تاريخ ابن يونس المصري - ج ٢

أبي سعيد عبد الرحمان بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري

تاريخ ابن يونس المصري - ج ٢

المؤلف:

أبي سعيد عبد الرحمان بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري


المحقق: الدكتور عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3193-1

الصفحات: ٥٦٨
الجزء ١ الجزء ٢

__________________

٣١ ـ تاريخ الإسلام ، للذهبى (٧٤٨ ه‍).

٣٢ ـ ميزان الاعتدال ، للذهبى.

٣٣ ـ سير أعلام النبلاء ، للذهبى.

٣٤ ـ تذكرة الحفاظ ، للذهبى.

٣٥ ـ المغنى فى الضعفاء ، للذهبى.

٣٦ ـ تجريد أسماء الصحابة ، للذهبى.

٣٧ ـ الكاشف ، للذهبى.

٣٨ ـ الطالع السعيد ، للأدفوى (ت ٧٤٨ ه‍).

٣٩ ـ مخطوط (مسالك الأبصار) ، للعمرى (ت ٧٤٩ ه‍) تحت رقم (١٥ معارف عامة).

٤٠ ـ مخطوط (إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاى (ت ٧٦٢ ه‍).

٤١ ـ (الوافى بالوفيات) للصفدى (ت ٧٦٤ ه‍). (مخطوط ، ومطبوع).

٤٢ ـ طبقات الشافعية الكبرى ، للسبكى (ت ٧٧١ ه‍).

٤٣ ـ (طبقات الشافعية) ، للإسنوى (ت ٧٧٢ ه‍).

٤٤ ـ تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير (ت ٧٧٤ ه‍).

٤٥ ـ الديباج المذهب ، لابن فرحون (ت ٧٩٩ ه‍).

٤٦ ـ ذيل ميزان الاعتدال ، للعراقى (ت ٨٠٦ ه‍).

٤٧ ـ الانتصار ، لابن دقماق (ت ٨٠٩ ه‍).

٤٨ ـ الكواكب السيارة ، لابن الزيات (ت ٨١٤ ه‍).

٤٩ ـ صبح الأعشى ، للقلقشندى (ت ٨٢١ ه‍).

٥٠ ـ ذيل الكاشف ، للعراقى (ت ٨٢٦ ه‍).

٥١ ـ (الخطط) ، للمقريزى (ت ٨٤٥ ه‍).

٥٢ ـ المقفى ، للمقريزى.

٥٣ ـ تهذيب التهذيب ، لابن حجر (ت ٨٥٢ ه‍).

٥٤ ـ تقريب التهذيب ، لابن حجر.

٥٥ ـ تبصير المنتبه ، لابن حجر.

٥٦ ـ رفع الإصر ، لابن حجر (مخطوط ، ومطبوع).

٥٧ ـ (الإصابة) ، لابن حجر.

٥٨ ـ توالى التأسيس ، لابن حجر.

٥٩ ـ الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية ، لابن حجر.

٦٠ ـ النجوم الزاهرة ، لابن تغرى بردى (ت ٨٧٤ ه‍).

٦١ ـ تاج التراجم ، لابن قطلوبغا (ت ٨٧٩ ه‍).

٣٤١

التى يغلب على الظن أنها حوت مقتبسات ، ونقل مؤلفوها ما تيسر لهم ، مما احتاجوا إليه من «تاريخ المصريين» ، و «تاريخ الغرباء» (١) لابن يونس. ولا شك أن هذا العمل استغرق وقتا طويلا ، وتطلب جهدا متواصلا ، وصبرا دءوبا ، ويقظة شديدة فى تتبع النصوص والتراجم ؛ للتوقف عند كل إشارة ، تتعلق بمؤرخنا «ابن يونس».

__________________

٦٢ ـ حسن المحاضرة ، للسيوطى (ت ٩١١ ه‍).

٦٣ ـ بغية الوعاة ، للسيوطى.

٦٤ ـ خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ، للخزرجى (ألّفه سنة ٩٢٣ ه‍).

٦٥ ـ طبقات المفسرين للداودى (ت ٩٤٥ ه‍).

٦٦ ـ (الطبقات السنية للتميمى (ت ١٠٠٥ ه‍).

٦٧ ـ طبقات الشافعية ، لابن هداية الله الحسينى (ت ١٠١٤ ه‍).

٦٨ ـ نفح الطّيب ، للمقرى (ت ١٠٤١ ه‍).

٦٩ ـ شذرات الذهب ، لابن العماد الحنبلى (ت ١٠٨٩ ه‍).

٧٠ ـ تاج العروس للزبيدى (ت ١٢٠٥ ه‍).

(١) تجدر الإشارة إلى أنى رجعت فى تجميع مادة (تاريخ الغرباء) ، لابن يونس إلى حوالى (٦٥ مصدرا مخطوطا ، ومطبوعا). ويلاحظ أن (٥٦ مصدرا) منها هى نفس مصادر (تاريخ المصريين) المذكورة قبلا ، مع الوضع فى الاعتبار أن (تكملة كتاب الصلة) لابن الأبار استخدم هنا فى (تاريخ الغرباء) ، فى الجزء الخاص بطبعة مدريد). وهناك ١٤ مصدرا استخدمت فى (تاريخ المصريين) لم تستخدم هنا ، وهى : (الألقاب ، والاستيعاب ، وأسد الغابة ، (ومخطوط الاستدراك على الإكمال) لابن نقطة ، وتجريد أسماء الصحابة ، وشرح صحيح مسلم ، وتفسير ابن كثير ، والطالع السعيد ، والوافى بالوفيات ، والكواكب السيارة ، وذيل الكاشف ، والتقريب ، وتوالى التأسيس ، والرحمة الغيثية). وأخيرا ، فهناك تسعة (٩) مصادر استجدت هنا فى (تاريخ الغرباء) ، لم تستخدم ـ من قبل ـ فى تجميع (تاريخ المصريين) ، وهى مرتبة تاريخيا كالآتى :

١ ـ (الصلة) ، لابن بشكوال (ت ٥٧٨ ه‍).

٢ ـ (ذيل تاريخ بغداد) لابن النجار (ت ٦٤٣ ه‍).

٣ ـ مخطوط (مرآة الزمان) ج ١٠ ، لسبط ابن الجوزى (ت ٦٥٤ ه‍).

٤ ـ (العبر) ، للذهبى (ت ٧٤٨ ه‍).

٥ ـ (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد) ، لابن الدمياطى (ت ٧٤٩ ه‍).

٦ ـ (غاية النهاية فى طبقات القراء) لابن الجزرى (ت ٨٣٣ ه‍).

٧ ـ مخطوط (طبقات النحاة واللغويين) ، لابن قاضى شهبة (ت ٨٥١ ه‍).

٨ ـ (تاريخ الخلفاء) ، للسيوطى (ت ٩١١ ه‍).

٩ ـ مخطوط (الطبقات السنية) ، للتميمى (ت ١٠٠٥ ه‍).

٣٤٢

شملت هذه المصادر نوعيات عديدة من الكتب «كتب التاريخ المحلى ، والتاريخ العام ، وكتب التراجم والطبقات بكافة أنواعها «لمفسرين ، ومحدّثين ، وفقهاء ، ونحاة ولغويين ، وأعيان ، وأدباء» ، وكتب الخطط والجغرافية ، وتراجم الرجال ، والأنساب ، وضبط الأعلام ، وكتب اللغة ، والتفسير ، وشروح الحديث».

وقد ساعد هذا الحشد الهائل من المصادر على تجميع قدر كبير من كتابى ابن يونس ، يتوافق مع ما وصفه الواصفون من أن «تاريخ المصريين كبير ، وتاريخ الغرباء صغير» ؛ إذ بلغ ما تم تجميعه من أولهما «١٤٦١ ترجمة» ، وثانيهما «٧٠٣ ترجمة». هذه التراجم الكثيرة ستعطينا فرصة نادرة لدراسة منهج مؤرخنا بشكل علمى ومنطقى ؛ لأنه كلما ازداد حجم الكتاب ، كان رصد ملامحه المنهجية أقرب إلى الصحة ، وأبعد عن التهويل والمبالغة ؛ لتواتر أسلوبه فى العرض ، وتكرار طريقته فى الصياغة ، مع تبيّن شخصية المؤلف ، واتضاح رؤاه.

