إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٧

سنة ١٣٠٤

إطلاق زيرون جقماقيان المرعشي الرصاص على جميل باشا

قالت الفرات في عدد ٨٨٨ المؤرخ في ٢٠ صفر من هذه السنة و ١٥ تشرين الثاني ما نصه : صباح الثلاثاء المصادف ١٧ من صفر و ١١ من تشرين الثاني بنيما كان والي الولاية العالي حضرة دولتلو جميل باشا الأفخم متوجها من دار الحكومة إلى منزله ماشيا وكانت الساعة إحدى عشر ونصف مساء إذ عرض له حين وصوله لساحة باب الفرج زيرون جقماقيان المرعشي على ملأ من الناس وقال : جميل باشا لا تتحرك ، كيف تتخلص الآن من يدي؟ واتخذ هدفا وأطلق عليه رصاصة من راولور (مسدس) في يده ، فبعون الملك المتعال وإثر توجه الجناب الملوكاني لم يصبه الرصاص ، فوثب عليه حضرة والي باشا وثبة الأسد بأسرع ما يكون وأخذ بعاتقه ، فعندها أطلق الجاني النار ثانية فمر الرصاص بين رجلي الوالي المشار إليه فهجم عند ذلك ياور ملجأ الولاية الملازم إسماعيل أفندي والجاويشية والأتباع وحاولوا أخذ الراولور من يد الجاني فأطلقها ثالثة وهرب ، فبلطف الله تعالى ذهب الرصاص في الهواء وقبض على الجاني ، ولما قبض عليه هجم عليه كثير من الأهالي الموجودين في تلك الساحة وأرادوا تقطيعه إربا وإذاقته ريب المنون ، فمنعهم حضرة الوالي قائلا : (أرجوكم لا تقتلوه) فتراجعوا عنه ، وفي الحال سأله الوالي فقال : ما سبب قصدك هذا ، هل كان من نفسك أو بسوق أحد؟ فقال الجاني : كان بسوق غيري وسوف أبدي الأمر ، فأرسل للحبس وأخذ غيره من المظنونين تحت التوقيف وابتدأ بإجراء التحقيقات الأولية اه.

أسباب إطلاق زيرون الرصاص على جميل باشا

وأسماء الوجهاء الذين ألقي عليهم القبض على إثر هذه الحادثة

بحجة أنهم مدبروها وما جرى في ذلك من الأمور

كان جميل باشا منع زيرون المرعشي المحامي من تعاطي المحاماة وضيق عليه أسباب معيشته بكل ما يمكن ، فضاق ذرع زيرون لذلك ووقف له في ميدان باب الفرج أمام قسطل السلطان الذي هو مكان الساعة الآن ، ولما مرّ جميل باشا قال له : (طورنمة جميل باشا) أي لا تتحرك يا جميل باشا ، وأطلق عليه عدة طلقات لكنه لم يصبه ، وأكثر

٣٨١

الروايات تفيد أنه لم يطلق عليه شيئا لكنه هدده بالضرب ، فتراكض الجنود الذين كانوا بمعيته وكان وقتئذ راكبا بغلة سوداء (يخالف ما تقدم من أنه كان ماشيا وما هنا أصح) وقبضوا على الضارب وأوجعوه ضربا وسيق إلى السجن ، وظن جميل باشا أن زيرون لم يفعل فعلته من عند نفسه بل بإيعاز بعض وجوه الشهباء الذين كانوا ناقمين عليه ، فاتخذ ذلك وسيلة للقبض عليهم فأرسل الجنود ليلا وقبض على حسام الدين أفندي القدسي ونافع باشا الجابري وعبد الرحمن أفندي الكواكبي وعبد الرحمن آغا كتخدا ومصطفى آغا يازجي ومحمود آغا الشربجي وعابدين بك الدري ، وكان هذا قبل مدة عيّن في وظيفة [مدعي عمومي] ثم عزل ، وأحمد بك الداغستاني ، وكان هذا قائدا للمفرزة البغالة بحلب سابقا وعزله جميل باشا ، وأودع الجميع السجن كل واحد في غرفة على حدة ومنع الناس من مقابلتهم. وقبل وقوع هذه الحادثة كانت حكومة الآستانة أرسلت صاحب بك رئيس دائرة المحاكمات بشورى الدولة في الآستانة [قدمنا تاريخ مجيئه وهذا الرجل استلم منصب المشيخة الإسلامية بعد إعلان الدستور وتوفي وهو شيخ الإسلام سنة ١٣٢٧] إلى حلب للتحقيق عن الشكايات التي توالت من أهالي حلب على جميل باشا ، وحصلت هذه الحادثة وهو هنا وكان ثبت عنده أن جميل باشا عدل في معاملاته عن مهيع العدل والإنصاف وسلك طريق الجور والاعتساف وأنه يلزم تحويله من حلب ، وهذه الحادثة أثرت عليه كثيرا وأكدت ذلك اللزوم ، إلا أنه خاف على نفسه من جميل باشا فترك الدار التي كان يقطنها في محلة مستدام بك وانتقل إلى التكية المولوية بظاهر باب الفرج وأخذ يقدم اللوائح ويبسط لحكومة الآستانة أعمال جميل باشا.

وعلى أثر هذه الحادثة استلم جميل باشا زمام قيادة العسكرية النظامية بحلب من يد وكيله أمير اللواء محمد علي باشا وصار يدير شؤون الأمور العسكرية أيضا لأنه كان حائزا رتبة مشير وله السلطة العليا على العسكرية أيضا. وكان كل يوم يرسل مقدار مائة جندي من الجنود النظامية فيحيطون بدائرة السجن زاعما أنه بذلك يحفظ المحبوسين من الهرب ، وفي باطن الأمر كان يفعل ذلك خشية من تجمهر الأهالي وتخليص المسجونين.

فعند ذلك اتحد أمير اللواء محمد علي باشا مع صاحب بك وصارا يرسلان اللوائح إلى حكومة الآستانة ، وكان محمد علي بك مسموع الكلمة هناك ولدوائر الآستانة فيه ظن حسن ، وأرسل برقية إلى السر عسكرية بالآستانة وإلى مشير الجيش الخامس في الشام

٣٨٢

يخبرهما أن الوالي جميل باشا استلم زمام الأمور العسكرية وأنه لم يبق بيده شيء من الأمر وأنه لا يتحمل تبعة ذلك إذا حصل ما ليس بالحسبان.

