إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٧

١
٢

٣
٤

٥
٦

ترتيب مملكة حلب في عهد دولة الجراكسة

تكلم صاحب صبح الأعشى المتوفى سنة ٨٢١ على ترتيب مملكة حلب في هذا العصر ، ولو نقلناه جميعه لطال الشرح وهو يصلح أن يكون كتابا مستقلا ، فنكتفي بالإشارة إلى ذلك بصورة إجمالية ومن أحب الوقوف على التفصيل فليرجع إلى الكتاب المذكور ، قال في الجزء الرابع في صحيفة ٢١٧ :

الصنف الأول : وظائف أرباب السيوف وهي عدة وظائف :

منها (نيابة السلطنة) ومنها (نيابة القلعة) ومنها (الحجوبية) ومنها (شد الأوقاف) ومنها (المهمندارية) ومنها (شد الدواوين) ومنها (شد مراكز البريد) ومنها (ولاية المدينة) ومنها (شد الأقواد).

وأما الوظائف الديوانية بها لأرباب الأقلام فمنها (الوزارة) ومنها (كتابة السر) ومنها (نظر الجيش) ومنها (نظر المال) ومنها (نظر الأوقاف) ومنها (نظر الجامع الكبير) ومنها (نظر البيمارستان) ومنها (نظر الأقواد).

الصنف الثاني : الوظائف الدينية :

فمنها (القضاء) وبها أربعة قضاة من المذاهب الأربعة كما في دمشق ، ومنها (قضاء العسكر) ومنها (إفتاء دار العدل) ومنها (وكالة بيت المال) ومنها (نقابة الاشراف) ومنها (مشيخة الشيوخ) ومنها (الحسبة) ومنها (الخطابة بالجامع الكبير) ومنها (التداريس والتصادير المعدوقة بنظر النائب).

الصنف الثالث : وظائف أرباب الصناعات :

فمنها (رياسة الطب ورياسة الكحالين ورياسة الجرائحية).

وتكلم في صحيفة ٢٢٢ / ٤ عن ترتيب النيابة بها وكيفية خروج النائب في

٧

المواكب. وقد بسط هذا البحث أيضا صاحب الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة وسيأتيك قريبا ، ثم تكلم على النيابات التي هي داخل حدود البلاد الشامية* ، قال : وهي إحدى عشرة نيابة :

الأولى : (نيابة قلعة المسلمين المسماة في القديم بقلعة الروم) الثانية : (نيابة الكختا) الثالثة : (نيابة كركر) الرابعة : (نيابة بهسنى) الخامسة : (نيابة عينتاب) السادسة : (نيابة الراوندان) السابعة : (نيابة الدّربساك) الثامنة : (نيابة بغراس) التاسعة : (نيابة القصير) العاشرة : (نيابة الشغر وبكاس) الحادية عشرة : (نيابة شيزر). ثم قال :

الصنف الثاني من أرباب السيوف بخارج حلب الولاة وولاية جميعها من نائب حلب بتواقيع كريمة ، والمشهور منها ١٢ ولاية : الأولى : (ولاية بر حلب) الثانية : (ولاية كفر طاب) الثالثة : (ولاية سرمين) الرابعة :

(ولاية الجبّول) الخامسة : (ولاية جبل سمعان) السادسة : (ولاية عزاز) السابعة : (ولاية تل باشر) الثامنة : (ولاية منبج) التاسعة : (ولاية تيزين) العاشرة : (ولاية الباب وبزاعا) الحادية عشرة : (ولاية دركوش) الثانية عشرة : (ولاية أنطاكية).

وتكلم في الجزء الثاني عشر على صور التقاليد التي كانت تكتب للأمراء وغيرهم ، ونحن نكتفي بالإشارة إليها أيضا ويجدر بكل أديب وكاتب أن يقف عليها :

صحيفة

١٤٠ : صورة تقليد شريف كتب به للأمير إستدمر من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي.

١٤٦ : صورة تقليد شريف لنيابة حلب لشمس الدين قراسنقر بإعادته إليها عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون.

١٥١ : صورة تقليد بنيابة قلعة حلب.

١٥٣ : صورة توقيع بشد الدواوين بحلب.

١٥٦ : صورة توقيع لقاضي قضاة الشافعية.

١٦٠ : صورة توقيع لكاتب السر.

١٦٥ : صورة توقيع بنظر الجيش.

٨

٢٩٦ : صورة توقيع بنقابة الأشراف بحلب لأحمد بن محمد بن إبراهيم ابن الممدوح.

٤٢٩ : صورة توقيع بنقابة الأشراف كتب به للشريف عز الدين أحمد بن أحمد الحسينى.

٤٣١ : توقيع بنقابة الجيوش بحلب كتب به لناصر الدين بن أيتبك.

٤٣٢ : توقيع بالمهمندارية كتب به لغرس الدين الطاخي (١).

