كتاب الجواهر الثمينة في محاسن المدينة

المؤلف:

محمّد كبريت الحسيني المدني


المحقق: محمّد حسن محمّد حسن إسماعيل الشافعي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٨

١
٢

ترجمة المصنف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هو محمد بن عبد الله بن محمد مولده ووفاته بالمدينة.

هو من أحفاد شرف الدين بن يحيى الحمزي الحسيني المولوي المشهور بمحمد كبريت.

أديب قام برحلة إلى الروم [تركيا] سنة ١٠٣٩ ه‍ ، ألف فيها : رحلة الشتاء والصيف (ط) وزار دمشق والقاهرة ومن كتبه :

ـ الجواهر الثمينة في محاسن المدينة. وهو كتابنا هذا.

ـ [حاطب ليل] كبير جدّا.

ـ نصر من الله وفتح قريب ط. فيه تراجم بعض فضلاء المدينة.

ـ والزنبيل اختصر به الكشكول للعاملي.

ـ والعقود الفاخرة في أخبار الدنيا والآخرة.

ـ بسط المقال في القيل والقال.

توفي رحمه‌الله سنة ١٠٧٠ ه‍.

انظر / ترجمته في :

خلاصة الأثر (٤ / ٢٨)

إيضاح المكنون (١ / ١٨٢)

الأعلام للزركلي (١٦ / ٢٤٠)

كتبه السيد / محمد علي بيضون صاحب دار الكتب العلمية.

٣

وصف المخطوط

للمحقق

بفضل الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوّا أحد عثرنا لهذا الكتاب الجليل على مخطوطتين إحداهما في دار الكتب المصرية والثانية في معهد المخطوطات وثم ضبط نص الكتاب منهما :

وصف النسخة المرموز لها ب «أ» :

وهي نسخة المعهد المصورة من رضا رمبور ورقمها (٣٦١٩) ورقم الفيلم ٣٠٣٣ عدد أوراقها [١١٣] خطها واضح.

وصف النسخة المرموز لها ب «ب» :

وهي نسخة خطها واضح ومقروء رقمها ٧٣٧٠

ولا يسعني في النهاية إلا أن أقدم الشكر لمشايخي :

الشيخ : جاد الرب رمضان. رحمه‌الله ـ ، الشيخ الحسين الشيخ والشيخ محمد أنيس عبادة رحمه‌الله ، والدكتور كمال عبد العظيم العناني. والشكر للسيد محمد علي بيضون صاحب دار الكتب العلمية بيروت حفظه الله.

طالب العلم / محمد حسن محمد حسن أ، محمد فارس

٤

٥

٦

٧

٨

٩

١٠

بسم الله الرّحمن الرّحيم (١)

(وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [آل عمران : ١٥٧] الحمد لله (٢) الذي حبب إلينا المدينة ، وجعلها من أفضل البقاع الأمينة فنحن من جوار هذا النبي الأمين. من حصن جمع بين شرقي المكان والمكين. أحمده على أن خصنا بملازمة بابه ، والوقوف على أعتابه حمد من عرف أن الكل من عنده. (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٤٤] وإني إذا لم أجتمع [بجناية](٣) أمر على أبوابه فأسلم وأشكره على نعمة الجوار. وجار الدار أحق بدار الجار. والجار محسوب على جيرانه جار الكريم مسامح من ذنبه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا وسندنا محمدا عبده ورسوله وحبيبه [وخليله] المبعوث بأشرف الأديان وأكمل الملل النبيّ المرسل. الكريم [المفضل](٤) المنادى من الأزل يا محمد. قد [اصطفيناك](٥) من الكتاب الأول فما

__________________

(١) الباء فيه قيل : إنها زائدة فلا تحتاج إلى ما تتعلق به ، أو للاستعانة أو للمصاحبة متعلقة بمحذوف اسم فاعل خبر مبتدأ محذوف أو فعل أي : أؤلف أو أبدأ أو حال من فاعل الفعل المحذوف أي أبتدىء متبرّكا ومستعينّا بالله أو مصدر مبتدأ خبره محذوف أي ابتدائي باسم الله ثابت. والله : علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ، وأكثر أهل العلم على أنه اسم الله الأعظم. والرحمن الرحيم : اسمان بنيا للمبالغة من رحم بتنزيله منزلة اللازم أو بجعله لازمّا ونقله إلى فعل بالضم. انظر القاموس المحيط للفيروزأبادي (٤ / ٢٩٢ ، ٣٤٤) نهاية المحتاج للشمس الرملي (١ / ١٦ ـ ٢٠).

