إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ١

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ١

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٠

١

٢

٣
٤

كلمة الناشر

يسر دار القلم العربي للنشر والتوزيع بحلب أن تقدم إلى الباحثين والمؤرخين والعلماء والأدباء وأبناء مدينة حلب هذا الكتاب الجليل « إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء » بأجزائه السبعة لعلّامة حلب الأستاذ المرحوم محمد راغب الطبّاخ ، بعد أن فقدت طبعته الأولى وعزّ الحصول عليه والاستفادة منه ، فكان أن سارعت الدار إلى خدمة الثقافة التراثية المجيدة بإخراجه على هذه الصورة التي تتفق ومعطيات الطباعة الحديثة لتعم الفائدة ويتم النفع.

وقد عهدت الدار إلى المحقق الأستاذ محمد كمال بمهمة الإشراف على طباعته ، فبذل ما بذل من جهده ووقته في سبيل تنقيح النصوص وضبط الأشعار وإصلاح ما وقع في الطبعة الأولى من سهو أو تصحيف ، فله مني الشكر الجزيل.

مع أطيب تحياتي

حلب ٧ / ٤ / ١٩٨٨

الناشر

علاء الدين رفاعي

٥
٦

٧
٨

تصدير

تعد مدينة حلب الشهباء من المدن العربية الإسلامية التي ضربت جذورها في أغوار التاريخ ، حتى كان لها شأن كبير في أيام الفتوحات الإسلامية لما لموقعها الجغرافي من أهمية عظمى ، فغدت محط القوافل التجارية وهدف الغزاة المغيرين وملتقى الشرق بالغرب ومركزا للتقلبات السياسية والحركات العلمية ، إذ عرفت في عصورها السالفة والحاضرة بمجالس العلم ومنتديات الأدب ، فأمها من كل حدب وصوب شداة المعرفة ينهلون من مساجدها ومدارسها وحلقات العلماء فيها شرابا سائغا هو مزيج من التفسير والفقه والأدب والنحو والمنطق والموسيقا والتاريخ والطب والفلك وغير ذلك من صنوف العلوم والفنون.

فكان حقيقا بمثل هذه المدينة العريقة أن تستحوذ على اهتمام المشتغلين بالتاريخ والآثار والعلوم فصنفت في تاريخها المصنفات الكثيرة التي بسطت في طياتها ما تعاقب فيها من أحداث وما قام فيها من حضارة وعمران. وظلت هذه الكتب تتوالى بين موسع وموجز وخاص وعام إلى مطالع هذا القرن حتى توجت بكتاب جامع يضم تاريخها السياسي الذي تشعث في عدد كبير من المراجع والمصادر ، ويعرّف بأعلامها على مر العصور من رجال الحكم والقضاء وأصحاب الشأن في مختلف الميادين السياسية والعلمية والأدبية والدينية والاجتماعية ، فكان كتاب « إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء » ، الذي قيض الله لتصنيفه عالما من أبنائها جليلا وبحّاثة ثبتا ومؤرخا ضليعا تفرغ للعلم فاخلص له وأقبل على التأليف فأبدع فيه.

٩

المؤلف :

هو محمد راغب الطباخ بن محمود بن هاشم بن السيد أحمد بن السيد محمد الشهير بالطباخ ، وقد ذكر المؤلف في كتابه هذا الذي نقدمه تحت عنوان : تحقيق في نسب عائلتنا ، أن الأسرة على غالب ظنه منسوبة إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن الجد هو الشيخ حسن بن علي الحنبلي الشافعي الشريف المتوفى سنة ١١٤٠ ه‍.

ويروي الأستاذ محمد يحيى الطباخ ابن المؤلف ـ وهو من المختصين بالتاريخ * ـ أن والده قد ولد في الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة ١٢٩٣ ه‍ ( ١٨٧٧ م ) وذلك في حي « باب قنسرين » في حلب قريبا من البيمارستان الأرغوني ، وكانت أسرته قد جمعت بين التجارة والعلم والتصوف ، فقد عرض على جده الشيخ هاشم منصب القضاء على الآستانة ، فأبى معتذرا بأن لهم صنعة أغناهم الله بها عن الوظائف وهي صناعة بصم الشاش الأبيض بألوان ونقوش لتتخذ منه العصائب والمناديل والملافع في بلاد كثيرة من الشرقين الأدنى والأوسط.