ورغم كل ما تم تجميعه ـ وهو غزير غزير ـ إلا أننى لا أستطيع أن أزعم ـ ولو مجرد الزعم ـ أننى جمعت هذين الكتابين المفقودين ، بل لا أتجاسر على القول بأننى جمعت معظم الكتابين ، وإنما ما تم هو تجميع ما تيسر من بقايا ـ لا كل بقايا ـ هذين التاريخين.

لا أقول ذلك على سبيل التواضع ـ على أنه خلق محمود غير مذموم ـ بل على سبيل تقرير الحقيقة والواقع ؛ وذلك لعدة أسباب ، منها :

١ ـ أن الإحاطة بكافة نصوص وتراجم هذين المؤلّفين أمر غير ممكن ؛ لأنه ليس فى مقدور بشر من جهة ، ولأن الباحث قد يكون فاته بعض المصادر ـ خاصة المخطوطة ـ التى تحوى مادة لابن يونس من جهة أخرى.

٢ ـ أن هذا العمل التجميعى ممتد ومتواصل ، ومرتبط بظهور مخطوطات جديدة فى المستقبل ، بها مزيد من مادة هذين الكتابين.

٣ ـ أن هناك نصوصا كثيرة موجودة بين أيدينا الآن ، لكن أصحابها لم يصرحوا بنسبتها إلى مصادرها ، ويغلب على الظن أنها لمؤرخنا «ابن يونس» ؛ لوجود قرائن موضوعية ، وأسلوبية تشير إلى ذلك ، لكن عدم وجود نظائر لها فى مصادر أخرى ، تصرح بنسبتها إلى مؤرخنا ، جعلنا نتردد فى نسبتها إليه ، واعتبارها له. فلننتظر ـ إذا ـ ظهور مخطوطات جديدة ، تؤكد هذا الظن وترجحه ، أو تنفيه وتصرفه.

ب ـ الدقة والصبر فى تجميع أجزاء الترجمة الواحدة ، واضعين كل جزئية بجوار

٣٤٣

الأخرى ، مرتبين إياها وفق المنهج العام لمؤرخنا ؛ حتى تستقيم على أفضل صورة ممكنة.

ج ـ عند وجود تراجم بها مادة سطحية ، وندرة فى المعلومات ، فإننا نطرق كل السبل ، التى من شأنها الحصول على ما يكملها ويتمها من المصادر الأخرى التى تنسب ذلك إلى مؤرخنا. فإن لم ننجح فى ذلك ، فنحن أمام أحد أمرين : إما أن الندرة ـ أساسا ـ من مؤرخنا «ابن يونس» ، فنبقى عليها كما هى ، ونذكر فى الهامش أنه لا تفاصيل فى المصادر الأخرى تتمها ، أو نجد مزيدا من المعلومات بها غير منسوبة إلى مؤرخنا ، فنثبتها فى الحاشية ؛ جبرا للنقص ، وتعويضا عن القصور اللاحق بالترجمة المذكورة فى المتن.

الصعوبة الثانية :

عدم معرفتنا بالضبط ـ وللوهلة الأولى ـ مفهوم «المصريين» ، و «الغرباء» فى عرف مؤرخنا «ابن يونس» ، وعلى أى أساس سنقوم بوضع بعض التراجم فى بقايا كتاب «تاريخ المصريين» ، وعلى أى أساس آخر نضع التراجم الأخرى فى بقايا «تاريخ الغرباء».

كيفية مواجهتها :

لا ريب أن عدم عثورنا على مقدمة كتابى ابن يونس ـ إذا كانت لهما مقدمة فى الأصل ـ التى يشرح فيها مؤرخنا هذه المفاهيم ، عقّد هذه المشكلة ، وجعلها من الصعوبة بمكان ، ولو وجد هذا التوضيح لأراحنا من هذا العناء. ويضاف ـ إلى ذلك ـ أن بعض المصادر كانت تكتفى بذكر ابن يونس عند الاقتباس منه ، دون أن تذكر اسم الكتاب الذي اقتبست منه ، وقد تذكر له أسماء متعددة مختلطة متداخلة ، أو مختصرة موهمة ـ على نحو ما رأينا ذلك من قبل (١) ـ مما يجعلنا فى حاجة ماسّة إلى بذل الجهد الأكبر للتمييز بين المصريين والغرباء ، وذلك كما يلى :

أ ـ تتبع تراجم الكتابين بعد تجميعها مع الاستعانة بالمصادر الدقيقة ، التى تنسب النص إلى مصدره المنقول عنه ؛ حتى نضع مفهوم «المصريين» ، و «الغرباء» على ضوء مجموع التراجم ككل (٢).

__________________

(١) راجع بخصوص عناوين (تاريخ المصريين) ص ٣٠٨ ـ ٣١٠ ، وبخصوص عناوين (تاريخ الغرباء) ص ٣١٣ ـ ٣١٤ (من هذه الدراسة).

(٢) راجع ما ذكرته قبلا عن (موضوع تاريخ المصريين) ص ٣١١ ـ ٣١٢ ، وما أوردته عن موضوع (تاريخ الغرباء) ص ٣١٥ ـ ٣١٦ (من هذه الدراسة).

٣٤٤

ب ـ إذا لم نجد من القرائن والأدلة ما يقطع بمكان الترجمة بالضبط «فى المصريين» ، أو «فى الغرباء» ، فإننا نضطر إلى تغليب الظن (١) ، حتى يظهر من النصوص ـ مستقبلا ـ ما يؤكد ذلك ، أو يعدّله.

ج ـ قد تتكافأ الأدلة ، وذلك نادرا ما يحدث هنا ، فأثبت الترجمة الواحدة فى كلا الكتابين ؛ لعدم القدرة على الترجيح ، إلى حين الفصل فى الأمر فيما بعد (٢).

الصعوبة الثالثة :

على أى أساس تنظيمى رتّب ابن يونس كتابيه؟

لقد طرح هذا التساؤل ـ من قبل ـ أحد الباحثين ، وتساءل : أهو على الحروف؟ أم السنين؟ أم الطبقات؟ ثم أجاب عنه قائلا : يبدو من أحد النقول أنه اتبع طريقة الترتيب على المدن ؛ مما جعله يكرر بعض التراجم ، كأن يذكر صاحب الترجمة فى «البغداديين» ، ثم يذكره فى «الكوفيين». ثم أحس الباحث أن هذا القول لا ينسحب على الكتابين كليهما ، فاستدرك قائلا : ولا شك أن هذا يتعلق ـ فقط ـ بكتاب «الغرباء» (٣).

__________________

(١) راجع ـ مثلا ـ (تاريخ المصريين) ، ترجمة رقم (٨٩٣) ، وهامشها رقم (١ ص ٣٣٠) ، وترجمة رقم (١٢٥٠) ، وهامشها رقم (٨) ، وترجمة رقم (١٣١٤) ، وهامشها رقم (٢).

(٢) ومثاله : ترجمة (عياض بن عبد الله بن سعد بن أبى سرح) فى (تاريخ المصريين) برقم (١٠٥٤) ، وقد راعيت فى متن الترجمة منهج ابن يونس العام فى (تراجم المصريين) ، واستدللنا على وضعه فى هذا الكتاب من واقع نص ابن حجر ، الذي نقله عن ابن يونس فى ترجمة المذكور فى (تهذيب التهذيب ٨ / ١٨٠) ، إذ قال : ولد بمكة ، ثم قدم مصر مع أبيه ، ثم خرج إلى مكة ، وبها مات). فالمترجم له ليس صحابيا ؛ إذ لم يذكر فى كتب الصحابة التى بين أيدينا (الاستيعاب ، وأسد الغابة ، والإصابة). وقد قطع ابن سعد أنه من تابعى المدينة (فى الطبقة الثانية). (طبقاته ٥ / ١٨٧).

