتله الطفلين فى عهد معاوية (٥). ورجح ابن عبد البر أن القتل حدث باليمن ، لا بالمدينة (٦). وجدير بالذكر أن ابن عبد البر أضاف أن أهل الشام جعلوه أحد من بعثهم عمر مددا لعمرو ، ورجح صاحب الاستيعاب أن الذي كان معهم هو خارجة بن حذافة ، لا بسر (٧).

٣ ـ أما الذهبى ، فأورد نص الواقدى المشهور بأن بسرا ولد قبل موت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنتين (٨) ، وقطع بأنه لا صحبة له ، وأن هذا هو الصحيح (٩).

٤ ـ ذكر ابن حجر مختلف الآراء المذكورة حول صحبة بسر (١٠) ، ومسلكه فى كتابه «الإصابة» يشير إلى أنه يرجح صحبته (١١) ، وإن لم يصرح بذلك بطريق مباشرة.

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ١٥٧ ـ ١٦٧.

(٢) أسد الغابة ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤.

(٣). ١ / ١٥٧.

(٤) أسد الغابة ١ / ٢١٤. وقد أفاض ابن عبد البر فى ذكر تلك الفظائع ، وفيها : سبى النساء المسلمات ، وبيعهن فى السوق ، فأيتهن كانت أعظم ساقا ، اشتريت على عظم ساقها (الاستيعاب) ١ / ١٦١.

(٥) المصدر السابق : ١ / ١٥٩ ، وأسد الغابة ١ / ٢١٤.

(٦) الاستيعاب ١ / ١٥٩. وعنه نقل ابن الأثير فى (أسد الغابة) ١ / ٢١٤.

(٧) الاستيعاب ١ / ١٥٨.

(٨) تاريخ الإسلام ٥ / ٣٦٧. ويلاحظ أن ابن حجر أورد هذا النص عن الواقدى فى (الإصابة) ج ١ / ص ٢٨٩ ، لكنه سقطت منه لفظة (موت) ، ولم يفطن إلى ذلك المحقق. وقد أدى إلى تغير المعنى تماما ؛ إذ صار بسر أكبر من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنتين ، وهو ما لا يصح.

(٩) تاريخ الإسلام ٥ / ٣٦٩.

(١٠) تهذيب التهذيب ١ / ٣٨١ ـ ٣٨٢.

(١١) ذكره فى ج ١ ص ٢٨٩ ـ ٢٩٠. ويلاحظ أنه ذكر فى القسم الأول من (الصحابة) ، وهو الذي عرّف المذكورين به بأنهم من جاءت روايته أو ذكره بما يدل على صحبته ، سواء كان الإسناد بذلك صحيحا أم لا. (السابق ١ / ٢٦٥).

٣٨٣

التعليق :

أ ـ من الواضح أن أهل المدينة ينفون عنه الصحبة ؛ لأفاعيله النكراء بهم. أما الشاميون ، فإنهم يشهدون له بالصحبة ؛ إعجابا به ، فهو من حزبهم.

ب ـ معظم الآراء الواردة فى هذا الموضوع ـ خاصة مؤرخى مصر : ابن عبد الحكم ، وابن يونس ـ تثبت له الصحبة. وتستند بعض هذه الآراء إلى وجود حديثين مرويين لبسر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) ، إلى جانب اشتراكه فى أحداث فتنة علىّ ومعاوية ، وشهوده وقائع الفتوح الأولى (٢).

ج ـ أميل إلى صحة الرأى القائل بصحبته ـ وقد قال به مؤرخنا ابن يونس ـ وذلك لقوة أدلة هذا الرأى ؛ ولأنه ليس هناك ما يمنع من إثبات الصحبة له ، ثم نكوصه على عقبيه بعد ذلك ـ وهو رأى الدارقطنى ـ فقد ثبت أن بعض الأصحاب بدّلوا وغيّروا ، وأنهم سيذادون عن الحوض يوم القيامة (٣). ولا شك أن ما ارتكبه بسر يدخله فى زمرة هؤلاء ، بل يضعه فى مقدمتهم.

(ب) حول صحبة «جنادة بن أبى أمية الأزدى» : قطع له مؤرخنا ابن يونس بالصحبة (٤). أما المصادر الأخرى المترجمة له ، فبها آراء شتى ، نوجزها فيما يلى :

١ ـ جعله ابن سعد فى الطبقة الأولى من أهل الشام بعد الصحابة ، وقال عنه : إنه لقى أبا بكر ، وعمر ، ومعاذا ، وحفظ عنهم. وكان صاحب غزو (٥). وأورد له حديث النهى عن صوم يوم الجمعة مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لكنه سمّاه هنا «جنادة الأزدى» (٦).

__________________

(١) هما حديثا : «لا تقطع الأيدى فى الغزو» ، و «اللهم ، أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها». (الاستيعاب ١ / ١٥٨ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٣٨١).

(٢) شارك فى (ذات الصوارى) على رأس جيش برى سنة ٣٤ ه‍ (فتوح مصر ص ١٩٠). وشارك فى عهد عمرو فى فتح (سرت). وشارك عقبة فى فتح المغرب سنة ٤٦ ه‍ (السابق ١٩٤) ، ويلاحظ عدم صحة ما أورده ابن عبد الحكم فى (السابق ٢٠٤ ـ ٢٠٥) من زعمه مشاركة بسر موسى بن نصير فى فتح المغرب الأقصى ٩٢ ه‍ ، وأنه فتح قلعة هناك باسمه ؛ لأنه توفى ـ على أقصى تقدير ـ فى عهد (عبد الملك).

(٣) الاستيعاب ١ / ١٦٣ ـ ١٦٤.

(٤) تاريخ المصريين : (ترجمة ٢٥٣).

(٥) الطبقات ٧ / ٣٠٦.

(٦) المصدر السابق ٧ / ٣٤٧.

٣٨٤

وهذا يعنى أنه يعتبرهما اثنين :

أولهما ـ تابعى. والثانى ـ صحابى (١).

٢ ـ أما ابن عبد البر ، فذكر أنهما اثنان صحابيّان «جنادة بن مالك الأزدى الكوفى ، وجنادة بن أبى أمية الشامى» (٢).

٣ ـ تخبط ابن الأثير ، فسرد الآراء كلها ، وقال : جعلهما ابن منده وابن عبد البر اثنين ، وأبو نعيم ثلاثة. وترجم ابن الأثير بالفعل لثلاثة بهذا الاسم «جنادة بن أبى أمية الأزدى» ، و «جنادة بن مالك» ، و «جنادة الأزدى» (٣).

٤ ـ اكتفى مغلطاى (٤) ، والمزى (٥) بنقل الرأيين الواردين لدى ابن عبد البر.

٥ ـ قطع الذهبى أنه من كبراء التابعين ، وأيّد رأى ابن سعد ، ورأى أن حديثه الذي يرويه عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث مرسل (٦).

٦ ـ أخيرا ، رأى ابن حجر أن الصحبة مقطوع بها ل «جنادة بن أبى أمية الأزدى» ؛ لأنه له حديثان مرويان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧). وهذا هو الراجح عندى أيضا ، وهو ما قال به مؤرخنا ابن يونس.