وكان عمه عبد السلام مكبا على مطالعة الكتب يتنقل بين علوم اللغة والفقه والحديث والفرائض.

أما والد المؤلف فقد نشأ أيضا في صناعة البصم وتجارتها أسوة بأبيه ، وذلك في خان العلبية وخان البرغل ، جامعا بين العلم والتجارة ، إلا أن مسائل العلم انحصرت عنده في الأمور الفقهية التي تتعلق بأحكام المعاملات في الشريعة الإسلامية.

وتطالعنا في أسرة الطباخ نزعة إلى الزهد والصلاح هي من ميراث القرون الماضية ، ولكنها ظلت قائمة فيهم إلى عهد غير بعيد ، فجده الشيخ هاشم وهو من رجال القرن الثالث عشر الهجري اتخذ لنفسه الطريقة الخلوتية القادرية على يد الشيخ إبراهيم الدارعزاني

__________________

( * ) ـ « محمد راغب الطباخ : حياته ـ آثاره » تأليف محمد يحيى الطباخ. وهي رسالة جامعية تقدم بها إلى قسم التاريخ في الجامعة السورية عام ١٩٥٧.

١٠

( الهلالي ) وصار يختلي الخلوة الأربعينية في كل سنة كما جرت عادة أهل هذه الطريقة ، أما أبوه الحاج محمود الطباخ فكان يختلف إلى الشيخ محمد الهلالي ابن العالم الزاهد الشيخ إبراهيم الهلالي شيخ الزاوية الهلالية بحلب. وهكذا كان المؤلف رحمه‌الله يصحب والده في حداثته إلى حلقات الذكر ومجالس أهل المعرفة فيصغي إلى الأناشيد الدينية العذبة حتى تكون لديه حس مرهف وشعور رقيق مما دفعه إلى حب الموسيقا وتعرف أصولها وأصواتها.

وكان رحمه‌الله قد أتم تلاوة القرآن الكريم في الثامنة من عمره في أحد الكتاتيب المعروفة آنذاك ، ثم بدأ يتلقى أصول الكتابة والخط على يد الخطاط الشيخ محمد العريف المعروف بشيخ الأشرفية ( الشرفية ) ، ثم دخل المدرسة المنصورية وفيها تعلم مبادىء اللغة التركية والفارسية والإفرنسية بالإضافة إلى العربية.

وقد أتيح له أن يزور الحجاز وهو في الرابعة عشرة من عمره بصحبة والده وعمه الشيخ عبد السلام فالتقى معهما بأهل العلم والفضل هناك وأصغى إلى ما كان يدور في تلك المجالس من مناظرات علمية ومناقشات فكرية. ولما تم شبابه وتفتحت مواهبه أخذ يطوف البلدان طواف المستطلع الظامىء إلى ينابيع المعرفة فكان أن اجتمع بالشيخ عبد القادر المغربي والشيخ بهجة البيطار والشيخ كامل القصاب والشيخ مكي الكتاني ، فإذا تعذر اللقاء وعز السفر عمد إلى مراسلة العلماء في الشرق والغرب أمثال داود جلبي وعيسى إسكندر المعلوف وأحمد تيمور باشا والأمير شكيب أرسلان ، زد عليهم عددا من المستشرقين الذين سحرهم التراث العربي الإسلامي فتفرغوا له وأبدعوا فيه وعملوا على كشف كنوزه أمثال كرنكو ورايتر ومرجليوث وماير ، فأفاد منهم وأفادوا منه في كثير من الشؤون المتعلقة بالمخطوطات العربية.

ومع ذلك فإن إقباله ـ رحمه‌الله ـ على الكتب والمصنفات وشغفه بالمطالعة والبحث وولعه بالعلم والعلماء لم يكن مما يستغرق منه جل وقته ويصرفه عن الحياة التي تحيط به ، فقد كان له نشاط بارز في ميادين الصحافة والتدريس والتوجيه والإصلاح مع ما يقتضي ذلك من تكوين العلاقات الاجتماعية الواسعة على الصعيدين الرسمي والشعبي ، وقد حظيت بمقالاته العلمية وتحقيقاته التاريخية صحف عربية كثيرة كان من أهمها جريدة ثمرات الفنون ثم جريدة الاتحاد العثماني ، كما راسل جريدة الحقيقة والبلاغ والمفيد في بيروت ، ومجلة

١١

الفتح والمكتبة والزهراء في مصر ، والحقائق والمجمع العلمي في دمشق ، والاعتصام والجامعة الإسلامية والعاديات في حلب.

