تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عبد الله محمّد بن الحسين بن النّصيبي ، وأبا غانم محمّد بن الحسين بن البابلي الكاتب ، وامتدح بأطرابلس أبا القاسم هبة الله بن علي بن حيدرة القاضي ، وأبا الحسين علي بن عبد الواحد بن حيدرة ، وأبا محمّد الحسين بن حيدرة ، وامتدح جماعة من آل الجرّاح الطائيين منهم المفرّج بن دغفل ، وابنيه ... (١) ومحمود ابني المفرّج ، وبدر بن ربيعة ، وحسّان بن [مفرج](٢).

وكان حافظا للقرآن ومنّته (٣) نفسه طلب الخلافة وخرج معه جماعة وآزروه على أمره (٤) ثم غدر به آل الجرّاح وحملوه إلى مصر فألقي في خزانة البنود إلى أن مات بها ، وقيل : بل عفي عنه وخلّي سبيله.

وبلغني أنه كان في مدة كونه في الحبس يعلم جماعة من المسجنين (٥) القرآن.

سمعت أبا الفضل محمّد بن محمّد بن عطاف الموصلي ببغداد يقول : سمعت أبا الكرم حميس بن علي بن أحمد بن علي الجوزي الواسطي يقول : سمعت أبا الحسن محمّد بن علي بن الحسن بن عمر الأديب الواسطي يقول : سمعت أبا علي الحسن بن نجم بن ... (٦) الموصلي يقول : بتّ مع أبي (٧) الحسن التهامي الشاعر في خان بميّافارقين ، فلسعته عقرب في بعض الليل ، فسكت إلى الغداة ، فلما انتشر الناس صاح وتألم ، فقلت : ما لك؟ قال : لسعتني عقرب في الليل ، فقلت : فكيف أمسكت إلى الآن؟ فقال : فعلت ذلك لئلا ينزعج الناس بي في نومهم ، ويتنغصوا به.

أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن خسرو ، أنشدنا أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد بن الخطيب الأنباري ، أنشدنا أبو الحسن علي بن محمّد التّهامي الشاعر لنفسه بالأنبار :

__________________

(١) كلمة غير مقروءة وصورتها : «الحعى».

(٢) بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة : «المفرج» عن سير أعلام النبلاء ، ووفيات الأعيان وفيها : حسان بن مفرج بن دغفل البدوي.

(٣) إعجامها مضطرب بالأصل ، وتقرأ : «ومتنه» وفي المختصر : وفتنته نفسه.

(٤) بالأصل : «امراة» والمثبت عن المختصر.

(٥) كذا بالأصل ، وفي المختصر : من المسجونين.

(٦) إعجامها ناقص بالأصل وصورتها : «نبال» وفي المختصر : «نبال».

(٧) بالأصل : أبا.

٢٢١

جازك البين حين أصبحت بدرا

إنّ للبدر في التنقل عذرا

ارحلي إن أردت أو فأقيمي

أعظم الله للهوى فيّ أجرا

لا تقولي لقاؤنا بعد عشر

لست ممن يعيش بعدك عشرا

وسقام الجفون أمرض قلبي

ليت أنّ الجفون تبرأ فأبرا

لم يزدنا على هذا ، وهي طويلة ، عددها سبعون بيتا يمدح بها الشريف أبا عبد الله بن النصيبي يقول فيها فيه :

فإذا قابلت محمدا العي

س فقبّل مناسم العيس شكرا

من إذا شمت وجهه بعد عسر

قلب الله ذلك العسر يسرا

فإذا قلّ نيله كان بحرا

وإذا ضاق صدره كان برا

وإذا فاض في نوال وبأس

غرّق الخافقين نفعا وضرّا

ومنها :

يخبر البشر منه عن عنق أصل

إن في الصارم العتيق لأثرا

صحة من ولادة عنونته

بحروف من النبوة تقرا

فله رؤيه تقود إليه

طاعة العالمين طوعا وقسرا

هو بعض النبي والله قد صا

غ جميع النبي والبعض طهرا

وابن بنت النبي مشبهه علما

وحلما واسما وسرّا وجهرا

نسيب ليس فيه إلا نبي أو

إمام من الذنوب مبرّا

أنشدنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي لأبي الحسن التهامي يرثي ابنا له ، مات صغيرا (١).

حكم المنية في البرية جاري

ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا ترى الإنسان فيها مخبرا

حتى ترى خبرا من الأخبار

طبعت على كدر وأنت تريدها (٢)

صفوا من الأقذاء والأكدار

__________________

(١) بعض الأبيات في وفيات الأعيان ٣ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ والبداية والنهاية بتحقيقنا ١٢ / ٢٥.

(٢) في البداية والنهاية :

جبلت على كدر وأنت ترومها

٢٢٢

ومكلف الأيام ضد طباعها

متطلب في الماء جذوة نار

وإذا رجوت المستحيل فإنما

تبني الرجاء على شفير هار

والعيش نوم والمنية يقظة

والمرء بينهما خيال ساري

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت

منقادة بأزمّة المقدار

وهي طويلة عددها نيّف وثمانون بيتا.

وفي ابنه هذا أيضا يقول :

أبا الفضل طال الليل أم خانني صبري

فخيل لي أن الكواكب لا تسري

وعددها ثمانية وسبعون بيتا.

٥٠٧٧ ـ علي بن محمّد

أبو الحسن المؤذن

حكى عنه أبو الحسن علي بن محمّد الحنّائي.

قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي ، سمعت أبا الحسن علي بن محمّد المؤذن يقول :

كنت في مسجد باب الصغير أخدمه ، وكان الغرباء يبيتون فيه ، ويقولون : من عجائب الدنيا قيّم مسجد حسن الخلق ، وكان جماعة من العاميين يقولون : إذا رأيت من هؤلاء الغرباء إنسانا لا يتبذل فأعلمنا به ، وكنت إذا رأيت من نعى (١) يكون بهذه الصفة أعلمتهم ، فيدخلون عليه رفقا ، فجاء في بعض السنين رجل مستور لا يتبذل ، ولا يخرج من المسجد ، فأعلمتهم به ، فعرضوا عليه شيئا فأبى أن يقبله ، وسمعني في بعض الأيام أقول : كنت أشتهي أن أزور القدس لو أنّ لي من يحملني إلى الرملة ، فقال لي : أنا أحملك ، فلمّا صلينا العشاء الآخرة قال لي : أنت على النية؟ قلت : نعم ، قال : بسم الله ، فخرجت إلى السوق ، فأخذت سلجن (٢) وعنب سماقي وجبن سنيري (٣) ووصّيت بالمسجد ، وخرجت معه ، فأخذني نحو الوطاة (٤) وقال لي : طأ موضع

__________________

(١) كذا بدون إعجام بالأصل ، وسقطت اللفظة من المختصر.

(٢) كذا بالأصل ، وسقطت اللفظة من المختصر.

(٣) كذا ، وفي المختصر : وجبن ستبري.

(٤) في المختصر : فأخذ بي نحو الوطاء.

٢٢٣

قدمي ، ففعلت ، فسرنا إلى أن انفجر الصّبح ، فغاب عني ، فصحت به ، فلم يجبني أحد ، فأخذت أطبق عليه وأقول : هؤلاء الغرباء من حالهم ، أخرجني من بلدي وذهب وتركني ، وفي ظني أنّي في بعض الضياع ، فلما اكثرت الكلام ، فإذا رجل يقول : أيش أنت؟ فقلت : من أهل دمشق ، وقصصت عليه قصّتي ، فقال : يا هذا ، تدري أين أنت؟ فقلت : لا ، قال : أنت في شرب (١) الحمام ، تدّعي أنك البارحة خرجت من دمشق ، أيش ذهب عقلك؟ فقلت : يا هذا ، معي علامة ، فأخرجت ما كان معي من الطعام ، فعلم أن ذلك لا يكون إلّا بدمشق ، فقال لي : هذا من أولياء الله ، فوردت (٢) القدس ، فإذا صاحبي ، فسلّم علي وقال : ما هذا ، كم تشنع عليّ ألم تقل : كنت أشتهي أن أصل إلى الرملة ، قد وصّلناك ، ودفع إليّ صرة اشتريت بها هدية ، وكانت مباركة ، حججت ، وبقيتها معي.

٥٠٧٨ ـ علي بن محمّد

أبو الحسن الحوطي

كان بصيدا.

حكى عنه أبو نصر بن طلّاب.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، وأبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو الحسن الشافعي ، قالوا : أنا أبو نصر بن طلّاب ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد الحوطي بصيدا في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، قال :

روي لنا أن عصام بن المصطلق قال : دخلت الكوفة ، فأتيت المسجد ، فرأيت الحسين بن علي جالسا فيه ، فأعجبني سمته ورواه ، فقلت : أنت ابن أبي طالب؟ قال : أجل ، فأثار مني الجسد ما كنت أجنّه (٣) له ولأبيه ، فقلت : فيك وبأبيك وبالغت في سبّهما ، ولم أكنّ ، فنظر إليّ نظر عاطف رءوف وقال : أمن أهل الشام أنت؟ فقلت : أجل شنشنة أعرفها من أخزم (٤) فتبيّن فيّ الندم على ما فرط مني إليه ، فقال : (لا تَثْرِيبَ

__________________

(١) كذا ، وفي المختصر : سرب الحمام.

(٢) في المختصر : فزرت القدس.

(٣) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن المختصر.

(٤) مثل ، مرّ في كتابنا الحديث عن مناسبته.

٢٢٤

عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ)(١) ، انبسط إلينا في حوائجك لدينا تجدنا عند حسن ظنك بنا ، فلم أبرح وعلى وجه الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه ، وقلت : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢) ، ثم أنشأت أقول :

ألم تر أنّ الحلم زين لأهله

ولا سيما إن زان حلمك منصب

سليل رسول الله يقتصّ هديه

عليه خباء المكرمات مطنّب

قريب من الحسنى بعيد من الخنا

صفوح إذا استعتبته فهو معتب

صفوح على الباغي ولو شاء لاقه

بشنعاء فيها لامرئ متأدب

فقل لمسامي الشمس أنّى تنالها

تأمّل سناها وانظرن كيف تعرب

٥٠٧٩ ـ علي بن محمّد

أبو الحسن الحمصي الصّوفي

حدّث عن عبد الوهّاب الكلابي.

روى عنه عبد العزيز الكتاني.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو محمّد الكتاني ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد الحمصي ، نا عبد الوهّاب بن الحسن.

ثم أخبرناه عاليا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو القاسم الحنّائي ، أنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي ، نا أحمد بن عمير ، نا عيسى بن إبراهيم ، نا عبد الرّحمن بن القاسم ، نا مالك. زاد الحنّائي : قال : ونا أحمد بن عمير ، نا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب أن مالكا أخبره (٣).

