رحلة ريج

كلوديوس جيمس ريج

رحلة ريج

المؤلف:

كلوديوس جيمس ريج


المترجم: اللواء بهاء الدين النوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

وعشيرة (دزه يي) كردية كانت تابعة فيما سبق إلى (كوى سنجاق) ، وقد فصلها باشا بغداد عن كل من (كوى سنجاق) و (أربيل) وجعلها تحت سلطته المباشرة ؛ وهذا مما جعل العشيرة لا تبالي بأحد. لقد طرد فارس آغا مموننا قائلا له إنه غير تابع إلى وزير بغداد ، أو باشا كردستان أو شاه إيران ، بل إنه سيد نفسه ، يعيش في بلاده ، ويرفض قبول الضيوف فالأفضل لنا أن نذهب إلى (أربيل). وعلى هذا لم يبق لنا أمل ، وفي الحقيقة كان الأفضل لنا والأرجح أن نستمر في طريقنا فنكسب يوما ، فاستأنفنا طريقنا بعد توقف بضع دقائق. وفي الحادية والنصف ترجلنا عند جدول ماء صغير لتناول كوب من القهوة وابتعد حملة الأثقال عنا مسافة. ثم ركبنا في الثانية عشرة وسرنا باتجاه شمالي ، وفي الواحدة والنصف بعد الظهر تراءت لنا (أربيل) باتجاه شمالي شرقي بعشر درجات ، وبعد مدة قليلة ظهرت معالمها واضحة ، وعندها رسمت منظرها (١). لقد كان منظر الطنف المسطح الذي ، ربما كان مدفنا للأرساسيديين ، تعلوه القلعة ومن ورائه جبال الكوردوشيين ، منظرا قشيبا حقّا. لقد استقبلنا قرب المدينة نائب حاكمها على رأس خمسين أو أربعين خيالا تركيّا يتقدمهم العرفاء والطبالون. لقد كنت في غنى عن شرف هذا الاستقبال ، إذ كاد الغبار يخنقنا قبل ترجلنا. ووصلنا إلى محلنا في الثالثة والنصف ، وقد سرنا اليوم ثماني ساعات وأربعين دقيقة.

أقمنا خيامنا عند (كهريز) ، أو قناة ماء تعود إلى الحاج قاسم بك (٢) على بعد قليل من الجنوبي الغربي من المدينة. وقد خيمت قبلنا بالقرب منا جماعة صغيرة من عشيرة حرب العربية. وظهر لي أن العرب ، بعد

__________________

(١) راجع اللوح.

(٢) ولا يزال هذا الكهريز ينعت باسم كهريز قاسم آغا وهو والد المرحوم يعقوب آغا كبير وجهاء أربيل وأحد شعرائها البارزين ـ المترجم.

٣٢١

مضي وقت طويل على آخر عهدي بهم ، أنهم أناس قذرون صفر الوجوه غير محبوبين ؛ أما سكان أربيل فكرد وأتراك.

وفي طريقنا اليوم مررنا بقافلة ذاهبة إلى بغداد تحمل بصلا وبذور البصل. وكان بانتظاري في (أربيل) مضيفي القديم (حسين) آغا وقد أوفده باشا الموصل لمرافقتي. لقد قررت البقاء في (أربيل) مدة يوم أو يومين لإراحة جماعتي ، وكراء بغال أخرى وتوديع عمر آغا (١).

درجة الحرارة ـ ٥٨ درجة في الخامسة ق. ظ. و ٩٤ درجة في الثانية والنصف بعد الظهر و ٥٩ درجة في العاشرة ب. ظ.

٢٧ تشرين الأول :

نهضت مع الفجر ، وبدأت أعمالي فورا (٢) فذهبت أولا إلى المنارة القديمة ، وهي أبرز مظاهر المدينة. أما جامعها فمنهدم خرب (٣) ، وقد نبشت أسسه كلها وأخرجت أنقاضها وآجرها. وارتفاع المنارة مائة وواحد وعشرون قدما ، ومحيط قطرها واحد وعشرون قدما وهي قائمة على قاعدة مثمنة طول كل ضلع منها تسعة أقدام وإحدى عشرة عقدة ويتراوح ارتفاعها بين الثلاثين والأربعين قدما ، وفي داخل قطرها درجان لولبيان لا اتصال بينهما حتى الشرفة أو الصحن ، والصحن متهدم مع ما يعلوه من قمة المنارة التي لم يسلم منها إلا بعض ما تبقى من الساق الذي يعلو الصحن عادة. والمنارة مشيدة على طراز منارة (طاووق) ويظهر أنها تعود

__________________

(١) لا نجد ذكرا لهذه الشخصية الشريفة بعد الآن. لقد افترق والمستر ريج عن بعضها في (أربيل) والأطناب في ذكره مما يحزن ، وسكوت مذكرات المستر ريج عنه دليل على التأثر.

