تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عن شريك بن عبد الله ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب ، فإنّ الله يطعمهم ويسقيهم» [٨١٢٥].

رواه أبو عبد الرّحمن السّلمي ، عن محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس ، عن عبد الله بن محمّد أبي الشيخ الأصبهاني ، عن محمّد بن عبد الله بن مصعب.

أنبأنا أبو الحسن (١) عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، أنبأ أبو بكر يحيى بن إبراهيم المزكّي ، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : عسكر بن الحصين أبو تراب النّخشبي ، ويقال : عسكر بن محمّد بن حصين أحد فتيان خراسان والمذكورين بالأحوال السنية الرفيعة ، وأحد علماء هذه الطبقة ، وقد أسند أبو تراب الحديث.

كتب إليّ أبو علي الحداد ، وحدّثني أبو مسعود عنه قال : قال أبو نعيم الحافظ (٢) : عسكر بن الحصين أبو تراب الصوفي ، قدم أصبهان قديما ، كان من أهل نخشب من أهل خراسان ، كتب عنه عبد الله بن محمّد بن زكريا ، ومحمّد بن عبد الله بن مصعب.

ووهم أبو نعيم في قوله : نخشب من خراسان ، إنّما هي مما وراء النهر ، وهي نسف.

أخبرنا أبو الحسن (٣) علي بن أحمد ، وأبو منصور محمّد بن عبد الملك ، قالا : قال : أنا أبو بكر الخطيب (٤) : عسكر بن الحصين أبو تراب النّخشبي الزاهد ، كان كثير السفر إلى مكة ، وقدم بغداد غير مرة ، واجتمع بها مع أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، حكى عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل وغيره.

أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم القشيري ، أنبأ أبي قال (٥) : ومنهم أبو تراب عسكر بن الحصين النخشبي ، صاحب حاتم الأصم ، وأبي (٦) حاتم العطار البصري ، مات بالبادية نهشته (٧) السباع.

قال ابن الجلّاء : صحبت ستمائة شيخ ما لقيت فيهم مثل أربعة : أولهم أبو تراب النّخشبي.

__________________

(١) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ١٢٠ / ب.

(٢) ذكر أخبار أصبهان ٢ / ١٤٦.

(٣) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، والسند معروف.

(٤) تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٥ ـ ٣١٦.

(٥) الرسالة القشيرية ط بيروت ص ٤٣٦.

(٦) بالأصل وم : «وأبا» وفي الرسالة القشيرية : صحب حاتما الأصم وأبا حاتم العطار المصري.

(٧) الأصل : «نهشه» والمثبت عن م ، وقوله : «نهشته السباع» ليس في الرسالة القشيرية.

٣٤١

وقال أبو تراب : الفقير قوته ما وجد ، ولباسه ما ستر ، ومنزله حيث نزل.

وقال أبو تراب إذا صدق العبد في العمل وجد حلاوته قبل أن يعمل ، وإذا أخلص فيه وجد حلاوته (١) وقت مباشرة العمل.

أخبرنا أبو الحسن (٢) بن قبيس قال : نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنبأ ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أخبرني الأزهري ، أخبرني إبراهيم (٤) بن الحسن ، نا أحمد بن مروان المالكي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : جاء أبو تراب النّخشبي إلى أبي ، فجعل أبي يقول : فلان ضعيف ، فلان ثقة ، فقال أبو تراب : يا شيخ لا تغتاب العلماء ، فالتفت أبي إليه : ويحك هذه نصيحة ، ليس هذا غيبة.

أنبأنا أبو الحسن (٥) الفارسي (٦) ، أنبأنا أبو بكر المزكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، قال : فقال يوسف بن الحسين : كان أبو تراب من أهل نخشب ، وكان صاحب حاتم الأصم إلى أن مات ، ثم خرج إلى الشام ، وكتب الحديث الكثير ، ونظر في كتب الشافعي ـ رحمه‌الله ـ ثم نزل بمكة ، ويخرج منها إلى عبّادان والثغر ، ويرجع إلى مكة ثمّ مات بين المسجدين.

أخبرنا أبو الحسن المالكي قال : نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٧) ، أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، وأحمد بن علي المحتسب ، قالا : نا محمّد بن الحسين بن موسى النيسابوري (٨) ، قال : سمعت عبد الله بن علي يقول : سمعت الرّقّي يقول : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : لقيت ستمائة شيخ ما رأيت فيهم مثل أربعة : أولهم أبو تراب.

أنبأ أبو الحسن (٩) عبد الغافر بن إسماعيل ، أنبأ أبو بكر يحيى بن إبراهيم ، أنبأ محمّد بن الحسين ، قال : سمعت علي بن سعيد بن عثمان يقول : سمعت أحمد بن عطاء

__________________

(١) في الرسالة القشيرية : وجد حلاوته ولذته.

(٢) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، والسند معروف.

(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٦.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : أخبرني أحمد بن إبراهيم بن الحسن.

(٥) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، والسند معروف.

(٦) الأصل : القابسي ، والمثبت عن م.

(٧) تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٦.

(٨) في تاريخ بغداد : أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي محمّد بن الحسين بن موسى النيسابوري.

(٩) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، والسند معروف.

٣٤٢

يقول : أخبرني محمّد بن إسحاق المنبري (١) ، قال : قال أبو سعد (٢) الزيادي : كان أبو تراب يذكر أنه صحب حاتما وشقيقا ، وعلي الرازي المذبوح.

قال : وكذا محمّد بن الحسين قال.

وقال أبو حاتم العطار البصري لأبي تراب : إلى كم تسيح ما جازت سياحتك أقطار الأرض ، وكان أبو تراب صحب حاتما (٣) الأصم ، وأخذ منه طريقة التوكل ، ودخل أبو تراب البصرة ، وتزوج بها.

سمعت أبا المظفر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن السلمي يقول : سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول (٤) :

كان أبو تراب إذا رأى من أصحابه ما يكره زاد في اجتهاده ، وجدّد توبته ، ويقول [(٥) : بشؤمي دفعوا إلى ما دفعوا إليه] ، لأن الله يقول : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(٦).