(ج) موقف ابن يونس من تناقض عدد من المصادر فى ترجمة «أحد الصحابة» ، وهو «جعشم الخير» ، أو «جعشم بن خليبة» : اكتفى مؤرخنا فى ترجمته بالنص على مبايعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيعة الرضوان ، وذكر شهوده فتح مصر ، واختطاطه بها (٨). فماذا عن المصادر الأخرى التالية له؟

١ ـ ذكر ابن عبد البر أن الصحابى المذكور قتله «الشريد بن مالك» فى الردة «أى :

__________________

(١) وهو رأى ابن حجر أيضا فى (تهذيب التهذيب) ج ٢ ص ١٠٠.

(٢) الاستيعاب ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٣) أسد الغابة ١ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦.

(٤) مخطوط إكمال تهذيب الكمال ٢ / ق ٨٤ ـ ٨٥.

(٥) تهذيب الكمال ٥ / ١٣٤.

(٦) سير أعلام النبلاء ٤ / ٦٢ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤.

(٧) الإصابة ١ / ٥٠٢ ـ ٥٠٣.

(٨) تاريخ المصريين (ترجمة رقم ٢٣٥).

٣٨٥

فى حروبها» بعد قتل عكاشة بن محصن (١).

٢ ـ أضاف ابن ماكولا فى ترجمته : أنه كساه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قميصه ، ونعليه ، وأعطاه من شعره ، وأنه تزوج آمنة بنت طليق بن سفيان بن أمية بن عبد شمس. قتله الشريد بن مالك (٢).

٣ ـ لاحظ ابن الأثير التناقض بين الرواية السابقة مجهولة المصدر ، التى تحدد تاريخ وفاته ، وبين ما ذكره ابن يونس ـ فى ترجمته ـ عن شهوده فتح مصر (٣). وقام مشكورا برفع هذا التعارض بنص ، نسبه إلى ابن ماكولا ـ ليس بين أيدينا الآن فيما راجعت ، ولعله من نسخة ابن الأثير من الإكمال ـ فيه أن جعشم الخير كان زوجا لها قبل الشريد ، ولم يكن الشريد قاتلا له (٤).

٤ ـ أكد ابن حجر صحة ما ذهب إليه ابن الأثير ـ بالاعتماد على ابن ماكولا ـ وجعله أقرب إلى الصواب ، وجعل «قتله» مصحّفة عن «قبل» ، فيكون الضمير فى الفعل «قتله» ، وتكون كلمتا «فى الردة» ـ أيضا ـ من قبيل الوهم ، الذي وقع فيه ابن عبد البر (٥). ويكون نص ابن يونس فى ترجمته خير موجّه ومرشد لابن الأثير ومن بعده ؛ لتبيّن هذا الخطأ (٦).

٥ ـ ويترجح لدىّ ما ذكره ابن الأثير ، وابن حجر. ومما يدعم استنتاج ابن حجر أن الشريد بن مالك لم يذكر فى حادثة مقتل «عكاشة بن محصن» ، ومن ثم لم يذكر الصحابى «جعشم الخير» (٧).

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ٢٧٧.

(٢) الإكمال ٣ / ١٣٥.

(٣) تاريخ المصريين (ترجمة ٢٣٥).

(٤) أسد الغابة ١ / ٣٤٠.

(٥) الإصابة ١ / ٤٨٤.

(٦) ويلاحظ أن السمعانى فى (الأنساب) ٢ / ٢١٢ (مادة الحريمى) ذكر النص على الوجه الصحيح ، ولم ينسبه إلى ابن ماكولا ، فقال : (فتزوج جعشم الخير آمنة بنت طليق بن سفيان بن أمية بن عبد شمس قبل الشريد بن مالك). هذا ، وقد كان والد زوجته من المؤلّفة قلوبهم ، وأخذ من غنائم حنين (سيرة ابن هشام ٢ / ٤٩٤ ، والاستيعاب ٢ / ٧٧٧ ، وأسد الغابة ٣ / ٩٦).

(٧) طبقات ابن سعد ٣ / ٦٨ ، والاستيعاب ٣ / ١٠٨٠ ، وأسد الغابة ٤ / ٦٨ ، والإصابة ٤ / ٥٣٤.

٣٨٦

د ـ هل ولى الصحابى «فضالة بن عبيد» قضاء مصر؟

أخطأ ابن يونس لما جعل هذا الصحابى يلى قضاء مصر ، وبحرها لمعاوية بن أبى سفيان (١). فالحق أن المصادر التى طالعتها تجمع على أنه كان على قضاء دمشق ، وأنه ـ أساسا ـ صحابى شامى ، له دار بدمشق. وقد ولّاه معاوية هذا المنصب بعد وفاة الصحابى «أبى الدرداء» بمشورة منه «رضى الله عنه». وقد ذكر معاوية أنه ولّاه ذلك المنصب ـ وهو متوجه إلى صفين ـ ليكون سترا له من النار. ولم يكن فضالة على بحر مصر ، وإنما كان على رأس جيش شامى ، أرسله معاوية فى البحر ؛ لغزو الروم (٢).

٢ ـ حول أحداث مقتل «زهير بن قيس البلوى» ، وتوقيت ذلك :

ذكر ابن يونس أن زهيرا قتل ببرقة سنة ست وسبعين ، وأن ظروف ذلك المقتل تتمثل ـ باختصار ـ فى مجىء الصريخ إلى الفسطاط بنزول الروم برقة ، فأمر عبد العزيز بن مروان زهيرا بالنهوض إليهم. وتذكر الرواية التى يسوقها ابن يونس ـ وهى ذاتها الموجودة تقريبا لدى ابن عبد الحكم ، ولعله نقلها عنه ، أو عن تلميذ ابن عبد الحكم وهو ابن قديد ، وسقط ذلك المورد من النساخ ـ أن زهيرا سار على رأس أربعين رجلا فقط ، وأراد أن يكف عن القتال ، حتى تكتمل جيوشه ، لكن غلامه أثار فيه الحميّة ، فقاتل بهم حتى قتلوا جميعا (٣).

والصواب أن الروم بلغهم ـ بالقسطنطينية ـ أن زهيرا سار من برقة إلى إفريقية ؛ لقتال كسيلة ، فاهتبلوا تلك الفرصة ، وخرجوا بمراكبهم من جزيرة صقلية فى أعداد كبيرة ، وأغاروا على برقة ، فأصابوا منها سبيا ومقتلة عظيمة ، ونهبوا نهبا كبيرا. ووافق هذا

__________________

(١) تاريخ المصريين (ترجمة رقم ١٠٦٨).