(٢) راجع الملحق.

(٣) ولا أثر اليوم حتى لهذه الخرائب ، وقد تملك أرضها الناس وجعلوها مزارع ـ المترجم.

٣٢٢

٣٢٣

إلى عهد الخلفاء ، أو بالأحرى إلى عهد أمراء (أربيل). وكانت الخرائب تحيط بها ، وهي أكوام من الأنقاض كأنقاض بغداد القديمة. وكانت بقايا السور والخندق ظاهرة ، سيما من جانب مخيمنا الذي ضربناه بالقرب منها. ويبدو أن المدينة كانت فيما مضى جد واسعة ؛ وربما كانت بسعة بغداد الحالية. وتقع (أربيل) عند سفح الطنف الاصطناعي ، وعلى الجانب الجنوبي منه خاصة ؛ وفيها حمام واحد ، وخانات وأسواق. ويقع قسم من المدينة فوق الطنف ويسمى هذا بالقلعة. وهنالك إلى الشرق من المدينة ، وبالأحرى إلى شمالها قليلا منخفض يدعى وادي (جي كونم) يقال إن تيمورلنك نصب خيمته فيه ، عندما حاصر (أربيل) ، وإن شيخا دينيّا من (أربيل) نشر الرعب في جيشه فأخذ يتفرق فصاح تيمورلنك عند ذاك بالفارسية قائلا : «جي كنم» أي «ماذا أعمل؟» فأصبحت العبارة علما للوادي (١).

درجة الحرارة ـ ٥٢ درجة في الخامسة ق. ظ. و ٩٠ درجة في الثانية والنصف و ٦٤ درجة في العاشرة ب. ظ.

٢٨ تشرين الأول :

استأنفت استطلاعاتي في فترات من هذا اليوم ، وأنا محاط بجمع غفير من الأربليين وقفوا على شكل نصف دائرة عن بعد ، وغلايينهم في أيديهم وأفواههم وهم يتحدثون فيما بينهم عما أعمله. ولكن لم يضايقني أحد منهم مطلقا. ولم أتمكن من إخفاء ابتساماتي كلما تذكرت ما لاقاه (دي لامير) ـ لو صحت المقارنة ـ في جوار باريس والتي تختلف عما ألقاه أنا في هذا الوسط الغريب المتوحش بدون حرس ولا خدم ، وأنا وحيد. كان تخميني لارتفاع الطنف الاصطناعي الذي تعلوه قلعة (أربيل) ، مائة

__________________

(١) هذه أسطورة ، لم نسمع عنها قبلا ـ المترجم.

٣٢٤

وخمسين قدما ، وقطره أربعمائة ياردة ، ولا أشك أنه كان فيما مضى أكثر ارتفاعا ، ويحتمل أن (قاراقللا ـ Caracalla) قد هدم ذروته. فقد حدث قبل مدة بينما كان الحاج عبد الله بك يشيد بناية فوق الطنف ، أن اكتشف العمال لحدا فيه جثة لم تغير الأيام معالمها ، ولن الجثة لم تلبث أن تفتتت بعد أن تعرضت للهواء قليلا. فإذا صح ظني أن هذا الطنف كان مدفنا للآرساسيديين ، أليس من المحتمل أن تكون تلك الجثة لأحد ملوك البرثيين؟ ولقد أخبرني الحاج قاسم بك بأن باطن الطنف مقسم إلى شقات مبنية بالآجر الكبير الحجم ، الخالي من الكتابات. وقد تأكد الحاج من ذلك عند تنقيبه في سرداب بيت له في القلعة. وقد يخمن ارتفاع الطنف بأربعين ذراعا كبيرا.

وهناك أسطورة محلية خاصة بأربيل هي أن (داريوس) (١) هو الذي بنى أربيل ، وهذا أمر غريب في بابه إذ لا توجد في أية قصة شرقية أو تاريخ شرقي أية صلة بين دارا وأربيل ، والشرقيون عموما يجهلون أمر معركة (أربيل) أو (كوكه مه لا).

وتكثر الأرانب والغزلان في سهل أربيل ، مع أسراب لا حصر لها من القطا. وتصاد الصقور البالابانية في هذا السهل أيضا ، وتصدر إلى كردستان خاصة.

درجة الحرارة ـ ٧٠ درجة في السادسة ق. ظ. و ٨٤ في الثانية والنصف ب. ظ. و ٧٤ درجة في العاشرة ب. ظ. ، الريح جنوبية شرقية ، والجو مغيم.

__________________

(١) إن لفظة (داريوس) أو (دارا) مثل لفظتي (فرعون) و (قيصر) تعني لقبا لا اسما وعليه فإن هذه الأسطورة تفيد أن المدينة قد بنيت من قبل أحد ملوك تلك السلالة.

