إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٧

إلى وكيل إبراهيم باشا ، فحين اطلاع هذا عليها أخذها وسلمها إلى إبراهيم باشا فأمر إبراهيم باشا بالتحقيق عن هذه المسألة ، ولما سئلوا أنكروا إلا أحمد آغا هاشم فإنه لم ينكر وقال : إني دعوت هؤلاء إلى منزلي وقرأت عليهم هذه الورقة وأجبرتهم على ختمها وليس لأحد منهم تصنع ، فأخبر إبراهيم باشا بذلك فأمر بقتله ، فأخذ وقتل أمام قهوة الآغا ، وبعد قتله بنصف ساعة أرسل إبراهيم باشا أمرا بالإبقاء عليه وكان القضاء قد نفذ.

وبعد مدة دعا إبراهيم باشا الآغوات إلى الشيخ أبي بكر (المكان المعروف) فقعدوا جميعا أمام الحوض الذي هناك فضرب عليهم زنجيرا وألقى القبض على جميعهم ثم قتلهم جميعا وفيهم ابن حطب الذي أفشى أمرهم.

وكان لقتل هؤلاء الآغوات عند الأهالي رنة سرور واستحسان نظرا لتطاير شررهم وعظم ضررهم وكثرة تعدياتهم. ونظم الشيخ عبد الرحمن الموقت أحد علماء ذلك العصر وأدبائه قصيدة يذم فيها الأنكشارية ويصف أفعالهم وأحوالهم ويذكر في البيت الأخير منها تاريخ قطع رأس أحمدآغا بن هاشم وهي :

أهل الفساد شرهم

في حلب الشهباء دائم

طائفة خبيثة

فلا يرى منهم مسالم

ويبغضون زمرة الأ

شراف من كل العوالم

كم قتلوا كم سفكوا

كم هتكوا ستر المحارم

كم بضعوا لآل بي

ت المصطفى بكل صارم

فأبادهم رب العلا

وسطا عليهم كل حازم

ولهم بقايا سفل

ورثوا العداوة والمآثم

أخذوا وبيلا مثل أخ

ذ بواشق عند الحمائم

كم مرة قصدوا لإي

قاع الفساد مع الملاحم

فلم يقدر ذاك رب

العرش منّاح المكارم

فأتت عليهم دولة ال

مصري أرباب العزائم

فاستظهروا لفسادهم

ولما تناجوا من جرائم

فنفوا لبعض منهم

لعكة من غير خادم

فقلت في التاريخ جا

وقطعت رأس ابن هاشم

٣٤١

وذكر الشيخ بكري الكاتب في مجموعته من هؤلاء الآغوات عيسى آغا وبكور آغا كعدان وذكر اسم وكيل إبراهيم باشا وقتئذ وهو حمزة بك. ولكنه قال : إن قتل أحمد آغا هاشم كان عند خان الصابون والله أعلم.

قال الكاتب في مجموعته : وفي هذه السنة طلب إبراهيم باشا أسلحة الأهالي وفرض على كل إنسان بارودة وإن لم يكن عنده حتى وصلت الواحدة إلى ٣٠٠ ثلاثمائة قرش ، ونفى إبراهيم باشا بقية الآغوات إلى طرابلس ، وأخذ أولاد الأعيان وألبسهم في الجندية وعمل عسكرا من الأولاد الصغار من اثني عشر إلى خمسة عشر سماهم الأفندية ، وجعل على أهل المحلات فريضة توزع حسب الحال ، وبنى قشلة في أطراف الكلّاسة وصار يأخذ أعمدة الجوامع والأحجار الجسيمة ولكن لم يتمها ، وبنى قشلة في الشيخ يبرق اه.

أقول : وهي ثكنة عظيمة وواسعة جدا ابتدىء في عمارتها من ذلك الحين ولم تتم إلا من سنين قلائل نظرا لعظمها وسعة حجمها ، ولما كان جميل باشا واليا على حلب اقتلع كثيرا من الأحجار المبلط بها جبل القلعة ونقلها إلى بناء القشلة المذكورة ، ومكان تلك الأحجار لم يزل باديا وهو عن يمين باب القلعة.

قال جرجي زيدان في ترجمة الأمير بشير الشهابي (حاكم لبنان) : ثم رأى إبراهيم باشا أن الأمر لا يستتب له إلا إذا جرد البنانيين والنابلسيين وغيرهم من السلاح ، فعهد بذلك إلى الأمير فجمع السلاح ولم يكن جمعه كافيا لاستتباب الراحة لأن البلاد لم تخضع لحكومته خضوعا تاما والدولة لم تفتأ عن محاربته تارة بعد أخرى ، فقضى إبراهيم باشا في سوريا نحوا من تسع سنوات لم يهدأ له فيها بال.

سنة ١٢٥٥

حرب نزّب

قال في المناقب الإبراهيمية ما خلاصته : وفي سنة ١٢٥٥ هجرية الموافقة لسنة ١٨٣٩ مسيحية صدرت الأوامر السلطانية إلى حافظ باشا أن يسير لاستخلاص بلاد سورية ، فسار في سبعين ألف مقاتل بين فارس وراجل ، ولما بلغ إبراهيم باشا ذلك استعد لحربه وزحف بأربعين ألفا وما زال سائرا حتى انتهى إلى نزّب وهو سهل فسيح الرحاب بين (بيره جك) و (عينتاب) وكان وصوله إلى ذلك المكان يوم الخميس الواقع في الرابع

٣٤٢

والعشرين من حزيران ، فنزل على شاطىء نهر بقرب معسكر الأتراك ، ولما استقر به المكان أصدر أوامره إلى قواد العساكر أن يكونوا عند الصباح مستعدين للحرب ، ثم استدعى رجلا يعتمد عليه يقال له سليمان فأمره أن يسير إلى جيش الأتراك ويتجسس أحوالهم وينظر بعين فراسته أمورهم وأوامرهم ، فسار هذا حتى وصل إلى مضاربهم ثم قصد الصيوان الكبير الذي برسم الوزير ، وبعد أن اختبر الأحوال رجع وأخبره بما شاهد ، ومما قاله له : إني رأيت حافظ باشا في الصيوان وهو جالس على الديوان كانه ملك أو سلطان ومن حوله القواد والأعيان وفي يده ماسورة من الياسمين عليها طقم من الكهرباء الفاخر مرصع بنفيس الجواهر ، وبينما أنا أراقب أحوالهم إذ أحضرت الخدام مائدة الطعام فكانت عدة أنواع فاخرة أكثرها من لحوم الدجاج والضان والحلويات المختلفة الألوان ، ثم قال له : يا سليمان أما وجدت بينهم وزيرا أو قائدا كبيرا يفترش الأرض سريرا وينام تحت ظل الشمس والقمر ويسند رأسه إلى حجر ولا يبالي بالمشقة والخطر ولا بأنواع الطعام المفتخر؟ فقال له : وحق الواحد الأحد إني ما وجدت أحدا على هذه الصفة وما هم إلا كالعرائس يتقلبون في صدور المجالس في أفخر الحلل والملابس ، على صدورهم النياشين المرصعة وبين أيديهم الأطعمة المتنوعة ، فلما زاد كلامه زاد ضحكه وابتسامه وقال له : إذا كانوا على ما تقول فسوف نبلغ منهم المأمول (إلى أن قال) :

وفي اليوم الثاني اشتعلت نيران الحرب ودام القتال نحو ثماني ساعات ونصف كانت عساكر الأتراك قد كلت فتأخرت إلى الوراء طالبة مرعش بعد أن قتل منها نحو ستة آلاف ، وأسر حافظ باشا قائد تلك الحملة واستحوذ المصريون على أثقالها وذخائرها ، ورجع إبراهيم باشا ظافرا منصورا ، وانتهى إلى الآستانة خبر هذا الانكسار بعد ثمانية أيام من وفاة السلطان محمود وجلوس ولده السلطان عبد المجيد.