ولقد عين في مجلس معارف ولاية حلب فانصرف إلى تدريس اللغة العربية والإنشاء والعلوم الدينية في مدرسة شمس المعارف ، ثم لما افتتحت المدرسة الخسروية عام ١٩٢١ انتدب لتدريس السيرة النبوية والحديث ثم التاريخ والثقافة الإسلامية. وقد سعى إلى تعديل برامج هذه المدرسة الدينية بشكل يوافق روح العصر وعلومه الحديثة ، فقرر تدريس التاريخ الإسلامي والجغرافية وقانون الحقوق الطبيعية وقانون الأراضي وأحكام الأوقاف وعلم الحساب والعلوم الطبيعية واللغوية ، وانطلاقا من إيمانه بضرورة التوفيق بين علوم الدين والدنيا أخذ على عاتقه ـ وقد عين مديرا للمدارس العلمية الدينية عام ١٩٣٧ ـ أن يتولى إصلاح هذه المدارس الشرعية ، فراح يضع المشاريع ويقدم المقترحات لوضع المناهج الكفيلة بتوحيد خطة هذه المدارس وتخريج طلاب تمكنوا من علوم الدين وتفتحوا على العلوم العصرية والمكتشفات الحديثة.

ولعل قارىء كتابه « إعلام النبلاء » يتبين مدى إقباله على الآثار العمرانية وشغفه بالأوابد التاريخية في مدينة حلب ، وذلك مما يبسطه المؤلف في أثناء كتابه من وصف تفصيلي دقيق للكثير من المساجد والأحياء المتبقية والمنشآت الغابرة والمدارس العامرة أو الداثرة وصفا يعتمد على استعراض هذا الأثر تاريخا وتطورا ، واستقصاء أبعاده ومحتوياته استقصاء الواقف المعاين والأثري الخبير ، فكانت له بذلك يد بيضاء على النشاط الأثري الذي لا يزال ينمو ويزداد في هذه المدينة يوما بعد يوم.

ولقد اجتمعت في هذا الرجل روافد عديدة كونت شخصيته وأنزلته في قلوب أهل عصره منزلة المحب المكرم من علم غزير وخلق فاضل وهمة بالغة ، فكانت المؤسسات العلمية والأدبية والاجتماعية تتخطفه وتستفيد من سعة اطلاعه وغنى نفسه ، فانتخب عام ١٩٢٣ عضوا في المجمع العلمي العربي في دمشق ، وعضوا في جمعية الآثار القديمة عام ١٩٣٠ ، وعضوا في اللجنة الادارية للمتحف الوطني بحلب عام ١٩٣١ ، وعضوا في جمعية المعارف النعمانية بحيدر آباد الدكن عام ١٩٣٥ ، ورئيسا لجمعية البر والأخلاق الإسلامية

١٢

عام ١٩٣٨ ، وأخيرا قام برئاسة رابطة العلماء بحلب إلى أن وافته المنية في الخامس والعشرين من رمضان سنة ١٣٧٠ ه‍ ـ ٢٩ حزيران سنة ١٩٥١ م.

أساتذته :

يقول الأستاذ محمد عبد الغني حسن من مقال نشره في مجلة الرسالة * : ولكن الذي أعرفه أن المترجم له تتلمذ على أستاذين من أكبر علماء الشام ، وهما الشيخ محمد الزرقا والشيخ بشير الغزي. أما الشيخ الزرقا فقد كان حجة في فقه الإمام أبي حنيفة ، وكان كما يقول تلميذه : لو شاء إملاء مذهب أبي حنيفة من حفظه لأملاه بنصوصه وحروفه. وقد تولى التدريس في المدرسة الشعبانية أولا ، ثم اشتغل بالقضاء أو رياسة كتّاب المحكمة الشرعية بحلب ، وظل أكثر حياته الطويلة معلما يلتف حوله التلاميذ ويردون أصفى موارده ، إلى أن توفي سنة ١٣٤٣ ه‍ ١٩٢٤ م.