٣٢٥

٢٩ تشرين الأول :

كان الأمس يوما مزعجا ، فقد كان المناخ يشبه مناخ كرارة (١) فالأرياح تهب عاصفة من الشرق والشرقي الجنوبي ، والجو مملوء بالغبار الذي غطى كل شيء وملأ أعيننا وخياشيمنا وأفواهنا. وسرنا اليوم في الخامسة والنصف صباحا باتجاه شمالي شرقي ، وبعد ساعة تقريبا مررنا بقرية (ره شكي) (٢) على الجانب الأيسر من طريقنا وهنا يتشعب طريق آخر إلى اليسار ويتصل بالطريق الرئيسي ثانية عند قرية (كرده شير).

والظاهر أن الأرض مزروعة بكاملها زرعا جيدا ، وهي أكثر تموجا من الأرض الواقعة في جنوب (أربيل). وكان القرويون منهمكين بالحرث ، وهو خدش بسيط لسطح الأرض ليس إلا. وقد شاهدنا ثورا صغيرا وحمارا يجران محراثا وقد ربطا إلى فدان واحد.

والظاهر أن الجبال في هذه المنطقة تنعطف نحو الشرق فتشكل قوسا ، ثم تعود فتتجه نحو الغرب عند (الزاب). ولقد أصبح بإمكاني أن أميز الآن عدة سلاسل ، الأولى هي الأرض المتكسرة ، ولم تكن هذه إلا امتدادا لجبال (شوان) والثانية التلال وهي مرتفعة قليلا يرتفع عليها تل أو تلان ، وسلسلة أخرى صخرية أمام (زغروس) التي تشرف فوق الجميع ، وتظهر أنها أكثر ارتفاعا وتكسرا في قممها من أي مرتفع أو قسم منها شاهدناه حتى الآن. وتتبين خطوط التلال على ما أعتقد ، أكثر تقاربا مما كانت عليه في كردستان. وقد شاهدنا أمامنا جبل (مقلوب) ، وإلى مسافة

__________________

(١) كرارة موقع على دجلة على بعد بضعة أميال من بغداد ، وقد اعتاد المستر (ريج) وقرينته أن يخيما فيه بعد انتهاء موسم الحر الشديد وذلك اعتبارا من أول تشرين الأول حتى نهاية كانون الثاني. وفي خلال هذه المدة كثيرا ما تهب الرياح الشرقية الجنوبية ، وقد جاء ذكر هذه الرياح هنا لتأثيرها ، سيما فيمن يعيش تحت الخيام ـ الناشرة.

(٢) وصحيحها (ره شكين) ـ المترجم.

٣٢٦

من يساره جبل (قه ره جووق) وهو جبل يقال إنه يمتد حتى (الجزيرة) و (ماردين). وإلى يمين (مقلوب) نرى سلسلتين عموديتين من التلال. وهما تمران من (عقره) وتؤلفان مع (مقلوب) منطقة (ناوكور) (١) وهي منطقة غنية جدّا في إقليم (العمادية).

كانت الأرض تزداد تموجا كلما تقدمنا ، إلا أنها لم تكن مضرسة تضرسا كبيرا ولم تكن فيها ظواهر خاصة. وبين الفينة والأخرى كنا نشاهد ربوة أو ربوتين صغيرتين ، كان الطريق يتعقب الطريق نفسها التي شاهدتها في الجانب الآخر من أربيل. وفي الثامنة والنصف تقريبا اجتزنا موقع (كرده شير) ، وهو حصن صغير يعلو ربوة وقرية صغيرة في سفح الربوة ، ويقال إن هذا منتصف الطريق إلى الزاب. وبعد مدة وجيزة اجتزنا قرية (كرده شير) الصغيرة ، وهي عن يميننا. لقد أخذ مستوى الأرض الآن بالانخفاض وكان الزاب إلى يميننا وعلى ضفته قرية (بشير) وفي الحادية عشرة وصلنا إلى قرية (كلك) على ضفاف الزاب (٢) الحصوية وكانت ضفة النهر المقابلة لهذا المكان ترتد ثم تبرز في أسفل المجرى على حين ترتد الضفة التي نحن عليها ، ويتكون من ذلك سهل تتراوح سعته بين الميل ونصف الميل حيث يتشعب الزاب في هذا السهل إلى فرعين أو ثلاثة فروع. انحدرنا إلى هذا السهل ، فاجتزنا فرعين من الزاب لا يتجاوز عمق

__________________

(١) (ناوكور) وصف لموضع أو حالة المنطقة ـ وهي سهل يقع بين سلسلتين من التلال. فالتلال أو السلسلة الواقعة إلى شرق (ناوكور) هي امتداد لجبل (ازمر) ، وتسمى بجبال (عقره) ثم (ناوكور) و (زعفرانية): ـ (زاخو). وعلى هذا يكون أول جبل اجتازه (زه نيفون) والعشرة آلاف. واللّغة الكردية كغيرها من اللغات الجبلية غنية جدّا بالمصطلحات المتعلقة بوصف العوارض والحالات الطبيعية.