٤٣٣ : توقيع بتقدمة البريدية بحلب كتب به لعماد الدين إسماعيل.

٤٣٤ : توقيع بنيابة عينتاب.

٤٣٥ : توقيع بإمارة الركب الحلبي المتوجه إلى الحجاز كتب به لأحمد بن ألطنبغا.

٤٣٧ : توقيع بقضاء القضاة كتب به لجمال الدين إبراهيم بن أبي جرادة.

٤٤٠ : توقيع بخطابة جامع كتب به لقاضي القضاة كمال الدين عمر بن إبراهيم بن العديم.

٤٤٢ : توقيع بتدريس بالجامع المذكور كتب به لعلاء الدين علي الصرخدي.

٤٤٤ : توقيع بتدريس بالجامع المذكور كتب به لشمس الدين محمد القرمي.

٤٤٥ : توقيع بإمامة وتصدير بجامع منكلي بغا الشمسي كتب به للشيخ شمس الدين محمد الإمام.

٤٤٦ : توقيع بكتابة الدست كتب به لبهاء الدين بن الفرفور ونظر بيت المال بحلب.

٤٤٧ : توقيع بصحابة ديوان الأموال بحلب من إنشاء ابن الشهاب محمود.

٤٤٨ : توقيع بنظر (بهسنى).

أحوال نواب حلب وقضاتها وأمرتها وأرباب وظائفها في ذلك العهد وكيفية استقبال نواب حلب

قال في الباب الخامس والعشرين من الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة : أما نائب حلب فيكون من أعيان مقدمي الألوف بالقاهرة ، وتارة ينقل من نيابة طرابلس إليها ، وربما نقل من حماة إليها ، وقد نقل أشق تمر من دمشق إليها غير مرة ، وقد يتناوب فيلي تارة دمشق وتارة حلب ، لكن أكبر نواب المملكة نائب دمشق ثم نائب حلب ثم طرابلس ثم خماة ثم صفد.

__________________

(١) في صبح الأعشى : الطناخي.

٩

وهذا النائب إذا قدم إلى حلب من عادته أن ينزل على عين مباركة بعد أن يخرج إلى لقائه القضاة والمقدمون إلى خان طومان ، والمباشرون يلاقونه غالبا إلى حماة ، ثم يصبح فيركب من عين مباركة لابسا تشريفه وتخرج إليه القضاة وجميع الجيش وأرباب المناصب وطوائف المشايخ وأهل الحارات متجملين ومتعددين. فإذا وصل إلى باب القلعة نزل عن فرسه ونزل لنزوله حاجب الحجاب وبقية الحجاب الأربعة ، وتقدم إليه نائب القلعة ومتولي الحجر والنقيب فنزعوا سيفه وحلوا حياصته ، فيصلي ركعتين وهو محلول الوسط وحياصته في عنقه وسيفه بيد والي الحجر ، ثم يقدم إليه العلم السلطاني فيقبله ويقبل الأرض ، ثم يركب ويدخل إلى دار النيابة فيقرأ تقليده بحضرة القضاة والمباشرين وهو واقف على قدميه ، وكلما ذكر الاسم الشريف السلطاني أو ذكر ثناء السلطان عليه في التقليد يأمره حاجب الحجاب بتقبيل الأرض ، ثم يفيض على أرباب المناصب خلعا سنية بحسب مراتبهم ، وقارىء التقليد هو كاتب السر ويكون على كرسي منصوب له واقفا عليه ، ثم في كل يوم اثنين وخميس يركب بالكلفتة والقبا ويركب معه المقدمون وأرباب المناصب من الترك والجند ويسير إلى قبة المارداني ومعه الجاوشية يزعقون بين يديه. ثم يعود فيقف تحت القلعة راكبا وتعرض عليه الخيول والأملاك ويجهر الندا بالأمان للرعية وإظهار العدل. ثم يتقدمه كتائب الأمراء من هناك إلى باب دار العدل وهو مدى طويل ، والأمراء المقدمون ثمانية لكل واحد منهم مماليك عبرتهم أن يكونوا مائة ، فإن موضوع هؤلاء الأمراء أن يكون كل منهم أمير مائة فارس ومقدم ألف ، وقد صار مدة طويلة دوادار من قبل السلطان يكون قائما في خدمة النائب لكنه في الباطن عين عليه ، وكان في الغالب من أمراء الطبلخانات وقد يكون من المقدمين.

وأما نائب القلعة فكان قديما من أصاغر الأمراء ، ثم من فتنة الناصري قرر النائب بالقلعة أمير مائة مقدم ألف ، واستمر الأمر كذلك إلى يومنا هذا ، وليس في نواب قلاع القاهرة ودمشق وغيرها مقدم ألف إلا نائب قلعة حلب خاصة ولم يكن له عادة بحضور الموكب ، ثم صار بعضهم ربما حضر المجلس فيجلس دون أمير الميسرة وأمير الميسرة يجلس إلى جانب حاجب الحجاب.