وكان الصدر الأعظم سعيد باشا والسر عسكر علي رضا باشا من الناقمين على جميل باشا فاستحصلا على إدارة سنية من السلطان عبد الحميد بتحويله بالرغم عن معارضة نامق باشا والد جميل باشا وغيره ممن كانوا مظاهرين لجميل باشا ، فحول إلى الحجاز ، وصدرت الإدارة السنية إلى المشير عثمان باشا بتعيينه واليا على حلب ، وقد كان عثمان باشا واليا في الحجاز وكان هذا أيضا قد اتسعت دائرة الخلف بينه وبين شريف مكة عون الرفيق باشا.

وخشي الباب العالي وقتئذ أن يبلغ جميل باشا نبأ تحويله إلى الحجاز وبيده زمام السلطة العسكرية فأصدر أمره إلى الفريق شاكر باشا الذي كان مقيما في الشام وكان هذا من الناقمين على جميل باشا أيضا أن يسافر حالا إلى حلب وبوصوله ينزل القشلاق ويستلم القيادة العسكرية. وهكذا فعل ، ولما تم له ذلك أعلم الباب العالي على لسان البرق ، فعندئذ وردت برقية من الصدارة تفيد تحويله إلى الحجاز وتسليم الولاية إلى شاكر باشا المذكور ريثما يحضر الوالي الجديد.

وأحضر في ذلك اليوم طابور من الجند إلى دائرة الحكومة بحجة حضور سحب القرعة العسكرية. وعقب ذلك حضر شاكر باشا إلى دائرة الحكومة واستلم زمام الولاية وذهب جميل باشا إلى بيته.

وبعد ذلك حضر صاحب بك إلى دار الحكومة وأحضر المحبوسين من الوجهاء إلى حضرته ولاطفهم وأطلق سراحهم.

وبعد أسبوع سافر جميل باشا إلى الحجاز ، وكان سفره يوم الخميس لستة وعشرين يوما مضت من ربيع الأول من هذه السنة.

وقبل مجيء جميل باشا كانت الحكومة بحلب ضعيفة جدا وكان البعض من الوجهاء يسرحون ويمرحون ويفعلون ما يشاؤون ويعاملون الناس بأسوأ المعاملة خصوصا الفلاحين ، فلم يرق ذلك في عين جميل باشا وأخذ في معاكستهم وصار يحول بينهم وبين رغائبهم ، فعظم ذلك عليهم وبدأ الخلاف بينه وبينهم ، وكان في ذلك الحين قد بدأ يميل إلى منافعه الشخصية وصار ذا ثروة طائلة واشترى أراضي وعدة قرى واستحكر أراضي في محلة الجميلية

٣٨٣

أخذها بأثمان بخسة من يد أربابها ، والخلاصة أنه لم يقصر أيضا في جرّ القرص إلى نفسه وطرق باب الطمع والاستبداد والمخالفة للوجدان الطاهر ، فاتخذ الوجهاء تلك الأمور أسبابا لتتابع الشكايات عليه إلى أن أدت الحال إلى ما ذكرناه. ولا تنس ما قدمناه من أن أوساط الناس والضعفاء كانوا راضين عنه لعطفه عليهم وأخذه بناصرهم وهم لا يزالون يتناقلون أخباره ومناقبه ويتحدثون بها في مجالسهم بملء الإعجاب. وقد كانت وفاته كما قدمناه سنة ١٣٠٧ رحمه‌الله تعالى.

ذكر ولاية عثمان نوري باشا

في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني من هذه السنة حضر عثمان نوري باشا معينا واليا على حلب.

وفيها تقرر إنشاء محلة خارج باب الفرج ودعيت السليمية باسم الأمير سليم نجل السلطان عبد الحميد خان الثاني.

أقول : كان القصد من ذلك أن ينسى اسم الوالي جميل باشا وعبثا كان ذلك ، فقد غلب اسم الجميلية على تلك المحلة مع أنه في الآونة الأخيرة حرر على جدرانها اسم السليمية وهكذا قيدت في دفاتر الحكومة.

قالت الفرات : كان تقرر في زمن ولاية جميل باشا إنشاء مكتب إعدادي واختير المكان في محلة السليمية ، وفي ذي القعدة من هذه السنة بوشر بعمارته في أثناء ولاية عثمان نوري باشا.

أقول : بعد أن بوشر به في هذه السنة أهمل ثم شرع في بنائه ١٣٠٧ وتم في سنة ١٣١٠ كما سنذكره.

قالت الفرات : بقي عثمان نوري باشا هنا مقدار تسعة أشهر لكنه لم يأت أثناء ولايته بعمل يذكر وذلك لأن المرض كان ملازما له في أكثر المدة.

سنة ١٣٠٥

ذكر استعفاء عثمان نوري باشا وتعيين حسن باشا

قالت الفرات : وفي أوائل المحرم من هذه السنة طلب عثمان نوري باشا استعفاءه من

٣٨٤

دار السعادة فأجيب إلى ذلك وعيّن بدله حسن باشا أحد أعضاء مجلس النافعة ، وكان وصوله إلى حلب يوم الاثنين سابع صفر.

وفي شوال من هذه السنة بوشر بترميم المشهد.

سنة ١٣٠٧

في رجب من هذه السنة عزل حسن باشا ، وفي ١٧ منه توجه من حلب وعيّن بدله عارف باشا والي طرابزون سابقا ، وكان وصوله إلى حلب يوم الخميس في ١٢ رمضان الموافق ١٩ نيسان سنة ١٣٠٦ رومية. وفي شوال بوشر بإكمال بناء المكتب الإعدادي في حلب (في السليمية) وكان قد شرع في بنائه من ثلاث سنوات.

سنة ١٣٠٨

في صفر وربيع الأول من هذه السنة حصل هنا داء الهيضة المعروف بالكوليرا.

اكتشاف آثار قديمة في المعرة :

قالت الفرات في عددها ١١٠٥ المؤرخ في ١ رمضان من هذه السنة ما نصه :

ورد إلينا من مكاتبنا في المعرة أنه ظهر بناء قديم في أرض تبعد خمس دقائق عن المعرة ، ولما كان درك هذا البناء لم يظهر حتى الآن فإن مقداره لم يكن معلوما ، إلا أن بابه الداخلي عبارة عن قطعة حجر سوداء وفي سقف الباب صورة رخم ، وهكذا يوجد في بقية الأحجار أنواع من الرسوم لم تعرف حتى الآن ، وقد انكسر بعضها ، وعندما تدخل إليه ترى في كل جهة من يمينك ويسارك وأمامك صندوقين هما قبران ، فالجملة ستة صناديق من الحجر المصنع فيها عظام إنسان بالية ، ويوجد بين الصندوقين اللذين هما تجاه الداخل عمود حجري قطعة واحدة قد طوق من طرفيه بطوق معدني وفي قرب هذا العامود كوزان من الحجر متصلان ببعضهما اه.