سنة ١٢٥٦

خروج إبراهيم باشا من البلاد السورية

قال في المناقب : بعد أن انتصر إبراهيم باشا في حرب نزّب حذرت الدول الإفرنجية أن يفتتح القسطنطينية ويجلس على تخت السلطنة العثمانية ، فاتحدت الدولة الإنكليزية مع الدولة الروسية والنمساوية والبروسيانية على إخراجه من هذه الديار وعقدوا اجتماعا في لندن

٣٤٣

قرروا فيه أن تبقى الأقطار المصرية مع قسم صغير من الديار الشامية ويكون ذلك من بعده لذريته ، وكلفوا محمد علي باشا بالانسحاب في مدة عشرة أيام ، فعظم ذلك لديه ولم يصادق عليه ، فاتفقت هذه الدول مع الدولة العلية على إشهار الحرب على الحكومة المصرية ، وأرسلت الدولة الإنكليزية سنة ١٨٤٠ م عمارة بحرية تحت قيادة الورد دوبرت ستابفورد فضرب بيروت فسلمت في الحادي عشر من شهر أيلول واضطرت بقية السواحل إلى التسليم ، ولما رأى محمد علي باشا أنه أصبح في مركز حرج ولا يمكنه مقاومة الدول الأورباوية جنح للسلم وسحب عساكره من البلاد السورية بعد حروب عديدة ووقائع هائلة اه.

وقال جرجي زيدان في كتابه مشاهير الشرق في ترجمة الأمير بشير الشهابي :

رأت الدول أن إبراهيم باشا لا بد من إخراجه من سورية بالقوة فجاء (ريشاردوود) الإنكليزي بمأمورية سرية وكان يعرف العربية فأغرى السوريين على كتابة عرض يطلبون فيه من الدولة العلية وسفراء دول إنكلترا وفرنسا والنمسا أن يخرجوا الجنود المصريين من بينهم ، فكتبوا وأرسلت الكتابة إلى الآستانة فجاء الأميرال نابيه في عمارة إنكليزية إلى مينا بيروت ، وبعث يتهدد متسلميها ويبشر اللبنانيين والسوريين بقدوم عمارات أخرى لإنقاذ سورية من الدولة المصرية ، ثم جاءت العمارة العثمانية وفيها بوارج إفرنجية وأطلقت المدافع على بيروت فتحققت الجنود المصرية أن الانسحاب أولى بهم بعد أن دافعوا دفاع الأبطال وصبروا صبر الرجال اه.

خروج إبراهيم باشا من حلب

قال الشيخ أبو الوفا الرفاعي في مجموعته ومن خطه نقلت : من الحوادث في شهر رمضان سنة ١٢٥٦ قدوم الحاج يوسف بك شريف زاده إلى حلب بشرذمة قليلة من العسكر المجمعين من الأطراف ، وابتهج الناس لقدومه لأنه الحكمدار من طرف السلطنة السنية. وكان ذلك بعد ذهاب إبراهيم باشا المصري وجنده الذين تجمعوا وتنصلوا من داخل حلب إلى الشيخ يبرق وباتوا ليلة واحدة ، ثم في اليوم الثاني توجهوا نحو قبلة بعد أن ألقى الله تعالى الرعب في قلوبهم بأجمعهم ومعهم الأطواب والدواب ، وكانوا قبل ذلك أرسلوا حريمهم وأثقالهم بعد أن باعوا من أمتعتهم ما يثقلهم بأبخس الأثمان ، وبعد رحيلهم من الشيخ يبرق دخل الناس فصاروا يقلعون البلور والحديد والرفوف التي أبقوها اه.

٣٤٤

تتمة لهذه الفصول أو عودا على بدء

قال الشيخ صالح ابن الشيخ أحمد المرتيني الإدلبي الأصل أحد أفاضل الشهباء في رسالة له ألفها في المحرم من سنة ألف ومائتين وسبعة وخمسين أعني بعد خروج إبراهيم باشا من هذه البلاد بقليل ، وهي لطيفة الإنشاء مسجعة على طريقة المتقدمين ، ويظهر أنه صاغ عقودها في إدلب قبل أن يتوطن حلب ، وقد ذكر فيها وقائع إبراهيم باشا المصري من حين خروجه على الدولة العثمانية واستيلائه على سورية وقونية إلى حين مغادرته لها وعودته إلى البلاد المصرية ، ويظهر مما سطره أنه لم يكن ممتنا من الحركة التي قام بها إبراهيم باشا ووالده محمد علي باشا وعدهما من الطغاة البغاة ورشقهما بألسنة حداد وعبارة غاية في المرارة ، وقد رأيت أن ألتقط منها نبذا أتمم فيها هذا الفصل وأ أيّد بها ما تقدم ذكره لما فيها من زيادة الفوائد ، خصوصا والمؤلف من أهل ذلك العصر ، فهو إذا لم يكن ممن شاهد تلك الوقائع بعينه فقد سمعها حين وقوعها ممن شاهدها ورآها ، قال في حق محمد علي باشا :

وفي سنة خمس أو ست وعشرين بعد المائتين وألف أحدث في جميع ممالكه الحادثة الشنيعة والبدعة السيئة الفظيعة أعني بها البدعة المسماة بالنظام ، فألبس المسلمين الثياب الضيقة ذات الأزرار ونسخ العمامة والثياب التي تزين لابسها الوقار ، فصار المسلم أشبه شيء بالإفرنجي من أهل الحرب بعد أخذه من بيته موثوقا مساقا بالشتم والضرب. إلى أن قال :

ثم لا زالت هذه أفعالهم في الأقطار ، وفي كل شهرين أو ثلاثة يقبضون على الشبان من تلك الأمصار ، حتى صارت خالية من الكهول والشبان والرجال إلا شيخا زمنا أو أعمى أو عطيل الحواس والأوصال ، فعمت الفاحشة هناك في النساء والأبكار وأنكحت الحرة نفسها على ملء بطنها خوفا من العار ، وصار الغني في تلك الأطراف من يملك قوت يومه وليلته وثوبا يستر به ما بين سرته وركبته.