عودا إلى تمام كيفية الحال في يوم الموكب :

فإذا وصل إلى تجاة القلعة اصطفت البحرية وقوفا له حتى يسلم عليهم ، ثم يدخل الباب فيقدم حاجب الحجاب وعصاه في يده ويمشي في خدمته إلى قرب الإيوان الذي

١٠

يجلس عليه وهو تجاه الباب الكبير ، وليس بين الباب وبين الإيوان حجاب ولا سترة ، ويكون قد سبقه إليه قاضي القضاة فجلسوا سطرا واحدا عن يساره فإن يمينه خلاء. ثم يجلس إلى جانب قاضي القضاة قاضيا العسكر ومفتيا دار العدل وتجاههم كاتب السر وناظر الجيش ، ثم إلى جانب ناظر الجيش الموقعون فتدور الحلقة ويقف الدوادار الكبير وراء كاتب السر وناظر الجيش خارج الحلقة ، وإن كان الوزير متعمما جلس معهم وإن كان تركيا جلس بين يدي الترك ، فيسلم عن يساره على القضاة ثم عن يمينه على الأمراء ثم تجاهه على بقية الجماعة. ثم يجلس على مكان مرتفع معد لجلوسه نحو نصف ذراع ويجلس حاجب الحجاب على درجة أسفل من ذلك المكان بحيث يكون رأسه متسامتا لتخت النائب الذي يجلس عليه ، والمقدمون يجلسون على مساطب باب دار النيابة فيأخذ القصص نقباء الجيش ثم الحجاب الصغار فيوصلونها إلى حاجب الحجاب فيناولها حاجب الحجاب لكاتب السر فيعطي ما يتعلق بالجيش لناظر الجيش ويرمي بالبقية إلى الموقعين ، ثم تقرأ بعض القصص الشرعية ثم يقوم الحاجب فيأذن للقضاة بالانصراف.

ثم تارة يجلس النائب بعدهم لفصل الأمور وتارة يدخل ويسمى ذلك اليوم بيوم الموكب ويجلس يوم الجمعة بعد الصلاة في هذا المكان ويحضره المقدمون الثمانية فيجلس الأمير الكبير عن يمينه وحاجب الحجاب عن شماله ولا يجلس فوق المقدمين إلا القضاة والعلماء إن اتفق حضورهم أو أحد منهم ، ويجلس كاتب السر وناظر الجيش دون المقدمين فوق الأربعينيات.

وكانت العادة القديمة أن يصلي النائب الجمعة والعيدين بالجامع الأعظم بالشاش والقماش ، ثم صار يصلي بجامع ألطنبغا ، ثم لما عصى يلبغا الناصري بنى له جامعا بدار العدل وصار يصلي فيه ، والآن أكثر ما يصلي النائب هناك وفي بعض الأوقات ربما صلى بالجامع الأعظم أو بجامع دمرداش ، وفي يومي العيدين يصلي بجامع دمرداش ، وإذا لم يركب للموكب لا تحضر القضاة عنده إلا بطلب.

وكان بحلب الوزير له جهات معلومة من المكس وغيره ، وكان عليه كلف الخاصكية والبريدية ومرتبات معلومة ، ثم أضيفت تلك الجهات إلى ديوان النيابة وبطل الوزير ، ثم أعيد ذلك في الأيام المؤيدية ثم بطل.

وإقطاع النيابة له أستادار يتكلم فيه مقتصرا على ذلك لا يتعداه إلى غيره وناظر ديوان ومباشرون ، وفي أيام الظلم ربما تكلم الأستادار في غير الديوان اه.

