الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]

الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]


المحقق: الدكتور يوسف علي طويل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3319-5

الصفحات: ٤٥٦

السادس لشهر ذي قعدة عام اثنين وعشرين وسبعمائة ، فسبحان الملك الحقّ المبين ، وارث الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين. وفي جهة (١) : [الكامل]

يا قبر ، جاد ثراك (٢) صوب غمام

يهمي عليك برحمة وسلام

بوركت لحدا فيه أيّ وديعة

ملك كريم من نجار كرام

ما شئت من حلم ومن خلق رضى

وزكاء أعراق ومجد سام

فاسعد بنصر رابع الأملاك من

أبناء نصر ناصري الإسلام

من خزرج الفخر الذين مقامهم

في نصر خير الخلق خير مقام

يا أيها المولى المؤسّس بيته

في معدن الأحساب والأحلام

ما للمنيّة والشباب مساعد

قد أقصدتك بصائبات سهام

عجلت على ذاك الجمال فغادرت

ربع المحاسن طامس الأعلام

فمحى الرّدى من حسن وجهك آية

نحو (٣) النهار لسدفة الإظلام

ما كنت إلّا بدر تمّ باهرا

أخنى الخسوف عليك عند تمام

فعلى ضريح أبي الجيوش تحيّة

كالمسك عرفا عند فضّ ختام

وتغمّدته رحمة الله التي

ترضيه من عدن بدار مقام

ومن الأعيان والوزراء

نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح الفهري

يكنى أبا الفتح ، أصلهم من حصن أريول من عمل مرسية ، ولهم في الدولة النّصرية مزية خصّوا لها بأعظم رتب القيادة ، واستعمل بعضهم في ولاية السلطان.

حاله : نقلت من خط شيخنا أبي بكر بن شبرين ، قال : وفي السادس عشر لذي قعدة منه ، يعني عام عشرة وسبعمائة ، توفي بغرناطة القائد المبارك أبو الفتح ، أحد الولاة والأعيان الذاكرين لله تعالى ، أولي النزاهة والوفاء.

نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح بن نصر بن إبراهيم

ابن نصر الفهري

يكنى أبا الفتح ، حفيد المذكور معه في هذا الباب.

__________________

(١) قوله : «وفي جهة» ساقط في اللمحة البدرية.

(٢) في اللمحة : «ثراك جاد» وهكذا ينكسر الوزن.

(٣) في اللمحة : «محو».

٢٦١

حاله : من كتاب «طرفة العصر» : نسيج وحده في الخير والعفاف ، ولين العريكة ، ودماثة الأخلاق ، إلى بعد الهمّة ، وجمال الأبّهة ، وضخامة التّجنّد ، واستجادة المركب والعدّة ، وارتباط العبادة. استعان على ذلك بالنّعمة العريضة بين منادية إليه بميراث ، ومكتسب من جرّاء المتغلّب على الدولة صهره ابن المحروق معياشة لبنته. ونمت حال هذا الشهم النّجد ، وشمخت رتبته حتى خطب للوزارة في أخريات أيامه ، وعاق عن تمام المراد به إلحاح السّقم على بدنه وملازمة الضّنا لجثمانه ، فمضى لسبيله ، عزيز الفقد عند الخاصّة ، ذائع الثّناء ، نقي العرض ، صدرا في الولاة ، وعلما في القوّاد الحماة.

وفاته : توفي بغرناطة ليلة الجمعة الثامن والعشرين لجمادى الآخرة عام خمسة وأربعين وسبعمائة. وكانت جنازته آخذة نهاية الاحتفال ، ركب إليها السلطان ، ووقف بإزاء لحده ، إلى أن ووري ، تنويها بقدره ، وإشادة ببقاء الحرمة على خلفه. وحمل سريره الجملة من فرسانه وأبناء نعمته.

ومن الكتّاب والشعراء

نزهون بنت القليعي (١)

قال ابن الأبّار (٢) : وهو فيما أحسب أبو بكر محمد بن أحمد بن خلف بن عبد الملك بن غالب الغسّاني ، غرناطية (٣).

حالها : كانت (٤) أديبة شاعرة ، سريعة الجواب ، صاحبة فكاهة ودعابة. وقد جرى شيء من ذلك في اسم أبي بكر بن قزمان (٥) ، والمخزومي الأعمى (٦) ، وأبي بكر بن سعيد (٧).

__________________

(١) ترجمة نزهون في المغرب (ج ٢ ص ١٢١) والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ٢١٦) والذيل والتكملة (ج ٨ ص ٤٩٣) والتكملة (ج ٤ ص ٢٥٨) وبغية الملتمس (ص ٥٤٦) ورايات المبرزين (ص ١٥٩) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٦٩).

(٢) التكملة (ج ٤ ص ٢٥٨). وانظر أيضا : الذيل والتكملة (ج ٨ ص ٤٩٣).

(٣) في التكملة : «من أهل غرناطة».

(٤) النص في التكملة (ج ٤ ص ٢٥٨) والذيل والتكملة (ج ٨ ص ٤٩٣).

(٥) هو أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان ، وقد ترجم له ابن الخطيب في الجزء الثاني من الإحاطة.

(٦) هو أبو بكر المخزومي الموروري ، وقد ترجم له ابن الخطيب في الجزء الأول من الإحاطة.

(٧) أغلب الظن أنه أبو بكر محمد بن سعيد بن خلف بن سعيد ، وقد ترجم له ابن الخطيب في هذا الجزء.

٢٦٢

شعرها : دخل (١) الأديب أبو بكر الكتندي (٢) الشاعر ، وهي تقرأ على المخزومي الأعمى ، فلمّا نظر إليها ، قال : أجز يا أستاذ : [الكامل]

لو كنت تبصر من تكلّمه (٣)

 ..............

فأفحم المخزومي زامعا ، فقالت : [الكامل]

 ..................

لغدوت أخرس من خلاخله

ثم زادت :

البدر يطلع من أزرّته

والغصن يمرح في غلائله

ولا خفاء ببراعة هذه الإجازة ورفاعة هذا الأدب.

وكتب إليها أبو بكر بن سعيد ، وقد بلغه أنها تخالط غيره من الأدباء الأعيان (٤) : [المجتث]

يا من له ألف خلّ (٥)

من عاشق وعشيق (٦)

أراك خلّيت للنّا

س سدّ ذاك الطريق (٧)

فأجابته بقولها : [الطويل]

حللت أبا بكر محلّا منعته

سواك ، وهل غير الرفيع (٨) له صدري؟

وإن كان لي كم من حبيب فإنما

يقدّم أهل الحقّ فضل (٩) أبي بكر

وهذه غاية في الحسن بعيدة. ومحاسنها شهيرة ، وكانت من غرر المفاخر الغرناطية.