ثم أخبرناه عاليا أبو محمّد هبة الله بن سهل ، أنا أبو عثمان البحيري ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن عبد الصّمد ، أنا أبو مصعب ، نا مالك ، عن ابن

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية : ٩٢.

(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١٢٤ ، وقد جاءت في التنزيل العزيز : برسالته وهي قراءة حفص وابن كثير ، وقرأ نافع : رسالاته بالجمع ، كما ورد بالأصل.

(٣) كذا.

٢٢٥

شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله (١) بن عتبة بن مسعود ، عن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما أخبراه.

أنّ رجلين اختصما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أحدهما : يا رسول الله اقض بيننا ـ قال الكتاني : وساق الحديث وساقه الآخران ، فقالا : ـ بكتاب الله ، وقال الآخر ـ وكان أفقههما وقال ابن .... (٢) : الأخير ـ أجل يا رسول الله ، فاقض بيننا بكتاب الله ، وائذن لي في أن أتكلم ، فقال : «تكلم» ، فقال : إنّ ابني كان عسيفا على هذا ، فزنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت بمائة شاة وجارية لي ، ثم إنّي سألت أهل العلم ، فأخبروني إنّما على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وإنّما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله : أما غنمك وخادمك فيردّ (٣) إليك» ، وجلد ابنه مائة وغرّبه عاما ، وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر ، فإن اعترفت رجمها ، فاعترفت فرجمها [٩١٦٥]. قال مالك : العسيف الأجير.

قال ابن منزود (٤) : وسمعته من سفيان نسقا ، واللفظ لحديث ابن وهب وابن القاسم.

٥٠٨٠ ـ علي بن محمّد القرنوي

ولي قضاء دمشق في أيام تتش بن ألب رسلان المعروف بتاج الدولة.

وجدت بخط شيخنا أبي الحسن بن قبيس أخذ القاضي القرنوي يوم الخميس الخامس عشر ـ يعني من المحرّم ـ سنة سبع وسبعين وأربعمائة وضرب ضربا عظيما وحبس وقيل : إن سبب ذلك أنه ذكر السلطان عن قوم من السلارية الخواص أنهم أرادوا تسليمه إلى ابن قريش فطلب منه البينة على ذلك فلم يقدر ، وجعل ابن أبي الحديد

__________________

(١) بالأصل : عبيد الله ، تصحيف انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٧٥ وتهذيب الكمال ١٢ / ٢١٢ طبعة دار الفكر ـ بيروت.

(٢) غير مقروءة بالأصل.

(٣) بالأصل : فردّ إليك.

(٤) كذا.

٢٢٦

يحكم بين الناس إلى حين مجيء نجم القضاة من الحجّ ، وحكى القاضي القرنوي بعد المسلة يوم الخميس أو الجمعة ، وأعطى القضاء لنجم القضاة.

٥٠٨١ ـ علي بن محمّد

أبو الحسن الدمشقي

حدّث ببغداد في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة عن أبي نصر أحمد بن عبيد الله العاري الآمدي.

سمع منه أحمد بن محمّد بن الحسن الباجسري (١) وغيره.

٥٠٨٢ ـ علي بن مافتة الحجازي

مولى بني أميّة.

حكى عنه ابنه الحسين.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، نا عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ـ إجازة ـ أنا محمّد بن العبّاس الخزّاز أخبرني أبو بكر العامري ، حدّثني الحسين بن علي بن مافتة مولى بني أميّة عن أبيه (٢) قال :

خرجت إلى الشام فلما كنت بالشراة ودنا الليل إذا قصر فهويت إليه ، فإذا بين بابي القصر امرأة لم أر مثلها قط هيبة وجمالا ، فسلّمت فردّت فقالت : من أنت؟ قلت : رجل من بني أمية من أهل الحجاز (٣) ، فقالت : مرحبا بك ، وحيّاك الله ، انزل ، فأنت في أهلك ، قلت : ومن أنت عافاك الله؟ قالت : امرأة من قومك ، فأمرت لي بمنزل وقرى ، وبت في خير مبيت ، فلمّا أصبحت أرسلت إليّ تقول : كيف أصبحت ، كيف مبيتك؟ قلت : خير مبيت ، والله ما رأيت أكرم منك ، ولا أشرف من فعالك ، قالت : فإنّ لي إليك حاجة : تمضي حتى تأتي ذلك الدير ـ إلى دير أشارت إليه منجى (٤) ـ فإنّ

__________________

(١) كذا بالأصل.

(٢) تقدمت هذه الحكاية في كتابنا ، في هذا الجزء ـ في ترجمة علي بن قدامة : رواها من طريق الحسين بن علي بن قدامة مولى بني أمية عن أبيه.

(٣) كذا ولعلهما واحد ، صحف أحدهما عن الآخر ، ولم ترد ترجمة المذكور هنا بالأصل : علي بن مافتة في المختصر ، ووردت فيه ترجمة علي بن قدامة ، والحكاية أيضا.

(٤) كذا رسمها هنا ، وفي المختصر : منيح.

٢٢٧

فيه ابن عمي وهو زوجي ، وقد غلبت عليه نصرانية في ذلك الدير ، فهجرني ولزمها فتنظر إليه وإليها وتخبره عن مبيتك وعما قلت لك ، فقلت : أفعل ، ونعمة عين ، فخرجت حتى انتهيت إلى الدير ، فإذا أنا برجل في فنائه جالس كأجمل ما يكون من الرجال ، فسلّمت عليه ، فردّ وسألني ، فأخبرته من أنا ، وأين بتّ ، وما قالت لي المرأة ، قال : صدقت ، أنا رجل من قومك من آل الحارث بن الحكم ، ثم صاح : يا قسطا ، فخرجت إليه نصرانية عليها ثياب حمر (١) ، وزنانير ، ما رأيت قبلها ولا بعدها أحسن منها ، فقلت : هذه قسطا وتلك أروى ، وأنا الذي أقول :

تبدّلت قسطا بعد أروى وحبها

كذاك لعمري الحبّ يذهب بالحبّ

٥٠٨٣ ـ علي بن مأمون

أبو الحسن المصّيصي الشاعر

طوف بالشام.