(ثم قال بعد أن ذكر خروج إبراهيم باشا على الدولة العثمانية ومجيئه سنة ١٢٤٨ إلى عكا وحصاره ثم فتحه لها واستيلائه على دمشق الشام) : ثم عزم أن يتوجه بجيشه العرمرم لتحصيل مدينة حلب ، فحينئذ شاعت في جميع الأقطار أخباره وانتشرت في الخافقين أحواله وآثاره ، فتوجهت لملاقاته عساكر مولانا السلطان وسر عسكرهم إنج بيرقدار أول وزير من وزراء الدولة قد خان ، فتقابل العسكران خارج حمص عند البحيرة فثبت لقتاله نحو الألفين والباقون أخذتهم الحيرة ، مع أن العساكر السلطانية كانت إذ ذاك من الألوف

٣٤٥

نحو السبعين وعسكر إبراهيم دون العشرين ألفا بيقين ، فأول من خان وباشر بالفرار سر العسكر إنج بيرقدار وفي معيته جماعة من الوزراء وبعض رؤوس هذه الأطراف من الوجوه والأمراء ، فولوا على أدبارهم هاربين تاركين ما وراءهم من العساكر والذخائر وللنجاة طالبين إلى أن دخلوا بلدتنا المسماة بإدلب الصغرى فصادفوا بها حلول ركاب سردار المملكة الآتي لمعاونة وزير عكا المتقدم ذكرا ، فحين شاهد منهم السردار الفرار وسوء المنقلب احتوشته مخاوف الدهر فانحاز بهم وبما معه من الأجناد إلى مدينة حلب.

وقد كانت وجهته الدولة العلية بالذخائر والأجناد إلى مساعدة وزير عكا في رد أولي البغي والإلحاد ، فلم يزل ممتطيا مطية التواني والكسل حتى نزل بعكا وغيرها من البلاد ما نزل ، فأقام والوزراء بحلب أياما قلائل يلتمس من أهلها مدافعة شر إبراهيم الهائل ، فلم يجبه أحد لمراده واختلفت كلمة أنصاره وأجناده ، فبينما هو في لجج الأفكار غارق وإذا بخبر توجه إبراهيم نحوه طارق ، فبادر ومن معه الرحيل والهرب وإبراهيم في إثرهم يطلبهم أشد الطلب ، إلى أن وصلوا إلى قرب بيلان تصدوا لمحاربته ساعة من الزمان ، فغلبهم بسحره القاطع وخداع حربه الشائع ، فانقلبوا ناكصين على الأعقاب وحاز على ما بقي معهم من الذخائر والأطواب.

(ثم قال بعد أن ذكر توجه إبراهيم باشا إلى قونية واستيلائه عليها وأسره للصدر حسبما قدمنا) : ومنها (أي من أفعاله) أنه عندما حصل له في البلاد الأمن والتمكين شرع في تعداد أفراد المسلمين ، إلا الصبيان والنساء وبعضا من مشاهير العلماء ورتب على كل واحد الجزية في كل عام وسماها إعانة الجيش على الحرب والاصطدام ، فكانت تؤخذ من الذمي باللين والرفق والصبر ومن الشريف بالشتم والضرب والقهر ، ويعطى المسلم بعد دفعها قطعة قرطاس كي لا يكون بينها وبين الجزية أدنى التباس ، فمن كان ذا مال أداها من ماله الذي ملكه ومن كان فقيرا تكلف الاستعطاء لينجو من العذاب والهلكة ، فتؤخذ من الفقير في كل سنة من القروش خمسين ومن الغني ذي الثروة خمسا من المئين. (ومنها) ما رتبه على أنواع الحبوب وسماه بالشون وعلى جميع الأشجار من كرم وتين ورمان وزيتون. (ثم قال) : ومنها هدمه لكثير من المساجد والمدارس وإتلاف ما فيها من الزخارف والنفائس وأخذ أحجارها لأن يبني بها قشلا وإصطبلات للدواب حتى صارت رحباتها مواضع المزابل والأقذار وروث الكلاب ، وقد اتخذ كثيرا من المساجد العامرة مرابط لخيول عساكره ومخازن لآلات حربه وذخائره. (ثم قال) :

٣٤٦

ولنرجع إلى تتمة ما أحدثوه في بلادنا واقترفوه من تعطل أحوالنا وأسر أولادنا ، فنقلوا أنه لما صفت لهم الأيام بادروا لأخذ الأسلحة من المسلمين على الإطلاق وقطع المرور في الطرق والأسفار إلا بأوراق ، فصار لا يخرج الرجل من بلده إلا بورقة يأخذها من الديوان وكفيل من أهله يتعهد بعوده إلى الأوطان ، والناس لا يدرون ما قصدهم بذلك ولا يشعرون بما وراء هذا القانون من المهالك ، إلى أن دخلت سنة إحدى وخمسين وثلاث وخمسين وأربع وخمسين بعد المائتين وألف من هجرة سيد المرسلين وقع القبض على أولاد المسلمين في سائر القرى والأمصار مع الترخيص للعساكر بالهجوم على أعراض المسلمين ثلاث ساعات من نهار ، وذلك لأجل نظامهم الذي أسكنهم دار البوار ونادى عليهم بلسان الحال يا أهل البغي الدمار الدمار. (إلى أن قال) :

ثم لا زال ظلمهم في الأقطار ذائع حتى تلاشت الأمصار وخربت أغلب القرى وما بقي منها فللعدم مسارع ، والأكثر من الناس قد هجر الأوطان والعيال وتفرقوا في سائر جهات الأرض وشعف الجبال ، وانقطعت آمالهم إلا من ذي العزة والجلال. (ثم ذكر) مجيء حافظ باشا ومعه من العساكر مائة ألف أو يزيدون ومحاربته لإبراهيم باشا في نزّب وانكساره ووقوعه في قبضة إبراهيم باشا وذلك سنة ١٢٥٥ ووفاة السلطان محمود في هذا الأثناء وجلوس السلطان عبد المجيد على كرسي السلطنة العثمانية وتشييده المراكب الحربية إلى أن وقفت قبالة مدينة بيروت وعكا ورمتها بالمدافع دكا دكا وسلمتا وبادرت الجيوش المصرية للهرب ، وانحاز إبراهيم باشا بمن بقي معه نحو الشام وأرسل في طلب ماله من العساكر والأجناد المقيمة في البغاظات [الثغور] والقشل والبلاد وأمرهم بإتلاف ما يتركونه من الذخائر والسلاح ، وقتل كل من كان عاجزا عن السير معهم كي لا يعود لوطنه ويرتاح ، ولم ينته رمضان سنة ١٢٥٦ ست وخمسين ومائتين وألف إلا وقد خلت منهم الديار ورجع كل أسير إلى وطنه وقرّت العين بالعين ، ثم لم تبرح هذه الفئة الباغية تجول في ميدان الجزع والحيرة مع قطع المدد ونقص العدد وضنك العيش وقلة الذخيرة وهم محصورون في مدينة دمشق الشام من غير محاصر لهم سوى سيف القدرة والانتقام إلى مستهل شهر ذي القعدة بادروا بالرحيل نحو الإسكندرية ، وحينئذ زينت الأمصار فرحا بخذلانهم وانعكاسهم وقامت مواسم التهاني والأفراح وبسطت أكف الدعاء لحضرة أمير المؤمنين بالألسن الفصاح.