__________________

(١) الحكاية والشعر في التكملة (ج ٤ ص ٢٥٨ ـ ٢٥٩) ورايات المبرزين (ص ١٥٩ ـ ١٦٠) والمغرب (ج ٢ ص ١٢١) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٧١ ـ ٧٢) والذيل والتكملة (ج ٨ ص ٤٩٣).

(٢) هو أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الكتندي ، وله ترجمة في رايات المبرزين (ص ١٥٧).

(٣) في التكملة : «من نجالسه». وفي الذيل والتكملة والنفح : «من تجالسه».

(٤) شعر أبي بكر بن سعيد وجواب نزهون في المقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ٢١٦) ورايات المبرزين (ص ١٦٠) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٦٩).

(٥) في المقتضب ورايات المبرزين : «شخص».

(٦) في النفح : «وصديق».

(٧) في المصدر نفسه : «... للناس منزلا في الطريق».

(٨) في المصادر الثلاثة : «الحبيب».

(٩) في النفح : «حبّ».

٢٦٣

حرف الصاد

من الأعيان والوزراء

الصّميل بن حاتم بن عمر بن جذع بن شمر بن ذي الجوشن

الضّبابي الكلبي (١)

وهو من أشراف عرب الكوفة.

أوليته : قال صاحب الكتاب «الخزائني» : جدّه (٢) أحد قتلة الحسين بن علي والذي قدم برأسه على يزيد بن معاوية ، فلمّا قام المختار (٣) ثائرا بالحسين فرّ عنه شمر ولحق بالشام فأقام بها في عزّ ومنعة. ولمّا خرج كلثوم بن عياض غازيا إلى المغرب ، كان الصّميل ممن ضرب عليه البعث في أشراف أهل الشام. ودخل الأندلس في طالعة بلج بن بشر القشيري ، فشرف ببدنه إلى شرف تقدّم له ، وردّ ابن حيّان هذا. وقال في كتاب «بهجة الأنفس ، وروضة الأنس» : كان الصّميل بن حاتم هذا جدّه شمر قاتل الحسين ، رضي الله عنه ، من أهل الكوفة ، فلمّا قتله ، تمكّن منه المختار فقتله ، وهدم داره ، فارتحل ولده من الكوفة ، فرأس بالأندلس ، وفاق أقرانه بالنجدة والسّخاء.

حاله : قال (٤) : كان شجاعا ، نجدا ، جوادا ، كريما ، إلّا أنه كان رجلا أمّيّا لا يقرأ ولا يكتب ، وكان (٥) له في قلب الدول وتدبير الحروب ، أخبار مشهورة.

من أخباره : حكى ابن القوطيّة ، قال (٦) : مرّ الصّميل بمعلّم يتلو : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ)(٧) ، فوقف يسمع ، ونادى بالمعلّم : يا هناه ، كذا نزلت

__________________

(١) توفي الصميل بن حاتم سنة ١٤٢ ه‍ ، وترجمته في الحلة السيراء (ج ١ ص ٦٧) وتاريخ افتتاح الأندلس (ص ٤٤ ـ ٤٦ ، ٥١ ، ٥٩ ـ ٦١).

(٢) النص في الحلة السيراء (ج ١ ص ٦٧) بتصرف ، وجاء فيه أن جدّه هو : شمر بن ذي الجوشن.

(٣) هو أبو إسحاق المختار بن أبي عبيد الثقفي ، المتوفى سنة ٦٧ ه‍ ؛ من زعماء الثائرين على بني أمية ، كان همه أن يقتل من قاتلوا الحسين بن علي ، عليهما السلام. الأعلام (ج ٧ ص ١٩٢) وفيه ثبت بأسماء المصادر التي ترجمت له.

(٤) قارن بالحلة السيراء (ج ١ ص ٦٨).

(٥) في الحلة السيراء : «وكانت».

(٦) النص في تاريخ افتتاح الأندلس (ص ٦٠) والحلة السيراء (ج ١ ص ٦٨) بتصرف.

(٧) سورة آل عمران ٣ ، الآية ١٤٠.

٢٦٤

هذه الآية؟ فقال : نعم ، فقال : أرى والله أن سيشركنا في هذا الأمر العبيد والأراذل والسّفلة.

خبره في الجود : قال : كان أبو الأجرب الشاعر (١) وقفا على أمداح الصّميل ، وهو القائل : [الوافر]

بنى لك حاتم بيتا رفيعا

رأيناه على عمد طوال

وقد كان ابتنى شمر وعمرو

بيوتا غير ضاحية الظّلال

فأنت ابن الأكارم من معدّ

تعلج للأباطح (٢) والرّمال

وقارضه بإجزاله لعطائه وانتمائه في ثوابه ، بأن أغلظ القسم على نفسه بأن لا يراه إلّا أعطاه ما حضره ، فكان أبو الأجرب قد اعتمد اجتنابه في اللقاء حياء منه وإبقاء على ماله ، فكان لا يزوره إلّا في العيدين قاضيا لحقّه. وقد لقيه يوما مواجهة ببعض الطريق ، والصّميل راكب ، ومعه ابناه ، فلم يحضره ما يعطيه ، فأرجل أحد ابنيه ، وأعطاه دابّته ، فضرب في صنعه ، وفيه يقول من قصيدة : [الكامل]

دون الصّميل شريعة مورودة

لا يستطيع لها العدوّ ورودا

فتّ الورى وجمعت أشتات العلا

وحويت مجدا لا ينال وجودا

فإذا هلكت فلا تحمّل فارس

سيفا ولا حمل النساء وليدا

وكان صاحب أمره ولّاه الأندلس قبل الأمويين ؛ لهم الأسماء وله معنى الإمرة ، وكان مظفّر الحروب ، سديد الرأي ، شهير الموقف ، عظيم الصبر. وأوقع باليمانيّة وقائع كثيرة ، منها وقيعة شقندة ، ولم يكن بالأندلس مثلها ، أثخن فيها القتل باليمانية.

أنفته : قال : وكان أبيّا للضّيم ، محاميا عن العشيرة ، كلّم أبا الخطّار الأمير في رجل من قومه انتصر به ، فأفجمه ، وردّ عليه ، فأمر به ، فتعتع ومالت عمامته ، فلمّا خرج قال له بعض من على باب الأمير : يا أبا الجوشن ، ما باب عمامتك مائلة؟ فقال : إن كان لي قوم فسيقيمونها ، وخرج من ليلته ، فأفسد ملكه.

__________________

(١) أبو الأجرب هو جعونة بن الصّمّة الكلابي ، من قدماء شعراء الأندلس ، وترجمته في جذوة المقتبس (ص ١٨٩) وبغية الملتمس (ص ٢٦١) والمغرب (ج ١ ص ١٣١).

(٢) في الأصل : «تعتلج الأباطح ...» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى. ويعلج الرجل : يشتدّ.