وفي ذي الحجة عاد إليها داء الهيضة وضرب الحجر الصحي حول البلدة مدة عشرة أيام ، ودام هذا الداء من أوائل ذي الحجة إلى أواخر صفر من السنة التي بعدها.

٣٨٥

سنة ١٣٠٩

في الفرات في عدد ١١٣٠ المؤرخ في ١٢ ربيع أول ما نصه : من أخبار المعرة أنه رمم فيها المسجد الكائن في قرية الدير الشرقي في قضاء المعرة المدفون فيه عمر بن عبد العزيز رضي‌الله‌عنه وجمعت المصاريف من ذوي الغيرة والحمية اه.

وفيها في عدد ١١٦٢ المؤرخ في ٧ ذي القعدة ما نصه : أن قناة حلب طولها ثلاثة عشر ألف ذراع ، وقد طبق منها للآن مسافة إحدى عشر ألف ذراع والباقي وهو ألفا ذراع التي هي في خلال البساتين جار تطبيقها في الحالة الحاضرة اه.

سنة ١٣١٠

ذكر إتمام المكتب السلطاني في محلة السليمية

في أواخر صفر من هذه السنة كملت عمارة المكتب الإعدادي الملكي خارج باب الفرج في المحلة المعروفة بالسليمية (ثم دعي المكتب السلطاني) واحتفل بافتتاحه يوم الجمعة ثاني ربيع الأول وألقيث في ذلك الاحتفال خطب وكلها ترمي إلى شكر السلطان عبد الحميد خان الثاني والثناء عليه وعلى اهتمامه بنشر المعارف في البلاد العثمانية.

والذي علمناه أنه صرف على هذا المكتب نحو ثلاثين ألف ليرة عثمانية وأنه اختلس قسم كبير من هذه النفقات.

عزل عارف باشا وتعيين عثمان باشا للمرة الثانية

في ١٥ جمادى الثانية من هذه السنة وصل إلى حلب عثمان نوري باشا وهي ولايته على حلب للمرة الثانية ، وتوجه منها واليها السابق عارف باشا في التاسع عشر من هذا الشهر.

سنة ١٣١١

قالت الفرات في عدد ١٢٣٢ المؤرخ في ٩ ربيع الثاني من هذه السنة : من آثار عثمان نوري باشا اهتمامه بردم الخندق المعروف بالعطوي واتخاذه جادة ، وتعريضه جسر الناعورة مقدار ذراعين من كل طرف.

٣٨٦

ذكر ترميم جامع البختي

في رمضان من هذه السنة بوشر بترميم جامع البختي الكائن قرب محلة آقيول ومصاريف ترميمه دفعت من الخزينة السلطانية الخاصة.

الكلام على هذا الجامع :

قال أبو ذر في كنوز الذهب : هذا الجامع شمالي بانقوسا غير متصل بعمائرها بل في طرف المقابر ، وشماليه جبل به قبة صغيرة مدفون بها شخص من التجار يقال له بيق ، أنشأه الحاج عيسى بن موسى الكردي في أيام السلطان الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي في سنة خمس وأربعين وستمائة ، وعمارته محكمة من الآلات الثقيلة ، ومن غربيه دكة مرخمة خارجة وهو مكان نير اه.

وفي الدر المنتخب لابن الشحنة قال : عدد ابن شداد بالرمادة أربعة وثلاثين مسجدا.

وقال : قال في مختصر البلدان : الرمادة محلة كبيرة كالمدينة في ظاهر حلب متصلة بالمدينة وهي المكان الذي يعرف بجامع البختي. (أقول) : وهذا يفيد أن هذا المكان كان في زمن ابن شداد في القرن السابع عامرا وفيه هذا العدد من المساجد ، وقد خرب في حوادث تيمورلنك حتى لم يبق فيه سوى جامع البختي ، ولذا هجر الجامع وتداعى للخراب إلى أن قدر له الترميم في هذه السنة بأمر من السلطان عبد الحميد خان الثاني رحمه‌الله. وقد كتب على بابه من نظم شيخنا الشيخ بشير الغزي رحمه‌الله هذه الأبيات :

انظر إلى آثار رحمة ربنا

أحيا الموات وعاد بالإحسان

وإلى صنيع مليكنا الغازي الذي

سعد الزمان به وكل مكان

فلأمة المختار جدد جامعا

حتى تقام عبادة الرحمن

فلتغتبط إذ أرخوه بعيدها

قد شاده الملك الحميد الثاني

المواليد والوفيات في هذه السنة في حلب وملحقاتها

قالت الفرات في عدد ١٢٦٣ المؤرخ في ١٩ ذي القعدة من هذه السنة الموافق ١١ مايس سنة ١٣١٠ و ٢٤ منه سنة ١٨٩١ ما نصه : تبين من دفاتر النفوس أنه من ابتداء آذار إلى غاية شباط وهي السنة الماضية بلغ عدد المواليد في حلب ١٩١٢ والوفيات

٣٨٧

١٦٧٠ ، وأما الملحقات فكانت عدد المواليد ٨٠٤٠ ووفياتها ٧٨١٥ ، فعلى هذا تزيد مواليد ولايتنا عن وفياتها في سنة واحدة ٤٦٧ نسمة.

عزل عثمان نوري باشا وتعيين حسن باشا للمرة الثانية

قالت الفرات : في أواخر ذي الحجة من هذه السنة عزل عثمان نوري باشا وبارح الشهباء في اليوم الثاني من المحرم سنة ١٣١٢ وعيّن بدله حسن باشا واليها السابق.

سنة ١٣١٢

في التاسع عشر من المحرم وصل إلى حلب واليها حسن باشا وهذه ولايته للمرة الثانية.

سنة ١٣١٣

في جمادى الثانية عزل حسن باشا وعيّن بدله مصطفى ذهني باشا ، وكان وصوله في الحادي عشر من هذا الشهر وبقي هنا نحو أربعين يوما ، ثم عزل وعيّن بدله رائف باشا وكان وصوله إلى حلب في خامس شعبان من هذه السنة.

ثورة الأرمن في جهة زيتونة ومرعش

كان ابتداء هذه الثورة في أواخر السنة الماضية ، وسببها منازعات حصلت بين بعض الأرمن وبعض صغار مأموري الحكومة مثل محصلي المال ورجال الدرك في قرى فرنس وآلاباشي من أعمال قضاء زيتون التابع للواء مرعش. والحكومة لم تلق بالا لهذه المنازعات (ومعظم النار من مستصغر الشرر) ولم تتخذ التدابير لحسمها فتوسعت من القرى إلى بلدة زيتون.