ثم ختم المؤلف رسالته بقصيدة امتدح بها السلطان عبد المجيد ليست من غرضنا. وقد أفادتنا هذه الرسالة ما كانت عليه الحال في البلاد السورية أثناء احتلال الجيوش المصرية

٣٤٧

لها في هذه السنوات التسع. ويظهر أن إبراهيم باشا لم يتمكن من القيام بشيء من الإصلاحات النافعة والمشاريع العمرانية في هذه البلاد لانشغاله بالحروب تثبيتا لقدمه فيها وأملا بالاستيلاء عليها استيلاء نهائيا. والذي أراه أن إبراهيم باشا لم يصب في سياسته بتوجيه آماله إلى افتتاح البلاد التركية وطموح نظره إلى الاستيلاء على القسطنطينية مقر السلطنة العثمانية مع علمه بصعوبة هذا المرتقى ، لأن الأمة التركية تتفانى دون حصول ذلك والدول الغربية لا تسكت عنه ، وكان الأولى بإبراهيم باشا أن يوجه وقتئذ نظره إلى افتتاح بلاد العراق وبافتتاحها يكون قد ضم إليه البلاد الحجازية والأقطار اليمانية ، ويكون قد صار في قبضته وتحت حوزته جميع جزيرة العرب فيتأسس لديه دولة عربية متنائية الأطراف قوية الشكيمة عظيمة السلطان وحسبه ذلك ، ويكون حينئذ للأمة الإسلامية دولتان عظيمتان في الشرق تقفان سدا منيعا أمام مطامع الدول الغربية فيه ، ولو حصل ذلك لما حصل ما كان من الحوادث في الشرق من أول هذا القرن إلى يومنا هذا ، ولكن إرادة الله لم تشأ ذلك وقضاؤه كان بخلاف ذلك.

تتمة أخرى لهذه الفصول وذكر تولية إبراهيم باشا لإسماعيل بك :

لما استولى إبراهيم باشا المصري على حلب جعل الحاكم فيها من قبله إسماعيل بك كما قدمنا وكانوا يسمونه بالحكمدار ، وكان هذا يتلقى الأوامر من إبراهيم باشا ويبلغها الأهلين ، واتخذ له مجلسا مؤلفا من بعض الأهلين برئاسة هذا الحاكم فكانت العرائض ترفع إلى هذا المجلس ويقرر عليها ، وقد استفدنا ذلك من دفتر من مقررات هذا المجلس عند الوجيه أسعد أفندي العينتابي أوله في شوال من سنة ١٢٥٣ وآخره في ذي القعدة من سنة ١٢٥٤ ، ويستفاد منه أن الإعانات من زيت وغيره كانت تطرح على أهالي القرى المساكين وأن لوازم الجيش كانت تؤخذ بنصف ثمنها إلى ثلثي ثمنها وأنه قد طرح على الأهالي إعانات وزعت بمعرفة مشايخ الحارات ، فكان هؤلاء يقبضونها ولا يعطون وصلا إلى الدافع ، ونشأ عن ذلك تلاعب مشايخ الحارات فيما يقبضونه حتى أدى الحال إلى رفع الشكايات إلى إبراهيم باشا ولزوم تأسيس مجلس يؤلف من عشرة أشخاص في كل محلة ليناظر قبض هذه الإعانة ويرتفع الاغتلاس. واستفيد من بعض المقررات أن اللاذقية وقتئذ كانت مرتبطة بحلب ، وأن العملة النحاسية كانت تضرب في قلعتها واتخذ ذلك من بعض المدافع القديمة التي كانت بالقلعة ومن النحاس القديم ، واستفيد منه أن مقدار ما طبخ من الصابون في حلب وإدلب سنة ١٢٥٣ كان أربعة وسبعين طبخة ونصف طبخة.

٣٤٨

مقدار الصابون الذي يطبخ الآن في حلب

عدد المصابن الموجودة الآن في حلب عشرة ، وفي بعض الدور بعض قدور صغيرة تبلغ قدرا كبيرا أي تعادل مصبنة ، فالمجموع إحدى عشرة مصبنة ، وقبل الحرب العامة التي حصلت سنة ١٣٣٣ كان عدد الطبخات من الصابون يتراوح بين ٤٠٠ إلى ٤٥٠ طبخة ، والطبخة وزنها ثلاثة آلاف وسبعمائة أمة والأمة ٤٠٠ درهم ، وبعد الحرب العامة أي منذ ست سنوات إلى الآن تنازل ذلك إلى ٢٥٠ طبخة ، وأسباب ذلك انفصال الأناضول عن حلب ووضع رسم الكمرك على البضائع التي ترسل من حلب إلى بلاد الأناضول ، وصار يؤخذ على طبخة الصابون ٧٥ ليرة عثمانية ذهبا فصار لذلك يطبخ الصابون في كلّز ونزّب وعينتاب ، وتراجعت هذه الصنعة هنا إلى الوراء بعد أن كانت رائجة رواجا عظيما ولها أهمية كبرى.

بناء مدرسة الإسماعيلية

هذه المدرسة بالقرب من دار الحكومة بينهما خطوات قلائل بناها إسماعيل بك المذكور وكتاب وقفها محرر في ربيع الأول سنة ١٢٥٥ ووقف عليها خمسين كتابا منها نسخة من شرح العيني على البخاري في ٦ مجلدات والمواهب اللدنية للقسطلاني في مجلد والسيرة الحلبية في مجلدين والمفاتيح الدرية للشراباتي الحلبي. وقد تمزق شمل هذه الكتب ولم يبق منها إلا القليل نقل في السنة الماضية إلى المدرسة الخسروية. ووقف عليها بستان القبار شمالي حلب وطاحونا هناك وبساتين في خانطومان على ضفة النهر هناك وعدة أراض هناك وطاحونا في قرية الشيخ أحمد وتسعة دكاكين ودارا في حلب ، وهي الآن تحت يد دائرة الأوقاف وطلبتها ومدرسوها يأخذون رواتبهم منها. وقد نظم السيد يحيى الكيالي مدير الأوقاف دروسها وجعلها مرتبطة بالمدرسة الخسروية وذلك حين افتتاح هذه المدرسة سنة ١٣٤٠ كما قدمنا.

تولية حلب لأسعد مخلص باشا

بعد أن غادر إبراهيم باشا المصري الديار السورية تولى حلب في هذه السنة أسعد مخلص باشا كما في السالنامة.

٣٤٩

قال في قاموس الأعلام : هو آياشلي الأصل ووالده كان مفتيا بها حاز رتبة الوزارة سنة ١٢٣٠ وعين واليا على أدرنة ، وفي سنة ١٢٤٥ صار واليا على أرضروم ثم صار واليا في سيواس ثم في صيدا ثم في حلب ، وفي النهاية صار واليا في كردستان ، وتوفي وهو وال عليها سنة ١٢٦٧. وهو عالم فاضل شاعر ماهر في إدارة أمور الدولة بلا مدافع ، وهو والد سعد الله باشا سفير الدولة العثمانية في ويانة اه.

سنة ١٢٥٨

في هذه السنة كان الوالي فيها وجيهي باشا كما في السالنامة.

قال الشيخ بكري الكاتب في مجموعته : في هذه السنة أتت الأرناؤوط إلى حلب بعد إبراهيم باشا من أشقودرة ومن نواحي الصرب والهرسك وهم نحو ثلاثة آلاف فأقاموا مدة يأكلون فيها الكلاب والجراذين من المراحيض ويشوونها بالأفران قهرا ، ومن تطرف من أهالي البلد سواء كان صغيرا أو كبيرا نساء وأولادا أو رجالا فإنهم يفعلون به حتى ضجرت منهم أهالي البلد فقاموا عليهم وحصروهم في خان البيرقدار في سوق الصغير فأمرت الدولة بإخراجهم من حلب في هذا التاريخ.