٢٦٥

وفاؤه : وخبر وفائه مشهور ، فيما كان من جوابه لرسولي عبد الرحمن بن معاوية إليه ، بما قطع به رجاء الهوادة في أمر أميره يوسف بن عبد الرحمن الفهري ، والتّستّر مع ذلك عليهما ، فلينظر في كتاب «المقتبس».

دخوله غرناطة : ولما صار الأمر إلى عبد الرحمن بن معاوية ، صقر بني أمية ، وقهر الأمير يوسف الفهري ووزيره الصّميل ، إذ عزله الناس ، ورجع معه يوسف الفهري والصميل إلى قرطبة ، ولم يلبثا أن نكثا ، ولحقا فحص غرناطة ، ونازلهما الأمير عبد الرحمن بن معاوية في خبر طويل ، واستنزلهما عن عهد ، وعاد الجميع إلى قرطبة ، وكان يوسف والصميل يركبان إلى القصر كل جمعة إلى أن مضيا لسبيلهما. وكان عبد الرحمن بن معاوية يسترجع ويقول : ما رأيت مثله رجلا. لقد صحبني من إلبيرة إلى قرطبة ، فما مسّت ركبتي ركبته ، ولا خرجت دابّته عن دابّتي.

ومن الكتّاب والشعراء

صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى

ابن إدريس التّجيبي (١)

من أهل مرسية ، يكنى أبا بجر (٢).

حاله : كان (٣) أديبا ، حسيبا جليلا ، أصيلا ، ممتعا من الظّرف ، ريّان من الأدب ، حافظا ، حسن الخطّ ، سريع البديهة ، ترف النّشأة ، على تصاون وعفاف ، جميلا سريّا ، سمحا ذكيا ، مليح العشرة ، طيّب النفس ، ممّن تساوى حظّه في النظم والنثر ، على تباين الناس في ذلك.

مشيخته : روى عن أبيه وخاله ، ابن عمّ أبيه القاضي أبي القاسم بن إدريس ، وأبي بكر بن مغاور ، وأبي الحسن بن القاسم ، وأبي رجال بن غلبون ، وأبي عبد الله بن حميد ، وأبي العباس بن مضاء ، وأبي القاسم بن حبيش ، وأبي محمد الحجري ، وابن حوط الله ، وأبي الوليد بن رشد ، وأجاز له أبو القاسم بن بشكوال.

__________________

(١) ترجمة صفوان بن إدريس في التكملة (ج ٢ ص ٢٢٤) والمغرب (ج ٢ ص ٢٦٠) ورايات المبرزين (ص ٢٠١) وفوات الوفيات (ج ٢ ص ١١٧) والوافي بالوفيات (ج ١٦ ص ٣٢١) ومعجم الأدباء (ج ٣ ص ٤٢١) والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٥٥ ، ٢٠٦) والذيل والتكملة (السفر الرابع ص ١٤٠) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٥٧).

(٢) في النفح : «أبو بحر».

(٣) النص في الذيل والتكملة (السفر الرابع ص ١٤٠) والنفح (ج ٧ ص ٥٧ ـ ٥٨).

٢٦٦

من روى عنه : أبو إسحاق اليابري ، وأبو الربيع بن سالم ، وأبو عبد الله بن أبي البقاء ، وأبو عمرو بن سالم ، ومحمد بن محمد بن عيشون.

تواليفه : له تواليف أدبيّة منها ، «زاد المسافر» ، وكتاب «الرحلة» ، وكتاب «العجالة» سفران يتضمنان من نظمه ونثره أدبا لا كفاء له. وانفرد من تأبين الحسين ، رضي الله عنه ، وبكاء أهل البيت ، بما ظهرت عليه بركته في (١) حكايات كثيرة.

شعره : ثبتّ من ذلك في العجالة قوله (٢) : [الكامل]

جاد الزمان بأنّة الجرعاء

توقان من دمعي وغيث سماء (٣)

فالدّمع يقضي عندها حقّ الهوى

والغيم حقّ البانة الغيناء (٤)

خلت الصّدور من القلوب كما خلت

تلك المقاصر من مها وظباء

ولقد أقول لصاحبيّ وإنما

ذخر الصّديق لأمجد (٥) الأشياء

يا صاحبيّ ، ولا أقلّ إذا أنا

ناديت من أن تصغيا لندائي (٦)

عوجا بحار (٧) الغيم في سقي الحما

حتى ترى (٨) كيف انسكاب الماء

ونسنّ في سقي المنازل سنّة

نمضي بها حكما على الظّرفاء

يا منزلا نشطت إليه عبرتي

حتى تبسّم زهره لبكائي (٩)

ما كنت قبل مزار ربعك عالما

أنّ المدامع أصدق الأنواء

يا ليت شعري والزّمان تنقّل

والدّهر ناسخ شدّة برخاء

هل نلتقي في روضة موشيّة

خفّاقة الأغصان والأفياء؟

وننال فيها من تألّفنا ولو

ما فيه سخمة (١٠) أعين الرّقباء؟

في حيث أتلعت الغصون سوالفا

قد قلّدت بلآلئ الأنداء

وجرت (١١) ثغور الياسمين فقبّلت

عنيّ (١٢) عذار الآسة الميساء

__________________

(١) في النفح : «من».

(٢) القصيدة في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٩٠ ـ ٣٩١).

(٣) رواية البيت في النفح هي :

جاد الرّبا من بانة الجرعاء

نوءان من دمعي وغيم سماء

(٤) في النفح : «الغنّاء».

(٥) في النفح : «لآكد».

(٦) في الأصل : «لنداء» والتصويب من النفح.

(٧) في النفح : «نجاري».

(٨) في النفح : «يرى».

(٩) في الأصل : «لبكاء» والتصويب من النفح.

(١٠) في النفح : «سخنة».

(١١) في النفح : «وبدت».

(١٢) في الأصل : «عيني» والتصويب من النفح.

٢٦٧

والورد في شطّ الخليج كأنّه

رمد ألمّ بمقلة زرقاء

وكأنّ غصن (١) الزّهر في خضر الرّبى

زهر النجوم تلوح بالخضراء

وكأنما جاء النّسيم مبشّرا

للرّوض يخبره بطول بقاء

فكساه خلعة طيبه ورمى له

بدراهم الأزهار رمي سخاء

وكأنّما احتقر الصّنيع فبادرت

بالعذر (٢) عنه نغمة الورقاء

والغصن يرقص في حلى أوراقه

كالخود في موشيّة خضراء

وافترّ ثغر الأقحوان بما رأى

طربا وقهقه منه جري الماء

أفديه من أنس تصرّم فانقضى

فكأنّه قد كان في الإغفاء

لم يبق منه غير ذكر أو منى

وكلاهما سبب لطول عناء

أو رقعة من صاحب هي تحفة

إنّ الرّقاع لتحفة النّبهاء

كبطاقة الوسميّ (٣) إذ حيّا بها

إنّ الكتاب تحيّة الظّرفاء (٤)

