الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]

الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]


المحقق: الدكتور يوسف علي طويل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3319-5

الصفحات: ٤٥٦

تهلّل وجه الكون من طرب بها

وأشرقت الدّنيا (١) بغرّتها الغرّا

لها المنّة العظمى بميلاد أحمد

لها الرّتبة العليا لها العزّة الكبرا

طوى سرّه في صدره الدّهر مدّة

فوافى ربيعا ناشرا ذلك السّرّا

حوى شهرة الفضل الشهير وفضله

فأحسن به فضلا وأعظم به شهرا

لقد كان ليل الكفر في اللّيل قد جفا

فأطلع منه في سمّة (٢) الهدى فجرا

وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد

قضت أنّ دين الكفر قد أبطل الكفرا

لقد أخمدت أنوارها نار فارس

وأرجت (٣) كما ارتجّ إيوانه كسرى

له معجزات يعجز القلب كنهها

ويحصر إن رام اللسان لها حصرا

معال يكلّ الشّعر عن نيل وصفها

وتقصر عن إدراك مصعده الشّعرى

به بشّر الرّسل الكرام ولم تزل

شمائله تتلى وآياته تترى

ففي الصّحف الأولى مناقبه العلى

وفي الذكر آيات خصّت (٤) له قدرا

لقد خصّه مولاه بالقرب والرضى

وحسبك ما قد نصّ في النّجم والإسرا

وردّ عليه الشمس بعد غروبها

وشقّ على رغم العداة له البدرا

وكان له في مائه وطعامه

لطائف ربّانيّة تبهر الفكرا

غدا الماء من بين الأصابع نابعا

وعاد قليل الزّاد من يمنه كثرا

وكم نائل أولى وكم سائل حبا

وكم مشتك أشفى وكم مدنف أبرى!

كفى شاهدا أن ردّ عين قتادة

فكان لها الفضل المبين على الأخرى

وحنّ إليه الجذع عند فراقه

ولا حنّت الخنساء إذ فارقت صخرا

وحقّ له إذ بان عنه حبيبه

ومن ذاق طعم الوصل لم يحمل الهجرا

خليليّ ، والدنيا تجدّد للفقر

ضروبا من الأشواق لو تنفع الذّكرى

بعيشكما هل لي إلى أرض طيبة

سبيل؟ فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا

منى النفس (٥) من تلك المعاهد زورة

أبثّ بها شكوى وأشكو بها وزرا

وتعفير خدّي في عروق ترابها

ليمحو لي ذنبا ويثبت لي أجرا

__________________

(١) في الأصل : «للدنا» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٢) السّمّة والسّمّة : الاست.

(٣) أصل القول : «وأرجف» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٤) في الأصل : «رخص» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٥) في الأصل : «للنفس» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

٣٠١

تعلّلني نفسي بإدراكها المنى

وما أجهدت عيشا ولا ملّكت قفرا

ومن كانت الآمال أقصى اجتهاده

غدت كفّه ممّا تأمّله صفرا

وكم زجرتها واعظات زمانها

فما سمعت وعظا ولا قبلت زجرا

وكنت لها عصر الشبيبة عاذرا

سقاه الحيا ما كان أقصره عصرا

وأمّا وقد ولّت ثلاثون حجّة

فلست أرى للنفس من بعدها عذرا

إذا أنت لم تترك سوى النفس طائعا

فلا بدّ بعد الشّيب من تركه قسرا

ولم أدّخر إلّا شفاعة أحمد

لتخفيف وزر شدّ ما أوثق الظّهرا

لقد علقت (١) كفّ الرجاء بحمله

لعلّ كسير القلب يقلبه برّا

هو المرتضى الداعي إلى منهج الرّضا

هو المصطفى الهادي الميسّر لليسرى

هو الحاسر الماحي الضّلالة بالهدى

هو الشّافع الواقي إذا شهر الحشرا

بأي كلام يبلغ المرء وصف من

مكارمه تستغرق النّظم والنّثرا

خلال إذا الأفكار جاست خلالها

تكرّ على الأعقاب خاسئة خسرا

لقد غضّ طرف النّجم باهرها سنى

وأرغم أنف الرّوض عاطرها نشرا

سقى ليلة حيّت به واكف الحيا

فنعماؤها ما إن يحيط بها شكرا

لقد خصّها سند الإله برحمة

فعمّت بها الدنيا وسكّانها طرّا

أقمت أمير المسلمين حقوقها

بأفعال برّ أضحكت للهدى ثغرا

لقد سرت فيها إذ أتتك بسرّه

أقرّت لها عينا وسرّت لها صدرا

عرفت بها حقّ الذي عرفت به

فأحسنتها شكرا وأوليتها برّا

وأصحبتها الإخلاص لله والتّقى

وأعقبها الإحسان والنّائل الغمرا

لدى مصنع ملا (٢) العيون محاسنا

تجسّم فيه السّحر حتى بدا قصرا

منها بعد أبيات في المدح للسلطان :

روى عن أبي الحجاج غرّ شمائل

أعاد لنا دهم الليالي بها غرّا

ومن كبني نصر جلالة منصب

بهم نصر الرحمن دين الهدى نصرا

هم ما هم إن تلقهم في مهمّة

لقيت الجناب السّهل والمعقل الوعرا

سلالة أنصار النبيّ محمد

فسل أحدا ينبيك عنهم وسل بدرا

__________________

(١) في الأصل : «عاقت» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٢) في الأصل : «ملأ» ، وكذا ينكسر الوزن.

٣٠٢

ومن شعره في المقطوعات ، قال في التورية العروضية (١) : [الوافر]

لقد قطّعت قلبي يا خليلي

بهجر طال منك على العليل

ولكن ما عجيب منك هذا

إذ (٢) التّقطيع من شأن الخليل (٣)

وقال في التّورية النّحوية (٤) : [الطويل]

لقد كنت موصولا فأبدل وصلكم

بهجر وما مثلي على الهجر يصبر

فما بالكم غيّرتم عبدكم

وعهدي بالمحبوب ليس يغيّر (٥)

وقال في التّورية مداعبا بعض المقرئين للعدد وهو بديع (٦) : [الكامل]

يا ناصبا علم الحساب حباله (٧)

لقناص ظبي ساحر الألباب

إن كنت ترجو (٨) بالحساب وصاله

فالبدر (٩) يرزقنا بغير حساب

وقال في التّورية العروضية (١٠) : [المتقارب]

لقد كمل الودّ ما (١١) بيننا

ودمنا على فرح شامل

فإن دخل القطع في وصلنا

فقد يدخل القطع في الكامل

وقال في تضمين مثل (١٢) : [الوافر]

ألا أكتم حبّ من أحببت واصبر

فإنّ الهجر يحدثه الكلام

وإن أبداه دمع أو نحول

فمن بعد اجتهادي (١٣) لا تلام

وقال (١٤) : [السريع]

وأشنب الثّغر له وجنة

تعدّت النّحل على وردها

ما ذاك إلّا حسد (١٥) إذ رأت

رضابه أعذب من شهدها

__________________

(١) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٦) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٨٥).