سنة ١٢٦١ : كان الوالي فيها عثمان باشا كما في السالنامة.

سنة ١٢٦٣ : كان الوالي فيها مصطفى مظهر باشا ووقع فيها هواء أصفر.

سنة ١٢٦٤ : كان الوالي فيها الحاج كامل باشا كما في السالنامة.

سنة ١٢٦٥ : كان الوالي فيها ظريف مصطفى باشا كما في السالنامة.

ابتداء تحرير النفوس في حلب

قال الشيخ عبد القادر المشاطي في مجموعته : في هذه السنة حضر نامق باشا السر عسكر إلى حلب ونزل في قناق بهاء الدين أفندي القدسي ورتب مجلسا لأجل تحرير نفوس حلب مؤلفا من محمد أسعد أفندي الجابري والحاج أشريف بك وتقي الدين أفندي المدرس مفتي حلب وعارف بيك وغيرهم من أعيان حلب في التكية المنصورية في محلة

٣٥٠

الفرافرة ، وبعد سنة صار ناظر النفوس عمر أفندي باقي زاده ابن عبد الله أفندي قاضي العسكر الحلبي اه. ولم يذكر كم بلغت نفوس حلب في ذلك الحين.

سنة ١٢٦٧

ذكر الفتنة المعروفة بقومة البلد وأسبابها

كانت هذه الفتنة يوم الأربعاء حادي عشر ذي الحجة من هذه السنة ، وسببها على ما تلقيناه من عدة أشخاص ممن نثق بهم أن إبراهيم باشا المصري كان طلب من عبد الله بك البابنسي (١) فرسا كان يعرفها وقد كان عبد الله بك أهداها ليوسف بيك أشريف. فعندئذ أرى عبد الله بيك الكتاب ليوسف بك وعرض عليه أن ينتخب بدلها فرسين أو ثلاثة مما عنده فامتنع فعظم الأمر على عبد الله بيك وأفهم يوسف بيك أن إبراهيم باشا هو ولي نعتمه والسبب في إيصال كل خير إليه ، وليس في وسعه أن يرد له الجواب بالخيبة ، فلم يفد ذلك وأصر هذا على المنع لغاية في نفسه ، فما كان من عبد الله بيك إلا أن أرسل خدامه إلى إصطبل يوسف بيك وسحبوا الفرس جبرا فأسرها يوسف في نفسه.

ثم شاع في هذا الأثناء أن الحكومة مصممة على ضم الويركو وأخذ عسكر ، فراجع أهالي باب النيرب ليوسف بك فكلفهم أن يراجعوا عبد الله بك ، وإنما كلفهم بذلك بقصد إثارة فتنة عليه بقصد الانتقام منه ، فتجمهر هؤلاء وذهبوا إليه بالطبول والزمور ، وكان عبد الله بك إذ ذاك مريضا وكان الخبر قد اتصل به وعلم ما قصد به فأخذ حذره واستنفر من عنده فحضروا إليه زرافات ووحدانا ، ولما وصل أولئك إلى بيت عبد الله بك ووجدوا جماعته مجتمعين وهم شاكو السلاح وتيقنوا أن لا قبل لهم بهم ، وحينئذ خرج عبد الله بك إليهم وسألهم عن سبب اجتماعهم ومجيئهم إليه متسلحين ، ولما كان لا بد لهم من

__________________

(١) عبد الله بك البابنسي أصله من بابنس قرية في شمالي حلب وكان رجلا أميا وكان شوباصيا عند بيت الجابري أو بيت القدسي ، ولما أتى إبراهيم باشا إلى حلب حظي عنده وتقدم لديه إلى أن جعله متسلم حلب واستلم زمام أمورها ، وأخذ في جمع الأموال ووشوا به عند إبراهيم باشا ، فلما أحضره وسأله عن ذلك قال له : دخلت وليس عندي سوى أم حمدان (زوجته) وأم عركوب (فرسه) فهذان لي وخذ الباقي ، فضحك منه ولم يأخذ منه شيئا ، وكان إبراهيم باشا يعول عليه في مهماته وأموره وبقي على ذلك إلى أن خرج من حلب.

٣٥١

الجواب عما سأل سلكوا طريق الاستنباط والحيل تغطية لحقيقة مقاصدهم وسترا لما أكنته ضمائرهم ولو صدقوهم القول لا قتتل الفريقان وقتئذ وهدرت دماء كثيرة ، فقالوا له : إنا لا نرضى بضم الويركو ولا نعطي عسكرا ، فقال لهم : تعرفون شغلكم ، ثم قالوا له : نريد أن ننهب القشلة والنصارى ، فقال لهم أيضا : تعرفون شغلكم. ووجدت هذه الكلمة آذانا صاغية من الفريق الآخر وما ذلك إلا لاستيلاء الجهل عليهم واستحكامه في قلوبهم ، فوافقوهم على اقتراحهم ، وتوجهت الفئتان إلى محلة الجديدة وكان رؤساؤهم أحمد حميدة وهو الزعيم وشنكان وأبو عبد الله الحشك وأحمد العباس والحاج مصطفى سفقلو والحاج حومد ابن سليطين وعلوش السعيد ومعهم نحو المائتين وأخذوا في نهب محلة النصارى ، وظلت هذه الفتنة قائمة ثلاثة أيام ولم تكن قاصرة على بيوت النصارى بل تعدت إلى بيوت المسلمين ودكاكينهم فنهبوا منها ما أمكنهم نهبه من حقير وجليل ، وانهزم في هذا الأثناء الحاج يوسف بك أشريف والحاج أشريف وخرجت نساؤهم إلى بيوت أخر ، وقبض هؤلاء الجهلة في ذلك الحين على تقي الدين أفندي المدرس مفتي حلب إذ ذاك عند سبيل دالي محمود وكان مارا في هذا المحل وهو راكب ، فأنزلوه عن دابته وحاولوا ذبحه فأخذ في ملاطفتهم وموعظتهم فلم يسمعوا قوله فصادف مرور الأستاذ الشيخ أحمد شنون الحجار فأخذ في وعظهم وإرشادهم ، ولما له من الحرمة في قلوبهم أصغوا إليه وتركوا تقي الدين أفندي ، وهكذا خلصه الله من أيدي هؤلاء. ولم يقتل في هذه الفتنة من النصارى سوى رجلين عن غير قصد أحدهما بطرس حمص من كبار تجار المسيحيين.

ولما تفاقم الأمر واتسع الخرق اتخذت الحكومة التدابير اللازمة لإخماد نار هذه الفتنة ، ووجهت المدافع على محلة باب النيرب وقارلق وبيوت الأغوات الأنجكارية فخربت قسما من هاتين المحلتين فسكنت عند ذلك الفتنة.