(٢) افتتح المصنف ـ رحمه‌الله ـ بعد التيمن بالبسملة بحمد الله تعالى أداء لحق شيء مما يجب عليه من شكر نعمائه التي تأليف هذا الكتاب أثر من آثارها واقتداء بالكتاب العزيز ، وعملا بخبر : «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع» وفي رواية «بالحمد لله» وفي رواية «بالحمد» ، وفي رواية «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجزم» أخرجه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصلاح وغيره. ومعنى ذي بال : أي حال يهتم به. وفي رواية للإمام أحمد : «ما لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر وأقطع».

انظر نهاية المحتاج للشمس الرملي (١ / ٢٤).

(٣) ثبت في ب [يجنى].

(٤) سقط من «ب».

(٥) ثبت في «ب» [اصفيناك].

١١

أعظم قدرك عندنا وأفضل. آدم من دونه تحت لوائك يوم الأرض تبدل ، لك الشفاعة واللوى (١) والحوض وكل من الأنبياء [يستغيث](٢) لنفسه ويسأل فما أسعد من توسل به ونادى الشفاعة أيا من من الشفاعة المعول والشفاعة يا من يستغيث به [المكروب إذا ضاقت به الحيل](٣) الشفاعة يا من قال له جبريل عليه‌السلام [ها أنت وربك](٤) فدنا وتدلى والصلاة والسلام على من أبرز من [خدر الغيب شموس](٥) معاني عباراته الزاخرة ، واطلع من أفق المثاني أقمار [لطائف إشاراته](٦) الفاخرة. اللهم انا نستوهبك [طيب](٧) صلواتك وطيب تسليماتك بهذا السيد الذي زينت سماء معجزاته بكواكب خطابك الناقب ونشرت مناشير بنيانه من آفاق المشارق والمغارب ولمؤازريه الذين [نثروا](٨) شمل أعدائه ، ونظموا قواعده ، صلاة تكون لنا صلة وبأجمل العوائد عائدة. اللهم صلي وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وآله [وأصحابه](٩) والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين [آمين](١٠).

أما بعد : (١١)

فلما كانت المدينة الشريفة مسقط رأسي ورياضها الوريقة منبت غراسي بلاد بها ينطق على [تماه](١٢). وأول أرض مس جلدي ترابها فلا برحت تزهو على الأفق بابها [ولا يهمى (١٣) في ...](١٤) الرياض سحابها. وكيف لا فهي مهابط الوحي ومنازل النبوة ومساقط الكرم ومغارس الفتوة ومنارة النفوس والجواهر والرياض [الحسناء](١٥) بل الروضة الغناء [بادرتها](١٦) المواطن :

بلدة ما رأيتها قط إلا

قلت هذي أرضي ومسقط رأسي

__________________

(١) في أ [يسأل].

(٢) حديث الشفاعة : متفق عليه : أخرجه البخاري في التوحيد (١٣ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤) الحديث (٧٤١٠) ـ ومسلم في الإيمان (١ / ١٨٠ ـ ١٨١) ـ الحديث (٣٢٢ / ١٩٣) وابن ماجه في الزهد (٢ / ١٤٤٢ ـ ١٤٤٣) ـ الحديث (٢ / ٤٣) والإمام أحمد في مسنده (٣ / ١٤٢ ـ ١٤٣) ـ الحديث (١٢١٦٠) ـ (١٣٥٦٩).

(٣) غير مقروء في «أ».

(٤) سقط من «ب».