وهي طويلة (٥). وقال مراجعا عن كتاب أيضا : [الوافر]

ألا سمح الزمان به كتابا

ذرى بوروده أنسي قبابا

فلا أدري أكانا تحت وعد

دعا بهما لبرئي فاستجابا؟

وقد ظفرت يدي بالغنم منه

فليت الدهر سنّى لي إيابا

فلو لم أستفد شيئا سواه

قنعت بمثله علقا لبابا

إذا أحرزت هذا في اغترابي

فدعني أقطع العمر اغترابا

رجمت بأنسه شيطان همّي

فهل وجّهت طرسا أم شهابا؟

رشفت به رضاب الودّ عذبا

يذكّرني شمائلك العذابا

وكدت أجرّ أذيالي نشاطا

ولكن خلت قولهم تصابا

فضضت ختامه عنّي كأني

فتحت بفضّه للروض بابا

فكدت أبثّه في جفن عيني

لكي أستودع الزّهر السّحابا

وكنت أصونه في القلب لكن

خشيت عليه أن يفنى التهابا

ولو أنّ الليالي سامحتني

لكنت على كتابكم الجوابا

__________________

(١) في النفح : «غضّ».

(٢) في النفح : «للعذر».

(٣) في النفح : «الوشقيّ».

(٤) في النفح : «الخلطاء».

(٥) أورد منها المقري ستة وأربعين بيتا.

٢٦٨

فأبلي عندكم بالشّكر عذرا

وأجزل من ثنائكم الثّوابا

ولكنّ الليالي قيّدتني

وقيّد عدّتي (١) إلّا الخطابا

فما تلقاني الأحباب إلّا

سلاما أو مناما أو كتابا

لأمر ما يقصّ الدهر ريشي

لأنّ السّهم مهما ريش صابا

وعاذلة تقول ولست أصغي

ولو أصغيت لم أرفع جوابا

تخوّفني الدّواهي وهي عندي

أقل من أن أضيق بها جنابا

إذا طرقت أعدّ لها قراها

وقارا واحتسابا واصطبارا

وما مثلي يخوّف بالدواهي

عرين اللّيث لا يخشى الذّبابا

تعاتبني فلا يرتدّ طرفي

وهل تسترقص الرّيح الهضابا؟

ولو أنّ العتاب يفيد شيئا

ملأت مسامع الدّنيا عتابا

وقد وصّيتها بالصّمت عنّي

فما صمتت ولا قالت صوابا

تعنّفني على تركي بلادا

عهدت بها القرارة والشّبابا

تقول : وهل يضرّ السّيف إلّا

إذا ما فارق السيف القرابا

فقلت : وهل يضرّ السيف فلّ

إذا قطّ الجماجم والرّقابا؟

بخوض الهول تكتسب المعالي

يحلّ السّهل من ركب الصّعابا

فليث الغاب يفترس الأناسي

وليث البيت يفترس الذّبابا

ولو كان انقضاض الطّير سهلا

لكانت كلّ طائرة عقابا

دعيني والنهار أسير فيه

أسير عزائم تفري الصّلابا

أغازل من غزالته فتاة

تبيّض فودها هرما وشابا

إذا شاءت مواصلتي تجلّت

وإن ملّت توارت لي احتجابا

وأسري اللّيل لا ألوي عنانا

ولو نيل الأماني ما (٢) أصابا

أطارح من كواكبه كماما

وأزجر من دجنّته غرابا

وأركب أشهبا (٣) غبرا كباعي

وخضرا مثل خاطري انسيابا

وآخذ من بنات الدّهر حقّي

جهاز البيت استلب استلابا

ولست أذيل بالمدح القوافي

ولا أرضى بخطّتها اكتسابا

__________________

(١) في الأصل : «وقيدت عرضي» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٢) في الأصل : «لما» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٣) في الأصل : «شهبا» ، وكذا لا يستقيم الوزن.

٢٦٩

أأمدح من به أهجو مديحي

إذا طيّبت بالمسك الكلاما

سأخزنها عن الأسماع حتى

أردّ الصّمت بينهما حجابا

فلست بمادح ما عشت إلّا

سيوفا أو جيادا أو صحابا

أبا موسى ، وإنّي ذو (١) وداد

أناجي لو سمعت إذا أجابا

ولكن دون ذلك مهمه لو

طوته الريح لم ترج الإيابا

أخي ، برّ المودّة كلّ برّ

إذا برّ الأشقّا (٢) الانتسابا

بعثت إليك من نظمي بدرّ

شققت عليه من فكري عبابا

عداني الدهر أن يلقاك شخصي

فأغنى الشّعر عن شخصي ونابا

وقال في الغرض الذي نظم فيه الرّصافي (٣) من وصف بلده ، وذكر إخوانه ومعاهده ، مساجلا في العروض والرّوي ، عقب رسالة سماها «رسالة طراد الجياد في الميدان ، وتنازع اللّدان والإخوان ، في تنفيق مرسية على غيرها من البلدان» (٤) : [الطويل]

لعلّ (٥) رسول البرق يغتنم الأجرا

فينثر (٦) عنّي ماء عبرته نثرا!

معاملة أربو (٧) بها غير مذنب

فأقضيه دمع العين من نقطة بحرا

ليسقي (٨) من تدمير قطرا محبّبا

يقرّ بعين القطر أن تشرب القطرا

ويقرضه ذوب اللّجين وإنما

توفّيه عيني من مدامعها تبرا

وما ذاك تقصيرا بها غير أنه

سجيّة ماء البحر أن يذوي الزّهرا

خليليّ ، قوما فاحبسا طرق الصّبا

مخافة أن تحمي (٩) بزفرتي الحرّى

فإنّ الصّبا ريح عليّ كريمة

بآية ما تسري من الجنّة الصّغرى

__________________

(١) في الأصل : «أخيّ» ، وكذا ينكسر الوزن.

(٢) في الأصل : «الأشقّة» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٣) تقدمت قصيدة الرصافي الرائية في الجزء الثاني من الإحاطة في ترجمة محمد بن غالب الرصافي ومطلعها : [الطويل]

خليليّ ، ما للبيد قد عبقت نشرا

وما لرؤوس الرّكب قد رجحت سكرا

(٤) القصيدة في نفح الطيب (ج ٧ ص ٥٨ ـ ٦١).

(٥) في الأصل : «هل رسول ...» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(٦) في الأصل : «فينشر» ، والتصويب من النفح.

(٧) في النفح : «أربي».

(٨) في الأصل : «ليسقني» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(٩) في النفح : «يحمي».