وعلى إثر ذلك أرسلت الحكومة محمد باشا القبرصلي الذي تولى الصدارة بعد ذلك ، فأول عمل قام به أن نفى عبد الله بك البابنسي وابن أخيه محمد آغا والحاج عمر الجاهل ومحمد آغا بازو ورمضان آغا وإبراهيم الطبّال وعيسى آغا وابنه عمر آغا إلى الآستانة ، ففي الطريق توفي عبد الله بك في جناق قلعة ودفن فيها والآن له هناك قبر وأهل البلد يزورونه تبركا ، ويقال ابن أخيه محمد آغا سمه أملا بأخذ منصبه. ثم عيّن محمد باشا لمحمد آغا المكانسي لجمع المنهوبات واستعمل الحكمة في استخراجها وجمعها ثم أعادها إلى

٣٥٢

أربابها ولم يفقد منها إلا القليل ، ويقال إن الحكومة دفعت لهم قيمة ما لم يرد عليهم من أموالهم ، وأما ظريف باشا فإنه عزل على إثر هذه الفتنة بمجيء محمد باشا القبرصلي وأرسل مع المنفيين إلى الآستانة وكريد.

أقول : يعيش أهالي الشهباء مع بعضهم البعض على اختلاف مللهم ونحلهم على غاية الوفاق والوئام ، وهذه الحادثة فذة في بابها لا تجد لها نظيرا في تاريخ الشهباء من قبل ومن بعد ، وقد نشأت من سوء إدارة يوسف بك وعبد الله بيك ، وإذا علمت أن هذا قد كان رجلا أميا وقد نال ما نال من المناصب بدون استحقاق لها فلا تستغرب إذا أشعل نار هذه الفتنة بسائق الجهل وعدم التروي والتبصر ، والذي تراه وتستقرئه في تاريخ الحلبيين أنهم كانوا إذا جاعوا قاموا وإذا ظلموا ثاروا وتأبى نفوسهم أن ترضى به وأن تقيم عليه.

سنة ١٢٦٨ : كان الوالي في حلب عثمان نوري باشا.

سنة ١٢٦٩ : كان الوالي في حلب سليمان رأفت باشا.

سنة ١٢٧٠

الحرب بين الدولة العثمانية والدولة الروسية

في هذه السنة كانت الحرب العظيمة بين الدولة العثمانية والدولة الروسية والسلطان يومئذ عبد المجيد خان وتعرف بحرب القرم ، وكان النصر حليف الدولة العثمانية ، وساعدها فيها دولتا فرنسا وإنكلترة ، وقد دون هذه المحاربة غير واحد من المؤرخين منهم السيد أحمد الدحلاني في تاريخه الفتوحات الإسلامية. وخرج لأجلها من حلب ألف وخمسمائة جندي ، وكان قائد العسكر الحلبي علي بك بن يوسف بك أشريف وكان خروجه في ١٥ جمادى الأولى من هذه السنة ، وامتدحه حين توجهه إلى الحرب الشاعر الأديب أبو النور الكيالي الإدلبي بقصيدة طويلة في نحو ستين بيتا قال في مطلعها :

خطرت بقوام كالسمهر

هيفا بلواحظها تسحر

فتنت بجمال مشرقة ال

وضاح حكى نجما أزهر

سلبت لب العشاق بكو

كب مطلعها الزاهي الأبهر

٣٥٣

ومنها :

ما همت بغيرك لا وفتى

ليث الهيجا بطل قسور

العالي المجد عليّ الجد

عظيم السعد حلا مظهر

ومنها :

وشريف الأصل شريف الجد

شريف الإسم علي حيدر

إن جاد على متن الدهما

قال الرائي هذا عنتر

أو قام لبذل المال ترى

بأنامله مزنا يحدر

كتب الرحمن براحته

(إنا أعطيناك الكوثر)

ومنها :

خذها ياذا المفضال ولا

تنظر للناظم إن قصر

فيها بشرى بالنصر لكم

والمدح مع السعد الأكبر

وعلي يسمو أرخ جا

وعساكرنا بعلي تنصر

١٠ ٤٠٨ ١١٢ ٧٤٠

١٢٧٠

سنة ١٢٧١

كان الوالي فيها سليمان رحمي باشا.

ترجمة لائحة رفعها إسماعيل رحمي باشا للآستانة تبين حالة المعارف وقتئذ :

قال : غني عن البيان أن حلب من بلاد الدولة العثمانية ومعدودة من البلاد المعتبرة العظيمة ولسان أهاليها هو اللسان العربي الذي هو أحلى الألسن وألذها. ومع أن هذا اللسان هو اللسان الأصلي لهم فإنهم لا يأبهون به ، وفي حال حداثتهم لا يرغبون في تعلم الفنون النحوية والصرفية التي هي أساس العلوم الأخرى ويقنعون بتعلم وقراءة القرآن العظيم في الكتاتيب. وكثير منهم لا يحصلون القواعد العربية كما يجب حتى إن بعض الأطفال يتركون القراءة والكتابة بتاتا ويظلون في ظلمات الجهل. وما يتكلمونه أكثره لا يعلم من كثرة الغلط. وهذا الحال لا تليق بالأهالي مع ما فيهم من الاستعداد الفطري والفطنة والذكاء ، ومع كون بعض الطلاب يجتهدون في تحصيل العلوم في المدارس فإنه يقتضي تحري وسيلة حسنة لتدريس العلوم العقلية والنقلية في الوقت المناسب لها. وهنا طلب الوالي المذكور تأسيس مكتب رشدي وأن يعين لمعلمه كل سنة ثمانية عشر ألفا من القروش.

٣٥٤

وبعد سنوات قلائل تأسس هذا المكتب في المدرسة المنصورية في محلة الفرافرة وكنت في عداد تلامذته سنة ١٣٠٤ وحزت الشهادة منه في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ١٣٠٦ ، وكان مديره الشيخ محمود أفندي لامع وهو رجل فاضل من أهالي كلّز له إلمام باللغة العربية ، وكان ذا همة ونشاط على علو سنة حريصا على التعليم حسن الأخلاق عاد بعيد هذا التاريخ إلى وطنه ولم أقف على السنة التي توفي فيها رحمه‌الله تعالى.

تعيين حمدي باشا

وفي هذه السنة عيّن لولاية حلب حمدي باشا.

سنة ١٢٧٢

كان الناس يشربون الدخان المعروف بالتتن بواسطة بودقة يوضع فيها التتن ويوضع عليها النار وتوضع هذه البودقة في أنبوبة طولها من شبر إلى نحو ذراعين تدعى الغليون. وللناس اعتناء كبير في هذه البودقة وهذا الغليون ويتغالون في أثمانها وفي صناعتها ويضعون في طرفها الذي يمتصون منه الدخان أحجار الكهرباء الصفراء.

ففي هذه السنة بطل ذلك وصاروا يمتصون ذلك بوضع التتن في ورقة صغيرة رقيقة يلفون فيها التتن وهي التي تدعى بالسيكارة إلى يومنا هذا.

وفي هذه السنة صار الناس في عقود الأنكحة يحضرون المنشدين ، وقبل إجراء صيغة عقد النكاح يديرون عليهم أطباق الحلوى ولم يكن في ذلك الوقت سوى الحلوى التي تسمى بالراحة ، وبعد إجرائه يديرون عليهم كاسات الشراب.

سنة ١٢٧٣

كان الوالي فيها أشقو دره لي مصطفى باشا كما في السالنامة.