(٢) في الأصل : «إنه» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.

(٣) أراد من التقطيع تقطيع قلبه ، وورّى بالتقطيع الذي يختص بالشعر والذي وصفه الخليل بن أحمد الفراهيدي.

(٤) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(٥) في الكتيبة : «يتغيّر».

(٦) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(٧) في الكتيبة : «حبالة».

(٨) في المصدر نفسه : «ترزق».

(٩) في المصدر نفسه : «فالله».

(١٠) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(١١) كلمة «ما» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من الكتيبة.

(١٢) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(١٣) في الكتيبة : «اجتهادك».

(١٤) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(١٥) في الكتيبة : «حسدا».

٣٠٣

وقال في التّورية بأسماء كتب فقهية جوابا غير معمّى (١) : [الطويل]

لك الله من خلّ حباني برقعة

حبتني من أبياتها (٢) بالنوادر

رسالة رمز في الجمال نهاية (٣)

وخيرة نظم أتحفت بالجواهر

وقال في التّورية أيضا (٤) : [الطويل]

إلى الله أشكو غدر آل تودّدي (٥)

إليّ فلمّا لاح سرّي لهم حالوا

لقد خدعوني إذ أروني مودّة

ولكنّه لا غرو أن يخدع الآل

وقال يخاطب رجلا من أصحابه (٦) : [الطويل]

أبا حسن (٧) إن شتّت الدّهر شملنا

فليس لودّ في الفؤاد (٨) شتات

وإن حلت عن عهد الإخاء فلم يزل (٩)

لقلبي على حفظ العهود ثبات

وهبني سرت مني إليك إساءة

ألم تتقدّم قبلها حسنات؟

وقال في النّسيب (١٠) : [الطويل]

لئن (١١) كان باب القرب قد سدّ بيننا

ولم يبق لي في نيل وصلك مطمع

وأخفرت (١٢) عهدي دون ذنب جنيته

وأصبح ودّي فيك وهو مضيّع

ولم ترث لي عمّا (١٣) ألاقي من الأسى

وصرت أنادي منك من ليس يسمع

وضاقت بي الأحوال عن كلّ وجهة

فما (١٤) أرتجي من رحمة الله أوسع

__________________

(١) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٧).

(٢) في الكتيبة : «أنبائها».

(٣) في الكتيبة : «في الحجال مهابة ذخيرة نظم ...».

(٤) البيتان في الكتيبة الكامنة (ص ٩٩).

(٥) في الأصل : «... أشكو عذرا تودّدا» ، وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.

(٦) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ٩٨) ، ووردت في أزهار الرياض (٣ ص ١٩٥) منسوبة إلى محمد بن جزي.

(٧) في الأصل : «أيا حسن» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة وأزهار الرياض.

(٨) في أزهار الرياض : «بالفؤاد».

(٩) في أزهار الرياض : «أزل».

(١٠) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ٩٨).

(١١) في الأصل : «ران» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة.

(١٢) في الكتيبة : «وأخفر».

(١٣) في الكتيبة : «ممّا».

(١٤) في الكتيبة : «لما».

٣٠٤

وممّا نظمه في التّضمين مخاطبا بعض المنتحلين للشّعر قوله (١) : [الطويل]

لقد صرت في غصب القصائد ماهرا

فما أسم جميع الشعر عندك غير لي (٢)

ولم تبق شعرا لامرىء متقدّم (٣)

ولم تبق شعرا يا ابن بشت (٤) لأول

فشعر جرير قد غصبت ورؤبة (٥)

وشعر ابن مرج الكحل وابن المرحّل

وإن دام هذا الأمر أصبحت تدّعي

(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) (٦)

ومن المقرئين والعلماء

عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مجاهد العبدري الكوّاب (٧)

من أهل غرناطة ، يكنى أبا محمد ، الخطيب ، المقرئ.

حاله : من «الصّلة» : كان ، رحمه الله ، أتقن أهل زمانه في تجويد كتاب الله العزيز ، وأبرعهم في ذلك ، وأنفعهم للمتعلم ، نفع الله به كل من قرأ عليه ، وترك بعده جملة يرجع إليهم في ذلك ، ويعمل على ما عندهم. وكان مع ذلك نبيه الأغراض ، في جميع ما يحتاج إليه في علمه ، ذاكرا للاختيارات التي تنسب للمقرئين ، من يرجّح ويعلّل ، ويختار ويردّ ، موفقا في ذلك ، صابرا على التعليم ، دائبا عليه نهاره وليله ، ذاكرا لخلاف السّبعة. رحل الناس إليه من كل مكان ، خاصّتهم وعامّهم ، وملأ بلده تجويدا وإتقانا ، وكان مع هذا فاضلا ورعا جليلا. خطب بجامع غرناطة وأمّ به مدة طويلة إلى حين وفاته.

مشيخته : أخذ القراءات عن الحاج أبي الحسين (٨) بن كوثر ، وأبي خالد بن رفاعة ، وأبي عبد الله بن عروس. ورحل إلى بيّاسة فأخذ بها القراءات عن أبي بكر بن حسّون ، وأخذ مع هؤلاء عن جعفر بن حكم ، وأبي جعفر بن عبد الرحيم ،

__________________

(١) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ٩٨ ـ ٩٩).

(٢) في الأصل : «غيزل» والتصويب من الكتيبة الكامنة.

(٣) في الكتيبة : «متأخر».

(٤) في الكتيبة : «فعل».

(٥) في الأصل : «ورويّه» والتصويب من الكتيبة.

(٦) هو صدر مطلع معلقة امرئ القيس ، وعجزه :

بسقط اللّوى بين الدّخول وحومل

ديوان امرئ القيس (ص ٨).

(٧) ترجمة عبد الله بن محمد العبدري الكواب في التكملة (ج ٤ ص ٢٩٦) وغاية النهاية (ج ١ ص ٤٤٧ رقم ١٨٦٦).

(٨) في التكملة : «أبي الحسن».

٣٠٥

وأبي الحسن الصّدفي الفاسي ، وسمع عليه كثيرا من كتاب سيبويه تفقّها ، وأجاز له كتابة القاضي أبو بكر بن أبي جمرة مع آخرين ممن أخذوا عنه.

من أخذ عنه : روى عن الناس أهل بلده وغيرهم ، منهم ابن أبي الأحوص ، وأبو عبد الله بن إبراهيم المقرئ.

وفاته : توفي في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة (١) ، ودفن بمقبرة باب إلبيرة.

عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني

من أهل غرناطة ، يكنى أبا محمد ، ويعرف بابن سلمون.