١١

الكلام على دار العدل بدمشق وحلب وسبب بنائهما

مر بك في الفصل السابق وقبله ذكر دار العدل بحلب ، ولعل النفس تتوق إلى معرفتها ومعرفة مكانها ، وقد رأيت في كنوز الذهب للعلامة أبي ذر (١) فصلا مسهبا تكلم فيه على دار العدل بدمشق وحلب وسبب بنائهما فأحببت إتحاف القارىء الكريم بهذا الفصل لما فيه من الفوائد التاريخية الحسنة ، قال : سبب بنائهما أولا (أي بدمشق) أن نور الدين لما طال مقامه بدمشق وأقام بها أمراؤه وفيهم أسد الدين شيركوه أكبر أمرائه ، وكان الأمراء قد اقتنوا الأملاك وتعدى كل منهم على من يجاوره في قرية أو غيرها فكثرت الشكاوى إلى القاضي كمال الدين فأنصف بعضهم من بعض ولم يقدر على الإنصاف من شيركوه فأنهى الحال إلى نور الدين فأمر ببناء دار العدل ، فلما سمع شيركوه ذلك أحضر نوابه وقال : اعلموا أن نور الدين ما بنى هذه الدار إلا بسببي وحدي ، وإلا فمن هو الذي يمتنع على القاضي كمال الدين ، وو الله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب واحد منكم لأصلبنه ، فامضوا إلى من كان بينكم وبينه منازعة فأعطوه وأرضوه بأي شيء أمكن ولو أتى ذلك على جميع ما بيدي. فقالوا : إن الناس إذا علموا بذلك اشتطوا في الطلب. فقال لهم : خروج أملاكي عن يدي أسهل علي من أن يظن نور الدين أني ظالم أو يساوي بيني وبين آحاد العالم في الحكومة. فخرجوا من عنده وفعلوا ما أمرهم به وأرضوا خصماءهم وأشهدوا عليهم ، فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الخصومات والمحاكمات ، وكان يجلس في الأسبوع يومين وعنده القاضي والفقهاء ، وبقي على ذلك مدة فلم يحضر إليه أحد يشتكي من أسد الدين ، فقال نور الدين للقاضي : ما جاءنا أحد يشتكي من أسد الدين ، فعرفه القاضي الحال فسجد نور الدين شكرا لله تعالى وقال :

__________________

(١) ذكرت في المقدمة في الكلام على هذا الكتاب في صحيفة (٤٣) أنه في مجلدين وأن الثاني منهما عند سعادة الفاضل أحمد تيمور باشا المصري في جملة ما وقفه من الكتب ، وقد تفضل بإرساله إلينا إعارة فوجدنا فيه كنزا ثمينا وأخبارا كثيرة هامة وأمورا تتعلق بتاريخ الشهباء ، وقد أخذنا في الإتيان على معظم ما فيه ووضع كل شيء في محله ، والجزء مخروم من أوله وهو بخطوط متعددة محرر في زمن المؤلف وعليه خطه في مواضع كثيرة ، إلا أن الكتاب غير مرتب ترتيبا حسنا وكأن المنية اخترمت المؤلف رحمه‌الله قبل العناية بترتيبه كما يجب ، وقد سبق غير مرة أني قلت : قال في كراسة عندي أظنها من كنوز الذهب لأبي ذر ، ولما وصل إلي هذا الكتاب وجدت الكراسة بتمامها منقولة منه فتحقق ما ظننته ولله الحمد.

١٢

الحمد لله الذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا ، وكان إنما يعينه على ذلك صدقه وحسن نيته.

ثم سلك هذه السنة السلطان الملك الظاهر غازي فبنى سورا على حلب وفتح له بابا من جهة القبلة تجاه باب العراق وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق كما سيأتي في سورها ، وكان إذا ركب يخرج منهما فبنى دار العدل بحلب لجلوسه العام فيها بين السورين السور العتيق الذي فيه الباب الصغير وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين وبين السور الذي جدده ، ومكتوب على بابها [أنشأ هذه الدار إقبال الظاهري العزيزي الناصري بتولي مملوكه أيدغدي صنعة المطوع] ولم تزل الملوك تجدد في هذه الدار سيما بعد فتنة تيمور ، فإينال الصصلاني وسع المقعد المعروف بالشباك ، ويشبك جدد البحرة ، وتغري درمش (١) عمر السقف الذي قدام الشباك ورخم الأرض تحته وجدد المكان الذي يجلس فيه المباشرون وقرقماش بنى قبة بأربعة أواوين فوق سطحها ، وقانيباي البهلوان بنى قبة على الزردخاناه وفرغ من ذلك سنة خمسين وثمانمائة ، وجلبان جدد المطبخ ، وجدد جانبيك المؤيدي بها أماكن ، ثم المقر السيفي قانصوه جدد فيها مقعدا عظيما ملاصقا لجنينة يشبك ، وكان الناس يمرون من الشباك إلى الجنينة على باب الحريم فقطع ذلك أبغا وغيره وجعل للجنينة لما بناه مدخلا من عند الشباك وعزل طريقا خربا هناك وبناه أحسن بناء وجعله مقعدا للمباشرين يجلسون فيه عند باب المقعد المذكور وذلك في سنة ست وسبعين.

وتقدم في الجوامع مسجد السيدة وجامع الناصري ومن بناه [ذكر ثمة أنهما مبنيان داخل دار العدل] وكل نائب ينعزل من حلب تتركها أعوانه كالخربة فيأتي من بعده يصلحها ، وبهذه الدار حمام لأجل حريم الملوك وقاعة الحريم سقط منها مكان على جواري جانم أخي الأشرف كافل حلب فمات منهم من مات ، فجدده المذكور. ومن الغرائب أن البلدي كافل حلب وقع من إصطبله بها حجر على فرس له فمات الفرس ، فكتب السلطان إليه يخفض عنه في ذلك فشق عليه ذلك ، فقيل له : لأي شيء شق عليك؟ فقال : فرس في إصطبلي يموت فما يخفى على السلطان فكيف أحكامي ١ ه‍.

