تحفة الأنفس وشعار سكّان الأندلس

علي بن عبد الرحمن بن هذيل الأندلسي

تحفة الأنفس وشعار سكّان الأندلس

المؤلف:

علي بن عبد الرحمن بن هذيل الأندلسي


المحقق: عبد الإله أحمد نبهان و محمّد فاتح صالح زغل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز زايد للتراث والتاريخ
المطبعة: دار البارودي للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9948-06-105-5
الصفحات: ٤٠٦

قال : لو كان بإذنه كان أحبّ إليّ إن استطعتم ، ولكنّ الناس أكثر من ذلك ، فإن خرجتم ففي كثرة وعدّة (١).

فلذلك كلّه يجب طاعة [م ٢٢] الأمير فيما يأمر به وينهى عنه وأن لا ينازع ، قال الله تعالى : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(٢) وقد أمر عمرو بن العاص (٣) جيشه في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يوقدوا نارا في ليلة باردة ، فلمّا قدموا شكوا ذلك ، فقال عمرو : كان في أصحابي قلّة فكرهت أن يراهم [س ٤٥] العدوّ. فأعجب ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وإذا أمرهم الأمير بأمر يخاف فيه الهلكة وأجمعوا على أنه خطأ فلهم أن يسألوه عنه ويناظروه عليه ، فإمّا أن يبين لهم صوابه فيرجعوا إليه أو يبين له الزلل فيرجع هو عنه.

وقد رجع الصحابة إلى أبي بكر الصدّيق (٤) في قتال أهل الردّة

__________________

(١) انظر شرح السير الكبير ١ : ١٧٤ برقم : ١٨٦ إلى ١٩٥.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ٤٦ وانظر أحكام الطاعة في شرح السير الكبير ١ : ١٦٥ وما بعدها وفي الأحكام السلطانية : ٤٨.

(٣) عمرو بن العاص ٥٠ ق. ه ـ ٤٣ ه‍ ٥٧٤ ـ ٦٦٤ م : عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي ، أبو عبد الله ، فاتح مصر ، وأحد عظماء العرب ودهاتهم وأولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم ، كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام ، وأسلم في هدنة الحديبية وولاه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) مرة جيش «ذات السلاسل» وأمدّه بأبي بكر وعمر ، ثم استعمله على عمان ، ثم كان من أمراء الجيوش في الجهاد بالشام في زمن عمر ، وهو الذي افتتح قنسرين وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية وولاه عمر فلسطين ثم مصر فافتتحها وعزله عثمان. ولما كانت الفتنة بين عليّ ومعاوية كان عمرو مع معاوية ، فولاه معاوية على مصر سنة ٣٨ ه‍ وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة وتوفي بالفسطاط ، الإصابة ٥ : ٢ برقم : ٥١٧٧ والأعلام ٥ : ٧٩.

(٤) أبو بكر ٥١ ق ه ـ ١٣ ه‍ ٥٧٣ ـ ٦٣٤ م : أبو بكر الصديق ، عبد الله بن عثمان (أبي قحافة) بن عامر القرشي ، أول الخلفاء الراشدين وأول من آمن برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) من الرجال ـ ـ ولد بمكة ونشأ سيدا من سادات قريش وغنيا وعالما بالأنساب. بويع بالخلافة يوم وفاة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) سنة ١١ ه‍ فحارب المرتدين وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق ، وتوفي بالمدينة ، عن الأعلام ٤ : ١٠٢.

١٢١

وإنقاذ جيش أسامة (١). وإذا اختلفوا فرأى بعضهم رأي الأمير فليرجع إليه من خالفهم ، وليتّهم رأي نفسه حتى يرى الأمر البيّن.

وإذا نادى منادي الأمير : يكون فلان وجنده في الميمنة ، وفلان وجنده في الميسرة وكذلك في المقدّمة وفي السّاقة فلا يتعدّ أمره ، ومن تعدّاه من غير عذر فللإمام تأديبه إذا رأى ذلك نظرا وبقدر ما يرى من حاله وبحسب زمانه ومكانه ودواعي الترغيب والترهيب(٢).

وإذا كان رجل في العسكر وسمع النداء : السلاح السلاح فليلبس سلاحه ولا يذهب نحو الصوت ولكن إلى الأمير ليسمع أمره ونهيه ، إلّا أن يخاف العدوّ على الموضع الذي ضربوا فيه فليقصد الموضع. وإن كان النداء ليلا فليمض إلى مضرب الإمام.