(٢) راجع ما ذكر عن هذا الصحابى الشامى فى (طبقات ابن سعد) ٧ / ٢٨٢. وراجع ما ورد بخصوص ولايته قضاء دمشق فى (الاستيعاب) ٣ / ١٢٦٢ ـ ١٢٦٣ ، وأسد الغابة ٤ / ٣٦٣ ، والإصابة ٥ / ٣٧١ ، والتقريب ٢ / ١٠٩. ويلاحظ أن الذي كان على أهل مصر فى الغزوة البحرية المذكورة بالمتن هو الصحابى (عقبة بن عامر الجهنى). (فتوح مصر) ص ٢٦٩. ويلاحظ ـ أيضا ـ أن ابن عبد الحكم لم يحدد متى ، وأين ولى (فضالة) القضاء ، واكتفى بقوله : استقضاه معاوية. (السابق ٢٧٩). وتجدر الإشارة إلى أن ابن عبد الحكم ذكره ضمن الصحابة فى مصر ، وقال : له شبيه بعشرين حديثا ، أورد له منها ١١ حديثا (السابق : ص ٢٧٦ ـ ٢٧٩).

(٣) المصدر السابق : ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ (معه سبعون رجلا) ، وتاريخ المصريين رقم (٥٠٢).

٣٨٧

رجوع زهير بعد قتله كسيلة ، فكان استشهاده أمام جموع الروم الكثيرة (١). ويضيف البعض أن زهيرا لما خبر خبرهم ، أمر عسكره بالمضى على الطريق ، وعدل هو فى خيل كثيرة من فرسان أصحابه ، وأراد استنقاذ الأسرى «المستغيثين به من الروم» ، فتردد أصحابه فى القتال أمام الجموع الهائلة من الروم ، ثم دارت معركة غير متكافئة ، استشهد فيها هو وأصحابه (٢) سنة ٦٩ ه‍ (٣) ، أو سنة ٧١ ه‍ على الراجح (٤).

٣ ـ تناقض فى إحدى التراجم :

ذكر مؤرخنا ابن يونس فى ترجمة «عثمان بن عتيق الغافقى المصرى» (٥) : أنه أول من رحل إلى العراق فى طلب العلم والحديث. وبعدها قال : «يقال : مات قبل أن يبلغ» (٦).

والحق أن هذه الترجمة لنا عليها اعتراضات وتساؤلات كما يلى :

١ ـ أنه لا يعقل أن يروى عن المترجم له هؤلاء العلماء الكبار «ابن وهب ، وإسحاق ابن الفرات ، وعثمان بن صالح» ، وهو دون البلوغ!

٢ ـ كيف يرحل إلى العراق ؛ طلبا للعلم ، ويترك بلده مصر ، والمفترض أن الرحلة لا تكون إلا بعد هضم علوم بلده وأحاديث محدّثيها؟!

٣ ـ لم أجد له ذكرا فى «تاريخ بغداد» ، للخطيب البغدادى ، وهو المعنىّ بالترجمة لكل من نزل بغداد من طلاب العلم. وأعتقد أن المترجم له (ت ١٨٠ ، أو ١٨٤ ه‍) لو كان نزل غير بغداد من مدن العراق ، فإنه لابد أن يمر بعاصمة العلم والثقافة ، وحاضرة الخلافة فى القرن الثانى الهجرى ، وهو من رجاله.

٤ ـ وإذا كانت الرواية ذكرت أن المترجم له روى عن «عبد القدوس بن حبيب

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ٣ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، وتاريخ ابن خلدون مجلد ٤ ق ١ ص ٤٠٠.

(٢) رياض النفوس (ط. مؤنس) ص ٣٠ ـ ٣١ ، وتاريخ إفريقية والمغرب للرقيق ص ٥٢ ـ ٥٣. وراجع رسالتى للماجستير ، مجلد ٢ ص ٥٤٩ ـ ٥٥٠.

(٣) الكامل ٤ / ٩١. ولعل ذلك يرجع لاعتبار البعض أن خروج زهير إلى إفريقية كان سنة ٦٧ ه‍ (تاريخ ابن خلدون ٤ / ١ / ٤٠٠).

(٤) على اعتبار الخروج كان سنة ٦٩ ه‍. (فتح العرب للمغرب) للدكتور مؤنس ص ٣٢٩.

(٥) تاريخ المصريين (رقم ٩٢٦).

(٦) السابق.

٣٨٨

الكلاعى» وهو دمشقى سكن بغداد ، وبها مات فى عهد المنصور (١٣٦ ـ ١٥٨ ه‍) (١) ، فإنى أتساءل : هل يمكن له أن يروى عنه ، وهو الذي ـ حسب كلام الخطيب ـ توفى قبل ميلاد المترجم له بسنوات؟! إن أبا الطاهر أحمد بن عمرو (١٧٠ ـ ٢٥٠ ه‍) (٢) لم يتمكن من الرواية عن المترجم له ، وإنما ذكر ابن يونس أنه رآه فقط ، فمتى وأين روى عن «عبد القدوس» هذا؟!

٥ ـ من الواضح أن مؤرخنا هنا بين احتمالين :

الأول ـ أن يكون هناك سقط فى الجملة ، وتمامها : «مات قبل أن يبلغ العراق» ، ويكون قد روى عن «عبد القدوس» الدمشقى الأصل فى بلده «دمشق» قبل أن يسكن بغداد.

والثانى ـ أن يكون ابن يونس قد أدرك هذا التناقض ؛ ولذلك صدّر الجملة بلفظة «قيل» الدالة على الشك ، وإن كنا نرى أنها لا تكفى لدرء هذا التناقض الواضح فى تلك الترجمة ، وكان عليه أن يشفعها بتعليق يشفى الصدور.

أما فى «تاريخ الغرباء» :

فالملاحظات النقدية فيه قليلة جدا ؛ نظرا لصغر حجم الكتاب من جهة ، وسطحية ووجازة تراجم الكثير من مترجميه من جهة أخرى.

وهاك بعضا من تلك الملاحظات :

١ ـ ذكر مؤرخنا ابن يونس : أن «حوىّ بن حوى» قدم مصر واليا. وليس هذا بصحيح ؛ لأن أقصى ما وصل إليه من مناصب فى مصر ولايته خراجها (٣).

٢ ـ قال ابن يونس : عزل الوليد (٨٦ ـ ٩٦ ه‍) أخاه «عبد الله» عن مصر ب «قرة بن شريك» ، أول ما استخلف «أى : سنة ٨٦ ه‍» ، وليس هذا بصحيح ؛ لأن «عبد الله بن عبد الملك» ولى شئون مصر من سنة (٨٦ ـ ٩٠ ه‍) (٤) ، فيكون الوليد عزله بعد أربع سنوات من ولايته خلافة الأمويين.

__________________

(١) تاريخ بغداد ١١ / ١٢٨.

(٢) الثقات ٨ / ٢٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٦٢ ـ ٦٣.

(٣) تاريخ الغرباء (ترجمة رقم ١٧٢ ، مع مراجعة هامشها رقم ١ ، ومصادره).

(٤) المصدر السابق : (ترجمة رقم ٢٨٣ ، مع مراجعة هامشها رقم ٢ ، ومصادره).