قال : وسمعته يقول لأصحابه : من لبس منكم مرقّعة فقد سأل ، ومن قعد في خانقاه أو مسجد فقد سأل ، ومن قرأ القرآن من مصحف أو كما يسمع الناس فقد [سأل الناس](٧).

[(٨) قال : وسمعته يقول : كان أبو تراب يقول : بيني وبين الله عزوجل ، أن لا أمدّ يدي إلى حرام إلّا قصرت يدي عنه.

أخبرنا أبو الحسن الفارسي في كتابه ، أنبأنا يحيى بن إبراهيم إملاء ، نا أبو عبد الرحمن السلمي قال : وحكي عن أبي تراب أنه قال :

لا بد للأستاذ من أربعة أشياء : تمييز فعل الله عن فعل الخلق ، ومعرفة مقامات العمال ، ومعرفة الطبائع والنفوس ، وتمييز الخلاف من الاختلاف.

وكان أبو تراب يقول :

لا أعلم شيئا أضرّ بالمريدين من أسفارهم على متابعة قلوبهم ونفوسهم ، وما فسد من فسد من المريدين إلّا بالأسفار الباطلة.

__________________

(١) في م : الكثيري.

(٢) في م : أبو سعيد.

(٣) بالأصل وم : حاتم.

(٤) انظر الرسالة القشيرية ص ٤٣٦.

(٥) ما بين الرقمين ليس في الرسالة القشيرية.

(٦) سورة الرعد ، الآية : ١١.

(٧) ما بين معكوفتين زيادة عن م.

(٨) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

٣٤٣

قال : وأنا السلمي قال : سمعت محمّد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت أبا عثمان الأذني يقول : سمعت إبراهيم بن الخواص يقول : حدثني أخ لي كان يصحب أبا تراب : نظر إلى صوفي مد يده إلى قشر البطيخ وقد طوى ثلاثة أيام ، فقال له أبو تراب : تمد يدك إلى قشر البطيخ؟ أنت لا يصلح لك التصوف ، الزم السوق (١).

أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكلي وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة قالا : أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني عبيد الله بن أحمد الصيرفي ، نا أبو الفضل الزهري.

ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس نا ـ وأبو منصور بن خيرون أملانا ـ أبو بكر الخطيب (٢) : أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح ، وعمر بن الحسين بن إبراهيم الخفاف.

وأخبرنا (٣) أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو القاسم عمر ... (٤) إبراهيم الخفاف (٥) قالا : أنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، حدثني أبو الطيب أحمد بن جعفر الحذاء قال : سمعت أبا علي الحسين بن خيران الفقيه يقول : مرّ أبو تراب النخشبي بمزين ، فقال له : تحلق رأسي لله عزوجل؟ فقال له : اجلس ـ زاد الخفاف : فجلس ، وقالا : ـ ففيما يحلق رأسه مرّ به [أمير](٦) من أهل بلده ، فسأل حاشيته ، فقال لهم : أليس هذا أبو تراب؟ فقالوا : نعم ، قال : أيش معكم من الدنانير؟ فقال له رجل من خاصته معي خريطة فيها ألف دينار ، فقال : إذا قام فاعطه واعتذر إليه ، وقل له : لو لم يكن معنا غير هذه [الدنانير](٧) ، فجاء الغلام إليه فقال له : إن الأمير يقرأ عليك السلام ، وقال لك : ما حضر معنا غير هذه الدنانير ، فقال له : ادفعها إلى المزين ، فقال له المزين : إيش أعمل بها؟ فقال : خذها ، فقال : لا والله ولو أنها ألفي دينار ما أخذتها ، فقال له أبو تراب : مرّ إليه ، فقل له : إن المزين ما أخذها ، خذها أنت [فاصرفها](٨) في مهماتك.

سمعت أبا المظفر بن أبي القاسم يقول : سمعت أبي يقول : سمعت أبا حاتم

__________________

(١) الرسالة القشيرية ط بيروت ص ١٦٩.

(٢) الخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٦.

(٣) ما بين الرقمين استدرك عن هامش م.

(٤) بياض في م.

(٥) ما بين الرقمين استدرك عن هامش م.

(٦) استدركت اللفظة عن تاريخ بغداد.

(٧) استدركت اللفظة عن تاريخ بغداد.

(٨) لم تتضح اللفظة في م لسوء التصوير ، واستدركت عن تاريخ بغداد.

٣٤٤

السجستاني يقول : سمعت أبا نصر السّرّاج يقول (١) : شرط التوكل ما قاله [أبو [(٢) تراب النخشبي ، وهو طرح البدن في العبودية ، وتعلق القلب بالربوبية ، والطمأنينة إلى الكفاية ، فإن أعطي شكر ، وإن منع صبر].

قال : وسمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن أبي (كذا) ، سمعت علي بن؟؟؟ بدار (كذا) ، يقول : سمعت الجدري (كذا) يقول :

سئل أبو تراب عن صفة العارف ، فقال : الذي يكدره شيء ، ويصفو بكل شيء (٣)

سمعت أبا المظفر بن القشيري يقول : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن محمّد بن عبد الله الفرغاني يقول : سمعت أبا الحسين الرازي يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت أبا تراب النخشبي يقول (٤) :

ما تمنت نفسي من الشهوات (٥) إلّا مرة واحدة ، تمنيت (٦) خبزا وبيضا ، وأنا في سفر ، فعدلت إلى قرية فقام واحد وتعلق بي ، وقال : هذا كان مع اللصوص [فألقوني أرضا](٧) فضربوني سبعين درّة ، ثم عرفني رجل منهم فقال : هذا أبو تراب ، فاعتذروا إليّ ، فحملني رجل إلى منزله ، وقدم إليّ خبزا وبيضا ، فقلت لنفسي : [كلها بعد سبعين جلدة](٨).