وحكى عن أبي العهد هاشم بن محمّد الصوري ، وعبيد الله بن أحمد البلدي النحوي.

روى عنه أبو منصور الثعالبي.

٥٠٨٤ ـ علي بن المبارك

حكى عن أبيه.

حكى عنه أحمد بن المعلّى.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، حدّثني محمّد بن أحمد ، نا أحمد بن المعلّى ، نا علي بن المبارك قال :

سمعت أبي يقول لما خرج أبو العميطر بدمشق هربنا إلى بيت لهيا ، قال : فوجه أبو العميطر إلى بني الغمر وردوا على عبيدي قال : فمنعونا منه ، فلم نزل بها إلى أن دخل ابن بيهس دمشق وأظهر السواد.

__________________

(١) كذا بالأصل هنا وفي ترجمته علي بن قدامة ، وفي المختصر : حبر.

٢٢٨

٥٠٨٥ ـ علي بن محارب بن علي

أبو الحسن المقرئ الأنطاكي المعروف بالسّاكت

قرأ القرآن على أبي الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ (١) ، وأبي علي أحمد بن محمّد بن أحمد الأصبهاني (٢) ، وأبي طاهر محمّد بن الحسن بن علي المقرئ الأنطاكي (٣).

قرأ عليه : أبو الفضل المحسن بن طاهر بن الحسن الفقيه المالكي القزّاز ، وسمع علي بن محمّد الحنائي.

وحكى عن أبي الحسن الفجة (٤) ، قيّم مسجد أبي صالح.

حكى عنه علي بن محمّد الحنّائي ، وقد سقت له حكاية في ترجمة أبي صالح.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني قال :

توفي أبو الحسن علي بن محارب المقرئ المعروف بالسّاكت يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة.

ذكر أبو بكر الحداد : أنه ثقة مأمون ، رجل صالح يصوم الدهر.

وذكر أبو علي الأهوازي : أنه دفن بباب الصغير يوم الجمعة بعد العصر.

٥٠٨٦ ـ علي بن المحسن

أبو الحسن العلوي

له ذكر.

بلغني أن الشريف أبا الحسن توفي يوم الأحد بعد العصر الثاني عشر من شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة من جراحات أصابته من قوم من العرب ، وكان خرج إلى قرية له فلقيته العرب في الطريق.

__________________

(١) ترجمته في غاية النهاية ٢ / ٣٥٧ ومعرفة القراء الكبار ١ / ٣٧٨.

(٢) ترجمته في غاية النهاية ١ / ١٠١ ومعرفة القراء الكبار ١ / ٣٧٤.

(٣) ترجمته في غاية النهاية ٢ / ١١٨ ومعرفة القراء الكبار ١ / ٣٤٥.

(٤) كذا بالأصل.

٢٢٩

٥٠٨٧ ـ علي بن محمّدان بن محمّد

أبو الحسن القاضي البلخي (١)

قدم دمشق حاجا ، وحدّث بها عن أبي بكر محمّد بن الحسن المفسّر ، والقاضي أبي زيد عبد الرّحمن بن محمّد ، والخطيب أبي بكر إسماعيل بن محمّد بن أحمد ، والفقيه أبي صالح شعيب بن إدريس.

روى عنه أبو العباس بن قبيس ، وأبو الحسن علي بن بكار بن أحمد الصّوري ، وعبد الرّحمن بن بكران ، وأبو المنجّا حيدرة بن علي بن أبي تراب الأنطاكي ، وعبد العزيز الكتاني.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا والدي أبو العباس ، أنا القاضي الإمام أبو الحسن علي بن محمّدان بن محمّد ، قدم علينا دمشق حاجا ، قراءة عليه في سنة أربع وعشرين وأربعمائة ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن المفسر ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، نا الربيع بن سليمان ، نا عبد الله بن وهب :

أخبرني ابن لهيعة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح (٢) ، عن أبي سعيد الخدري.

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من صام يوم عرفة غفر الله له سنة أمامه وسنة خلفه» [٩١٦٦].

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، وأبو الحسن بن سعيد قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٣) :

علي بن محمّدان بن محمّد أبو الحسن القاضي البلخي ، ثم الطايقاني (٤) ، قدم علينا حاجا ، وحدّث عن شعيب بن إدريس البلخي ، وإبراهيم بن عبد الله بن داود الرازي ، كتبنا عنه وما علمنا من حاله إلّا خيرا.

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ١١٤ والأنساب (الطايكاني).

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ٥٢١ طبعة دار الفكر ـ بيروت.

(٣) رواه في تاريخ بغداد ١٢ / ١١٤.

(٤) بالأصل «الطالقاني» ، وفي تاريخ بغداد : «الطايقاني» وهو ما أثبت وفي الأنساب : الطايكاني.

قال السمعاني : وهذه النسبة إلى الطايكان وهي بليدة بنواحي بلخ من كور طخارستان ، وهي قصبتها.

