تحفة الأنفس وشعار سكّان الأندلس

علي بن عبد الرحمن بن هذيل الأندلسي

تحفة الأنفس وشعار سكّان الأندلس

المؤلف:

علي بن عبد الرحمن بن هذيل الأندلسي


المحقق: عبد الإله أحمد نبهان و محمّد فاتح صالح زغل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز زايد للتراث والتاريخ
المطبعة: دار البارودي للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9948-06-105-5
الصفحات: ٤٠٦

الباب التاسع عشر

في ذكر مشاهير فرسان

العرب في الجاهلية والإسلام

٣٢١
٣٢٢

في ذكر مشاهير فرسان العرب في الجاهلية والإسلام

في الخبر أن الشجاعة عشرة أجزاء ، تسعة في العرب ، وواحد في سائر الناس.

وكان فارس العرب في الجاهلية ربيعة بن مكدم (١) من بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة وكان يعقر على قبره في الجاهلية ، ولم يعقر على قبر أحد غيره ، وكان بنو فراس بن غنم بن مالك بن كنانة أنجد العرب ، كان الرجل منهم يعدل بعشرة من غيرهم ، وفيهم يقول علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه لأهل الكوفة : يا معشر أهل الكوفة : من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب ، أبدلكم الله بي من هو شرّ لكم وأبدلني بكم من هو [س ١١٣] خير منكم ، وددت والله أنّ لي بجمعكم وأنتم مئة ألف ثلاث مئة من بني فراس بن غنم (٢).

ومن فرسان العرب في الجاهلية :

ـ عنترة الفوارس

ـ وعتيبة بن الحارث بن شهاب (٣)

__________________

(١) ربيعة بن مكدم : نحو ٨٥ ـ ٦٢ ق. ه ـ نحو ٥٣٤ ـ ٥٥٨ م : ربيعة بن مكدّم بن عامر بن حرثان من بني كنانة ، أحد فرسان مضر المعدودين في الجاهلية وهو الذي حمى الظعن بعد مقتله. انظر سمط اللآلئ ٩١٠ وبلوغ الأرب للآلوسي ٢ : ١٤٤ والأعلام ٣ : ١٧

(٢) الخبر بتمامه في العقد ١ : ١١٦.

(٣) عتيبة بن الحارث .. التميمي ، فارس تميم في الجاهلية ، كان يلقب «سمّ الفرسان» و «صياد الفوارس» ويضرب به المثل في الفروسية. قال ابن أبي الحديد : كانوا يعدّون أبطال ـ

٣٢٣

ـ وأبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة (١)

ـ وزيد الخيل (٢)

ـ وبسطام بن قيس (٣)

ـ والأحيمر (٤)

__________________

ـ الجاهلية ثلاثة : عامر بن الطفيل وبسطام بن قيس وعتيبة بن الحارث. قتله ذؤاب بن ربيعة ـ بالتصغير ، بن عبيد. الأعلام ٤ : ٢٠١.

(١) أبو براء ت ١٠ ه‍ ـ ٦٣١ م : عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري ، أبو براء ، فارس قيس ، وأحد أبطال العرب في الجاهلية ، وهو خال عامر بن الطفيل. سمّي «ملاعب الأسنّة» أدرك الإسلام وقدم على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم). الإصابة ٤ : ١٦ برقم ٤٤١٧ والأعلام ٤ : ٢٥٥.

(٢) زيد الخيل ت ٩ ه‍ ـ ٦٣٠ م : زيد بن مهلهل بن منهب بن عبد رضا من طيىء ، كنيته أبو مكنف ، من أبطال الجاهلية ، أدرك الإسلام ووفد على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) سنة ٩ ه‍ في وفد طيىء فأسلم وسرّ به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وسمّاه «زيد الخير» مات وهو راجع على ماء يقال له «فردة» الإصابة ٣ : ٣٤ برقم ٢٩٣٥.

(٣) بسطام بن قيس ت ١٠ ق. ه ـ ٦١٢ ه‍ : بسطام بن قيس بن مسعود الشيباني ، أبو الصهباء ، سيد شيبان ، ومن أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، يضرب المثل بفروسيته ، وكان يقال : أغلى فداء من بسطام بن قيس ، أسره عيينة بن الحارث ، فافتدي باربعمئة ناقة وثلاثين فرسا ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ، وقتله عاصم بن خليفة الضبيّ يوم السّقيفة بعد البعثة النبوية. قال الجاحظ : بسطام أفرس من في الجاهلية والإسلام. الأعلام ٢ : ٥١ ومجمع الأمثال ٢ : ٤٣٠ برقم ٢٧١٣.

(٤) ذكر الزركلي الأحيمر السعدي نقلا عن السمط ١٩٥ على أنه من مخضرمي شعراء الدولتين الأموية والعباسية والخبر الذي ورد عنه في عيون الأخبار ٢ : ٨٨ يفيد هذا ووصفه ابن عبد ربه في فرسان الجاهلية ومؤلفنا ينقل عنه فمن هنا ورد التوهم والأحيمر السعدي توفي نحو سنة ١٧٠ ه‍ ـ ٧٨٧ م وقد أورد الزركلي ترجمته في الأعلام ١ / ٢٧٧ على هذا النحو :

الأحيمر السعدي ، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية ، كان لصا فاتكا ماردا من أهل بادية الشام ، أتى العراق وقطع الطريق ، فطلبه أمير البصرة (سليمان بن علي) ففرّ فأهدر دمه وتبرأ منه قومه وطال زمن مطاردته فحنّ إلى وطنه ونظم قصيدته :

لئن طال ليلي بالعراق لربما

أتى لي ليل بالشآم قصير

ومنها البيت : ـ

٣٢٤

ـ وعامر بن الطّفيل (١)

ـ وسليك المقانب (٢)

ـ وعمرو بن معد يكرب

ـ وعمرو بن عبد ودّ. وغيرهم.