وكان هناك رجل من الأرمن يسمى ناظارت وهو جاويش في الدرك فشكل بعض عصابات وترأسها وكان المحافظ لبلدة زيتون توفيق بك وكان رجلا ضعيف العزيمة قليل التدبير فكلف المسلمين القاطنين هناك الانحياز إلى الثكنة العسكرية مع الجنود العثمانية التي كانت

٣٨٨

بالثكنة المذكورة ، وطلب نجدة من مرعش ، فطمع الأرمن لذلك واندلع لهيب الثورة وطار شررها ، وتسلط الأرمن على بعض عائلات المأمورين والضباط الذين لم يتمكنوا من الالتجاء إلى الثكنة ومثلوا بهم تمثيلا فظيعا يحمر له وجه الإنسانية خجلا. ولما اتسع نطاق هذه الثورة هاج المسلمون القاطنون في القرى المجاورة وابتدؤوا يجتمعون في مرعش وابتدأ الأرمن يحتشدون في زيتون وقدر عددهم بما يزيد على عشرين ألفا. وفي هذا الأثناء حضر من أمريكا تسعة من الأرمن خرجوا من السويدية ومنها ذهبوا إلى الزيتون من طريق جبال بيلان وكاوورطاغ ، ولما وصلوها استلموا رئاسة هذه العصابات ، ولما وصلت أخبار تلك الفظائع التي حصلت في زيتون ومرعش هاج لها مسلمو مرعش وثاروا على الأرمن فحصلت مذبحة قتل فيها من الطرفين كثير ، وبعد أيام قلائل حدثت مذبحة في عينتاب قدرت القتلى فيها من الأرمن بنحو سبعمائة ، ثم حصلت مذبحة في بيره جك ثم في أورفة وهي أعظم مذبحة وقعت ويقدر القتلى فيها من الأرمن بألفين ، وسرت تلك الحوادث إلى ولاية آدنة. ولما تفاقم الأمر جمع رديف ولاية حلب وولاية آدنة وولاية أزمير واستلم زمام القيادة مصطفى رمزي باشا ، وكان قائد الجيوش التي أتت من أزمير وآدنة علي محسن باشا ، وأما القيادة العامة فأنيطت بأدهم باشا قائد فرقة حلب. ولما وصلت تلك الجيوش إلى زيتون أحاطت بالثائرين إحاطة السوار بالمعصم وأرسل القائد أدهم باشا الرسل لرؤساء هذه العصابات بقصد نصحهم والإقلاع عما هم فيه فلم تزدهم النصيحة إلا عتوا ونفورا ، وذلك لما قام في مخيلتهم من إقامة مملكة أرمنية ولم يلاحظوا قلة عددهم وعددهم وأنهم في وسط البلاد العثمانية التي معظم سكانها من المسلمين.

ولما لم تجد هذه النصائح شيئا أخذت تلك الجيوش تناوشهم القتال وحاصروهم مقدار شهر ، فعند ذلك تداخلت السفراء بالآستانة وتم الاتفاق بينهم وبين الباب العالي أن يسافر من حلب الموسيو بارنهام معتمد إنكلترا في حلب ومعتمد فرنسا وإيطاليا أيضا إلى الزيتون ويتوسطوا في أمر الصلح ، فتوجه هؤلاء وألزموا رؤساء العصابات بتقديم الطاعة وتسليم ما لديهم من السلاح إلى الحكومة العثمانية ، وأصدرت الحكومة عفوا عن الأرمن والأشخاص الذين كانوا أتوا من أميركا وترأسوا العصابات وأبعدت هؤلاء عن بلادها ، كما حصل الاتفاق مع معتمدي الدول المذكورة ، وجيء بالجاويش نظارت بطل هذه الثورة وغيره

من وجهاء الأرمن إلى حلب وتركوا فيها تحت نظر الحكومة وبقوا هنا عدة أشهر ثم أعيدوا إلى بلادهم بعد أن سكنت الأحوال.

٣٨٩

وظلت هذه الفتنة إلى أواخر هذه السنة ودامت من ابتدائها إلى أن خمدت نارها خمسة عشر شهرا. وفي أواخر هذه السنة أطلق سراح العساكر وأنعم على أدهم باشا القائد العام لهذه الجيوش برتبة مشير وتعين قائدا عاما للجيوش التي وجهت لمحاربة اليونان ، وعيّن علي محسن باشا قائدا فوق العادة على ولاية آدنة وحلب وبقي في حلب إلى أن توفي فيها في شوال سنة ١٣٢١ ودفن بالتكية المولوية ، وكانت جنازته حافلة حضرها ألوف من الناس ، واتخذ قبره من حجارة حمراء استحضرت من بلاد إيطاليا ونقش عليها بيتان من نظم شيخنا الشيخ بشير أفندي الغزي رحمه‌الله وهما :

لله رمس ضم مولى ماجدا

للمرتضى صهر النبي سميّا

رضوان يوم العيد أرخ إنه

أضحى علي في الجنان عليّا

١٣٢١

سنة ١٣١٤

في هذه السنة شكلت لجنة لإكمال عمارة مستشفى الغرباء الذي كان بوشر به في أثناء ولاية جميل باشا ، وكان قد ارتفع من أبنيته مقدار ثلاثة أمتار ، وفي صفر منها شرع المجلس البلدي بعمارة منتزه السبيل شمالي حلب إلى غربيها وحفر ثمة حوض على شكل نصف دائرة يملأ من بئر حفر هناك يستخرج ماؤه بواسطة دولاب يدور في الهواء ، وانتهت عمارته في منتصف محرم من سنة ١٣١٥.

ذكر الحرب بين الدولة العثمانية واليونان

في منتصف ذي القعدة من هذه السنة ابتدأت الحرب بين الدولة العلية العثمانية واليونان ، وفي نصف ذي الحجة أوقف رحى الحرب وكان النصر حليف الدولة العثمانية ، واستولت على كثير من بلاد اليونان حتى قاربت العساكر العثمانية عاصمتهم (آتينا) إلا أن الدول الأوربية لم تمكن الدولة العثمانية من اجتناء ثمرة انتصارها وأعادت لليونان ما أخذ منها بل زادتها من أملاك الدولة العثمانية ، وقد أفرد ذلك بتأليف مخصوص موسوم بحرب الدولة العثمانية مع اليونان بالتركية والعربية.