٢٣٠

٥٠٨٨ ـ علي بن محمود بن إبراهيم بن ماخرّة (١)

أبو الحسن الزوزني (٢) الصوفي (٣)

سمع بدمشق أبا الحسين الكلابي ، وبغيرها أبا الحسن علي بن المثنى الأسترابادي ، ومحمّد بن محمّد بن ثوابة.

روى عنه أبو بكر الخطيب ، وأبو منصور عبد المحسن بن محمّد بن علي ، وأبو سعيد عبد الواحد بن القشيري ، وأبو محمّد جعفر بن أحمد السراج ، وأبو الغنائم محمّد بن علي بن ميمون ، وحدّثنا عنه ابن كادش.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله السلمي ، أنا أبو الحسن علي بن محمود الزوزني (٤) ، وأبو الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون النّرسي ، قالا : أنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، أنا أبو بكر محمّد بن خريم (٥) بن محمّد العقيلي ، نا هشام بن عمّار بن نصير بن ميسرة السلمي ، نا مالك بن أنس ، حدّثني أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا توضأ أحدكم فليجعل في فيه ثم يستنشق» [٩١٦٧].

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، قال : قال لنا أبو بكر الخطيب (٦) :

علي بن محمود بن إبراهيم بن ماخرّة أبو الحسن الزوزني (٧) الصوفي سكن بغداد ، وحدّث بها عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي ، وعلي بن المثنى الأستراباذي وغيرهما ، كتبت عنه ، وكان لا بأس به ، وقال لنا : كان جدي ماخرّة

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : «ماحوه» والمثبت يوافق تاريخ بغداد ، ضبطت عن تبصير المنتبه بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء.

(٢) بالأصل : «الزورني» وفي تاريخ بغداد : «الروزني» وفي المختصر : «المروذي» ، والمثبت عن تبصير المنتبه.

(٣) ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ١١٥ وتبصير المنتبه ٤ / ١٢٤٣ وفيه : علي بن محمد ، والأنساب (الزوزني) وهذه النسبة إلى زوزن : بلدة كبيرة حسنة بين هراة ونيسابور.

(٤) بالأصل هنا : الروزي.

(٥) بالأصل : خزيم ، تصحيف.

(٦) تاريخ بغداد ١٢ / ١١٥.

(٧) بالأصل وتاريخ بغداد : الروزني.

٢٣١

مجوسيا ، وسألته عن مولده فقال : في سنة ست وستين وثلاثمائة ، ومات في شهر رمضان من سنة إحدى وخمسين وأربعمائة (١).

٥٠٨٩ ـ علي بن مرضى بن علي

ابن محمّد بن عبد الله بن سليمان

أبو الحسن التّنوخي

ولد بمعرّة النعمان ، وقدم دمشق وسكنها مدة بدرب كراز عند دار ابن الغسّال ، لقيته كثيرا وسمعت منه إنشادات غير أني لم أضبط منها شيئا ، وعاد إلى حماه وتوفي بها في الزلزلة التي أخربت حماه ، وكان شاعرا مكثرا ، فمن شعره ما أنشدنيه أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمّد بن سليمان الكاتب بدمشق :

تولى الشباب وحان الممات

وقرّب لي الشيب إتيانه

ويعلم ما في الكتاب الزكي

من حيث ينظر عنوانه

إذا متّ جاورت من لم يزل

يجير من النار جيرانه

فأسأل توفيقه في المعاد

ورحمته لي وغفرانه

فليس الموفّق إلّا الذي

يوفقه الله سبحانه

وأنشدني له أيضا :

لا تفعلن بعض الجميل

مع امرئ وافعله كلّه

وإذا أتم جميله

امرؤ ودام فما أجله

وعليك في الاكرام لمن

شرط وما في الشرط علّه

وأنشدني له :

لا تقدمن على التظالم

واقض عنك الظّلم بعدا

فالدهر قد يعدي على

من كان فيه قد تعدّا

وأنشدني له أيضا :

إذا لم يكن لعمري عقل لقيته

كمثل اللقاء في أعين وقلوب

__________________

(١) زيد في الأنساب نقلا عن الخطيب : ودفن بباب الرباط.

٢٣٢

يعد غريبا وهو في دار هذه

على كونه من الدار غير غريب

وأنشدني له أيضا :

سأجعل نفسي في مكان يعزها

وأرفعها عن قرب من هو دونها

وما أنا ممن يقبل الضيم .... (١)

ولا بت في بيت أرى فيه هونها

وإني لذو نفس على الضيم تنطوي

لئن أنا لم أنف لمعا أن يهينها

وأنشدني له :

كل الأنام مخوف لا تلم به

فقرب ذلك بردي في عواقبه

واسأل .... (٢) .... تعيش به

ولا تسأل لسواه من مواهبه

وأنشدني له :

لقد عفت دنياي المعنف أهلها

فأعفاني الرحمن سبحانه منها

وزهدي فيها الا هي عناية

خصصت بها منه فالمعي به عنها

وأنشدني له :

أجب دعوتي يا سميع الدعاء

وكن يا مغيثا على نشدتي

فما لي غيرك من راحم

يفرج ما اشتد من كربتي

إذا رحت مرتهنا بالذنوب

أسأل عنهن في حفرتي

فيا دمعتي فاجر حزنا

على جري السحائب يا دمعتي

وأنشدني له :

أجدد عهدا بالديار التي خلت

وما ذا ترى تجديد عهد بها يجدي

نعم إنها تجدي علي صبابة

ومر الصبى فيها وتزدادي وجدي

فيا رحمن لي من وقوفي برسمها

ويا أسفا من قبل ذاك ومن بعدي

وأنشدني به أيضا :

إذا كنت في نيه من الأرض سالكا

ولا ماء فيه تلتقيه ولا مرعى

__________________

(١) كلمة غير مقروءة.