حاله : كان ، رحمه الله ، نسيج وحده ، دينا وفضلا ، وتخلّقا ودماثة ، ولين جانب ، حسن اللّقاء ، سليم الباطن ، مغرقا في الخير ، عظيم الهشّة والقبول ، كريم الطّويّة ، عظيم الانقياد ، طيّب اللهجة ، متهالكا في التماس الصّالحين ، يتقلّب في ذلك بين الخطإ والإصابة ، صدرا في أهل الشّورى. قرأ ببلده وسمع وأسمع وأقرأ ، وكتب الشروط مدة ، مأثور العدالة ، معروف النّزاهة ، مثلا في ذلك ، ويقوم على العربية والفقه ، خصوصا باب البيوع ، ويتقدّم السّباق في معرفة القراءات ، منقطع القرين في ذلك ، أشدّ الناس خفوفا في الحوائج ، وأسرعهم إلى المشاركة.

مشيخته : قرأ على الأستاذ الكبير أبي جعفر بن الزبير بغرناطة ، ولازمه ، فانتفع به دراية ورواية. وقرأ على الخطيب أبي الحسن بن فضيلة ، والمكتّب أبي الحسن البلّوطي ، وأبي محمد النّفزي ، والخطيب أبي جعفر الكحيلي. وبمالقة على الأستاذ أبي محمد الباهلي. وبسبتة على الأستاذ المقرئ رحلة وقته أبي القاسم بن الطيب ، وسمع عليه الكثير. وعلى الأستاذ أبي عبد الله الدّراج ، ولازم مجلس إقرائه ، وعلى الشيخ المعمّر أبي عبد الله بن الخطّار الكامي ، وهو أعلى من لقيه من تلك الحلبة. وأخذ بالإجازة عن العدل أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النّولي ، وروايته عالية. لقي أبا الربيع بن سالم ، ولقي بسبتة الشّريف الرّاوية أبا علي الحسن بن أبي الشرف ربيع ، والأديب الكاتب أبا علي الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق. وبفاس الفقيه أبا غالب محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغيلي. وقرأ على الخطيب المحدّث أبي عبد الله بن رشيد. وسمع على ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم. ولقي الأديب المعمّر مالك بن المرحّل. وأجازه أبو عمران موسى بن الخطيب أبي الحسن

__________________

(١) في التكملة : «وتوفي سنة ٦٣١ وهو ابن خمس وسبعين سنة».

٣٠٦

الدّاري برندة. وأجازه من أهل المشرق كثير ، منهم عز الدين أحمد بن محمد الحسني بقيّة الأشراف بالدّيار المصرية ، وجمال الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الظاهري ، ونجم الدين أحمد بن حمدان الحرّاني ، وجمال الدين أحمد بن أبي الفتح الشّيباني ، وأحمد بن عبد المنعم الصّوفي ، ومولده عام أحد وستمائة ، وأحمد بن سلمان بن أحمد المقدسي ، وأحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي ، وشمس الدين إبراهيم بن سرور المقدسي ، والخطيب بالمسجد الأعظم ببجاية أبو عبد الله بن صالح الكناني ، وأبو عبد الله محمد بن أبي خمسة محمد بن البكري بن أبي بكر ، وأبو عبد الله محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري ، وابن دقيق العيد تقي الدين ، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد بن جماعة ، والشيخة الصالحة أم محمد عائشة بنت أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السّكوني. وأجازه نحو من المايتين من أهل المشرق والمغرب. ولقي بفاس الشّيخة الأديبة الطيبة الشاعرة سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبيّة وأجازته ، وألبسته خرقة التصوّف.

قال : وأنشدتني قصيدة أجابت بها الخطيب المحدّث أبا عبد الله بن رشيد ، أولها يعني قصيدة ابن رشيد : [السريع]

سرى نسيم من حمى سارة

عاد به كلّ نسيم عاطرا

وجال أفكار الدّنا ذكرها

فسار فيها مثلا سائرا

دائرة والمجد قطب لها

دارت عليه فلكا دائرا

فقالت :

وافى قريض منكم مذ غدا

لبعض أوصافكم ذاكرا

أطلع من أنفاسه حجوا (١)

ومن شذاه نفسا عاطرا

أعاد ميت الفكر من خاطري

من بعد دفن في الثّرى ناشرا

يبهر طرفي حسن منظره

أحبب به نظما غدا باهرا

فقلت لمّا (٢) هالني حسنه

أشاعرا أصبح أم ساحرا؟

أم روضة هذي التي قد نوى؟

أم بدر تمّ قد بدا زاهرا؟

أم ضرب (٣) من فمه سائل؟

أم جوهر أضحى لنا ناثرا؟

__________________

(١) في الأصل : «الحجا» ، وكذا ينكسر الوزن.

(٢) في الأصل : «لها» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٣) الضّرب ، بفتح الضاد والراء : العسل الأبيض.

٣٠٧

لله ما أعذب ألفاظه

وأنور الباطن والظّاهرا!

يا ابن رشيد ، بل أبا الرّشد ،

من لم يزل طيّ العلا ناشرا (١)

خذ ما فدتك النّفس يا سيدي

وكن لمن نظمها عاذرا

ما تصل الأنثى بتقصيرها

لأن تباري ذكرا ماهرا

لا زلت تحيى من رسوم العلا

ما كان منها دارسا داثرا

تصانيفه : الكتاب المسمى ب «الشافي في تجربة ما وقع من الخلاف بين التّيسير والتّبصرة والكافي» لا نظير له.

مولده : ولد بغرناظة بلده في الثاني والعشرين لذي قعدة من عام تسعة وستين وستمائة.

وفاته : فقد في الوقيعة العظمى بطريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى من عام أحد وأربعين وسبعمائة. حدّث بعض الجند أنه رآه يتحامل ، وجرح بصدره يثغب دما ، وهو رابط الجأش ، فكان آخر العهد به ، تقبّل الله شهادته.

عبد الله بن سهل الغرناطي (٢)

يكنى أبا محمد ، وينبز (٣) بوجه (٤) نافخ.

حاله : من كتاب ابن حمامة ، قال : عني بعلم القرآن والنحو والحديث عناية تامة ، وبهذا كنت أسمع الثّناء عليه من الأشياخ في حال طفولتي بغرناظة ، ثم شهر بعد ذلك بعلم المنطق ، والعلوم الرياضية ، وسائر العلوم القديمة ، وعظم بسببها ، وامتدّ صيته من أجلها ، وأجمع المسلمون واليهود والنصارى أن ليس في زمانه مثله ، ولا في كثير ممن تقدّمه ، وبين هذه الملل الثلاثة من التّحاسد ما عرف. وكانت النصارى تقصده من طليطلة ، تتعلّم منه أيام كان ببيّاسة (٥) ، وله مع قسّيسهم مجالس في

__________________

(١) في الأصل : «يا من لم يزل لطيّ العلى ناشرا» ، وكذا ينكسر الوزن.