٣٩٠

سنة ١٣١٥

ذكر افتتاح الجادة المعروفة بجادة الخندق

ذكرنا في حوادث سنة ١٣١١ أنه بوشر فيها بردم الخندق المعروف بخندق العطوي ، ولا زال الردم متتابعا فيه من عدة جهات من تلك السنة إلى هذه السنة ، ففيها تم ردمه وذلك من أمام تربة الجبيلة إلى ساحة باب الفرج ، واشترت البلدية دورا في محلة العوينة من الباب الثاني لدار الحكومة المعروف بباب السجن إلى باب النصر وخربت تلك الدور فاتصلت الجادة من دار الحكومة إلى باب النصر إلى ساحة باب الفرج إلى محطة الشام ، ومن محلة بانقوسا إلى باب النصر ، فصارت هذه الجادة أعظم جادة في الشهباء ، وقد شطرت البلدة إلى شطرين تقريبا وأخذ الناس في بناء الدور والمخازن والخانات والمقاهي في طرفيها ، وربما لا يمضي عشر سنوات إلا وتتصل الأبنية ببعضها من الجانبين ولا يبقى ثمة موضع خال.

وفي سنة ١٣١٦ بوشر ببناء الجسر العظيم الذي في أواخر هذه الجادة ، صرف عليه مقدار ثلاثة آلاف ليرة عثمانية ، وقد جاء آية للناظرين وصارت البساتين التي في جانبه منتزها عاما.

وفي ذي الحجة من هذه السنة استحضر دولاب ذو مراوح حديدية تدور بواسطة الهواء ليسقى من مائه بستان أنشىء في أطراف قهوة البلدية في المكان المعروف بالسبيل الذي اتخذ منتزها عاما وبني تحت هذا الدولاب صومعة.

سنة ١٣١٦

ذكر بناء منارة الساعة في ساحة باب الفرج

في ١٥ ربيع الأول من هذه السنة احتفل بوضع الحجر الأول في أساس منارة الساعة تجاه باب الفرج ، ثم بوشر بعد ذلك ببنائها على صورتها الحاضرة ، وكان موضعها قسطل ماء مربع الشكل يسمى قسطل السلطان وهو من آثار السلطان سليمان خان العثماني.

وبلغ مصروف عمارة المنارة نحو ٦٠٠ ليرة عثمانية جمعت من ذوي الثروة واليسار ، وإذا تأملت ما في هذه المنارة من حسن الصنعة يظهر لك ما وصل إليه فن البناء في حلب

٣٩١

وأن البنّائين هنا حازوا قصب السبق على كثير من البلدان. وكملت عمارتها في سنة ١٣١٧ ، وقد أرّخ ذلك الشيخ أحمد الشهيد مفتي بلدة حارم بقوله :

أنشا لنا الملك الحميد مآثرا

عظمت صناعتها وأي صناعه

حامي حمى الدين المكين ومن له

أضحت سلاطين الورى أتباعه

من ذاك في حلب أقام منارة

تثني عليه بساعة سمّاعه

أيام دولة رائف فخر العلا

والي حمى الشهبا بأبرك ساعه

ولذاك نادى في الورى تاريخها

أثر يقوم إلى انفصال الساعه

وكان المهندس لهذا البناء شارتيه أفندي مهندس الولاية وبكر صدقي أفندي مهندس المركز ، وكان رئيس المجلس البلدي وقتئذ بشير أفندي الأبري ، وقد بذل الجميع من الهمة والعناية ما استحقوا مزيد الشكر والثناء.

سنة ١٣١٨

ذكر عزل رائف باشا وتعيين أنيس باشا

في ربيع الأول من هذه السنة عزل رائف باشا وعيّن بدله أنيس باشا ، وكان وصوله إلى حلب في السابع عشر من هذا الشهر ، وفي أواخر ربيع الثاني توجه منها واليها السابق رائف باشا. وقد كان رحمه‌الله وعفا عنه وزيرا جليلا عظيم الشأن واسع المدارك حسن الإدارة كثير التنقيب عن أحوال المأمورين وأعمالهم ، خفت في زمنه وطأة الرشوة حتى كاد أن لا يبقى لها أثر في دوائر الحكومة ، والناس مجمعون على أنه لم تر الشهباء بعد جميل ولم يأتها بعده مثله ، والكثير منهم يقولون إنه أحسن إدارة وأسمى فكرا وأدق نظرا من جميل باشا. وله في الشهباء آثار حسنة وتقدمت في زمنه في العمران كثيرا ، وحسبك الجدول الذي سنذكره دليلا على ما قلناه لأن تلك الأعمال التي قام بها المجلس البلدي في مدة ولاية رائف باشا وهي أربع سنين ونصف كان له فيها اليد الطولى والهمة العليا.

وكما أن له آثارا حسنة فإن له أثرا قبيحا وسنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وهو فتح بيوت مخصوصة للفحش في محلة بحسيتا ثم امتد إلى محلة المصابن ، وبعد أن كانت المومسات قلائل في الشهباء يعددن بالأصابع أصبحن بفضل اتخاذ هذه الأمكنة الخبيثة يناهز عددهن خمسمائة ، وبعد أن كان لا ينغمس في هذه الحمأة ولا يتلطخ

٣٩٢

في هذه القاذورات إلا أشخاص قلائل لما يعترض ذلك من الأخطار والمشقات التي ربما تفضي إلى القتل ولا يقدم على ذلك إلا من خبثت نفسه وكانت في أحط درجات الدناءة وليس فيه مثقال ذرة من المروءة والشهامة والشرف أصبح المختلفون إلى هذه الأماكن مئات من الناس بل ألوفا ، وفشا أمر الزنا في أبناء الشهباء وما حولها بعد أن كانوا تمثال الفضيلة والعفة والأخلاق الكريمة. وتهافت الشبان في هذه السنين الأخيرة على هذه المواخير لسهولة الوصول إليها غير مبالين بقوله تعالى (لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) وقد فشا فيهم فوق ما يكتسبونه من الإثم وغضب الله تعالى داء الزهري والإفرنكي والتعقيبة وقل منهم السالم منها ، وتراهم غادين رائحين إلى أبواب الأطباء للتخلص من هذه التهلكة وهيهات هيهات فقد سبق السيف العذل.

وهناك مضار أخرى كثيرة نشأت عن فتح هذه البيوت لو بسطنا القول فيها لطال الكلام وخرجنا من موضوعنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

بيان الإنشاءات التي حصلت في مدة ولاية رائف باشا

قالت الفرات في عددها ١٥٦١ المؤرخ في ٤ محرم سنة ١٣١٨ ما ملخصه : إحصائية نظمها مجلسنا البلدي أبان فيها ما حصل في السنين الأربع الأخيرة من العمائر والإنشاءات في مواقع مختلفة من مدينة حلب :

١ ـ جادة الخندق وأولها الفرع الآخذ إلى دار الحكومة الطول ذراع ٤٤٩ عرض ١٨.

٢ ـ جادة فتحت من بستان النيال متصلة ببوابة الخل آخذة إلى محلة سليمان الحلبي طول ٦٠٠ عرض ٢٠.

٣ ـ جادة ابتداؤها من رأس فرع دار الحكومة تكملة لجادة الخندق آخذة إلى خان الدلال باشي في بانقوسا طول ٥٠٠ عرض ١٨.