أما الشيخ بشير الغزّي فقد كان أمينا للفتوى بحلب فعضوا بمحكمة الحقوق فرئيسا لها ، فمدرسا بالمدرسة الرضائية فقاضيا ، إلى أن عين في آخر أيامه قاضيا لقضاة حلب ، وظل في المنصب إلى أن توفي سنة ١٣٣٩ ه‍.

وعلى قدر ما كان الشيخ محمد الزرقا متمكنا من الفقه الإسلامي ضالعا فيه ، كان الشيخ بشير الغزّي متمكنا من اللغة العربية وشعرها وأدبها ، وكان حاضر الذهن في الاستشهاد باللغة أو بالشعر ، وأعجب من ذلك أن كتب الأغاني لأبي الفرج ، والحماسة لأبي تمام ، والأمالي للقالي ، والكامل للمبرد ، ودواوين أبي تمام والبحتري والمتنبي والمعري كانت كلها على مناط الطلب ، يحفظها ويروي عنها ويعيها في صدره ، فلا يكاد يخطىء في الرواية عنها أو يعز عليه الاستشهاد منها.

آثاره :

كان الشيخ الطباخ رحمه‌الله واحدا من أعلامنا المعاصرين الذين كان لهم أثر واضح في إثراء الثقافة الحديثة وإحياء المآثر الفكرية السالفة ، وتحقيقا لهذه الغاية النبيلة قام

__________________

( * ) ـ عدد ٩٥٢ س ١٩٥١ ص ١١١٤ ـ ١١١٧.

١٣

بتأسيس مطبعة خاصة أسماها ( المطبعة العلمية ) فطبع فيها مؤلفاته ومؤلفات غيره من نفائس كتب الحديث ونوادر كتب اللغة والأدب ، على نفقته الخاصة فكان له من وراء ذلك فضيلة نشر العلم وتسهيل وصوله إلى أيدي القراء وإسداء الخير الى المكتبة العربية.

ولقد أثبت الأستاذ محمد يحيى الطباخ في رسالته آثار والده المطبوعة والمخطوطة فجاءت كما يلي :

الآثار المطبوعة :

١ ـ إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء : في سبعة مجلدات كبار.

٢ ـ ذو القرنين وسد الصين من هو وأين هو : وهو بحث عن شخصية ذي القرنين الوارد ذكرها في القرآن الكريم ، وسد الصين وما ورد فيهما من أحاديث نبوية ، وما قام به العرب من بعثات لاكتشاف معالم السد.

٣ ـ الأنوار الجلية من مختصر الأثبات الحلبية : وهي :

 ـ الثبت المسمى ( كفاية الراوي والسامع وهداية الرائي والسامع ) للعلامة المحدث الشيخ يوسف الحسيني الحنفي الحلبي المتوفى سنة ١١٥٣ ه‍.

 ـ والثبت المسمى ( إنالة الطالبين لعوالي المحدثين ) للعلامة المحدث الشيخ عبد الكريم بن الشيخ أحمد الشراباتي الحلبي المتوفى سنة ١١٧٨ ه‍.

 ـ والثبت المسمى ( منار الإسعاد في طرق الإسناد ) للعلامة المحدث الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الحنبلي الحلبي المتوفى سنة ١١٩٢ ه‍. وهو مجلد في ٤٤٧ صحيفة.

٤ ـ المصباح على مقدمة ابن الصلاح : وهي تعليقات على هذا الكتاب طبعت مع الأصل وشرحه المسمى ( التقييد والإيضاح لما أطلق أو أغلق من مقدمة ابن الصلاح ) للحافظ العراقي.

٥ ـ الروضيات : وهي ما جمعه من أمهات المخطوطات والكتب القديمة والحديثة من شعر الشاعر المجيد أبي بكر الصنوبري الحلبي أحد شعراء سيف الدولة الحمداني المتوفى سنة ٣٣٤ ه‍ مع ترجمة حافلة لحياته.