__________________

(١) سيمر هذا الاسم بأشكال مختلفة : درمش ، ويرمش ، ورمش ، برمش ، ولم أهتد إلى وجه الصواب. على أنه عند ابن إياس في بدائع الزهور : برمش.

١٣

[أقول] : وقد خربت دار العدل ولم أقف على الوقت الذي خربت فيه ولعل ذلك في الزلزلة الكبرى التي حصلت سنة ١٢٣٧ ؛ وموضعها الآن حديقة المستشفى الوطني الغربية ، يرشدك إلى ذلك قوله إن قانصوه جدد فيها مقعدا عظيما ملاصقا لجنينة يشبك ، وجنينة يشبك هي جنوبي مدرسته المعروفة الآن بجامع سوق العبي والله أعلم.

سنة ٨٢٤

ذكر وفاة الملك المؤيد شيخ وسلطنة ولده الملك المظفر أحمد

قال ابن إياس ما خلاصته : في هذه السنة توفي الملك المؤيد شيخ وأقيم في السلطنة ولده الملك المظفر أحمد وله من العمر سنة وثمانية أشهر. وقام بتدبير الملك الأمير ططر وكان ذلك تاسع المحرم من هذه السنة. ثم قال : وجاءت الأخبار من البلاد الشامية بأن جقمق الأرغوني نائب الشام قد خامر وخرج عن الطاعة ، وكذلك يشبك المؤيدي نائب حلب قد خامر أيضا وخرج عن الطاعة ، وكذلك بقية النواب قد خامروا وخرجوا عن الطاعة ، وكان الأتابكي ألطنبغا القرمشي لما توجه إلى الشام بسبب عصيان النواب أوقع معهم بمن معه من الأمراء فهربوا إلى صرخد. ثم إن الأتابكي ألطنبغا لما توجه إلى صرخد جمع العربان والعشير ورجع إلى دمشق وأوقع مع نائب الشام جقمق فانكسر جقمق منه وهرب إلى نحو حلب ، فملك الأتابكي ألطنبغا دمشق وقلعتها ، فلما بلغه وفاة الملك المؤيد وسلطنة ابنه أظهر العصيان وخرج عن الطاعة وأقام بدمشق وحصنها ونصب على سورها المكاحل بالمدافع والتفت عليه العربان والعشير.

ذكر تولية حلب للأمير ألطنبغا الصغير وقتل الأمير يشبك اليوسفي

قال أبو ذر في كنوز الذهب : إن السلطان المؤيد جرد من الأمراء المصرية إلى حلب ثمانية أمراء للإقامة بحلب ووصلوا في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين ، وهم ألطنبغا القرمشي وألطنبغا الصغير والأمير طوغان والأمير ألطنبغا المرقبي وشرباش قاقسو (١) وأزدمر الناصري وجلبان وأقبلاط الدمرداش ، فوصلوا إلى حماة وكان نائبها إينال دوادار نوروز فمسكوه حسب المراسيم الشريفة بذلك لهم واستقر في نيابتها أقبلاط المذكور ، ثم وصلوا

__________________

(١) لم يرد ذكره من بين الأمراء في «النجوم الزاهرة» (١٤ / ١٧٧) وإنما ورد ذكر سودون اللكاش.

١٤

إلى حلب ، فبينما هم مقيمون بلغهم وفاة المؤيد وتوفي في شهر المحرم واستخلاف ولده تتر المذكور ، فحصل لهم أمر عظيم ، فقصدوا التوجه إلى القاهرة ويشبك نائب حلب بحلب وتكررت لهم المكاتبات بسرعة الحضور ، فخرجوا من حلب وجاء الأمير الكبير القرمشي ليودعه فطلع يشبك إلى مأذنة جامع الناصري داخل دار العدل فأشار إليه بالسلام الأمير الكبير وخرجوا من حلب.

ويذكر أن يشبك طلب منجمه ابن الفلكي واستشاره في الخروج إليهم فقال له : هذه ساعة لا أرى لك الخروج فيها ، فلم يلتفت إليه فخرج في إثرهم فقتل وقطع رأسه وكان أضمر سوءا كثيرا لأهل حلب فوقاهم الله شره وجعل كيده في نحره وعلق رأسه بباب القلعة وذلك رابع عشر المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة ثم دفن مع عظم رأسه بعد يوم في المكان الذي أنشأه بحلب عند باب السر ، ثم أخذت جلدة الوجه والرأس بعد أيام فدفنت معه ، فلما اتفق ذلك عادوا إلى حلب ونهبوا موجوده وأقاموا أياما. انتهى.

