إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ٣

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


المحقق: محمّد كمال
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٧

بين المعقول والمنقول قادر على إفادة الفروع والأصول يفيد الطلبة في المدرسة المذكورة كل يوم خلا الجمعة والثلاثاء له كل يوم ٤٠ عثمانيا. محدث عالم يفيد الحديث ولوازمه يقرأ كل يوم اثنين وخميس في كل يوم ٢٠ عثمانيا. واعظ يعظ بعد صلاة الجمعة في كل يوم ١٦ عثمانيا للمكتب. معلم تقي مأمون في كل يوم ٢٤ عثمانيا. يعطى ثلاثون حجرة إلى ثلاثين طالبا من أهالي هذه البلدة أو غيرها متزوجا أو عزبا على أن لا يكون فيهم رجل يحلق لحيته ولا تعطى حجرة بشفاعة ، وشرط أن يواظبوا في حجراتهم ليلا ونهارا مع الصلوات الخمس في الجماعة ، والمتزوج يذهب ليلة الجمعة وليلة الثلاثاء ، وعلى الطالب قراءة جزء من القرآن مع رفقائه ، وعين للرجال الثلاثين في كل يوم ٢٤٠ عثمانيا لكل شخص ثمانية عثمانيات فضية على أن يقرأ كل يوم جزءا من القرآن. معلم القرآن يقرأ في كل جمعة سورة الكهف قبل صلاة الجمعة. حافظ حسن الصوت يقرأ قبل صلاة الجمعة حزبا من القرآن وبعد الصلاة عشرا من القرآن. له ٤ مؤذنين لهم لكل واحد في كل يوم ١٦ عثمانيا. له ٣ بوابين. معين للمدرس والمحدث له ١٠ عثمانيات. له كنّاسان في كل يوم ١٠ عثمانيات للواحد. له شعّالان في كل يوم ١٠ عثمانيات للواحد. له قيّم للسبيل مع القيام بكنسه وتنظيفه في كل يوم ١٢ عثمانيا. حافظ للكتب المدرس والمحدث يأخذ الكتب ويفتح باب الحجرة في كل يوم اثنين وخميس يدخل الطالب ويطالع محلا يريده من تلك الكتب ويكتب منها ما يريد لا يخرج كتابا منها إلى خارج الجامع ، ومنع إخراج شيء من الكتب وترم الكتب وتصلح في نفس المكتبة ، وظيفة الحافظ في كل يوم ٢٠ عثمانيا.

بستاني لبستان الجامع المذكور له في كل يوم ١٠ عثمانيات. القنوي له في كل يوم ١٠ عثمانيات. مشرف على المرتزقة وأرباب الشعائر المرقومين ويعرف الآن بنقطه جي بحيث إذا ترك أحدهم وظيفته من غير عذر تحصى عليه. وله في كل يوم ٨ عثمانيات. جابي للوقف له في كل يوم ٢٠ عثمانيا. ناظر له في كل يوم ٤٠ عثمانيا ، ومن وظائفه أن من أخل من أرباب الشعائر والوظائف فعلى المتولي إخراجه من وظيفته. وتعيين أرباب هذه الجهات بأسرها مفوض إلى رأي المتولي لا يداخله في ذلك أحد غيره بوجه من الوجوه وشرط الواقف التولية لنفسه ثم لزوجته ثم لولده منها وهو محمد طاهر بك ، وبعده فللأسن الأرشد ممن يحدث لحضرة الواقف من الأولاد الذكور والإناث ، ثم للأسن فالأرشد من أولاد أولاده ، وإذا انقرض نسله فللأرشد من ذرية أخته زازية خانم ثم للأسن الأرشد من عتقاء أولاد عتقاء الواقف ، ثم للأسن الأرشد من عتقاء شقيقته زازية خانم ، وللمتولي في كل يوم ٣٠٠ فضي

٢٦١

بمقابلة خدمته ، وإذا لم يبق أحد منهم تكون التولية لقاضي حلب ويكون معلومه ٦٠ عثمانيا ، وشرط أولا أن يعطى المرتب على الأحكار من عقارات الوقف وشرط العزل والنصب لنفسه ثم لمن يكون متوليا يختار ممن يكون أهلا له. وشرط أن لا يداخل وقفه المذكور أحد الحكام وولاة أمور الأنام بشيء من عزل ذي جهة أو نصبه أو محاسبة متولي الوقف أو غير ذلك بوجه من الوجوه. حرر ذلك سنة ١١٤٢.

شروطه في الوقفية الثانية :

وشرط في الوقفية الثانية قارئا يقرأ كل يوم قبل صلاة الظهر سورة الزمر وغيرها من السور التي بعدها ويعطى له ٨ عثمانيات ، وفي الرابعة أن يعطى من ريعه ١٠ عثمانيات لمن يكون مدرسا بالمدرسة المذكورة ليعظ الناس باللسان التركي في كل يوم اثنين وخميس. وكان عيّن في الوقفية الأولى للمتولي ٣٠٠ عثماني فضي هي غرشان ونصف غرش على حساب كل ١٢٠ عثمانيا بغرش واحد من المعاملة الجديدة ، فزاد في الوقفية الثانية في معلوم التولية في كل يوم ٩٠٠ عثماني فبلغ معلومها بهذه الزيادة كل يوم ١٢٠٠ عثماني كل ١٢٠ عثمانيا بغرش واحد.

وشرط ١٠ عثمانيات بحساب كل مائة وعشرين بغرش واحد للمدرس لقراءة التفسير الشريف داخل السراي. وذكر في الوقفية الحادية عشرة أنه بجوار السراي بنى مكانا يعرف بالعمارة مشتملا على مطبخ وفرن وبيت معد للمونة وبيت معد لسكنى الطباخ وحجرة معدة لسكنى البواب وقسطل يجري إليه الماء من قناة حلب ومغارة لوضع الحطب ، وشرط أن يطبخ في مطبخها في كل يوم شوربة من نصف شنبل حلبي من القمح برطلين حلبيين من اللحم طبخا جيدا ما عدا ليالي الجمع وليالي شهر رمضان فإنه يطبخ فيها ١٠ أرطال حلبية أرزا برطلين حلبيين من اللحم الضأن ويطبخ فيها رطلان ونصف من الأرز وخمسة أرطال من العسل البلدي يعرف بالزردا ويصب للأرز والزردا من السمن في كل يوم رطلان ونصف ويخبز ١٠ أرطال حلبية الرغيف وزن خمسين درهما ، وعيّن خمسة دراهم من الزعفران الخالص للزردا وللشوربة ١٠ دراهم كمونا وللأرز والخبز كل يوم رطلا من الملح وللشوربة رطلا من الحمص وفي السنة قنطارا من البصل ، وعيّن للطبخ كل يوم ٥٠ رطلا من الحطب وللفرن كل يوم نصف قنطار من القش ولمطبخ العمارة قنديل ، ويدفع لذلك قدر الحاجة من الزيت والقطن والقش ، ووقف قدرا من النحاس وزنه ثلاثون رطلا لطبخ الشوربة وقدرا

٢٦٢

وزنه ٢٥ رطلا لطبخ الأرز وقدرا وزنه ١٥ لطبخ الزردا وثلاثة مغارف وزنها أربعة أرطال وكفكيرا ثلاث قطع ومقلاة من النحاس ولقنا كبيرا وزنه ١٣ رطلا وسطلين وزن كل واحد رطلان ونصف ومصفاة وزنها سبعة أرطال ومائة وخمسين طاسة وزن الواحدة سبع أواق.