سمعت محمّد بن الحسين يقول ، سمعت أبا العباس البغدادي يقول ... (٩) الفارسي يقول سمعت أبا الحسن الرازي يقول : سمعت الجنيد يقول سمعت أبا تراب النخشبي يقول :

 ـ ما تمنت نفسي علي قط إلّا مرة [تمنت علي](١٠) خبزا وبيضا وأنا في سفري ، فعدلت على الطريق إلى قرية فوثب رجل [وتعلق بي ، وقال : كان هذا مع اللصوص](١١) فبطحوني وضربوني سبعين خشبة ، فوقف [علينا رجل ، فصرخ ، وقال : هذا أبو تراب النخشبي ، فخلوني واعتذروا إليّ ، وأدخلني](١٢) الرجل منزله فقدم إليّ خبزا وبيضا ، فقلت : كلها بعد سبعين جلدة.

__________________

(١) الخبر في الرسالة القشيرية ط بيروت ص ١٦٤.

(٢) ما بين الرقمين سقط من م واستدرك عن الرسالة القشيرية.

(٣) الرسالة القشيرية ص ٣١٦ وفيها : ويصفو به كل شيء.

(٤) هذا الخبر والذي يليه في الرسالة القشيرية ص ١٤٤ و ٤٣٦.

(٥) في الرسالة القشيرية : ما تمنت نفسي عليّ قط إلّا مرة واحدة.

(٦) الرسالة القشيرية : تمنت.

(٧) الزيادة عن الرسالة القشيرية.

(٨) ما بين معكوفتين غير مقروء في م لسوء التصوير ، والمستدرك عن الرسالة القشيرية.

(٩) غير مقروء في م ، بياض ، لسوء التصوير.

(١٠ و ١١ و ١٢) غير مقروء في م ، بياض ، والمستدرك عن المختصر.

٣٤٥

[أخبرنا أبو المظفر بن القشيري] نا أبي رحمه‌الله قال : وسمعت محمّد بن الحسين يقول ..... (١) .......

 .... سمعت أبا سعد علي بن عبد الله ... سمعت أبا عبد الله محمّد بن عبد الله بن باكويه يقول : ..... (٢) .... يقول سمعت أبا بكر .... (٣) ...... (٤) يقول : سمعت أبا تراب النخشبي يقول :

إذا تواترت على أحدكم النعم [فليبك (٥) على نفسه ، فقد سلك به غير طريق الصالحين](٦).

قال : وسمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت أحمد بن علي يقول : سمعت الحسين بن علوية يقول : قال أبو تراب يقول : ليس ينال الرضا من قلبه مثقال.

أخبرنا أبو الحسن (٧) بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون [أنا ـ أبو بكر الخطيب](٨) ، أنبأ (٩) عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا علي بن عبد الله الهمذاني ، نا محمّد بن داود ، قال : سمعت أبا عبد الله بن الجلاء يقول :

قدم أبو تراب مرة إلى مكة فقلت له : يا أستاذ أين أكلت؟ فقال : جئت بفضولك ، أكلت أكلة بالبصرة ، وأكلة بالنّباج (١٠) ، وأكلة عندكم.

سمعت أبا المظفر يقول : سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم يقول : سمعت أبا حاتم السجستاني يقول : سمعت أبا نصر السراج يقول : أملى علينا الوجيهي حكاه عن محمّد بن يوسف البنّا ، قال :

[كان أبو تراب النخشبي صابح كرامات ، فسافرت معه سنة ، وكان معه أربعون نفسا ثمّ أصابنا مرة فاقة ، فعدل](١١) أبو تراب عن الطريق وجاء بعذق موز ، فناولنا ، وفينا شاب ، فلم يأكل ، فقال له أبو تراب : كل ، فقال : الحال الذي أعتقده ترك المعلومات ، وصرت أنت

__________________

(١) كلام غير مقروء في م بسبب سوء التصوير.

(٢) كلام غير مقروء في م بسبب سوء التصوير.

(٣) كلام غير مقروء في م بسبب سوء التصوير.

(٤) كلام غير مقروء في م بسبب سوء التصوير.

(٥) ما بين الرقمين غير مقروء في م ، تم استدراكه عن المختصر ١٧ / ٥٣.

(٦) إلى هنا ينتهي الاستدراك عن م.

(٧) الأصل : الحسين ، تصحيف والمثبت عن م.

(٨) ما بين معكوفتين زيادة منا لتقويم السند.

(٩) الخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٧.

(١٠) في بلاد العرب نباجان. (انظر معجم البلدان).

(١١) الزيادة بين معكوفتين عن م.

٣٤٦

معلومي ، فلا أصحبك بعد هذا ، فقال أبو تراب : كن مع (١) ما وقع لك.

قال : ونا أبي الأستاذ أبو القاسم ، نا محمّد بن عبد الله الصوفي ، نا أحمد بن يوسف الخياط قال : سمعت أبا علي الرّوذباري يقول : سمعت أبا العباس الرقي يقول :

كنا مع أبي تراب النخشبي في طريق مكة ، فعدل عن الطريق إلى ناحية فقال له بعض أصحابه : أنا عطشان ، فضرب برجله فإذا عين من ماء زلال ، فقال الفتى : أحب أن أشربه في قدح ، فضرب بيده إلى الأرض ، فناوله قدحا من زجاج أبيض كأحسن ما رأيت ، فشرب وسقانا ، وما زال القدح معنا إلى مكة ، فقال لي أبو تراب يوما : ما يقول أصحابك في هذه الأمور التي يكرم الله تعالى بها عباده؟ فقلت : ما رأيت أحدا إلّا وهو يؤمن بها ، فقال : من لم يؤمن بها فقد كفر ، إنّما سألتك من طريق الأحوال ، فقلت : ما أعرف لهم قولا فيه ، فقال بلى ، قد زعم أصحابك أنّها خدع من الجنّ وليس الأمر كذلك ، إنّما الخدع في حال السكون إليها ، فأما من لم يقترح ذلك ولم يساكنها فتلك مرتبة الربانيين.

أنبأنا مناولة أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر المزكّي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، قال : سمعت عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب يقول : كان أبو تراب يقول :

من كان غناه بماله لم يزل فقيرا ، ومن كان غناه في قلبه لم يزل غنيا ، ومن كان غناه بربه فقد قطع عنه اسم الفقر والغنى ، لأنه دخل في حيّز ما لا وصف له.

