الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]

الإحاطة في أخبار غرناطة - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]


المحقق: الدكتور يوسف علي طويل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3319-5

الصفحات: ٤٥٦

مشيخته : قال الغافقي : قرأ بمالقة على الأستاذ أبي زيد السّهيلي ، رحمه الله.

وفاته : وتوفي بغرناطة سنة سبع وستمائة ، ودفن بداره بجهة قنطرة القاضي منها على ضفة الوادي.

محمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد

ابن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سعيد

ابن عمار بن ياسر (١)

أوليّته : قد وقع التّنبيه عليها ويقع بحول الله.

حاله : كان (٢) وزيرا جليلا بعيد الصّيت ، عالي الذكر ، رفيع الهمّة ، كثير الأمل (٣).

نباهته : ذكره (٤) ابن صاحب الصلاة في تاريخه في الموحدين ، فنبّه على مكانة محمد بن عبد الملك منهم في الرأي والحظوة ، والأخذ عنه في أمور الأندلس (٥) ، وأثنى عليه. وذكره أبو زيد السّهيلي في «شرح السّيرة الكريمة» (٦) ، حتى انتهى إلى حديث كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الموجه إلى هرقل ، وأن محمد بن عبد الملك عاينه عند أذفونش ، مكرّما ، مفتخرا به. والقضية (٧) مشهورة. وأما محلّه من أمداح الشعراء ، فهو الذي مدحه الأديب أبو عبد الله الرّصافي بقوله (٨) : [الكامل]

أيدا (٩) تفيض وخاطرا متوقّدا؟

دعها تبت قبسا على علم الندى

وفيه يقول أبو عبد الله بن شرف من قصيدة : [البسيط]

يا رحمة الله للرّاجي ونقمته

لكل باغ طغى عن خيرة الرّسل

__________________

(١) ترجمة محمد بن عبد الملك في المغرب (ج ٢ ص ١٦٢) وفيه يكنى : أبا عبد الله ، ونفح الطيب (ج ٣ ص ٩٦). وذكره ابن صاحب الصلاة في تاريخ المن بالإمامة (ص ٢٥١ ـ ٢٥٢) ، مع أخيه عبد الرحمن ، وقال : كان لهما مشاركة في بناء المسجد الجامع بإشبيلية وصومعته الشهيرة.

(٢) النص في نفح الطيب (ج ٣ ص ٩٦).

(٣) في النفح : «كثير الأموال».

(٤) قارن أيضا بنفح الطيب (ج ٣ ص ٩٦).

(٥) في النفح : «أمور الناس».

(٦) في النفح : «الشريفة». و «شرح السيرة الكريمة» هو كتاب «الروض الأنف».

(٧) في النفح : «والقصة».

(٨) البيت مطلع قصيدة من ٣٢ بيتا ، وهو في ديوان الرصافي البلنسي (ص ٦٢).

(٩) في الأصل : «أبدا». وفي النفح : «ذهنا يفيض وخاطرا متوقدا ما ذا عسى يثنى على علم الندى».

١٦١

لم تبق منهم كفورا دون مرقبة

مطالعا منك حتفا غير منفصل

كما بزاتك لم تترك بأرضهم

وحشا يفرّ ولا طيرا بلا وجل

وكان كثير الصّيد ، ومتردّد الغارات.

مناقبه في الدين : قالوا : لما أنشده أبو عبد الله الرّصافي في القصيدة التي مطلعها (١) : [الكامل]

لمحلّك التّرفيع والتّعظيم

ولوجهك التّقديس والتّكريم

حلف ألّا يسمعها ، وقال : عليّ جائزتك ، لكنّ طباعي لا تحتمل مثل هذا ، فقال الرّصافي : ومن مثلك؟ ومن يستحق ذلك في الوقت غيرك؟ فقال له : دعني من خداعك أنا وما أعلمه عن نفسي.

شعره : أنشده صاحب «الطالع» (٢) ، ولا يذكر له غيره (٣) : [الطويل]

فلا تظهرن ما كان في الصّدر كامنا

ولا تركبن بالغيظ في مركب وعر

ولا تبحثن في عذر من جاء تائبا

فليس كريما من يباحث في عذر (٤)

وولي من الأعمال للموحدين كثيرا ، كمختص حضرة مراكش ، ودار السلاح ، وسلا ، وإشبيلية ، وغرناطة ، واتصلت ولايته على أعمال غرناطة ، وكان من شيوخها وأعيانها.

محنته : وعمل فيه عقد بأن بداره من أصناف الحلى ، ما لا يكون إلا عند الملوك ، وأنه إذا ركب في صلاة الصبح ، من دار الرّخام التي يجري الماء فيها ، في اثني عشر مكانا ، شوّش الناس في الصلاة ، دويّ الجلاجل بالبزاة ، ومناداة الصيادين ، ونباح الكلاب ، فأمر المنصور بالقبض عليه ، وعلى ابن عمّه ، صاحب أعمال إفريقية ، أبي الحسين ، في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. ثم رضي عنهما ، وأمر محمد بن عبد الملك أن يكتب بخطه كلّ ما أخذ له ، فصرفه عليه ، ولم ينقصه منه شيء ، وغرم ما فات له.

__________________

(١) البيت مطلع قصيدة من ٣٢ بيتا في مدح أبي جعفر الوقشي ، وزير ابن همشك ، وهو في ديوان الرصافي البلنسي (ص ١٣١) والمغرب (ج ٢ ص ٣٤٣) ونفح الطيب (ج ٣ ص ٩٧).

(٢) هو كتاب «الطالع السعيد ، في تاريخ بني سعيد» ، لأبي الحسن علي بن سعيد الأندلسي ، صاحب كتاب المغرب في حلى المغرب.

(٣) البيتان في المغرب (ج ٢ ص ١٦٢) ونفح الطيب (ج ٣ ص ٩٧).

(٤) في المصدرين : «في العذر».

١٦٢

ولد سنة أربع عشرة (١) وخمسمائة ، وتوفي بغرناطة سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

محمد بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله

ابن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن عمار

ابن ياسر العنسي (٢)

يكنى أبا بكر ، وقد تقدّم التّعريف بأوليته.