وإذا نادى منادي الإمام : الصلاة جامعة ، فلا يتخلّف أحد إلّا من يحفظ الرّحال : رجل أو اثنان في كل رحل.

__________________

(١) أسامة ٧ ق. ه ـ ٥٤ ه‍ ٦١٥ ـ ٦٧٤ م : أسامة بن زيد بن حارثة من كنانة عوف ، أبو محمد ، صحابي جليل ، ولد بمكة ونشأ على الإسلام لأن أباه كان أول الناس إسلاما ، وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) يحبه حبا جما ، وينظر إليه نظره إلى سبطيه الحسن والحسين ، وهاجر مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) إلى المدينة ، وأمّره رسول الله قبل أن يبلغ العشرين من عمره فكان مظفرا موفقا ، ولما توفي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) رحل أسامة إلى وادي القرى فسكنه ثم انتقل إلى دمشق في أيام معاوية ، فسكن المزة وعاد بعد ذلك إلى المدينة فأقام إلى أن مات بالجرف. وفي تاريخ ابن عساكر أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) استعمل أسامة على جيش فيه أبو بكر وعمر ، الإصابة ١ : ٢٩ برقم : ٨٩ والأعلام ١ : ٢٩١.

(٢) انظر النص في شرح السير الكبير ١ : ١٦٨ برقم : ١٧٢.

١٢٢

وإن نادى الزموا السّاقة لزمها كلّ امرئ إلا مستضعف (١).

وإن نادى منادي الإمام : من أراد العلف فليخرج تحت لواء فلان ، فلا ينبغي أن يتعدّى ذلك ولا يفارقون اللواء مفارقة يغيب [س ٤٦] فيها بعضهم عن بعض (٢).

وإذا بعث سرية وقال : لا تخرج إلا ثلاثمئة فلا ينبغي أن يتجاوز ذلك ، فإن خرج أكثر فغنموا فللإمام منع الذين تعدّوا من سهامهم أدبا لهم إن ظهر له ذلك (٣).

فهذا كلّه مما يجب علمه على الخاصة والعامة.

__________________

(١) انظر الأحكام في شرح السير الكبير ١ : ١٦٩ وما بعدها.

(٢) شرح السير الكبير ١ : ١٧٧ وما بعدها.

(٣) شرح السير الكبير ١ : ١٧٩ برقم : ١٩٧.

١٢٣
١٢٤

الباب الثامن

في حكم ولاة الثغور

وذكر الصّوائف

١٢٥
١٢٦

في حكم ولاة الثغور وذكر الصّوائف

ينبغي للإمام أن يتخيّر للثّغور رجالا من أهل الورع والصّرامة ، شجعان النفوس ، وإن لم يكونوا يحسنون الفروسيّة ، ذوي سياسة وكتمان لأسرارهم ، وصبر ومداراة ، مجدّين ليس لشيء من الهزل إليهم طريق ، ذوي أنفة وحيل وقوّة على الأسفار والحركة ، ما ئلين إلى خشونة العيش ، علماء بأحكام الجهاد والمصالحة وأحكام الفيء والخمس والمغانم والأنفال.

ويجري على والي كلّ ثغر ما يقوم به وبأعوانه ودوابّه على التوسّع في ذلك. ويتفقّد تحصين الثّغور وبنيانها وإدرار الأرزاق على الأدلّاء والجواسيس [م ٢٤] وصلاتهم.

ويكثّر بالجند في كلّ ثغر من أهله وسكّانه ، ويأخذهم بتعلّم العمل بالسّلاح من السيف والرّمح والرّمي والفروسية والجري رجّالة ، واستجادة الخيل واتخاذها وتخفيف سروجها ولجمها ، وأن لا يكون فيها فضّة ولا ذهب أصلا ، لكن بما لا بدّ منه من الحديد لئلا يثقلها ذلك عند الجري.

وليكن عند أمير كلّ ثغر جند مندوبون مدالون في كلّ ستة أشهر بغيرهم يقوى بهم على [س ٤٧] من تصعّب وتمنّع من إنفاذ الحقّ عليه من أهل ثغره ، فقد كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجرون الأوّلون والأوس والخزرج يتبارون في الطاعة ، ويؤخذ الحقّ من بعضهم لبعض. ويكون

١٢٧

لأولئك المندوبين منازل ينزلونها معدّة لهم لئلا ينزلوا على أهل البلدة فيثقلوا عليهم ، وتزاح عللهم في أرزاقهم لئلا يتعدّوا على مال أحد ولا على طعامه ولا على ثماره ولا على ما شيته.