٤ ـ جادة فتحت من جسر الناعورة آخذة إلى الجادة الجديدة طول ٢٥٠ عرض ٢٠.

٥ ـ جادة ثلاث جادات تلتقي مع بعضها في بستان الكلاب طول ٩٢٢ عرض ٢٠.

٦ ـ جادة محلة السفاحية وقد وسع رأسها على قدر الكفاية.

٧ ـ جادة فتحت في بستان الكلاب تبتدي من عند إدارة الديون العمومية.

وهي بقية جادة الخندق وتنتهي للجادة الآخذة إلى العزيزية طول ٣١٥ عرض ٢٠.

٣٩٣

٨ ـ ساحة خارج باب الفرج كان فيها بيت قهوة فأخذت من ذويها شراء وهدمت ووسعت بها الساحة المذكورة.

٩ ـ جسر باب النصر كان عليه ثلاث دكاكين أخذت شراء وهدمت وصححت بأرضها استقامة جادة الخندق (الجسر كان بين باب النصر وبين الطرق الثلاثة الآخذة إلى سوق النحاسين وإلى محلة جامع الزكي وإلى الجديدة)

١٠ ـ افتتاح فرع آخذ من جادة دار الحكومة إلى جامع العثمانية.

١١ ـ جادة فتحت على طول ١١٢ وعرض ١٨ لتوصل القسم الآخذ إلى باب الأحمر بجادة الخندق المارة من خان هاشم أفندي دلال باشي الكائن في بانقوسا.

١٢ ـ شراء بعض منازل أولاد إلياهو سلويرة وهدمها وأخذ أرضها لتصحيح جادة الخندق الممتدة من باب النصر إلى موقع السهروردي.

١٣ ـ جادة فتحت على طول ١٨ وعرض ١٨ ذراعا تكملة لجادة الخندق الممتدة من باب الحديد إلى باب الأحمر وبرية المسلخ.

١٤ ـ جادة على حافة النهر طولها ٢٨٠ عرضها ٢٠ قد سطحت بردم ٥٦٠٠ ذراع من التراب و ١١١٠ من الرصاص مكعبا.

١٥ ـ جادة بستان كور مصري طولها ٣٠٠ وعرضها ٢٠ وهي بقية جادة الخندق قد سطحت من تعبئة ٦٠٠٠ ذراع تراب مكعبا.

١٦ ـ جادة فتحت أولها الجسر الذي انعقد على النهر وآخرها طريق شوسة إسكندرونة طولها ٩٥٠ ذراعا وعرضها ٢٠.

١٧ ـ فسحة تجاه سبيل القهوة التي هي المنتزه العام قد سطحت جديدا طولها ١٤٥ وعرضها ٤٥ ذراعا ومجموع طمها ٣٦٢٥ ذراعا مكعبا.

١٨ ـ جسر السيد الكائن في مبدأ جادة كلّز وعينتاب وهو ممر بساتين حلب في شمالها وممر الجسور القريبة من حلب من جهتين ٩ أذرع وأصلح وطمت أقسامه التي هي في طول ٤٠٠ ذراع ، وبلغ مجموع أذرع الطم بالتكعيب ٧٢٠٠ ذراع.

١٩ ـ بقية شعبة جادة الحكومة طولها ٣٣ ذراعا وعرضها ١٨.

٢٠ ـ طريق الثكنة الهمايونية في محلة الريش طول ٨٦ عرض ٥ وبلغ إملاؤها بالتراب ١٧٢٠ ذراعا.

٣٩٤

٢١ ـ جادة فتحت من محلة العزيزية إلى جادة الخندق في بستان الكلاب طول ٤١٢ وعرضها ٢٠ وتسويتها الترابية ٧٧٧٦ ذراعا مكعبا وإملاؤها ١٩٢٨٦ ذراعا مكعبا.

٢٢ ـ ميدان المسلخ الذي هو من أعظم الأسواق التي تباع فيها أنواع المواشي ، فقد سيج من جهاته الأربع بجدران منعا لتعدي الناس عليه وعمر في وسطه حوض واسع تؤدي إليه الطرقات من كل جانب.

٢٣ ـ أرض في بستان السليمية مهدت بالتراب وبلغ مجموع إملائها ٣٦٢٢ ذراعا وفتح فيها طريق طوله ٣٤٠ ذراعا.

٢٤ ـ تمهيد بعض الجادات التي فتحت جديدا وتصليح الجادات القديمة ، فقد بلغ ما ملىء منها بالتراب منذ ابتداء سنة ١٣١٢ إلى غاية ٣١٥ (١١١٥٢٢) ذراعا مكعبا وهذا عدا المقادير التي سبق ذكرها.

٢٥ ـ طم طريق شوسة إسكندرونة الذي يبتدىء من تحجير الكيلو الأول في محلة السليمية ، فقد جرى عليه من التسوية الترابية ١٧٧٧ ذراعا مكعبا.

٢٦ ـ قسم من جادة الخندق الممتد إلى الجادة الآخذة من إدارة الديون العمومية في موقع السهروردي الآخذة إلى محلة العزيزية ، فقد بلغت التسوية الترابية ٩٢١٥ ذراعا مكعبا وبلغ تنظيمه الترابي ٢٠٨١ ذراعا مكعبا.

فرش طرق المركبات :

٢٧ ـ جادة ممتدة من جسر الناعورة إلى تحجير الكيلو الأول من محلة السليمية على طول ٥٠٥ وعرض ٦ أذرع ، وقد جعلت شوسة فبلغت ١٠١٠ أذرع.

٢٨ ـ جادة طولها ٣٨٥ آخذة من جسر الناعورة إلى باب الفرج ، والقسمة التي توجد في قربه قد جعلت شوسة وبلغ فرشها ١٤٢٨ ذراعا مكعبا.

٢٩ ـ جادة ممتدة من برج الساعة إلى إدارة الديون العمومية في موقع السهروردي طولها ٢٧٦ ذراعا قد بلغ فرشها شوسة ٦٢١ ذراعا مكعبا.

٣٠ ـ فرش شوسة طولها ٣٠٠ ذراع أولها من دار جرجي مخملجي وآخرها عند دار جرجي بليط يبلغ فرشها ٦٦٠ ذراعا.

٣١ ـ شوسة من بوابة الخل إلى بستان النيال طولها ٤٧٠ ذراعا وفرشها ٨٣٣ ذراعا مكعبا.