(٢) يطلق الكرد وأهالي هذه البلاد على نهر الزاب اسم (زه رب) ويظهر أن لفظة الزاب اقتبسها العرب عن اللّغة الكلدانية وأن اشتقاق هذه اللفظة كما أوردها (بوكارت) صحيح ومقبول.

٣٢٧

الماء فيهما بضع عقد على أكثر تقدير. وفي الحادية عشرة والنصف وصلنا الفرع الرئيسي منه عند الضفة اليمنى وهي جرف حصوي. فعبرناه برمث. أما جيادنا وخدمنا فعبروه من مخاضة في أسفل المجرى ، حيث لا يكاد عمق الماء يزيد على الأربعة أقدام وحيث ينبسط المجرى إلى مسافة عريضة ، وكان عرض النهر في المكان الذي عبرناه منه لا يتجاوز الأربعمائة قدم في أضيق نقطة منه ، ولكنه في عمق يتراوح بين القامتين والثلاث قامات ونصف القامة. وكان التيار يجري بسرعة عقدتين أو ثلاث عقد وكان الماء شفافا ولونه بزرقة السماء ، ويفيض النهر غالبا في موسم الربيع فيطغى على السهل بكامله. وتقع قرية (اسكى كلك) اليزيدية على الجرف عند المعبر ، حيث قضينا ليلتنا ، وحيث شاهدنا الكثير من معارفنا اليزيديين (١) الذين كانوا في حراستنا في سفرتنا السابقة.

كان سيرنا بطيئا في الساعة الأولى من هذا اليوم ثم أصبح جيدا طيلة ساعات النهار الباقية ، وتقدر المرحلة الواحدة للقافلة بسبع ساعات ، إلا أننا قطعناها بخمس ساعات وخمس وخمسين دقيقة.

وتوجد مخاضات عديدة في النهر بين القرية ومصب الزاب بالقرب من (كشاف) عند دجلة ، التي تبعد مسيرة خمس ساعات (٢) ويتلاشى (الخازر) أو (بومادوس ـ Bumadus) بالزاب على مسافة ثلاث ساعات من

__________________

(١) وينعتهم الكرد البابانيون ب (داسني). انتهت الحاشية. (وذلك نسبة إلى جبل (داسن) الواقع إلى شمال الموصل حيث كانوا يقطنون ـ المترجم).

(٢) فيما يلي مخاضات نهر الزاب ـ (١) عند (سطيح) وهي قرية عربية بعد (كشاف) مخاض رديء جدّا ، عميق ، وقعره من أحجار كبيرة زلقة. (٢) عند شميسات وهي قرية عربية ؛ مخاض رديء بعد سطيح ، قريب من (أورده ك). (٣) مخاض بعد (أورده ك). (٤) عند أسكى كلك ـ كلك القديمة ـ وهو أحسن المخاضات كلها.

(٥) عند يني كلك ـ كلك الجديدة ـ. وهناك ثلاث مخاضات بعد يني كلك ، وهي تقع بين كلك الجديدة وبين الجبل ، ولم تكن أي من هذه المخاضات قابلة للعبور

٣٢٨

٣٢٩

أسفل هذا المكان. و (الخازر) ينبع من صخرة على بعد خمس ساعات وراء (عقره). والنهران (الزاب) و (الخازر) كثيرا التمعج ، وتقع قرية (أورده ك) في أسفل ملتقاهما مباشرة على الضفة الغربية من الزاب.

وإنني اقتنعت القناعة التامة بعدم وجود أي واد ، أو مجرى ، أو عين ماء عند الزاب بعد ملتقاه بالخازر.

درجة الحرارة ـ ٦٨ د ، في السادسة ق. ظ ، و ٨٨ د في الثانية والنصف ب. ظ. و ٦٨ د في العاشرة ب. ظ.

٣٠ تشرين الأول :

سرنا في السادسة والخامسة والعشرين وكان مستوى الأرض بوجه عام يرتفع عن النهر بمقدار قدمين. فكان الارتفاع الأول من مستوى الماء إلى القرية عند الجرف الحصوي ، ثم يعقب هذا الارتفاع سهل منبسط يتلوه الارتفاع الثاني وهو بمستوى الجروف تقريبا ، وهو على نحو خمسة عشر قدما وكأنه كان ضفة النهر في الأيام السالفة. سرنا من القرية إلى المرتفع الثاني ، وبعد أن انحدرنا إلى السهل اتجهنا في الساعة السابعة غربا ، وسطح الأرض بين نهري الزاب و (بومادوس ـ الخازر) متموج لكنه لم يكن وعرا أو متكسرا. وكان القرويون يحرثون الأرض في أماكن عديدة. وفي التاسعة والخمسين وصلنا إلى نهر (بومادوس) أو (نهر الخازر) الذي يشبه الزاب تماما ، فإن جروفه كجروف الزاب حصوية عالية ترتد هنا وهناك ، فتكوّن سهلا بينها وبين مجرى النهر ذاته. إننا لا نزال نسير في السهل باتجاه غربي ، ـ وكانت قرية (منكوبه) تعلونا وهي على ضفة النهر ـ والنهر على يميننا وقد خضناه في الساعة الثامنة والدقيقة