وعيّن طبّاخا وتلميذين مساعدين للطبخ وللعمارة كيلاريا يحفظ لوازم المطبخ وتلميذا يساعده وللعمارة بوابا أمينا وفرّانا وعجّانا ومعلوم الطباخ ٣٢ عثمانيا ولكل تلميذ ١٦ وللكيلاري ٣٠ وللتلميذ ١٥ وللفرّان ٢٠ وللعجّان ٢٠ وللبوّاب ١٦ وللقنوي ٤ عثمانيات كل يوم. يوزع في كل يوم طاسة ورغيفان للمدرس وناظر الوقف والخطيب والمحدث والإمام والواعظين وخازن الكتب والجابي والكاتب ومدرس السراي وخدام العمارة ولسائر مرتزقة الجامع من سبيل دار ومعلم أطفال وبوّاب وخادم وفرّاش وكنّاس ومؤذن وقارىء عشر وحواميم وسائر طلبة العلم المجاورين ، وفي أيام الجمعة وأيام شهر رمضان يعطى لكل واحد طاسة من الأرز والزردا ورغيفان من الخبز وهذا الطعام غير الراتب المعين :

وشرط في الوقفية الأخيرة المحررة سنة ١١٥٢ على المتولي إذا اجتمع عنده مبلغ صالح لشراء شيء من العقار يشتريه ويضمه إلى الوقف المذكور ولم يشترط لذريته أو عتقائه أو أبناء عتقائه شيئا من فاضل غلة هذا الوقف ، وليس فيه سوى أن للمتولي في كل يوم ١٢٠٠ عثماني كما تقدم.

الكلام على هذه المدرسة :

هذه المدرسة أعظم مدارس الشهباء شأنا وأوسعها بناء ، وقبليتها قبة واحدة شاهقة مبنية على جدران عريضة جدا أمامها صفتان كبيرتان عليهما أربعة عواميد ضخمة وعلى طرفيها إيوانان كبيران بجانب الأيمن منهما منارة مدورة الشكل عظيمة الارتفاع على نسق منارات الآستانة ، وقبليها بستان مغروس بشجر الكبّاد وصحن المدرسة واسع جدا في وسطه حوض كبير يجري الماء فيه في غالب الأوقات ، ووراء هذا الحوض مصطبة على طول الحوض يحيط بهذا الصحن الواسع ثلاثة أروقة فيها ٢٤ عمودا من الحجر الأصفر ، ووراء الأروقة أربعون حجرة ، وفي الجهة الشرقية حوش صغيرة تشتمل على عدة حجر ، وخارج المدرسة في الجهة القبلية منها مكتب وسبيل ، وجميع القبب والأسطحة مغطاة بالرصاص وقد صب الرصاص بين الجدران أيضا كل ذلك ليزداد البناء متانة وصبرا على الأيام ، وعن يمين الإيوان الغربي دهليز في صدره قاعة للتدريس لها شبابيك مطلة على البستان وفي شرقيه

٢٦٣

حجرة واسعة اتخذت مكتبة ووضع فيها كتب قيّمة من المخطوطات ، ومنذ أربعين سنة أهداها المرحوم تقي الدين باشا المدرس والي بغداد ومكة كتبا مخطوطة ومطبوعة ، غير أن الأيدي قد لعبت بهذه المكتبة وسرق منها معظم نفائسها ولم يبق منها إلا القليل وذلك لإهمال متولي الوقف وقيّم المكتبة أمرها ، وقد شرط أن تكون مفتحة الأبواب يومين في الأسبوع كما تقدم ولا تفتح الآن إلا بعد الإلحاح في طلب الفتح ، ومن أسباب ضياع الكتب فيها إعارتها للمجاورين ثم عدم السؤال عنها أو التفتيش عليها ، فكان ذلك سبب تبعثرها ، وآخر ما سمعت عن هذه المكتبة أنه كان فيها نسخة نفيسة الخط جدا من تفسير القاضي البيضاوي كأنها كتبت بقلم واحد وهي مذهّبة استعارها بعض بسطاء الطلبة من بضع سنين فوضعها في شباك حجرته فمر من مر فرآها هناك والشبّاك مفتوح فسرقها. وإنّي لا أرى وجها لإخراج الكتب من المكتبة لأجل الحضور فيها ومثل البيضاوي يباع المطبوع منه بقيمة زهيدة لا يعجز الطالب مهما كان فقيرا عن قيمته ، وبالجملة لا أثر للانتظام في هذه المكتبة وحالتها تتفطر لها قلوب محبي المطالعة والاطلاع ، ولا أدري يسمح الزمان بتعويض ما فقد منها وتنظيم شؤونها وجعلها صالحة للاستفادة في كل وقت شأن الأمم الراقية في مكاتبهم.

ومما لا ريب فيه أن هذه المدرسة لا نظير لها في البلاد السورية وكثير من البلاد الإسلامية في ضخامة بنائها وسعة أرجائها وغزارة وقفها ، ومع هذا فإنها لم تخرج لنا منذ مائة عام إلى الآن من العلماء ما يبلغ عد الأصابع ، وهي ككثير من المدارس العلمية التي في حلب أصبحت منذ مدة طويلة ملجأ للكسالى ومأوى للعجزة وذلك لإهمال متوليها أمورها وعدم تقديرهم العلم حق قدره ، ومنذ سنتين اهتم بأمرها السيد يحيى الكيالي مدير الأوقاف الحالي وأخرج منها من كان مقيّدا فيها وطالت مدته ومن لا يرتجى الخير في بقائه وقيد فيها طلبة من جديد وكلف المتولي أن يعطي لكل مجاور ليرة عثمانية ذهبا في كل شهر بعد أن كان ٤٦ قرشا ، وزيد في سنة ١٣٣٦ إلى ٩٥ قرشا لارتفاع أسعار الليرة العثمانية من ١٢٧ قرشا إلى ٢٥٠ ، وكلّف مدرسيها المعينين فيها أن تكون قراءتهم للدروس في أوقات معينة ، وكتب كذلك على مقتضى البرنامج الموضوع للمدرسة الخسروية وأصبحت تابعة للامتحانات السنوية ، وبذلك انتظم أمر التدريس فيها بعض الانتظام ولعله بعد ذلك تزداد انتظاما فتخرج لنا رجالا عالمين عاملين فتنتفع بهم العباد والبلاد.

ومنذ عهد قريب راجع المجاورون فيها المحكمة الشرعية طالبين قيمة ما هو مقدر لهم من الأطعمة على مقتضى شرط الواقف المتقدم ، وبعد أخذ ورد حكم لهم أن يتقاضوا في كل

٢٦٤

شهر ٤٠٠ قرش على اعتبار قيمة الليرة العثمانية الذهبية ٢٧٥ قرشا الذي هو سعرها الحالي ، غير أن المتولي لم يعطهم أكثر من ليرة واحدة ، والحال باق على هذا إلى الآن ولا ندري ما يكون الحال في المستقبل.