٣٩٥

٣٢ ـ تعمير المنتزه المعروف بالسبيل الذي كان يملأ بماء المطر ، عمر مجمع الماء وشيّد على طرفه قبلة وشمالا سياج على صفة القطع الناقص وأحكم سده وفتح تجاه هذه العمارة بستان مساحته ٢٨٣٨٥ ذراعا ، وحفر تجاه باب مجمع الماء القديم بئر ووضع عليه دولاب لاستخراج الماء أحضر من أمريكا ارتفاعه ٢٢ ذراعا وهو يدور بقوة الهواء ، ووضع هذا الدولاب على قاعدة شيّدت من حجارة النحيت ارتفاعها ٦ أذرع ، وفتح في أواسط هذا البستان حوض يبلغ دوره ٣١٠ أذرع وعمقه ذراع ونصف ، وللدولاب المذكور حاصل كبير مركوز تحت قناته يبلغ قطره نحو ٣ أذرع وارتفاعه ٤ مدّ منه قناة حديدية سحبت إلى الأمام حتى وصلت إلى طريق شوسة إسكندرونة ، وهناك تفرغ الماء بقسطل له حنفية مزدوجة يستقي منها الوارد والصادر ، وصار هذا الموضع منتزها عاما للشهباء.

٣٣ ـ مستشفى جسيم كان شرع في بنائه قبلا لأجل تداوي الغرباء والفقراء ، وهو عبارة عن ٣٢ حجرة وبيتين عظيمين وصالونين طويلين وبيت لغسل الثياب ومكان لغسل الأموات وحمامين في كل واحد منهما ٨ مغاطس وحجرتين بستار للثياب وأجزائية وحجرة لفحص المرضى وحجرتين لفحص العيون والعمليات الاعتيادية وبستانين كبيرين في طول ٨٤ وعرض ٢٠ مترا من تجاه المستشفى ومن طرفيه ، وهما مزدانان بالأعمدة اللطيفة ومسيجان بجدران مع دهليز جميل وحجرتين للبواب ، ومجموع مساحة هذا المستشفى مع مشتملاته ١٧٩١٣ ذراعا مكعبا.

٣٤ ـ سراب طوله ٥٠٠ وارتفاعه ٥٠ ر ١ ممتد من خان دلال باشي إلى باب النصر.

٣٥ ـ سراب من قسطل الحرامي والحميدية والصليبة ينتهي عند إدارة الديون العمومية.

٣٦ ـ مسجد عمر بدل مسجد قديم على الفرع الآخذ من جادة الخندق إلى دار الحكومة ، ويشتمل هذا المسجد على قبلية فسيحة ومكتب للصبيان وحجرة وصحن مفروش بالبلاط وحاصل للماء تبلغ مساحته ٥٧٢ ذراعا مكعبا.

٣٧ ـ جدران سيّجت بها مقبرة الإسلام في محلة السليمية مساحتها ١١٨٨ ذراعا.

٣٨ ـ جدار على ضفة النهر مساحته ٧٨٣ ذراعا.

٣٩ ـ مخفر تجاه منتزه السبيل على طريق مركبات إسكندرونة مساحته ٢٨٤٧ ذراعا.

٤٠ ـ برج ساعة في ساحة باب الفرج يعلو في الهواء ٣٥ ذراعا قد فتح في قاعدتها من الجهات الثلاث حياض جميلة الصنعة ، وهذا البرج يدل على تقدم صنعة البناء في حلب ، ومساحة هذا البرج ١١٥٥ ذراعا مكعبا.

٣٩٦

٤١ ـ جدار شيد على جادة ضفة النهر منعا لطغيان المياه مساحته ٣٢١ ذراعا.

٤٢ ـ تعميرات تبلغ ٣٥٠ ذراعا أقيمت بدل جانب ما هدم من تكية القرقلار.

٤٣ ـ تعميرات تبلغ ٧٠٠ ذراع أقيمت على فرع التكية المذكورة.

٤٤ ـ تعميرات غرفة مجلس إدارة الولاية التي انهدم بعضها حين افتتاح الفرع المذكور تبلغ مساحتها ١٤٠ ذراعا.

٤٥ ـ إصلاح وتجديد جسر المعزي في طريق كلّز مساحته ٣٣٩ ذراعا.

٤٦ ـ إصلاح وتجديد جسر السيد تبلغ مساحة ما جدد وأصلح ٣٦١ ذراعا.

٤٧ ـ جدران عمرت للسياج على طرفي جادة الخندق التي فتحت في بستان كورمصري مساحتها ١٥٨١ ذراعا.

٤٨ ـ حوض ماء عمر على شكل لطيف في الجادة الآخذة إلى دار الحكومة مساحته ٤٨ ذراعا.

٤٩ ـ مسجد أنشىء تعويضا على جادة الخندق الآخذة إلى باب الأحمر وبرية المسلخ وفيه مكتب للصبيان ورصيف علويّ تحته حجرتان للجامع وثلاث دكاكين فتحت في واجهة المكتب مما يلي الجادة ، وطول هذا المسجد مع مشتملاته ٣١ ذراعا وعرضه ١٦ ومساحته ٤٩٦ شطرنجيا و ٢٠٠٠ ذراع مكعب.

٥٠ ـ ثلاث دكاكين من وقف النسيمي وتكية القرقلار عمرت تعويضا على جادة الخندق الآخذة إلى دار الحكومة مساحتها ٢٨٨ ذراعا مكعبا.

٥١ ـ جدران سدود شيّدت على طرفي جادة جديدة ابتداؤها من الجسر الحجري الذي عقد على نهر قويق وانتهاؤها طريق شوسة إسكندرونة تبلغ مساحتها ١٩٠٠ ذراع.

٥٢ ـ دولاب ماء أنشىء تعويضا على جادة الخندق بين البساتين وهو مركب من ١٠٠ ذراع.

٥٣ ـ جدران سد على طرف طريق الثكنة في حارة الريش مساحتها ٥٥٦ ذراعا.

٥٤ ـ حوض جسيم أنشىء في فسحة برية المسلخ طوله ٥٣ وعرضه ٢٧ ومساحته ١٤٣١ ذراعا مستطيل القطع له أربع زوايا يبلغ تكعيبه ٢٠٧٠ ذراعا.

ثم ذكرت من ٥٥ إلى ٨٥ الجادات التي بلطت داخل الشهباء مما لم نجد في ذكره كبير فائدة.

٣٩٧

٨٦ ـ حوض يشاد جديدا في حجم ٢١٢٧ ذراعا لأجل رش الطرقات على الطرز الحديث يؤخذ منه الماء بواسطة أقنية حديدية وأدوات معلومة اه.

أقول : هذا الحوض في ذيل تربة الجبيلة وقد تعطل ولم يأت بالفائدة التي بني لأجلها.