حاله : قال في «الطالع» : ساد في دولة الملثّمين (٣) ، وولّوه بغرناطة الأعمال ، وكانت له دار الرّخام المشهورة بإزاء الجامع الأعظم بغرناطة. قال الغافقي فيه : شيخ جليل ، فقيه نبيه من أهل قلعة يحصب (٤). كان في عداد الفقهاء ، ثم نزع إلى العمل ، وولّي إشراف غرناطة في إمارة أبي سعيد الميمون بن بدر اللمتوني. وقال صاحب «المسهب» (٥) : وحسب القلعة كون هذا الفاضل الكامل (٦) منها ، وقد رقم برد مجده بالأدب ، ونال منه بالاجتهاد والسجيّة القابلة أعلى سبب ، وله من المكارم ما يغيّر في وجه كعب وحاتم ، لذلك ما قصدته الأدباء ، وتهافتت في مدحه الشعراء ، وفيه أقول : [الطويل]

وكان أبو بكر من الكفر عصمة

وردّ به الله الغواة إلى الحقّ

وقام بأمر الله حافظ أهله

بلين وسبط في المبرّة والخلق

وهذا أبو بكر سليل ابن ياسر

بغرناطة ناغاه في الرّأي والصّدق

فهذا لنا بالغرب يجني معالما

تباهي الذي أحيا الدّيانة بالشّرق

وقد جرى من ذكره عند ذكر أبي بكر بن قزمان ، ويجري عند ذكر نزهون بنت القلاعي ما فيه كفاية ، إذ كان مفتونا بها ، وبحمدة وزينب ، بنتي زياد المؤدّب من أهل وادي آش ، وفيهما يقول : [المجتث]

ما بين زينب عمري

أحثّ كأسي وحمده

__________________

(١) في الأصل : «عشر» وهو خطأ نحوي.

(٢) ترجمة أبي بكر محمد بن سعيد في المغرب (ج ٢ ص ١٦٣) ورايات المبرزين (ص ١٦٠) ونفح الطيب (ج ٤ ص ٥٢) وتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٦٠).

(٣) الملثمون هم المرابطون ، وقد حكموا الأندلس من سنة ٤٨٣ إلى سنة ٥٤٢ ه‍.

(٤) قلعة يحصب : بالإسبانيةalcala la real ، أي القلعة الملكية ، وتنسب إلى قبيلة يحصب ، وتعرف أيضا بقلعة أيوب ، وقلعة بني سعيد ، وتبعد عن غرناطة ثلاثين ميلا. مملكة غرناطة (ص ٦٢).

(٥) النص في المغرب (ج ٢ ص ١٦٣).

(٦) كلمة «الكامل» غير واردة في المغرب.

١٦٣

وكل نظم ونثر

وحكمة مستجدّة

وليس إلّا عفاف

يبلّغ المرء قصده

ولذلك ما سعى به المخزومي الأعمى ، وقد سها عن رسم تفقّده ، فكتب إلى عليّ بن يوسف (١) في شأنه بما كان سبب عزله ونكبته : [الطويل]

إليك ، أمير المؤمنين ، نصيحة

يجوز بها البحر المجعجع شاعر

بغرناطة ولّيت في الناس عاملا

ولكن بما تحويه منه المآزر

وأنت أما (٢) تخفى عليك خفيّة؟

فسل أهلها فالأمر للناس ظاهر

وما لإلاه العرش تفنيه حمدة

وزينب والكأس الذي هو دائر

شعره : من ذلك قوله (٣) : [المجتث]

يا هذه ، لا ترومي

خداع من ضاق ذرعه

تبكي وقد قتلتني

كالسّيف يقطر دمعه

وقال عفى الله عنه (٤) : [الطويل]

لقد صدعت قلبي حمامة أيكة (٥)

أثارت غراما ما أجلّ وأكرما

ورقّ نسيم الرّيح من نحو أرضكم

ولطّف حتى كاد أن يتكلّما

وقال في مذهب الفخر (٦) : [الخفيف]

فخرنا بالحديث بعد القديم

من معال توارثت (٧) كالنجوم

نحن في الحرب أجبل راسيات

ولنا في النّدي لطف النّسيم

ولادته : ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة ، وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

ومن الطارئين في هذا الاسم من العمال

محمد بن أحمد بن المتأهّل العبدري (٨)

من أهل وادي آش ، يكنى أبا عبد الله.

__________________

(١) هو علي بن يوسف بن تاشفين المرابطين ، وقد حكم المغرب والأندلس من سنة ٥٠٠ ه‍ إلى سنة ٥٣٧ ه‍.

(٢) في الأصل : «ما» وكذا ينكسر الوزن.

(٣) البيتان في المغرب (ج ٢ ص ١٦٣).

(٤) البيتان في المغرب (ج ٢ ص ١٦٣).

(٥) في المغرب : «بانة».

(٦) البيتان في المغرب (ج ٢ ص ١٦٣).

(٧) في المغرب : «تواترت».

(٨) ترجمة العبدري في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٩٩) وجاء فيه «العذري» بدل «العبدري».

١٦٤

حاله : كان رجلا شديد الأدمة ، أعين ، كثّ اللحية ، طرفا في الأمانة ، شديد الاسترابة بجليسه ، مخينا لرفيقه ، سيىء الظنّ بصديقه ، قليل المداخلة ، كثير الانقباض ، مختصر الملبس والمطعم ، عظيم المحافظة على النّفير والقطمير ، مستوعب للحصر والتّقييد ، أسير محيي وعابد زمام ، وجنيب أمانة ، وحلس سقيفة ، ورقيب مشرف ، لا يقبل هوادة ، ولا يلابس رشوة ، كثير الالتفات ، متفقّدا للآلة ، متمما للعمل.

جرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بسبب شعر خامل نسب إليه بما نصه (١) : رجل غليظ (٢) الحاشية ، معدود في جنس السائمة والماشية ، تليت على العمال به سورة الغاشية ، ولي (٣) الأشغال السلطانية ، فذعرت الجباة لولايته ، وأيقنوا (٤) بقيام قيامتهم لطلوع آيته ، وقنطوا كلّ القنوط ، وقالوا : جاءت الدّابّة تكلّمنا وهي إحدى الشروط ، من رجل صائم الحسوة (٥) ، بعيد عن (٦) المصانعة والرّشوة ، يتجنّب الناس ، ويقول عند المخالطة (٧) لهم : لا مساس ، عهدي به في الأعمال يخبط ويتبر (٨) ، وهو (٩) يهلّل ويكبّر ، ويحسّن (١٠) ويقبّح ، وهو يسبّح ، انتهى. قلت : وولّي الأشغال السلطانية ، فضمّ النّشر ، وأوصد باب الحيلة ، وبثّ أسباب الضّياع ، وترصّد ليلا وأصيب بجراحة أخطأته ، ثم عاجلته الوفاة ، فنفّس عن أقتاله المخنّق.

شعره : قال يخاطب بعض أثراء الدّولة قبل نباهته (١١) : [الطويل]

عمادي ، ملاذي ، موئلي ، ومؤمّلي

ألا أنعم بما ترضاه للمتأهّل

وحقّق بنيل القصد منك رجاءه

على نحو ما يرضيك يا ذا التّفضّل

فأنت الذي في العلم يعرف قدره

بخير زمان فيه لا زلت تعتلي (١٢)

فهنّيت يا مغنى (١٣) الكمال برتبة

تقرّ لكم بالسّبق في كلّ محفل

__________________

(١) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٥٤).

(٢) في النفح : «كثيف».

(٣) في النفح : «تولّى».

(٤) في النفح : «وقامت قيامتهم لطلوع ...».

(٥) في النفح : «الحشوة».

(٦) في النفح : «من».

(٧) في النفح : «عند المخاطبة : لا ...».