وبناء عليه ، فيكون دخل مصر صغيرا عند فتحها مع والده (عبد الله بن سعد) ، فيعدّ فى (المصريين). لكن نص المزى (تهذيب الكمال) ٢٢ / ٥٦٩ ، منقولا عن ابن يونس يقول : «ثم قدم مصر ، فكان مع أبيه» ؛ مما يعنى أنه قد يكون دخلها متأخرا فى توقيت لا نعرفه ، ولما كان من غير الصحابة ، وثبت أنه مات على رأس المائة (التقريب ٢ / ٩٦) ، فالمرجح أنه دخل مصر كبيرا ، فيعد فى الغرباء (رقم ٤٣٥). ومن هنا ذكرته فى الكتابين ، حتى يظهر ما يرجح واحدا على الآخر.

(٣) موارد تاريخ بغداد ، للدكتور العمرى ص ٣٠١.

٣٤٥

كيفية مواجهتها :

نبدأ ذلك بالرد على المقولة السابقة فى نقاط محددة هى :

أ ـ استند الباحث ـ فيما بدا له ـ إلى أحد النقول عن مؤرخنا «ابن يونس» ، ولم يذكر لنا ذلك النص ، وإن كنا نرجح أنه مأخوذ من «تاريخ بغداد» ، باعتباره محل بحثه ودراسته. ولا شك أنه استناد منقوص ، وتعميم غير دقيق ؛ لأنه حتى يرجح ما رجح لا يكفى الاتكاء على نص واحد من كتاب واحد ، وإنما نحتاج إلى مئات التراجم ، وعشرات المصادر ؛ حتى نستقرئ منهج مؤرخنا فى الترتيب والتنظيم على أساس دقيق صحيح ، وهو ما حاولت صنيعه فى مواجهة هذه الصعوبة ، التى وقفنا أمامها حائرين متسائلين : كيف نسوق كل هذا الجمّ الغفير من التراجم؟!

ب ـ ليس بصحيح أن ابن يونس رتب «الغرباء» على «المدن» ، ولم يحدث خلال السبعمائة وثلاث تراجم (٧٠٣) ، التى جمعتها أن وجدت هذا الأساس ، أو شيئا من ذاك التكرار على الإطلاق.

ج ـ أنه علاوة على خطأ استنتاج الباحث ؛ فإن ما وصل إليه ـ كما قال هو ـ يتصل بالغرباء ، فعلى أى أساس كان ترتيب «تاريخ المصريين»؟!

إزاء ما تقدم ، حاولت أن أستكشف الأمر وأستوضحه من خلال استقراء المصادر المختلفة الناقلة عن مؤرخنا ، فخرجت بالقواعد الآتية :

أ ـ أن مؤرخنا ـ بعامة ـ رتب تراجمه ترتيبا هجائيا (١) ، لكننا لم نقف على تفاصيله ، فاجتهدت فى مراعاته فيما جمعت من مادة مراعاة دقيقة ؛ حتى يسهل على القارئ مراجعة ما يريد من تراجم. وتصرفت بمنهج خاص بى ؛ لعدم وقوفى على موقف ابن يونس ، إزاء ما ورد من أسماء مترجمين منسوبين ، وغير منسوبين ، أيهما نقدّم ومن نؤخر ، فاخترت تقديم غير المنسوب (٢). وبناء على ذلك ، فقد جعلت للمترجمين أبوابا

__________________

(١) فهذا هو الشائع فى الترتيب آنذاك ، واتبعه ابن الطحان فى ذيله على (تاريخى ابن يونس) ، لكنه لم يكن دقيقا. وكذلك لم يكن ابن يونس دقيقا فى مراعاته أحيانا (راجع ترجمة عبد الله ابن حوالة الأزدى) فى (تاريخ المصريين) رقم ٧٢٨ (هامش ٣). وقد ذكر ياقوت أن فى كتاب (الغرباء) لابن يونس باب (السين) ، و (النون) ، وهكذا ؛ مما يدل على مراعاة الترتيب (معجم الأدباء ١٨ / ١١١).

(٢) مثل : تقديم ترجمة (عمرو البكالى) فى (تاريخ المصريين) رقم (١٠٠٨) على بقية تراجم الباب الخاص بمن اسمه (عمرو).

٣٤٦

عامة على حروف الهجاء «الألف ، وما بعدها حتى الواو ، ثم لام ألف ، ثم الياء» ، وجعلت أبوابا خاصة فرعية داخل كل باب ، بناء على ما رأيت من نصوص ، تقول : «باب خمير» (١) ، و «باب عبد الرحمن» (٢) مثلا وهكذا ، وإن كنت ميزته عن الباب الرئيسى ، فقلت : «ذكر من اسمه كذا».

ب ـ وجدت نصا يشير إلى أن «تاريخ المصريين» بدأ فى أوائله بترجمة «أحمد بن خازم المعافرى» ، فتيقنت أن مؤرخنا بدأه ب «ذكر من اسمه أحمد» (٣) ، على سبيل التيمّن والتبرك ، ثم ثنّى ببقية الأبواب مراعيا الترتيب. أما فى «الغرباء» ، فلم أجد نصا كهذا ، فراعيت الترتيب الهجائى طبقا لذلك من بدايته (٤).

ج ـ لم أراع عند الترتيب ألفاظ «ابن ، وأب ، وال» (٥) ، اللهم إلا إذا كانت لفظة «أب» جزءا من اسم المترجم له ، مثل : «أبى بكر بن عبد العزيز بن مروان» ، فكنت أعتبرها ، ولا أسقطها عند الترتيب (٦).

د ـ هناك أسماء أعلام متفقة فى الرسم ، مختلفة فى الضبط ، فكنت أقدم من ضبط أوله بالفتح ، على الضم مثلا «قدّمت اسم بحر على بحر» (٧).

ه ـ عند وجود أعلام ، فى وسط أسمائهم همزة أصلية نبقى عليها ، ونراعى ذلك عند الترتيب ، مثل : «رئاب» (٨) ، أما إذا كانت زائدة ، فإننا نراعى الأصل عند الترتيب «مثل : السائب» (٩).

__________________

(١) الإكمال ٢ / ٥٢٠.

(٢) تكملة كتاب الصلة (ط. الحسينى) ١ / ٢٢٤.

(٣) راجع البغية ص ١٧٥.

(٤) بدأنا بمن اسمه (إبراهيم) ، وهكذا ، حسب الترتيب الهجائى ، وذكرنا باب (أحمد) حسب ترتيبه الهجائى أيضا.

(٥) من ذلك ـ مثلا ـ ترتيب (إبراهيم بن أبى داود سليمان) فى (تاريخ الغرباء) ، رقم (١٢) كأنه (إبراهيم بن داود) ، وهكذا.

(٦) راجع ترجمة (أبى بكر) هذا فى (تاريخ المصريين) رقم (٨٦). وعلى منواله راجع (أبا عبيدة ابن الفضيل) فى (تاريخ الغرباء) ، رقم (٣٥).

(٧) راجع (ذكر من اسمه بحر) فى (تاريخ المصريين) ترجمة رقم (١٦٣) ، وبعده (ذكر من اسمه بحر) ترجمة رقم (١٦٤).

(٨) راجع (المصدر السابق) ، ترجمة (٤٤٨).

(٩) يمتد باب (ذكر من اسمه السائب) فى (السابق) من ترجمة (٥٢٥ ـ ٥٢٧) ، ويتقدم عليه ـ وفقا للمذكور فى المتن ـ باب (سالم) ، وبه (تراجم ٥٢٢ ـ ٥٢٤).

٣٤٧

و ـ هناك أعلام غير منسوبين ، أسماؤهم كأنها الألقاب ، أقوم عند تواليهم بمراعاة الترتيب الهجائى بينهم (١) ، وتقديمهم على الأعلام المنسوبين (٢).

ز ـ فى «تاريخ المصريين» : بعد انتهاء أبواب المترجمين من «الرجال» ، ذكرت باب «الكنى» (٣) ، ثم باب «النساء» (٤). أما فى «الغرباء» ، فلم تكن هناك تراجم للنساء (٥).