(٢) كلمات غير واضحة.

٢٣٣

رحلت ولا زادا به يقطع المدى

المخوف ولم يملك إلى الماء من الرجعى

كذا هذه الدنيا إذا لم تكن بها

إلى طاعة الله سبحانه تسعى

فيا رب من دنياي جربى مسلما

إليك بعد الموت أحسن بي الصنعا

وذرني بعيدا عن أناس علمتهم

من الظلم قد صارت صحابتهم سبعا

أجالس منهم ضاري الأسد

وانبا على الضبع سا (١) أو .... (٢) الأفعى

أنا كلا ناس ولا فضل عندهم

إلى الخفض قد مالوا فما عرضوا الربعا

وأنشدني له أيضا :

عليك بفعل الخير فاقبل وصيتي

فإني بما قلت جد خبير

فإنك في الدنيا على ذاك قادر

وأنك بعد الموت غير قدير

إذا عميت عين البصيرة ضاعت

الوصاة وما الأعمى مثل البصير

وكم ذي أغنى بالظلم مكتسب

الغنى فما حواه ما محور فقير

فيا من لذي الدنيا بوطن إنما

توطنت من دنياك دار غرور

وأنشدني له ، وكتب بهذا إليّ ابن عمه القاضي أبي المجد

لقد شتّ هذا البين شملا تالفا

وبلغ مني هذا البين نباشا فاشتفا

وإني قد استوكفت دمعي يطفأ به

النار من بيني فشب الذي انطفأ

ومن عجب الأشياء إني مغرم أطأ

وقد سار الخليط تخلفا

سروا وأقام القلب بعد رحيلهم

ومن شرها حفظ العهد أن لا توقفا

وليس اختيارا ذاك مني وإنما

دعاني إليه الاضطرار مكلفا

لعمري لئن باتوا فإني لو أجد بهم

بدلا مولى حبّا وتعطفا

كريم إذا أعطى رحيم لمن رأى

أديب متى ما تلقه تلق منصفا

به الله أعطاني مرادي وخصني

بنيل الغنى ما لديه واتحفا

سعادته قد انطقتني وأسعدت

بما لم يطق غيري له أن يؤلفا

وكم قائل من ذا يمدحك تنتحي

فقلت له : مجد القضاة أخا الوفا

__________________

(١) كذا رسمها بدون إعجام.

(٢) كلمة غير مقروءة.

٢٣٤

فقال : لقد وقفت فأبشر فإنما

تؤمم غيثا لم يزل متوكفا

وإني لسيف قد تغمده الصدى

منى ما جلاه بالندى عاد مرهنا

أرى السيد المفضال أنعم فاقتي

بذلك جلباب الثناء الذي صفا

جزى الله عني الخير من مات محسنا

وألطف بي من والديّ وأرأفا

ألا أبهذا القاضي أبا المجد إنني

رجوتك لي عونا على زمن جفا

فغثني بنعما منك وأردد لي الغنا

بعدم الغنى بي قد أصر وأجحفا

وقد شرف الناس المديح وإنما بك

المدح لما قيل فيك تشرفا

كأني إذا أنشدت مدحي واصفا به

فضلك المشهور أقرأ مصحفا

وما سار إلّا أذله اسمك واسم

وإذ هو مرسوم به كيف صرفا

وإنك من ما زال ينعم أنفا بمثل

جميل كان من قبل أسلفا

لك المثل الأعلى وللغير دونه

وما تضرب الأمثال إلا لتعرفا

وإني بك استكفيت أمرا أخافني

كفاني فيك الله ما بك قد كفا

ومثلك من يولى على قدر قدره

ومثلي من يولى الجميل ويصطفا

ولم تزل الأنعام منك متمما

وغيرك أبداه مني وسوّفا

وما لي في التنقيل عادة ملحف

ولكنني من عادتي أن أخففا

فلا هدّت الأيام مجدا بنيته

ولا كدرت من وعد عليتك ما صفا

قال لنا أبو بشر : توفي علي بن مرضي في زلزلة حماة يوم الاثنين رابع رجب سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. إلى هنا.

٥٠٩٠ ـ علي بن مسلم البكري

روى عن أبي صالح الأشعري.

روى عنه عبد الرّحمن بن [يزيد](١) بن تميم.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا جدي أبو محمّد ، نا أبو علي الأهوازي ، نا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن محمّد الشيباني (٢) ، حدّثني

__________________

(١) كلمة غير واضحة بالأصل. وسيرد خلال الخبر التالي : عبد الرحمن بن يزيد بن تميم.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٢٦٢.

٢٣٥

أبو بكر محمّد بن سعيد بن إبراهيم الحجري ، نا أحمد بن عامر بن النعمان بن حمّاد الأزدي ، نا علي بن معبد ، نا أبو يعلى المعلّى بن منصور الرازي (١) ، حدّثني أبو سلمة الخشني ، نا عبد الرّحمن بن يزيد بن تميم (٢) ، نا علي بن مسلم الكندي (٣) ، عن أبي صالح الأشعري ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين» [٩١٦٨].