وليكن وكد الأمير أن لا يغفل منع من أراد إيقاع شرّ أو عصبيّة بين الطّوائف المذكورة ، بين الجند البلديّ والجند المندوب فيعاقبه ويخرجه عن البلد ولا بدّ. ولا يميل بعصبيّة إلى طائفة دون أخرى ، فهذه طريقة البقاء والسّلامة ، وفي تعدّيها الدّمار الشّامل والهلاك العاجل.

ويكثّر في كل ثغر الأدلّاء الثّقات ، ولا يكونوا إلا مسلمين ولا بدّ.

ويكثّر من الجواسيس ، وإن أمكن أن لا يكونوا إلّا كفارا فهو أولى مثل تجار اليهود ومسافري النّصارى لأنّها مرتبة غدر لا عزّ فيها فينبغي أن يصان المسلمون عنها ، ولكن يجري عليهم أرزاقا يغنون بها عن التصرّف للمعاش في غير ذلك الطريق ، ولا يسقط عنهم الجزية ، ويستظهر في معرفة صدقهم من كذبهم بأن يكونوا جماعة كبيرة لا يعرف بعضهم بعضا ، وهذا كلّه بخلاف الأدلاء ، لأنهم ـ نعني الأدلاء ـ ينبغي أن يكونوا مكرّمين لأنّهم يشاورون في العظائم ، وينبغي أن تجرى عليهم الأرزاق الواسعة ، ويكون الجند كله [س ٤٨] مزاح العلل ، متى دعوا النّفير أسرعوا للوقت ولم يترددوا ، ويعترض والي الثّغر جنده إن أمكن في كلّ جمعة ، وإلّا مرّتين في الشهر ، ويعترض سلاحهم وخيلهم ، فمن رآه مقصّرا في استجادة الفرس والسّلاح حرمه عطاءه ، فإن ازدجر وإلّا أسقطه وألحق غيره مكانه ، ومن رآه مهتبلا لفرسه وسلاحه أكرمه وأعانه على ذلك.

وينبغي أن يطرح من الجند كلّ مهذار وكلّ محرّك لأطماعهم وكلّ مستزيد لا يقنع وكلّ جبان.

١٢٨

وينبغي أن يجتنبوا اللذات جملة وإن كانت مباحة ، وأمّا الفواحش فلا تباح لأحد أصلا ، لأنّه لا سبيل إلى الانتفاع في الحرب بكلّ مائل إلى اللذّات والانخراق في الملابس والحلي ، وواحد من أهل البصائر والجد خير من ألف من أهل البطالة والصّلف ، بل كلّما كثرت هذه الطبقة الخسيسة كانوا أضّر على من استنصر بهم لأنّهم مؤونة بلا معونة مائلين إلى كلّ طمع.

ويجعل على كلّ ثمانية من الجند ناظرا ويعقد له عقدة ، وعلى كلّ خمسة نظّار عريفا ويعقد له بندا [م ٢٥] وعلى كلّ خمسة عرفاء نقيبا ويعقد له لواء ، وعلى كلّ خمسة نقباء قائدا ويعقد له علما ، وعلى كلّ خمسة قوّاد أميرا ويعقد له راية إن كثر الجند.

ويرتّب لهم أرزاقا معلومة لكلّ طائفة على قدر الكفاية لا يطمع أحد منهم أن يزاد فيها فلس فما فوقه ، فمن أبلى منهم وأراد الأمير أو الإمام الإحسان إليه وصله صلة غير مرتبة ، لأنّه إن تعدّى [س ٤٩] هذا العمل انفتحت له أبواب الطّمع التي لا يقدر فاتحها على غلقها أبدا بل يؤدي ضمانا ولا بدّ إلى الهلكة وهلاك الناحية التي هم فيها وهلاكهم.

وإنّما رتّبنا الرتبة التي ذكرنا لأنّ العدد إذا كثر لم يقدر الأمير ، فكيف الإمام ، على مباشرتهم ولقائهم بنفسه ، لكن يأمر الإمام أو الأمير الواسع النظر أمراءه ، ويأمر كلّ أمير منهم قوّاده ، ويأمر كلّ قائد منهم نقباءه ، ويأمر كلّ نقيب منهم عرفاءه ، ويأمر كلّ عريف منهم نظّاره ، ويأمر كل ناظر منهم فرسانه ورجّالته ، فيتمّ كلّ أمر ـ وإن عظم ـ من ساعته.