الصعوبة الرابعة والأخيرة :

كيف نظّم ، ورتب ابن يونس عناصر تراجمه من الداخل؟

وهذه مشكلة تدخل بنا فى عمق وصلب مادة الكتابين. ومما يصعّبها أن المصادر المقتبسة تأخذ ما يناسب غرضها ، ولا تنقل الترجمة كلها إلا نادرا (٦) ، وقد لا يلتزم أصحابها بحروف وألفاظ مؤرخنا ، فقد ينقلون بالمعنى مع ما قد يترتب عليه من عدم الدقة فى نقل المادة التاريخية (٧). ومن العقبات المرتبطة بذلك ـ أيضا ـ أن بعض الناقلين لا يحدد بداية ولا نهاية اقتباسه ، فلا نستطيع تحديد نص ابن يونس من غيره داخل الترجمة (٨). وأخيرا ، فقد يستخدم أكثر من مصدر فى صياغة الترجمة الواحدة ، ولا يحدد مصدر كل جزئية على حدة (٩) ، بالإضافة إلى عدم التزام المصادر الناقلة ترتيب عناصر الترجمة بدقة.

كيفية مواجهتها :

أ ـ الاستعانة بالمصادر التى ينقل أصحابها التراجم عن ابن يونس بدقة ، سواء فى

__________________

(١) مثل : (السائب الثقفى) فى (تاريخ المصريين) ، رقم (٥٢٥) ، جعلته يسبق (السائب الغفارى) ، الذي جعلته رقم (٥٢٦).

(٢) مثل (السائب بن هشام) الوارد رقم (٥٢٧) ، ومن بعده.

(٣) ويمتد فى (تاريخ المصريين) من رقم (١٤١٩ ـ ١٤٥٢).

(٤) ويمتد فى (المصدر نفسه) من رقم (١٤٥٣ ـ ١٤٦١).

(٥) فآخر ما وجدت فيه (باب الكنى) ، ويمتد من (رقم ٦٩٩ ـ ٧٠٣).

(٦) الأنساب ٥ / ٦١٠ (هكذا ذكره أبو سعيد بن يونس فى تاريخ مصر).

(٧) راجع ترجمة (سفيان بن وهب الخولانى) فى (تاريخ المصريين) رقم ٥٧٥ (وهامشها رقم ٣).

(٨) راجع المصدر نفسه (ترجمة ٤٦٤) ، وهامشها رقم (٩).

(٩) وخير مثال على ذلك : صنيع ابن الفرضى فى (تاريخه ، ط. الخانجى) : ١ / ٣٩٤ (ترجمة ٤٥١ ، وهامشها رقم ١ فى «تاريخ الغرباء» ، ٢ / ٢٦ (ترجمة ٥٤٧ ، هامش ١ من الكتاب نفسه) ، ٢ / ١٤٠ (ترجمة ٦٢٦ ، هامش ٢ من الكتاب ذاته).

٣٤٨

ترتيب عناصر الترجمة ، أم فى تحديد بدايتها ونهايتها ، أم فى الحفاظ على نقلها بألفاظها.

ب ـ من خلال الاستقراء والمتابعة تبيّن لنا أن مؤرخنا حريص على عرض نسب المترجم له فى «تاريخ المصريين» كاملا ، ولا يلتزم بذلك فى «الغرباء» إلا قليلا ، ثم يذكر كنيته ، وبعض أساتيذه وتلاميذه «أو أيهما» ، ويرصد موقفه من الرواية الحديثية ، وقد يذكر رأيه فيه ، ثم تاريخ وفاته ، وبعده يصفه بوصف خلقىّ يعرفه عنه. وفى «الغرباء» يذكر ـ غالبا ـ الإقليم الذي ورد منه إلى مصر فى بدايات ترجمته.

ح ـ عند غياب بعض هذه العناصر أحاول استكمالها باعتبارها منهجا عاما ، يتبعه ابن يونس فى تراجمه ، وأحاول جعله موافقا لما هو معروف عنه فى منهجه.

د ـ الاجتهاد فى تمييز نص ابن يونس عما سواه من نصوص داخل المصادر الناقلة ، مستعينين بما تكوّن لدينا من حصيلة وخبرة بأسلوبه وطريقته فى العرض ، ولغته التى يستخدمها ، ويصوغ بها ألفاظه.

٣٤٩

دراسة كتابى ابن يونس

تقديم :

بعد انتهائنا من عرض عناصر «المدخل» السابقة ، أصبحنا على بيّنة من طبيعة كتابى مؤرخنا ، وحان الوقت لدراسة هذين الكتابين معا «مع المقارنة كلما تهيأت الظروف». وأرى أن دراستهما تستلزم تناول العناصر التالية :

أولا ـ محتوى الكتابين.

ثانيا ـ موارد كلّ.

ثالثا ـ مناقشة بعض المعلومات التاريخية الواردة فى عدد من التراجم.

رابعا ـ منهج مؤرخنا فى الكتابين.

خامسا ، وأخيرا ـ خاتمة.

أولا ـ المحتوى

المتصوّر أن أى كتاب يحوى مقدمة ، وموضوعا ، وخاتمة. فما موقف ابن يونس فى كتابيه من ذلك؟

١ ـ ما ذا عن المقدمة؟

أ ـ بخصوص «تاريخ المصريين» ، أتوقع أن يكون ابن يونس أوضح فيها موضوع كتابه ، ومنهجه فى ترتيبه. وقد فقدت المقدمة مع أصل الكتاب ، ولم أجد منها سوى نص وحيد ، أورده لنا ابن حجر (١) ، قال فيه : وقال ابن يونس فى «مقدمة تاريخ مصر» :

«وأهل النقل ينكرون أن يكون ابن شماسة سمع من أبى ذر». وبالنظر إلى هذا النص المبتور من سياقه ، لا يستطيع المرء أن يدرك صلته بما يجب أن تكون عليه مقدمة هذا الكتاب. ومن هنا ، فإنى يغلب على ظنى أن ابن يونس تناول فى المقدمة الآثار المروية ،

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٦ / ١٧٧ (وهذا النص المذكور ورد فى نهاية ترجمة ابن حجر ل (عبد الرحمن ابن شماسة المهرىّ).

٣٥٠

التى تتناول مكانة مصر قديما ، وخيراتها وثرواتها ، ومظاهر نمائها من زروع وثمار وأنهار ، وقناطر ، وسدود ، وخلج ، وغير ذلك من مشاريع دالّة على تقدم أهلها وتحضرهم ، ونهضتهم (١) ، فيكون ذلك مدخلا للترجمة لعلمائها فى عصر «الإسلام» ، وفى ظل حكم «المسلمين» ، وربما أتى ـ خلال ذلك ـ بأثر من الآثار ، التى يرويها ابن شماسة عن أبى ذر ، فلم يفت ابن يونس نقل تعليق نقدة الآثار والرجال ، بأن ابن شماسة لم يلق أبا ذر ، وإنما روى عن أبى بصرة الصحابى ، الذي وردت عنه مثل هذه الآثار ، الذي قد رواها بدوره عن صحابى آخر هو «أبو ذر» (٢).

ب ـ أما «تاريخ الغرباء» ، فإننى أتوقع ـ أيضا ـ أن يكون مؤرخنا قد وضع له مقدمة ، تشرح مقصوده من تأليفه ، وتوضح منهجه فى عرض تراجمه ، وتبرز مكانة مصر العلمية ، حتى غدت كعبة القصّاد وموئل طلاب العلم من مختلف الأقطار. وللأسف الشديد لم أقف على أى نص ، يمت بصلة إلى هذه المقدمة.

٢ ـ الفترة الزمنية الممتدة عبر تراجم الكتابين :

أ ـ بالنسبة ل «تاريخ المصريين» ، فقد ورد نص مهم للسمعانى (٣) ، قال فيه : الأئمة والعلماء من مصر أشهر وأكثر من أن يحصيهم العادّ. وقد صنّف أبو سعيد بن يونس بن عبد الأعلى تاريخ «المصريين» ، وذكر رجالها من الصحابة إلى زمانه. ومعنى ذلك : أن الكتاب يترجم لعلماء مصر على امتداد قرابة «ثلاثة قرون ، ونصف» ، من سنة «٢٠ ه‍ ـ ٣٤٧ ه‍». وأعتقد أن كلام السمعانى النظرى صحيح ؛ لموافقته الواقع التطبيقى من خلال ما تم تجميعه من هذا الكتاب ، ففيه ترجمة «عمرو بن العاص» (٤) فاتح مصر ، وفيه ترجمة آخر المترجمين وفاة «أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع المصرى» (٥).