ولو أتيح لهذه المدرسة متول عامل يقدر العلم حق قدره ويوجه العناية إلى استثمار أراضيها الواسعة لدرت خيرا كثيرا وغزرت مواردها وعاد ذلك بالفائدة الكبرى على هذا المعهد العلمي العظيم ورجعت إليه حياته الأولى ومجده السابق والله الموفق.

سنة ١١٥٣

ذكر تولية حلب للوزير يعقوب باشا

قال العلامة المرادي في تاريخه : قدم حلب مرتين مرة حين انفصاله من صيدا مارا إلى أدرنة ، ومرة قدمها واليا سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف. سار في مبدأ أمره سيرة حسنة بحلب ثم جاز لما أمر بالجردة من حلب لاستقبال الحجيج ولم يعد منها لحلب بل توجه إلى دار السلطنة فإنه كان دعي للمصاهرة. وكان رحمه‌الله لا بأس به له شفقة ومحبة للفقراء ، وفي أيامه وصل سفير طهماس قولي المدعو بنادر شاه من مملكته إيران لحلب مجتازا لدار السلطنة واحتفلت له الدولة العلية إظهارا لأبّهة السلطنة ومعه تسعة من الفيلة على ظهورهم التخوت وهم أمام السفير كل هنيهة يقفون لسلامه ويأمرهم الفيال فيطأطئون خرطومهم حين السلام ، وكان وصولهم لحلب ثامن شوال سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف وكان يوما مشهودا حضرت أهل القرى كلها لمشاهدة الفيلة ، وأسم هذا السفير حجي خان كان من أهل العناد والطغيان ، وكان قدم سفير آخر من طهماس المذكور واجتاز بحلب عاشر شوال سنة خمس واربعين ومائة والف لجمع الأسارى ، والقصة مشهورة إلا أنه لم يكن بهذه الأبهة وخرجت إليه نساء الأعاجم اللاتي كن أخذن أسارى واستولدن ، فمنهم من أبى وهو الأقل والباقون تبعوا السفير لارتكاب القبائح علنا. وتوفي بعد ذلك بقليل رحمه‌الله اه.

سنة ١١٥٦

كان الوالي فيها حسين باشا ووقع في أيامه طاعون ، ذكر ذلك الشيخ بكري الكاتب في مجموعته وهذا لم يذكره مرتب السالنامة.

٢٦٥

سنة ١١٥٧

كان الوالي فيها حاجي أحمد باشا للمرة الأولى على ما في السالنامة. ويظهر أنه سهو وولايته الأولى إنما كانت سنة ١١٥٨ بعد حكيم أوغلي علي باشا. قال بكري الكاتب في مجموعته ما نصه : (سنة ١١٥٨ كان والي حلب أحمد باشا وقتلت الأنجكارية وطلع البهلوان على القلعة وزينت المدينة) اه.

سنة ١١٥٨

كان الوالي فيها حكيم باشا زاده علي باشا للمرة الثانية وولايته الأولى كانت سنة ١١٣٧ وتقدمت ترجمته ثمة. ثم عزل وولي بعده حاجي أحمد باشا وولي هذا سنة ١١٦٥ وستأتيك ترجمته هناك.

سنة ١١٦٠ : كان الوالي فيها حسين باشا.

سنة ١١٦٢ : كان الوالي فيها عثمان باشا زاده إسماعيل باشا.

سنة ١١٦٣

تولية حلب لسعد الدين باشا العظم

في هذه السنة ولي حلب سعد الدين باشا العظم. قال ابن ميرو في تاريخه : هو سعد الدين بن إسمعيل الوزير ابن الوزير من آل العظم مولده بمعرة النعمان بعد الثلاثين ومائة وألف ، وربي في مهد الإقبال وترعرع في حجر الوزارة إلى أن صار متسلما عن أخيه أسعد الوزير المتقدم بحماة فأحسنت له الدولة العلية برتبة روملي من قريحتهم لإشاعة أراجيف كاذبة عن وفاة أخيه أسعد بطريق الحجاز (يظهر أن في العبارة نقصا بعض كلمات) ثم لمّا وصلت البشاير بوصول الحجيج لدمشق آيبين وأميرهم المذكور في الأحياء عيّنت الدولة العلية للمترجم منصب حوران فاستعفى عن ذلك لأنه لم يتول هذه الإيالة في الدولة العثمانية أحد استقلالا لقلة دخلها ووفرة خرجها ، فولوه طرابلس جرداويا لأخيه أسعد الوزير المتقدم

٢٦٦

فاستقام جرداويا فيها وفي صيدا وحلب اثنتي عشرة سنة ، فلما عزل أخوه من دمشق ولي المترجم مرعشا ثم صيدا ثم جدة فرحل إليها مع الركب الشامي سنة ١١٧٣ ، ثم عزل عنها وقدم دمشق أوائل سنة ١١٧٤ مع الركب الشامي فولوه مرعشا فاستعفى ، فولي قونية فارتحل إليها ودخلها ، ثم ولي إيالة الرقة فرحل إليها ودخلها في ربيع الأول سنة ١١٧٥ وكان بها الطاعون ، وتزايد الطاعون على الناس وحكى الجارف أو عمواس ، وتوفي مطعونا ليلة الأحد حادي عشري ذي القعدة سنة خمس وسبعين ومائة وألف ودفن بجامعها الأعظم بمقبرة هناك. وكان المترجم ولي حلب سنة ١١٦٣ وحصل بينه وبين أهلها وحشة فرحل منها جرداويا ، فلما عاد لدمشق عزل عنها وولي صيدا ، ثم اجتاز بحلب سنة ١١٧٠ لمرعش وسنة ١١٧٤ إلى أورفة. وكان شهما ذا عنفوان وحلاوة رحمه‌الله وتجاوز عنه ، وأعقب ابنه نصوح بك ابن سنتين وصار وزيرا بمنصب ديار بكر في سنة ١١٩٩ بعد وفاة عمه محمد باشا وابن عمه عبد الله باشا وأعطوه الوزارة ومنصب أورفة.

سنة ١١٦٥ : كان الوالي فيها سيد أحمد باشا.

سنة ١١٦٥ : كان الوالي فيها عبد الرحمن باشا.

سنة ١١٦٥

ذكر تولية حلب لحاجي أحمد باشا

في السالنامة أنه تولى حلب للمرة الثالثة ، والذي يتبادر من ترجمته الآتية أن ولايته الأولى كانت سنة ١١٥٨ وهذه ولايته للمرة الثانية ولم يتولاها ثلاث مرات كما ظنه مرتب السالنامة.

قال في قاموس الأعلام : كان المترجم من وزراء السلطان محمود خان الأول ، ولد سنة ١١١٣ في بلدة قوجة من سواحل البحر الأسود ، وكان من أخصاء حاجي بكر باشا وصار كتخداه حينما كان واليا في جدة ، ثم عاد إلى الآستانة وصار كتخدا الحضرة السلطانية ، ولما وقعت المحاربة بين الدولة العثمانية وروسية عين المترجم على إيصال الذخائر للجيوش ثم نزع ذلك من يده لعدم قيامه بهذا الأمر كما يجب ، ولما صار محمد باشا اليكن

٢٦٧

صدرا أعظم صار المترجم كتخداه وذلك سنة ١١٥٠ ، ولما صار الصدر المذكور قائدا عاما على الجيوش التي وجهت لقمع ثورة بعض الأشقياء الخارجين في ولاية آيدين توجه المترجم معه ثم عيّن واليا على آيدين ثم رفع إلى منصب الصدارة سنة ١١٥٣ ، وبعد أن أقام اثنين وعشرين شهرا بلغ المسامع السلطانية أن المترجم ألف تناول الرشوة فعزل ونفي إلى رودس ، وفي سنة ١١٥٦ أعيد إلى الوزارة ثم عيّن واليا لصيدا ثم إلى الأناضول ، ثم صار قائد العسكر في حرب إيران ووفق ، ثم صار واليا في حلب (أي سنة ١١٥٨ كما قدمنا) وديار بكر وبغداد ، وفي سنة ١١٦١ صار واليا في مصر بقي سنتين ثم صار واليا في إيج أيل وفي قندية ثم أعيد إلى حلب وتوفي فيها سنة ١١٦٦ اه.