وفي الإسلام :

ـ علي بن أبي طالب

ـ وعمه حمزة بن عبد المطلب

ـ والزبير

ـ وطلحة (٣)

__________________

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى

وصوّت إنسان فكدتّ أطير

وتاب بعد ذلك عن اللصوصية.

(١) عامر بن الطفيل ٧٠ ق. ه ـ ١١ ه‍ ـ ٥٥٤ ـ ٦٣٢ م : ابن مالك بن جعفر العامري ، من بني عامر بن صعصعة ، فارس قومه ، وأحد فتّاك العرب وشعرائهم وساداتهم في الجاهلية. كنيته أبو علي ، ولد ونشأ بنجد ، خاض المعارك الكثيرة ، وأدرك الإسلام شيخا ، فوفد على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) يريد الغدر به فلم يستطع ورجع ولم يسلم فمات في الطريق.

خزانة الأدب ١ : ٤٧١ ـ ٤٧٤ رغبة الآمل ٢ : ١٧٦ و ٨ : ١٦٥ ، ٢٤٣ والأعلام ٣ : ٢٥٢.

(٢) سليك المقانب ت نحو ١ ، ق. ه ـ ٦٠٥ م : السليلك بن عمير بن يثربي بن سنان السعديّ التميمي. والسّلكة أمه ، فاتك ، عدّاء ، شاعر أسود ، من شياطين الجاهلية ، يلقّب بالرئبال. كان أدلّ الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها. له وقائع وأخبار. قتله أسد بن مدرك الخثعمي. عن الأعلام ٣ : ١١٥.

(٣) طلحة بن عبيد الله ٢٨ ق. ه ـ ٣٦ ه‍ ـ ٥٩٦ ـ ٦٥٦ م : طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني ، أبو محمد ، صحابي ، شجاع من الأجواد وهو أحد العشرة المبشرين ـ

٣٢٥

ـ وعبد الله بن خازم السلمي (١)

ـ وطليحة الأسدي (٢)

ـ وعباد بن الحصين (٣)

ـ وعمير بن الحباب (٤)

__________________

ـ وأحد الستة أصحاب الشورى ، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام. قال ابن عساكر : كان من دهاة قريش ومن علمائهم. ويقال له : طلحة الجود وطلحة الخير وطلحة الفياض وكل ذلك لقّبه به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) في مناسبات مختلفة. شهد أحدا وثبت مع رسول الله وبايعه على الموت فأصيب بأربعة وعشرين جرحا. شهد الخندق وسائر المشاهد. قتل يوم الجمل وكان بجانب عائشة ودفن في البصرة ـ الأعلام ٣ : ٢٢٩.

(١) عبد الله بن خازم ت ٧٢ ه‍ ـ ٦٩١ م : عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصّلت السّلمي البصري ، أبو صالح ، أمير خراسان ، له صحبة ، كان من أشجع الناس ، أسود اللون كثير الشعر ، يتعمم بعمامة خزّ سوداء يلبسها في الجمع والأعياد والحرب ، ويقول : كسانيها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم). قال البغدادي : هو أحد غربان العرب في الإسلام. له فتوحات وغزوات. وليّ إمرة خراسان لبني أمية واستمر عشر سنين. وفي أيامه كانت فتنة ابن الزبير ، فكتب إليه ابن خازم بطاعته ، وأقرّه على خراسان ، فبعث إليه عبد الملك بن مروان يدعوه إلى طاعته فأبى فلما قتل مصعب بن الزبير بعث إليه عبد الملك برأسه فغسله وصلى عليه ثم انتقض عليه أهل خراسان فقتلوه وأرسلوا رأسه إلى عبد الملك. الإصابة ٤ : ٦٠ برقم ٤٦٣٢ والعقد ١ : ١١٧ والأعلام ٤ : ٨٤.

(٢) طليحة الأسدي ٢١ ه‍ ـ ٦٤٢ م : طليحة بن خويلد الأسدي ، من أسد خزيمة ، متنبئ شجاع ، من الفصحاء ، يقال له «طليحة الكذاب» كان من الشجعان ، قدم على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) في وفد بني أسد سنة ٩ ه‍ فأسلم وأسلموا ، ولما رجعوا ارتد طليحة وادعى النبوة وكثر أتباعه. هزمه خالد ابن الوليد ، ففر إلى الشام ، ثم أسلم بعد أن أسلمت أسد وغطفان كافة ووفد على عمر فبايعه وخرج إلى العراق وحسن بلاؤه في الفتوح واستشهد بنهاوند الأعلام ٣ : ٢٣٠.

(٣) عباد بن الحصين ت نحو ٨٥ ه‍ ـ ٧٠٥ م : عباد بن الحصين بن يزيد بن عمرو الحبطي التميمي ، أبو جهضم ، فارس تميم في عصره ، ولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير وكان مع مصعب أيام قتل المختار ، وشهد فتح كابل مع عبد الله بن عامر ، وأدرك فتنة ابن الأشعث وهو شيخ مفلوج ، ورحل إلى كابل فقتله العدو هناك. المعارف ١٨٢ ورغبة الآمل ٣ : ٦٦ والأعلام ٣ : ٢٥٧.