__________________

(١) راجع تلك الآثار فى (تاريخ المصريين) ، باب (الكنى) ، ترجمة الصحابى (أبى بصرة الغفارى) ، رقم (١٤٢٤) ، وترجمة التابعى (أبى رهم السّماعى) ، رقم (١٤٢٩).

(٢) راجع ترجمة (عبد الرحمن بن شماسة) فى (المصدر السابق) رقم (٨٢٣) ، وفيها ما يتصل بروايته عن أبى بصرة ، عن أبى ذر.

(٣) الأنساب ٥ / ٣١٠.

(٤) راجع (تاريخ المصريين) ، ترجمة رقم (١٠٢٦).

(٥) المصدر السابق : ترجمة رقم (٦) ، وفيها أنه توفى فى المحرم من نفس سنة وفاة ابن يونس (٣٤٧ ه‍) ، أى : قبله بشهور قليلة.

٣٥١

ب ـ أما «تاريخ الغرباء» ، ففترته الزمنية أقصر من «سابقه» ؛ لأنه يخلو من تراجم «الصحابة» ، حيث إنه يتعامل مع الأجيال التالية. وفى ضوء ما تم تجميعه من تراجم هذا الكتاب ، فإن أقدم شخصية ، وردت ترجمتها به هى شخصية «محمد بن أبى بكر» (١) ، وبعده «شرحبيل بن أسميفع الكلاعىّ» المتوفى سنة ٦٧ ه‍ (٢) ، وآخر الشخصيات وفاة به ، حدّد تاريخها بسنة (٣٤٥ ه‍) (٣).

٣ ـ عدد تراجم الكتابين ، وأبوابهما :

أ ـ «تاريخ المصريين» : بلغ عدد تراجمه التى تم تجميعها «١٤٦١ ترجمة» (٤) ، منها : «١٤١٨ ترجمة» خاصة ب «الأسماء» (٥) ، موزعة على «٢٩ بابا رئيسيا» بعدد الحروف الهجائية «باب الهمزة ، فالباء ، فالتاء ، حتى اللام ألف ، ثم الياء» ، وهذه الأبواب الرئيسية مقسمة إلى «٤٢٢ بابا فرعيا» ، وهى الأبواب المندرجة تحت كل باب رئيسى ، ومرتبة على حروف الهجاء «فباب الهمزة يدخل تحته من اسمه أحمد ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، وهكذا».

ويلاحظ أن الأبواب الرئيسية تتفاوت طولا وقصرا ، فبينما يبلغ حرف «الهمزة» واحدا وأربعين (٤١) بابا فرعيا ، بها ١٦٢ «ترجمة» (٦) ، يرتفع باب العين ـ أكبر أبواب الكتاب ـ فيضم ٧٧ «بابا فرعيا» ، بها «٣٨٠ ترجمة» (٧). وفى الوقت نفسه يهبط باب «الظاء» (٨) ، و «اللام ألف» (٩) ، فيشتمل كل منهما على ترجمة وحيدة.

__________________

(١) تاريخ الغرباء : ترجمة رقم (٥٠١). توفى سنة ٣٨ ه‍.

(٢) المصدر السابق : ترجمة رقم (٢٥٢).

(٣) توجد ـ فى المصدر السابق ـ أكثر من شخصية توفى أصحابها سنة ٣٤٥ ه‍ ، وهم : (إسماعيل ابن يعقوب) ، رقم (٩٧) ، و (عبد العزيز بن عبد الله البغدادى ، رقم ٣٣٧) ، و (عثمان بن محمد السمرقندى) ، رقم (٣٨٤). ولعل آخرهم وفاة (محمد بن على المادرائى ، توفى فى شوال سنة ٣٤٥ ه‍) ، ترجمة رقم (٥٧٨).

(٤) راجع تراجم (تاريخ المصريين) فى المجلد الخاص بها من (ص ٧ ـ ٥٢٩).

(٥) هذه التراجم الخاصة بالأسماء امتدت فى (السابق) من (ص ٧ ـ ٥١٥).

(٦) يمتد هذا الباب الرئيسى فى (السابق) من (ص ٧ ـ ٥٤).

(٧) يمتد هذا الباب الرئيسى فى (السابق) من (ص ٢٤٩ ـ ٣٨٧).

(٨) ترجمة باب (الظاء) برقم ٦٧٧ (ص ٢٤٨).

(٩) ترجمة باب (اللام ألف) ، برقم (١٣٧٨) ، ص ٥٠٤.

٣٥٢

ثم يأتى ـ بعد ذلك ـ باب «الكنى» ، وبه (١٧ بابا) ، تضم (٣٤ ترجمة) (١). وأخيرا ، يأتى باب «النساء» ـ كباب جديد ، لم يسبق إليه لدى ابن عبد الحكم ، ولا ابن الربيع الجيزى ـ وبه (٧ أبواب) ، تضم (٩ تراجم) (٢). وبذا يكون مجموع تراجم هذين البابين الكبيرين الأخيرين يساوى (٤٣ ترجمة).

ب ـ «تاريخ الغرباء» : تم تجميع (٧٠٣ ترجمة) من بقايا هذا الكتاب (٣) ، منها : (٦٩٨ ترجمة) خاصة بالأسماء (٤) ، موزعة على (٢٧ بابا رئيسيا). وهذه الأبواب الرئيسية مقسمة إلى (٢٢١ بابا فرعيا). وبعد ذلك يأتى باب «الكنى» ، وبه (٤ أبواب) ، بها التراجم الخمس الباقية (٥).

وتجدر الإشارة إلى أن الأبواب الرئيسية هنا ـ أيضا ـ تختلف من حيث عدد الأبواب الفرعية ، وعدد المترجمين الداخلين تحتها. فمثلا : باب «الهمزة» به (١٦ بابا فرعيا) ، بلغت تراجمها (١٠٧ ترجمة) (٦) ، فى حين بلغت أبواب «حرف العين» ـ وهو أكبر الحروف من حيث عدد أبوابه ـ ٤٦ «بابا فرعيا» ، وضمت (١٧٤ ترجمة) (٧). أما «حرف الميم» ، فرغم أن عدد أبوابه الفرعية واحد وعشرون (٢١) بابا فقط ، إلا أن تراجمه هى الأكبر عددا مما سواه (١٧٩ ترجمة) (٨) ؛ لكثرة من اسمه «محمد» به (٩).

٤ ـ نوعيات المترجمين فى الكتابين (١٠) :

أ ـ لا ريب أن الغالبية العظمى فى «تاريخ المصريين» من أصول عربية ، أو ممن دخلوا فى ولاء القبائل العربية المختلفة ، إلا أن هناك أفرادا قليلين جدا ، يرجعون إلى أصول

__________________

(١) يمتد باب (الكنى) من ص ٥١٧ ـ ٥٢٦.

(٢) يمتد باب (النساء) من ص ٥٢٧ ـ ٥٢٩.

(٣) تمتد تراجم بقايا هذا الكتاب من ص ٥ ـ ٢٦٣.

(٤) تمتد تراجم هذه الأسماء من (ص ٥ ـ ٢٦١).

(٥) يشمل باب (الكنى) تراجم (٦٩٩ ـ ٧٠٣) ، (ص ٢٦٢ ـ ٢٦٣).

(٦) يمتد هذا الباب الرئيسى من (ص ٥ ـ ٤٣).

(٧) يمتد هذا الباب من (ص ١٠٨ ـ ١٦٥).

(٨) يمتد هذا الباب من (ص ١٨٣ ـ ٢٤٢).

(٩) تمتد تراجم من اسمه (محمد) من ترجمة (٤٧٣) إلى (٦١٥) ، ص ١٨٤ ـ ٢٣٠.

(١٠) لم أشأ عمل إحصاء دقيق بعدد كل طائفة من طوائف المترجمين على مستوى الكتابين ؛ لأن ذلك سيؤدى إلى تضخيم العمل جدا ، بالإضافة إلى موسوعية ثقافة المترجمين آنذاك غالبا ، وصعوبة تحديد اختصاص كل منهم على حدة.