سنة ١١٦٦

كان الوالي فيها عبد الله باشا الفراري وهذه ولايته للمرة الأولى.

سنة ١١٦٨

تولية حلب للوزير راغب باشا صاحب السفينة المشهورة به

في هذه السنة ولي حلب محمد راغب باشا. قال في قاموس الأعلام : ولد سنة ١١١٠ في الآستانة ووالده كان من كتبة الدفترخانه فيها فدوام ثمة مع والده في ابتداء أمره ، وبالنظر لما اكتسبه من المعلومات وللاستعداد الفطري الذي فيه عين سنة ١١٣٥ لتحرير الأماكن التي ضبطت من دولة إيران مرافقا لعارفي أحمد باشا والي وان ولعبد الرحمن باشا الكوبريلي ولعلي باشا والي تبريز ، وفي سنة ١١٤١ عاد إلى دار الخلافة ، وفي سنة ١١٤٢ أرسل لبغداد وكيلا للرئاسة ، وفي هذه السنة صار دفتردار الولاية ، وفي سنة ١١٤٦ بعد محاصرة بغداد عاد إلى الآستانة فعيّن في دائرة المالية ، وفي سنة ١١٤٨ عيّن والي بغداد أحمد باشا سر عسكرا لولاية أرضروم فعيّن المترجم مرافقا له ووكيلا لرئاسة الكتاب ، وفي هذه السنة عاد إلى الآستانة ، وفي سنة ١١٤٩ عيّن محاسبا للخزينة وأرسل مع الجيش الذي أرسل إلى ايساقجي ، وعقب ذلك استدعي إلى الآستانة للمذاكرة مع سفراء دولة إيران وعيّن مكتوبجيا للصدارة ، وفي خلال هذه المدة قام بعدة أمور سياسية هامة ، وفي سنة ١١٥٣ صار رئيس الكتاب ، وبعد أن بقي في هذا المنصب ثلاث سنين عيّن واليا

٢٦٨

لمصر وأنعم عليه برتبة الوزارة وبقي فيها خمس سنين ، وفي سنة ١١٦١ عيّن محصلا لآيدين ، وفي سنة ١١٦٤ عيّن واليا للرقة (١) ، وفي سنة ١١٦٨ عيّن واليا لحلب ، وفي سنة ١١٧٠ صار أمير الحاج ووالي الشام ، وقبل وصوله إليها استدعي إلى الآستانة وولي منصب الصدارة العظمى وبقي فيه ست سنوات وثلاثة أشهر ونصف على عهد سلطنة السلطان عثمان الثالث وعهد السلطان مصطفى الثالث وقام بأمور هذا المنصب قياما حسنا وأمضيت هذه المدة خالية من الحروب. وتزوج بصالحة سلطان أخت السلطان مصطفى فحاز شرف المصاهرة بالعائلة السلطانية ، وفي سنة ١١٧٦ في رمضان توفي إلى رحمة الله ودفن في محلة قوسقة في جوار مكتبته التي أنشأها هناك.

وكان وزيرا عالما عادلا يعرف الألسنة الثلاثة (التركية والعربية والفارسية) وكان شاعرا ومنشئا في هذه الألسنة وله من المؤلفات سفينة العلوم (٢) أودع فيها أنواعا من العلوم والفنون ، وقد طبع في أوربا ، وفي زمن صدارته كانت حضرته مجمعا للعلماء والأدباء ، وكان حسن المعاشرة يميل للممازحة وله مع شعراء عصره مطارحات ومساجلات مدونة وبالأخص مع الشاعرة الشهيرة فطنت خانم (صاحبة الديوان) وجمع شعره في ديوان ، وجمع في مكتبته نوادر الكتب وجعل في بنايتها مكتبا وسبيلا ، وله في نواحي حلب والأناضول آثار حسنة من بناء الجسور وغيرها وقد تضمن شعره ضروبا من الأمثال والحكم ، ومن نظمه في التركية :

(١) كمالكدن خبر ويركيمسه سندن احتشام آلماز.

(٢) مظفر وقت فرصتده عدودن انتقام آلماز

(٣) كوريكندن كيمسه لر عالمده مهجور أولمسون

(٤) بولمسون يا رب تعين ناسزالردن بري

اه ما في قاموس الأعلام.

__________________

(١) يستفاد منه أن الرقة في هذا الحين كانت واسعة العمران ذات شأن عظيم.

(٢) مطبوع في مصر في مطبعة بولاق سنة ١٢٨٢

(١) أخبرنا عن كمالك فلا أحد يغبطك عليه.

(٢) الظافر لا ينتقم من عدوه وقت الفرصة

(٣) أرجو أن لا يكون أحد محروما مما رأيته.

(٤) يا رب لا تسد منصبا لمن لا يستحقه.

٢٦٩

وقال في هامش الجزء الثاني من المرادي : كان نقش خاتم محمد راغب باشا هذا البيت :

بمحمد يرجو الأمان محمد

مما يخاف وفي نوالك راغب

وله ترجمة على ظهر كتابه «سفينة العلوم» المطبوع في مصر ، ومما قاله هناك : توجد مؤلفاته في مكتبته بالقسطنطينية تعرف باسمه وفيها مدرسة للعلوم ومطبخ للفقراء ، وله تربة جميلة تعرف باسمه بقرب المدرسة تستحق النظر إليها ومشاهدتها ، وكان من أحسن رجال زمانه ، وله البراعة الكاملة في حسن التدبير وسياسة الأحكام ، وكان في انعقاد شروط الصلح في بلغار الذي تم سنة ١٧٣٩ م ، ثم بعد ذلك أرسل واليا على مصر ثم على آيدين ثم على حلب ، وفي جميع مناصبه أظهر كل حكمة وعدالة في السياسة بين الرعايا على مشرب الدولة العلية ، وقد اتضح حسن تدبيره في قتل المماليك في مصر عندما أرسل من طرف الدولة وخلص تلك العباد من تسلط أولئك العصاة الذين كانوا أبقوا شوكتهم يزعجون الباب العالي فأنعم عليه بعطايا جزيلة لأنه أراح منهم الدولة والأهالي. ولما جلس السلطان مصطفى على كرسي السلطنة العثمانية أبقى الصدر المشار إليه فسلمه الأحكام وزوّجه أخته ، وأخذ يجتهد في تقوية العساكر والمتجر والزراعة ونشر العلوم ، وزاد في عمارة السفن الحربية وعوض الخسارات وكثر الأموال في الخزينة ، وكان يميل إلى الحرب ويشوق السلطان إلى ذلك ليأخذ لقب الغازي لكن عاجله الموت فتأسفت عليه رجال الدولة رحمه‌الله رحمة واسعة.