وقد كان للمسلمين في أيّام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عرفاء ونقباء ورؤساء

١٢٩

فيرفعون إليه عليه‌السلام أمور من إلى أيديهم ، ويتولّون جمعهم إذا احتيج إليهم.

ولا يفتر والي الثغر في الغزو ومداولة جنده في ذلك ، وكلّ ما غنم خمّسه ، فعزل الخمس ورفعه إلى الإمام ليضعه حيث أمر الله تعالى في كتابه ، ثمّ ينفّل من رأى تنفيله على حسب ما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يتعدّى شيئا صحّ عنه عليه‌السلام في ذلك. ويقسم الغنيمة حيث غنمت ، فمن وقع في سهمه شيء دفع إليه وكلّف حمله.

وليجتهد في افتتاح البلاد ، فكلّ بلد فتحه فليقسمه على مفتتحيه ، فإن رأى أن يستطيب نفوسهم ليتركوا الأرض للمسلمين فلا بأس بذلك ، فمن طابت نفسه عن سهمه فله أجره ، ومن أبى أعطاه حصّته من الأرض المفتتحة [س ٥٠] لا يحلّ غير ذلك أصلا وإن كان في المال سعة فليدخل الأمير معه دوابّ للجرحى والمرضى.

وواجب على الإمام أن لا يغفل الصّوائف في كلّ عام ، ففيها قمع العدوّ وعزّ الإسلام ، وحسم طمع ولاة الثّغور عن التغلّب والتعزّز الذي هو سبب الدمار والبوار.

وأمر الصّوائف كما ذكرنا في ولاة الثغر سواء سواء إلا أنّهم تسقط ولاية ولاتها برجوعهم عنها.

وليدخل مع أمير الصّائفة الأطباء وأهل صناعة الجير والبناؤون والنجاجرة لآلات القتال وفتح الحصون وتسهيل الطّرق للعسكر والحدادون والسلاح من السيوف والتّراس والمطارد والقسيّ والنّبل وغير ذلك ممّا يحتاج ويفتقر إليه.

١٣٠

الباب التاسع

في وصايا

أمراء الجيوش

١٣١
١٣٢

في وصايا أمراء الجيوش

كتب عمر بن عبد العزيز (١) رضي‌الله‌عنه إلى الجرّاح (٢) :

إنّه بلغني أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان [م ٢٦] إذا بعث جيشا أو سريّة قال : اغزوا باسم الله ، وفي سبيل الله تقاتلون من كفر بالله ، لا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ، وتقتلوا امرأة ولا وليدا. فإذا بعثت جيشا أو سريّة فمرهم بذلك (٣).

ولمّا وجّه أبو بكر الصدّيق (٤) رضي‌الله‌عنه يزيد بن أبي سفيان (٥) إلى الشّام شيّعه راجلا ، فقال له يزيد : إمّا أنّ تركب وإمّا أن

__________________

(١) عمر بن عبد العزيز (٦١ ـ ١٠١ ه‍ ـ ٦٨١ ـ ٧٢٠ م) : ابن مروان بن الحكم الأموي القرشي أبو حفص ، الخليفة الصالح ، ولد ونشأ بالمدينة ، وولي إمارتها للوليد ثم استوزره سليمان بالشام ، وولي الخلافة بعهد من سليمان سنة ٩٩ ه‍ فبويع في مسجد دمشق ولم تطل مدته إذ اقتصرت على سنتين ونصف. وأخباره في عدله وحسن سياسته كثيرة. عن الأعلام ٥ : ٥٠.

(٢) الجراح بن عبد الله الحكمي : الأمير ، أبو عقبة ، ولي البصرة ، وله ترجمة في تاريخ ابن عساكر ، وكان من صلحاء الأمراء ومجاهديهم ، توفي في حدود العشرين ومئة عن الوافي بالوفيات ج ١١.

(٣) الوصية في العقد الفريد ١ : ١٢٨.

(٤) سبقت ترجمته.

(٥) يزيد بن أبي سفيان ت ١٨ ه‍ ٦٣٩ م : يزيد بن صخر (أبي سفيان) بن حرب ، الأمويّ ، أبو خالد ، أمير صحابي ، من رجالات بني أمية شجاعة وحزما ، أسلم يوم فتح مكة ، واستعمله النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) على صدقات بني فراس وكانوا أخواله ، ثم استعمله أبو بكر على جيش وسيّره إلى الشام ، وخرج معه يشيّعه راجلا ، ولما استخلف عمر ولّاه فلسطين ، ثم ولي دمشق وخراجها وافتتح قيسارية ، وهو أخو معاوية ، له وقائع كثيرة وأثر محمود في فتوح البلاد الشامية. توفي بدمشق بالطاعون وهو على الولاية. الأعلام ٨ : ١٨٤ وانظر الإصابة ٦ : ٣٤١ برقم : ٩٢٦٦.