إنشاء الخط الحديدي من الشام إلى المدينة المنورة

قبل أشهر بوشر بإنشاء السكة الحديدية الحجازية من الشام إلى المدينة المنورة وصارت تجمع لها الإعانات من الأقطار الإسلامية. وفي ربيع الثاني من هذه السنة صار تجمع الإعانات من وجهاء الشهباء وتجارها ، وقد نشرت جريدة الفرات ما دفعه أهالي الشهباء في هذا السبيل فبلغ ألفي ليرة عثمانية.

الاحتفال بافتتاح مخفر في محلة العزيزية :

من جملة آثار رائف باشا إنشاء مخفر في محلة العزيزية واسع جدا ، وقد احتفل بافتتاحه في جمادي الأولى من هذه السنة.

سنة ١٣١٩ افتتاح مكتب للصنايع

في ربيع الأول من هذه السنة استأجرت المعارف دار الصابوني المشهورة في محلة باب قنسرين أمام جامع الرومي واتخذتها مكتبا للصنايع ودخل إليه نيف ومائة طالب وصارت تصنع فيه الأحذية وتعلم فيه النجارة والحياكة ، وفي ربيع الثاني منها عين مديرا له الشيخ كامل أفندي الغزي.

سنة ١٣٢٠

في أواخر جمادى الثانية منها عزل أنيس باشا وعيّن بدله مجيد بك ، وقد وصل إلى هنا في ٥ رجب ، وفي أيام أنيس باشا أصلح إيوان المدرسة الحلوية ونقش اسمه عليه.

سنة ١٣٢١ إقامة معرض لصنائع حلب في المكتب السلطاني

في جمادى الثانية من هذه السنة أقيم في المكتب السلطاني الكائن في محلة السليمية معرض عرضت فيه أنواع الصنائع الحلبية من أقمشة وخزف وزجاج وخصصت كل غرفة

٣٩٨

لصنعة من الصناعات ، ودام ذلك نحو شهر ، وزيّن المكتب من بابه إلى مدخل البنايات وصار الناس يفدون للفرجة عليه من حلب وخارجها. وقد دل هذا المعرض على تقدم صنعة الأقمشة الحريرية والقطنية وصنعة السجاد المصنوع من الحرير والصوف.

سنة ١٣٢٢

في أواخر جمادى الثانية من هذه السنة عزل مجيد بك وتوجه في السادس والعشرين منه من حلب. وفي يوم الثلاثين منه وصل إلى حلب كاظم بك معينا واليا عليها.

انظر لتقلبات الدهر :

كان للوالي مجيد بك ولد شاب اسمه نجيب بك كان هنا مع أبيه أثناء ولايته وصار له من النفوذ ما لا يوصف ، وكان من الزهو والخيلاء على جانب عظيم. حدثني أحد وجهاء الشهباء قال : سافرت إلى الآستانة لبعض شؤوني وذلك أثناء الحرب العامة فدعاني صديق لي لتناول الغذاء في بعض فنادق الآستانة ، فلما دخلنا إليه استقبلنا خدمته على حسب العادة ، فرأيت بين هؤلاء رجلا كنت رأيته ولكني نسيت من هو يحدق النظر إلي ، وفي آخر الأمر عرفته حق المعرفة فإذا هو نجيب بك ابن والي حلب مجيد بك وقد تقلبت به الأحوال بعد سفره مع أبيه من حلب حتى صار خادما في إحدى فنادق الآستانة فسبحان المعز المذل.

سنة ١٣٢٣

توقيع المقاولة على إيصال الخط الحديدي من حماة إلى حلب

كان الخط الحديدي قد مدّ من قبل سنوات من محطة رياق (بلدة صغيرة بين بيروت والشام) إلى حماة.

قالت الفرات في عدد ١٨١٨ المؤرخ في ٣ ربيع الثاني من هذه السنة ناقلة عن صحف دار السعادة : إن مقاولة إيصال الخط من حماة إلى حلب قد وقع عليها في اليوم الثامن عشر من مايس وإن المهندسين المعهود إليهم بمناظرة الأعمال الأولية من هذا الخط قد توجهوا في هذه الأيام إلى حماة.

٣٩٩

وقالت في عدد ١٨٢٢ تاريخ ٢١ تموز سنة ١٣٢١ رومية و ٢ جمادى الأولى : جاء في جرائد بيروت أن المهندسين الذين انتخبتهم إدارة السكة الحديدية لهندسة المواضع من الخط الحديدي بين حماة وحلب يصلون إلى بيروت في أول تموز ، وفي العاشر منه يصل الموسيوفون كاب مدير قسم الأشغال فيوزع الأشغال في خمسة أو ستة أماكن بوقت واحد لكي ينهوها في مدة عشرة أشهر ، والمسافة بين حماة وحلب ١٤٣ كيلومترا.

تحرير نفوس حلب

في جمادى الأولى من هذه السنة انتهى تحرير نفوس حلب فزادت عن قبل ١٤٥٣٥ نسمة. وإذا جمع إلى عددهم سنة ١٣٠١ فيكون المجموع ١١٣٧٢٤.

وفي شهر رجب عزل كاظم بك وولي ناظم باشا وكان وصوله إلى حلب يوم الإثنين في ١٢ رجب الموافق ١١ أيلول سنة ١٩٠٥.

وفي يوم السبت الموافق سابع عشر رجب شنقت امرأة على الربوة التي هي أمام القلعة وهي من أهالي أنطاكية اسمها كاملة بنت كورمش كانت قتلت زوجها عمدا بالسم وقتلت بنتا لها منه عمرها ٣ سنوات اسمها رقّوش عن غير قصد وذلك منذ ثلاث سنوات ، وحكمت عليها محكمة استئناف الجزاء بالقتل قصاصا ، واقترن الحكم بالإرادة السلطانية فنفذ الحكم في هذا اليوم. وتوجه ذلك اليوم ألوف من الناس رجالا ونساء لمشاهدة ذلك المنظر الرهيب الذي لم يروا مثله قبل ذلك بسنين.

سنة ١٣٢٤

ذكر وصول الخط الحديدي من حماة إلى حلب

في الثامن عشر من جمادى الثانية من هذه السنة الموافق لسادس آب سنة ١٩٠٦ و ٢٤ تموز سنة ١٣٢٢ تم مد الخط الحديدي من حماة إلى حلب الذي بوشر به في العام الماضي كما أشرنا إليه ، وخرج يوم وصوله ألوف من الناس لمشاهدة ذلك ، وكان الناس يائسين من وصول الخط إلى هذه البلاد.

الاحتفال العظيم بوصول الخط إلى حلب :

في يوم الخميس الموافق للسابع عشر من شعبان احتفل بوصول الخط الحديدي إلى حلب ، وأقيم ذلك الاحتفال في المكان الذي اتخذ محطة له في غربي حلب حضره والي الولاية

٤٠٠