٢٧٠

خليليّ ، أعني أرض مرسية المنى

ولو لا توخّي الصّدق سمّيتها الكبرى

محلّي بل جوّي الذي عبقت به

نواسم آدابي معطّرة نشرا

ووكري الذي منه درجت فليتني

فجعت بريش العزم كي ألزم الوكرا

وما روضة الخضراء قد مثلت بها

مجرّتها نهرا وأنجمها زهرا

بأبهج منها والخليج مجرّة

وقد فضحت أزهار ساحتها الزّهرا

وقد أسكرت أزهار (١) أغصانها الصّبا

وما كنت أعتدّ الصّبا قبلها خمرا

هنالك بين الغصن والقطر والصّبا

وزهر الرّبى ولّدت آدابي الغرّا

إذا نظم الغصن الحيا قال خاطري

تعلّم نظام النّثر من ههنا شعرا

وإن نثرت ريح الصّبا زهر الرّبى

تعلّمت حلّ الشّعر أسبكه نثرا

فوائد أسحار هناك اقتبستها

ولم أر روضا غيره يقرئ السّحرا

كأنّ هزيز الريح يمدح روضها

فتملأ فاه من أزاهر ها درّا (٢)

أيا زنقات (٣) الحسن ، هل فيك نظرة

من الجرف الأعلى إلى السّكّة الغرّا؟

فأنظر من هذي لتلك كأنما

أغيّر إذ غازلتها أختها الأخرى

هي الكاعب الحسناء تمّم حسنها

وقدّت لها أوراقها حللا خضرا

إذا خطبت أعطت دراهم زهرها

وما عادة الحسناء أن تنقد المهرا

وقامت بعرس الأنس قينة أيكة (٤)

أغاريدها تسترقص الغصن النّضرا

فقل في خليج يلبس الحوت درعه

ولكنه لا يستطيع بها قصرا (٥)

إذا ما بدا فيها الهلال رأيته

كصفحة سيف وسمها قبعة صفرا

وإن لاح فيها البدر شبّهت متنه

بسطر (٦) لجين ضمّ من ذهب عشرا

وفي جرفي روض هناك تجافيا

لنهر (٧) يودّ الأفق لو زاره فجرا

كأنهما خلّا صفاء تعاتبا

وقد بكيا من رقّة ذلك النّهرا

وكم لي بالباب الجديد (٨) عشيّة

من الأنس ما فيه سوى أنّه مرّا

__________________

(١) في النفح : «أعطاف».

(٢) رواية عجز البيت في النفح هي :

فملّأ فاها من أزاهره درّا

(٣) في الأصل : «رنقات» بالراء غير المعجمة ، والتصويب من النفح. وزنقات الحسن : من متنزهات مرسية.

(٤) في النفح : «أيكها».

(٥) في المصدر نفسه : «نصرا».

(٦) في المصدر نفسه : «بشطّ».

(٧) في النفح : «بنهر».

(٨) في النفح : «وكم لي بأبيات الحديد ...».

٢٧١

عشايا (١) كأنّ الدّهر غصّ (٢) بحسنها

فأجلت سياط (٣) البرق أفراسها الشّقرا (٤)

عليهنّ أجري خيل دمعي بوجنتي

إذا ركبت حمرا ميادينها الصفرا

أعهدي بالغرس المنعّم دوحه

سقتك دموعي إنها مزنة شكرى (٥)

فكم فيك من يوم أغرّ محجّل

تقضّت أمانيه فخلّدتها ذكرا

على مذنّب كالنحر (٦) من فرط حسنه

تودّ الثّريّا أن تكون (٧) له نحرا

سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى

نقا الرّملة البيضاء فالنّهر فالجسرا

وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم

لما فارقت عيني وجوههم الزّهرا

ولو كنت أقضي حقّ نفسي ولم أكن

لما بتّ أستحلي فراقهم المرّا

وما اخترت هذا البعد إلّا ضروة

وهل تستجير العين أن تفقد الشّفرا (٨)؟

قضى الله أن ينأى (٩) بي الدهر عنهم

أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا

ووالله لو نلت المنى ما حمدتها

وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا

أيأنس باللّذات قلبي ودونهم

مرام يجدّ الرّكب (١٠) في طيّها شهرا؟

ويصحب هادي الليل راء وحرفة

وصادا ونونا قد تقوّس (١١) واصفرّا

فديتهم بانوا وضنّوا بكتبهم

فلا خبرا منهم لقيت ولا خبرا

ولو لا علا همّاتهم لعتبتهم

ولكن عراب الخيل لا تحمل الزّجرا

ضربت غبار البيد في مهرق السّرى

بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا

وحقّقت ذاك الضّرب جمعا وعدّة

وطرحا وتجميلا فأخرج لي صفرا

كأنّ زماني حاسب متعسّف

يطارحني كسرا ، أما يحسن الجبرا؟

فكم عارف بي وهو يحسب (١٢) رتبتي

فيمدحني سرّا ويشتمني جهرا

__________________

(١) في الأصل : «عشيات» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(٢) في النفح : «غضّ».

(٣) في النفح : «بساط».

(٤) في النفح : «شقرا».

(٥) يقال : عين شكرى : أي ملأى من الدمع ، ويقال : درّة شكرى : أي ملأى من اللبن ؛ والمزنة الشّكرى : الكثيرة المطر. محيط المحيط (شكر).

(٦) في النفح : «كالبحر».

(٧) في النفح : «يكون».

(٨) الشّفر : بضم الشين وسكون الفاء : أصل منبت الشعر في طرف العين. لسان العرب (شفر).

(٩) في النفح : «أن تنأى بي الدار ...».

(١٠) في النفح : «الكرب».

(١١) في النفح : «تقدس».

(١٢) في النفح : «يحسن».

٢٧٢

لذلك ما أعطيت نفسي حقّها

وقلت لسرب الشّعر : لا ترم (١) الفكرا (٢)

فما برحت فكري عذارى قصائدي

ومن خلق العذراء أن تألف الخدرا

ولست وإن طاشت سهامي بآيس

فإنّ مع العذر (٣) الذي يتّقى يسرا

ومن مقطوعاته (٤) : [السريع]

يا قمرا مطلعه أضلعي

له سواد القلب منها (٥) غسق

وربّما استوقد نار الهوى

فناب فيها لونها عن شفق

ملّكتني في (٦) دولة من صبا

وصدتني في (٧) شرك من حدق

عندي من حبّك (٨) ما لو سرت

في البحر منه شعلة لاحترق

ومن مقطوعاته أيضا (٩) : [الكامل]

قد كان لي قلب فلمّا فارقوا

سوّى جناحا للغرام وطارا

وجرت سحاب بالدموع (١٠) فأوقدت

بين الجوانح لوعة وأوارا

ومن العجائب أنّ فيض مدامعي

ماء ويثمر (١١) في ضلوعي نارا

وشعره الرّمل والقطر كثرة ، فلنختم له المقطوعات بقوله (١٢) : [المنسرح]

قالوا وقد طال بي مدى خطئي

ولم أزل في تجرّمي ساهي (١٣)

أعددت شيئا ترجو النجاة به؟

فقلت : أعددت رحمة الله

نثره : كتب يهنّئ (١٤) قاضي الجماعة أبا القاسم بن بقيّ من رسالة (١٥) : لأن (١٦) قدره (١٧) دام عمره ، وامتثل نهيه الشرعي وأمره ، أعلى رتبة وأكرم محلّا ، من أن

__________________

(١) في الأصل : «لا تهمّ» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(٢) في النفح : «الذكرا».