(٢) ولد عبد الله بن سهل بغرناطة سنة ٤٩٠ ه‍ ، وتوفي بمرسية سنة ٥٧١ ه‍. ترجمته في التكملة (ج ٢ ص ٢٧٠) والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (ص ٢٣٢).

(٣) في التكملة : «ويعرف» وكلاهما بمعنى.

(٤) في الأصل : «بالوجه» والتصويب من المصدرين.

(٥) بياسة : بالإسبانيةbaeza ، وهي مدينة ذات أسواق ومتاجر ، وفيها الزعفران ، تبعد عن جيان عشرين ميلا. الروض المعطار (ص ١٢١).

٣٠٨

التّناظر ، حاز فيها قصب السّبق. قال : ثم خرج عن بيّاسة ، وسار إلى نظر ابن همشك (١) عند خروج النصارى عن بيّاسة. وله تواليف. وهو الآن بحاله.

قلت : تاريخ هذا القول ، عام ثلاثة وخمسين وخمسمائة.

عبد الله بن أيوب الأنصاري (٢)

يكنى أبا محمد ، ويعرف بابن خدوج (٣) ، من أهل قلعة أيوب (٤).

حاله : فقيه حافظ لمذهب مالك. استوطن غرناطة وسكنها.

تواليفه : ألّف في الفقه كتابا مفيدا سماه «المنوطة على مذهب مالك» ، في ثمانية أسفار (٥) ، أتقن فيها كل الإتقان.

وفاته : توفي بها سنة اثنتين وستين وخمسمائة ، وقد قارب المائة.

عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى

ابن عبد الله الأنصاري (٦)

مالقي ، قرطبي الأصل ، يكنى أبا محمد ، ويعرف بالقرطبي ، وقرأ بغرناظة.

حاله : كان (٧) في وقته ببلده كامل المعارف ، صدرا في المقرئين والمجوّدين (٨) ، رئيس المحدّثين وإمامهم ، واسع المعرفة ، مكثرا ، ثقة ، عدلا ، أمينا ، مكين الرّواية (٩) ، رائق الحطّ ، نبيل التّقييد والضّبط ، ناقدا ، ذاكرا أسماء رجال الحديث وطبقاتهم وتواريخهم ، وما حلوا به من جرح وتعديل ، لا يدانيه أحد في ذلك ، عزيز النّظر (١٠) ،

__________________

(١) هو إبراهيم بن محمد بن مفرّج بن همشك ، وقد ترجم له ابن الخطيب في المجلد الأول من الإحاطة.

(٢) ترجمة عبد الله بن أيوب الأنصاري في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٨٤).

(٣) في الأصل : «خرّوج» والتصويب من الذيل والتكملة.

(٤) قلعة أيوب : بالإسبانيةcalatyud ، وهي مدينة أندلسية بقرب مدينة سالم. الروض المعطار (ص ٤٦٩).

(٥) في الذيل والتكملة : «ثمانية مجلدات».

(٦) ترجمة عبد الله بن الحسن الأنصاري في التكملة (ج ٢ ص ٢٨٦) والذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٩١) وبغية الوعاة (ص ٢٨٠) وشذرات الذهب (ج ٥ ص ٤٨) ونفح الطيب (ج ٢ ص ٣٣٨) و (ج ٤ ص ١٩٩).

(٧) قارن بالذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٩٤ ـ ١٩٥).

(٨) في الذيل والتكملة : «المجودين» أي بدون واو العطف.

(٩) في المصدر نفسه : «الدراية».

(١٠) في الذيل والتكملة : «النظير».

٣٠٩

متيقّظا ، متوقّد الذهن ، كريم الخلال ، حميد العشرة ، دمثا ، متواضعا ، حسن الخلق ، محبّبا إلى الناس ، نزيه النفس ، جميل الهيئة ، وقورا ، معظّما عند الخاصة والعامة ، ديّنا ، زاهدا ، ورعا ، فاضلا ، نحويا ماهرا ، ريّان من الأدب ، قائلا الجيّد من الشعر ، مقصدا ومقطعا. وكان له بجامع مالقة الأعظم مجلس عام ، سوى مجلس تدريسه ، يتكلم فيه على الحديث ، إسنادا ومتنا ، بطريقة عجز (١) عنها الكثير من أكابر أهل زمانه. وتصدّر للإقراء ابن عشرين سنة (٢).

من أخباره في العلم والذكاء : قالوا : قرىء (٣) عليه يوما باب الابتداء بالكلم التي يلفظ بها في (٤) إيضاح الفارسي ، وكان أحسن الناس قياما عليه ، فتكلّم على المسألة الواقعة في ذلك الباب ، المتعلقة بعلم العروض ، وكان في الحاضرين من أحسن (٥) صناعته ، فجاذبه الكلام (٦) ، وضايقه في (٧) المباحثة ، حتى أحسّ الأستاذ من نفسه التّقصير ، إذ لم يكن له قبل كبير نظر في العروض ، فكفّ عن الخوض في المسألة ، وانصرف إلى منزله ، وعكف سائر اليوم (٨) على تصفّح علم العروض حتى فهم أغراضه ، وحصّل تواليفه (٩) ، وصنّف فيه مختصرا نبيلا لخّص في صدره ضروبه (١٠) ، وأبدع فيه بنظم مثله ، وجاء به من الغد ، معجزا من رآه أو سمع به ، فبهت الحاضرون وقضوا العجب من اقتداره وذكائه ، ونفوذ فهمه ، وسموّ همّته.

ومن أخباره في الدّين : قال أبو أحمد جعفر بن زعرور العاملي المالقي ، تلميذه الأخصّ به : بتّ معه ليلة في دويرته التي كانت له بجبل فاره (١١) للإقراء والمطالعة ، فقام ساعة كنت فيها يقظانا (١٢) ، وهو ضاحك مسرور ، يشدّ يده كأنّه ظفر بشيء نفيس ، فسألته فقال : رأيت كأن الناس قد حشروا في العرض على الله ، وأتي بالمحدّثين ، وكنت أرى أبا عبد الله النّميري يؤتى به ، فيوقف بين يدي الله تعالى ،

__________________

(١) في الذيل والتكملة : «أعجز».

(٢) في الذيل والتكملة : «سنة أو نحوها».

(٣) النص في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٩٦).

(٤) في الذيل والتكملة : «من».

(٥) في الذيل والتكملة : «أحكم صناعة العروض».

(٦) في الذيل والتكملة : «الكلام في المسألة».

(٧) كلمة «في» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من الذيل والتكملة.

(٨) في الذيل والتكملة : «يومه».

(٩) في المصدر السابق : «قوانينه».

(١٠) في المصدر السابق : «فرشه».

(١١) جبل فاره : بالإسبانيةgibralfaro ، يعلو مدينة مالقة. نزهة المشتاق (ص ٥٧٠).