__________________

الآن ، فإنها تتلاشى عند سقوط الأمطار الأولى. (ملحوظة ـ ويلفظ الأهلون كلمة «أورده ك» ب «وه رده ك» ـ المترجم).

٣٣٠

العاشرة. وكان ماء المخاضة على عمق واحد من أوله إلى آخره وهو يتراوح بين القدمين ونصف القدم والثلاثة أقدام ، حيث كان يصل تقريبا إلى ركابي جوادي ، أما عرضه فكان نحو الثلاثمائة قدم. وكان النهر الآن في موسم انخفاضه وهو أسرع من الزاب في جريانه. وفي الربيع يفيض فيضانا يغمر السهل حتى جروف ضفتيه فيصبح خوضه مستحيلا لكنه لا يبقى على ذلك المستوى المرتفع أكثر من يومين ويقال إنه يتبع من محل على مسافة قريبة من (عقره) ولم يكن ساحله الغربي الذي وصلناه بعد أن خضنا النهر ، مرتفعا كساحله الشرقي ، والأرض تهبط بعد الساحل الغربي هبوطا تدريجيّا ـ إذا صح التعبير ـ فتنقلب إلى سهل واسع مستو على امتداد البصر ، وأغلب أنحائه مزروعة. وتقع قرية (سارا خاتون) على بعد قليل من أسفل المخاض (١) ومن النهر سرنا باتجاه شمالي غربي ، وفي الثامنة والنصف (٦٨ د. إلى الشمال الغربي) أصبح اتجاه (قه ره جووق) باتجاه واحد مع (مقلوب) الذي اختفى وراءه. وقبل أن يغيب عنا (مقلوب) شاهدنا على جانبه الشاقولي ، وفي وسطه تقريبا ، دير (مار متى) أو (القديس متى) وهو دير له قدسيته العظمى بين نصارى هذه الأنحاء. وشاهدنا أيضا على قمة (قه ره جووق) بقايا كنيسة وكان تقدمنا من (بومادوس) أسرع من ذي قبل.

استقبلني الحاج جرجيس آغا (٢) وهو صديق قديم لي ، وموظف التشريفات المعين لمرافقتي ، وراء مخاض (بومادوس) ، وكان معه جماعة من القاووقليين (٣) وقد أوفده باشا الموصل ليرافقني ويرحب

__________________

(١) يتصل الخازر بالزاب تحت (اسكى كلك) بمسافة ثلاث ساعات قافلة أو ساعتي خيال ، وقبيل محل التلاقي ، تقع قرية (أورده ك) على ضفته الغربية.

(٢) ضابط من ضباط باشا الموصل.

(٣) أو ضباط الحكومة ، وهم ينعتون بالقاووقلي نسبة إلى العمائم الخاصة التي يرتدونها. (والأصح أن يقال نسبة إلى نوع لباس الرأس الذي يرتدونه ، وهو

٣٣١

بقدومي إلى منطقته ، فسرنا سوية إلى قرية (كرمليس) وهي قرية كلدانية حقيرة ، وقد دخلناها في العاشرة إلا ثلثا بعد أن سرنا سيرا حثيثا طيلة اليوم. وتقدر مسيرة القافلة بساعتين ونصف الساعة إلى (بومادوس) ومثلها من (بومادوس) إلى (كرمليس). وكانت (كرمليس) فيما مضى مدينة مهمة وقد خربها (نادر شاه) وهي الآن قرية حقيرة ، قذرة جدّا شأن غيرها من قرى النصارى في الشرق ، وفي القرية كنيسة واسعة وقديمة جدّا يظهر من التاريخ المكتوب عليها أنها رممت قبل مائة وثلاثين عاما ، وهي اليوم آيلة إلى الانهدام. وهناك كنيسة أصغر منها ، شيدت في زمن غير بعيد ، وهي بناية حقيرة المنظر. ويوجد وراء القرية على بعد نصف الميل من خيمتنا (٨٠ د. إلى الشمال غربا) طنف اصطناعي قديم. وقد تسلقته لتثبيت اتجاهات بعض المناظر المحلية بالبوصلة ، وقد نجحت في ذلك بعض النجاح ، إذ كانت الشمس مائلة نحو الغروب ، وكان هبوب الريح يجعل الأشباح البعيدة غير واضحة كما أن إبرة البوصلة لم تستقر على حال. وكانت القرى تظهر لنا في كل ناحية من نواحي السهل ، وكل شيء منبسط أمامنا انبساط سطح البحر.