ترجمة يشبك بن عبد الله اليوسفي المتوفى سنة ٨٢٤ وسببه قتله

قال في المنهل الصافي (١) : هو يشبك بن عبد الله اليوسفي المؤيدي الأمير سيف الدين نائب حلب ، هو من مماليك الملك المؤيد شيخ اشتراه في أيام إمريته ورباه وأعتقه إلى أن تسلطن ولاه شاد الشراب خاناه ، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية ، واستمر على ذلك إلى أن ولي نيابة طرابلس بعد عصيان الأمير سودون بن عبد الرحمن في سنة ثماني عشرة وثمانمائة فدام في نيابتها إلى سنة عشرين ، ثم ولي حلب بعد الأمير قجقار القردمي في هذه السنة فدام فيها إلى أن توفي أستاذه الملك المؤيد والعساكر المصرية بتلك البلاد ، وكان المقدم على الأمراء والعسكر المصري الأمير ألطنبغا القرمشي وكان الجميع بحلب ، فلما بلغهم موت السلطان وقع الاتفاق بينهم على عودهم إلى دمشق فخرجوا من حلب إلى نحو دمشق وتخلف يشبك هذا بحلب ولم يخرج لوداعهم ، ثم بدا له أن يخرج من حلب ويطوقهم بغتة فركب من وقته قبل أن يأكل السماط وساق خلفهم حتى لحقهم

__________________

(١) مخطوط في خمسة مجلدات ضخمة تأليف الفاضل يوسف بن تغري بردي المصري المتوفى سنة ٨٧٢ تفضل بإرساله إلينا إعارة من مصر سعادة الوجيه المفضال أحمد باشا تيمور فالتقطنا منه ماله علاقة بحلب وأثبتناه في محاله وهو مما وقفه على مكتبته الحافلة التي أنشأها بمصر وأودع فيها نفائس الأسفار وجلائل الآثار وشيّد لها بناء خاصا فجزاه الله على حسن صنيعه أحسن الجزاء.

١٥

خارج حلب وقاتلهم فلم يلبث يشبك هذا وانهزم ثم قتل من وقته ثم حملت رأسه بين يدي القرمشي ، وعاد القرمشي إلى حلب ودخل دار السعادة فوجد سماط يشبك قد مد فأكله بمن معه ، فكان حال يشبك كقول أبي الفتح البستي :

إلى حتفي سعى قدمي

أرى قدمي أراق دمي

وكان قتل يشبك المذكور في المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، وكان شابا طوالا شجاعا مقداما جبارا ظالما وعنده كرم مع طيش وخفة رحمه‌الله ، وولي نيابة حلب عوضه الأمير ألطنبغا عبد الواحد الصغير اه.

ذكر مقتل علي عماد الدين النسيمي

قال في كنوز الذهب : وفي أيام يشبك المذكور قتل علي النسيمي الزنديق ادعي عليه بدار العدل بحضور شيخنا المذيل [يعني به ابن خطيب الناصرية] وشمس الدين ابن أمين الدولة وكان إذ ذاك نائب الشيخ عز الدين وقاضي القضاة فتح الدين المالكي وقاضي القضاة شهاب الدين الحنبلي المدعو بابن الخازوق بألفاظه المنسوبة إليه ، وكان قد أغوى بعض من لا عقل له وتبعوه على كفره وزندقته وإلحاده ، فقام للدعوى عليه ابن الشنقشي الحنفي وذلك بحضور القضاة وعلماء البلدة ، فقال له النائب : إن أنت أثبت ما تقول فيه وإلا قتلتك ، فأحجم عند سماعه هذا الكلام عن الدعوى والنسيمي لا يزيد في كلامه على التلفظ بالشهادتين ونفي ما قيل عنه ، فحضر عند ذلك الشيخ شهاب الدين بن هلال وجلس فوق القاضي المالكي وأفتى في هذا المجلس بأنه زنديق وأنه يقتل ولا تقبل توبته. ولما جلس فوق المالكي انحرف منه ، ثم إن ابن هلال قال للمالكي : لم لا يقتل؟ فقال له المالكي : أتكتب بخطك بأنه يقتل؟ فقال : نعم ، فكتب له صورة فتوى فكتب عليها فعرض خطه على شيخنا المذيل وبقية القضاة والعلماء الحاضرين فلم يوافقوه على ذلك ، فقال له المالكي : إذا كان القضاة والعلماء لا يوافقونك كيف أقتله بقولك؟ فقال يشبك : أنا لا أقتله فإن السلطان رسم لي أن أطالعه وأنظر ماذا يرسم السلطان فيه ، وانفصل المجلس على ذلك ودام عند النائب بدار العدل في الاعتقال. وطولع المؤيد [السلطان] بخبره ، ثم بعد ذلك حصل للنائب خروج إلى العمق فأخرجوه إلى سجن

١٦

القلعة فورد مرسوم المؤيد بأن يسلخ ويشهر بحلب سبعة أيام وينادى عليه ثم تقطع أعضاؤه ويرسل منها شيء لعلي باك بن ذي الغادر وأخيه ناصر الدين وعثمان قرايلوك فإنه كان قد أفسد عقايد هؤلاء ، ففعل ذلك به ، وهذا الرجل كان كافرا ملحدا نعوذ بالله من قوله وفعله ، وله شعر رقيق ا ه.