٣٨٩

٣ ـ أورد ابن يونس رواية تدخل فى إطار «الغيبيات» فى ترجمة «عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة» (١) ؛ إذ إنه لا يرى الأحياء ما أفسح للموتى فى قبورهم مد أبصارهم ، بل إن هذا مما يدخل فى «عالم البرزخ» ، الذي لا يطالعه إلا الموتى الصالحون أنفسهم. وكان يجب على ابن يونس التعليق على ذلك ، ونقده. ومن الواضح أن المترجم له يفخر بنفسه ، إذ ينسب إليها رؤية ما لا يراه الآخرون المصاحبون له.

__________________

(١) تاريخ الغرباء : (ترجمة رقم ٣٢١).

٣٩٠

رابعا ـ منهج مؤرخنا فى الكتابين

هذه الجزئية من ٣ الجزئيات المهمة فى دراسة تاريخى «ابن يونس» ؛ إذ إنها تقفنا على عقلية الرجل وتفكيره ، ومدى قدرته على تنسيق وتنظيم مادته التاريخية ، وأسلوبه ولغة عرضه إياها. ومن خلال التعمق فى دراستها سندرك درجة فهمه للتاريخ فهما شاملا ، ونتعرف مدى حضور شخصيته عند تناول تراجمه.

والآن ، مع أبرز قضايا ذلك المنهج :

أولا ـ عناصر الترجمة ، وطريقته فى العرض التاريخى :

١ ـ النسب «وما يلحق به من ذكر الأصل ، والكنية» :

سبق أن عرفنا أن مطالعة كتب «الأنساب» ، ووثائق الديوان فى مصر كان من مكونات مؤرخنا الثقافية. ومن ثم ، فقد ظهر ذلك جليا فى كتابه «تاريخ المصريين» على وجه الخصوص ؛ إذ رأينا اهتمامه البالغ بذكر نسب المترجمين كاملا ، ولو امتد ذلك عبر سطور عديدة ، الشيء الذي خفّت حدّته بنسبة كبيرة فى «تاريخ الغرباء» ، الذي نرجح أن مصادره ومعلوماته لم تسعفه ، ولم تمده بالمادة الكافية ، فأتت نسبة كبيرة منها خالية من النسب المطوّل المعتاد. ولا شك أن معرفة أنساب المترجمين كان يمثل أهمية قصوى بالنسبة لمؤرخ كابن يونس ، يمثل علم «الحديث» جانبا مهما من ثقافته ، ومثّل المحدّثون نسبة كبيرة من تراجم كتابيه ، فمعرفة آباء الرواة وأجدادهم ، والقبائل والبطون التى ينتسبون إليها ، يسهم فى معرفة بلدانهم ، وأماكن انتقالهم ورحلاتهم ، وكل ذلك يضع أيدينا على أساتيذهم وتلاميذهم ؛ مما يسهم ـ بشكل فعّال ـ فى الإلمام بشتى جوانب حياتهم.

وقد اتخذت «الأنساب» فى «تاريخ المصريين» صورا شتّى ، منها : ذكر بعض الأنساب مطولة كاملة (١) ، وأحيانا يعنى بضبط بعض ألفاظها (٢) ، أو شرحها (٣). وقد يأتى النسب

__________________

(١) راجع تراجم أرقام : (١١٩ ، ١٦٤ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٩٠ ، ٣٠٦ ، ٤٢٩ ، ٤٣٣ ، ٤٤٢ ، ٧٥١).

(٢) ترجمة رقم (١٦٤). وبها ضبط بالحروف (بحر بن ضبع) ، وترجمة رقم (٧٥١) : هنىّ (بضم الهاء).

(٣) كما فى ترجمة رقم (٣) ، عندما قال : والقرافة بطن من المعافر. وعرّف الحدس ، والقارة فى

٣٩١

مختصرا ابتداء (١) ، أو يكتفى ببعضه لسبق ذكره مطوّلا عند الترجمة لأحد أفراد أسرة المترجم له (٢). وقد يأتى اسم المترجم له فحسب (٣).

وفى «تاريخ الغرباء» : وإن كانت نسبة التراجم المطوّلة أقل بكثير من المصريين ، إلا أن الأنساب اتخذت فيه أنماطا متعددة أيضا «النسب المطوّل (٤) ، والمطول نوعا ما (٥) ، والوسط (٦) ، والقصير (٧) ، والمختصر (٨) ، والاكتفاء باسم المترجم له «فقط» (٩). ويلاحظ أن ابن يونس كان يخطئ ـ أحيانا ـ فى نسبة المترجم له إلى بلده (١٠).

وإذا كان أصل المترجمين ، وكناهم مما نعدّه لاحقا وتابعا للنسب ، فإن مؤرخنا كان يحرص ـ فى معظم تراجمه ـ على ذكر كنية مترجميه إلا نادرا (١١). ولما كان أصل المترجمين واضحا من أنسابهم ، فإن ابن يونس نادرا ما كان ينص على ذلك الأصل (١٢).

٢ ـ الأساتيذ والتلاميذ :

وهى من النقاط الأصيلة فى عناصر الترجمة لدى ابن يونس ، فيما نرجح. وفى

__________________

ترجمتى (٦٤ ـ ٦٥) ، وعرّف (الحضرمى العقابى) ، فذكر أن المترجم له من بطن ، يقال له : العقابة (ترجمة رقم ١٤٩).

(١) راجع (ترجمة ١٨٤ ـ ١٨٦).

(٢) راجع (ترجمة ١٦٨ ، ٦٠٥ ، ٧١٨).

(٣) راجع (ترجمة ١٩ ، ١٨٩ ، ٤٣١).

(٤) تراجم أرقام : (١١١ ، ١١٥ ، ٢٣٨).

(٥) ترجمة (٢١ ـ ٢٢).

(٦) راجع تراجم (٢ ، ٣ ، ٥ ، ١٣٨).

(٧) تراجم أرقام : (١ ، ٤ ، ١٨٩).

(٨) ترجمة (٢٧٧ ، ٢٩٨).

(٩) ترجمة ٢٠١.

(١٠) فقد نسب ابن يونس (محمد بن حاتم بن نعيم) إلى (بغداد) فى ترجمة رقم (٥١٠). وقد ردّ الخطيب ذلك ـ وهو أدرى بالبغداديين ـ وعدّ ابن يونس واهما ، وقال : هو مروزى (تاريخ بغداد) ج ٢ ص ٢٦٩.

(١١) من هذا النادر ما ورد فى (تاريخ المصريين) ، ترجمة (٧٢٠ ـ ٧٢١). ويلاحظ أنه كان يضبط الكنية ـ أحيانا ـ بالحروف ، كما فى (تاريخ الغرباء) ، ترجمة (٢٤٥).

(١٢) ذكر فى ترجمة (جريبة بن عبد الصمد) ، رقم (٢٣١) فى (تاريخ المصريين) : أنه مصرى. وفى (المصدر السابق) ، ترجمة (الجلاح ، أبى كثير القرشى) ، رقم (٢٥٧) ، قال : كان روميا.

٣٩٢

ضوء ما تبقى من مادة كتابيه ، نلاحظ أن ذكر أساتيذ وتلاميذ المترجمين انتهج فيه مؤرخنا طرقا شتى ، منها :

أ ـ ذكر الأساتيذ ، والتلاميذ بكثرة على غير المعتاد (١).