(٥) سقط من «ب».

(٦) في أ [لطائم المنارة].

(٧) ثبت في أ، ب [صبب].

(٨) ثبت في أ [نشروا].

(٩) ثبت في ب [وصحبه].

(١٠) سقط من «ب».

(١١) تسمى فصل الخطاب. انظر / السبع كتب مفيدة لعلوي السقاف (ص / ٦٢).

(١٢) ثبت في أ [تماتمى].

(١٣) قال في القاموس : همى الماء والدمع يهمى هميا وهميا وهميانا والعين صبت دمعها. انظر / القاموس المحيط للفيروزأبادي (٤ / ٤٠٤).

(١٤) ثبت في «أ» [ولا زال يهمني من].

(١٥) ثبت في ب [الحسني].

(١٦) ثبت في أ [باكرتها].

١٢

لست أشكر [بها](١) من العيش إلا

أنني لا أزال في جلاسي

[يدنو لي](٢) مع السماحة وما

وهو متهم يزيد من إيناسي

[فتهادى](٣) في حرزطة مقيم

ومسائي ما بين ورد وآسي

يا خليلي من دون كل خليل

وأنيسي من دون أهلي وناسي

بلغ المصطفى بها من سلام

وثناء معطر الأنفاس

فهو سؤلي من الأنام جميعا

طوق جيدي أمنيتي تاج راسي

لا [تخيل](٤) الأيام صدق ولائي

واعتقادي من طيب أصل غراسي

فعلى كل من يحل بناديه

وجمع الرقاق والجلاس

من آله الأنام ألف وألف

من سلام تام بغير قياس

ولقد جاء [في](٥) الأثر عن سيد البشر «حب الوطن من الايمان» (٦) :

__________________

(١) سقط من «ب»

(٢) ثبت في ب هكذا [بدأ وإلى].

(٣) ثبت في ب [فتهارى].

(٤) ثبت في ب [تحيل].

(٥) سقط من «ب».

(٦) قال الحافظ العجلوني : قال الصاغاني : موضوع. انظر / كشف الخفاء للعجلوني (١ / ٤١٣).

قال الحافظ السخاوي : لم أقف عليه ومعناه صحيح. انظر / المقاصد الحسنة (ص / ١٩٥).

قال الحافظ العجلوني : ورد القاري قوله [ومعناه صحيح] بأنه مجيب قال : إذ لا تلازم بين حب الوطن وبين الإيمان. قال ورد أيضا بقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ) ـ الآية ، فإنها دلّت على حبهم وطنهم ، مع عدم تلبسهم بالإيمان ، أن ضمير عليهم للمنافقين ، لكن انتصر له بعضهم بأنه ليس في كلامه أنه لا يحب الوطن إلا مؤمن وإنما فيه أن حب الوطن لا ينافي الإيمان. أه.

قال الحافظ العجلوني : كذا نقله القاري ثم عقبه بقوله : ولا يخفي أن معنى الحديث حب الوطن من علامة الإيمان وهي لا تكون إلا إذا كان الحب مختصّا بالمؤمن ، فإذا وجد فيه وفي غيره لا يصلح أن يكون علامة. قوله : [ومعناه صحيح] نظرّا إلى قوله تعالى حكاية عن المؤمنين (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا) ، فصحّت معارضته بقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا) ـ الآية. الأظهر في معنى الحديث إن صح مبناه أن يحمل على أن المراد بالوطن الجنة فإنها المسكن الأول لأبينا آدم على خلاف فيه أنه خلق فيها أو أدخل بعد ما تكمل وأتم ، أو المراد به مكة فإنها أم القرى وقبلة العالم ، أو الرجوع إلى الله تعالى على طريقة الصوفية فإنه المبدأ والمعاد كما يشير إليه قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) أو المراد به الوطن المتعارف ولكن بشرط أن يكون سبب حيه صلة أرحامه ، أو إحسانه إلى أهل بلده من فقرائه وأيتامه ، ثم التحقيق أنه لا يلزم من ـ