قال في قاموس الأعلام : عماد الدين الصوفي واحد الشعراء المشهورين ، طاف البلاد ودخل بلاد الروم في أوائل سلطنة السلطان مراد خان العثماني الأول ، وبعد ذلك أتى إلى حلب فتوفي بها. وله ديوان بالفارسية والتركية (١) ، وأورد له بيتين بالتركية وبيتين بالفارسية.

أقول : وهو مدفون في تكية تعرف به في محلة الفرافرة تجاه الحمام المعروفة بحمام السلطان بالقرب من دار الحكومة ، وكل من تولى مشيخة هذه التكية صار يعرف بالنسيمي ، والسلطان مراد تولى السلطنة سنة ٧٦١ وتوفي سنة ٧٩١.

الكلام على دار العدل بدمشق وحلب وسبب بنائهما

قال في كنوز الذهب : ثم استقر في نيابتها ألطنبغا الصغير ، ثم إن الأمراء توجهوا من حلب إلى دمشق ثم حضر السلطان بعد ذلك إلى حلب ، وقبل وصوله نزل أهل قلعة حلب وكبسوا ألطنبغا الصغير بدار العدل فتسحب في نفر يسير وتوجه إلى جهة كركر ، ثم عاد مختفيا إلى حلب عند حلول الركاب السلطاني ، ثم توجه إلى جماعة من أصحابه إلى نائب كركر فخرج عليه التركمان فقتلوه وغالب من معه.

ترجمة ألطنبغا :

قال في المنهل الصافي : ألطنبغا بن عبد الله بن عبد الواحد الظاهري الأمير علاء الدين المعروف بالصغير هو من صغار المماليك الظاهرية برقوق وممن ترقى في الدولة المؤيدية شيخ إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف ، ثم ولاه رأس نوبة النوب بعد الأمير ططر بحكم انتقال ططر إلى إمرة مجلس ، واستمر الأمير ألطنبغا الصغير في ذلك إلى أن تجرد صحبة

__________________

(١) قال في الكشف : ديوان النسيمي تركي وهو عماد الدين المقتول بسيف الشرع الشريف بحلب في سنة ٨٢٠ وهو من تلامذة فضل الله الحروفي وله في الزبدة بيتان ا ه.

١٧

الأمير ألطنبغا القرمشي إلى البلاد الشامية ووقع ما حكيناه في ترجمة القرمشي من تولية المذكور لنيابة حلب بعد قتل الأمير يشبك اليوسفي المؤيدي ، واستمر ألطنبغا الصغير هذا في نيابة حلب ، إلى أن بلغه أن الأمير ططر قبض على القرمشي وقتله تخوف وخرج من حلب فارا ، فلقيه بعض تركمان الطاعة فركبوا وقاتلوه قتالا شديدا ، ثم انكسر وأمسك وقتل بمعاملة البلاد الحلبية في تاسع شهر شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة.

وكان شابا ظريفا تركيا مليح الشكل شجاعا سخيا وله مشاركة هنية ، ويستحضر بعض تاريخ وكثيرا من السيرة النبوية منهمكا في اللذات رحمه‌الله تعالى وعفا عنه اه.

ذكر تولية حلب للأمير إينال الجكمي

قال في تحف الأنباء في حوادث هذه السنة : وفي ربيع الآخر توجه نظام الملك ططر إلى البلاد الشامية لأجل عصيان النواب [جقمق نائب الشام وألطنبغا القرمشي] وصحبته الملك المظفر والخليفة والقضاة الأربعة ، فلما وصل إلى دمشق تحارب مع نائبها جقمق فانكسر جقمق والأمراء الذين معه وهربوا ، فاستولى ططر على الشام ، فلما ملكها أتى إليه ألطنبغا طائعا فخلع عليه وفرح به ثم قيده وسجنه في قلعة دمشق وقرر في نيابة حلب إينال الجكمي. ثم إن ططر توجه إلى حلب وصحبته الملك المظفر ، فلما دخلا أمر بشنق كردي أمير التركمان بالعمق.