ب ـ الاختصار فى ذكرهم (٢).

ج ـ الاكتفاء بذكر بعض التلاميذ (٣).

د ـ الاكتفاء بذكر بعض الأساتيذ (٤).

ه ـ إغفال ذكر الأساتيذ ، والتلاميذ معا (٥).

و ـ الإشارة إلى التلاميذ بصيغة مجهولة (٦).

ز ـ التعريف المقتضب بأحد تلاميذ المترجم له (٧) ، وأحيانا يعرّف ـ باختصار ـ بأحد أساتيذ المترجم له أيضا (٨).

ح ـ وأخيرا ، فقد يكتفى ابن يونس بذكر تلميذ واحد للمترجم له «هو ابنه» ، ثم يتعدى ذلك إلى ذكر تلميذ واحد أيضا لابن المترجم له (٩).

هذه هى أهم الطرق التى استخدمها مؤرخنا فى ذكر أساتيذ وتلاميذ المترجمين فى كتابيه المعروفين ، مع شىء من الاجتهاد والاستنتاج فى تجميع ما تيسر من بقايا التراجم.

__________________

(١) تاريخ المصريين : رقم (١٢ ـ ١٣ ، ١٦٥ ، ٦٢٤ ، ٦٥٢) ، (وتاريخ الغرباء) : ٢١٤.

(٢) تاريخ المصريين : رقم (١٦٦).

(٣) السابق : ٥٨٦ ـ ٥٨٧ ، ٦٥٥. وفى (تاريخ الغرباء) : أرقام (١٢٢ ، ١٦٨ ، ٢٤٧).

(٤) تاريخ المصريين : ١٦٧ ، ١٧٨. وتاريخ الغرباء : ٤ ـ ٥ ، ٧ ، ١٧٤ ، ١٨٧ ، ٥٥٧.

(٥) تاريخ المصريين : (١٧١ ـ ١٧٢ ، ١٧٥ ، ٦١٣).

(٦) السابق : ١٦٨ (حكى عنه) ، ١٧٤ (روى عنه). وفى (تاريخ الغرباء) : أرقام : ١٣٨ ، ١٥٣ ، ١٩٠ (كتب عنه) ، ٢٣٩ (وأخبرنا عنه جماعة). وفى ترجمة (حميد بن مخلد) ، رقم (١٦٦) : وردت الصيغة دقيقة كالآتى : (وحدّث بها ، وكتب عنه ، عن أبى عبيد القاسم بن سلّام كتبه المصنّفة).

(٧) تاريخ المصريين : ١٥١ ، ٤٧٥.

(٨) تاريخ الغرباء : ٦٨٥.

(٩) كما فى (تاريخ المصريين) : ٧٤٥ (عبد الله بن الصيقل اليافعى : روى عنه ابنه سهل. وروى ـ عن ابنه سهل ـ ضمام بن إسماعيل.

٣٩٣

ولم أقف على سر استخدام ابن يونس لهذه الطريقة دون تلك فى موضع بعينه ، فهو لم يوضح لنا ذلك ، والنصوص لا تشى بشىء. وعلى كل ، فالغالب على ذكر الأساتيذ والتلاميذ طابع «الاختصار» ، وهو الغالب على كتابى ابن يونس فى تراجمه ، كما سنرى بعد.

٣ ـ ثقافة المترجمين ، ومؤلفاتهم «إن وجدت» :

ترجم ابن يونس فى كتابيه للكثير من العلماء فى مختلف فروع العلم والمعرفة ، لكن القاسم المشترك بين هؤلاء هو رواية الحديث ، أو بتعبير أدق كان رصد مؤرخنا وبحثه دوما عن المرويات الحديثية للمترجمين ، وكانت عنايته بتراجم المحدّثين هى الغالبة على كتابيه ، فلا غرو ـ حينئذ ـ أن يكون الاهتمام بالجانب الحديثى هو المسيطر على محتويات تراجمه. وهاك مظاهر ذلك الاهتمام :

أ ـ درجة حفظ المحدّث المترجم له : يحفظ ويفهم (١) ، ثقة (٢) ، ثقة صالح (٣) ، ثقة مأمون (٤).

ب ـ النقد الحديثى لبعض المترجمين : له مناكير (٥) ، لم يكن بذاك (٦) ، حدّث بمناكير (٧) ، له غرائب (٨) ، متروك الحديث (٩) ، كان يضعّف (١٠).

ح ـ طغيان ثقافته الحديثية ، وغلبتها على أسلوبه ، وصياغة تراجمه : فنجد ابن

__________________

(١) تاريخ الغرباء : ١٣٨ ، ٤٩٠ (وإن كان أردف ذلك بأنه روى مناكير بعد ذلك ، واختلط ، فلا تجوز الرواية عنه). وهذه الرواية السابقة تعد نموذجا لترجمة المحدّث فى ذلك الكتاب ؛ لأنها تمثل جلّ ترجمة المذكور.

(٢) تاريخ المصريين : (ترجمة ٤ ـ ٦ ، ٣٨) ، و (تاريخ الغرباء) : ٣ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ١٤٠ ، ١٨٥ ، ٣٤٠ ، ٤٨٣.

(٣) تاريخ المصريين : (ترجمة ٢٢).

(٤) المصدر السابق : (ترجمة ١١).

(٥) السابق : ٧٩. وتاريخ الغرباء : ٤٨ ، ٢٧٥ ، ٤٩٠.

(٦) تاريخ المصريين : ٨١.

(٧) تاريخ الغرباء : ٤٨.

(٨) السابق : ٢٥٠.

(٩) السابق : ٦٢٣.

(١٠) السابق : ٤٨٦.

٣٩٤

يونس يستخدم مصطلحات المحدّثين ، وهو يترجم لبعض الفقهاء (١) ، وسمّى رواية فيها شكوى والد وولده إلى عمر بأنها حديث (٢) ، وكذلك سمّى قولا لابن مسعود حديثا (٣).

د ـ بحثه ـ فى المقام الأول ـ عن الجانب الحديثى ، وما إذا كان للمترجم له رواية أو لا ، والحرص على إثبات ذلك ، سواء كان ذلك فى تراجم الصحابة (٤) ، أم فى تراجم غيرهم (٥). وكذلك ذكره بعض الأحاديث التى يرويها المترجمون بأسانيدها (٦) ، وحكمه على بعض الأحاديث (٧) ، وتحديده عددا من أحاديث الغرباء فى مصر (٨).

ه ـ وأخيرا ، فإنه من خلال تتبع التراجم الواردة فى كتابى مؤرخنا ، تبين من المادة المجموعة من بقاياهما أنه نادرا ما يذكر المؤلفات العلمية ، التى يدبجها العلماء المترجمون (٩).

٤ ـ موطن ، ومكان إقامة المترجمين :

كان لمؤرخنا «ابن يونس» اهتمام خاص بإبراز خطط المترجمين ، والتعريف بها (١٠) ،

__________________

(١) قال ابن يونس عن الطحاوى الفقيه الحنفى : ثقة ثبت (تاريخ المصريين) : ترجمة (٥١) ، وقال عن المزنى : ثقة ، لا يختلف فيه (ترجمة ١٣٢) ، وقال عن الفقيه (أحمد بن موسى المصرى) : حدّث بكتب فقهيات (السابق : ٥٩).