(٤) عمير بن الحباب ٧٠ ه‍ ـ ٦٩٠ م : عمير بن الحباب بن جعدة السلمي ، رأس القيسية في ـ

٣٢٦

ـ ورجال من الأنصار (١)

ـ والأشتر النخعيّ (٢)

ـ وقطريّ بن الفجاءة

ـ والحريش بن مالك السعديّ (٣)

ـ وشبيب الحروري. وغيرهم (٤)

قالوا : ما استحيا شجاع قط أن يفرّ عن عبد الله بن خازم وقطري ابن الفجاءة صاحب الأزارقة.

__________________

ـ العراق ، وأحد الأبطال الدهاة ، كان ممن قاتل عبيد الله بن زياد مع إبراهيم بن الأشتر بالخازر ثم أتى إلى قرقيسيا خارجا على عبد الملك بن مروان ، وتغلب على نصيبين ، واجتمعت عليه كلمة قيس كلها ، ونشبت بينه وبين اليمانية وبني كلب وتغلب وقائع منها يوم ماكسين ويوم الثرثار الأول ويوم الثرثار الثاني ... وقتل عمير يوم الحشاك قتلته فيه بنو تغلب.

(١) في العقد ١ : ١١٨ ورجال الأنصار أشجع الناس ...

(٢) الأشتر النخعي ت ٣٧ ه‍ ـ ٦٥٧ م : مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي المعروف بالأشتر ، أمير ، من كبار الشجعان ، كان رئيس قومه ، أدرك الجاهلية ، وأول ما عرف عنه أنه حضر خطبة عمر بالجابية وسكن الكوفة وكان له نسل فيها وشهد اليرموك وذهبت عينه فيها ، وكان ممن ألّب على عثمان وحضر حصره بالمدينة وشهد يوم الجمل وأيام صفّين مع علي. وولاه علي على مصر فقصدها فمات في الطريق وهو من الأجواد. الأعلام ٥ : ٢٥٩.

(٣) الحريش. ذكر في الإصابة ١ / ٤٧٩ وغيره حريش بن هلال القريعي وقال : ذكر له أبو تمام أبياتا في الحماسة ثم ذكر بيتين مما نسب إلى الجحاف بن حكيم وقد مرّت الأبيات في موضع سابق ولم نقع على الحريش بن مالك.

(٤) شبيب الحروري ٢٦ ـ ٧٧ ه‍ ـ ٦٤٧ ـ ٦٩٦ م : شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني ، أبو الضحاك ، من الأبطال ، وهو أحد كبار الثائرين على بني أمية ، كان داهية طماحا إلى السيادة ، خرج على الحجاج ، ونادى بنفسه خليفة فبايعه ١٢٠ رجلا ، وهزم جيوش الحجاج ، ولم يستطع الحجاج التغلب عليه إلى أن أنجده عبد الملك بجيش من الشام بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي ، وقتل أصحاب شبيب ونجا هو مع قليل منهم. فمر بجسر دجيل في نواحي الأهواز فنفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل. فألقاه في الماء فغرق. الأعلام ٣ : ١٥٧ وانظر العقد ١ : ١١٧ ـ ١١٨.

٣٢٧

وقالوا : ذهب حاتم (١) بالسخاء والأحنف بن قيس بالحلم ، وخريم (٢) بالنعمة ، وعمير بن الحباب بالشدّة ، وكان شبيب الحروري يصيح في جنبات الجيش فلا يلوي أحد على أحد. وفيه يقول الشاعر :

إن صاح يوما حسبت الصخر منحدرا

والريح عاصفة والموج يلتطم

ولمّا قتل أمر الحجّاج بشقّ صدره ، فإذا له فؤاد مثل فؤاد الجمل ، فكانوا إذا ضربوا به الأرض ينزو كما تنزو المثانة المنفوخة (٣).

وقال عبد الله بن الزبير : التقيت بالأشتر النخعي يوم الجمل فما ضربته حتّى ضربني [س ١١٤] خمسا أو ستّا ثم أخذ برجلي فألقاني في الخندق وقال : والله لو لا قرابتك من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ما اجتمع منك عضو إلى آخر الدهر. وكان عبد الله بن الزبير من مشاهير الفرسان (٤).

__________________

(١) حاتم الطائي ت ٤٦ ق. ه ـ ٥٧٨ م : حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني ، أبو عديّ ، فارس ، شاعر ، جواد ، جاهلي ، يضرب المثل بجوده ، كان من أهل نجد ، وزار الشام فتزوج ماوية بن حجر الغسانية ومات في عوارض (جبل في بلاد طيىء) عن الأعلام ٢ : ١٥١ وخزانة الأدب ١ : ٤٩٤ ـ ٢ : ١٦٤ والعقد ١ : ١١٧.

(٢) خريم بن خليفة بن الحارث بن خزيمة الغطفاني المرّي يضرب به المثل في التنعّم فيقال : أنعم من خريم. كان معاصرا للحجاج الثقفي وله معه خبر. انظر الأعلام ٢ : ٣٠٤ ومجمع الأمثال ٣ : ٤١١ برقم ٤٣١٥ «أنعم من خريم».

(٣) الخبر مع الشعر في العقد ١ : ١١٧ ، ١١٨ وانظر العقد ٣ : ٦٩

(٤) الخبر في العقد ١ : ١١٩ ، ١٢٠.

٣٢٨

وذكر متمّم (١) بن نويرة أخاه مالكا (٢) وجلده فقال : كان يخرج في الليلة الصّنّبر عليه الشملة الفلوت بين المزادتين النّضوحين على الجمل الثفال معتقل الرمح الخطّي قالوا : وأبيك إنّ هذا لهو الجلد (٣).

كتب عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه إلى النعمان بن مقرن وهو على الصائفة : أن استعن في حربك بعمرو بن معد يكرب وطليحة الأسدي ولا تولّهما من الأمر شيئا ، فإنّ كلّ صانع أعلم بصناعته.