إنشاء المطبعة المارونية

قدمنا أن حلب كانت أسبق البلاد السورية إلى فن الطباعة وأن وجودها فيها كان سنة ١١١٤ ، غير أنه لم يعلم كم بقيت هذه المطبعة ومتى أهمل أمرها. ولم تزل حلب خالية من ذلك إلى سنة ١٢٧٣ (١٨٥٧ م) ففيها أنشئت المطبعة المارونية.

٣٥٥

قال في مجلة الشرق (١) : أما إنشاء المطبعة المارونية في حلب فكان سنة ١٨٥٧ من الحميد الأثر يوسف مطر ، وأول العملة فيها هو الداعي (نيقولادس كيلون) ، وأول مدير كان الخواجا سليم مطر خطار من بيروت أقام نحو سنة فخلفه في إدارة المطبعة القس فرنسيس هارون إلى سنة ١٨٧٠ ، وكان مديرها الثالث صاحب الإمضاء منذ ١٨٧٠ إلى ١٨٩٦ أي نحوا من سبع وعشرين سنة ، ثم سلمت إلى الخواجا سليم مطر وهو فيها كعامل ومدير لها. ثم سرد ما طبع في هذه المطبعة ومن جملة ذلك : ديوان ابن الفارض. ديوان فرنسيس مراش المسمى نظم اللآلي للمحبر الشمالي. غابة الحق له اه.

أقول : ثم تتابع إنشاء المطابع أهمل بعضها وبقي بعضها ، وفي الشهباء في هذه السنة وهي سنة ١٣٤٣ أربع عشرة مطبعة من ضمنها مطبعة الحكومة ومطبعتي التي دعوتها (المطبعة العلمية) وقد أسستها سنة ١٣٤١ بالاشتراك مع السيد عبد الغفور المسوتي مدير المدرسة الفاروقية التجهيزية وولدي محمد. غير أن حالة حلب العلمية والتجارية لا تتحمل هذا العدد من المطابع فهي لذلك غير رائجة والكساد قد استولى على جميعها.

سنة ١٢٧٤ : كان الوالي في حلب الحاج كامل باشا.

سنة ١٢٧٥ : كان الوالي في حلب محمد رشيد باشا.

سنة ١٢٧٦ : كان الوالي في حلب إسماعيل باشا.

سنة ١٢٧٧ : كان الوالي في حلب عصمت باشا.

سنة ١٢٧٩

تولية حلب لثريا باشا وتشكيله متصرفية دير الزور

قال في قاموس الأعلام : هو ثريا باشا ابن عثمان باشا الكركجي ولد بالآستانة سنة ١٢٤١ ، وبعد أن أتم التحصيل عيّن في غرفة ضبط الديوان الهمايوني في الباب العالي ، وبعد أن تقلب في عدة مناصب عيّن رئيسا للكتاب في سفارة باريس ، وفي سنة ١٢٧٥ حاز رتبة البكلربكية وعيّن متصرفا للقدس الشريف ، وفي سنة ١٢٧٩ رقي لرتبة الوزارة

__________________

(١) جلد ٣ صحيفة ٣٨٥.

٣٥٦

وعيّن واليا على حلب ، وتوجه أثناء ولايته إلى دير الزور ومعه قوة عسكرية ، وسبب ذلك أن طائفة من العربان هناك صارت تقطع الطرقات وتخيف السابلة فقمع ثائرتهم وقطع دابرهم وأعاد الأمن إلى نصابه وشكل متصرفية دير الزور في ذلك الحين وجعل فيها حكومة ، فكوفىء على ذلك برتبة المجيدي الأول (ثم ذكر تقلباته في المناصب العالية إلى أن قال :) وفي سنة ١٢٩٥ نقل إلى سيواس فتوفي فيها سنة ١٢٩٦. وكان عالما أديبا محبا للعلماء راغبا في ترقية العلوم وكاتبا في اللغة التركية والإفرنسية وأدخل إصلاحات كثيرة على الولايات وأبقى فيها بعضا من جليل آثاره اه.

معلومات عن دير الزور

وضع وجيه بك الجزار الذي كان مفتشا للأمور الاقتصادية في دولة حلب منذ سنتين تقريرا مسهبا عن المعلومات الزراعية والاقتصادية والإدارية عن متصرفية دير الزور أجاد فيه كل الإجادة ، وهو يدل عن بحث كثير وتدقيق قدمه إلى المتصرف وقتئذ خليل أفندي الأزن ، وقد اطلعنا عليه واخترنا منه ما يهم الوقوف عليه من أحوال تلك البلدة وما ألحق بها ، ولو أثبتنا الجميع لطال ذيل الكلام لأنه يبلغ نحو ستين صحيفة من تاريخنا. قال تحت عنوان :

تطورات دير الزور الإدارية :

لم يكن لواء دير الزور حتى سنة ١٨٦٤ (١٢٧٩ ه‍) ملحقا لولاية أو سنجق كلا ولم يكن تابعا لدولة ما.

في أوائل ١٨٦٤ افتتحه ثريا باشا والي ولاية حلب إذ ذاك حيث جاءه بحملة عسكرية تتألف من أربع كتائب (طابور) بقيادة كولونيل (بيكباشي) وجعله قضاء مربوطا بولاية حلب ، وبعد أن ركز فيه قائممقاما ومأمورين قفل راجعا إلى حلب من دون أن يشكل له نواحي ترجع بأمورها إليه.

بتاريخ ١٨٧٠ م قلب القضاء سنجقا تابعا أيضا لولاية حلب ولم يكن له أقضية أو نواح أيضا ، ففي أواخر عام ١٨٧٠ وفي زمن المتصرف أرسلان باشا جرت تشكيلات اللواء الإدارية فصار كل من الرقة والصبخة والعشارة والبصيرة وأبو كمال والشدادي وسنجار ونصيبين ورأس العين وويران شهر ومسكنة قضاء ، وصارت تدمر ناحية مربوطة بمركز السنجق وتل عنصر ناحية ملحقة بقضاء سنجار ورورينة ناحية ملحقة بقضاء نصيبين ،

٣٥٧

وكل من كيلي ودقوري وميللي وخلجان ناحية مربوطة برأس العين ، والسنجق ألحق بجميع أقضيته ونواحيه هذه بولاية حلب.

قبل انقضاء عام ١٨٧٠ وبعد إكمال التشكيلات المذكورة ذهب المتصرف أرسلان باشا المشار إليه إلى الآستانة وفك ارتباط سنجق دير الزور عن ولاية حلب وجعله سنجقا مستقلا مرجعه عاصمة الخلافة رأسا.

وفي سنة ١٨٧٦ ربط قضاء سنجار بولاية الموصل وقضاء نصيبين بسنجق ماردين الملحق لولاية ديار بكر وقضاء مسكنة بولاية حلب ، وعاد ارتباط دير الزور بولاية حلب كما هو سابقا.

وسنة ١٨٨١ في زمن المتصرف الفريق حسين باشا استعاد السنجق استقلاله وانفك عن ولاية حلب وصار مستقلا مربوطا بعاصمة الدولة المركزية إذ ذاك.

وعام ١٨٨٣ انسلخ قضاء الرقة عن سنجق دير الزور وارتبط بولاية حلب.