١٣٣

أنزل. فقال : ما أنت بنازل ولا أنا براكب. إنّي احتسبت خطاي هذه في سبيل الله ، ثم قال : إنّك [س ٥١] ستجد قوما حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له ، ـ يعني الرهبان ـ وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم ، فاضرب ما فحصوا عنه بالسّيف.

ثم قال له : إنّي أوصيك بعشر :

لا تقتلنّ امرأة ولا هرما ولا وليدا ولا تقطعنّ شجرا مثمرا ولا تعقرنّ شاة ولا بعيرا إلّا ما أكلتم ولا تحرقنّ نخلا ولا تخربنّ عامرا ولا تغلّ ولا تجبن (١).

وقال أبو بكر رضي‌الله‌عنه لخالد بن الوليد (٢) وقد وجّهه لحرب (٣) :

سر على بركة الله ، وإذا دخلت أرض العدوّ فكن بعيدا من الحملة فإنّي لا آمن عليك الجولة ، واستظهر بالزّاد ، وسر بالأدلّاء ، ولا تقاتل بمجروح

__________________

(١) وصية أبي بكر في العقد الفريد ١ : ١٢٨ ، ١٢٩ وآخرها ولا تبخس بدلا من ولا تجبن.

(٢) خالد بن الوليد (ت ٢١ ه‍ ٦٤٢ م) : ابن المغيرة المخزومي القرشي سيف الله ، الفاتح الكبير ، الصحابي ، كان من أشراف قريش في الجاهلية ، يلي أعنة الخيل ، وشهد مع مشركيهم حروب الإسلام بل عمرة الحديبية ، وأسلم قبل الفتح (فتح مكة) هو وعمرو بن العاص سنة ٧ ه‍ ، فسرّ به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وولاه الخيل ، ولما ولي أبو بكر وجّهه لقتال مسيلمة ، ومن ارتد من أعراب نجد ، ثم سيّره إلى العراق سنة ١٢ ه‍ ففتح الحيرة وجانبا عظيما منه ، وحوّله إلى الشام وجعله أمير من فيها من الأمراء ولما ولي عمر عزله عن قيادة الجيوش بالشام وولّى أبا عبيدة بن الجراح ، فلم يثن ذلك من عزمه ، واستمر يقاتل بين يدي أبي عبيدة إلى أن تمّ لهما الفتح سنة ١٤ ه‍ فدعاه عمر ليوليه فأبى ومات بحمص في سورية. كان مظفرا خطيبا فصيحا يشبه عمر بن الخطاب في خلقه وصفاته ، قال أبو بكر : عجزت النساء أن يلدن مثل خالد. روى له المحدثّون ١٨ حديثا وأخباره كثيرة. الأعلام ٢ : ٣٠٠.

(٣) في العقد ١ : ١٢٩ : حين وجهه لقتال أهل الردة.

١٣٤

فإنّ بعضه ليس منه ، واحترس من البيات فإنّ في العرب غرة. وأقلل من الكلام فإنّما لك ما وعي عنك ، واقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى الله في سريرتهم. وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه (١).

فكتب خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس مع ابن بقيلة الغسّاني (٢) :

الحمد لله الذي فضّ حزمتكم ، وفرّق جمعكم وأوهى بأسكم ، وسلب ملككم وأذلّ عزّكم ، فإذا أتاكم كتابي هذا فابعثوا إليّ بالرّهن واعتقدوا منّا الذّمّة ، وأجيبوا إلى الجزية وإلّا والله الذي لا إله إلا هو لأسيرنّ إليكم بقوم يحبّون الموت كما تحبّون الحياة ، ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا (٣).

__________________

(١) ذكرت هذه الوصيّة في عيون الأخبار ١ : ١٠٨ ، ١٠٩ على أنها مما أوصى به أبو بكر يزيد بن أبي سفيان حين وجهه إلى الشام ، وزاد فيها ـ أي ابن قتيبة ـ بعد قوله : «ما وعي عنك» ما يلي :

وإذا أتاك كتابي فأنفذه فإنما أعمل على حسب إنفاذه ، فإذا قدمت عليك وفود العجم فأنزلهم معظم عسكرك وأسبغ عليهم النفقة وامنع الناس عن محادثتهم ليخرجوا جاهلين كما دخلوا جاهلين ، ولا تلجنّ في عقوبة فإن أدناها وجع ولا تسرعن إليها وأنت تكتفي بغيرها كما زاد بعد قوله «وكلهم لله في سريرتهم ـ سرائرهم» قوله : ولا تجّسس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده. وذكرت في العقد الفريد ١ : ١٢٩ كما وردت في تحفة الأنفس.