وكان خارجة بن حذافة (٤) أحد فرسان قريش يعدل بألف فارس. كتب عمرو بن العاصي إلى عمر رضي‌الله‌عنه يستمدّه بثلاثة آلاف

__________________

(١) متمم بن نويرة ت ٣٠ ه‍ ـ ٦٥٠ م : متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي ، أبو نهشل ، شاعر فحل ، صحابي ، من أشراف قومه ، اشتهر في الجاهلية والإسلام. وكان قصيرا أعور. أشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك. سكن متمم المدينة أيام عمر. عن الأعلام ٥ : ٢٧٤.

(٢) مالك بن نويرة ت ١٢ ه‍ ـ ٦٣٤ م : مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي ، أبو حنظلة ، فارس ، شاعر من أرداف الملوك في الجاهلية ، يقال له : فارس ذي الخمار ، وذو الخمار فرسه ، وفي أمثالهم «فتى ولا كمالك» (مجمع الأمثال برقم ٢٧٦٢) وكانت فيه خيلاء ، وله لمة كبيرة. أدرك الإسلام وأسلم ، وولاه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) صدقات قومه ، ولما صارت الخلافة إلى أبي بكر اضطرب مالك في أموال الصدقات وفرقها ، وقيل : ارتد ، فتوجه إليه خالد بن الوليد وقبض عليه وأمر ضرار بن الأزور فقتله. عن الأعلام ٥ : ٢٦٧.

(٣) الخبر في العقد ١ : ١٢٠ والصنبر : البرد الشديد. والمزادتان النضوحتان : قربتا الماء ، والجمل الثفال : البطيء. والرمح الخطيّ : منسوب إلى الخط ، وهي بلدة بالبحرين تنسب إليها الرماح الجيدة. وانظر عيون الأخبار ٤ : ٣١ ففيه حديث لمتمم يصف نفسه لعمر بن الخطاب.

(٤) خارجة بن حذافة ت ٤٠ ه‍ ـ ٦٦٠ م : خارجة بن حذافة بن غانم من بني كعب بن لؤي ، صحابي ، من الشجعان ، كان يعد بألف فارس. أمد به عمر بن الخطاب عمرو بن العاص فشهد معه فتح مصر وولي شرطته. واتفق أن عمر اشتكى بطنه ليلة الائتمار بقتله وقتل علي ومعاوية فاستخلف خارجة على الصلاة بالناس ، فقتله عمرو بن بكر الذي انتدب لقتل عمرو بن العاص. وقال قاتله لما علم خطأه : أردت عمرا وأراد الله خارجة. الأعلام ٢ / ٢٩٣.

٣٢٩

فارس فأمدّه بخارجة بن حذافة والزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود (١).

وقتل خارجة ـ رحمه‌الله ـ بمصر ، قتله الخارجيّ الذي أراد قتل عمرو بن العاصي وهو يظنّه عمرا. فقال : أردت عمرا وأراد الله خارجة (٢).

وكان المقداد بن عمرو البهرانيّ (٣) تبنّاه في الجاهلية الأسود بن عبد يغوث الزهري فكان يقال له : المقداد بن الأسود ، وكان من الفرسان الأبطال والمهاجرين الأولين ، وهو الذي قال لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والله لا نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى (٤) : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ها هنا [س ١١٥] قاعدون (٥). ولكننا نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك (٦).

__________________

(١) المقداد بن الأسود ٣٧ ق. ه ـ ٢٢ ه‍ ـ ٥٨٧ ـ ٦٥٣ م : المقداد بن عمرو ويعرف بابن الأسود الكندي البهراني الحضرمي ، أبو معبد أو أبو عمرو ـ صحابي ، من الأبطال ـ هو أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الإسلام ، وهو أول من قاتل على فرس في سبيل الله. وكان في الجاهلية من سكان حضر موت واسم أبيه عمرو بن ثعلبة البهراني الكندي. ووقع بين المقداد وابن شمر بن حجر الكندي خصام فضرب المقداد رجله بالسيف وهرب إلى مكة فتبناه الأسود بن عبد يغوث الزهري. فصار يقال له : المقداد بن الأسود إلى أن نزلت الآية. (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) شهد بدرا وغيرها وسكن المدينة وتوفي على مقربة منها الأعلام ٧ : ٢٨٢.

(٢) الخبر في العقد ٤ : ٣٦٠.

(٣) المقداد بن عمرو البهراني هو المقداد بن الأسود. انظر خبره في السيرة : ٤٤٩.

(٤) الأسود بن عبد يغوث. انظر خبره في السيرة ١ : ٤٤٩.

(٥) سورة المائدة ٥ / ٢٤.

(٦) انظر الخبر في السيرة النبوية ١ : ٤٤٩ (أخبار وقعة بدر).

٣٣٠

والزّبير بن العوّام هو أوّل رجل سلّ سيفه في الله. قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لكلّ نبيّ حواريّ وحواريّي الزّبير (١). والحواريّ الناصر.

وروي أنّ أميّة بن خلف (٢) سأل عبد الرحمن بن عوف يوم بدر وأمية أسير عنده قبل أن تقتله الأنصار فقال : من الرجل منكم المعلم بريش نعامة في صدره؟

قال : قلت : ذلك حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله وعمّ نبيّه. قال : ذلك والله الذي فعل بنا الأفاعيل (٣).