(١٢) الصواب نحويا : «يقظان» ؛ لأنها ممنوعة من الصرف.

٣١٠

فيعطي براءته من النّار ، ثم يؤتى بي ، فأوقفت بين يدي ربيّ ، فأعطاني براءتي من النّار ، فاستيقظت ، وأنا أشدّ عليها يدي اغتباطا بها وفرحا ، والحمد لله.

مشيخته : تلا (١) بمالقة على أبيه ، وأبي زيد السّهيلي ، والقاسم بن دحمان ، وروى عنهم ، وعن أبي الحجاج بن الشيخ ، وأبوي عبد الله بن الفخّار ، وابن نوح ، وابن اليتيم ، وابن كامل ، وابن جابر ، وابن بونة. وبالمنكّب عن عبد الوهاب الصّدفي. وحضر بمالقة مجلس أبي إسحاق بن قرقول. وبإشبيلية عن أبي بكر بن الجد ، وابن صاف ، وأبي جعفر بن مضاء ، وأبوي الحسن عبد الرحمن بن مسلمة ، وأبي عبد الله بن زرقون ، وأبي القاسم بن عبد الرازق ، وأبي محمد بن جمهور. وبغرناطة عن أبوي جعفر بن حكم الحصّار ، وابن شراحيل ، وأبي عبد الله بن عروس ، وأبوي محمد عبد الحق النّوالشي ، وعبد المنعم بن الفرس. وبمرسية عن أبي عبد الله بن حميد ، وأبي القاسم بن حبيش. وبسبتة عن أبي محمد الحجري. وأجاز له من الأندلس ابن محرز ، وابن حسّون ، وابن خيرة ، والأركشي ، وابن حفص ، وابن سعادة ، ويحيى المجريطي ، وابن بشكوال ، وابن قزمان. ومن أهل المشرق جماعة كبيرة.

شعره وتصانيفه : ألّف في العروض مجموعات نبيلة ، وفي قراءة نافع. ولخّص أسانيد الموطّأ. وله المبدي ، لخطإ الرّندي. ودخل يوما بمجلس أقرأ به أبو الفضل عياض ، وكان أفتى منه ، غير أنّ الشّيب جار عليه ، وتأخّر شيب الأستاذ ، فقال : يا أستاذ ، شبنا وما شبتم ، قال : فأنشده ارتجالا (٢) : [الطويل]

وهل نافع (٣) أن أخطأ الشّيب مفرقي

وقد شاب أترابي وشاب لداتي؟

لئن كان خطب الشّيب يوجد حسّه (٤)

بتربي فمعناه يقوم بذاتي

ومن شعره في التّجنيس (٥) : [الطويل]

لعمرك ، ما الدّنيا وسرعة (٦) سيرها

بسكّانها إلّا طريق مجاز

حقيقتها أنّ المقام بغيرها

ولكنهم قد أولعوا بمجاز

__________________

(١) قارن بالتكملة (ج ٢ ص ٢٨٦) والذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٩٢).

(٢) البيتان في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ٢١٠).

(٣) في الذيل والتكملة : «نافعي».

(٤) في المصدر نفسه : «عينه».

(٥) البيتان في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ٢١٠) ونفح الطيب (ج ٤ ص ٢٠٠).

(٦) في الأصل : «بسرعة» والتصويب من المصدرين.

٣١١

ومما يؤثر أيضا من شعره قوله (١) : [الخفيف]

سهرت أعين ونامت عيون

لأمور (٢) تكون أو لا تكون

فاطرد الهمّ ما استطعت عن النّف

س فحملانك الهموم جنون

إنّ ربّا كفاك بالأمس ما كان

سيكفيك (٣) في غد ما يكون

مولده : ولد أبو محمد قريب ظهر يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة عام ستة وخمسين وخمسمائة.

وفاته : سحر ليلة السبت أو سحر يومها ، ودفن إثر صلاة العصر من اليوم السابع لربيع الآخر سنة إحدى عشرة (٤) وستمائة.

من رثاه : رثاه الأديب أبو محمد عبد الله بن حسّون البرجي من قصيدة حسنة طويلة (٥) : [الطويل]

خليليّ ، هبّا ساعداني بعبرة

وقولا لمن بالريّ : ويحكم هبّوا

نبكّ (٦) العلا والمجد والعلم والتّقى

فمأتم أحزاني نوائحه الصّحب

فقد سلب الدّين الحنيفيّ روحه

ففي كلّ سرّ (٧) من نباهته نهب

وقد طمست أنوار سنّة أحمد

وقد خلت الدنيا وقد ظعن الرّكب

مضى الكوكب الوقّاد والمرهف الذي

يصحّح (٨) في نصّ الحديث فما ينبو (٩)

تمنّى علاه النّيران ونوره

وقالا بزعم : إنّه لهما ترب

أأسلو وبحر العلم غيضت مياهه

ومحيي رسوم العلم يحجبه التّرب؟

عزيز على الإسلام أن يودع الثرى

مسدّدة الأسرى (١٠) وعالمه النّدب

__________________

(١) الأبيات في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ٢١٤) وبغية الوعاة (ص ٢٨٠).

(٢) في الذيل والتكملة : «في أمور».

(٣) في الأصل : «فسيكفيك» ، وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من بغية الوعاة. وفي الذيل والتكملة : «سيفكّ».

(٤) في الأصل : «سنة أحد عشر» وهو خطأ نحوي.

(٥) القصيدة في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ٢١٦ ـ ٢١٧).

(٦) في الأصل : «نبكي» والتصويب من الذيل والتكملة.

(٧) في الأصل : «سرب» ، والتصويب من الذيل والتكملة.

(٨) في الذيل والتكملة : «يصمّم».

(٩) في الأصل : «ينب» والتصويب من الذيل.

(١٠) في الذيل والتكملة : «الأهدى».

٣١٢

بكى العالم العلويّ والسّبع حسرة

أولئك (١) حزب الله ما فوقهم حزب

على القرطبيّ الحبر أستاذنا الذي

على أهل هذا العصر فضّله الرّبّ

فقد كان فيما قد (٢) مضى من زمانه

به تحسن الدّنيا ويلتئم الشّعب

ويجمع سرب الأنس روض جنابه (٣)

فقد جفّ ذاك الرّوض وافترق السّرب

فسحقا لدنيا خادعتنا بمكرها

إذا عاقدت سلما فمقصدها حرب

ركبنا بها (٤) السّهل الذّلول فقادنا

إلى كلّ ما في طيّه مركب صعب

ونغفل عنها والرّدى يستفزّنا

كفى واعظا بالموت لو كان لي لبّ

عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عيسى بن أحمد

ابن إسماعيل بن سماك العاملي (٥)

يكنى أبا محمد ، مالقي الأصل.

حاله : كان فقيها أديبا ، بارع الأدب ، شاعرا مطبوعا ، كثير النّادر ، حلو الشّمايل ، أدرك شيوخا جلّة ، وولّي قضاء غرناطة مدّة.