٣٥٣

غير عربية (١).

ويأتى على رأس المترجمين هنا الصحابة «رضوان الله عليهم» ، سواء الذين صرحت التراجم بصحبتهم ، ووفادتهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أم أولئك الذين كانوا على عصره ، وأدركوا زمانه ، لكنهم لم يروه ، ولم يلتقوا به «ويعرفون بأن لهم إدراكا» ، ومنهم من يسلم فى حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أو يسلم بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويأتى إلى مصر مشاركا فى فتوحها.

ب ـ ويمكن تقسيم نوعيات هؤلاء المترجمين ـ سوى الصحابة ـ على النحو التالى :

(١) من حيث معارفهم وثقافاتهم : يأتى على رأس هؤلاء «المحدّثون» ، فهم أغلبية على مستوى الكتاب ككل ، ولعل ذلك يرجع إلى غلبة الثقافة الحديثية على مؤرخنا «ابن يونس» ، وشيوع رواية الحديث بين معظم طلاب العلم ، باعتباره علما يشترك فيه المحدث ، والفقيه ، والمؤرخ ، واللغوى ، والنحوى ، والأديب ، وغيرهم. وترجم ابن يونس ـ فى كتاب المصريين أيضا ـ لعدد من أرباب العلوم الأخرى ، مثل : الفقهاء «وعبّر عن ذلك أحيانا ب «الفقيه المفتى» ، و «مفرض أهل مصر» ، والقراء ، والمفسرين ، والنحاة ، والأدباء والشعراء ، والمؤدّبين ، والخطباء ، ومفسّرى الرؤى ، والمؤرخين.

ويلاحظ أن تراجم هؤلاء متفاوتة كثرة وقلة ، فمثلا : عدد المفسرين ، والنحاة ، والأدباء ، ومفسرى الرؤى ، والزهاد والعبّاد قليل. أما المؤرخون ، فلم يعتن ابن يونس بالترجمة لهم إلا نادرا ، وعبّر عن أحدهم بأنه «عالم بأخبار مصر» ، والآخر قال عنه : «عالم فى الأخبار» ، وثالث قال عنه : «أخبارى». فلعل اهتمامه الأساسى بتراجم المحدّثين ، وقلة عدد المؤرخين البارزين فى مصر ، وعدم استقلالية التاريخ عن الحديث فى عهد المترجمين (٢) ، أسهم فى قلة تراجم هؤلاء ؛ إذ ترجم لهم من خلال المحدّثين ، والفقهاء.

وفى «تاريخ الغرباء» : لم يختلف الأمر عما عليه فى «المصريين» ، فلا جديد فى

__________________

(١) لعل من هؤلاء : (أيوب بن قسطنطين) ، و (جبر بن عبد الله القبطى ، وسنبخت الفارسى) فى (تاريخ المصريين) ، بأرقام (١٦٢ ، ٢٢٢ ، ٦٠٨) على الترتيب.

(٢) ويمكن مراجعة كتابى : (الحياة الثقافية فى العالم العربى فى القرنين : الأول ، والثانى الهجريين) ، ففيه تسليط الأضواء على عدد من محدثى ، وفقهاء ، ومفسرى مصر فى تلك الفترة المبكرة ، مع تجميع تراثهم التاريخى ، الذي يجلى الجانب التاريخى لديهم أيضا (كابن عمرو ، وأبى قبيل ، وعبيد الله بن أبى جعفر ، ويزيد بن أبى حبيب ، والليث بن سعد ، وابن لهيعة ، وابن وهب).

٣٥٤

نوعيات المترجمين من حيث معارفهم وعلومهم (١) ، وإنما خلت التراجم المتبقية من «مفسرى الرؤى ، والخطباء». ولم يتغير الموقف فى تراجم المؤرخين ، وإن ذكر عن أحدهم أنه صاحب «أخبار ، وملاحم».

(٢) من حيث وظائفهم ومناصبهم : ترجم ابن يونس فى «المصريين» لمختلف الطبقات الوظيفية ، وللعديد من ذوى المناصب فى مصر ، فترجم لعدد من ولاة «مصر» ، ولبعض أمرائها بالنيابة ، ولبعض الأمراء المحليين ، كأمير أحد الثغور ، وأمير برقة ، وزويلة ، ووالى الإسكندرية ، ووالى الرابطة. وترجم لبعض القواد ، وولاة البحر فى مصر والشام ، والطبقة العليا من جند مصر ، وأمير بعث الطالعة ، وأمير غزو المغرب ، وعارض الجند. وترجم لصاحب الحرس ، ولصاحب السوق ، ولحاجب الوالى ، ولذوى بعض الوظائف الشّرطية ، مثل : صاحب «الشّرط» ، و «مختار العسكر ، ومختار الجيزة».

وترجم ـ فيما يبدو ـ للشخص المنوط به تنفيذ الحدود ، وهو «السيّاف». وعلى مستوى القبائل ، والتجمعات الصغيرة ترجم ل «عريف القبيلة ، وعريف موالى قريش ، وعريف حىّ الحمراء». واهتم بوظائف تتعلق بالعلم والثقافة ، والمساجد ، فعرّف ببعض المؤذنين ، وب عريف «رئيس» المؤذنين ، وبأحد أئمة المسجد الجامع ، وبأحد القصاص ، وبصاحب القصص ، وبورّاق ينسخ المصاحف ، وب «معلّم كتّاب». واهتم بالوظائف المالية ، مثل : الترجمة ل «صاحب الخراج» ، وكاتبه ، وصاحب الضيافة ، وعامل الصدقات.

وأولى مؤرخنا «ابن يونس» القضاء والديوان اهتماما خاصا ، فترجم لبعض القضاة المهمين فى العاصمة ، ولبعض القضاة المحليين فى الأقاليم «مثل : قاضى الإسكندرية ، وقاضى إخميم» ، وتناول صاحب «مسائل القاضى» ، وبعض كتّاب القضاة ، وبعض الشهود ، والكتّاب فى ديوان الجند. وترجم ـ كذلك ـ لصاحب «المظالم».

واهتم مؤرخنا أيضا بتراجم عدد من العلماء ، الذين كانوا يعملون بحرف بسيطة (٢) ،

__________________

(١) اللهم إلا ما ورد فى ترجمة أحد الفقهاء من غلبة الجدل عليه ، حتى بدت مؤلفاته الفقهية أشبه بعلم الكلام. وهو (إبراهيم بن إسماعيل البصرى) المعروف ب (ابن عليّة) ، ترجمة رقم (٦).

(٢) لا يعنى ذلك أن هذا هو حال جميع العلماء ، فربما توفر العطاء لبعضهم ، لكنهم كانوا يأكلون من عمل أيديهم ؛ ترفعا عن مد اليد للسلطان ، وقد يستعيض البعض عن ذلك بتحديث طلاب العلم مقابل أجور يدفعونها إليه ، نظير إنفاق الوقت والجهد معهم ، وأرى أن عمل فهرست تفصيلى عن (الحضارة) ، تدخل فيه (الحرف ، والصناعات) الواردة فى ثنايا نصوص الكتابين سيكون أمرا طيبا مفيدا للباحثين والقراء.

٣٥٥

يقتاتون منها ؛ ربما لعدم وجود رواتب ثابتة لهم ، تغنيهم عن امتهان هذه الأعمال ، وتفرغهم لتحصيل العلم. ومن هذه الأعمال ما يلى : «نفّاط فى البحر ، ودبّاغ ، وبزّاز ، وفرّاء ، وصبّاغ الخيل ، ومختار الخيل ، والعسّال ، واللوّاز ، والخيّاش ، والقلّاء ، والضرّاب ، والحذّاء ، والطحّان ، والتمّار ، والتاجر ، والصوّاف ، وأخيرا بواب الإسكندرية «وهذه مرتبطة بأحداث الفتح ، وهى مهنة أحد الروم الذين ساعدوا فى فتح الإسكندرية».