ويعتقد الميجر (ره نه ل) بأن (كرمليس) هي (كوكه مه لا) (١) ولكن يظهر مما كتبه (اريه ن ـ Arrian) و (كوينتوس كورتيوس) بأن (كوكه مالا) كانت واقعة على ضفة (بومادوس) وعلى هذا لا يمكن القول بأي وجه بأن (كرمليس) كانت على ذلك النهر. وفي الحقيقة أنه يصعب علينا أن نبت في أي من القرى العديدة القائمة في هذا السهل ، وعلى طول مجرى (بومادوس) كانت (كوكه مالا). وإننا نعلم جيدا بأن (كوكه مالا) كانت ،

__________________

قلنسوة محشوة قطنا ومطرقة. وكلمة «قاووق» تركية تعني التجويف ، راجع حاشية الصفحة ١٤٣ ـ المترجم).

(١) راجع الصفحتين ١٥٣ ، ١٥٤ من كتاب نظرات في تاريخ حملة كورش لمؤلفه ميجر (ره نه ل).

٣٣٢

حتى في عهد الإسكندر قرية لا شأن لها ، الأمر الذي جعل الإغريق يطلقون على الموقعة الحاسمة اسم (أربيللا) لأنها كانت أقرب موقع مهم من ساحة المعركة. وقد ذكرت (كوكه مالا) دون غيرها بغية تعيين موقع المعركة ، أما اليوم فليس لنا إذا أردنا أن نعثر على موقع (كوكه مه لا) إلا أن نستمد ذلك من معلوماتنا عن السهل ، لكن هذا أمر لا طائل منه إن لم نقل إنه مستحيل. وإنني لا أجد أي سبب يجعلني أن أختار (كرمليس) دون غيرها من القرى التي تحيط بها باعتبار أنها (كوكه مالا) ، وقد يكون الجهل بموقع المكان والاشتقاق الغريب لاسمه هما الداعيان لاختيارها. وتقع (كرمليس) في وسط السهل تقريبا (١) وليس في موقعها أمر يسترعي الأنظار.

درجة الحرارة ـ ٥٨ درجة في السادسة قبل الظهر ، و ٨٠ درجة في الثانية بعد الظهر و ٦٤ درجة في العاشرة بعد الظهر.

٣١ تشرين الأول :

امتطينا الجياد في السادسة والربع ، والطريق من هنا إلى الموصل باتجاه ٧٥ د. شمالي غربي. سرنا في السهل المنبسط حتى الثامنة ثم أصبح وجه الأرض حصويّا غير منبسط. أما السهل فلا يزال ممتدا على بعد عن يميننا. وفي الثامنة والنصف جئنا إلى أرض أكثر ارتفاعا ، وقد اختفى السهل عن أعيننا في كل الأنحاء. ولم تمض برهة إلا وانحدرنا إلى مجرى نهر اسمه (شورده ره) أو الوادي المالح وكان يابسا ، أما في الشتاء والربيع فلا يمكن عبوره أحيانا لمدة يومين أو ثلاثة أيام من جراء المياه والأوحال.

__________________

(١) ينبع جدول صغير من (تارجه للا ـ ترجلله) ، فيمر في (شاه قولي) ، فيؤم (كرمليس). وفي هذه القرية يستغل لإرواء زراعة القطن ، وعندما لا يستغل كله للزراعة في (كرمليس) ، تمر مياهه من جوار (قه ره قووش) حيث تعلوه قنطرة ذات قوس واحد ثم يصب في دجلة.

٣٣٣

ومررنا هنا بقافلة جمال محملة عفصا ونحاسا في طريقها إلى بغداد.

وفي التاسعة والدقيقة الخمسين وصلنا إلى سد كبير ، ثم إلى منخفض يشبه الحفرة ثم إلى سد آخر ، والأتراك الموصليون يعتبرون هذه أول (نينوى) أو مطلعها ، وبعد مدة وجيزة وصلنا إلى حفرة أخرى وجدار ، ويظهر أن ذلك مما يدل على أنه كان لنينوى سوران. وفي الأسفل أو عند هذا الجدار الثاني توجد عين ماء أو بئر يعلوها قوس من بناية قديمة ، مؤلف من أحجار كبيرة ويسمى هذا البئر ب (داملاماجه) ويعتقد الأهلون بأن في مياهه شفاء للكثير من الأمراض ليس لخصائصها الطيبة بل لبعض الأمور الخرافية المنسوبة إلى البئر وكلهم يعتقدون بأنها مسكونة من الجان ، ولا يجرؤ أحد على التقرب منها بعد حلول الظلام وقد أخبرني حسين آغا أنه مر في ظلام ليلة من الليالي بالبئر فسمع دقات طبول وضجيجا صاخبا من داخلها فحث جواده هربا ذلك لأن الرجل الذي يجرؤ ولو بغير قصد على الوقوف لمشاهدة الجان فإنه إما أن يموت لساعته وإما أن يفقد صوابه. ولقد ذقت الماء فوجدته عذبا ، وكان صافيا ونقيّا.