١٤

٦ ـ الثقافة الإسلامية : وهو بحث في الثقافة الإسلامية والعلوم التي تفرعت عن القرآن الكريم والحديث النبوي كالتجويد والتفسير مع بيان طبقات المفسرين وأشهر تآليفهم ، والحديث النبوي ومصطلحه ، وأشهر شراح الكتب الحديثية ، وعلوم الفقه والمذاهب الفقهية ، مع بيان انتشار المذاهب الأربعة في الأقطار الإسلامية ، والتصوف ، ثم العلوم الأدبية والتاريخ ، وبحث في النهضة الفكرية أيام الدولة الأموية والعباسية ، ويختم الكتاب ببحث عن رقود الحركة الفكرية ويقظتها الأخيرة في البلاد العربية.

ولما انتخب لمجلس معارف حلب شارك في تبسيط العلوم فوضع الكتب المدرسية التالية :

٧ ـ المطالب العلية في الدروس الدينية : وهو في ثلاثة أجزاء.

٨ ـ عظة الأبناء بتاريخ الأنبياء : في ٦٠ صحيفة.

٩ ـ تمرين الطلاب في صناعة الإعراب : رسالة في ١٦ صحيفة تسهل على المبتدئين كيفية الإعراب.

١٠ ـ ترجمة كمال الدين بن العديم المتوفى سنة ٦٦٠ ه‍ مع بيان تاريخه العظيم « بغية الطلب من تاريخ حلب » وأين توجد أجزاؤه المخطوطة مع الكلام عليها في ٨٠ صحيفة نشر منها ٦٠ صحيفة في مجلة الجامعة الإسلامية.

١١ ـ المدارس في الإسلام : نشر في ٩ أعداد في مجلة الجامعة الإسلامية في حلب ، عدد في آخر البحث ٤٤ مدرسة دينية في حلب هي الآن موجودة بين عامرة وخربة ، ولم يذكر ما دثر من تلك المدارس.

١٢ ـ ما جمعه من شعر الأديب عمر بن حبيب الحلبي من أعيان القرن الثامن :

نشر في مجلة الاعتصام الحلبية.

١٣ ـ شرح حديث « اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن » : رسالة نشرت في مجلة التمدن الإسلامي الدمشقية.

١٤ ـ السياسة في القرآن : رسالة شرح فيها قوله تعالى : ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبي لهم يبين فيها الناحية السياسية في القرآن وما هي عوامل نهوض الأمة ، وقد ألقيت في محاضرة أيام الاحتلال الفرنسي ، ونشرت في مجلة الفتح المصرية.

١٥

الآثار المخطوطة :

١ ـ الفتح المبين على نور اليقين في سيرة سيد المرسلين : وهو حاشية على نور اليقين وضعها أثناء تدريسه لتاريخ السيرة في الخسروية في ٤٠٠ صحيفة.

٢ ـ ترجمة مسهبة للحافظ الكبير أحمد بن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ ه‍ في ٥٠ صحيفة كبيرة يبين فيها أنه كان أديبا كبيرا كما كان محدثا كذلك.

٣ ـ رسالة عن البلاد والقرى الملحقة بولاية حلب في عهد الدولة العثمانية ، التقطها من معجم البلدان ولم يضع لها اسما.

٤ ـ رسالة في شرح حديث طول آدم عليه‌السلام المذكور في صحيحي البخاري ومسلم والجواب عن الإشكال الذي ذكره الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث ، وهي في ٢١ صحيفة.

٥ ـ ديوان أبي فراس : إذ إنه قام بتصحيح النسخة المطبوعة من هذا الديوان في بيروت لأنها مملوءة بالأغلاط ، وذلك على نسختين خطيتين محفوظتين في مكتبة المدرسة الأحمدية في حلب ، ثم التقط ما في هاتين النسختين الخطيتين من الزوائد وأبياتا من بعض كتب التاريخ والأدب مما لا وجود له في المخطوطتين ، ورتب الجميع على نسق الحروف الهجائية ، ولم يقدر له طبعه ، وهذه النسخة موجودة لدى السيد أحمد عبيد المكتبي في دمشق.

٦ ـ ما لعلماء حلب من المؤلفات والدواوين : ملتقط من كشف الظنون وغيره.

٧ ـ رسائل حديثية هي :

 ـ كشف الغم عن حديث السم : وهو حديث ذكره الإمام الترمذي في شمائله أزال فيها وهم بعض الشراح لهذا الحديث.

 ـ القول الفصل في مقر العقل ، في القلب أو في الدماغ.