وكان أبو بكر ـ رضي‌الله‌عنه ـ إذا ذكر يوم أحد يقول : ذاك يوم كلّه أو جلّه لطلحة. وقتل طلحة يوم الجمل فتمثّل فيه عليّ رضي‌الله‌عنه بقول [م ٨٣] الشاعر :

__________________

(١) أخبار الزبير مبثوثة في السيرة ، أما الحديث فقد ورد في فيض القدير ٤ : ٢٠٩٧ برقم ٢٤٣١ على هذا النحو : إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير. قال محققه : صححه الألباني في صحيح الجامع ١ : ٢١٥٤ وأخرجه البخاري في صحيحه ٦ : ٢٨٤٦ والترمذي في سننه ٥ : ٣٧٤٥ عن جابر وفي ٥ : ٣٧٤٤ عن علي وأخرجه الحاكم في المستدرك عن الزبير وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والحواري : الوزير والناصر والخليل وخاصة الأصحاب. ومناسبة الحديث أنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) قال يوم الأحزاب : من يأتيني بخبر القوم؟ فقال الزبير : أنا. وأخرجه مسلم في الفضائل عن جابر ولفظه : ندب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ، ثم ندبهم فانتدب الزبير ، ثم ندبهم فانتدب الزبير ، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : لكل نبي حواري وحواريّ الزبير. وانظر إعراب الحديث للعكبري : ٢٣٠ برقم ٢٢١.

(٢) أمية بن خلف ٢ ه‍ ـ ٦٢٤ م : أمية بن خلف بن وهب من بني لؤي أحد جبابرة قريش في الجاهلية ومن ساداتهم ، أدرك الإسلام ولم يسلم ، وهو الذي عذب بلالا الحبشي في بداءة ظهور الإسلام. أسره عبد الرحمن بن عوف يوم بدر ، فرآه بلال فصاح بالناس يحرضهم على قتله فقتلوه. قتله رجل من الأنصار من بني مازن. السيرة النبوية ١ : ٥٣١ والأعلام ٢ : ٢٢.

(٣) الخبر في السيرة النبوية ١ : ٤٦٣.

٣٣١

فتى كان يعطي السيف في الحرب حقّه

إذا ما هو استغنى وتشقى به الجزر

وروي عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنّه قال : منّا خير فارس في العرب. قالوا : من هو يا رسول الله قال : عكاشة بن محصن فقال ضرار بن الأزور (١) : ذلك منّا يا رسول الله. قال : ليس منكم ولكنه منّا ، شهد مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ سائر المشاهد واستشهد في يوم بزاخة (٢) قتله طليحة (٣).

وكان يقال للأخرم الأسدي (٤) : فارس رسول الله ، كما كان يقال لأبي قتادة الأنصاري (٥).

وكان خالد بن الوليد من فرسان العرب وشجعانهم ، روي أنّ رسول

__________________

(١) ضرار بن الأزور ت ١١ ه‍ ـ ٦٣٣ م : ضرار بن مالك (الأزور) بن أوس بن خزيمة الأسدي ، أحد الأبطال في الجاهلية والإسلام ، كان شاعرا مطبوعا له صحبة ، وقاتل يوم اليمامة أشد قتال حتى قطعت ساقاه ، فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل والخيل تطؤه ومات بعد أيام في اليمامة. الإصابة ٣ : ٢٦٩ برقم ٤٢٦٧ والأعلام ٣ : ٢١٥.

(٢) يوم بزاخة : بزاخة ماء لبني أسد بن خزيمة التقى عليه خالد بن الوليد وطليحة بن خويلد الأسدي المرتد وهزمهم خالد. ثم عاد طليحة إلى الإسلام. البلاذري. البلدان : ١١٢ ـ ١١٣.

(٣) انظر السيرة النبوية ١ : ٤٦٨.

(٤) الأخرم الأسدي ت ٦ ه‍ ـ ٦٢٧ م : واسمه محرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة ، من بني غنم من أسد بن خزيمة ، صحابي ، من الشجعان ، يعرف بالأخرم الأسدي ، أبو نضلة ، شهد بدرا ، وقتله عبد الرحمن بن عيينة الفزاري في غزوة ذي قرد. انظر خبره في غزوة ذي قرد في السيرة النبوية ٢ : ٧٥٤ والإصابة ١ : ٢٢ برقم ٥٦ و ٦ : ٤٨ برقم ٧٧٤٠ والأعلام ٥ : ٢٨٤.

(٥) أبو قتادة ت ٥٤ ه‍ : أبو قتادة الأنصاري السلمي فارس رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) واسمه الحارث بن ربعي ، وقيل : النعمان وقيل : عمرو .. والمشهور : الحارث بن ربعي بن بلدمة قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : خير فرساننا أبو قتادة. انظر السيرة النبوية ٢ : ٧٥٤ وتهذيب التهذيب ٦ : ٤١٠ برقم ١٠١٨٦.

٣٣٢

الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذكره فقال : نعم عبد الله ، ونعم أخو العشيرة ، سيف [س ١١٦] من سيوف الله (١) ، سلّه الله على الكفّار والمنافقين. وكان رجلا عظيما جلدا مهيبا لا ينظر إليه رجل إلا ملأ صدره ، وإليه كانت القبّة والأعنّة في الجاهلية.

فأمّا القبّة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به جيوشهم. وأمّا الأعنّة فإنّه كان يكون على خيل قريش في الحروب. وكان على خيل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يوم الحديبية (٢) ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أعنّة الخيل فيكون في مقدّمتها في محاربة العرب.

وكان عمّار بن ياسر العنسيّ من الفرسان الأبطال ، شهد جميع المشاهد مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقتل بصفّين وهو يقول : أيّها الناس ، هل من رائح إلى الجنّة تحت العوالي. وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قد قال له : تقتلك الفئة الباغية (٣).

__________________

(١) في عارضة الأحوذي جزء من هذا الحديث ٣ : ٢٣٤.