(٢) السابق : ٩٩.

(٣) السابق : ١٢٨.

(٤) السابق : تراجم أرقام (٥٢ ، ٢٨٨ ، ٢٩٦ ، ٣٠٢) ، وقال عن كل منهم : (لا يعرف له حديث).

(٥) السابق : ٦٣ (لم تقع إلىّ له رواية ، وله ذكر فى الأخبار) ، ١٢٩.

(٦) منها أحاديث مذكورة فى (السابق) داخل تراجم أرقام : (٨٨ ، ٩٠ ، ٣٨٢ ، وغيرها). وفى (تاريخ الغرباء) : داخل ترجمتى رقمى : (٧ ، ٣٩٨).

(٧) تاريخ المصريين : رقم (٤٦ ، ٥١٥ ، ٥٧٥). ولم يرد نص الحديث بها ، وعلّق على المشار إليه فى الترجمتين الأوليين بأنه (معلول).

(٨) ترجمة الليث بن سعد فى (السابق) ، رقم (١١٢١).

(٩) وردت العديد من تراجم العلماء المصنّفين فى (السابق) دون ذكر شىء من مؤلفاتهم (مثل : الطحاوى الفقيه الحنفى رقم ٥١ ، والمزنى الفقيه الشافعى رقم (١٣٢) ، وأشهب المالكى رقم (١٣٦) ، وابن الحداد الشافعى رقم (١١٦٣). وقد وجدت فى (تاريخ الغرباء) فى ترجمة (خشيش بن أصرم) رقم (١٨٥) ما يلى : (له كتاب مصنّف يردّ على أهل الأهواء بالحديث المروى).

(١٠) راجع (تاريخ المصريين) : ترجمة (١٤٣) ، وقال فيها : (ينزل الحمراء بجوار منزل الليث بن سعد) ، ١٩١ (ينزل البرنيل من كورة الشرقية بمصر) ، ٢٥٦ (يسكن الصّدف).

٣٩٥

وتحديدها تحديدا جغرافيا دقيقا (١) ، وبيان المكان الأصلى الذي ينسب إليه صاحب الترجمة (٢). كان ذلك على مستوى تراجم المصريين ، الذين نتوقع إدراك مؤرخنا أماكن إقامتهم بمصر إدراكا طيّبا ؛ لأنهم بنو وطنه.

أعتقد أن مهمة ابن يونس فى تحديد بلدان المترجمين فى «تاريخ الغرباء» كانت أصعب منها فى «تاريخ المصريين». ومع ذلك ، فقد ألفيناه يولى هذا الأمر اهتمامه أيضا ، فإنه بالرغم من خلو بعض بقايا تراجمه من ذكر بلدان المترجمين (٣) ، إلا أنه كان ـ أحيانا ـ يذكر أقاليم البعض الآخر (٤) ، ومكان مولدهم ، والبلد الذي رجعوا إليه عند مغادرتهم مصر (٥) ، والبلد الأصلى للمترجم له ، والمكان الذي تحول إليه وسكنه (٦).

وكان ـ فى بعض الأحيان ـ يرصد تنقلات العلماء بين الأقاليم المختلفة ، ويضمّنها تراجمه (٧) ، ويذكر الأقاليم التى استوطنوها بمصر عند رحيلهم إليها (٨).

وهكذا ، كان مؤرخنا يحسن فهم الصلة الوثيقة بين «التاريخ ، والجغرافية» ، وكان يعلم أن تراجمه لهؤلاء ـ مصريين ، وغرباء ـ تكتمل معالمها ، وتتضح صورتها بذكر مواطن إقامتهم فى مصر ، مع التعريف ببلدانهم الأصلية.

٥ ـ المكانة الاجتماعية :

نظرا لطبيعة تراجم كتابى «ابن يونس» المختصرة ، فإننا لا نجد التوضيح الكافى ، ولا

__________________

(١) تاريخ المصريين : ترجمة (٥٩١): (من عسكر فسطاط مصر). ووجه الدقة أن هناك أكثر من عسكر خارج مصر (راجع : معجم البلدان ٤ / ١٣٨). وكذلك راجع تعريف ياقوت (عسكر مصر) فى (المصدر السابق) ٤ / ١٣٩.

(٢) راجع (تاريخ المصريين) ، ترجمة الطحاوى (رقم ٥١).

(٣) تاريخ الغرباء : تراجم أرقام (٧ ، ٣٧ ، ٣٩ ، ٧٠ ، ٧٦ ، ٩٠ ، ١١١ ، ١١٦).

(٤) المصدر السابق : ترجمة ٢ (أندلسى) ، ٤ (كوفى) ، ٥ (من أهل قرطبة) ، ٦ (بصرى).

(٥) كما فى ترجمة : (القاسم بن عبد الرحمن بن أبى صالح) ، رقم (٤٥٦) فى (السابق).

(٦) السابق : ترجمة (عكرمة القرشى) رقم (٣٩٥) ، وترجمة (على بن شيبة بن الصلت) ، رقم (٤٠٧).

(٧) السابق : ترجمة (يحيى بن معين) ، رقم (٦٨٣).

(٨) السابق : (ترجمة ١٢) ، وهو (إبراهيم بن أبى داود البرلسى) ، الذي لزم البرلس. وكذلك ترجمة (أحمد بن محمد بن فضالة السوسى) ، الذي نزل العسكر عند الصاغة بمصر (رقم ٧٢) ، وترجمة (بشر بن بكر التنيسى) ، رقم (١٠٩) ، الذي قال عنه : دمشقى ، أكثر مقامه ب (تنيس) ، و (دمياط) ، وتوفى بالأخيرة سنة ٢٠٥ ه‍.

٣٩٦

التفصيل الوافى ، الذي يضع أيدينا ـ بالضبط ـ على عوامل وعلل سمو المنزلة الاجتماعية ، وأهم مظاهرها فى «المجتمع المصرى» ، وطبيعة النظرة إلى العلماء المصريين ، والغرباء فى مصر من قبل الحكام ، والناس.

وعلى كل ، فإنه ـ من خلال ما تم تجميعه ـ يمكن التقاط بعض الإشارات الخفيفة.

فعلى مستوى «تاريخ المصريين» ، ذكر ابن يونس أن لبعض المترجمين مكانة لدى الحكام فى مصر (١) ، ولبعضهم مكانة متميزة لدى الخلفاء خارجها (٢) ، سواء عرفت ملامح تلك المكانة ، أم لم تعرف (٣). وبعضهم كان شريفا بمصر فى أيامه ، وأجلّ أهل بلده ، ومن أهل النعم (٤). والبعض استمد مكانته من رئاسته فى قومه ، وفخامة قصره ، وكثرة أتباعه وغلمانه (٥). وأخيرا ، فإن بعض العلماء لم يكن من الأغنياء ؛ زهادة وتعففا (٦).