قال : وأنا السّلمي ، قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا علي الرّوذباري يقول : سمعت ابن الجلّاء يقول : سمعت أبا تراب النخشبي يقول (٢) : إذا ألفت القلوب الإعراض عن الله صحبتها الوقيعة في الأولياء.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أخبرني مكي بن علي المؤدب (٤) ، نا إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي ، قال : سمعت أبا عبيد دارم بن أبي (٥) دارم يقول : سمعت أخي أحمد بن محمّد قال : قال أبو تراب النخشبي يقول (٦) :

__________________

(١) الأصل : معي ، والمثبت عن م.

(٢) الرسالة القشيرية ص ٢٦٣ وفيها : ألف القلب .. صحبته.

(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٧.

(٤) تاريخ بغداد : المؤذن.

(٥) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٦) أقحم بعدها بالأصل : سمعت أبا الفرج المغافري ... يقول سمعت محمّد بن علي الحدي يقول سمعت عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلاء يقول سمعت أبا تراب النخشبي يقول : إذا تواترت على أحدكم النعم فليبك نفسه ...

وما أثبتناه يناسب عبارة تاريخ بغداد وم.

٣٤٧

وقفت خمسا (١) وخمسين وقفة ، فلمّا كان من قابل رأيت الناس بعرفات ، ما رأيت قط أكثر منهم ، ولا أكثر خشوعا وتضرعا ودعاء ، فأعجبني ذلك ، فقلت : اللهم من لم تتقبّل حجته من هذا الخلق فاجعل ثواب حجتي له ، وأفضنا من عرفات ، وبتنا بجمع ، فرأيت في المنام هاتفا يهتف بي تتسخى علينا وأنا أسخى الأسخياء؟ وعزّتي وجلالي ما وقف هذا الموقف أحد قطّ إلّا غفرت له ، فانتبهت فرحا بهذه الرؤيا ، فرأيت يحيى بن معاذ الرازي ، وقصصت عليه الرؤيا فقال : إن صدقت رؤياك فإنك تعيش أربعين يوما ، فلما كان يوم أحد وأربعين جاءوا إلى يحيى بن معاذ ، فقالوا : إنّ أبا تراب مات ، فغسّله ودفنه.

أنبأنا أبو الحسن (٢) الفارسي ، أنا أبو بكر المزكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت أبا عثمان بن الأدمي يقول : سمعت إبراهيم الخوّاص يقول : مات أبو تراب بين مكة والمدينة نهشته (٣) السباع (٤).

قال : وأنا السّلمي ، قال : وقال أبو عمرو الإصطخري : رأيت (٥) أبا تراب ميتا في البادية قائما منتصبا لا يمسكه شيء.

أخبرنا أبو الحسن (٦) بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٧) ، أنا أحمد بن علي المحتسب ، نا أبو عبد الرّحمن السلمي أنّ أبا تراب توفي بالبادية قيل : نهشته السباع سنة خمس وأربعين ومائتين.

أخبرنا أبو الحسن (٨) عبد الغافر بن إسماعيل في كتابه أنا [أبو](٩) بكر المزكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، أخبرني أحمد بن محمّد بن الفضل ـ إجازة ـ قال : سألت محمّد بن إبراهيم القلزمي ، عن موت أبي تراب ، فقال : مات أبو تراب سنة خمس وأربعين ومائتين.

قال : وأنا السّلمي ، قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : قال أبو أيوب النّهرواني : رأيت كأن القيامة قد قامت ، والأهوال قد بدت ، والأمم جاثية على الركب ، والكلّ قد همّه

__________________

(١) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل وم : خمسة.

(٢) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م.

(٣) الأصل : ينهشه ، والمثبت عن م.

(٤) حلية الأولياء ١٠ / ٤٩.

(٥) الأصل : ثابت ، والمثبت عن م وحلية الأولياء ١٠ / ٤٩.

(٦) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م.

(٧) تاريخ بغداد ١٢ / ٣١٧.

(٨) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن م.

(٩) الزيادة عن م.

٣٤٨

شأنه ، فبينا هم كذلك إذ لاح علم كبير ، ونور ساطع ، وأضاءت منه القيامة ، قال الناس : هذا ملك مقرّب أو نبي مرسل ، إذا منادي (١) ينادي : هذا أبو تراب النخشبي الذي آثر الله على ما له ، وبذل نفسه لمولاه ، فهبّت ريح من قبل العرش نثرت على الخلق نثارا فما أحد إلّا أصابه منه.

٤٦٩٩ ـ عشور ويقال : غشور السكسكي ، ويقال : السّلمي (٢)

من أصحاب معاذ بن جبل.

كان يسكن بيت لهيا (٣).

له ذكر ، ولا أعرف له رواية.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن [أبي](٤) نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٥) ، نا محمّد بن أبي أسامة ، نا ضمرة ، عن السّيباني (٦) قال :

لما وقعت الفتنة ـ يعني فتنة الضحاك ومروان ـ قال الناس : نقتدي بهؤلاء الثلاثة : بربيعة بن عمرو الجرشي ، ويزيد بن الأسود الجرشي ، ويزيد بن نمران (٧) الذماري.

قال أبو زرعة : فذكرت ذلك لعبد الرّحمن بن إبراهيم ، فأخبرني عن أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز أن الثلاثة : ربيعة بن عمرو الجرشي ، ويزيد بن الأسود ، وعشور السّلمي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطّبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، قال (٨) : سمعت عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا أبو مسهر ، عن سعيد ، قال : قال خليد السّلامي : ما بقي هؤلاء الثلاثة فلا أبالي بالفتنة ، قال : يعني أقتدي بهم : ربيعة بن عمرو الجرشي (٩) ، ويزيد بن الأسود الجرشي ، وعشور السكسكي ، قال :

__________________

(١) كذا بالأصل وم «منادي» بإثبات الياء.

(٢) ترجمته في الإصابة ٢ / ٤٨٠ رقم ٥٥٤٣.

(٣) بيت لهيا : قرية مشهورة بغوطة دمشق (معجم البلدان).