مشيخته : روى عن جدّه لأمه ، وابن عمّ أبيه أبي عمر أحمد بن إسماعيل ، وأبي علي الغسّاني ، وأبي الحسن علي بن عبيد الرحمن بن سمحون ، والمرساني الأديب.

شعره : [الكامل]

الروض مخضرّ الرّبى متجمّل

للناظرين بأجمل الألوان

وكأنما بسطت هناك سوارها

خود زهت بقلائد العقيان

وكأنّما فتقت هناك نوافح

من مسكة عجنت بعرف البان

والطّير يسجع في الغصون كأنما

تقرأ القيان فيه على العيدان

__________________

(١) في الأصل : «أولئكم» وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الذيل والتكملة.

(٢) كلمة «قد» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من الذيل والتكملة.

(٣) في الأصل : «حياته» والتصويب من الذيل والتكملة.

(٤) كلمة «بها» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من الذيل والتكملة.

(٥) ترجمة عبد الله العاملي في بغية الملتمس (ص ٣٣٩) والتكملة (ج ٢ ص ٢٥٨) وتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٤٢) ، ضمن ترجمة ابنه محمد بن سماك العاملي ، وجاء فيه أن عبد الله بن أحمد ، المترجم له ، ولي قضاء غرناطة سنة ٥٣٧ ه‍. ونيل الابتهاج (ص ١٣٢) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٨١).

٣١٣

والماء مطّرد يسيل عبابه

كسلاسل من فضّة وجمان

بهجات حسن أكملت فكأنها

حسن اليقين وبهجة الإيمان

وكتب إلى الكاتب أبي نصر الفتح بن عبيد الله (١) في أثناء رسالة (٢) : [الوافر]

تفتّحت الكتابة عن نسيم

نسيم المسك في خلق الكريم (٣)

أبا نصر ، رسمت لها رسوما

تخال رسومها وضح النّجوم

وقد كانت عفت فأنرت (٤) منها

سراجا لاح في اللّيل البهيم

فتحت من الصّناعة كلّ باب

فصار (٥) في طريق مستقيم

فكتّاب الزمان ولست منهم

إذا راموا مرامك في هموم

فما قسّ بأبدع منك لفظا

ولا سحبان مثلك في العلوم (٦)

وفاته : في السابع والعشرين من رمضان المعظم سنة أربعين وخمسمائة ، وهو ابن أربع وثمانين سنة.

ومن ترجمة القضاة

عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد بن أيوب بن الحسن

ابن منخل بن زيد الغافقي

من أهل غرناظة وأعيانها ، يكنى أبا محمد ، وينسب إلى غافق بن الشّاهد بن عك بن عدنان ، لا إلى حصن غافق.

حاله : من «العائد : كان رجلا صحيح المذهب ، سليم الصّدر ، قليل المصانعة ، كثير الحركة والهشّة والجدة ، ملازم الاجتهاد والعكوف ، لا يفتر عن النّسخ والتّقييد والمطالعة ، على حال الكبرة ، قديم التّعيّن والأصالة ، ولّي القضاء عمره بمواضع كثيرة ، منها بيرة ورندة ثم مالقة ، مضافا إلى الخطابة بها.

__________________

(١) هو الفتح بن خاقان ، صاحب كتابي «مطمح الأنفس» و «قلائد العقيان».

(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٦ ص ٨١ ـ ٨٢).

(٣) في النفح : «كريم».

(٤) في الأصل : «فأثرت» والتصويب من النفح.

(٥) في الأصل : «فسارة» والتصويب من النفح.

(٦) قسّ : هو قسّ بن ساعدة الإيادي. وسحبان : هو سحبان وائل ، وقسّ وسحبان مضربا المثل في الفصاحة.

٣١٤

مشيخته : حجّ في حدود سبعة وثمانين وستمائة ، وروى عن جلّة من أهل المشرق ، كالإمام تقي الدين بن دقيق العيد ، والحافظ أبي محمد عبد المؤمن الدّمياطي ، وشمس الدين المصنّف أبي عبد الله بن عبد السلام. وأجازه من أهل المغرب شيخ الجماعة بالأندلس أبو جعفر بن الزبير ، والقاضي ابن أبي الأحوص ، والخطيب أبو الحسن بن فضيلة ، والأستاذ أبو الحسن ابن الصّائغ الإشبيلي ، وأبو جعفر الطّباع ، وغيرهم.

تواليفه : ألّف كتابا سماه ب «المنهاج ، في ترتيب مسائل الفقيه المشاور أبي عبد الله ابن الحاج».

مولده : ولد بغرناطة في حدود ستين وستمائة.

وفاته : توفي بغرناطة يوم عاشوراء من عام أحد وثلاثين وسبعمائة.

عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله

ابن أبي زمنين المرّي

يكنى أبا خالد.

حاله : كان فقيها جليلا ، وولّي القضاء ببعض جهات غرناطة.

مشيخته : أخذ الفقه عن أبي جعفر بن هلال ، وأبي محمد بن سماك القاضي. والعربية عن الخضر بن رضوان العبدري. والحديث عن الحافظ أبي بكر بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية ، والإمام أبي الحسن علي بن أحمد ، والقاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض أيام قضائه بغرناطة.

مولده : ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

وفاته : توفي في ذي قعدة سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

عبد الله بن يحيى بن محمد بن أحمد بن زكريا بن عيسى

ابن محمد بن يحيى بن زكريا الأنصاري (١)

يكنى أبا محمد ، من أهل غرناطة ، شرقي الأصل ، مرسيّه ، من بيوتاته النّبيهة ، وقد مرّ ذكر أخيه.

__________________

(١) ترجمة عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٩).

٣١٥

حاله : كان (١) على طريقة حسنة من دمائة الأخلاق ، وسلامة السّجيّة ، والتزام الحشمة ، والاشتغال بما يعني. ولّي القضاء دون العشرين سنة ، وتصرّف فيه عمره بالجهات الأندلسية ، فأظهر فيه عدلا ونزاهة ، ولم يختلف عليه اثنان مدة حياته من أهل المعرفة بالأحكام ، والتّقدّم في عقد الشّروط ، وصناعة الفرائض ، علما وعملا ، ثاقب الذهن ، نافذا في صنعة العدد.