وبخصوص العلماء الغرباء بمصر ، فقد حظى عدد منهم بمكانة اجتماعية سامية لدى الناس (٧) ، وبعضهم كانت له منزلته لدى السلطان والعامة (٨) ، والبعض الآخر عدّ من وجوه أهل مصر بعد إقامته بها ، حتى إنه جالس الخليفة المأمون بعد مجيئه إلى مصر (٩).

__________________

(١) تاريخ المصريين : (ترجمة سويد بن قيس) ، رقم (٦١٦) ، الذي قال عنه : كان عبد العزيز بن مروان يرسله فى أموره.

(٢) المصدر السابق : (ترجمة ١٠٧٥) ، وفيها ترجم ل (القاسم بن سعيد) ، وقال عنه : وفد على مروان بن محمد ، وأعجب به. وكان خطيبا بليغا ، جعله يجيب الخطباء فى الآفاق.

(٣) من التراجم التى لا يعرف وجه مكانة ذويها لدى الحكام تحديدا (ترجمة ٦٤٥ ، ٧٤٩) فى (السابق). وهناك آخرون لهم مكانة عند أهل مصر ، لم تذكر تحديدا (السابق : ترجمة ١٢٣ ، ٦٢٣ ، ٦٦٩).

(٤) السابق : ٧٣١ (فى الإسكندرية) ، ١٠٧٧ (فى البلينا بالصعيد).

(٥) السابق : ترجمة رقم ١١٠٣ (هو كريب بن أبرهة ، الذي كان على عهد عبد العزيز بن مروان).

(٦) السابق : ترجمة رقم ١٢٠٨ (هو محمد بن زبّان بن حبيب) ، الذي قيل عنه : متقلل فقير ، لم يكن يقبل من أحد شيئا.

(٧) تاريخ الغرباء : (ترجمة عمرو بن أحمد بن طشويه) ، رقم (٤٢٤) ، وكان تاجرا. وترجمة (محمد بن الحسين بن زيد) ، رقم (٥٢٠) ، وقال عنه : منزلته جليلة بتنيس ، جلد عاقل ، له محل ولسان. وترجمة (محمد بن حبش الواعظ) ، رقم (٥١١) ، وبها مقومات مكانته لدى الناس : (حافظ للقرآن ، قاصّ واعظ مؤثر فى قلوب ونفوس الناس ، يصلى بهم التراويح فى رمضان ، كريم سخىّ).

(٨) المصدر السابق : (ترجمة ٤٩٧ ، ٥٥٦).

(٩) السابق : (ترجمة ٣٤٠).

٣٩٧

٦ ـ تواريخ مهمة تتصل بالمترجمين :

وهذا هو عنصر «التوقيت» ، وله أهميته القصوى فى تراجم «ابن يونس» ؛ لأنه يعرفنا العصر الذي عاش فيه المترجمون ، والتواريخ المهمة المتصلة بمواليدهم ووفياتهم ، وتلقيهم العلم ، ورحلاتهم ، وتواريخ ولايتهم مناصبهم ـ إن وجدت ـ وتواريخ عزلهم ، إلى غير ذلك مما يحتاج إلى معرفته المحدّث والمؤرخ على حد سواء.

ويمكن استعراض أهم الصور التى وردت بخصوص «التوقيت» ، فيما يلى :

١ ـ ذكر تاريخ ميلاد المترجمين (١) ، وسقوطه أحيانا (٢).

٢ ـ ذكر تاريخ الوفاة بدقة وتفصيل (٣) ، ويكتفى ـ أحيانا ـ بإيراد شهر وسنة الوفاة (٤).

٣ ـ الإشارة إلى الوفاة بلفظ عام (٥) ، أو ذكر تاريخ تقريبى لها «فى يوم الوفاة (٦) ، أو عامها» (٧).

٤ ـ ذكر أكثر من تاريخ وفاة للمترجم له (٨).

٥ ـ تعدد تواريخ الوفاة لأكثر من شخص ، يرد ذكرهم فى الترجمة الواحدة (٩).

__________________

(١) تاريخ المصريين : (تراجم ٥١ ، ٧٦٥ ، ٧٩٤ ، ٨٦٨). وفى (تاريخ الغرباء) : ترجمة ٤٨٣ ـ ٤٨٤).

(٢) السابق : ٤٧ ، ٢٢٨ ـ ٢٢٩. وفى (تاريخ الغرباء) : ترجمة ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٤١٠ ـ ٤١٢.

(٣) تاريخ المصريين : تراجم أرقام : ١١ ، ٣٨ ، ٥٣ ، ٣٥٥ (بذكر اليوم ، والشهر ، والسنة). وفى (تاريخ الغرباء) : ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٤١٠ ـ ٤١٢ ، ٤٨٣.

(٤) تاريخ المصريين (تراجم أرقام : ١ ـ ٢ ، ٧ ـ ٨).

(٥) مثل : مات قديما (السابق : ترجمة ١٤٩) ، وهو قديم (السابق : ٢٤٣ ، ٣٥٧). وفى (تاريخ الغرباء) : قديم الموت (ترجمة ١٧٠) ، قديم (٤٢٨).

(٦) السابق : ترجمة ٢٩٩ (توفى بمصر فى العشر الأواخر من رجب سنة ٣٢٨ ه‍).

(٧) تاريخ المصريين : ترجمة ٢٠٦ (توفى قريبا من سنة ٢٢٠ ه‍) ، ٣٩٥ (توفى سنة نيّف وثلاثمائة) ، ٥٠٨ (توفى قبل سنة ١٥٠ ه‍) ، ٥٤٩ (وما أراه عمّر بعد سنة ١٥٢ ه‍ إلا يسيرا) ، ٨٩٥ (توفى بعد سنة ٢٧٠ ه‍). وفى (تاريخ الغرباء) : ٣٩٠ (توفى قريبا من سنة ١١٠ ه‍) ، ٤٦٤ (أدرك وفاة عبد الملك) ، ٤٦٥ (مات أيام الأمير عبد الرحمن بالأندلس) ، ٤٦٨ (توفى صدر أيام الأمير عبد الله بن محمد).

(٨) تاريخ المصريين : ١٨٣.

(٩) السابق : ٣١٤.

٣٩٨

٦ ـ ذكر وفاة المترجم له ، ومن صلّى عليه (١) ، والاهتمام بذكر مكان الوفاة (٢).

٧ ـ الاهتمام ـ أحيانا ـ بذكر زمان الوفاة ، وتوقيت الدفن (٣) ، ومكانه (٤).

٨ ـ مكان إيراد تاريخ الوفاة «قبل ذكر بعض سمات المترجم له الخلقية غالبا (٥) ، وفى نهاية الترجمة أحيانا» (٦).

٩ ـ هناك مواضع يغفل فيها ابن يونس النص على تاريخ الوفاة (٧) ، وأماكن يهمل فيها التوقيت تماما (٨).

١٠ ـ صيغ جديدة يستخدمها ابن يونس فى بعض مواضع التوقيت (٩).