وفى «تاريخ الغرباء» : اهتم بمناصب جديدة ، فبالإضافة للترجمة لبعض ولاة مصر الوافدين عليها من خارجها ؛ ترجم لبعض ولاة «إفريقية ، والأندلس». وترجم لأحد الخلفاء «مروان بن الحكم» ، ولولى عهد عبد الملك «عمرو بن سعيد بن العاص». وفى مجال القضاء اهتم بقضاة الأندلس ، وببعض الغرباء الذين ولّوا بمصر قضاء بعض الأقاليم ، مثل : قضاء تنيس ، وبعض قضاة الأندلس. وأشار إلى «ولاية أحدهم قضاء الرملة من قبل» ، وترجم لمن ولى القضاء بمصر بالإنابة ، وذكر بعض الشهود ، وترجم لحاجب القاضى. وأضاف ـ فى هذا الكتاب ـ الاهتمام بترجمة صاحب «الخراج» ، ووالى ديوان «الأحباس» ، وأحد الوزراء ، وصاحب «شرطة الفسطاط» ، ووالى الحسبة ، ووالى العشور ، وصاحب المكس ، وصاحب المقياس ، وصاحب الصلاة بالأندلس ، وبعض من ولى بحر إفريقية ، ومن ولى غزو البحر بمصر ، وبعض المؤدّبين بجامع الفسطاط وغيره ، وعرّف بأحد الجند المتميزين «سمّاه الجند المقدّم». وكذلك ترجم لأحد الأطباء ، والوعاظ. وإلى جانب ما تقدم من جديد ، ترجم لبعض ذوى المناصب التقليدية المعروفة ، ممن اهتم بهم ـ أيضا ـ فى «المصريين» ، مثل : إمام الجامع ، والقصاص.

ومن الحرف البسيطة التى زاولها بعض الغرباء ، الذين وفدوا إلى مصر : «دلّال يبيع البزّ ، وورّاق ، وصائغ ، وعطّار ، وتاجر ، ووشّاء ، وجبّاب ، ونخّاس ، وسكّرى ، ومن يقوم بعمل المراوح ، والقبّيطة ، وبائع الكندر».

(٣) من حيث البلدان والأقاليم التى يقيم بها ، أو يرحل إليها ، أو ينسب إليها المترجمون (١) :

أ ـ لا ريب أن المترجمين فى «تاريخ المصريين» أقام كثير منهم فى حاضرة مصر

__________________

(١) سيكون عمل فهرس تفصيلى بالبلدان الواردة فى ثنايا الكتابين من الأهمية بمكان ؛ لتسهيل مهمة الباحثين والقراء.

٣٥٦

«الفسطاط» ، لكن بعضهم أقام فى أقاليم وبلدان أخرى فى مصر على سبيل الاستقرار ، أو الزيارة والارتحال ، أو توجه إليها فبلغته بها الوفاة بعد مقام طويل أو قصير. ويدل اهتمام ابن يونس بعلماء المناطق النائية ـ «خاصة الصعيد ، وأسوان» ـ على رحابة أفق مؤرخنا ، واتساع وشمولية نظرته ، وإحاطته ومعرفته بكافة علماء مصر حتى فى القرى والأرياف النائية ، ولعله كان يعرف أخبارهم بالرحلة الداخلية إليهم ، أو بمكاتبتهم ومراسلتهم. أقول : من هذه البلدان : الجيزة ، وطهرمس «من قرى الجيزة» ، والعسكر ، والحمراء بالفسطاط ، والفيوم ، والبرلس ، وسخا ، وتنيس ، ورشيد ، والإسكندرية ، ودميرة ، وقرية الحرس ، والأشمونين ، وبركوت ، وشبشير ، والبهنسا ، وطحا ، وإخميم ، ودلاص «بالصعيد» ، وقفط ، وقمّن ، وبويط ، والبلينا بالصعيد ، وأسوان.

ب ـ وفى «تاريخ الغرباء» : اعتنى مؤرخنا «ابن يونس» بذكر البلدان الإسلامية التى قدم منها المترجمون إلى مصر ، وأحيانا كان يشير إلى أصولهم ، إن كانوا ينتمون ـ فى الأصل ـ إلى غير هذه الأقاليم ، التى وفدوا منها.

ويلاحظ أن ابن يونس كان يذكر إقليم المترجم له عامة فى بعض الأحيان ، كأن يقول : شامىّ ، مغربى ، أندلسى «وعلى الأخيرة أمثلة كثيرة» ، وكذلك «توجد أمثلة كثيرة على نسبة المترجمين إلى «إفريقية» عامة.

وإلى جانب ما تقدم ، فقد اهتم مؤرخنا بتحديد هذه الأقاليم فى مواطن عديدة ، كالآتى :

١ ـ فى العراق : ذكر بغداد «كثيرا» ، وبعدها البصرة ، ثم بلدان «واسط ، والأنبار ، وسامراء ، وبلد ، وكلواذى».

٢ ـ فى الشام : دمشق «ورد منها علماء كثيرون» ، وعسقلان ، والبلقاء ، وأيلة ، وفلسطين ، وحمص ، والرملة ، وحرّان ، وقنّسرين ، والمصيّصة ، والأردن ، وقرقيسيا ، وطرسوس ، ورأس العين ، وصور ، والرّها ، وأنطاكية.

٣ ـ فى الأندلس : قرطبة ، وإلبيرة ، وتدمير ، وسرقسطة ، وجيّان ، وبجّانة ، وقبرة ، ومنية عجب ، ولورقة ، ومالقة ، وطرطوشة ، وإشبيلية ، ووادى الحجارة ، وبيرة ، وجيّان ، والجزيرة الخضراء ، وبطليوس ، ولاردة ، وماردة ، وإستجة ، ووشقة ، وشذونة ، وطليطلة ، وبيّانة ، وريّة ، وألمرية ، وتطيلة.

٣٥٧

٤ ـ فى المشرق وبلاد ما وراء النهر : خراسان ، ومرو ، وفسا ، ونيسابور ، وأصبهان ، وقزوين ، وسمرقند ، وسرّ «بالرّىّ» ، وقمّ ، والسند ، والرّى ، وجنديسابور وبوشنج ، وبخارى ، ودولاب ، وطبرستان ، وطهران ، وتستر ، وبردعة ، وبلخ ، وجوزجان ، والدّينور ، والشاش ، وفارس ، وباورد.

٥ ـ فى إفريقية ، والمغرب : أطرابلس ، وبرقة ، وتونس ، والقيروان ، وقفصة ، وطبنة ، وسوسة ، وبجاية.

٦ ـ فى الحجاز : المدينة «وورد منها علماء كثيرون إلى مصر» ، ومكة ، ووادى القرى.

٧ ـ فى اليمن : حضرموت ، واليمامة ، وصنعاء.

٨ ـ وأخيرا من بلاد الروم : أرمينية ، وجزيرة إقريطش.

وما ذا عن أماكن إقامة «الغرباء» فى مصر؟

لا شك أن الإقامة كانت فى حاضرة «الفسطاط» غالبا ، ثم بعد ذلك يتنقل هؤلاء الوافدون إلى قرى وأقاليم مصر المختلفة ، ترحالا ، أو استقرارا حتى الوفاة ، أو لبعض الوقت. وهذه البلدان هى : «العسكر ، والجيزة ، والقلزم ، والفيوم ، وبلبيس ، وتنيس ، والبرلس ، ودمياط ، ودميرة ، والإسكندرية ، وإخميم ، وقوص».

وأخيرا ، فإننا لا ندرى ما إذا كان لكتابى مؤرخنا خاتمة أو لا ؛ إذ لم نعثر على أى نص يشير إلى شىء من ذلك على الإطلاق. والمرجح لدىّ أن كلا الكتابين خلوا من الخاتمة ؛ لسببين اثنين هما :

الأول ـ أن ابن يونس ـ فيما نرجح ـ ظل يكتب كتابه حتى أواخر حياته ، وأعتقد أنه كان ينوى العود إلى عدد من تراجمه بالتنقيح والتمحيص والاستكمال ، لكن يد القدر كانت أسرع إليه ، فغادر دنيانا ، وبعض التراجم يحتاج إلى إعادة نظر.