(٢) ابن بقيلة الغساني ت ١٢ ه‍ ـ ٦٣٣ م : عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني ، معمّر ، من الدهاة ، من أهل الحيرة (في العراق) له شعر وأخبار ، يقال : إنه باني قصر الحيرة ، عاش زمنا طويلا في الجاهلية وأدرك الإسلام ، وظل على النصرانية ، واجتمع به خالد بن الوليد في الحيرة. ووقع اسمه في بعض المصادر (كالعقد) ابن نفيلة وهو خطأ من النساخ. ففي أمالي المرتضى : كان بقيلة يدعى ثعلبة أبا الحارث ، وخرج في بردين أخضرين فقيل له : ما أنت إلا بقيلة. عن الأعلام ٤ : ١٥٣.

(٣) نص رسالة خالد في العقد الفريد ١ : ١٢٩ ، ١٣٠.

١٣٥

وكان عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه يقول عند عقد الألوية :

بسم الله الرحمن الرحيم وبالله وعلى عون / [س ٥٢] الله امضوا بتأييد الله والنصر ولزوم الحّق والصبر ، فقاتلوا في سبيل الله من كفر بالله ولا تعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين ، ولا تجبنوا عند اللقاء ، ولا تمثّلوا عند القدرة ، ولا تسرفوا عند الظّهور ، ولا تقتلوا امرأة ولا هرما ولا وليدا ، وتوقّوا قتلهم إذا التقى الزحفان (١) وعند شنّ الغارات (٢).

وكتب عمر رضي‌الله‌عنه إلى سعد بن أبي وقّاص (٣) ومن معه من الأجناد :

أما بعد ، فإنّني آمرك ومن معك بتقوى الله على كلّ حال ، فإنّ تقوى الله أفضل العدّة على العدوّ ، وأقوى المكيدة في الحرب. وآمرك ومن معك ، أن تكونوا أشدّ احتراسا من المعاصي من احتراسكم من عدوّكم (٤) ، فإنّ ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوّهم ، وإنّما ينصر المسلمون على عدوّهم

__________________

(١) زاد في عيون الأخبار ١ : ١٠٧ ، ١٠٨ وعند حمّة النهضات ـ أي شدتها ومعظمها.

(٢) زاد في عيون الأخبار ١ : ١٠٦ : ولا تغلّوا عند الغنائم ، ونزّهوا الجهاد عن عرض الدنيا وأبشروا بالرّياح في البيع الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.

ووصية عمر هذه في عيون الأخبار : ١٠٧ ، ١٠٨ والعقد الفريد ١ : ١٢٨.

(٣) سعد بن أبي وقاص (٢٣ ق. ه ـ ٥٥ ه‍ ـ ٦٠٠ ـ ٦٧٥ م) : أبو إسحاق ، الصحابي الأمير ، القرشي الزهري ، فاتح العراق ومدائن كسرى ، وأحد الستة الذين عينهم عمر للخلافة ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، ويقال له : فارس الإسلام. أسلم وهو ابن سبع عشرة سنة وشهد بدرا وافتتح القادسية ، ولي الكوفة لعمر وأمره عثمان زمنا ثم عزله ، فعاد إلى المدينة وفقد بصره. وتوفي بها. له في كتب الحديث ٢٧١ حديثا انظر الأعلام ٣ : ٨٧ وتهذيب التهذيب : ٣ : ٤٨٣ والإصابة ٣ : ٨٣ برقم : ٣٥٨٦.

(٤) في العقد ١ : ١٣٠ منكم من عدوكم.

١٣٦

بمعصية عدوّهم لله (١) ، ولو لا ذلك لم تكن لنا بهم قوّة لأنّ عددنا ليس كعددهم ولا عدّتنا كعدّتهم ، فإن استوينا في المعصية كان لهم / [م ٢٧] الفضل علينا في القوة ، وإن لم (٢) ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا.