(٨) في النفح : «في الأعمال يقدّر فيها ويدبّر ، ويرجّح ويعبّر ، ويحبط ويتبّر».

(٩) في النفح : «وهو مع ذلك يكبّر».

(١٠) في النفح : «ويحسّن من الأزمنة ويقبّح».

(١١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٨ ص ٤٠٠).

(١٢) في الأصل : «منه لا زلت فيه تعتل» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.

(١٣) في النفح : «معنى».

١٦٥

وفاته : توفي عام ثلاثة وأربعين (١) بغرناطة أو قبل ذلك بيسير ، وله خط حسن ، وممارسة في الطب ، وقد توسّط المعترك.

محمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد البلوي (٢)

من أهل ألمريّة ، يكنى أبا بكر.

أوليته : من كتاب «المؤتمن» (٣) قال : يشهر بنسبه وأصل سلفه من جهة بيرة ، إما من بجّانة (٤) ، وإما من البريج (٥) ، واستوعب سبب انتقالهم.

حاله : من «عائد الصلة» : كان أحد الشيوخ من طبقته ، وصدر الوزراء من نمطه ببلده ، سراوة وسماحة ، ومبرّة وأدبا ولوذعيّة ودعابة ، رافع راية الانطباع ، وحائز قصب السبق في ميدان التّخلّق ، مبذول البرّ ، شائع المشاركة.

وقال في «المؤتمن» : كان رجلا عاقلا ، عارفا بأقوال الناس ، حافظا لمراتبهم ، منزلا لهم منازلهم ، ساعيا في حوائجهم ، لا يصدرون عنه إلّا عن رضى بجميل مداراته. التفت إلى نفسه ، فلم ينس نصيبه من الذّلّ ، ولا أغفل من كان يألفه في المنزل الخشن ، واصلا لرحمه ، حاملا لوطأة من يجفوه منهم ، في ماله حظّ للمساكين ، وفي جاهه رفد للمضطرّين ، شيخا ذكيّ المجالسة ، تستطيب معاملته ، على يقين أنه يخفي خلاف ما يظهر ، من الرجال الذين يصلحون الدّنيا ، ولا يعلق بهم أهل الآخرة ، لعروه عن النّخوة والبطر ، رحمه الله. تكرّرت له الولاية بالديوان غير ما مرّة ، وورد على غرناطة ، وافدا ومادحا ومعزّيا.

مشيخته وما صدر عنه : قرأ على ابن عبد النّور ، وتأدّب به ، وتلا على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص أيام قضائه ببسطة ، ونظم رجزا في الفرائض.

__________________

(١) في النفح : (ج ٨ ص ٤٠٠): «توفي عام ثلاثة وأربعين وسبعمائة».

(٢) نسبة إلى دار بليّ بقرطبة ، وهو بليّ بن عمرو بن قضاعة ، وقبيلة بلي عربية كانت تسكن بشمالي قرطبة ، ولم تكن في أيام ابن حزم تحسن التحدث باللطينية. جمهرة أنساب العرب (ص ٤٤٣).

(٣) هو «المؤتمن على أنباء أبناء الزمن» لأبي البركات محمد بن محمد بن عياش البلفيقي. وقد تقدم اسم الكتاب كاملا في الجزء الثاني من الإحاطة في ترجمة ابن البركات.

(٤) بجّانة : بالإسبانيةpechina ، وهي مدينة بالأندلس مشهورة بحمّتها العجيبة ، وتبعد عن ألمرية خمسة أميال. الروض المعطار (ص ٧٩).

(٥) البريج : بلدة قريبة من بجاية ، تابعة للمرية.

١٦٦

شعره : قال الشيخ (١) في «المؤتمن» : كانت له مشاركة في نظم الشعر الوسط ، وكان شعر تلك الحلبة الآخذة عن ابن عبد النور ، كأنه مصوغ من شعر شيخهم المذكور ، ومحذوّ عليه ، في ضعف المعاني ، ومهنة الألفاظ. تنظر إلى شعره ، وشعر عبد الله بن الصّائغ ، وشعر ابن شعبة ، وابن رشيد ، وابن عبيد ، فتقول : ذرّية بعضها من بعض.

فمن ذلك ما نظمه في ليلة سماع واجتماع بسبب قدوم أخيه أبي الحسن من الحجاز : [الطويل]

إلهي ، أجرني إنني لك تائب

وإنّي من ذنبي إليك لهارب

عصيتك جهلا ثم جئتك نادما

مقرّا وقد سدّت عليّ المذاهب

مضى زمن بي في البطالة لاهيا

شبابي قد ولّى وعمري ذاهب

فخذ بيدي واقبل بفضلك توبتي

وحقّق رجائي في الذي أنا راغب

أخاف على نفسي ذنوبا جنيتها

وحاشاك أن أشقى وأنت المحاسب

وإني لأخشى في القيامة موقفا

ويوما عظيما أنت فيه المطالب

وقد وضع الميزان بالقسط حاكما

وجاء شهيد عند ذاك وكاتب

وطاشت عقول الخلق واشتدّ خوفهم

وفرّ عن الإنسان خلّ وصاحب

فما ثمّ من يرجى سواك تفضّلا

وإن الذي يرجو سواك لخائب

ومن ذا الذي يعطي إذا أنت لم تجد؟

ومن هو ذو منع إذا أنت واهب؟

عبيدك ، يا مولاي ، يدعوك رغبة

وما زلت غفّارا لمن هو تائب

دعوتك مضطرا وعفوك واسع

فأنت المجازي لي وأنت المعاقب

فهب لي من رحماك ما قد رجوته

وبالجود يا مولاي ترجى المواهب

توسّلت بالمختار من آل هاشم

ومن نحوه قصدا تحثّ الرّكائب

شفيع الورى يوم القيامة جاهه

ومنقذ من في النار والحقّ واجب

ومما بلغ فيه أقصى مبالغ الإجادة ، قوله من قصيدة هنّأ فيها سلطاننا أبا الحجاج بن نصر (٢) ، لما وفد هو وجملة أعيان البلاد أولها : [الكامل]

يهني الخلافة فتّحت لك بابها

فادخل على اسم الله يمنا غابها

__________________

(١) هو أبو البركات محمد بن محمد بن عياش البلفيقي.

(٢) هو أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل ، سابع سلاطين بني نصر ، وقد حكم من سنة ٧٣٣ ه‍ إلى سنة ٧٥٥ ه‍. اللمحة البدرية (ص ١٠٢).