(٣) في النفح : «العسر».

(٤) الأبيات في معجم الأدباء (ج ٣ ص ٤٢٢) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٦٢).

(٥) في المصدرين : «فيها».

(٦) في معجم الأدباء : «بدولة».

(٧) في معجم الأدباء : «يشرك».

(٨) في الأصل : «حبيبك» ، وكذا لا يستقيم الوزن ، والتصويب من المصدرين.

(٩) الأبيات في معجم الأدباء (ج ٣ ص ٤٢١) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٦٢).

(١٠) في المصدرين : «للدموع».

(١١) في المعجم : «ماء يمرّ وفي ...».

(١٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٧ ص ٦٢ ـ ٦٣).

(١٣) في الأصل : «ساه» والتصويب من النفح.

(١٤) النص في الذيل والتكملة (السفر الرابع ص ١٤٠ ـ ١٤٢) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٦٣ ـ ٦٤).

(١٥) في النفح : «برسالة منها».

(١٦) في الأصل : «لان» والتصويب من النفح والذيل والتكملة.

(١٧) في النفح : «محلّه».

٢٧٣

يتحلّى بخطّة هي به تتحلّى. كيف يهنأ بالقعود لسماع دعوة (١) الباطل ، ولمعاناة (٢) الإنصاف الممطول من الماطل ، والتّعب في المعادلة ، بين ذوي المجادلة. أما لو علم المتشوّقون (٣) إلى خطّة الأحكام ، المستشرفون إلى ما لها من التّبسّط والاحتكام ، ما يجب لها من اللّوازم ، والشروط الجوازم ، كبسط الكنف ، ورفع الجنف ، والمساواة بين العدوّ وذي الذّنب ، والصاحب بالجنب ، وتقديم ابن السّبيل ، على ذي الرّحم والقبيل ، وإيثار الغريب ، على القريب ، والتوسّع في الأخلاق ، حتى لمن ليس له من خلاق ، إلى غير ذلك ممّا علم قاضي الجماعة أحصاه ، واستعمل لخلقه (٤) الفاضل أدناه وأقصاه ، لجعلوا خمولهم مأمولهم ، وأضربوا عن ظهورهم (٥) ، فنبذوه وراء ظهورهم (٦) ، اللهمّ إلّا من أوتي بسطة في العلم ، ورسا طودا في ساحة الحلم ، وتساوى ميزانه في الحرب والسّلم ، وكان كقاضي الجماعة (٧) ، في المماثلة بين أجناس الناس ، فقصاراه أن يتقلّد الأحكام للأجر ، لا للتّعسف (٨) والزّجر ، ويتولّاها للثواب ، لا للغلظة في ردّ الجواب ، ويأخذها لحسن الجزاء ، لا لقبح (٩) الاستهزاء ، ويلتزمها لجزيل الذّخر ، لا للإزراء والسّخر. فإذا كان كذلك ، وسلك المتوليّ هذا السّالك (١٠) ، وكان كقاضي (١١) الجماعة ولا مثل له ، ونفع الحقّ به علله ، ونقع غلله ، فيومئذ تهنأ (١٢) به خطّة القضاء ، ويعرف ما لله عليه (١٣) من اليد البيضاء.

ومحاسنه في النثر أيضا جمّة.

ومن أخباره (١٤) أنه رحل إلى مرّاكش متسبّبا (١٥) في جهاز بنت بلغت التّزويج ، وقصد دار الإمارة مادحا ، فما تيسّر له شيء من أمله ، ففكّر في خيبة قصده ، وقال : لو كنت تأمّلت (١٦) جهة الله ، ومدحت المصطفى (١٧) صلى الله عليه وسلم ، وآل بيته الطاهرين ، لبلغت أملي بمحمود عملي. ثم استغفر الله (١٨) في توجّهه الأول ، وعلم أن ليس على غير

__________________

(١) في المصدرين : «دعاوى».

(٢) في المصدرين : «والمعاناة لإنصاف».

(٣) في المصدرين : «المتشوفون».

(٤) في المصدرين : «خلقه».

(٥) الظهور : مصدر ظهر أي بدا.

(٦) الظهور : جمع ظهر.

(٧) في النفح : «وكان كمولانا».

(٨) في المصدرين : «لا للتعنيف».

(٩) في النفح : «لقبيح».

(١٠) في المصدرين : «هذه المسالك».

(١١) في الذيل : «مثل قاضي». وفي النفح : «وكان قاضي».

(١٢) في المصدرين : «تهنّى».

(١٣) في الذيل : «وتعرف بما لله عليه ...». وفي النفح : «وتعرف ما لله تعالى عليه ...».

(١٤) النص في نفح الطيب (ج ٧ ص ٦٤).

(١٥) كلمة «متسببا» ساقطة في النفح.

(١٦) في النفح : «أمّلت الله سبحانه».

(١٧) في النفح : «نبيّه».

(١٨) في النفح : «الله من اعتماده في ...».

٢٧٤

الثاني من (١) معوّل ، فلم يكن إلّا أن صوّب نحو هذا القصد سهمه ، وأمضى فيه عزمه ، وإذا به قد وجّه عنه ، وأدخل (٢) على الخليفة ، فسأله عن مقصده ، فأخبره مفصحا به ، فأنفذه وزاده عليه ، وأخبره أنّ ذلك لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في النّوم يأمره (٣) بقضاء حاجته. فانفصل موفّى الأغراض ، واستمرّ في مدح أهل البيت حتى اشتهر في ذلك (٤).

وفاته : سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وسنّه دون الأربعين سنة ، وصلّى عليه أبوه ، فإنه كان بمكان من الدّين (٥) والفضل ، رحمة الله عليه ، وتلقيت من جهات أنه دخل غرناطة ، لما امتدح القائد أبا عبد الله بن صناديد بمدينة جيّان ، حسبما يظهر من عجالته ، من غير تحقيق لذلك.

صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم

ابن علي بن شريف النّفزي (٦)

من أهل رندة ، يكنى أبا الطّيّب.

حاله : قال ابن الزّبير : شاعر مجيد في المدح والغزل ، وغير ذلك. وعنده مشاركة في الحساب والفرائض. نظم في ذلك. وله تواليف أدبية ، وقصائد زهدية ، وجزء على حديث جبريل عليه السلام ، وغير ذلك مما روى عنه. وكان في الجملة معدودا في أهل الخير ، وذوي الفضل والدّين. تكرّر لقائي إياه ، وقد أقام بمالقة أشهرا ، أيام إقرائي. وكان لا يفارق مجالس إقرائي ، وأنشدني كثيرا من شعره.