(٤) الزيادة عن م.

(٥) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

(٦) الأصل وم : الشيباني ، والتصويب عن أبي زرعة وهو يحيى بن أبي عمرو ، وانظر تهذيب التهذيب ١١ / ٣٦٥.

(٧) الأصل : عمران ، والمثبت عن م وتاريخ أبي زرعة.

(٨) الخبر في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ٢ / ٣٨٥.

(٩) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٦١.

٣٤٩

فلمّا كان يوم راهط اختلف هؤلاء الثلاثة ، فكان ربيعة زبيريا ، وكان عشور مروانيا ، وأمسك يزيد بن الأسود ، وكان أفضلهم.

قال عبد الرّحمن : قتل ربيعة الجرشي يوم راهط (١).

قرأت على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي ، عن أبي عمر بن حيوية ، أنا أبو الطيب محمّد بن القاسم الكوكبي ، [نا أبو بكر بن أبي](٢) خيثمة قال : وأخبرني أبو محمّد صاحب لي من بني تميم ـ ثقة ـ قال : قال أبو مسهر :

وكان أصحاب معاذ بن جبل أكبرهم مالك بن عامر السكسكي ، وكان رأس القوم ، ويزيد بن عميرة الزّبيدي ، وكان من رءوسهم ، وعبد الرّحمن بن غنم الأشعري ، وعشور السكسكي ، فحدّثنا سعيد بن عبد العزيز أنّ عشور لا يدري ابن من هو؟ كان في بيت لهيا ، وكان يصلّي الصلوات في مسجد دمشق ، وكان من أصحاب معاذ.

__________________

(١) المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٨٤.

(٢) الزيادة عن م.

٣٥٠

ذكر من اسمه عصمة

٤٧٠٠ ـ عصمة بن أبي عصمة إسرائيل بن يحماك

 أبو عمرو البخاري

روى عن هلال بن العلاء ، وجعفر القلانسي التّمّار ، وعمّه زوج بن يحماك ، وأحمد بن محمّد بن نافع الأطروشي ، وأبي يزيد هارون بن محمّد بن أبي الهيام العسقلاني ، وصالح جزرة ، وإبراهيم بن فهد بن حكيم ، وأبي زرعة الدمشقي.

روى عنه أبو علي بن شعيب ، وأبو أحمد بن عدي ، وأبو طالب محمّد بن صبح (١) بن رجاء ، وأبو الميمون بن راشد ، وأبو القاسم الحسين بن محمّد بن أحمد بن هشام السّلمي ، والفضل بن جعفر المؤذن.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، نا عبد الله بن عدي (٢) ، نا أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة إسرافيل [بن](٣) بجماك البخاري بدمشق حدّثني عمّي زوج ابن بجماك البخاري ، أنا عيسى بن موسى الغنجار البخاري ، ثنا أبو حمزة السكري ، عن الأعمش ، حدّثني أيوب السّختياني ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تسمّوا العنب الكرم ، فإنّ الكرم الرجل المسلم» [٨١٢٦]

قال : وأنا ابن عدي ، نا عصمة بن بجماك كان مقيما بمصر ، تحول إلى دمشق.

نا محمّد بن الهيثم بحديث ذكره.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ، أنا

__________________

(١) في م : صبيح.

(٢) ليس له ترجمة في الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي.

(٣) زيادة عن م.

٣٥١

تمام بن محمّد ، نا أبو علي محمّد بن هارون الأنصاري ، حدّثني عصمة بن أبي عصمة البخاري بدمشق ، أنا أحمد بن عمّار بن خالد التمار ، نا عصمة العبّاداني قال :

كنت أجول في بعض الفلوات إذ أبصرت ديرا ، وإذا في الدير صومعة ، وفي الصومعة راهب ، فناديته : يا راهب ، فأشرف عليّ ، فقلت له : من أين تأتيك الميرة؟ قال : من مسيرة شهر ، قلت له : حدثني بأعجب ما رأيت في هذا الموضع ، فقال : نعم ، بينا أنا ذات يوم أدير نظري في هذه البرية القفراء وأتفكر في عظمة الله وقدرته ، إذ رأيت طائرا أبيض مثل النعامة كبيرا قد وقع على تلك الصخرة ، وأومأ بيده إلى صخرة بيضاء ، فتقايا رأسا ثمّ رجلا ، ثم ساقا وإذا هو كلّما تقايا عضوا من تلك الأعضاء التأمت بعضها إلى بعض أسرع من البرق الخاطف ، بقدرة الله عزوجل ، حتى استوى رجلا جالسا بقدرة الله تعالى ، فإذا همّ بالنهوض نقره الطائر نقرة قطعه أعضاء ثمّ يرجع فيبتلعه.

فلم يزل على ذلك أياما ، فكثر والله تعجبي منه ، وازددت يقينا لعظمة الله عزوجل ، وعلمت أنّ لهذه الأجساد حياة بعد الموت ، فلم يزل على ذلك أياما ، فالتفت إليه يوما ، فقلت : يا أيها الطائر سألتك بحقّ الله الذي خلقك [وبرأك](١) إلّا أمسكت عنه حتى أسائله ، فيخبرني بقصته ، فأجابني الطائر بصوت عربي : الخلق (٢) لربي الملك وله البقاء ، الذي يفني كل شيء ويبقى ، أنا ملك من ملائكة الله عزوجل موكل بهذا الجسد ، لما أجرم وجرى عليه من قضاء الله ، وأمرني الله أن آتي هذا المكان لتسأله وتخاطبه ليخبرك بما كان منه ، فسله ، فالتفت إليه ، فقلت : يا هذا الرجل المسيء إلى نفسه ، ما قصتك؟ ومن أنت؟ قال : أنا عبد الرّحمن بن ملحم قاتل علي ، وإنّي لما قتلته وصارت روحي بين يدي الله عزوجل ، ناولني صحيفة مكتوبة فيها ما عملته من الخير والشر منذ يوم ولدتني أمي إلى أن قتلت عليّ بن أبي طالب ، وأمر الله هذا الملك بعذابي إلى يوم القيامة ، فهو يفعل بي ما قد تراه ، ثم سكت ، فنقره ذلك الطائر نقرة نثر أعضاءه بها ، ثم جعل يبتلعه عضوا عضوا ، فلما فرغ منه قال : يا آدمي إنّي ماض عنك ، وخير وصيتي لك : أن تتقي الله في سرك وعلانيتك ، فهذا جزاء من قتل نفسا زكية قد كتب لها السعادة من الله عزوجل ، وكتب على قاتلها النار والعذاب من الله عزوجل ، وقد أتاني رسول الله أن أمضي بهذا الجسد جزيرة في البحر الأسود الذي يخرج

__________________

(١) الزيادة عن م.