١٦٧

منها ، وهو بديع ، استظرف يومئذ :

يا يوسفيّا باسمه وبوجهه

اصعد لمنبرها وصن محرابها

في الأرض مكّنك الإله كيوسف

ولتملكنّ بربها أربابها

بلغت بكم آرابها من بعد ما

قالت لذلك نسوة ما رابها

كانت تراود كفوها حتى إذا

ظفرت بيوسف غلّقت أبوابها

قلت (١) : ما ذكره المؤلف ابن الخطيب ، رحمه الله ، في هذا المترجم به ، من أنه ينظم الشعر الوسط ، ظهر خلافه ، لذا أثبت له هذه المقطوعة الأخيرة. ولقد أبدع فيها وأتى بأقصى مبالغ الإجادة كما قال ، وحاز بها نمطا أعلى مما وصفه به. وأما القصيدة الأولى ، فلا خفاء أنها سهل المأخذ ، قريبة المنزع ، بعيدة من الجزالة ، ولعلّ ذلك كان مقصودا من ناظمها رحمه الله.

وفاته : توفي ببلده عن سنّ عالية في شهر ربيع الآخر عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة.

ورثاه شيخنا أبو بكر بن شبرين ، رحمه الله ، بقوله : [البسيط]

يا عين ، سحّي بدمع واكف سرب

لحامل الفضل والأخلاق والأدب

بكيت ، إذ ذكر الموتى ، على رجل

إلى بليّ (٢) من الأحياء منتسب

على الفقيه أبي بكر تضمّنه

رمس وأعمل سيرا ثم لم يؤب

قد كان بي منه ودّ طاب مشرعه

ما كان عن رغب كلّا ولا رهب

لكن ولاء (٣) على الرحمن محتسبا

في طاعة الله لم يمذق ولم يشب

فاليوم أصبح في الأجداث مرتهنا

ما ضرّت الريح أملودا من الغضب

إنّا إلى الله من فقد الأحبّة ما

أشدّ لذعا لقلب الثّاكل الوصب

من للفضائل يسديها ويلحمها؟

من للعلى بين موروث ومكتسب؟

قل فيه ما (٤) تصف ركنا لمنتبذ

روض ، لمنتجع أنس ، لمغترب؟

باق على العهد لا تثنيه ثانية

عن المكارم في ورد ولا قرب

سهل الخليقة بادي البشر منبسط

يلقى الغريب بوجه الوالد الحدب

__________________

(١) القول هنا للناسخ كما يتضح من السياق.

(٢) هو بليّ بن عمرو بن قضاعة ، وقد تقدم الحديث عنه قبل قليل.

(٣) في الأصل : «ولا» وكذا لا يستقيم الوزن.

(٤) في الأصل : «أما» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

١٦٨

كم غيّر الدهر من حال فقلّبها

وحال إخلاصه ممتدّة الطّنب

سامي المكانة معروف تقدّمه

وقدره في ذوي الأقدار والرّتب

أكرم به من سجايا كان يحملها

وكلّها حسن تنبيك عن حسب

ما كان إلّا من الناس الألى درجوا

عقلا وحلما وجودا هامي السّحب

أمسى ضجيع الثّرى في جنب بلقعة

لكن محامده تبقى على الحقب

ليست صبابة نفسي بعده عجبا

وإنما صبرها من أعجب العجب

أجاب دمعي إذ نادى النعيّ به

لو غير منعاه نادى الدمع لم يجب

ما أغفل المرء عمّا قد أريد به

في كل يوم تناديه الرّدى اقترب

يا ويح نفسي أنفاس (١) مضت هدرا

بين البطالة والتّسويف واللّعب

ظننت أنّي بالأيام ذو هزء

غلطت بل كانت الأيام تهزأ بي

أشكو إلى الله فقري من معاملة

لله أنجو بها في موقف العطب

ما المال إلّا من الله فأفلح من (٢)

جاء القيامة ذا مال وذا نشب

اسمع (٣) أبا بكر الأرضى نداء أخ

باك عليك مدى الأيام مكتئب

أهلا بقدمتك الميمون ظاهرها

على محل الرّضى والسّهل والرّحب

نم في الكرامة فالأسباب وافرة

وربما نيلت الحسنى بلا سبب

لله لله والآجال قاطعة

ما بيننا من خطابات ومن خطب

ومن فرائد آداب يحبّرها

فيودع الشّهب أفلاكا من الكتب

أما الحياة فقد ملّيت مدّتها

فعوّض الله منها خير منقلب

لو لا قواطع لي أشراكها نصبت

لزرت قبرك لا أشكو من النّصب

وقلّ ما شفيت نفس بزورة من

حلّ البقيع ولكن جهد ذي أرب

يا نخبة ضمّها ترب ولا عجب

إن التراب قديما مدفن النّخب

كيف السبيل إلى اللّقيا وقد ضربوا

بيني وبينك ما بقي من الحجب؟

عليك مني سلام الله يتبعه

حسن الثّناء (٤) وما حيّيت من كثب

__________________

(١) في الأصل : «الأنفاس» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٢) في الأصل : «ما المال إلّا من الله قوى فأفلح من» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.

(٣) كلمة «اسمع» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها ليستقيم الوزن والمعنى معا.

(٤) في الأصل : «الثنا» وكذا ينكسر الوزن.

١٦٩

محمد بن محمد بن شعبة الغسّاني (١)

من أهل ألمريّة ، يكنى أبا عبد الله.

حاله : قال شيخنا أبو البركات في الكتاب «المؤتمن» : من أهل ألمريّة ووجوهها ، لا حظّ له في الأدب ، وبضاعته في الطلب مزجاة. قطع عمره في الأشغال المخزنيّة ، وهو على ذلك حتى الآن. قلت : هذا الرجل أحد فرسان الطريقة العمليّة ، ماض على لين ، متحرك في سكون ، كاسد سوق المروءة ، ضان بما يملك من جدة ، منحطّ في هوّة اللّذة ، غير معرج على ربع الهمّة ، لطيف التّأنّي ، متنزّل في المعاملة ، دمث الأخلاق ، مليح العمل ، صحيح الحساب ، منجب الولد.

مشيخته : قرأ على ابن عبد النّور ، والقدر الذي يحسّ به عنه أخذه.

شعره : من شعره يخاطب أبا الحسن بن كماشة : [البسيط]

وافى البشير فوافى الأنس والجذل

وأقبل السّعد والتوفيق والأمل

وراقت الأرض حسنا زاهرا وسنى

واخضرّ (٢) منها الرّبى والسّهل والجبل

ولاح وجه عليّ بعد ذا فغدا

له شعاع كضوء الشّمس متّصل

مذ غاب أظلمت الدنيا لنا وغدت

أحشاؤنا بلهيب الشّوق تشتعل

وحين أشرقت الدّنيا بغرّته

عاد الظّلام ضياء وانتفى الخبل

إيه أبا حسن أنت الرجاء لنا

مهما اعترت شدّة أو ضاقت الحيل

وأنت كهف منيع من نحاك فقد

نال المنى وبدا عيش له خضل

يا سيدا قد غدا في المجد ذا رتب

مشيدة قد بنتها السّادة الأول

بنو كماشة أهل الفضل قد شهروا

باهت بهم في قديم الأعصر الدّول

السّالكون هدى السابقون مدى

والباذلون ندى والناس قد بخلوا

أنت الأخير زمانا والقديم علا

والسّيّد المرتجى والفارس البطل

إن كنت جئت أخيرا فارسا (٣) فلقد

أضحى بجود يديك يضرب المثل

حزت المآثر لا تحصى لكثرتها

من رام إحصاءها سدّت له السّبل

جزت البدور سنى والفرقدين علا

وأنت تجر النّدى والوابل الهطل

__________________

(١) ترجمة محمد بن محمد بن شعبة في الكتيبة الكامنة (ص ١١٦).