١٣

ومن المحبة نشر المحاسن

والتشبيب بذكر الأماكن

أعد ذكر من حل الغضايا معدني

وأنا [ضربوا](١) بالأضالع والصدر

لا تنس سكان العقيق وإن هم

على وجنتي أجدره في مدة [الهجر](٢)

خطر ببالي. ولاح في خيالي. أن أذكر بعض محاسنها وأتعرض [لذكر بعض أماكنها واشبب باللوى والعقيق](٣) والنقا والفريق طور ... أيمان إذا لاقيت ذا يمن. وإن لقيت معديا فعدناني وقد بدا لي أن يكون هذا المجموع البديع وصفه المنيع جمعه مبنيّا على مقالتين وخاتمة ومن الله تعالى المسئول حسن الخاتمة. فإذا تجلت شموسه وانجلت عروسه سميته الجواهر الثمينة. من محاسن [أهل](٤) المدينة وبالله التوفيق محاسن تهدي المادحين لوضعها فيحسن فيها منهم النثر والنظم وإذا نفحته نوافح القبول من حضرة السيد الرسول وعوذت محاسن هذه الرسالة بالمرسلات وارتشف من زهر منثورها المطلول قطر النبات فالأولى بها حيث اشتملت على [أخبار](٥) ديار المصطفى وهو في الحقيقة حبيب القلوب على الإطلاق وانبأت عن آثار أزهارها مآثر النبوة والصفاء ولا غرو أن تتأرج بهذه الأنفاس المدينة أرجاء الأفاق :

كرر حديثك مخطئا ومصيبا

إن كان عهدك بالديار قريبا

فلقد رجعت إلى القلوب بروح ما

حدثت أرواحنا وقلوبا

__________________

ـ كون الشيء علامة له اختصاصه به مطلقا بل يكفي غالبا ، ألا ترى إلى حديث حسن العهد من الإيمان وحب العرب من الإيمان مع أنهما يوجدان في أهل الكفران. اه. قال الحافظ السخاوي : ومما يدل لكون المراد به مكة ما روى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما خرج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من مكة فبلغ الحجفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) قال : إلى مكة. قال : وللخطابي في غريب الحديث عن الزهري قال : قدم أصيل بالتصغير الغفاري على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من مكة قبل أن يضرب الحجاب فقالت له عائشة كيف تركت مكة؟ قال : اخضرت جنباتها ، وابيضت بطحاؤها واغدق إذخرها وانتشر سلمها ـ الحديث ، وفيه فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ حسبك يا أصيل لا تحزنيّ. وفي رواية «فقال له النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ويها يا أصيل تدع القلوب تقر». انظر / كشف الخفاء للعجلوني (١ / ٤١٣ ـ ٤١٤) المقاصد الحسنة للسخاوي (ص / ١٩٥).

(١) ثبت في أ [أضرموه].

(٢) ثبت في ب [البحر].

(٣) سقط من «ب».

(٤) سقط من «ب».

(٥) سقط من «ب».

١٤

أن تلحظها عيون العناية الرحمانية. وتشملها سوابق الرعاية الصمدانية [فتندرج](١) في خزائن الملك المؤبد بالسعد فلا برح قائد اهتمامه المسدد بالتوفيق إلى أقوم طريق فلا زال رفيقه من رحيله ومقامه أو كما قال :

ملك كان الشمس ضوء جبينه

متهلل [الإمساء (٢)] والإصباح

وإذا حللت [ببابه](٣) ورواقه

فأنزل بسعد وارتحل بنجاح

أو كما قال :