واعلموا أنّ عليكم في سفركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله ، ولا تقولوا إنّ عدوّنا شرّ منّا فلن يسلّطوا (٣) علينا وإن أسأنا ، فربّ قوم (٤) سلّط عليهم شرّ منهم ، كما سلّط على بني إسرائيل لمّا عملوا بمعاصي الله كفرة المجوس (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)(٥). فسلوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوّكم ، أسأل الله تعالى ذلك لنا / [س ٥٣] ولكم.

وترفّق بالمسلمين في مسيرهم ، ولا تجشّمهم سيرا يتعبهم ، ولا تقصّر بهم عن منزل يرفق بهم حتّى يبلغوا عدوّهم والسير لم ينقص قوّتهم ، فإنّهم سائرون إلى عدوّ مقيم حامي الأنفس والكراع.

وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة ، يكن ذلك لهم راحة ، يجمّون (٦) فيها أنفسهم ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم ، ونحّ منازلهم عن قرى أهل

__________________

(١) في العقد ١ : ١٣٠ وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله.

(٢) في العقد : وإن لا.

(٣) في العقد : فلن يسلّط.

(٤) في العقد : قد سلّط.

(٥) سورة الإسراء ١٧ / ٥.

(٦) يجمّون : يريحون وفي العقد : يحيون.

١٣٧

الصلح والذمّة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه ، ولا يرزؤوا (١) واحدا من أهلها شيئا فإنّ لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصّبر عليها ، فكما صبروا لكم ففوا لهم (٢) ، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح ، وإذا وطئت أدنى أرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئنّ إلى نصحه وصدقه ، فإنّ الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدق في بعضه ، والغاشّ عين عليك وليس عينا لك. وليكن منك عند دنوّك من أرض العدوّ أن تكثر الطلائع وتبثّ السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم (٣) ، وتتبع الطلائع عوراتهم.

وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك وتخيّر لهم سوابق الخيل ، فإن لقوا عدوّك (٤) كان أول من يلقاهم أهل القوّة (٥) ، واجعل أمر السرايا إلى أهل الاجتهاد والصبر على الجلاد ، ولا تخصّ بها أحدا بهوى فيضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصّتك. ولا تبعثنّ طليعة ولا سريّة في وجه / [س ٥٤] تتخوّف فيه عليها (٦) ضيعة ونكاية ، فإذا عاينت العدوّ فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك ، واجمع إليك مكيدتك وقوّتك ، ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتال ، حتّى تبصر عورة عدوّك ومقاتله ، وتعرف الأرض كلّها كمعرفة أهلها (٧) ،

__________________

(١) في العقد : ولا يرزأ أحد من الرزء وهو المصيبة.

(٢) في العقد : فما صبروا لكم فتولّوهم خيرا.

(٣) في العقد : وموافقهم؟!

(٤) في العقد : عدوا.

(٥) في العقد : كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك.

(٦) في العقد : تتخوف عليها فيه غلبة أو ضيعة أو نكاية.

(٧) في العقد : كمعرفة أهلها بها.

١٣٨

فتصنع بعدوّك كصنيعه بك (١) ، ثم أذك أحراسك على عسكرك وتحفّظ من البيات جهدك (٢) ، وكلّ أسير أتيت به ليس له عهد فاضرب عنقه (٣) لترهب بذلك عدوّ الله وعدوّك ، والله وليّ أمرك ومن معك ووليّ النصر لكم على عدوّكم وهو (٤) المستعان (٥).

قال العتبي (٦) :

جاشت الروم وغزوا المسلمين برا وبحرا ، فاستعمل معاوية (٧) على

__________________

(١) في العقد : فتصنع بعدوك كصنعه بك.

(٢) في العقد : وتيقظ من البيات.

(٣) في العقد : ولا تؤتى بأسير ليس له عقد؟ إلا ضربت عنقه.

(٤) في العقد : والله المستعان.

(٥) نص كتاب عمر في العقد ١ : ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٢.

(٦) العتبّي (ت ٢٢٨ ه‍ ـ ٨٤٢ م) : محمد بن عبيد الله بن عمرو أبو عبد الرحمن الأموي ، من بني عتبة بن أبي سفيان ، أديب ، كثير الأخبار ، حسن الشعر من أهل البصرة ، ووفاته فيها ، له تصانيف منها : أشعار النساء أحببن ثم أبغضن والأخلاق وأشعار الأعاريب والخيل قال ابن النديم : كان العتبي وأبوه سيدين أديبين فصيحين. وقال ابن قتيبة : الأغلب عليه الأخبار وأكثر أخباره عن بني أمية ، وهو غير العتبي المؤرخ محمد بن عبد الجبار. عن الأعلام ٦ : ٢٥٨ ، وقد نقل عنه صاحب العقد في مواضع عدة.