(٢) في الأصل : «واخضرّت» وكذا لا يستقيم الوزن.

(٣) كلمة «فارسا» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها ليستقيم الوزن والمعنى معا.

١٧٠

من جاء يطلب منك السّلم قابله

وجه طليق ولفظ كلّه عسل

ومن يرد غير ذا تبّا له وردى

لقد ترفّع في برج له زحل

هنّاك ربّك ما أولاك من نعم

وعشت في عزّة تترى وتتّصل

ولا عدمت مدى الأيام منزلة

من دونها رفعة في الأبرج الحمل

وخذه بعد سلاما عاطرا أرجا

يدوم ما دامت الأسحار والأصل

من خادم لعلاكم مخلص لكم

من حبّكم لا يرى ما عاش ينتقل

تقبيل كفّك أعلى ما يؤمّله

فجد به فشفا الهائم القبل

وفاته : في أول عام أربعة وستين وسبعمائة.

محمد بن محمد بن العراقي (١)

وادي آشي ، يكنى أبا عبد الله.

حاله : فاضل (٢) الأبوة ، معروف الصّون والعفّة ، بادي الاستقامة ، دمث (٣) الأخلاق ، حسن الأدوات ، ينظم وينثر ، ويجيد الخطّ ، تولّى أعمالا نبيهة ، ثم علقت به الحرفة ، فلقي ضغطا وفقد نشبا ، واضطرّ إلى التحول عن وطنه إلى برّ العدوة عام ستة وخمسين وسبعمائة ، وتعرّف لهذا العهد أنه تولّى الأشغال بقسنطينيّة (٤) الهواء من عمل إفريقية.

شعره : كتب إليّ وقد أبي عملا عرض عليه (٥) : [الطويل]

أأصمت ألفا ثم أنطق بالخلف

وأفقد إلفا ثم آنس بالجلف؟

وأمسك دهري ثم أنطق (٦) علقما

ويمحق بدري ثم ألحق بالخسف؟

وعزّكم لا كنت بالذّلّ عاملا

ولو أنّ ضعفي ينتمي بي (٧) إلى حتف (٨)

__________________

(١) ترجمة محمد بن محمد بن العراقي في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٣٥) وجاء فيه : «محمد بن محمد العراقي».

(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٣٥) بتصرف.

(٣) في النفح : «حسن».

(٤) في الأصل : «قسنطينة» ، والتصويب من معجم البلدان (ج ٤ ص ٣٤٩) ؛ إذ جاء فيه : قسنطينية ، بضم القاف وفتح السين : مدينة وقلعة يقال لها قسنطينية الهواء.

(٥) الأبيات في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٣٦).

(٦) في النفح : «أفطر».

(٧) كلمة «بي» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من النفح.

(٨) في النفح : «الحتف».

١٧١

فإن تعملوني في تصرّف عزّة

وعدل وإلّا فاحسموا علّة الصّرف

بقيت وسحب العطف (١) منكم تظلّني

وعطف (٢) ثنائي (٣) دائما ثاني العطف

محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله

ابن محمد بن عبد الله بن فرتون الأنصاري

من أهل مالقة ، يكنى أبا القاسم ، ويعرف بالهنا.

أوليته : ينسب إلى القاضي ببطليوس ، قاضي القضاة ، رحمه الله. وبمالقة دور تنسب إلى سلفه تدلّ على نباهة ، وقد قيل غير ذلك. والنّص الجلي أولى من القياس.

حاله : من «عائد الصلة» : الشيخ الحاج المحدّث صاحب الأشغال بالدار السلطانية. صدر نمطه ، وفريد فنّه رجولة وجزالة واضطلاعا وإدراكا وتجلّدا وصبرا. نشأ بمالقة معدودا في أهل الطّلب والخصوصيّة ، ورحل إلى الحجاز الشّريف في فتائه ، فاستكثر من الرّواية ، وأخذ عن أكابر من أهل المشرق والمغرب ، حسبما يشهد بذلك برنامجه.

وكان على سنن من السّرو والحشمة ، فذّا في الكفاية ، جريّا ، مقداما ، مهيبا ، ظريف الشّارة ، فاره المركب ، مليح الشّيبة ، حسن الحديث ، وقّاد الذهن ، صابرا على الوظائف ، يخلط الخوض في الأمور الدّنيوية بعبادة باهظة ، وأوراد ثقيلة ، ويجمع ضحك الفاتك وبكاء النّاسك في حالة واحدة ، هشّا ، مفرط الحدّة ، يشرد عليه مجل لسانه في المجالس السلطانية بما تعروه المندمة بسببه ، قائما على حفظ القرآن وتجويده وتلاوته ، ذا خصال حميدة ، صنّاع اليد ، مقتدرا على العمليات من نسخ ومقابلة وحساب ، معدودا من صدور الوقت وأعلام القطر ورجال الكمال.

مشيخته : أخذ عن الجلّة من أهل بلده كالأستاذ أبي محمد بن أبي السّداد الباهلي ؛ لازمه وانتفع به ، والخطيب أبي عثمان بن عيسى ؛ أخذ عنه ، والولي أبي عبد الله الطّنجالي ، وغيرهم مما يطول ذكرهم من العدوة والأندلس والمشارقة.

__________________

(١) في النفح : «العفو».

(٢) في النفح : «وحظّ».

(٣) في الأصل : «ثناتي» والتصويب من النفح.

١٧٢

محنته : لقي نصبا في الخدمة السلطانية ، وغضّا من الدهر لبأوه ، بتعنّته وعدم مبالاته مرّات ، ضيّق لها سجنه ، وعرض عليه النّكال ، ونيل منه بالإهانة كلّ منال ، وأغرم مالا أجحف بمحتجنه ، وعرّض للأيدي نفائس كتبه ، وعلى ذلك فلم يذعر سربه ، ولا أضعفت النكبة جأشه.

ولادته : ولد عام ثلاثة وسبعين وستمائة. ومات ميتة حسنة. صلّى الجمعة ظهرا ، وقد لزم الفراش. ونفث دم الطاعون ، ومات مستقبل القبلة ، على أتمّ وجوه التأهب ، سابع شوال من عام خمسين وسبعمائة.

محمد بن عبد الله بن محمد بن مقاتل

من أهل مالقة ، يكنى أبا القاسم ، أزدي النسب ، إشبيلي الأصل ، من بيت نزاهة ونباهة.