مكثت عند البئر عشر دقائق ، واستأنفت المسير مارا بمنطقة نينوى ، بمحاذاة قرية (نبي يونس) وهي عن يسارنا. لقد أمست أسوار نينوى الشرقية ركاما حصوية ، وكأنها طبيعية. ووصلنا إلى ضفة دجلة في الدقيقة الخامسة والعشرين بعد العاشرة. فعبرناه بمعبر إلى مسكننا الذي اتخذناه طيلة مكوثنا في الموصل ، وهو جنينة نعمان باشا الواقعة إلى جنوب المدينة ، والتي هيأها لنا صديقي اللطيف الباشا ، وذلك لأن الإقامة فيها قد تكون أفضل من الإقامة داخل المدينة.

وتقدر المرحلة من كرمليس إلى الموصل بأربع ساعات. أما نحن فقد سلخناها بأربع ساعات وربع الساعة. وقد كانت مسيرتنا جيدة إن لم تكن ممتازة.

درجة الحرارة ـ في السادسة صباحا ٥٨ وفي الثانية بعد الظهر ٧٨.

٣٣٤

الملاحق

٣٣٥
٣٣٦

الملحق الأول

شذرات من مذكرات السيدة ريج

في رحلتها من بغداد إلى السليمانية

ملحوظة : لقد طوى المترجم من مذكرات السيدة (ريج) كل ما جاء في يوميات بعلها ـ إلا ما ندر ـ من وصف الرحلة والأرض والطرق ، واعتنى بوجه خاص أن يثبت ما دونته في يومياتها عن النسوة ، والحياة النسوية.

* * *

١٦ نيسان ١٨٢٠ :

وأخيرا ، بعد أن أخرتني زائرات عديدات حتى الساعة الثانية عشرة ، ودعت دار المقيمية وذهبت لأداء بعض الزيارات مودعة. ذهبت أولا إلى صديقتي الكردية (صالحة خانم) زوجة سليمان باشا ، فلم أجدها تغبطني مطلقا على رحلتي هذه إلى جبال موطنها. إنها وصفت لي انسحابا أو تقهقرا يضاهي تقهقر العشرة آلاف ، كانت فيه بصحبة زوجها وهو يتراجع من (كوى سنجاق) إلى (كرمنشاه) فوق جبال (ره وه ند ـ Revend) في منطقة عشيرة (بلباس) الكردية ، وهي من أوحش العشائر المستقلة ، وكان قد حرضهم باشا بغداد على مهاجمة زوجها وقتله. وقد استمروا في قتال دائم حوالي أربعين يوما.

وها أنا أنقل كلماتها كما هي ، قالت : «كثيرا ما كان الرصاص

٣٣٧

يتطاير من حولي من كل ناحية ، وأنا ممتطية جوادي ، وحينما وليت وجهي لم أكن أرى إلا القتلى أو الجرحى مجندلين على الأرض حولي» إنهم نجوا وشعروا بسرور السلامة بشجاعة أتباعهم ومساندة بعض الأصدقاء الأوفياء لهم مساندة جاءت في حينها. كانت الخانم جميلة حسناء ، مكتملة الأنوثة ، نحيفة القد رشيقة الأمر الذي لا يتفق والمخاطرة الفريدة التي انغمرت فيها ، فقد كانت تقص عليّ قصتها بهدوء وتؤدة وتواضع. ودعتها ميممة شطر حرم الكهيا لتوديع صديقتي الحميمة الوفية (حنيفة خاتون) ، ومن الغريب أنني وجدتها غاضبة كل الغضب لذهابنا إلى بلاد وحشية جدّا مثل كردستان تاركين راحة بغداد ومباهجها. فارقتها عند الغروب وأنا حزينة ، وذهبت إلى بستان صالح بك وهي تبعد عن المدينة مسيرة خمس دقائق ؛ للمبيت عند والدته وغيرها من السيدات التركيات الصديقات اللاتي اجتمعن هناك لتوديعي.

كان زوجي قد ذهب إلى بستان الحاج عبد الله بك التي تبعد عن بغداد مسافة ثلاثة أميال ، وقد دعي لقضاء ليلته هناك. ومن هذا المكان بدأت سياحتنا. لقد كانت الليلة ممطرة عاصفة. وقد استغربنا جميعا لرؤيتنا زوجة الحاج عبد الله بك تدخل علينا في الساعة العاشرة تقريبا ؛ إنها امتطت جوادها ، وقطعت في هذا الجو الرديء وفي الظلام ثلاثة أميال بغية قضاء ليلتها الأخيرة بصحبتي.