(٧) معاوية ٢٠ ق. ه ـ ٦٠ ه‍ ـ ٦٠٣ ـ ٦٨٠ م : معاوية بن أبي سفيان (صخر بن حرب) القرشي الأموي ، مؤسس الدولة الأموية في الشام ، وأحد دهاة العرب المتميزين الكبار ، كان حليما فصيحا وقورا ولد بمكة وأسلم يوم الفتح (٨ ه‍) وكان يعرف القراءة والحساب فجعله رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) في كتّابه. ولّاه أبو بكر قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان فكان على مقدمته في فتح مدينة صيداء وعرقة وجبيل وبيروت وجعله عمر واليا على الأردن ثم ولّاه دمشق بعد موت يزيد بن أبي سفيان ثم جمع له عثمان الديار الشامية كلها وجعل ولاتها تابعين له.

بعد مقتل عثمان بن عفان اختلف معاوية مع علي بن أبي طالب ، وقال أهل الشام بإمامة معاوية. وبويع خليفة للمسلمين بعد مقتل عليّ وسمّي ذلك العام (٤٠ ه‍) بعام الجماعة. دامت له الخلافة إلى أن بلغ الشيخوخة فعهد بها إلى ابنه يزيد ومات في دمشق. وتمت في أيامه فتوحات كثيرة. عن الأعلام ٧ : ٢٦١ ـ الإصابة ٦ : ١١٢ برقم : ٨٠٦٢.

١٣٩

الصّائفة (١) عبد الرحمن بن خالد بن الوليد (٢) فلمّا كتب له عهده قال : ما أنت صانع بعهدي؟ قال : أتخذه إماما لا أعصيه. قال : اردد إليّ عهدي. ثمّ بعث إلى سفيان / [م ٢٨] بن عوف الغامدي (٣) فكتب له عهده ثم قال : ما أنت صانع بعهدي؟ قال : أتخذه إماما ما أمّ الحزم ، فإذا خالفه خالفته. فقال معاوية : هذا الذي لا يكفكف بكفله من عجلة ولا يدفع بظهره من خور ، ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال (٤).

وأوصى عبد الملك بن مروان (٥) أميرا سيّره إلى أرض الرّوم فقال : أنت تاجر الله لعباده فكن كالمقارض الكيّس الذي إن وجد ربحا أتجر

__________________

(١) الصائقة : الغزو في الصيف.

(٢) عبد الرحمن بن خالد (ت ٤٦ ه‍ ـ ٦٦٦ م) : ابن الوليد. كان يؤمر على غزو الروم أيام معاوية وشهد معه «صفين» وكان عظيم القدر عند أهل الشام ، وذكر أن ابن أثال الطبيب قد قتله بالسم بحمص. الإصابة ٥ : ٦٨ برقم : ٦٢٠٣.

(٣) ورد اسمه في النسختين س وم : العامري وقد صوّبناه من الإصابة والأعلام وهو سفيان بن عوف الأسلمي أو الغامدي ـ كما ذكر في الإصابة ـ صحب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وكان له بأس ونجدة وسخاء. كان مع أبي عبيدة بن الجراح بالشام حين افتتحت. ولّاه معاوية الصائفتين فظفر واشتهر ، ثم سيّره بجيش إلى بلاد الروم فأوغل فيها إلى أن بلغ أبواب القسطنطينية فتوفي في مكان يسمى الزنداق. نعاه معاوية إلى الأمصار والأجناد فبكى الناس عليه في كل مسجد. وذكره في الأعلام باسم سفيان بن عوف الأزدي الغامدي. الإصابة ٣ : ١٠٦ برقم : ٣٣١٦ والأعلام ٣ : ١٠٥.

(٤) الخبر في العقد الفريد ١ : ١٣٢ والثفال : البطيء.

(٥) عبد الملك بن مروان (٢٦ ـ ٨٦ ه‍ ـ ٦٤٦ ـ ٧٠٥ م) : عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي ، أبو الوليد ، من أعاظم الخلفاء ودهاتهم ، نشأ في المدينة فقيها واسع العلم متعبدا ناسكا ، استعمله معاوية على المدينة وهو ابن ١٦ سنة. انتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة ٦٥ ه‍ فضبط أمورها ، واجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد مقتل مصعب وعبد الله ابني الزبير. وله مآثر كثيرة في الإسلام. وكان صاحب علم وحديث. الأعلام ٤ : ١٦٥.

١٤٠