سنة ١١٧٠

كان الوالي فيها جته لي زاده عبدي باشا كما في السالنامة. والذي يظهر أنه عبد الله باشا الفراري وهذه ولايته للمرة الثانية ، وتولى ثالثا سنة ١١٧٣ ، وتأتي ترجمته ثمة ، ثم تولى بعده في هذه السنة علي باشا كما في السالنامة ، ويظهر أن مدته لم تطل سوى أشهر قلائل.

تولية حلب لأسعد باشا العظم

في هذه السنة ولي حلب أسعد باشا العظم. قال ابن ميرو في تاريخه : هو أسعد الوزير الشهير ابن إسماعيل الوزير الشهير بابن العظم ، مولده بمعرة النعمان سنة سبع عشرة ومائة وألف ، صار ، متسلما لوالده بالمعرة وحماة وامتحن مع والده وأفرج عنه حين أفرج عن

٢٧٠

والده وأمر بالذهاب مع والده إلى خانية فاستعفى لعلة كانت به عن الذهاب ، فعفي عنه وبقي عند عمه سليمان الوزير بأطرابلس ، ثم أنعمت الدولة لعمه المذكور له بمالكانة حماة وتوابعها مناصفة وذهب إليها وسار بها سيرة حسنة وعمر بها خانات وحمامات وبساتين ودور ليس لذلك كله في البلاد الشامية نظير ، ثم أنعمت له الدولة بطوخين برتبة روملي وصار جرداويا لأمير الحاج علي باشا الوزير بن عبدي باشا الوزير سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف ، ثم بعد عوده ولي صيدا فضاق بها ذرعا لأمور يطول شرحها فاستعفى وطلب حماة منصبا بعد أن كانت مالكانة له ولعمه كما تقدم ، فرفعته من المالكانة ووجهت له منصبا ودخلها سنة أربع وخمسين وماية وألف وبذل الأموال إلى أن جعلها مالكانة له بعناية الوزير الكبير بكر باشا والي جدة سابقا ، وفي سنة ست وخمسين تولى دمشق وإمرة الحاج لموت عمه سليمان الوزير وحج بالحجيج أربع عشرة حجة وعزل عن دمشق وإمرة الحاج بالوزير حسين باشا مكي زاده وولوه حلب ، فدخلها أوائل جمادى الآخرة سنة سبعين ومائة وألف ، وبعد ستة أيام من دخوله إليها عزل وولي مصر فاستعفى فقرر بحلب إلى أوائل سنة إحدى وسبعين وماية وألف ، ففي محرمها عزل وولي سيواس فرحل إليها وهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، فدخلها في اواخر ربيع الأول ، ثم في ثامن رجب من السنة المذكورة وصل الأمر العالي عن يد محمد آغا الأورفلي رئيس البوابين بالباب العالي بالقبض على صاحب الترجمة ونفيه الى جزيرة كريد ، ونسبوا ما وقع للحجيج له ، وأخر من سيواس لنحو الجزيرة المذكورة.

فقتل بمدينة أنقرة ليلة خامس شعبان من السنة المذكورة بداخل حمام. وكان ملازما للصلاة بالجماعة وكثرة الطواف وزيارة روضة سيد الأنام حين تردده إلى الحرمين رحمه‌الله تعالى وسامحه ، وأعقب بنتا زوّجت من ابن عمها محمد باشا الوزير المترجم آنفا.

تولية حلب للوزير عبد الجليل زاده حسين باشا

قال العلامة المرادي : حسين باشا ابن إسماعيل باشا الجليلي وحيد دهره وفريد عصره عدلا وكرما ورياسة وتقدما ، تعاطى كؤوس الفضل شابا وكهلا وشيخا ورسخ قدمه في المحاسن رسوخا. كان في العزم والثبات والحزم في مكان لا ينال. ترجمه عثمان الدفتري في كتابه الروض فقال : صاحب الآثار المعمورة والمحامد المبرورة ، الذي قلد أعناق الأنام

٢٧١

بقلائد نعمه وأورق أغصان الآمال بسحب سيبه وكرمه ، روح جسد هذا الزمان إنسان عين كل إنسان ، تميمة قامة الدهر نتيجة وزراء العصر ، ذو المحامد المنوعة والمكارم المرصعة ، سحاب المجد والسماحة مالك أزمة العلو والرجاحة ، حسيني الأخلاق طاهر العنصر والأعراق. وترجمه جامع هذه الكراسة في كتابه مراتع الأحداق فقال : ماضي بيض الصوارم فاضح الغمائم ، صيب البنان طلق الجنان ، حاوي الفخر درة العصر ، حياة العلا وضاح الجلا ، زناد الفضل الموري عطايا فلك العز المضيء بالسجايا. إلى أن قال : ظهر ظهور الشمس في الآفاق فأصبح في الوزراء بمنزلة الأحداق ، فبهر فضله واشتهر عدله ، وانبسطت لوجوده بسط الأفراح وانطوت بطالعه السعيد منشورات الأتراح ، واعتدل مزاج الزمان بعد انحرافه وامتنع المجد لعدله ومعرفته من انصرافه ، وانتعش جسم العلم بعد أن انتعش وانمحى ما كان من الجور على صحيفة الزمان قد انتقش ، وسرت حميا عطاياه بمشاش العديم فأصبحت أيامه رياش الدهر البهيم ، فأقام سوق الفضل بعد ما كسد وأصلح من العلا ما أندرس وفسد ، وكانت وزارته سنة ست وأربعين ومائة وألف ، ثم في سنة سبعين ومائة وألف ولي حلب (يظهر أن هذا أصح مما ذكره في السالنامة أن ولايته كانت سنة إحدى وسبعين) ثم عاد إلى مسقط رأسه بلدة الموصل وتوفي بها سنة إحدى وسبعين بعد المائة والألف ودفن بالجامع الذي أنشأه ولده محمد أمين باشا ، ومولده كان بالموصل سنة سبع ومائة وألف ورثته الشعراء بمراثي عديدة يطول ذكرها ، وله مع الوزير أحمد باشا والي بغداد وقائع عدة اه.

قال بكري الكاتب في مجموعته : وفي أيامه وقع غلاء عظيم عم جميع النواحي.

سنة ١١٧١

كان الوالي فيها محسن زاده محمد باشا كما في السالنامة

سنة ١١٧٢

ذكر تولية حلب لمحمد باشا الجتجي

قال المرادي في ترجمته : اجتاز بحلب قبل الوزارة وبعدها سنة سبعين لما ولي منصب طرابلس ، ثم ولي حلب سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف فنزل بالميدان الأخضر أواخر المحرم

٢٧٢

من السنة المذكورة ثم ارتحل لجهة عينتاب وكلز ، ثم عاد ونزل داخل البلدة ، وكان الغلاء قد عمّ حتى بيع المكوك الحلبي من الحنطة بمائة وستين قرشا وكثرت الموتى من الجوع ، فعزل من حلب وولي دمشق وحج سنتين وعزل من دمشق بسبب عزل شريف مكة الشريف مساعد بن سعيد وتولية الشريف جعفر بن سعيد مكانه ، فلما قفل الحجيج من مكة عاد الشريف مساعد وأزاح أخاه عن الشرافة ووليها وعرض للدولة العلية بذلك فكان أقوى سبب في عزله ، وولي ديار بكر فنهض إليها وهو متوعك المزاج إلى أن توفي بها في جمادى سنة أربع وسبعين ومائة وألف.