(٢) اللفظة مضطربة بالأصل وم وتقرأ فيهما : «طلق» والمثبت عن المختصر.

٣٥٢

منه هوامّ أهل النار ، فأعذبه إلى يوم القيامة.

ذكر الفضل بن جعفر أنه سمع من عصمة سنة ثلاثمائة.

٤٧٠١ ـ عصمة بن عبد الله الأسدي (١)

من بني أسد بن خزيمة ، حليف بن مازن بن النجار.

له صحبة ، وهو ممن شهد مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا ، وشهد اليرموك أميرا على كردوس ، ولا أعلم له رواية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص.

[ح](٢) وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا محمّد بن يعقوب ، قالا : نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق قال (٣) :

شهد بدرا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بني مازن ابن النجار : عصمة (٤) حليف لهم من بني أسد [بن](٥) خزيمة.

وفي رواية ابن السمرقندي : عصيمة بزيادة ياء (٦) ، والصواب : عصمة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر قال (٧) : وكان عصمة بن عبد الله حليف لبني مازن بن النجار من بني أسد على كردوس ـ يعني باليرموك

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنبأ أبو عبد الله بن مندة ، قال : عصمة شهد بدرا وهو من بني أسد بن خزيمة.

٤٧٠٢ ـ عصمة بن أبي عصمة البعلبكّي

حدّث عن أبي عبد الله محمّد بن بكير البصري.

روى عنه مكي بن بندار الزّنجاني.

__________________

(١) ترجمته في الإصابة ٢ / ٤٨٢ وأسد الغابة ٣ / ٥٣٤.

(٢) «ح» حرف التحويل زيادة عن م.

(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٦٢.

(٤) في سيرة ابن هشام : عصيمة.

(٥) زيادة عن م وسيرة ابن هشام.

(٦) في أسد الغابة والإصابة ذكراه في ترجمتين منفصلتين في عصمة ، وفي عصيمة : بالتصغير.

(٧) تاريخ الطبري ٣ / ٣٩٧ ضمن خبر اليرموك.

٣٥٣

حدّثني أبو القاسم محمود بن عبد الرّحمن البستي ، أنبأ أبو بكر بن خلف ، أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ ، نا مكي بن بندار الزنجاني ـ ببغداد ـ نا عصمة بن أبي عصمة البعلبكي ، نا أبو عبد الله محمّد بن بكير البصري ، نا عبد الله بن المثنى الأنصاري ، أبو محمّد ، حدّثني أبي ، عن ثمامة (١) بن عبد الله ، عن أنس ، عن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري أنها قالت :

لم تر فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دما قط في حيض ولا نفاس ، وكانت تصبّ عليها من ماء الجنة ، وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أسري به دخل الجنة ، وأكل من فاكهة الجنّة ، وشرب من ماء الجنة ، فنزل من ليلته فوقع على خديجة ، فحملت بفاطمة ، فكان حمل فاطمة من ماء الجنّة.

__________________

(١) الأصل : تمامه ، والصواب ما أثبت ، وهو ابن ابن أنس بن مالك ، راجع ترجمة أنس بن مالك في تهذيب الكمال ٢ / ٣٣٠.

٣٥٤

[ذكر من اسمه](١) عطارد

٤٧٠٣ ـ عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد

 ابن عبد الله بن دارم بن مالك

 ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم

 ويقال : إنّ حاجبا (٢) لقب زرارة ، وإنما لقب بذلك لكبر حاجبيه

 أبو عكرمة (٣) التيمي (٤)

أسلم على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووفد عليه ، واستعمله على صدقات بني دارم.

ووفد على معاوية.

روى عنه محمّد بن سيرين.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا محمّد بن يعقوب ، نا طاهر بن عمرو بن الربيع ، عن أبيه ، عن السّري بن يحيى ، عن محمّد بن سيرين ، عن رجل من بني تميم يقال له عطارد قال : كانت لي حلة ، فقال عمر : يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة للوفد وليوم العيد ، لم يرد.

أنبأ (٥) أبو سعد المطرّز ، وأبو علي المقرئ ، قالا : أنا أبو نعيم ، نا سليمان بن أحمد (٦) ، نا علي بن عبد العزيز ، نا حجاج بن منهال ، نا حمّاد بن سلمة ، عن محمّد بن

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة منا.

(٢) الأصل وم : حاجب.

(٣) عن الإصابة ، وتقرأ بالأصل وم : عكرثة.

(٤) ترجمته في : أسد الغابة ٣ / ٥٣٩ والإصابة ٢ / ٤٨٣ وجمهرة ابن حزم ص ٢٣٢ مغازي الواقدي ٣ / ٩٧٣ ودلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٣١٣.

(٥) في م : أنبأنا.

(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٨ / ٩٥ رقم ٢٢.

٣٥٥

زياد ، عن عبد الرّحمن بن عمرو بن معاذ ، عن عطارد بن حاجب.

أنه أهدى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثوب ديباج كساه إياه كسرى ، فدخل أصحابه فقالوا : أنزلت عليك من السماء؟ فقال : «وما تعجبون من ذا (١)؟ ، لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا» ، ثم قال : «يا غلام اذهب به إلى أبي جهم بن حذيفة وقل له يبعث إليّ بالخميصة» [٨١٢٧].