ملك إذا عاينت نور جبينه

فارقته والنور فوق جبيني

ولو التثمت (٤) يمينه وبرزت من

أبوابه لغم الأنام يميني

أعظم من تفخر الأساطين بتقبيل أعتابه وتتباهى السلاطين بخدمة أبوابه. أكرم من أنام الأنام في ظل عدله. وأحيا ميت الإعدام بوافر إحسانه وفضله. مظهر [آيات](٥) الألطاف الربانية. مصدر أنوار العنايات الرحمانية. مطرح الأزهار الملكوتية. مسطمح الأنظار اللاهوتية باسط بساط العدل والانصاف. هادم أساس الجور والإعتساف. ناصر الشريعة القويمة [مالك](٦) [المسالك](٧) المستقيمة ظل الله تعالى الوريف الممتد على القوي والضعيف صاحب القرآن السعيد وإسكندر الزمان المديد ، الذي أجار الآثام من جور الأيام وأسبل على الأمة سوابغ الكرم والنعمة الأقاليم بأقلامه ، وأمنت الأيام من أيامه ، ناشر ألوية العدالة والأمان الممتثل بنص (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [النحل : ٩٠].

نادى به الملك حتى قيل ذا ملك

دنا به العدل حتى قيل ذا بشر

سقى به الله دنيانا فأخصبها

والعدل يفعل ما لا يفعل المطر

هو مولانا السلطان الأعظم. والخاقان المكرم ، صاحب البند (٨) والعلم والسيف والقلم. سلطان البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين السلطان ابن السلطان [بن السلطان](٩) الملك المظفر المعان. مولانا السلطان مراد خان بن السلطان أحمد خان بن

__________________

(١) ثبت في «أ» [فشد عرج].

(٢) غير مقروءة في «أ».

(٣) غير مقروءة في «أ».

(٤) أي شددت. انظر / القاموس المحيط (٤ / ١٧٤).

(٥) سقط من أ.

(٦) غير مقروءة في أ.

(٧) غير مقروءة في أ.

(٨) البند : العلم الكبير. انظر / القاموس المحيط للفيروزأبادي (١ / ٢٧٩).

(٩) سقط من «ب».

١٥

السلطان محمد خان بن السلطان مراد خان بن السلطان سليم خان بن السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان السلطان محمد خان بن السلطان مراد خان بن السلطان محمد خان بن السلطان بايزيد خان بن [بلدرم](١) السلطان مراد الغازي بن السلطان أورخان بن السلطان عثمان خان عليهم الرحمة والرضوان من الرحيم الرحمن.

أولئك الناس إن عدوا وإن ذكروا

ومن سواهم فلغو غير معدود

لو خلد الدهر ذا عز لعزته

كانوا أحق بتعمير وتخليد

اللهم أيد الإسلام وأعل كلمة الإيمان بدوام دولة هذا الملك الذي [أقيمت](٢) بدولته شعار الدين وأخمدت بصولته نار الملحدين وعمرت بأيامه البسيطة وجعلت ملائكة النصر برايته محيطة اللهم اجعل فروع دولته من أيامه الزاهية الزاهرة يانعة وبهجتها فوق مطالع البدور الباهية الباهرة طالعة وزد من شأنه عظمة وعلوّا واجعل الجوزاء دون منازل مقداره [عزّة](٣) وسموا ما دامت حبول عزمه من ميادين الظفر سابقة ورياض [هممه](٤) بعيون كرمه ناضرة باسقة وهمته العلياء في البأس والندى ومن الفضل لم تبرح مدى الدهر فائقة فإن براعة استهلاله زاد الله تعالى من جلاله برعت أولا ببديع نظامه ، ولم تتخلص من الحقيقة إلى مديح غيره ولا تكلمت إلا بحسن ختامه وحيث كانت الثريا أقرب تناولا من ذلك المرام كما يقضي بصدق هذه الدعوى [عز](٥) شرف المقام.

[فيا دارها]) بالخيف ان [مزارها](٧)

قريب ولكن دون ذلك أهوال

وكان يقال تمني العلا سهل وإدراكه صعب ومن تجاوز حده تعرض بجميعه للعطب وكان يقال : أين الماء من السماء وأين موقع السيل من مطلع سهيل أين ورقاء العرش من عنق العرش. أين من فلك المعاني فلك الصورة. وأين من بحر اللآليء بحر الفكر وأين مطلع صباح البصائر من مطلع صباح الأبصار هذا أفق يتعاقب فيه شمس وقمر وذاك أفق كله شموس وأقمار ودون رسم الديار حد بسيوف. مانع من دنا لسجف خباء. [لا تخافوا](٨) فلو دنوت إليها أحرقتني أشعة الاحتواء ، وبالجملة فما مزية التقرب

__________________

(١) سقط من «ب».