ملاحظات :

أ ـ لا يقف اهتمام مؤرخنا فى التوقيت عند تواريخ الميلاد والوفيات فحسب ، وإنما كان يهتم ـ أيضا ـ بتواريخ بعض الشهادات القضائية (١٠) ، وتاريخ أحد الفتوح الأولى فى مصر (١١) ، ووقت دخول بعض الصحابة إلى مصر (١٢).

__________________

(١) تاريخ المصريين : ٣٤ ، ١٦٣ ، ٢٦٩. وفى (تاريخ الغرباء) : ٣٠ ، ٤٨٤.

(٢) السابق : ٤٨٦.

(٣) السابق : ترجمة (٥٠٦).

(٤) تاريخ المصريين : ترجمة (١٣٢).

(٥) السابق : تراجم (١٢٩ ، ١٣٢ ، ٢٣٢ ، ٢٥٩ ، ٢٨٩ ، ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ، ٣١٢). وفى (تاريخ الغرباء) : تراجم (٣٧ ، ١٨٧ ، ٢٩٦. ٣٩٠). وأضيف إلى ما تقدم أن مؤرخنا يذكر ـ أحيانا ـ بعضا من تاريخ حياة المترجم له بعد ذكر تاريخ وفاته (راجع ترجمة عبد الله بن سعد فى «تاريخ المصريين» رقم ٧٣٧ ، وما ذكره عن ارتداده بعد إسلامه ، ثم تأمينه).

(٦) المصدر السابق : تراجم (١٢٢ ـ ١٢٣ ، ١٢٦ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥ ، ٢٩١ ، ٢٩٣ ، ٣٠١).

(٧) السابق : تراجم (٤ ـ ٥ ، ٩ ، ٨٥ ، ١٦٤ ، ٢٣٥). وفى (تاريخ الغرباء) ، تراجم (٣٨٥ ، ٤١٤ ، ٤١٦ ـ ٤١٧).

(٨) تاريخ المصريين : تراجم (٩٣ ـ ٩٤ ، ٩٨ ـ ٩٩ ، ١٠١ (وهى ترجمة سطحية جدا) ، ٨٩٤ (عمر ، وعلت سنه). وفى (تاريخ الغرباء) : ترجمة (٢٢٥).

(٩) المصدر السابق : ترجمة (٤٤٩ ، وهامشها رقم ٣ : توفى سنة سبع وتسعين ، بدلا من : سبع وتسعين ومائة ، اعتمادا على سياق الترجمة) ، ٥٢٩ (توفى سلخ ذى القعدة) ، ٦٠٩ (توفى فى عشر السبعين والمائتين).

(١٠) تاريخ المصريين : ٥٤٩ (رأيت شهادته فى المحرم سنة ١٥٢ ه‍) ، ٨٩٣ (توقيتها بالعجمية).

(١١) السابق : ٧٥٨ (فتح الإسكندرية الثانى سنة ٢٥ ه‍).

(١٢) السابق : ١٠٤٨ (بعد أن فتحت مصر).

٣٩٩

ب ـ التفت مؤرخنا فى «تاريخ الغرباء» إلى ما يتلاءم مع طبيعة تراجمه ، فذكر تاريخ القدوم إلى مصر (١) ، وتاريخ خروج بعض الغرباء من بلدهم (٢) ، ومدة المكث بمصر (٣) ، ومكان وزمان وفاة الغرباء بعد الخروج من مصر (٤).

ج ـ الاهتمام بذكر عمر المترجم له صراحة (٥) ، أو تلميحا (٦) ، وبيان مقدار ما بينه وبين والده من سنوات (٧). وأيضا الاهتمام بتاريخ ولاية المنصب (٨) ، أو تاريخ العزل (٩) ، وقد يذكر مدة ولاية المنصب حتى الوفاة ، ويذكر تاريخ الوفاة (١٠).

د ـ أخطأ مؤرخنا ابن يونس ، وخانته دقته فى تحديد عدد من تواريخ وفيات بعض المترجمين ، مثل : «جعثل بن هاعان» (١١) ، و «حبيب بن أبى عبيدة» (١٢) ، و «عبد الرحمن ابن عبد الحميد المهرى» (١٣) ، وذلك فى «تاريخ المصريين». أما فى «تاريخ الغرباء» فقد

__________________

(١) تاريخ الغرباء : ٣٥٢ ، ٤٤١ ، ٤٥٠ ، ٤٧٨ ، ٥٣٧ ، ٥٤٨ ، ٥٥٣ ، ٦٠٤ (وفى ترجمة ٤٥٥ : أضاف مع من جاء إليها). وقد تتعدد مرات القدوم إلى مصر ، فيذكر تاريخه أيضا (٦٩١ ، ٦٩٤. وفى الترجمة الأخيرة أضاف تاريخ الخروج من مصر ثانية). وقد يذكر تاريخ القدوم بالتقريب : (٤٥٧ ، ٥١٦). وقد يجعله عاما ، مثل قوله : قدم مصر قديما (٤٨٤ ، ٤٩٧).

(٢) السابق : (٦٢٧).

(٣) السابق : ٣٨٨.

(٤) السابق : ٣٤ ـ ٣٥ ، ٤٣ ، ٢١٠. وقد يذكر تاريخ وفاة المصريين خارج بلدهم (ترجمة ١٤١٤).

(٥) تاريخ المصريين : ١١ ، وتاريخ الغرباء : ١٩٢.

(٦) تاريخ المصريين : ٣٨ (وقد جاوز التسعين) ، ١١٦٦ (مات سنة كذا ، وقد علت سنه) ، ١٣٣٤ (توفى سنة كذا ، ولم يسنّ) ، ١٣٦٢ (مات سنة كذا ، وعمّر دهرا طويلا).

(٧) السابق : ٧٥٦.

(٨) السابق : ترجمة ٦٠٥ (السّمين بن محمد بن بحر بن ضبع : ولى مراكب دمياط سنة ١٠١ ه‍ ، فى عهد عمر بن عبد العزيز). وقد يذكر ذلك التاريخ بالتقريب (تاريخ الغرباء : ترجمة ٤٤٥ ، قال : ولى قضاء الجماعة قبل المائتين أيام الأمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمن).

(٩) المصدر السابق : (ترجمة ٦٢٣). وفى (تاريخ الغرباء): (ترجمة ٤٠٢ ، ٥٩٨).

(١٠) المصدر السابق : (ترجمة ٦٥٦).

(١١) راجع التفاصيل فى (تاريخ المصريين) ، رقم (٢٣٤ ، وهامشها رقم ٦ ص ٨٩).

(١٢) راجع التفاصيل فى (السابق) ، رقم (٢٨٢ ، وهامشها رقم ٣. وكذلك فى «تاريخ الغرباء» ترجمة ٤٦٧ ، وهامشها رقم (١) ص ١٨١).

(١٣) ورد فى ترجمة (٨٢٦) فى (تاريخ المصريين) : أنه توفى فى المحرم سنة ١١٨ ه‍. وهذا توقيت خاطئ ؛ لأنه لا يعقل أن يروى عنه يونس بن عبد الأعلى (ولد سنة ١٧٠ ه‍). ومن هنا ،

٤٠٠