هذان الإسنادان غريبان ، وهذا المتن مذكور في حديث ابن عمر الصحيح الذي :

أخبرناه أبو العزّ أحمد بن عبد الله السلمي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأ أبو حفص عمر بن محمّد (٢) بن علي بن الزيات ، أنا أبو بكر جعفر بن محمّد بن الحسن (٣) بن المستفاض الفريابي ، نا شيبان بن فرّوخ ، نا جرير بن حازم ، نا نافع ، عن ابن عمر قال :

رأى عمر عطارد التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء (٤) وكان رجلا يغشى الملوك ، فقال عمر : يا رسول الله إنّي رأيت عطارد يقيم في السوق حلة سيراء ، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك ـ وأظنه قال : ولبستها يوم الجمعة ـ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة».

فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحلل سيراء فبعث إلى عمر بحلّة ، وبعث إلى أسامة بن زيد بحلّة ، وأعطى علي بن أبي طالب حلّة ، وقال : «شققها خمرا بين نسائك» ، فجاء عمر يحملها ، فقال : يا رسول الله بعثت إليّ بهذه وقلت بالأمس في حلّة عطارد ما قلت ، قال : «إنّي لم أبعث بها إليك لتكتسها (٥) ولكن بعثت بها إليك لتصيب بها» ، فأما أسامة فراح في حلّته ، فنظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظرا عرف أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦) قد أنكر ما صنع ، فقال : يا رسول الله ما تنظر إليّ وأنت بعثت بها إليّ ، قال : «إنّي لم أبعث بها إليك لتلبسها ولكن بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين نسائك» [٨١٢٨].

__________________

(١) الأصل : رداء ، والتصويب عن م والمعجم الكبير.

(٢) «بن محمّد» ليس في م.

(٣) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٩٦.

(٤) السيراء ـ كعنباء ـ نوع من البرود ، فيه خطوط صفر ، أو يخالطه حرير ، والذهب ، وقيل هو ثوب مسير (انظر تاج العروس بتحقيقنا : سير).

(٥) كذا بالأصل ، وسقطت اللفظة من م ، وفي المختصر : لتلبسها.

(٦) قوله : «نظرا عرف أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» استدرك عن هامش الأصل وبعده صح.

٣٥٦

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم (١) ، أنبأ إبراهيم بن منصور ، أنبأ أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا شيبان ، نا جرير ، نا نافع ، عن ابن عمر ، قال :

رأى عمر بن الخطاب عطارد التميمي يقيم في السوق ـ وقال ابن المقرئ : بالسوق ـ حلّة سيراء وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم ، فقال عمر : يا رسول الله إنّي رأيت عطارد يقيم في السوق حلة سيراء فلو اشتريتها فكسيتها لوفد العرب إذا قدموا عليك ـ وأظنه قال : وتلبسها يوم الجمعة ـ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة».

فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحلل سيراء ، فبعث إلى عمر بحلّة ، وبعث إلى أسامة بحلّة ، وأعطى عليا حلّة ، وقال : «شققها خمرا (٢) بين نسائك» ، فجاء عمر بحلّته فقال : يا رسول الله ، بعثت إليّ بهذه وقد قلت في حلّة عطارد ما قلت ، فقال : «إنّي لم أبعث بها إليك لتلبسها ولكن بعثت بها إليك لتصيب منها» ، وأما أسامة فراح في حلّته ، فنظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظرا عرف أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أنكر ما صنع ، فقال : يا رسول الله ما تنظر إليّ وأنت بعثت بها إليّ ، قال : «إنّي لم أبعث بها إليك لتلبسها ولكني بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين نسائك» [٨١٢٩].

رواه مسلم عن شيبان (٣).

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأ أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو بكر الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد ، قال في الطبقة الرابعة : عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وكان في وفد بني تميم الذين قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدّموه ، فخطب ، وفخر ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثابت بن قيس بن شماس فأجابه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ،

__________________

(١) بعدها في م : قالا : أملانا أبو سعد الأديب أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

ح وأخبرنا أبو عبد الله الأديب ....

(٢) خمرا بضم الميم ويجوز إسكانها ، جمع خمار ، وهو ما يوضع على رأس المرأة.

(٣) صحيح مسلم ٣٧ كتاب اللباس والزينة ، (٢) باب ، (ح ٢٠٦٨) ٣ / ١٦٣٩.

٣٥٧

أنا أحمد بن معروف ، أنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر (١) ، نا محمّد بن عبد الله ، عن الزهري ، قال : ثنا عبد الله بن يزيد ، عن سعيد بن عمرو (٢) ، قالا : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشر (٣) بن سفيان ـ ويقال : النّحام العدوي (٤) ـ على صدقات بني كعب من خزاعة ، فجاء وقد حلّ بنواحيهم بنو عمرو بن جندب بن العنبر (٥) بن عمرو بن تميم ، فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة ، فاستنكر ذلك بنو تميم ، وأبوا وابتدروا القسيّ وشهروا السيوف ، فقدم المصدّق على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : «من لهؤلاء القوم» فابتدر لهم عيينة (٦) بن بدر ، فبعثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خمسين فارسا من العرب ، ليس فيهم مهاجر (٧) ولا أنصاري ، فأغار عليهم فأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا ، فجلبهم (٨) إلى المدينة وقدّم فيهم عدّة من رؤساء بني تميم : عطارد بن حاجب ، والزبرقان بن بدر ، وقيس بن عاصم ، وقيس بن الحارث ، ونعيم بن سعد ، والأقرع بن حابس ، ورياح بن الحارث ، وعمرو بن الأهتم ، ويقال : كانوا تسعين أو ثمانين رجلا ، فدخلوا المسجد ، وقد أذّن بلال بالظهر ، والناس ينتظرون خروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعجلوا واستبطئوه فنادوه : يا محمّد اخرج إلينا ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأقام بلال ، فصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ أتوه ، فقال الأقرع : يا محمّد ائذن لي :

فو الله إنّ حمدي لزين

وإنّ ذمي لشين

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كذبت ذاك الله تبارك وتعالى» ، ثم خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجلس وخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن شماس : «أجبه» فأجابه ثمّ قالوا : يا محمّد ائذن لشاعرنا ، فأذن له ، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحسان بن ثابت : «أجبه» ، فأجابه بمثل شعره ، فقالوا : والله لخطيبه أبلغ من خطيبنا ، ولشاعره أشعر من شاعرنا ، ولهم أحكم منا ، ونزل فيهم (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ

__________________

(١) انظر مغازي الواقدي ٣ / ٩٧٣ ـ ٩٧٤.