(٢) ثبت في أ [دامت].

(٣) ثبت في ب [عزّا].

(٤) ثبت في ب [همه].

(٥) ثبت في أ [عزة].

(٦) ثبت في ب [دارنها].

(٧) ثبت في ب [فرر بها].

(٨) ثبت في ب [لا تخافون].

١٦

إلى ابن داود برجل الجراد. والتسحب على البحور [بأوشاذ](١) التماد. وكيف أعرض على روح القدس وحيّا. واجلب إلى صنعاء اليمن وشيّا أم كيف أخلع [ربقة](٢) النهى. وأقابل بين البدر والسهى. أين الهباء من [البهاء](٣) وأين الأغبياء من النبهاء وحيث وقفت الأماني دون تلك المآرب لعزة هاتيك المطالب. وقلت لأصحابي : هي الشمس [ضوؤها](٤) قريب ولكن من تناولها بعد. فلتكن خدمة بخزانة مولى لا زالت عتبته العلية كعبة فضل يقول عليها وسدته السنية مدينة علم يهاجر إليها ولا برحت [وفود](٥) العلماء عاكفة بناديه [وألسنة](٦) الرجاء من آفاق الثناء تناديه. بسلام فواتح أشواقه. نفر [من](٧) بهيج الأزهار ، وفواتح أوراقه أعطر من أريج الأشجار. مشفوعا بدعاء يقرع أبواب الإجابة بأنامل الرجاء [وثناء](٨) يملأ بطيب أرجه سائر [الأرجاء](٩).

أبلج لا يخجل راجي فضله

ولا يرى الوصمة في سؤاله

أكفه على العطاء قد طبعت

والطبع لا يطمع من انتقاله

سلني به يا من يساميه أقل

هذا مجال لست من رجاله

هو مولانا وأحد العلماء وماجد العظماء. ابن عباس العلوم محرر المنطوق والمفهوم ، إياس القضاة [ركنّا (١٠) وزهادة] وأويس الزمان عفة وسهادة. مجمع المفاخر. [والألقاب الفواخر](١١) المحقق دعوى كم ترك الأول للآخر؟

سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد

ملأ المسامع والأفواه والمقل

أكرم به من قاض تشرفت بأحكامه الشريفة ، مصر المحروسة وما والاها واستوفى المستحق بها من ذمة الزمان ديونه إذ تولاها ، فلله إمداد نعمه ، ومداد قلمه ، إذ لم يشكل أمر الإنزال برؤس الأنامل إبهامه ورد الضلالة بحسن تدبير إلى أهلها وزودهم بالكرامة إنعامه فكيف لا وهو القائل فيه بعض واصفيه :

هنيئا لمصر إذ حوت قاضيّا حوى

كمالا على تفضيله انعقد النص

فلو مثلت كتب النحاة بنعته

لما جاز أن يجري على نعته النقص

__________________

(١) ثبت في أ [بأرشال].

(٢) ثبت في ب [ريقه].

(٣) ثبت في ب [الهبا].

(٤) ثبت في ب [ضويها].

(٥) ثبت في ب [وقواد].

(٦) في أهكذا [لي لسنة].

(٧) ثبت في أ [منه].

(٨) في أ [وثناءه].

(٩) ثبت في أ [الأزهار].

(١٠) ثبت في أ [زكنا وإفادة].

(١١) سقط من «أ».