قال في السالنامة : وتولى بعده في هذه السنة مصطفى باشا.

سنة ١١٧٣

تولية حلب لعبد الله باشا الفراري للمرة الثالثة

قدمنا أنه تولاها سنة ١١٦٦ للمرة الأولى وهذه ولايته الثالثة.

قال المرادي في ترجمته : هو عبد الله بن حسن باشا الشهير بالفراري ، ومعناها الهارب ، الحنفي الشريف ، كان في دولة المرحوم السلطان محمود ابن السلطان مصطفى خان الثاني أمير أخور ، ثم ولي جزيرة قبرص بالوزارة ، ثم ولي آيدين ومنها دعي للختام (هكذا) فدخل إسلامبول مختفيا إلى دار السلطنة ودخل للعرض وفوض له المرحوم السلطان محمود الوكالة المطلقة إذ ذاك ، ثم عزل منها وولي مصر القاهرة سنة ١١٦٤ فوصل إليها في رمضان ، ثم عزل عنها وولي حلب ودخلها سنة (لم يذكر وقد قدمنا أن ولايته الأولى كانت سنة ١١٦٦) ثم ولي أورفة ثم عاد إلى حلب سنة (لم يذكر أيضا وولايته الثانية كانت سنة ١١٧٠) ثم ولي ديار بكر وكان بها الغلاء وعمّ تلك الديار بل سرى في جميع البلاد حتى بيع الشنبل من البر الحلبي بأحد عشر قرشا ، وأما نواحي ديار بكر وأورفة وماردين فإنهم أكلوا الميتة بل أكل بعض الناس بعضهم ، وثبت ذلك لدى الحكام واشتد عليه وعلى أتباعه الخطب واستولى عليهم المرض ففرج الله عنه وعنهم بالعزل منها. وولي حلب ثالثا ودخلها مسرورا في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف. وكان رحمه‌الله سخيا حسن المعاشرة ذا معرفة واطلاع على كلام القوم ، واستقام بحلب إلى أن توفي يوم السبت في الساعة الرابعة من النهار سنة أربع وسبعين ومائة وألف ذاكرا كلمة الشهادة جاهرا بها ودفن بتكية الشيخ أبي بكر رحمه‌الله اه.

٢٧٣

قال ابن ميرو : وكان يستحضر غالب عبارة الإنسان الكامل للجيلي وكل من ذاكره لا يشك أنه ممن عانى خدمة الطريق مدة عمره لقوة حافظته ، وتوفي عن سن عالية ممتعا بحواسه ذاكرا كلمة الشهادة يجهر بها إلى أن فارق الدنيا وكانت وفاته بدار العدل.

سنة ١١٧٤

كان الوالي فيها بكر باشا كما في السالنامة.

سنة ١١٧٥

كان الوالي فيها مصطفى باشا.

قال في قاموس الأعلام : انتظم صاحب الترجمة في سلك (سلحشوان) ولذكائه عين بعد مدة وجيزة قبوجي باشا ، وفي سنة ١١٥٩ صار أمير أخور أول ، وفي سنة ١١٦٣ صار أمير أخور ثاني ، وفي سنة ١١٦٥ في زمن السلطان محمود الأول رقي لمنصب الصدارة وبقي فيها سنتين ونصف ، وفي سنة ١١٦٨ لما توفي السلطان عثمان خان الثالث أبقي في منصب الصدارة ثم عزل بعد شهرين ونفي إلى مدللي ، وفي سنة ١١٦٩ صار واليا في مورة ثم أحضر إلى الآستانة وأعيد إلى منصب الصدارة بقي فيها نحو تسعة أشهر ثم عزل سنة ١١٧٠ ونفي إلى رودس ، وفي سنة ١١٧١ عيّن لمصر ، وفي سنة ١١٧٣ عيّن لجدة ، وفي سنة ١١٧٥ عيّن واليا على حلب ، وفي سنة ١١٧٧ في زمن السلطان مصطفى أعيد لمنصب الصدارة ثم عزل سنة ١١٧٨ ونفي إلى مدللي وهناك أعدم لأمور جرت منه. وعمر جامعا في محلة أبي أيوب الأنصاري وتكية للنقشبندية وأحضر رأسه ودفن هناك ، وكان شاعرا أورد له في القاموس بيتين من الشعر التركي.

سنة ١١٧٧

ذكر ولاية محمد باشا العظم الدمشقي

في هذه السنة ولي حلب الوزير محمد باشا العظم الدمشقي.

قال المرادي في سلك الدرر : هو محمد باشا ابن مصطفى بن فارس بن إبراهيم وجده لأمه الوزير الشهير إسمعيل باشا الدمشقي الشهير بابن العظم الوزير الكبير صاحب

٢٧٤

الرأي السديد والحزم والتدبير ، كريم الشيم والأصول ومن جمع من أنواع المزايا وشرائف السجايا وبدائع الكمالات ما لا تحيط به العقول.

ذا وزير لم يأل في النصح جهدا

ظل يسعى بكل أمر حميد

ومتى عدّ آل عثمان جمعا

يا لعمري فذاك بيت القصيد

كان من رؤساء الوزراء عفة وكمالا وعدلا ودينا وسخاء ومروءة وشجاعة وفراسة وتدبيرا ، وكان واسع الرأي مهابا بحيث يتفق أنه يفصل الخصومة بين الشخصين بمجرد وقوفهما بين يديه ونظره لهما ينقاد المبطل للحق ، وهذه المزية قد استأثر بها ، وكان يحب العلماء والصلحاء والفقراء ويميل إليهم الميل الكلي ويكرمهم الإكرام التام باليد واللسان ، ذا شهامة وافرة وشجاعة متكاثرة وحرمة واحتشام وكمال مشهور في الأنام ، طاهرا من كل ما يشين مشغول الأوقات إما بفصل الخصومات بين المسلمين أو بتلاوة كتاب الله المبين أو بالصلاة على سيد المرسلين أو اصطناع يد أو إسداء معروف إلى أحد من المساكين ، لم تسمع عنه زلة ولم تعهد له صبوة ولم يوقف له على كبوة ولا هفوة ، ميمون الحركات والسكنات مسعودا في سائر الأطوار والحالات بحيث إنه لم يتفق له توجه إلى شيء إلا ويتمه الله له على مراده ، ولم يتعاص عليه أحد إلا ويكون هلاكه على يديه. ولد بدمشق سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف وبها نشأ وقرأ وحصل وبرع وتنبل ، ثم ذهب إلى حلب سنة ثلاث وستين ومائة وألف مع خاله الوزير الشهير سعد الدين باشا لما وليها ودخل معه طرابلس مرات ، ثم استقام بدمشق وعكف على تحصيل الكمالات إلى أن بلغ مصطفى خان وفاة الوزير سعد الدين باشا فنظر إلى المترجم بأنظار اللطف وأنعم عليه برتبة أمير الأمراء بروم إيلي مع عقارات خاله أسعد باشا الشهير ، فترقى بذلك أوج السعادة ، وبعد برهة من الزمان أنعم عليه برتبة الوزارة فأتت إليه منقادة مع الإنعام بمنصب صيدا وذلك سنة ست وسبعين ومائة وألف ، فنهض من دمشق إليها وسار السيرة الحسنة بين أهليها ، ثم انفصل عنها وولي حلب فدخلها رابع عشري شعبان سنة سبع وسبعين ومائة وألف ، وكانت حلب مجدبة ولم يصبها المطر فحصل بيمن قدومه كثرة أمطار ورخاء أسعار ونمو زروع وعامل أهلها بالشفقة والإكرام ورفع عنهم من البدع ما كان ثلما في الإسلام فأثلج بذلك الصدور وأحيا معالم السرور ، منها إزالة منكر كان قد حدث بها سنة إحدى وسبعين ومائة وألف ، وذلك أنه جرت العادة في بعض محلاتها أن تفتح حانات القهوة ليلا وتجتمع بها الأوباش إلى أن زاد