والثانى ـ أنه لو افترض أنه أكمل الكتاب ، فإن كتب التراجم تنتهى بانتهاء ما لدى مؤلفها من مادة ، تتعلق بتراجم شخصيات الباب الأخير منها ، حسب المنهج المتبع فى الترتيب «آخر المصريين : النساء ، وآخر الغرباء : الكنى».

* * *

٣٥٨

ثانيا ـ الموارد

فى بداية الحديث عن الموارد ، التى استقى منها مؤرخنا «ابن يونس» مادة ، نحب التذكير بأن ما سنذكره من «موارد» ، إنما يتعلق بالنصوص التى تيسر تجميعها من بقايا كتابى مؤرخنا ، فهى دراسة فى ضوء ذلك ، ولا تعد الكلمة الأخيرة فى هذا الشأن ؛ لأن بقية الكتابين ليست بين أيدينا.

تنقسم هذه الموارد ـ على مستوى الكتابين معا ـ إلى ما يلى :

أولا ـ موارد تقليدية :

وهى الموارد المألوفة للكافّة ، وفيها ينقل مؤرخنا عن كتب مدونة ، أو يروى روايات شفهية ، نقلت إليه سماعا.

وهذا النوع من الموارد ينقسم إلى :

١ ـ موارد صريحة :

وفيها نعرف اسم المورد الذي نقل عنه مؤرخنا بصراحة ووضوح. وهى على النحو الآتى :

أ ـ فى تاريخ المصريين :

استخدم ابن يونس ـ فى الجزء الذي جمعته من بقاياه ـ ستين موردا صريحا نقل عنها (٢٢٣ رواية) موزعة على النحو الآتى :

١ ـ سعيد بن كثير بن عفير (١) : نقل عنه مؤرخنا إحدى وخمسين رواية (٢).

__________________

(١) راجع ترجمته فى (تاريخ المصريين) لابن يونس (ترجمة رقم ٥٦٤).

(٢) لا شك أن مؤرخنا نقل عن كتاب المؤرخ المصرى (ابن عفير ت ٢٢٦ ه‍) المعروف ب (الأخبار) ، وذلك فى (المصدر السابق) تراجم أرقام : (٩١ ، ١٥٩ ، ١٧٢ ، ٢٠٧ ، ٢٥٤ ، ٣٠٤ ، ٣٤٢ ، ٣٥٩ ، ٣٨٩ ، ٤٠٠ ، ٤١٩ ، ٤٨٩ ، ٤٩٤ ، ٥٠٤ ، ٥٥٠ ، ٥٧٨ ، ٦٠٥ ، ٦٠٨ ، ٦٣٣ ، ٦٣٩ ، ٦٤٧ ، ٦٦٩ ، ٦٨٧ ، ٧٤٣ ، ٧٩٧ ، ٨٢٧ ، ٨٤٧ ، ٨٤٨ ، ٨٦١ ، ٨٩٨ ، ٩٥٩ ، ١٠٢٩ ، ١٠٣٦ ، ١٠٨٣ ، ١١٠٦ ، ١١٠٨ ، ١١١٥ ، ١١٣٢ ، ١١٣٩ ، ١٢٣٠ ، ١٢٨٧ ، ١٢٩٢ ، ١٢٩٨ ، ١٣٧٠ ، ١٣٩٥ ، ١٤١٠ ـ ١٤١١ ، ١٤١٨ ، ١٤٢٨ ، ١٤٥٦).

٣٥٩

٢ ـ يحيى بن عثمان بن صالح (١) ، وعلى بن الحسن بن خلف بن قديد (٢) : ذكر ابن يونس لكل منهما خمس عشرة رواية (٣).

٣ ـ أحمد بن يحيى بن الوزير (٤) : أورد له مؤرخنا أربع عشرة رواية (٥).

٤ ـ يحيى بن عبد الله بن بكير (٦) ، وأحمد بن يونس بن عبد الأعلى «والد مؤرخنا» (٧) : ذكر لكل منهما إحدى عشرة رواية (٨).

__________________

ويلاحظ أن فى ترجمة (٢٠٧) قال ابن يونس : ذكره سعيد بن عفير فى (أشراف لخم بمصر) ، وفى ترجمة (١٢٩٨) : ذكره سعيد بن عفير فى (أشراف جذام). وأعتقد أنهما بابان من أبواب كتاب (الأخبار). ومما يدل على ذلك أن مؤرخنا ترجم ل (عمرو بن الفرفر الجذامى) ، رقم (١٠٢٩) ، وقال عنه : (له ذكر فى الأخبار).

(١) له ترجمة فى (السابق) برقم (١٣٨٥) ، وفيها أنه توفى سنة ٢٨٢ ه‍.

(٢) له ترجمة فى (السابق) برقم (٩٧٣) ، وفيها أنه ولد ٢٢٩ ه‍ ، وتوفى سنة ٣١٢ ه‍. وهذا يعنى أنه أستاذ ابن يونس ، الذي روى عنه مؤرخنا. (سير النبلاء ١٤ / ٤٣٦ ، وتاريخ الإسلام ٢٣ / ٤٣٩). وأعتقد أن لابن قديد اهتماما بأخبار مصر وتاريخها. وذكر له ابن ماكولا كتابا باسم (الرايات) ، فقال : «وقال ابن قديد ، عن أبى قرة فى كتاب (الرايات) : ثم راية خشينة». (الإكمال ٢ / ٤٧٢). ولعله هو الذي أشار إليه ابن يونس فى ترجمة (حبيش بن أبى المحاضر الغافقى) رقم ٢٨٦ ب (رايات مصر). والمقصود : أن له كتابا عن القبائل المشاركة فى (فتوح مصر).

(٣) يمكن مراجعة مرويات (يحيى بن عثمان بن صالح) فى (تاريخ المصريين) ، تراجم أرقام : (٣٥ ، ٦٩ ، ١٤٠ ، ١٩٩ ، ٢٨٧ ، ٣٣٧ ، ٤٨٦ ، ٥٤٥ ، ٦٢٢ ، ٦٣٥ ، ٦٥٧ ، ٧٦١ ، ٨٨٢ ، ٩٩٣ ، ١٢٩٦). أما مرويات (على بن الحسن بن خلف بن قديد) ، فهى فى تراجم أرقام : (٤٣ ، ١٤٠ ، ٢٢٢ (روايتان) ، ٣٠٦ ، ٣٦٢ ، ٥٦٤ ، ٧٢٦ ، ٨١١ ، ٨١٦ ، ٨٢٥ ، ٩٧٣ (روايتان) ، ١٠٤٩ ، ١٣١٩ ، ١٤٢٧).

(٤) ترجم له ابن يونس فى (المصدر السابق) ، برقم (٦٢) ، وذكر أنه ولد سنة ١٧١ ه‍ ، وتوفى سنة ٢٥٠ ه‍. ويمكن مطالعة ترجمته ـ أيضا ـ فى (ترتيب المدارك) مجلد ٢ ص ٨١ ، وطبقات الشافعية للسبكى ٢ / ٦٦ ـ ٦٧ ، والمقفى ١ / ٧٣٧ ـ ٧٣٨. وذكر مؤرخنا فى (تاريخ المصريين) ترجمة (١٢٣) : أنه له كتابا فى (الأخبار).

(٥) هذه الروايات أوردها له مؤرخنا (ابن يونس) فى (السابق) ، تراجم أرقام : (٢٥٧ ، ٢٨١ ، ٣٩٤ ، ٥٨٤ ، ٦٤٧ ، ٦٥٥ ، ٦٥٨ ، ٦٦٩ ، ٦٩٥ ، ٨٩٨ ، ٩٩٦ ، ١٠٤١ (روايتان) ، ١٠٥١).

(٦) ترجم له مؤرخنا فى (المصدر السابق). ترجمة رقم (١٣٨٣) ، وفيها أنه ولد سنة ١٥٤ ه‍ ، وتوفى سنة ٢٣١ ه‍.

(٧) سبقت الترجمة له فى هذه الدراسة ص ٢٨٠ ـ ٢٨٣.

(٨) يمكن مراجعة مرويات المحدّث المؤرخ المصرى ابن بكير ، الذي نعتقد أن مؤرخنا نقل من

٣٦٠