حاله : كان فاضلا وقورا سمحا ، مليح الدّعابة ، عذب الفكاهة ، حلو النادرة ، يكتب ويشعر ، طرفا في الانطباع واللّوذعيّة ، آية في خلط الجدّ بالهزل. ولّي الإشراف بمدينة مالقة ، وتقلّب في الشهادة المخزنية عمره.

شعره : من شعره يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم ، رحمه الله : [الطويل]

فؤادي من خطب الزمان سقيم

وفيه لسهم الحادثات كلوم

ولم أشك دائي في البريّة لامرىء

أأشكو به وابن الحكيم حكيم؟

وفاته : توفي بمالقة يوم الخميس عاشر شهر رمضان من عام تسعة وثلاثين وسبعمائة.

محمد بن علي بن عبد ربه التجيبي

من أهل مالقة ، يكنى أبا عمرو.

حاله : كان راوية ثقة ، بارع الأدب ، بليغ الكتابة ، طيّب النفس ، كامل المروءة ، حسن الخلق ، جميل العشرة ، تلبّس بالأعمال السلطانية دهرا ، وولّي إشراف غرناطة وغيرها ، إلى أن قعد لشكاية منعته من القيام والتّصرّف فعكف على النّظر ، فانتفع به.

مشيخته : كانت له رحلة سمع فيها بالإسكندرية على أبي عبد الله بن منصور وغيره ، وروى عنه الأخوان سالم وعبد الرحمن ، ابنا صالح بن سالم.

١٧٣

تواليفه : له اختصار حسن في «أغاني الأصبهاني» ، وردّ جيّد على ابن غرسيّة في رسالته الشّعوبية (١) ، لم يقصر فيها عن إجادة.

وفاته : وتوفي لسبع خلون من محرم من عام اثنين وستمائة.

الزّهاد والصّلحاء والصّوفية والفقراء وأولا الأصليون

محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصاري (٢)

من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بالصّنّاع.

حاله : من «عائد الصلة» : الشيخ الصّوفي ، الكثير الأتباع ، الفذّ الطريقة ، المحبّب إلى أهل الثغور من البادية. كان ، رحمه الله ، شيخا حسن السّمت ، كثير الذّكر والمداومة ، يقود من المخشوشنين عدد ربيعة ومضر ، يعمل الرّحلة إلى حصونهم ، فيتألّفون عليه تألّف النّحل على أمرائها ويعاسيبها ، معلنين بالذّكر ، مهرولين ، يغشون مثواه بأقواتهم على حالها ، ويتناغون في التماس القرب منه ، ويباشرون العمل في فلاحة كانت له بما يعود عليه بوفر وإعانة. وكان من الصالحين ، وعلى سنن الخيار الفضلاء من المسلمين ، وله حظّ من الطّلب ومشاركة ، يقوم على ما يحتاج إليه من وظائف دينه ، ويتكلم في طريق المتصوّفة على مذهب أبي عبد الله السّاحلي شيخه ، كلاما جهوريا ، قريب الغمر. وكان له طمع في صناعة الكيمياء تهافت على دفاتيرها وأهل منتحليها ؛ ليستعين بها بزعم على آماله الخيريّة ، فلم يحل بطائل.

مشيخته : قرأ على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير ، وكانت له في حاله فراسة. حدّثني بذلك شيخنا أبو عبد الله بن عبد الولي ، رحمه الله. وسلك على الشيخ الصالح أبي عبد الله السّاحلي.

وفاته : وتوفي ليلة الاثنين السابع من شهر شوال عام تسعة وأربعين وسبعمائة ، وكانت جنازته آخذة في الاحتفال ، قدم لها العهد ، ونفر لها الناس من كل أوب ، وجيء بسريره ، تلوح عليه العناية ، وتحفّه الأتباع المقتاتون من حلّ أموالهم وأيديهم من شيوخ البادية ، فتولّوا مواراته ، تعلو الأصوات حوله ، ببعض أذكاره.

__________________

(١) هو أبو عامر أحمد بن غرسية ، من أبناء نصارى البشكنس ، سبي صغيرا وأدّبه مولاه مجاهد العامري. المغرب (ج ٢ ص ٤٠٦). وقد ذكره ابن بسام وأورد له رسالته الشعوبية ، وهي رسالة ذميمة ذمّ فيها العرب ، وفخر بقومه العجم. الذخيرة (ق ٣ ص ٧٠٥ ـ ٧١٤).

(٢) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٦٠): «محمد بن إبراهيم بن محمد بن غالب الأنصاري ...».

١٧٤

محمد بن أحمد الأنصاري

من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بالموّاق.

حاله : كان معلما لكتاب الله تعالى ، خطيبا بمسجد ربض الفخّارين ، طرفا في الخير ولين العريكة والسذاجة المشفوعة بالاختصار وإيثار الخمول ، مستقيما في طريقته ، خافتا في خطبته ، عاكفا على وظيفته ، مقصودا بالتماس الدعاء ، مظنّة الصلاح والبركة.

وفاته : توفي بغرناطة قبل سنة خمسين وسبعمائة بيسير ، وكلف الناس بقبره بعد موته ، فأولوا حجارته من التعظيم وجلب أواني المياه للمداواة ، ما لم يولوه معشاره أيام حياته.

محمد بن حسنون الحميري

من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله.

حاله : كان فاضلا صالحا ، مشهور الولاية والكرامة ، يقصده الناس في الشّدائد ، فيسألون بركة دعائه. ومن إملاء الشيخ أبي بكر بن عتيق بن مقدّم ، قال : أصله من بيّاسة (١) ، وكان عمّه من المقرئين المحدّثين بها ، وسكن هو مرسية ، ونشأ بها ، وقرأ على أشياخها ، وحفظ «كتاب التحبير» في علم أسماء الله الحسنى للإمام أبي القاسم القشيري ، ثم انتقل إلى غرناطة ، فسكن فيها بالقصبة القديمة ، وأمّ الناس في المسجد المنسوب إليه الآن. وكان يعمل بيده في الحلفا ، ويتقوت من ذلك.

وفاته : توفي عام خمسة وسبعمائة بغرناطة ، وهو من عدد الزّهّاد.

ومن مناقبه : ذكروا أنه سمع يوما بعض الصّبيان يقول لصبي آخر : مرّ للحبس ، فقال : أنا المخاطب بهذا ، فانصرف إلى السّجن ، فدخله ، وقعد مع أهله ، وبلغ ذلك السلطان ، فوجّه وزيره ، فأخرجه ، وأخرج معه أهل السجن كلّهم ، وكانت من كراماته.

محمد بن محمد البكري

من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بابن الحاج.

__________________

(١) بياسة : بالإسبانيةbaeza ، وهي مدينة تبعد عن جيان عشرين ميلا. الروض المعطار (ص ١٢١).