وعام ١٩٠٩ ارتبطت ناحية القائم بقضاء البوكمال وانسلخت من قضاء عانة المربوطة بولاية بغداد.

وعام ١٩١١ ارتبطت ناحية تدمر بقضاء حمص الملحق بسنجق حماة وانسلخت من سنجق دير الزور.

عام ١٩١٤ ارتبط قضاء عانة بسنجق دير الزور وانسلخ عن ولاية بغداد وكان له ناحيتان هيت وحديثة.

وعام سقوط بغداد بيد الإنكليز ارتبط قضاء الدليم الذي حال الاحتلال البريطاني بينه وبين بغداد بسنجق دير الزور.

وعام ١٩١٨ عاد ارتباط قضاء الرقة بسنجق دير الزور وانسلخ عن ولاية حلب.

وعام ١٩١٨ انسحبت الحكومة التركية وتركت التشكيلات الإدارية كما هو مسرود أعلاه ، وكانوا عازمين أن يجعلوا في العام القادم كلا من ناحيتي السبخة والحسجة قضاء يربط بكل منهما نواحي تجاورهما.

[أقول] : وفي هذه السنة وهي سنة (١٩٢٥) م (١٣٤٣) صار هذا اللواء مرتبطا بالشام رأسا كما صارت ولاية حلب ومتصرفية اللاذقية مرتبطة بها أيضا ، وذلك حينما تشكلت الوحدة السورية وتشكلت الوزارة في دمشق.

٣٥٨

الموقع والحدود والأنهار التي فيها :

دير الزور على شاطىء الفرات من الضفة اليمنى جهة الشامية على أراض سهلة متشكلة من الرسوبات النهرية التي أتت بواسطة مياه الفرات من أعالي الأناضول واقعة ما بين ٣٣ ـ ٣٧ في درجة العرض و ٣٧ ـ ٤٠ في درجة الطول ومرتفعة عن سطح البحر ١٨٠ مترا تقريبا. القصبة بشكل مستطيل من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي على امتداد نهر الفرات طولا وعرضا سبعمائة متر.

حدود اللواء الطبيعية :

شمالا ديار بكر ، ماردين وأورفة وقسم من حلب. غربا حماة وحمص وتدمر والشام. جنوبا قسما من الشام وحكومة الأردن ثم تتصل بحدود العراق في قضاء عانة التابعة لبغداد شرقا أيضا والموصل. بعدها عن حلب ٣٥٠ وعن تدمر ٢٥٠ وعن الشام ٤٨٠ وعن بغداد ٥٧٠ وعن الموصل ٣٨٠ كيلو متر. لا يوجد بوسط صحراء هذه المدن بلدة معمورة غير بلدة الزور فلذلك يليق أن يطلق عليها اسم (مدينة الصحراء).

نهر الفرات العظيم يشق اللواء إلى قسمين ، يبتدأ من لواء أورفة (تركيا) ومنبج (سورية) شمالا ويدخل حدود العراق في قضاء عانة جنوبا بطول ٥٨٠ كيلومتر منها ٢٧٠ كيلومتر داخل لواء الزور والبقية لحلب ، فالجهة اليمنى نظرا لانحدار النهر يطلق عليها قطعة الشامية والجهة اليسرى يطلق عليها الجزيرة.

فالأراضي بجهة الشامية أكثرها سهول وطبيعتها كلسية ويوجد سلسلة جبل بوسط سهل الشامية يبتدىء من جنوب وشرق أثريا إلى أن ينتهي ما فوق التبني التي تبعد عن الدير شمالا ٣٥ كيلو متر ويطلق عليه جبل البشري ، فنظرا لقلة الأمطار قد انحصرت الزراعة إلى ساحل الفرات في الأراضي الرسوبية التي لا تعلو النهر أكثر من ستة أمتار. فحدود جهة الشامية الإدارية الآن من الشمال الزيارة من قضاء الرقة وغربا أبو فياض وجبل البشري من قضاء منبج وتدمر من دولة الشام وجنوبا الصحراء الذي يحادد حكومة الأردن وثم جرد درناج على شاطىء الفرات التابع لناحية القائم في قضاء عانة التابع لبغداد.

وأما الجهة الثانية الواقعة على يسار الفرات التي تسمى بالجزيرة فجميعها سهول وأراضيها رسوبية متسعة الأرجاء ، حدودها الإدارية جنوبا ناحية القائم الباغوز شرقا البديع وأم الذيبان اللتين تبعدان عن الدير ١٥٠ كيلو مترا وشمالا خط حديد بغداد من نصيبين إلى

٣٥٩

تل أبيض وقضاء الرقة ، وبوسط هذه السهول يرتفع جبل العزيز يمتد طولا من الشرق إلى الغرب تقريبا ٥٠ وعرضا من الشمال إلى الجنوب ٢٠ كيلو مترا الحاوي على كثير من أشجار البطم والفستق ، ثم تنبع عين ماء من نقطة رأس العين الواقعة جنوب خط بغداد وتنحدر إلى الجنوب بعد أن تنضم إليها عيون كثيرة وتشكل نهر الخابور فيشق هذا النهر قسم الجزيرة إلى قسمين من الشمال إلى الجنوب ويقطع مسافة ٣٠٠ كيلو مترا تقريبا ثم يختلط بنهر الفرات في نقطة البصيرة تجاه قضاء الميادين داخل اللواء.

مساحة لواء دير الزور :

مساحة لواء دير الزور التقريبية شامية وجزيرة تبلغ ستين ألف كيلو متر مربع على الأقل.

الأنهار :

١ ـ كما ذكرنا آنفا أعظمها نهر الفرات الذي ينبع من سفوح جبال أرزنجان وأرضروم ويخترق الأناضول فيدخل سورية من محطة جرابلس فيمر من قضاء منبج والرقة بدولة حلب ، ثم يدخل اللواء إلى أن يصل منتهى قضاء أبو كمال فيدخل في قضاء عانة والعراق ويصب في شط العرب. فطوله داخل اللواء ٢٧٠ وداخل دولة حلب عموما مع اللواء ٥٨٠ كيلومتر.

٢ ـ نهر الخابور : ينبع من رأس العين التي هي محطة بغداد فيمر من وسط الجزيرة من الشمال إلى الجنوب ، وبعد أن يقطع مسافة ٣٠٠ كيلو متر تقريبا يصب في نهر الفرات بنقطة ناحية البصيرة جنوب شرقي دير الزور.

ثم ذكر الأنهر التي تصب في نهر الخابور من الشمال إلى الجنوب والأنهر التي تصب على نهر جغجغ والأنهر التي تصب على نهر الرد ، ثم ذكر الجداول ثم العيون وهي كثيرة. والذي يظهر لك هنا أن الاستفادة من هذه الأنهار وهذه الجداول والعيون قليلة جدا.

ثم ذكر الآبار التي في الشامية والآبار التي في الجزيرة وهي كثيرة يطول تعدادها.

الجبال :

في الشامية : جبل البشري : يبتدىء من أثريا ويمتد من الشرق إلى الغرب وينتهي قرب قصبة الدير فوق التبني. طوله تقريبا ٦٠ كيلو متر عرضه ٣٠ كيلو مترا ارتفاعه لا يتجاوز المائة متر عن السهول التي بأطرافه.

٣٦٠