٥٠٩١ ـ علي بن المسلّم بن محمّد بن علي

أبو الحسن بن أبي الفضل السّلمي الفقيه الشافعي الفرضي (٤)

سمع أبا الحسن بن أبي الحديد ، وأبا نصر الحسين بن محمّد بن طلّاب ، وعبد العزيز بن أحمد الصوفي ، وأبا القاسم غنائم بن أحمد بن عبيد الله الخياط ، وأبا الحسن علي بن الخضر بن عبدان ، وأبا العبّاس بن قبيس ، وأبا علي الحسن بن عقيل بن بريش ، وأبا القاسم بن أبي العلاء ، وأبا عبد الله بن أبي الحديد ، ونجاء بن أحمد العطار ، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ، وأبا نصر الطّريثيثي (٥) ، وأبا الفرج الإسفرايني ، وأبا البركات بن طاوس ، وجعفر بن أحمد السراج ، وأبا بكر محمّد بن عمر الكرجي ، وخاله أبا إسحاق بن الشّهرزوري وغيرهم.

وتفقه على القاضي أبي المظفر المروزي وعلى الفقيه أبي الفتح المقدسي ، وأعاد له الدروس.

وجالس الشيخ الإمام أبا حامد الفران وسأله من مسائل.

وبلغني أن الغزّالي كان يثني عليه ويصفه بالعلم وقال : خلّفت بالشام شابا إن

__________________

(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٦٥.

(٢) بالأصل : نعيم ، تصحيف ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ٧ / ١٧٧ وتهذيب الكمال ١١ / ٤١٨ طبعة دار الفكر.

(٣) كذا ورد بالأصل هنا «الكندي» وقد مرّ في أول الترجمة «البكري» وفي تهذيب الكمال في ترجمة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم «البكري» أيضا.

(٤) انظر ترجمته في تبيين كذب المفتري ص ٣٢٦ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ٢٣٥ تاريخ ابن القلانسي ص ٤٢٤ سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣١ العبر ٤ / ٩٢ شذرات الذهب ٤ / ١٠٢ طبقات المفسرين للداودي ١ / ٤٣٥ ومشيخة ابن عساكر ١٥٢ / ب.

(٥) رسمها مضطرب بالأصل.

٢٣٦

عاش كان له شأن ، فكان كما تفرّس فيه ـ رحمه‌الله ـ ودرّس في حلقته في الجامع مدة ، ثم ولي المدرسة الأمينية (١) سنة أربع عشرة وخمسمائة (٢) ، ولم يزل يدرس بها إلى أن مات.

سمعنا منه الكثير ، وكان ثقة ثبتا عالما بالمذهب ، والفرائض ، يتكلم في مسائل الخلاف ، ويكثر من إيراد الأحكام وكان قد حفظ كتاب «تجريد التجريد» الذي صنفه أبو حاتم القزويني (٣) ، وكان حسن الخط ، موفقا في الفتاوى ، وعلى فتاويه كان اعتماد أهل الشام ، واشتهر ذكره في العراق اشتهارا كثيرا حتى كانت تأتيه الفتاوى منها ، وكان مواظبا على قضاء الحقوق من حضور عقود الأنكحة ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، مثابرا على التدريس والإفادة ، محبا للرواية ونشر الحديث ، محببا إلى أصحابه لحسن خلقه ، وجميل طريقته وله مصنفات في الفقه والفرائض ، والتفسير ، أكبرها كتاب سمّاه «الاستغناء في المذهب» ، مات قبل أن يتمه وكتاب في التفسير سمّاه : «التجريد في تفسير القرآن المجيد» ، مات ولم يتمه ، وكان يعقد مجلس التذكير ويورد فيه إيرادا كثيرا ، ويذكر أشياء مستحسنة مستفادة ، ويظهر السنّة ويردّ على من أنكر الحقّ ـ رحمة الله عليه ورضوانه ـ فإنّه لم يخلف بعده مثله (٤).

أخبرنا أبو الحسن الفقيه الشافعي ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل التّميمي ، نا أبو عبد الله عبد الوهّاب بن عبد الرحيم الجوبري ، نا سفيان بن عيينة الهلالي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب.

أن عمر كان يقول : الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، فرجع عنه عمر [٩١٦٩].

أخبرنا أبو الحسن أيضا ، أنا أبو نصر الحسين بن محمّد بن طلّاب الخطيب ،

__________________

(١) بناها بدمشق ، أمين الدين كمشتكين بن عبد الله الطغتكي وهي مدرسة للشافعية.

(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٢.

(٣) هو محمود بن حسن الطبري القزويني الشافعي ، أبو حاتم ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٢٨.

(٤) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ٢٣٦ وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٣.

٢٣٧

أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد بن جميع ، نا محمّد بن مخلد الشيخ الصّالح ببغداد ، نا عيسى بن أبي حرب ، نا يحيى بن أبي بكير ، نا سفيان ، عن فطر ، عن أبي الطّفيل ، عن أبي ذرّ قال : لقد تركنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السّماء إلّا وهو يذكرنا منه علما.

سألت أبا الحسن الفقيه عن مولده فقال : كان خالي يذكر أن مولدي سنة خمسين ، وكانت والدتي تذكر : أن مولدي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.

سمعت بعض أصحابنا يذكر أن الفقيه أبا الحسن مرض مرضة شديدة أيس (١) منه فيها ، فدخل عليه بعض الفقهاء فأنشده :

يا ربّ لا تبقني إلى أمد

أكون فيه كلا على أحد

خذ بيدي قبل أن أقول لمن

أراه عند القيام خذ بيدي

فاستحسن البيتين وكتبهما بخطه وكرر قراءتهما فاستجيب له ، فمات بعد أن أبلّ من تلك العلة بمدة ، من غير أن يمرض مرضا يحتاج فيه إلى أحد ، فتوفي صباح يوم الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ساجدا في الركعة الأخيرة من صلاة الصّبح ، وكان قد صلّى ورده في تلك الليلة من قيام اللّيل ، ودفن بمقبرة الباب الصغير عند قبور الصّحابة ، شهدت دفنه والصّلاة عليه ـ رحمه‌الله ـ وكان له مشهد حسن.