 ـ حسن الفهم لحديث الشؤم.

 ـ شرح حديث الفخذ عورة.

بالإضافة إلى رسالة مقتضبة في العروض.

١٦

أما مقالاته التي تناثرت في المجلات السورية والعربية فكثيرة أهمها :

 ـ تحقيقات هامة عن قبر أبي العلاء المعري.

 ـ رسالة الكنز المظهر من استخراج المضمر للعلامة رضي الدين محمد بن يوسف الحنبلي الحلبي المؤرخ المتوفى سنة ٩٧١ ه‍.

 ـ مقالة عن رحلته إلى طرابلس الشام.

الكتاب :

لعل من أول الدوافع التي أدت إلى تأليف هذا السفر التاريخي الجليل أن المؤلف لما قام بنشر شرحي العلامة محمد بن الحسن الكواكبي الحلبي المتوفى سنة ١٠٩٦ ه‍ على منظومتيه في الأصول والفروع احتاج إلى ترجمة للمؤلف فقيل له إنها موجودة في « خلاصة الأثر » للعلامة المحبي ، فاستعاره واستنسخ منه الترجمة ، واقتضى ذلك منه أيضا استعارة « سلك الدرر » للعلامة المرادي ، فلما تصفح هذين التاريخين وجد فيهما تراجم كثيرة لأعيان حلب في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين ، فنسخها بيده سنة ١٣٢٣ ه‍ فوقع منه هذا النسخ موقعا حسنا.

ويذكر المؤلف سببا آخر شحذ همته لتأليفه تاريخ حلب إذ يقول : «.. وهناك داع آخر لوضعي لهذا التاريخ هو أني ابتعت كتاب « تحف الأنباء بتاريخ حلب الشهباء » للطبيب بيشوف الجرماني ، وهو كتيب في ١٦٠ صحيفة طبع في المطبعة الأدبية ببيروت سنة ١٨٨٠ م فيه حوادث حلب ومن تولاها من عهد الفتح العربي إلى استيلاء سليمان العثماني عليها سنة ٩٢٢ ه‍ بصورة موجزة ، وهذا الطبيب الجرماني ـ الألماني ـ كان قد جاء إلى حلب أواخر القرن الماضي فاستطابها ورآها بلدة رخيصة الأسعار ، فأقام بها وصار يتعاطى صنعة الطبابة فيها وتوفي أول هذا القرن. فطالعت هذا التاريخ وكان يأخذني العجب كيف أن رجلا يأتي من بلاد جرمانيا ويقيم في الشهباء وليس من أبناء هذه البلاد ولا يعرف من لغة أهلها إلا القليل كما أنبئت ويضع تاريخا لها ، أخلت هذه الديار وأقفرت هذه البلاد من رجل فيه فضل وهمة يقوم بهذا الأمر ويسد هذه الثلمة حتى يأتي هذا الرجل الأجنبي ويؤلف لها تاريخا. فكان ذلك يعظم علي ويكبر جدا لدي ، وأجد في ذلك عارا كبيرا على هذه البلاد وأهلها ، فكانت النفس تناديني بالنهوض لهذا الأمر الخطير والتشمير عن ساعد

١٧

الجد دفعا لذاك العار وسدا لتلك الثلمة. إلا أني كنت أرجع إليها بقلة البضاعة ونزر المعرفة وثقل هذا العبء والمشاق العظيمة التي ستعتري ولا بد ».

وإذا كان المؤلف قد كفانا مؤونة تفصيل الحديث عن الكتاب وأجزائه في مقدمته فإن من المفيد أن نشير إلى أمرين اثنين يتجليان للقارىء حين يتصفح هذا الكتاب.