(٢) لم يكن خالد قد أسلم يوم الحديبية ، بل إنه كان في خيل قريش كما في السيرة النبوية ٢ : ٧٧٧ فقد قال بشر بن سفيان الكعبي : يا رسول الله ، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذي طوى ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم. «العوذ المطافيل : الإبل ذات الألبان».

(٣) تقتلك الفئة الباغية : جاء في السيرة النبوية ١ : ٣٤٦ (مقام رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) بالمدينة ومنازله بها وبناء مسجده) قال ابن إسحاق : فدخل عمار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن فقال : يا رسول الله ، قتلوني يحملون عليّ ما لا يحملون. قالت أم سلمة زوج النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : فرأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ينفض وفرته بيده وكان رجلا جعدا ، وهو يقول : ويح ابن سمية ، ليسوا بالذين يقتلونك ، إنما تقتلك الفئة الباغية. وفي الجامع الصغير : وفي الجامع الصغير : عمار تقتله الفئة الباغية ٢ : ٦٦ عن أبي نعيم في الحلية عن أبي قتادة. وانظر العقد ٤ : ٣٤١.

٣٣٣

وكذلك قتل عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي (١) بصفّين وكان من مشاهير الفرسان ، فتمثّل فيه معاوية بقول حاتم الطائي :

أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها

وإن شمّرت يوما به الحرب شمّرا

كليث هزبر كان يحمي ذماره

رمته المنايا قصدها فتفطّرا (٢)

ولمّا غطّاه عبد الله بن عامر (٣) بعمامته وواراه قال له معاوية : لقد واريت كبشا من كباش القوم وسيّد خزاعة غير مدافع.

وكان عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه إذا رأى همدان وغناها في الحرب يوم صفّين يقول [س ١١٧] :

ناديت همدان والأبواب مغلقة

ومثل همدان سنى فتحة الباب

كالهندوانيّ لم تفلل مضاربه

وجه جميل وقلب غير وجّاب (٤)

__________________

(١) عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ٣٧ ه‍ ـ ٦٥٧ م : صحابي ، كان من الدهاة الفصحاء ، انتهت إليه السيادة في خزاعة. أسلم يوم الفتح ، شهد حنينا والطائف وتبوك. وقاتل مع عليّ بصفّين ، فكان قائد الرجالة ، وكاد يصل إلى معاوية فتكاثر عليه أصحاب معاوية فقتل. الإصابة ٤ : ٣٩ برقم ٤٥٥٠ والأعلام ٤ : ٧٣.

(٢) البيت الأول في ديوان حاتم الطائي ص ٢٥٦ ق ٦٨ ب ٢٠ والبيت الثاني من فوائت الديوان.

(٣) عبد الله بن عامر ٤ ـ ٥٩ ه‍ ـ ٦٢٥ ـ ٦٧٩ م : عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة الأموي ، أبو عبد الرحمن ، أمير فاتح ، ولد بمكة ، وولّي البصرة في أيام عثمان سنة ٢٩ ه‍ فوجه جيشا إلى سجستان فافتتحها صلحا وافتتح بلادا كثيرة حتى كابل. شهد وقعة الجمل مع عائشة ولم يحضر صفّين. ولّاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد اجتماع الناس على خلافته ثم صرفه عنها. فأقام بالمدينة ومات بمكة بعرفات. كان شجاعا سخيا وصولا لقومه رحيما محبا للعمران. قال الإمام علي : ابن عامر سيد فتيان قريش. الإصابة ٥ : ٦١ برقم ٦١٧٥ والأعلام ٤ : ٩٤.

(٤) الخبر في العقد الفريد : ٣ : ٣٩٠ ونسب إليه (إلى علي) صاحب العقد في الموضع نفسه أنه قال : ـ

٣٣٤

وسأل عمر رضي‌الله‌عنه عمرو بن معد يكرب فقال : يا أبا ثور أيّ العرب أبغض إليك أن تلقاه (١)؟

قال : أمّا من قومي :

فوداعة من همدان

وعطيف من مراد ،

وبلحارث من مذحج

وأمّا من معدّ :

فعديّ من فزارة

ومرّة من ذبيان

وكلاب من عامر

ومنان من بكر بن وائل

وشنّ من عبد القيس

والأرقم من تغلب

ثمّ لو جلت على مياه معدّ ما خفت هيج أحد ما لم يلقني حرّاها أو عبداها.

قال : أمّا حرّاها فعامر بن الطّفيل وعتيبة بن الحارث [م ٨٤] بن شهاب وأمّا عبداها فعنترة الفوارس وسليك المقانب.

__________________

 ـ لهمدان أخلاق ودين يزينهم

وأنس إذا لاقوا وحسن كلام

فلو كنت بوابا على باب جنّة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

(١) أسماء القبائل التي يذكرها ابن عبد ربه في العقد ٣ : ٣١٢ وما بعدها في «كتاب اليتيمة في النسب وفضائل العرب».

٣٣٥

وسئل المهلّب : من أشجع الناس وأفرسهم؟

فقال : ثلاثة :

ابن الكلبية (١)

وأحمر قريش (٢)

وراكب البغلة (٣)

فابن الكلبية مصعب بن الزبير أفرد في سبعة وأعطي الأمان وولاية العراقين فأبى ومات كريما.

وأحمر قريش عمر بن عبيد الله بن معمر ما لقي خيلا قطّ إلا كان في سرعانها.

وراكب البغلة عبّاد بن الحصين ما كنّا في كربة قطّ إلّا فرّجها.