ذكر ترجمة كردي أمير التركمان وأسباب شنقه

قال ابن الخطيب : كردي بن كندز الشهير بكردي باك التركماني أمير التركمان بالعمق بعد ابن صاحب الباز. جرى بينه وبين نواب حلب وقائع ، وذلك أنه كثر جمعه وقصد الاستيلاء على تلك البلاد بحيث لا يبقى لنواب حلب فيها حكم ، فلما كان سنة عشر وثمانمائة جمع الأمير تمربغا المشطوب نائب حلب عسكره وركب عليه وجرى بينهما وقعة بطرف العمق من جهة الشمال بالجومة ، فانكسر العسكر الحلبي وقتل بعض الأمراء

١٨

ورجع تمربغا المشطوب إلى حلب هاربا في أناس قلائل ، وقوي أمر كردي وجعل تارة يصانع النواب وتارة يعصيهم ، وكان أكثر طاعته للأمير دمرداش فإنه كان يصاحبه وكان دمرداش يحسن إليه وينعم عليه إنعاما كثيرا ، فلما ولي نيابة حلب شيخ الذي صار سلطانا عصى عليه كردي باك فخرج شيخ من حلب بعسكره ونازله بالعمق ، فنزل كردي بجمعه بالقرب من بغراس تحت الجبل وشيخ تجاهه بالعسكر يضايقه ، فلما كان في بعض الأيام وشيخ غافل لم يشعر إلا وقد بغته كردي باك بعسكره فلم يحفل به ملك الأمراء شيخ بل تأنى ساعة بحيث يرى ما ينتهي إليه أمره ، ثم ركب ملك الأمراء شيخ هو وعسكره وحملوا على كردي وعسكره وكان كردي في عسكر كثير جدا خيالة ورجالة ، فثبت ملك الأمراء شيخ وقاتلهم أشد القتال فانكسر كردي باك كسرة شنيعة وقتل من عسكره جماعة وهرب الباقون وتشتت شملهم ، ورجع ملك الأمراء وعسكره إلى حلب منصورين وذلك في سنة أربع عشرة وثمانمائة. فلما ولي الأمير دمرداش نيابة حلب من جهة السلطان المؤيد شيخ وجاء إلى حلب عضده الأمير كردي باك وتوجه معه إلى حلب لقتال الأمير طوخ فلم ينل من طوخ شيئا ، ثم رجع دمرداش إلى جهة العمق هو وكردي واستمر كذلك ودمرداش إلى أن توجه إليهم الأمير طوخ وقاتلهم ، فتوجه الأمير دمرداش إلى الديار المصرية وكردي إلى عليا بلاده واستمر أمير التركمان بالعمق ، فلما توفي الملك المؤيد وحضر الأمير ططر إلى حلب حضر الأمير كردي باك إليه ، وكان الأمير ططر من أمراء حلب مع تمربغا المشطوب حين كسره كردي باك الكسرة التي حكيناها ، فلما صار كردي باك عند ططر بقلعة حلب أمسكه وأمر بشنقه فشنق تحت قلعة حلب في رجب أو شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكان كردي أميرا كبيرا والقوافل آمنة في أيامه عفا الله عنه.

ذكر تولية حلب للأمير تغري بردي بن قصروه

قال في تحف الأنباء : وفي رجب خلع ططر على تغري بردي بن قصروه وجعله نائبا بحلب عوضا عن إينال الجكمي ، ثم رجع عائدا إلى دمشق.

١٩

ذكر سلطنة الملك الظاهر ططر الجركسي

قال ابن إياس ما خلاصته : لما ملك ططر دمشق على جماعة من الأمراء المؤيدية وخلع الملك المظفر أحمد من السلطنة وتسلطن عوضه بدمشق ، وكان الخليفة المعتضد بالله داود صحبته والقضاة الأربعة فبايعوا ططر وسلطنوه ، وذلك تاسع عشري شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة وتلقب بالملك الظاهر ، ثم عاد إلى الديار المصرية.

ذكر موت الملك الظاهر ططر وسلطنة ابنه

الملك الصالح ناصر الدين محمد

قال ابن إياس : كانت وفاة الملك الظاهر ططر رابع ذي الحجة ، ولما مرض عهد بالسلطنة إلى ابنه محمد وتسلطن وله من العمر نحو إحدى عشرة سنة وقام بالأمر برسباي الدقماقي.

ذكر عصيان الأمير تغري بردي بن قصروه

قال في تحف الأنباء : بعد سلطنة الملك الناصر محمد أتت الأخبار إلى مصر بأن تغري بردي نائب حلب أظهر العصيان بها وخرج عن الطاعة ، وكان الظاهر ططر قبل موته أرسل يعزله وولى قاني بك نيابة حلب عوضا عنه.

ترجمة تغري بردي وزيادة بيان في خبر عصيانه :

قال في المنهل الصافي : تغري بردي بن عبد الله المؤيدي الأمير سيف الدين نائب حلب المعروف بأخي قصروه ، أصله من المماليك المؤيدية شيخ اشتراه ورقاه إلى أن جعله خاصكيا ثم أمير عشرة ، ولما مات أستاذه الملك المؤيد وثب تغري بردي هذا وصار أمير ماية ومقدم ألف بالديار المصرية وأمير أخور كبيرا عوضا عن الأمير طوغان أمير أخور بحكم غيابه في التجريدة صحبة الأمراء إلى البلاد الشامية. ودام تغري بردي على ذلك

٢٠