٥٠٩٢ ـ علي بن مرشد (٢) بن علي بن المقلّد (٣) بن نصر

ابن منقذ بن محمّد بن منقذ بن نصر بن هاشم

أبو الحسن بن أبي سلامة

المعروف بعز الدولة الكناني

كان أكبر اخوته.

__________________

(١) بالأصل : أويس.

(٢) كذا وقعت هذه الترجمة هنا ، وحقها أن تكون قبل الترجمة السابقة كما يقتضيه التنظيم الذي اتبعه المصنف في ترتيب الأسماء.

(٣) في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٥٣ في ترجمة جده : علي بن منقذ بن نصر.

٢٣٨

بلغني أنه ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة بشيزر (١).

سمع الحديث ببغداد من أبي بكر محمّد بن عبد الباقي ، وأبي القاسم بن السمرقندي ، وكتب الحديث بخط حسن ، وكان فهما شاعرا ، قدم دمشق غير مرة ، وحضر عندي في سماع بعض كتاب دلائل النبوة ، وكتاب الجهاد لابن المبارك ، ثم خرج إلى عسقلان ، فقتل بها شهيدا ، فمن شعره ما كتب به إلى أخيه أبي المظفر أسامة بن مرشد جوابا عن أبيات وردت منه في صدر كتاب أولها :

أيحمل عنّي الرائحون تحيّة

تضوع كنشر المسك شبيت به الخمر

فأجابه بهذه الأبيات :

لقد حمل الغادون عنك تحية

إليّ كنشر المسك شبيت به الخمر

تريد صدى قلبي وإن شئت الصدى

ففي ناظري در وفي كبدي جمر

فأرجى منها كلّ أرض مرّت بها

ففي كل قطر من أماكنها نشر

فيا ساكنا قلبي على خفقانه

وطرفي وإن روّاه من أدمعي بحر

لك الخير همي منذ نأيت مروح

وصبري غريب لا ينهنه الزجر

ولو رام قلبي سلوة عنك صده

خلائقك الحسنى وأفعالك الغرّ

صبغت سروري بالهموم فلا أرى

نصولا له يبدو كما ينصل الخطر

وألبست أيامي من الليل حلّة

فصبحي كليلي ليس بينهما فجر

وكتب إلى أخيه :

أبى القلب إلّا أن يبيت مكلما

كئيبا على عهد مضى وتصرّما

فيا ويحه من لاعج الشوق إن بدا

سنا البرق علويا له وتبسّما

وكم قد رما أيخفى اللسان صبابة

إذا ما لسانا الدمع والوجد ترجما

خليلي لو فارقتما من هويتما

وشاهدتما يوم النوى ما عزلتما

عدتني نوى لما اطمأنت تقلقلت

حشاي وأضحى القلب مني مقسّما

__________________

(١) شيزر بتقديم الزاي على الراء ، وفتح أوله : قلعة تشتمل على كورة بالشام قرب المعرة ، بينها وبين حماة يوم (معجم البلدان).

٢٣٩

نوى من أخ في العين أحلى من الكرى

وفي القلب أعلى منه قدرا وأكرما

أخ هو كالسم الزعاف على العدى

وللخلّ كالماء الزلال على الظما

ترحّل عن عيني وحلّ بمهجتي

فأثرى به وجدي وصبري أعدما

أسامة ما رمت السلى لأنّني أرى

مغنم اللّذات مذ غبت مغرما

أجلك أن أدعو علاك ملقبا

لأن اسمك المحمود ما زال أعظما

وما نظرت من بعدك العين قرّة

كأنك قد ألبست إنسانها العما

وأي لنفسي لذّة ومسرّة

وقد جهل القلب السّبيل اليهما

وطيف سرى غمر الدّجى فأناخ

بي سحيرا وما أن خلت جفني هوّما

فحلّ بطرفي من فؤادي ولم أكن

عهدت إلى طرفي من القلب سلّما

أطال عليّ الليل همّ أضلني

ووجد أراني أبيض الصّبح مظلما

فعشت كما تهوى بعيدا ودانيا

قريبا من الحسنى كريما مكرّما

ولا زلت هدام الجيوش وبانيا

بفعلك مجدا قد عفا وتهدّما

ذكر لي أخوه الأمير أبو عبد الله أنه استشهد بعسقلان سنة ست وأربعين وخمسمائة ، وكان قد اكتتب في جمادها.

آخر المجلد السادس والثلاثين من الأصل ، وهو آخر الجزء الستين بعد الثلاثمائة من الأصل.

٥٠٩٣ ـ علي بن مشرق بن بركات بن محمّد

أبو الحسن

الشاعر المعروف بالقاضي.

سكن دمشق مدة طويلة ، وامتدح بها جماعة ، وجالسته وسمعت منه شيئا من شعره ، ولكن لم أكتب عنه شيئا ، وكان يمتدح الأمير طرخان الشيباني وغيره ، وينظم أشعارا يكتبها على صور الحيوان ، وأشعارا يقرأ بعض ألفاظها من كلّ بيت لفظة ، فينتظم مجموعها فيصير بيتا ، وكانت له مروءة وكان مشتهرا بشرب المسكر.

٢٤٠