١٧٥

كان ، رحمه الله ، شيخا صالحا ، جهوريّا ، بعيدا عن المصانعة ، متساوي الظاهر والباطن ، مغلظا لأهل الدّنيا ، شديدا عليهم ، غير مبال في الله بغيره ، يلبس خرقة الصّوفية من غير التزام لاصطلاح ، ولا منقاد لرقو ، ولا مؤثر لسماع ، مشاركا للناس ، ناصحا لهم ، ساعيا في حوائجهم. خدم الصالح الكبير أبا العباس بن مكنون ، وسلك به ، وكان من بيت القيادة والتّجنّد ، فرفض زيّه ، ولبس المسوح والأسمال. وكان ذا حظّ من المعرفة ، يتكلم للناس. قال شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب : سمعته ينشد في بعض مجالسه : [الرجز]

يا غاديا في غفلة ورائحا

إلى متى تستحسن القبائحا؟

وكم إلى كم لا تخاف موقفا

يستنطق الله به الجوارحا؟

يا عجبا منك وأنت مبصر

كيف تجنّب (١) الطريق الواضحا؟

كيف تكون حين تقرا (٢) في غد

صحيفة قد ملئت فضائحا؟

أم كيف ترضى أن تكون خاسرا

يوم يفوز من يكون رابحا؟

ولمّا حاصر الطّاغية مدينة ألمريّة (٣) وأشرفت على التلف ، تبرّع بالخروج منها ولحاقه بباب السلطان ؛ لبثّ حالها ، واستنفار المسلمين إلى نصرها ، فيسّر له من ستر غرضه ، وتسهيل قصده ، ما يشهد بولايته.

وفاته : توفي بألمريّة محلّ سكناه ، في حدود عام خمسة عشر وسبعمائة.

محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري

غرناطي ، قيجاطي (٤) الأصل ، يعرف بالسّواس.

قال في «المؤتمن» (٥) في حاله : رجل متطبّب ، سهل الخلق ، حسن اللقاء ، رحل من بلده ، وحجّ ، وفاوض بالمشرق الأطباء في طريقته ، وعاد فتصدّر للطب ، ثم عاد إلى بلاد المشرق. قلت : وعظم صيته ، وشهر فضله ، وقدّم أمينا على أحباس

__________________

(١) في الأصل : «تجتنب» وكذا ينكسر الوزن.

(٢) في الأصل : «تقرأ» وكذا ينكسر الوزن ، لذا حذفنا الهمزة.

(٣) المراد بالطاغية صاحب برجلونة ، إذ حاصر في غرة ربيع الأول من عام ٧٠٩ ه‍ مدينة ألمرية وأخذ بمخنقها ، ووقعت على جيش أمير المسلمين نصر بن محمد بن نصر ، صاحب غرناطة ، وقعة كبيرة ، ثم رفع الحصار. اللمحة البدرية (ص ٧٥).

(٤) نسبة إلى قيجاطةquesada ، وهي مدينة بالأندلس من عمل جيان ، تقع على ثلاثين كيلو مترا إلى الجنوب الشرقي من أبدة. الروض المعطار (ص ٤٨٨).

(٥) هو كتاب «المؤتمن على أنباء أبناء الزمن» لأبي البركات محمد بن محمد بن عياش البلفيقي.

١٧٦

مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالمدينة الطّاهرة وصدقاته ، وذكر عنه أنه اضطرّه أمر إلى أن خصى نفسه ، وسقطت لذلك لحيته.

قال شيخنا أبو البركات : أنشدنا بدكّانه برحبة المسجد الأعظم ، من حضرة غرناطة ، قال : أنشدنا أبو عبد الله المرّاكشي بالإسكندرية ، قال : أنشدنا مالك بن المرحّل لنفسه :

أرى الكلاب بشتم الناس قد ظلمت

والكلب أحفظ مخلوق لإحسان

فإن غضبت على شخص لتشتمه

فقل له : أنت إنسان ابن إنسان

وفاته : كان حيّا عام خمسين وسبعمائة فيما أظن.

ومن الطّارئين عليها في هذا الاسم

محمد بن أحمد بن جعفر بن عبد الحق بن محمد بن جعفر

ابن محمد بن أحمد بن مروان بن الحسن بن نصر بن نزار

ابن عمرو بن زيد بن عامر بن نصر بن حقاف السلمي

يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بابن جعفر ، ويشهر في الأخير بالقونجي ، منسوبا إلى قرية (١) بالإقليم ، وكان من أهل غرناطة.

حاله : من خطّ شيخنا أبي البركات بن الحاج : كان هذا الرجل رجلا صالحا فاضلا متخلّقا ، سمحا ، جميل اللقاء على قدم الإيثار على رقة حاله ، ممّن وضع الله له القبول في قلوب عباده ، فكانت الخاصّة تبرّه ولا تنتقده ، والعامة تودّه وتعتقده ، وتترادف على زيارته ، فئة بعد فئة ، فلا تنقلب عنه إلّا راضية ، وكان جاريا على طريقة الشيخ أبي الحسن الشّاذلي ، إذ كان قد لقي بالمشرق الشيخ الإمام تاج الدين بن عطاء الله ، ولازمه وانتفع به ، كما لقي ولازم تاج الدين أبا العباس المرسي ، كما لازم أبو العباس أبا الحسن الشاذلي. قال : ولقيه بعد هذا الشيخ أبي عبد الله جماعات في أقطار شتّى ، ينتسبون إليه ، ويجرون من ملازمته الأذكار في أوقات معينة على طريقته ، وله رسائل منه إليهم طوال وقصار ، يوصيهم فيها بمكارم الأخلاق ، وملازمة الوظائف ، وخرج عنه إليهم على طريقة التّدوين كتاب سمّاه ب «الأنوار في المخاطبات والأسرار» مضمنه جملة من كلام شيخهم تاج الدين ،

__________________

(١) هي قرية قنجة ، كما سيتبيّن بعد قليل.

١٧٧

وكلام أبي الحسن الشاذلي ، ومخاطبات خوطب بها في سرّه ، وكلام صاحبه أبي بكر الرّندي ، وحقائق الطريق ، وبعض كرامات غير من ذكر من الأولياء ، وذكر الموت ، وبعض فضائل القرآن.

مشيخته : قرأ على الأستاذ أبي الحسن البلّوطي وأجازه ، وعلى أبي الحسن بن فضيلة وأجازه كذلك ، وعلى أبي جعفر بن الزبير وأجازه ، ثم رحل فحجّ ودخل الشام ، وعاش مدّة من حراسة البساتين ، واعتنى بلقاء المعروفين بالزّهد والعبادة ، وكان مليّا بأخبار من لقي منهم ، فمنهم الشيخ أبو الفضل تاج الدين بن عطاء الله ، وصاحبه أبو بكر بن محمد الرندي.