__________________

(١) ابن الكلبية ـ مصعب ٢٦ ـ ٧١ ه‍ ـ ٦٤٧ ـ ٦٩٠ م : مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي ، أبو عبد الله ، أحد الولاة الأبطال في صدر الإسلام ، كان عضد أخيه عبد الله في توطيد ملكه بالحجاز ، ثم أرسله أخوه إلى البصرة سنة ٦٧ ه‍ فقصدها وضبط أمورها وقتل المختار الثقفيّ ، ثم عزله عبد الله عنها مدة سنة وأعاده في أواخر سنة ٦٨ ه‍ وأضاف إليه الكوفة وأحسن سياستها. وجه إليه عبد الملك بجيوشه فهزمها مصعب ، ثم خرج له بنفسه وعرض عليه عرضا سخيا على أن يتراجع عن القتال فأبى مصعب ، وقتل في معركة دير الجاثليق ، قتله زائدة بن قيس السعدي وبمقتله نقلت بيعة أهل العراق إلى بني أمية بالشام. الأعلام ٧ : ٢٤٧.

(٢) أحمر قريش عمر بن عبيد الله ٢٢ ـ ٨٢ ه‍ ـ ٦٤٢ ـ ٧٠١ م : عمر بن عبيد الله بن معمر ابن عثمان التيمي القرشي ، سيد بني تيم في عصره ، من كبار القادة الشجعان الأجواد. كان من رجال مصعب بن الزبير أيام ولايته بالعراق. وولي له بلاد فارس وحرب الأزارقة سنة ٦٨ ه‍ وكان قبل ذلك على البصرة ، أرسله عبد الملك بن مروان لقتال أبي فديك الخارجي سنة ٧٣ ه‍ فقتل من أصحابه نحو ستة آلاف وأسر ثمانمائة وعاد بعد ذلك إلى عبد الملك فكان من جلسائه. عن الأعلام ٥ : ٥٤.

(٣) عباد بن الحصين : سبقت ترجمته.

٣٣٦

فقال له الفرزدق (١) وكان حاضرا : ويحك فأين أنت عن عبد الله بن خازم السّلمي وعبد الله بن الزبير؟

فقال : ويحك إنّما ذكرنا الإنس وأمّا الجنّ فلم نذكرهم.

وعبد الله بن الزبير من الفرسان الشجعان ، كان فيمن انتدب لغزو إفريقية [س ١١٨] مع عبد الله بن أبي سرح وهو الذي قتل جرجير ملك إفريقية. وكان جرجير في حين القتال قد أبرز ابنته لجيوشه وجعلها على ديدبان خشب في عدّة من خدمها في الحلي والحلل سافرة عن وجهها ، وحلف لهم بالمسيح والنصرانية : لا قتل عبد الله بن أبي سرح رجل منكم إلّا زوّجته إيّاها وأنزلته في المنزلة التي لا يطمع فيها أحد غيره. فحرّض بذلك الروم تحريضا شديدا. وإنّ عبد الله بن أبي سرح لمّا انتهى إليه ما فعل جرجير نادى في أهل عسكره :

والله لا قتل أحد منكم جرجيرا إلا نفّلته ابنته وما معها. ثمّ زحف بمن معه من المسلمين فاستحرّ القتال واضطرمت الحرب ، وكان المسلمون عشرين ألفا ، وجرجير في مئة وعشرين ألفا ، فضاق بالمسلمين أمرهم واختلفوا على ابن أبي سرح في الرأي ، فدخل فسطاطه يخلو بنفسه ويفكّر في أمره. قال عبد الله بن الزبير : فرأيت عورة من جرجير والناس على مصافّهم وهو خلف أصحابه منقطعا منهم على برذون أشهب ، ومعه جاريتان له تظّللانه من الشمس بريش الطواويس ، فأتيت فسطاط ابن أبي

__________________

(١) الفرزدق : ت ١١٣ ه‍ ـ ٧٣٢ م : همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي ، أبو فراس ، الشهير بالفرزدق ، شاعر من النبلاء ، من أهل البصرة ، عظيم الأثر في اللغة ، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل ، كان شريفا في قومه ، عزيز الجانب ، وكان أبوه من الأجواد الأشراف وكذلك جدّه. عن الأعلام ٨ : ٩٣ ، وللدكتور شاكر الفحام كتاب كبير عن الفرزدق صحح فيه الكثير مما قيل في أخباره. طبع في دار الفكر بدمشق.

٣٣٧

سرح فقال : ما الخبر؟ فقصصت عليه القصة وقلت له : أخرج واندب الناس لأني أخشى الفوت.

فخرج وقال : أيّها الناس انتدبوا مع ابن الزّبير إلى عدوّكم.

قال : فتسرّع إليّ جماعة اخترت منهم ثلاثين فارسا ثم قلت لهم : إني حامل فاصرفوا عن ظهري من أرادني فإنّي سأكفيكم ما أمامي [س ١١٩] إن شاء الله تعالى.

قال : فحملت في الوجه الذي هو فيه وذبّوا عني واتّبعوني حتّى خرقت صفوفهم إلى أرض خالية فضاء بيني وبينه ، فو الله ما حسبني إلا رسولا حتّى رأى ما رأى من السلاح فثنى برذونه هاربا ، فأدركته فطعنته فسقط ، فرميت بنفسي عليه فقطعت رأسه ورفعته على رمحي ، وجال أصحابه جولة ، وحمل المسلمون في ناحيتي وكبّروا وقتلوهم كيف شاؤوا.

ولمّا تنازع المسلمون في قتله وابنته تنظر فيهم قالت : ما للعرب يتنازعون؟ فقيل لها : في قتل أبيك ، فبكت وقالت : قد رأيت الذي قتل أبي. فقال عبد الله بن أبي سرح لعبد الله بن الزبير : لم كتمتنا يا أبا بكر قتلك إياه؟ فقال : قد علم [م ٨٥] الذي قتلته له. فنفّله ابن أبي سرح ابنة الملك جرجير.