وقال ابن عبد الملك (٧) : كان خاتمة الأدباء بالأندلس ، بارع التّصرّف في منظوم الكلام ومنثوره ، فقيها حافظا ، فرضيّا ، متفنّنا في معارف شتى (٨) ، نبيل المقاصد (٩) ، متواضعا ، مقتصدا في أحواله. وله مقامات بديعة في أغراض شتّى ، وكلامه ، نظما ونثرا ، مدوّن.

__________________

(١) كلمة «من» ساقطة من النفح.

(٢) في النفح : «فأدخل».

(٣) في النفح : «يأمر».

(٤) في النفح : «بذلك».

(٥) في النفح : «من الفضل والدين».

(٦) ترجمة صالح بن يزيد النفزي في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٦) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٢٤٣).

(٧) الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٧).

(٨) في الذيل والتكملة : «جليلة».

(٩) في المصدر نفسه : «المنازع».

٢٧٥

مشيخته : روى (١) عن آباء الحسن : أبيه ، والدبّاج ، وابن الفخّار الشّريشي ، وابن قطرال ، وأبي الحسن بن زرقون ، وأبي القاسم ابن الجدّ (٢).

تواليفه : ألّف جزءا على حديث جبريل ، وتصنيفا في الفرائض وأعمالها ، وآخر في العروض ، وآخر في صنعة الشعر سماه «الوافي (٣) ، في علم القوافي».

وله كتاب كبير سماه «روضة الأنس ، ونزهة النّفس».

دخوله غرناطة : وكان كثير الوفادة على غرناطة ، والتردّد إليها ، يسترفد ملوكها ، وينشد أمراءها ، والقصيدة التي أوّلها : «أواصلتي يوما وهاجرتي ألفا» (٤) ، أخبرني شيخنا أبو عبد الله اللّوشي أنه نظمها باقتراح السلطان ، رحمه الله ، وقد أوعز إليه ألّا يخرج عن بعض بساتين الملك حتى يكملها في معارضة محمد بن هاني الإلبيري.

شعره : وهو كثير ، سهل المأخذ ، عذب اللفظ ، رائق المعنى ، غير مؤثر للجزالة. فمن ذلك قوله ، رحمه الله ، في غرض المدح من السّلطانيات (٥) : [الوافر]

سرى والحبّ أمر لا يرام

وقد أغرى به الشّوق الغرام (٦)

وأغفى أهلها إلّا وشاة

إذا نام الحوادث لا تنام

وما أخفاه (٧) بين القوم إلّا

ضنى ولربما (٨) نفع السّقام

فنال بها على قدر مناه

وبين القبض والبسط القوام

وأشهى الوصل ما كان اختلاسا

وخير الحبّ ما فيه اختتام

وما أحلى الوصال لو أنّ شيئا

من الدّنيا للذّته دوام

بكيت من الفراق بغير أرضي

وقد يبكي الغريب المستهام

أعاذلتي ، وقد فارقت إلفي

أمثلي في صبابته يلام؟

أأفقده فلا أبكي عليه؟

يكون أرقّ من قلبي الحمام

أأنساه فأحسبه كصبري

وهل ينسى لمحبوب ذمام؟

__________________

(١) الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٧).

(٢) في الذيل والتكملة : «ابن الجد التونسي».

(٣) في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٧): «الكافي».

(٤) سيرد من هذه القصيدة بعد قليل ستة أبيات.

(٥) بعض أبيات هذه القصيدة في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٩).

(٦) في الأصل : «والغرام» ، وكذا ينكسر الوزن.

(٧) في الأصل : «أخفا» وكذا ينكسر الوزن.

(٨) في الأصل : «وربما» ، وكذا ينكسر الوزن.

٢٧٦

رويدا ، إنّ بعض اللّوم لوم

ومثلي لا ينهنهه الملام

ويوم نوى وضعت الكفّ فيه

على قلب يطير به الهيام

ولو لا أن سفحت به جفونا

تفيض دما لأحرقها الضّرام (١)

وليل بتّه (٢) كالدّهر طولا

تنكّر لي وعرّفه التّمام

كأنّ سماءه (٣) زهر (٤) تجلّى

بزهر الزّهر والشّرق (٥) الكمام

كأنّ البدر تحت الغيم وجه

عليه من ملاحته لثام

كأنّ الكوكب الدّرّي كأس

وقد رقّ الزّجاجة والمدام

كأنّ سطور أفلاك الدّراري

قسيّ والرّجوم لها سهام

كأنّ مدار قطب بنات نعش

نديّ والنجوم به ندام

كأنّ بناته الكبرى جوار

جوار والسّهى فيها غلام

كأنّ بناته الصّغرى جمان

على لبّاتها منها (٦) نظام

كواكب بتّ أرعاهنّ حتى

كأنّي عاشق وهي الذّمام

إلى أن مزّقت كفّ الثّريّا

جيوب الأفق وانجاب الظلام

فما خلت انصداع الفجر إلّا

قرابا ينتضى منه حسام

وما شبّهت وجه الشمس إلّا

لوجهك (٧) أيها الملك الهمام

وإن شبّهته بالبدر يوما

فللبدر الملاحة والتّمام

تهلّل منه حسن الدهر حتى

كأنّك في محيّاه ابتسام

وعرف ما تنكّر من معال

كأنّك لاسمها ألف ولام

وملء العين منك جلال مولى

صنائعه كغرّته وسام

إذا ما قيل في يده غمام

فقد بخست وقد خدع الغمام

وحشو الدّرع أروع غالبيّ

يراع بذكره الجيش اللهام

إذا ما سلّ سيف العزم يوما

على أمر فسلّم يا سلام

__________________

(١) الأبيات التي تلي هذا البيت وعددها ثلاثة عشر ، في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٩).

(٢) في الذيل والتكملة : «صبابة».

(٣) في الأصل : «سماه» ، وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدر السابق.

(٤) في الذيل والتكملة : «روض».

(٥) في الأصل : «والشوق» والتصويب من الذيل والتكملة.

(٦) في الذيل والتكملة : «منه».

(٧) في الأصل : «بوجهك» والتصويب من الذيل والتكملة.