(٢) بالأصل وم : عمر ، والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٣) في مغازي الواقدي : بسر بن سفيان الكعبي.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : ويقال : نعيم بن عبد الله النحام ومثله في مغازي الواقدي.

(٥) بالأصل : «العير» والمثبت عن م والمختصر ، وفي مغازي الواقدي : العتير.

(٦) سقطت من م ، وفي مغازي الواقدي : عيينة بن حصن الفزاري.

(٧) بالأصل وم : «مهاجري» والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٨) في مغازي الواقدي : فحملهم.

٣٥٨

الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(١) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قيس بن عاصم : «هذا سيّد أهل الوبر» ، ورد عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأسرى والسبي وأموالهم بالجوائز كما كان يجيز للوفد.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال :

وقدمت وفود العرب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي في أشراف من بني تميم ، منهم : الأقرع بن حابس ، والزّبرقان بن بدر ، وعمرو (٣) بن الأهتم ، والحبحاب (٤) ، ونعيم بن زيد ، وقيس بن الحارث [وقيس](٥) بن عاصم في وفد عظيم من بني تميم وفيهم عيينة بن حصن الفزاري ، وكان الأقرع وعيينة شهدا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا والفتح والطائف ، فلما قدم وفد بني تميم دخلا معهم ، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء الحجرات (٦) أن أخرج إليه يا محمّد ، فآذى ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من صياحهم ، فخرج إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : يا محمّد جئناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا ، فقال : «نعم ، قد أذنت لخطيبكم فليقم» ، فقام عطارد بن حاجب فقال : الحمد لله الذي جعلنا ملوكا الذي له الفضل علينا ، والذي وهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكبره عددا وأشده (٧) عدّة ، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا رءوس الناس وأولي فضلهم ، فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا ، فلو شئنا لأكثرنا من الكلام ولكنا نستحيي من الإكثار لما أعطانا ، أقول هذا الآن فائتوا بمثل قولنا ، وأمر أفضل من أمرنا ، ثم جلس.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن شماس : «قم فأجبه» ، فقام ، وقال : الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيهن (٨) أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يكن شيء قطّ

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية : ٤.

(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ط بيروت ٥ / ٣١٣ تحت عنوان : وفد عطارد بن حاجب في بني تميم.

(٣) الأصل : وعمر ، والتصويب عن م ودلائل النبوة.

(٤) الأصل : والخباب ، وفي م : «الحباب» والمثبت عن دلائل النبوة ، وفيها : الحبحاب بن يزيد.

(٥) الزيادة عن م ودلائل النبوة للإيضاح.

(٦) الأصل : الحجاب ، والمثبت عن م ودلائل النبوة.

(٧) كذا بالأصل وم ، وفي دلائل النبوة : وأيسره.

(٨) الأصل : فيهم ، والمثبت عن م ودلائل النبوة.

٣٥٩

إلّا من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثا ، وأفضله حسبا ، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على عباده (١) ، فكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله ، فآمن به المهاجرون من قومه ، وذوي رحمه أكرم الناس أحسابا وأحسنهم (٢) وجوها وخير الناس فعلا ، ثم كان أول الخلق إجابة ، واستجابة لله حين دعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نحن ، فنحن أنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا ، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا ، وكان قتله علينا يسيرا ، أقول هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات ، والسلام عليكم.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأ الحسن (٣) بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن عيسى ، أنا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر ، قال (٤) : وبعث ابن اللبيبة الأرحبي (٥) إلى بني ذبيان ، وبعث رجلا من بني سعد بن هذيم على صدقاتهم ، فخرج بشر (٦) بن سفيان على صدقات بني كعب ، ويقال : إنّما سعى عليهم نعيم بن عبد الله النحام العدوي ، فجاء وقد حلّ بنواحيهم [بنو جهيم](٧) من بني تميم ، [و](٨) بنو عمرو بن جندب بن العنبر (٩) بن عمرو بن تميم فهم يشربون معهم على غدير لهم بذات الأشطاط (١٠) ويقال : وجدهم على عسفان ثمّ أمر بجمع مواشي خزاعة ليأخذ منها للصدقة ، قال : فحشرت عليه خزاعة الصدقة من كل ناحية ، واستكثرت ذلك بنو تميم وقالوا : ما هذا أتؤخذ أموالكم منكم بباطل؟ وتجيشوا ، وتقلدوا القسّي وشهروا السيوف ، فقال الخزاعيون : نحن قوم ندين بدين الإسلام ، وهذا من ديننا ، فقال التميميون : والله لا يصل إلى بعير منها أبدا.

فلما رآهم المصدّق هرب منهم ، فانطلق موليا وهو يخافهم ، والإسلام يومئذ لم يعم العرب ، قد بقيت بقايا من العرب فهم يخافون [السيف](١١) لما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة

__________________

(١) دلائل النبوة : خلقه.

(٢) الأصل وم : وأحسنه ، والمثبت عن الدلائل.

(٣) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والسند معروف.

(٤) مغازي الواقدي ٣ / ٩٧٣ وما بعدها.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي م ومغازي الواقدي : ابن اللتبية الأزدي.

(٦) كذا بالأصل وم والمختصر ، وفي مغازي الواقدي : بسر.

(٧) ما بين حاصرتين سقط من الأصل وم وزيد عن الواقدي.

(٨) ما بين حاصرتين سقط من الأصل وم وزيد عن الواقدي.

(٩) كذا بالأصل ، وبدون إعجام في م ، وفي مغازي الواقدي : العتير.

(١٠) الأصل : الأشظاظ ، والمثبت عن م والواقدي ، وفي معجم البلدان : وغدير الأشطاط قريب من عسفان.

(١١) زيادة عن م والواقدي.

٣٦٠