مشيخته : قرأ (٢) على أبيه القاضي أبي بكر بن زكريا ، وله رواية عالية من أعلام من أهل المشرق والمغرب. وقرأ على أبي الحسن بن فضيلة الوليّ الصالح ، والقاضي أبي عبد الله بن هشام الألشي ، والأستاذ أبي جعفر بن الزبير ، والحاج أبي محمد بن جابر ، وأبي بكر القللوسي. وقرأ العدد وما أشبهه على الأستاذ التّعاليمي أبي عبد الله الرقّام ، ولازمه ، وأجازه طائفة كبيرة. أخبرني ولده الفاضل أبو بكر ، قال : ورد سؤال من تونس مع تاجر وصل في مركب إلى مدينة المنكّب أيام قضائه بها ، في رجل فرّط في إخراج زكاة ماله سنين متعدّدة ، سمّيت في السؤال مع نسبة قدر المال ، وطلب في السؤال أن يكون عملها بالأربعة الأعداد المتناسبة ، إذ عملها بذلك أصعب من عملها بالجبر والمقابلة ، فعملها وأخرجها بالعملين ، وعبّر عنها بعبارة حسنة ، وكتبها في بطاقة بخطّ جميل ، فذكر التاجر أنه لم يبق بتونس فقيه إلّا ونسخ منها نسخة واستحسنها.

مولده : ولد يوم الخميس السابع عشر (٣) لجمادى الآخرة عام خمسة وسبعين وستمائة.

وفاته : توفي قاضيا ببسطة في التاسع عشر من رمضان عام خمسة وأربعين وسبعمائة.

عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك

ابن أبي جمرة الأزدي

من أهل مرسية ، نزيل غرناطة ، يكنى أبا محمد ، وبيته بمرسية من أعلام بيوتاتها ، شهير التّعيّن والأصالة ، ينكح (٤) فيه الأمراء.

__________________

(١) قارن بتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٩).

(٢) قارن بتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٩).

(٣) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٩٠): «مولده منتصف شهر جمادى الآخرة عام ٦٧٥».

(٤) ينكح فيه الأمراء : يريد أن الأمراء كانوا يتزوجون من بناته.

٣١٦

حاله : كان من أعلام وقته فضلا وعدالة وصلاحا ووقارا ، طاهر النشأة ، عفّ الطّعمة ، كثير الحياء ، مليح التّخلّق. نشأ بمرسية ، ثم انتقل إلى غرناطة فتولّى القضاء ببيرة وجهاتها ، ثم جاز إلى سبتة ، وانعقدت بينه وبين رؤسائها المصاهرة في بعض بناته. ثم آب إلى غرناطة عند رجوع إيالة سبتة إلى أميرها ، فتقدّم خطيبا بها.

مشيخته : روى بالإجازة عن الخطيب الحافظ أبي الرّبيع بن سالم وأمثاله.

وفاته : الغريبة المستحسنة ، قال بعض شيوخنا : كنت أسمعه عند سجوده وتبتّله وضراعته إلى الله يقول : اللهم ، أمتني ميتة حسنة ، ويكرّر ذلك. فأجاب الله دعاءه ، وتوفّاه على أتمّ وجوه التّأنيب طهارة وخشوعا وخضوعا وتأهّبا ، وزمانا ومكانا ، عندما صعد أوّل درج من أدراج المنبر ، يوم الجمعة الثالث والعشرين لشوال من عام أحد عشر وسبعمائة ، فكان يوما مشهودا لا عهد بمثله ، ما رئي أكثر باكيا منه ، وأكثر الناس من الثناء عليه.

عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان

ابن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثي الأزدي (١)

يكنى أبا محمد.

حاله : من «الصّلة» : قال (٢) : القاضي المحدّث الجليل العالم ، كان فقيها جليلا أصوليا ، نحويا ، كاتبا ، أديبا ، شاعرا ، متفنّنا في العلوم ، ورعا ، ديّنا ، حافظا ، ثبتا ، فاضلا. وكان يدرّس كتاب سيبويه ، ومستصفى أبي حامد (٣) ، ويميل إلى الاجتهاد في نظره ، ويغلّب طريقة الظّاهرية (٤) ، مشهورا بالعقل والفضل ، معظّما ، عند الملوك ، معلوم القدر لديهم ، يخطب في مجالس الأمراء والمحافل الجمهورية ، مقدّما في ذلك ، بلاغة وفصاحة إلى أبعد مضمار. ولملوك الموحّدين به اعتناء كبير. وهو كان أستاذ الناصر (٥) وإخوته ، وكان له عند المنصور والدهم ، بذلك أكرم أثرة ، مع ما كان مشهورا به من العلم والدّين والفضل. ولّي القضاء بإشبيلية وقرطبة

__________________

(١) ترجمة ابن حوط الله في التكملة (ج ٢ ص ٢٨٧) وتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٤٥) وبغية الوعاة (ص ٢٨٣) وشذرات الذهب (ج ٥ ص ٥٠) والوافي بالوفيات (ج ١٧ ص ٢٠١) والديباج المذهب (ج ١ ص ٤٤٧) ونفح الطيب (ج ٦ ص ١٠٤).

(٢) النص في نفح الطيب (ج ٦ ص ١٠٤).

(٣) في النفح : «أبي حامد الغزالي».

(٤) أي طريقة ابن حزم الظاهري المذهب.

(٥) هو أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، رابع خلفاء الموحدين ، حكم المغرب والأندلس من سنة ٥٩٥ ه‍ إلى سنة ٦١٠ ه‍. البيان المغرب ـ قسم الموحدين (ص ٢٣٦).

٣١٧

ومرسية وسبتة وسلا وميورقة ، فتظاهر بالعدل ، وعرف بما أبطن من الدين والفضل ، وكان من العلماء العاملين ، سنّيّا ، مجانبا لأهل البدع والأهواء ، بارع الخطّ ، حسن التّقييد.

مشيخته : تردّد (١) في طلب العلم ، فسمع ببلنسية وشاطبة ومرسية وألمرية وقرطبة وإشبيلية ومالقة ، وغيرها من البلاد الأندلسية ، وتحصّل له سماع جمّ لم يشاركه فيه أحد من أهل المغرب (٢). قرأ القرآن على أبيه ، وعلى أبي محمد عبد الصمد الغسّاني ، وأخذ عن ابن حميد كتاب سيبويه تفقّها ، وعن غيره ، وسمع عن ابن بشكوال ، وقرأ أكثر من ستّين تأليفا بين كبار وصغار ، وكمل له على أبي محمد بن عبد الله ، بين قراءة وسماع ، نحو من ستة وثلاثين تأليفا ، منها الصّحيحان ، وأكثر عن ابن حبيش ، والسّهيلي ، وابن الفخّار وغيرهم. واستيفاء مشيخته يشقّ.

شعره : قال الأستاذ : أنشدنيه ابنه أبو القاسم ، ونقلت من خطه (٣) : [الوافر]

أتدري أنّك الخطّاء حقّا

وأنّك بالذي تدري (٤) رهين؟

وتغتاب (٥) الألى (٦) فعلوا وقالوا

وذاك الظّنّ والإفك (٧) المبين

مولده : في محرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة (٨).

وفاته : كان آخر عمره قد أعيد إلى مرسية ، قصدها من الحضرة ، فمات بغرناطة سحر يوم الخميس الثاني لربيع الأول اثنتي عشرة وستمائة ، ونقل منها في تابوته الذي ألحد فيه ، يوم السبت التاسع عشر لشعبان من السنة إلى مالقة ، فدفن بها.

عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد

ابن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري

من أهل قرطبة ، يكنى أبا القاسم ، ويعرف بابن ربيع.

__________________

(١) النص أيضا في نفح الطيب (ج ٦ ص ١٠٤ ـ ١٠٥).

(٢) في النفح : «الغرب».

(٣) البيتان في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٤٥) ونفح الطيب (ج ٦ ص ١٠٤).

(٤) في المصدرين : «تأتي».

(٥) في الأصل : «وتعتب» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.

(٦) في تاريخ قضاة الأندلس : «الورى».

(٧) في المصدر نفسه : «والإثم».

(٨) في التكملة (ج ٢ ص ٢٨٩) وبغية الوعاة (ص ٢٨٣) ؛ ولد سنة ٥٤٩ ه‍. وفي النفح : «ومولده في محرم سنة ٥٤١».

٣١٨

حاله : كان ، رحمه الله ، أديبا ، كاتبا ، شاعرا ، نحويا ، فقيها أصوليّا ، مشاركا في علوم ، محبّا في القراءة ، وطيّا عند المناطرة ، متناصفا ، سنيّا ، أشعري المذهب والنّسب ، مصمّما على طريقة الأشعريّة ، ملتزما لمذهب أهل السّنّة المالكي ، من بقايا الناس وعليتهم ، ومن آخر طلبة الأندلس المشاركين الجلّة ، المصمّمين على مذهب أهل السّنة ، المنافرين للمذاهب الفلسفية والمبتدعة ، والزّيغ. ولّي قضاء مواضع من الأندلس ، منها مدينة شريش ورندة ومالقة ، وأمّ وخطب بجامعها. ثم ولّي قضاء الجماعة (١) بحضرة غرناطة ، وعقد بها مجلسا للإقراء ، فانتفع به طلبتها ، واستمرّ على ذلك ، وكانت ولايته غرناطة نحوا من سبعة أعوام.

مشيخته : أخذ عن أبيه أبي عامر وتفقّه به ، وعن الخطيب أبي جعفر بن يحيى الحميري ، وتلا عليه ، وتأدّب به ، وعن الأستاذ أبي الحسن بن خروف ، وروى مع هؤلاء عن القاضي أبي القاسم بن بقي ، وأبي محمد بن حوط الله ، وأبي عبد الله بن أصبغ ، وغيرهم. وأجاز له الشيخ المسنّ أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الغافقي الشّقوري ، وله به علوّ ، وبالأستاذ الخطيب المسنّ أبي جعفر بن يحيى المتقدم.

وفاته : توفي في السابع عشر لشوال سنة ست وستين وستمائة ، ولم يخلف بعده مثله ، ولا من يقاربه.

عبد الله بن إبراهيم بن الزبير بن الحسن

ابن الحسين الثقفي العاصمي

من ولد عاصم بن مسلم ، الداخل في طلعة بلج الملقّب بالعريان ، أخو الأستاذ أبي جعفر بن الزبير ، شقيقه ، يكنى أبا محمد.

حاله : كان طبيبا ماهرا ، كاتبا شاعرا ، ذاكرا للّغة ، صنع (٢) اليدين ، متقدّما في أقرانه نباهة وفصاحة ، معدوم النظير في الشجاعة والإقدام ، يحضر الغزوات ، فارسا وراجلا ، ولقي بفحص غرناطة (٣) ليلا نصرانيا يتجسّس ، فأسره وجرّه ، وأدخله البلد ، ولم يلتفت إلى ثمنه استكتاما لتلك الفعلة.

__________________

(١) قاضي الجماعة في الأندلس ، هو منصب قاضي القضاة بالمشرق.

(٢) صنع اليدين وصنع اليدين : حاذق في الصنعة. لسان العرب (صنع).

(٣) فحص غرناطة : مرج غرناطة الشهير ، وهو عبارة عن سهل أفيح وبسيط شاسع أخضر خصب وغوطة فيحاء مترامية الأطراف ، يطلق عليه بالإسبانية اسم la vega de granada. يقع غربي غرناطة ويمتد غربا حتى مدينة لوشة. مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٤١).

٣١٩

مشيخته : أخذ القرآن عن الأستاذ أبي عبد الله بن مستقور ، وروى عن أبي يحيى بن عبد الرحيم ، وأبي الوليد العطار ، وأبي القاسم بن ربيع ، وأبي الخطار بن خليل ، وأخذ عن أبي عمر بن حوط الله بمالقة ، وابن أبي ريحانة. وبسبتة على أبي بكر بن مشليون. وأجاز له أبو بكر بن محرز ، وأبو الحسن الشّاري. وأخذ عن الأستاذ الناقد أبي الحسن علي بن محمد الكناني.

مولده : ولد بغرناطة لسبع عشرة ليلة خلت من ذي قعدة سنة ثلاث وأربعين وستمائة.

وفاته : توفي بها سحر أول يوم من ذي قعدة سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

عبد الله بن موسى بن عبد الرحمن بن حمّاد الصّنهاجي

يكنى أبا يحيى.

حاله : طالب نبيل فاضل ، ورع زاهد ، مؤثر في الدنيا بما تملّكه ، تال لكتاب الله في جميع الأوقات.

أخباره في الإيثار : وجّه له السيد أبو إسحاق ابن الخليفة أبي يعقوب (١) خمسمائة دنير ليصلح بها من شأنه ، فصرف جميعها على أهل السّتر في أقلّ من شهر. ومرّ بفتى في إشبيلية ، وأعوان القاضي يحملونه إلى السّجن ، وهو يبكي ، فسأله ، فقال : أنا غريب ، وطولبت بخمسين دنيرا ، وبيدي عقود ، وطولبت بضامن فلم أجده ، فقال : له الله ، قال : نعم ، قال : فدفع له خمسين دنيرا ، قال : أشهد لك بها ، فضجر وقال : إن الله إذا أعطى عبده شيئا لم يشهد به عليه ، وتركه وانصرف لشأنه ، وكانت عنده معرفة وأدب.

مولده : بغرناطة في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.

ومن ترجمة الكتّاب والشعراء بين أصلي وطارىء

عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الأزدي (٢)

من أهل بلّش ، يكنى أبا محمد ، ويعرف بابن المرابع.

__________________

(١) أبو يعقوب : هو يوسف بن عبد المؤمن الموحدي ، حكم المغرب والأندلس من سنة ٥٥٨ ه‍ إلى سنة ٥٨٠ ه‍. البيان المغرب ـ قسم الموحدين (ص ٨٣).

(٢) ترجمة عبد الله الأزدي في نفح الطيب (ج ٧ ص ١٠) و (ج ٨ ص ٢٣٦ ، ٣٩٢).

٣٢٠