١٧

فهو الغني عن الإطناب بالألقاب

والمستغني بأوصافه الحسان

عن ترجمان البيان [المحفوظ](١) الملحوظ بعناية المعيد المبدي مولانا شعبان أفندي [لا زال صدر](٢) المعالي بمكانه من انشراح وفوائد وقلائد معاليه من أبهى وشاح. ولا برح الزمان ينفد ما صدر من قضائه وحكمه. والله تعالى يزيده بسطة من علمه وجسمه. مصيبّا به الأغراض من مرامي المرام ، محسنّا مطابقته [البديعية](٣) من النقض [والإبرام](٤) فإنه أعز الله تعالى ذاته ، وأطال وأطاب حياته ، لا جملة من أخباره إلا ولها محل من الإعراب عن المقصد الجليل ، ولا ضمير إلا وهو من اعتقاده على النحو القديم والرأي الجميل.

[وما ألطف ما قال] :

فلا زال ميمون اليمين بهمة

تعلمنا بالفعل كيف نقول

هذا ولما كان من لازم من تمسك بأهداب الآداب اطلاع مواليهم على محاسن ما يستطاب. [وما زالت](٥) الألسنة طائرة والعادة جارية بإهداء النفائس إلى النفيس من المرؤس إلى الرئيس.

وأحسن ما يهدي إلى المرء ماله

إليه ارتياح وهو ذكرى الحبائب

ولم تزل الفضلاء من كل زمان ، والنبلاء من كل عصر وأوان يتقربون إلى خواطر [مخاديمهم](٦) بأحسن ما يؤلفون وأبدع ما يصنفون.

فلا غرو من إهداء هذا الوضع البديع إلى ذلك الجناب [البديع](٧) فإن لكل جديد بهجة ولكل ناطق لهجة. والجزئي كلي عند الكريم والقليل جليل [مع](٨) ملاحظة التعظيم ، وإن كنت من ذلك كمن أهدى الزهر إلى غصنه والقطر إلى مزنه. والبحر يمطره السحاب وماله منّ عليه لأنه من [مائه](٩). هذا ولقد عرضت حكمة على لقمان وأهديت جرادة إلى حضرة السيد سليمان.

قال بعضهم من صدر كتاب له : ولما كانت الهدايا تزرع الحب وتضاعفه وتعضد

__________________

(١) ثبت في ب [المحظوظ].

(٢) ثبت في ب [لأن الصدر].

(٣) في ب [في النقص].

(٤) في ب [والأبوام].

(٥) في ب [ولا زالت].

(٦) في أ [مخاديهم].

(٧) ثبت في ب [المنيع].

(٨) في ب [عند].

(٩) في ب [هاله].

١٨

الشكر وتساعفه. أحببت أن أهدي إليه هدية فائقة تكون من سوق [فضائله نافقة](١) فلم أجد إلا العلم الذي شغفه حبّا والحكم التي لم يزل لها صبا. والأدب الذي اتخذه كسبا ورأيت فإذا التصانيف من كل فن لا تحصى. والأمالي من سطور العلماء وطروس (٢) الحكماء أوسع دائرة من أن تستقصى ، إلا أن التأنق من التحبير من قبيل إبراز الحقائق في الصور ولكل جديد لذة ولا خلاف من ذلك عند أهل النظر رحمهم‌الله تعالى.

ما كان من حمل اليراع بكاتب

خطا يباري بهجة وبيانا

أخذ العصا بالكف ليس بمعجز

الشأن من تحويلها ثعبانا

وكان يقال : الوضع وضعان : وضع له افتخار ووضع له تجار.

وحسن التأليف مواهب

وللناس مما يعشقون مذاهب

ومعلوم أن الجنون فنون

وكل حزب بما لديهم فرحون

وقد يلام الغني من الشيء يصنعه

وليس يلحقه لوم إذا تركه

هذا مع اعترافي بأني من فنون الذوق قليل البضاعة ومن شجون الشوق كليل الصناعة ولكن دأبي التقاط درر العبارات من حياض العلماء وديدني أخذ غرر الإشارات من عياض الحكماء فهو لسان إخوان الصفاء لا لساني وبيان خلان الوفاء لا بياني.