٢٧٥

البلاء وفجرت النساء مع ما ينضم إلى ذلك من شرب الخمور وفعل المنكرات وأنواع الفساد ، فحانت التفاتة من صاحب الترجمة في بعض الليالي من السطح إلى ذلك فقصده مختفيا وأزاله ، وفي ثاني يوم أمر بإزالة هذا المنكر ونبه على أن لا تفتح الحانات ليلا أبدا ، فطوى بسبب ذلك بساط الفجور وانجلى من ظلمة المعاصي الديجور ، ومن جملة ما رفعه من المظالم بحلب حين توليه لها بدعة الدومان عن حرفة الجزّارين التي أوغرت صدور المسلمين ، وكان حدوثه بها سنة إحدى وستين بعد المائة والألف ، والدومان اسم لمال يجتمع من ظلامات متنوعة يستدان من بعض الناس بأضعاف مضاعفة من الربا ويصرفه متغلبو هذه الحرفة في مقاصدهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة ، وطريقتهم في وفائه أن يباع اللحم بأوفى الأثمان للناس من فقراء أو أغنياء وتؤخذ الجلود والأكارع والرؤوس والكبد والطحال بأبخس ثمن من فقراء الجزارين جبرا وقهرا ، كل ذلك يصدر من أشقياء الجزارين ومتغلبيهم إلى أن هجر أكل اللحم الأغنياء فضلا عن الفقراء وأعضل الداء. واتفق أنه في سنة ست وسبعين كان قاضيا بحلب المولى أحمد أفندي الكريدي فسعى في رفع هذه البدعة ، فلم تساعده الأقدار فباشر بنفسه محاسبة أهل هذه الحرفة الخبيثة ورفعها وكتب عليهم صكوكا ووثائق وسجلها في قلعة حلب ، فلما عزل عاد كل شيء لما كان عليه ، فلما كان أواخر محرم سنة ثمان وسبعين قبض صاحب الترجمة على رئيسهم كاورحجي وقتله وأبطل تلك البدعة السيئة وصار لأهل حلب بذلك كمال الرفق والإحسان. وامتدحه أدباؤها بالقصائد البديعة ، فمن ذلك ما قاله الشهاب أحمد الورّاق :

أعرف البان أم نفح الورود

أطيب المسك أم أنفاس عود

أروض مر سجساج عليه

فتم بسره غب الورود

أم الأزهار أيقظها نسيم

فضاعت بالشذا بعد الرقود

ومنها :

ومن وفّى المعالي مهر مثل

له دانت على رغم الحسود

ومن يذكو أريج الخيم منه

زكا فعلا ووفى بالعهود

ومن يبغ المكارم لا يبالي

بما يوليه من كرم وجود

ومن هانت عليه النفس نالت

يداه ما يروم من الوجود

ومن يطع الإله ينل مراما

ويحرز ما يسر من المجيد

٢٧٦

ومن يرد اكتساب الحمد تنأى

مطامعه عن الأمل البعيد

ومن يول الجميل لكل عاف

ينل حمدا مع المدح المزيد

ومنها :

وأذهب بدعة الدومان تسمى

بخسر مؤلم كبد المريد

فكم ذبح الفقير بغير جرم

بسكين المظالم والحقود

ومنها في الختام :

ودم في ذروة المجد المعلى

كبدر التم في شرف الصعود

أقول : وهي طويلة أوردها المرادي بتمامها وقد اقتصرنا منها على هذا المقدار (قال) :

ثم إن المترجم عزل من حلب في منتصف شوال سنة ثمان وسبعين وولي إيالة الرها المعروفة بأورفة فاستقام بحلب إلى أن ورد منشوره في ذي القعدة فنهض إليها ولم تطل إقامته بها ، فعزل عنها وولي إيالة آدنة فنهض منها واجتاز بحلب ودخلها في المحرم سنة تسع وسبعين ونزل بتكية الشيخ أبي بكر وتوجه إلى آدنة ، فقبل وصوله إليها ولي إيالة صيدا فكر راجعا إلى صيدا ودخلها في صفر من السنة المرقومة ثم عزل عنها وأعطي قونية ، ثم ولي الشام وإمارة الحاج الشريف بعد الوزير عثمان باشا فدخلها في شهر رجب سنة خمس وثمانين ومائة وألف وصار لأهلها به كمال الفرح والسرور وسلك سبل العدل وتردى برداء الإنصاف ، ثم عزل عنها في ربيع الأول سنة ست وثمانين وأعطي قونية ، ثم أعيد إلى ولاية دمشق وإمارة الحاج في سنة سبع وثمانين وأقبل على أهلها بكمال الإكرام ووفور الاعتناء التام ، وكانت أيامه بها مواسم أفراح واستمر واليها إلى حين وفاته. وراج في أيامه سوق الشعر فمدحه الشعراء بالقصائد الطنانة وأهلك الله على يده جملة من الخوارج منهم علي ابن عمر الظاهر الزيداني قتله في رمضان سنة تسع وثمانين وصالح العدوان من بغاة المشايخ ومرعي المقدّاني الشيعي وغيرهم من البغاة وقطاع الطريق ، وراقت دمشق وما والاها في أيامه وصفا لأهلها العيش ونامت الفتن وسلم الناس من الإحن. وبنى بدمشق آثارا حسنة صار بها ارتفاق للمسلمين ، منها السوق الذي بناه بقرب داره تجاه القلعة الدمشقية عند المدرسة الأحمدية ، وبنى فيه سبيلا لطيفا محكما وأجرى إليه الماء من نهر القنوات ، وعمل لضريح الأستاذ الأكبر محيي الدين بن العربي قدس الله سره تابوتا من النحاس الأصفر ويوضع على

٢٧٧

قبره ، وعمر غالب ضرائح الأنبياء والأولياء والصحابة بدمشق وما والاها من البلاد ، وبنى في طريق الحاج الشريف قلعة لبئر الزمرد واصطنع فيه آثارا جميلة ، وعمرّت في أيامه دار خزينة السراي بدمشق سنة ست وتسعين وبنى الجهة القبلية في السراي المرقومة جميعها وبنى محكمة الباب.