فيقال إنّه اتّخذها أمّ ولد ، وكان ابن الزبير في ذلك الوقت ابن بضع وعشرين سنة. وقتل ـ رحمه‌الله ـ في الكعبة في أيام عبد الملك بن مروان ، حصره الحجّاج سبعة أشهر وقتله بعد قتال شديد في خبر طويل لا يسع شرحه هنا.

ورجال الأنصار أشجع الناس وأفرسهم ، قال عبد الله بن عباس :

٣٣٨

ما سلّت السيوف ، ولا زحفت الزّحوف ، ولا أقيمت الصفوف حتى أسلم أبناء قيلة يعني الأوس والخزرج وهم الأنصار (١).

قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ للأنصار : إنّكم لتقلّون عند الطّمع وتكثرون عند الفزع.

وقال معاوية يوما : يا معشر الأنصار ، ما تطلبون عندي؟ فو الله لقد كنتم قليلا معي كثيرا عليّ. ولقد فللتم حدّي يوم صفّين حتّى رأيت المنايا تتلظّى من أسنّتكم.

فقال له قيس بن سعد (٢) : أمّا فلّنا حدّك يوم صفّين فأمر لا نعتذر منه.

وكانت بيعة الأنصار لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على الموت.

قال غيلان بن جرير (٣) : قلت لأنس بن مالك : يا أبا حمزة أرأيت اسم الأنصار؟ اسم سمّاكم الله به أم أنتم كنتم تسمّون به أنفسكم؟

__________________

(١) الخبر في العقد ١ : ١١٨.

(٢) قيس بن سعد ت ٦٠ ه‍ ـ ٦٨٠ م : قيس بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي المدني ، وال صحابي ، من دهاة العرب ذوي الرأي والمكيدة في الحرب والنجدة وأحد الأجواد المشهورين ، كان شريف قومه غير مدافع ، ومن بيت سيادتهم ، وكان يحمل راية الأنصار مع النبيّ ويلي أموره. وفي البخاريّ أنه كان بمنزلة الشرطيّ من الأمير. صحب عليا في خلافته فاستعمله على مصر سنة ٣٦ ـ ٣٧ ه‍ وعزل بمحمد بن أبي بكر وعاد إلى عليّ فكان على مقدمته يوم صفين ثم كان مع الحسن بن علي حتّى صالح معاوية ، فرجع إلى المدينة وتوفي بها في آخر خلافة معاوية ، وقيل : هرب من معاوية سنة ٥٨ ه‍ وسكن تفليس فمات فيها ولم يكن في وجهه شعر وكان من أطول الناس وأجملهم. الأعلام ٥ : ٢٠٦.

(٣) غيلان بن جرير أبو زيد المعولي الأزدي البصري العتكي الطيبي توفي سنة ١٢٩ ه‍ ـ تهذيب التهذيب ٨ : ٢٥٣ عن موسوعة رجال الكتب التسعة ٣ : ٢٣١ برقم ٧٢١٥.

٣٣٩

قال : بل اسم سّمانا الله به (١). قال حسّان بن ثابت الأنصاري (٢) :

سّماهم الله أنصارا بنصرهم

دين الهدى وعوان الحرب تستعر

وسارعوا في سبيل الله واعتزموا

للنّائبات وما خاموا وما ضجروا

والنّاس إلب علينا فيك ليس لنا

إلّا السيوف وأطراف القنا وزر

نجالد الناس لا نبقي على أحد

ولا نضيّع ما توحي به السّور

وما يهزّ جناة الحرب نادينا

ونحن حين تلظّى نارها سعر

كما رددنا ببدر دون ما طلبوا

أهل النفاق وفينا ينزل الظّفر

ونحن جندك يوم النعب من أحد

إذ حرّبت بطرا أحزابها مضر

فما ونينا وما خمنا وما خبروا

منّا عثارا وكلّ الناس قد عثروا (٣)

وقال كعب بن زهير (٤) :

__________________

(١) في جمع الفوائد ٢ : ٦٥١ : غيلان بن جرير : قلت لأنس : أرأيتم اسم الأنصار؟ أكنتم تسمّون به أم سماكم الله تعالى؟ قال : بل سمّانا الله. وكنا ندخل على أنس يحدثنا بمناقب الأنصار ومشاهدهم.

(٢) حسان بن ثابت ت ٥٤ ه‍ ـ ٦٧٤ م : حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري ، أبو الوليد ، الصحابي شاعر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، من سكان المدينة ، مدح الغساسنة وملوك الحيرة قبل الإسلام. كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبيّ في النبوة وشاعر اليمانين في الإسلام ، وكان شديد الهجاء. لم يشهد مع النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) مشهدا لعلة أصابته. الأعلام ٢ : ١٧٥ ـ الإصابة ٢ : ٨ برقم ١٦٩٩ وللدكتور إحسان النص كتاب : حسان بن ثابت الأنصاري. ط دمشق.

(٣) القصيدة في ديوانه برقم ١٢٩ والأبيات مختارة منها وقدّم لها محقق الديوان بقوله : وقال حسان لبني سليم يوم قدّمهم رسول الله يوم فتح مكة.

(٤) كعب بن زهير ٢٦ ه‍ ـ ٦٤٥ م : كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني ، أبو المضرّب ، شاعر عالي الطبقة من أهل نجد له ديوان شعر طبع مرارا ، كان ممن اشتهر في الجاهلية ، ـ

٣٤٠