كمن يجد وليس له بعير

ومن يرعى وليس له سوام

ومن يسقى وقهوته شراب

ومن يدعو الضيوف [ولا](٣) حكام

وبالجملة فإن المرء ما بين هاج ومادح ومنتصر وقادح :

على أنني لم أخل من حاسد ومن

عدو ولكني له باسط العذرى

وهذه بنات فكر عاجز وبينات ذهن بينه وبين المعاني حاجز قد ترهبت إما من الكساد [فليست](٤) من المداد مستحّا أو من الوجل فجاءت تمشي على استحياء صفحّا وقد أطاع القول على هذا العذر المنصوص. وأبت كؤوس المعاني إلا أن ترقص بما فيها رقص القلوص.

سقوني وقالوا لا تغني ولو سقوا

جبال حنين ما سقوني لفنت

__________________

(١) سقط من ب.

(٢) التطريس : تسويد الباب وإعادة الكتابة على المكتوب. انظر / القاموس المحيط (٢ / ٢٢٦).

(٣) ثبت في ب [وليس].

(٤) ثبت في أ [فلبست] بالموحدة التحتية.

١٩

ومن وقف على تحقيق هذا الكلام. أنشد من تصديق هذي الدعوى إذا قالت حذام وإن كنت فيما أعاينه أتعوض عن الجوهر بالخرز وأكتفي عن المعاني الجليلة بما هو سداد من عوز. لكني ممن يعرف [الدرر وان](١) لم يملكه ، وينقل التبر وإن لم يسبكه. ولقد جاء بعناية الله تعالى ونظره السعيد نزهة للنظر. هذا وإن السعادة كما يقال [لتلحظ](٢) الحجر.

فكأنه من حسن رقة لفظه

ذكرى حبيب فاق كل حبيب

ما شيق إلا صريع عنده

ولشعره يشتاق كل لبيب

[فليكن](٣) كتابا بسببه ذكره الشريف يؤرخ ، وكافور القرطاس بغالية أوصافه من معناه يضمخ :

ما تنسخ الأيدي يبيد وإنما

يبقى لنا ما تنسخ الأقلام

فقد أسارت شفاه الليالي بقايا وأخلفت بواسق النخيل ودايا وعلى [رفيق](٤) خزا من بادية العربية من عضاضة دولة الإسلام. واقيّا لهم على الوردة الفارسة. في حدائق الكلام مآدب تغزو الروح وتهز العطف المروح إفادتها ميامن المستجن بطبه طيبا فسدت بها [اوكية](٥) النطق على فنن اللسان رطيبا.

وأتى على ما في من حضرته

ليعجبني ظل [حتى](٦) المشرع

وقد استقرت العزيمة على الاكتفاء. بغيض من فيض. وطل من ويل ونهر من بحر. إذ كل [كتيره](٧) عدو للطبيعة. وراكب سهوب الاسهاب مستهدف للوقيعة. وإنما يحمد المرء من اختصار [القيل](٨) وإلقاء القول الثقيل أوجزت جمعي ومن الايجاز فائدة وللكرام من التطويل تصديع. على أني لا أزعم أنه جمع سلامه. ولا أدعي انه صنيع فاضل يستحسنه النبيه والعلامة وإلا فوحي البلاغة من بعد لم تنقطع وسلوك طريق الايجاز أصلا ورأسّا لم يمتنع. ومن لي بخلو البال واستقامة الحال. ومعاضدة الزمن الغشوم. بانتفاء الهموم والشواغل [ومساعدة](٩) القدر بكف أذى اللئام والأرذال فأخذ من مصنوع الكلام وانني على ذلك المقام. وكيف تصفو القريحة وصفاء الوقت يكدر.

وسبيل المحن من أعلى الروابي تحدر. مع أني من زمن تشابه فيه الضاحك والباكي.

__________________

(١) ثبت في أ [بالدوران].

(٢) في أ [لتلحظ].

(٣) ثبت في ب [فليكنى].

(٤) في ب [رفيق].

(٥) ثبت في أ [أيكية].

(٦) في أ [الخبا].

(٧) في أ [كبيرة].

(٨) في أ [القتيل].

(٩) في أ [وما عقدة].

٢٠