٢٧٧

تناهى مجده كرما وبأسا

فما يدري أمحيا أم حمام

نمّته للمكارم والمعالي

سراة من بني نصر كرام

هم الأنصار هم نصروا وآووا

ولو لا المسك ما طاب الختام

وهم قادوا الجيوش لكلّ فتح

ولو لا الجدّ ما قطع الحسام

وهم منحوا الجزيرة من حماهم

جوارا لا يذمّ ولا يضام

فمن حرب تشيب له النّواصي

وسلم تحيّته سلام

بسعدك ، يا محمد ، عزّ دين

له بعد (١) الإله بك اعتصام

وباسمك تمّ للإسلام سلم

وغبّ السّلم نصر مستدام

وكان مرامه صعبا ولكن

بحمد الله قد سهل المرام

أدام الله أمرك من أمير

ففيه لكل مكرمة دوام

وأنت العروة الوثقى تماما

وما للعروة الوثقى انفصام

وروح أنت والجسم المعالي

ومعنى أنت واللّفظ (٢) الأنام

إذا ما ضاقت الدنيا بحرّ

كفاه لثم كفّك والسلام

ومن شعره أيضا : [الطويل]

أواصلتي يوما وهاجرتي ألفا

وصالك ما أحلى وهجرك ما أجفا!

ومن عجب للطّيف أن جاء واهتدى

فعاد عليلا عاد كالطّيف أم أخفى

فيا سائرا ، لولا التخيّل ما سرى

ويا شاهدا ، لو لا التعلّل ما أغفى

ألمّ فأحياني وولّى فراعني

ولم أر أجفى منك طبعا ولا أشفى

بعيني شكواي للغرام وتيهه

إلى أن تثنّى عطفه فانثنى عطفا

فعانقته شوقا وقبّلته هوى

ولا قبلة تكفي ولا لوعة تطفا

ومن نزعاته العجيبة قوله ، وقد سبق إلى غرضه غيره : [البسيط]

يا طلعة الشمس إلّا أنه قمر

أمّا هواك فلا يبقي ولا يذر

كيف التخلّص من عينيك لي ومتى

وفيهما القاتلان الغنج والحور

وكيف يسلي فؤادى عن صبابته

ولو نهى النّاهيان الشّيب والكبر

أنت المنى والمنايا فيك قد جمعت

وعندك الحالتان النّفع والضّرر

__________________

(١) في الأصل : «بعده» ، وكذا ينكسر الوزن ، ولا معنى له.

(٢) في الأصل : «وللّفظ» ، وكذا لا يستقيم الوزن ، ولا معنى له.

٢٧٨

ولي من الشّوق ما لا دواء له

ومنك لي الشّافيان القرب والنّظر

وفي وصالك ما أبقي به رمقي

لو ساعد المسعدان الذّكر والقدر

وكان طيف خيال منك يقنعني

لو يذهب المانعان الدّمع والسّهر

يا نابيا ، لم يكن إلّا ليملكني

من بعده المهلكان الغمّ والغير

ما غبت إلّا وغاب الجنس أجمعه

واستوحش المؤنسان السّمع والبصر

بما تكنّ ضلوعي في هواك بمن

يعنو له السّاجدان النّجم والشجر

أدرك بقيّة نفس لست مدركها

إذا مضى الهاديان العين والأثر

ودلّ حيرة مهجور بلا سبب

يبكي له القاسيان الدّهر والحجر

وإن أبيت فلي من ليس يسلمني

إذا نبا المذهبان الورد والصّدر

مؤيّدا لملك بالآراء يحكمها

في ضمنها المبهجان اليمن والظّفر

من كالأمير أبي عبد الإله إذا ما

خانت القدمان البيض والسّمر

الواهب الخيل آلافا وفارسها

إذا استوى المهطعان الصّرّ والصّبر

والمشبه اللّيث في بأس وفي خطر

ونعمت الحليتان البأس والخفر

تأمّن الناس في أيامه ومشوا

كما مشى الصّاحبان الشاة والنّمر

وزال ما كان من خوف ومن حذر

فما يرى الدّايلان الخوف والحذر

رأيت منه الذي كنت أسمعه

وحبّذا الطّيّبان الخبر والخبر

ما شئت من شيم عليا ومن شيم

كأنها الرّائقان الظّلّ والزّهر

وما أردت من إحسان ومن كرم

ينسى به الأجودان البحر والمطر

وغرّة يتلألأ من سماحتها

كأنها النّهران الشمس والقمر

إيه ، فلو لا دواع من محبّته

لم يسهل الأصعبان البين والخطر

نأيت عنه اضطرارا ثم عدت له

كما اقتضى المبرمان الحلّ والسّفر

فإن قضى الله أن يقضي به أملي

فحسبي المحسبان الظّلّ والثّمر

ولست أبعد إذ والحال متّسع

أن يبلغ الغائبان السّؤل والوطر

ومن شعره في أغراض متعددة ، قال في الليل والسّهر : [مجزوء السريع]

أطال ليلي الكمد

فالدهر عندي سرمد

وما أظنّ أنه

ليلة الهجر غد

يا نائما عن لوعتي

عوفيت ممّا أجد

ارقد هنيّا إنّني

لا أستطيع أرقد

لواعج ما تنطفي

وأدمع تضطرد

٢٧٩

وكبدي كبد الهوى

وأين منّي الكبد؟

ولا تسل عن جلدي

والله ما لي جلد

ومن شعره أيضا في المقطوعات : [السريع]

وليلة قصّر من طولها

بزورة من رشا نافر

استوفر الدهر بها غالطا

فأدغم الأوّل والآخر

وقال من قصيدة مغربة في الإحسان (١) : [السريع]

وليلة نبّهت أجفانها

والفجر قد فجّر نهر النهار

والليل كالمهزوم يوم (٢) الوغا

والشّهب مثل الشّهب (٣) عند الفرار

كأنما استخفى السّها خيفة

وطولب النّجم بثأر فثار

لذاك ما شابت نواصي الدّجى

وطارح النّسر أخاه فطار

وفي الثّريّا قمر سافر

عن غرّة غيّر منها الشّفار (٤)

كأنّ عنقودا بها ماثل (٥)

إذ صار كالعرجون عند السّرار

كأنها تسبك ديناره

وكفّها تفتل منه سوار (٦)

كأنما الظّلماء مظلومة

تحكّم الفجر عليها فجار

كأنما الصّبح لمشتاقه

إقبال دنيا (٧) بعد ذلّ افتقار

كأنما الشمس وقد أشرقت

وجه أبي عبد الإله استنار

وفي وصف البحر والأنهار وما في معنى ذلك : [البسيط]

البحر أعظم مما أنت تحسبه

من لم ير البحر يوما ما رأى عجبا

طام له حبب طاف على زورق

مثل السماء إذا ما ملئت شهبا

وقال في وصف نهر : [الطويل]

وأزرق محفوف بزهر كأنّه

نجوم بأكناف المجرّة تزهر

يسيل على مثل الجمان مسلسلا

كما سلّ عن غمد حسام مجوهر

__________________

(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٦ ص ٢٤٦).

(٢) في الأصل : «في يوم» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(٣) الشهب : جمع أشهب وهو الجواد الذي يخالط بياضه سواد. لسان العرب (شهب).

(٤) في النفح : «السفار».

(٥) في النفح : «... عنقودا تثنّى به».

(٦) في النفح : «السوار».

(٧) في النفح : «عزّ غنى من بعد ...».

٢٨٠