وكان رحمه‌الله تعالى له مبرات كلية وصدقات جلية وخفية خصوصا لمن أدركهم الفقر من ذوي البيوت وأهل العلم بدمشق فكان يتفقد أحوالهم ويبرهم ويكرم نزلهم ، وله عطايا جزيلة كل سنة للعلماء وأهل الصلاح والدين وإغاثة كلية للضعفاء والمساكين ، طاهر الذيل واللسان واليد من كل ما يشين ، ومدح من أدباء دمشق بالقصائد العديدة التي لو دونت لبلغت مجلدات وكان يجيزهم على ذلك الجوائز السنية ، وكانت أوقاته مصروفة في أنواع القربات من تلاوة قرآن واشتغال بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو رفع ظلامة عن مظلوم أو تنفيس كربة عن مكروب ، وبالجملة فهو أحسن من أدركناه من ولاة دمشق وأكملهم رأيا وتدبيرا ، ولم يزل على أحسن حال وأكمل سيرة حتى توفي بدمشق وهو وال عليها ثالث عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين ومائة وألف وحمل بمجمع عظيم لم يتخلف عنه أحد من أهل دمشق من الرجال والنساء ودفن بتربة الباب الصغير شمالي ضريح سيدنا بلال الحبشي رحمه‌الله تعالى اه باختصار قليل.

سنة ١١٧٨

ذكر تولية حلب لمحمد باشا الوزير

قال الفاضل عبد الله ميرو في تاريخه لحلب : محمد باشا الوزير دخل حلب برتبة روملي أمير الأمراء منفصلا على كلز سنة ثمان وسبعين ومائة وألف وأمرته الدولة العلية بنظام بيلان وباياس ، فنهض من حلب إلى أنطاكية ، وكان قتل بأنطاكية قره إبراهيم آغا غيلة قتله جماعة من أهل أنطاكية لأمور يطول شرحها ، ففتش صاحب الترجمة على القاتلين فظفر بالبعض ورتب جزاءهم ونهض منها إلى باياس وكان أهلها قد شقوا عصا الطاعة فحاصرهم ورئيسهم موسى بن إبراهيم ويس ، فبعد محاصرتهم ظفر بهم وعاد لحلب مظفرا فأنعمت عليه الدولة العلية المرتبة العالية الوزارة وكانت هي حاجته وأمنيته ، فاستقام بحلب إلى أن عزل في ست من شوال سنة ثمانين ومائة وألف بالوزير علي باشا ابن كور أحمد باشا الوزير ، ونهض

٢٧٨

صاحب الترجمة من حلب غرة ذي القعدة إلى مقر حكومته الرها ، وكان صاحب الترجمة قبل أن يتولى كلز أمير الأمراء بالرها وهي أول مناصبه.

وكان في أيامه بحلب الغلاء المفرط إلى أن بيع المكوك الحلبي من الحنطة بمائتي قرش وحصل للناس الكرب العظيم. وفي زمنه صلبت المرأة الفاحشة فاطمة الشهيرة بعزة قاش لأمور يطول شرحها. وفي زمنه نفي جناب السيد محمد أفندي نقيب الطالبيين بحلب الشهير بجلبي أفندي ابن المولى السيد أحمد أفندي طه زاده إلى بروسة بشكاية أحد أهالي حلب ، وخرج المذكور من حلب ثاني عشر شعبان سنة ثمانين ومائة وألف كما هو مشروح في ترجمته (لم أرها فيه).

وصاحب الترجمة كان في حجر عبد الله باشا أمير عشير أكراد الخانة من أعمال شهر زور ثم انتقل إلى أحمد باشا الوزير والي بغداد ، وبعد حصار بغداد خرج فارّا مع آغوات المشار إليه لما بلغهم عود طهماس إلى محاصرة بغداد مرة ثانية ، وكان بها الوزير أحمد باشا الشهير بابن الجمال الرهاوي فاستخلصه لنفسه وبقي في خدمته إلى أن توفي المشار إليه بمرج دابق ، وكان صاحب الترجمة ديونداره وأحسن عشرته مع الناس ، فرجع بعد مدة إلى الرها وصاهر بني الجمال وصار كتخداي الجاويشية بها. ثم في زمن الوزير الصدر الشهير راغب محمد باشا استدعي صاحب الترجمة إلى أبواب السلطنة فأنعم بسلحشورية خاص واستقام في الخدمة برهة وعاد إلى الرها واستقام إلى أن صار طاعون سنة خمس وسبعين ومائة وألف توفي مطعونا واليها الوزير سعد الدين باشا عظم زاده ووليها الوزير مصطفى باشا شاه سوار زاده ، وبعد وصوله إليها بأيام قلائل توفي الوزير أيضا مطعونا ، فلما بلغ الدولة العلية ذلك أحسنوا للمترجم برتبة أمير الأمراء ومنصب أورفة (ومنها لحلب) ومنها عيّن إلى ملاطية ، وبعد رجوعه في عام إحدى وثمانين أعطوه منصب مصر ذهب برا ورجع برا ، ثم أعطي منصب الرقة ثالثا وعيّن للسفر سائق العسكر ، وبعد وصوله للأوردي جعلوه سر عسكر قلاص وذلك سنة ١١٨٤ ، ويظهر أنه توفي هناك في هذه السنة ولا عقب له.

سنة ١١٨٠

ذكر تولية حلب لعلي باشا الكور

قال المرادي في ترجمته : هو علي باشا الوزير ابن كور أحمد باشا الوزير ، دخل واليا تاسع عشر ذي القعدة سنة ثمانين ومائة وألف ، وفي الرابع عشر من ذي الحجة من السنة

٢٧٩

المذكورة أحسنت له الدولة بمنصب القارص ، ونهض من حلب رابع المحرم سنة إحدى وثمانين ومائة وألف ، وكان متحجبا عن الناس ، وفي زمنه طرد من كتابتي القسمة العسكرية والبلدية من محكمة حلب أحمد وولده أحمد أيضا البكفلوني بموجب أمر عال سعى بإصداره بعض أهل الخير المقيمين بدار الخلافة جزاهم الله خيرا ، وتوفي الوزير المترجم في بندر في سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف ، وكان ذا حشمة ووقار وسكينة محبا للعلماء ومكرما لهم رحمه‌الله تعالى رحمة واسعة اه.

سنة ١١٨١

كان الوالي فيها محمد أمين باشا الأورفلي.

سنة ١١٨٢

كان الوالي فيها رجب باشا. قال الطرابلسي (١) : في سابع ذي القعدة من هذه السنة تقاتلت الأنكجارية مع الدالاتية وقتلوا باقي آغا الدالاتي وقطّعوه إربا في بانقوسا.

سنة ١١٨٣

كان الوالي فيها أحمد باشا زاده محمد باشا ، ثم محمد باشا ، ثم عبدي باشا للمرة الأولى الثلاثة في هذه السنة كما في السالنامة.

قال الشيخ بكري الكاتب في مجموعته : في هذه السنة وقع مطر في رمضان في تموز عظيم مات بسببه خمسون نفسا ، ووقع مكتب لليهود في محلة بحسيتا مات تحته عشرة أولاد وحاخام وامرأة وابنها.

قال الطرابلسي : في ٢٤ من صفر قامت الأشراف على التفنكجية ورفعوهم بأمر الأعيان بعد ما صار القتل بين الفريقين اه.

__________________

(١) ظفرنا بمجموع عند بعض الوجهاء بخط محمد أفندي الطرابلسي فيه حوادث من سنة ١١٨٢ إلى ١٢٠١ وعبارته قريبة من العامية فنقلنا منه ما له تعلق بتاريخ الشهباء.

٢٨٠