مناقبه : قال : دخلت معه إلى من خفّ على قلبي الوصول إلى منزله لمّا قدم ألمريّة ، وهو رجل يعرف بالحاج رحيب ، كان من أهل العافية ، ورقّت حاله ، ولم يكن ذلك يظهر عليه ؛ لمحافظته على ستر ذلك لعلوّ همّته ، ولم يكن أيضا أثر ذلك يظهر على منزله ، بل أثاث العافية باق فيه من فرش وماعون. فساعة وصول هذا الشيخ ، قال : الله يجبر حالك ، فحسبتها فراسة من هذا الشيخ. قال : وخاطبته عند لقائي إياه بهذه الأبيات : [البسيط]

أشكو إليك بقلب لست أملكه

ما لم يرد من سبيل فهو يسلكه

له تعاقب أهواء فيقلقه

هذا ويأخذه هذا ويتركه

طورا يؤمّنه طورا يخوّفه

طورا ييقّنه طورا يشكّكه

حينا يوحّشه حينا يؤنّسه

حينا يسكّنه حينا يحرّكه

عسى الذي يمسك السّبع الطّباق على

يديك يا مطلع الأنوار يمسكه

فيه سقام من الدنيا وزخرفها

مهما أبيّضه بالذكر تشركه

عسى الذي شأنه السّتر الجميل كما

غطّى عليه زمانا ليس يهتكه

فلما قرأ منها : «فيه سقام من الدنيا وزخرفها» ، قال : هذه علّتي.

مولده : سألته عنه ، فقال لي : عام ثمانية وستين بقرية الجيط من قرى الإقليم.

وفاته : بقرية قنجة خطيبا بها ، يوم الاثنين عشرين من شهر شعبان المكرم عام خمسين وسبعمائة ، في الوباء العام ، ودفن بقرية قنجة ، رحمة الله عليه ورضوانه.

١٧٨

محمد بن أحمد بن حسين بن يحيى بن الحسين

ابن محمد بن أحمد بن صفوان القيسي (١)

وبيته شهير بمالقة ، يكنى أبا الطاهر ، ويعرف بابن صفوان.

حاله : كان مفتوحا عليه في طريق القوم ، ملهما لرموزهم ، مصنوعا له في ذلك ، مع المحافظة على السّنة والعمل بها آخر الرّعيل ، وكوكب السّحر ، وفذلكة الحساب ببلده ، اقتداء وتخلّقا وخشوعا وصلاحا وعبادة ونصحا. رحل فحجّ ، وقفل إلى بلده ، مؤثرا الاقتصار على ما لديه ، فإذا تكلّم في شيء من تلك النّحلة ، يأتي بالعجائب ، ويفكّ كل غامض من الإشارات. وعني بالجزء المنسوب إلى شيخ الإسلام أبي إسماعيل الروبي المسمّى ب «منازل السّاري إلى الله» فقام على تدريسه ، واضطلع بأعبائه ، وقيّد عليه ما لا يدركه إلّا أولو العناية ، ولازمه الجملة من أولي الفضل والصلاح ، فانتفعوا به ، وكانوا في الناس قدوة. وولي الخطابة بالمسجد الجامع من الرّبض الشّرقي ، وبه كان يقعد ، فيقصده الناس ، ويتبركون به ، وكان له مشاركة في الفقه ، وقيام على كتاب الله.

تواليفه : ألّف بإشارة السلطان على عهده ، أمير المسلمين أبي الحجاج (٢) ، رحمه الله ، كتابا في التّصوّف والكلام على اصطلاح القوم ، كتب عليه شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب بظهره ، لما وقع عليه ، هذه الأبيات : [الكامل]

أيام مولاي الخليفة يوسف

جاءت بهذا العالم المتصوّف

فكفى بما أسدى من الحكم التي

أبدين من سرّ الطريقة ما خفي (٣)

وحقائق رفع الحجاب بهنّ عن

نور الجمال فلاح غير مكيّف

كالشمس لكن هذه أبدى سنا

للحسن والمعنى لعين المنصف

فيه حياة قلوبنا ودواؤها

فمن استغاث بجرعة منها شفي (٤)

إن ابن صفوان إمام هداية

صافي فصوفي فهو صوفيّ صفي (٥)

وإن اختبرت فإنه صفو ابن صف

وظاهر في طيّه صفو خفي (٦)

__________________

(١) ترجمة ابن صفوان القيسي في الكتيبة الكامنة (ص ٥٤).

(٢) هو يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل ، سابع سلاطين بني نصر بغرناطة ، وقد حكم من سنة ٧٣٣ ه‍ إلى سنة ٧٥٥ ه‍. اللمحة البدرية (ص ١٠٢).

(٣) في الأصل : «ما خف» بدون ياء.

(٤) في الأصل : «شف» بدون ياء.

(٥) في الأصل : «صف» بدون ياء.

(٦) في الأصل : «خف» بدون ياء.

١٧٩

علم توارثه وحال قد خلت

ذوقا فنعم المقتدى والمقتفي (١)

فليهنك المولى سعود إيالة

فيها سراج نوره لا ينطفي (٢)

جلّى وجوه شريعة وحقيقة

صبحا سناه باهر لا يختفي (٣)

لا زلت تسلك كل نهج واضح

منها وتحيي كل سعي مزلف

ومن تواليفه : «جرّ الحرّ» في التوحيد ، وعلّق على الجزء المنسوب لأبي إسماعيل الهروي.

من أخذ عنه : أخذ عنه ببلده وتبرّك به جلّة ، وكان يحضر مجلسه عالم ، منهم شيخ الشيوخ الأعلام أبو القاسم الكسكلان ، وأبو الحسين الكوّاب ، والأستاذ الصالح أبو عبد الله القطان ، وصهره الأستاذ أبو عبد الله بن قرال ، والعاقد الناسك أبو الحسين الأحمر وغيرهم.

شعره : رأيت من الشعر المنسوب إليه ، وقد رواه عنه جماعة من أصحابنا ، يذيّل قول أبي زيد (٤) ، رضي الله عنه (٥) : [الطويل]

رأيتك يدنيني (٦) إليك تباعدي (٧)

فأبعدت نفسي لابتغاء التقرّب (٨)

فقال : [الطويل]

هربت (٩) به مني إليه فلم يكن

بي البعد في بعدي فصحّ به قربي (١٠)

فكان به سمعي كما بصري به

وكان به لا بي (١١) لساني مع القلب

فقربي به قرب بغير تباعد

وقربي في بعدي فلا شيء من قربي (١٢)

__________________

(١) في الأصل : «والمقتف» بدون ياء.

(٢) في الأصل : «لا ينطف» بدون ياء.

(٣) في الأصل : «لا يختف» بدون ياء.

(٤) في الكتيبة الكامنة (ص ٥٤): «أبي يزيد».

(٥) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ٥٤ ـ ٥٥).

(٦) في الأصل : «تدنيني» والتصويب من الكتيبة الكامنة.

(٧) في الأصل : «تباعدني» وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة.

(٨) في الكتيبة : «وابتغائي من القرب».

(٩) في الأصل : «هويت بدمني ...» وكذا لا يستقيم المعنى ولا الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.

(١٠) في الأصل : «قرب» بدون ياء ، والتصويب من الكتيبة.

(١١) في الأصل : «وكان به لأي» والتصويب من الكتيبة الكامنة.

(١٢) في الأصل : «قرب» بدون ياء.

١٨٠