١٧ نيسان ١٨٢٠ :

بعد نوم ساعتين نهضت مع الفجر فودعت صديقاتي الكريمات ، وقد أخذ الحزن منا جميعا كل مأخذه. وأصرت ضابط خاتون زوجة الحاج عبد الله بك على مرافقتي حتى دار الحديقة فأركبتها وبنت أختها الجميلة الصغيرة فاطمة خانم تخت رواني ، كما أركبت خادمي (تقي)

٣٣٨

على حمار وركبت أنا وأم ميناس التي رافقتني في سفرتي هذه المحفات (الكجوات) واتجهنا إلى حديقة البك ، وخدمي يحيطون بنا على ظهور جيادهم. هذا ولم يسمح لنا صديقنا بأن نمر بداره دون أن ننزل عنده ونتناول بعض المرطبات.

ولما كان زوجي على وشك الشروع بالمسير عند وصولنا ، وكانت الآداب الشرقية تعيب المرء إذا اعتنى بزوجته أكثر من اعتنائه بأمتعة سفره ، أو إذا سمح لها بأن تصحبه في موكبه أو قافلته قبلت الدعوة وانتهزت الفرصة لتناول فطور جيد قبل الرحيل ، وقد قطع زوجي وصحبه في الوقت نفسه مسافة لا يستهان بها من الطريق.

رحلت عند الساعة العاشرة ، وصديقاتي الكريمات وحاشياتهن يبتهلن متمنيات لنا أطيب الأماني. ركبت التخت روان ؛ وفي وصف التخت روان أقول إنه محفة مثبتة على عمودين متوازيين في المقدمة وعمودين متوازيين آخرين في المؤخرة تحمل على ظهور البغال ويعلوها غطاء من قماش أحمر مزوق من الزوايا الأربع بالأكر المذهبة ، أما خادماتي فقد ركبن (الكجوات) وهذه أشبه بأقفاص يحمل اثنان منها على البغل الواحد وعلى كل من جانبيه لتعادل الحمل ، ولسمنة أم ميناس ونحافة (تقي) المسكين فقد كان من الأمور الصعبة المضحكة أن يوضع في كجاوة (تقي) كمية من الأحجار لتعادل ثقل الجانب الآخر. ومهما كان الأمر فالسفر في الكجوات لم يكن مريحا ، إذ على الراكب أن يجلس فيها القرفصاء.

وكان يرافق ركابي ستة فرسان ، ما عدا الخدم والمكاريين.

وعند الخامسة وصلنا مخيمنا بالقرب من قرية (دوخله) ...

٣٣٩

٢١ نيسان :

... بدأت السماء تمطر عند شروعنا بالمسير ، وبعد مدة وجيزة هبت ريح جنوبية شرقية شديدة فكف المطر وصحت السماء صحوا جميلا. وكانت أم ميناس منزعجة انزعاجا شديد طيلة الطريق ، وبالرغم من شعوري بالإشفاق عليها ، لم أتمالك نفسي من الضحك إذ كان في سيمائها وفي ملامح وجهها التي كانت تنم عن اليأس والقنوط ما يثير الضحك ، وكذلك في وضع دابتها المسكينة التي تطوي بها الأوحال وهي على ظهرها غير مطمئنة لراحتها. وصلنا (جوبوق) في العاشرة.

... بقيت والحق يقال أرتجف حتى انبلاج الصبح ، إذ لم أكن أعلم ماذا يخبئ لنا الدهر في كل لحظة ، وأقل الاحتمالات شرا هو أن نبتل ، أو أن تتقوض الخيمة علينا. لقد كانت ليلة من ليالي (بايرون).

٢٣ نيسان :

... وفي العاشرة وصلنا (ده لي عباس) على قناة (الخالص) وما هي إلا بقايا قرية. وكنا نشاهد القرى في جميع الأنحاء المحيطة بنا إلا أنه لم تقع إحداهن على طريقنا مباشرة. أخبرنا بعض القرويين من قرية (آدانه كوى) المجاورة ، أن الأمطار استمرت عندهم لمدة ثمانية أيام متوالية ، وأن الأرض بكاملها قد غمرتها المياه. وقد قلقوا كثيرا في ليلة الخميس لمرور ثلاث أكر نارية ، أو صواعق فوقهم ، وكانت آتية من الغرب ومتجهة نحو جبال حمرين ...

٢٤ نيسان :

... بلغنا نهاية تلال ينعتها الأهلون بجبال (حمرين) وذلك بعد السابعة بقليل ، وفي هذه الساعة ألمت بأم ميناس آلام شديدة حتى باتت تعتقد في الحقيقة أن ساعتها قد اقتربت. لا يستطيع مجازف ، يتسلق جبال

٣٤٠