الأمر الأول ما نلاحظه من إعداد علمي واسع أخذ المؤلف نفسه به واستمر عليه اثنتين وعشرين سنة لا يفتر له عزم ولا تضعف همة ، حتى بلغت مصادره المخطوطة ١٦٥ مخطوطا والمطبوعة ٥١٠ جزءا. ونراه ينظر في هذه الكتب نظر المحقق المتثبت الصابر على الطريق لا يمنعه مانع من زمن أو بعد شقة. ففي المدينة المنورة عثر على أوراق في تاريخ حلب لمؤرخ مجهول ـ كما يقول فهرس مكتبة عارف بك حكمت ـ فاستنسخ الأوراق فإذا هي ليست تاريخا لحلب ، وإنما هي موشح للشيخ علي الميقاتي الحلبي في ذكر متنزهات الشهباء ومدح بعض أعيانها. وفي حلب يعكف على المكتبة الأحمدية فيستخرج منها ما له علاقة بموضوعه كالبداية والنهاية لابن كثير ، وذيل مرآة الزمان للقطب اليونيني وتاريخ ابن إياس المصري ويقع فيه على زيادات على النسخة المطبوعة في مصر ، وطبقات الحنفية للقرشي ، وطبقات الشافعية للأسنوي ، وعجائب المقدور في تاريخ تيمور لابن عربشاه. ثم يفد إلى الظاهرية في دمشق فينظر فيها في تاريخ الحافظ ابن عساكر والكواكب السائرة للبدر الغزي وغيرهما. كما يكتب إلى العلامة المرحوم أحمد تيمور باشا في مصر سائلا إياه أن يدله على كتب في مكتبته تتصل بتاريخ حلب ، فيكتب له تيمور باشا عن جزءين في مجلد واحد من كتاب « كنوز الذهب في تاريخ حلب » للإمام المحدث موفق الدين أبي ذر ، كما يعيره « المنهل الصافي » لابن تغري بردي و « رحلة القاضي ابن آجا مع الأمير يشبك » ثم يعثر في مكتبة محمد أسعد باشا الجابري في حلب على مخطوطة « در الحبب » لرضي الدين الحنبلي فيستعيرها ثم ينقلها بخطه إلى نسخة حسنة صحيحة الرسم يراها أسعد باشا فيستحسنها ويأخذها بدلا من مخطوطته ، ثم يجد نسخة من كتاب « الدر المنتخب » المنسوب لابن الشحنة عند أحد علماء حلب فيكتبها بخطه ويقابلها بغيرها من النسخ المخطوطة فيصل إلى أن هذا الكتاب لأبي اليمن بن عبد الرحمن البتروني وليس لابن

١٨

الشحنة كما كان معروفا من قبل. وفي حلب نفسها يلتقي بالمستشرق الفرنسي لويس ماسينيون سنة ١٩٣١ ويذكر له أمله في الحصول على نسخة من مخطوطة « الدر المنتخب » لابن خطيب الناصرية من علماء القرن التاسع الهجري ، فيعود ماسينيون إلى باريس ويصور المخطوطة ويبعث إليه بالنسخة المصورة. كما يلتقي ببعثة أثرية ألمانية زارت حلب سنة ١٣٢٦ ه‍ مكونة من ثلاثة أشخاص فيطلعونه على كتاب « آداب اللغة العربية » للمستشرق الألماني كارل بروكلمن ويستخرجون له ما هو موجود فيه من تواريخ الشهباء مما حوته المكتبات الأوروبية. وتلك الجهود المضنية التي بذلها المؤلف في سبيل استيفاء المواد الأولية لكتابه كان يرافقها عقل متيقظ ونظرنا فذ فلا يقنعه المأخذ الذي يأخذ عنه سواء أكان مطبوعا أم مخطوطا إلا بعد تثبت وتحقيق وتوثيق ، فنراه يصل كلال يومه بكلال نهاره وهو يقرن النسخة بالنسخة والنص بالنص حتى يجرد ما يجده من تصحيف ويتمم ما يراه من نقص ويكشف ما يقع فيه الناسخون والطابعون من أخطاء ، ولا أدل على ذلك من كشفه انتحال الطبيب الجرماني بيشوف كتاب « زبدة الحلب في تاريخ حلب » ، فيقابل المؤلف هذه النسخة على « تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء » للطبيب بيشوف المطبوع في المطبعة الأدبية في بيروت سنة ١٨٨٠ م فيجدهما متحدتين في العبارة ليس بينهما من الفرق إلا ما يقع عادة من النساخ من تحريف أو إسقاط كلمة أو تقديم جملة وتأخير أخرى. يقول المؤلف : « وإقدام الطبيب المذكور على نسبة جميع الكتاب إلى نفسه وبخسه حق مؤلفه وناظم عقده أمر غريب في بابه جدا ، وهو خيانة كبرى للعلم لا ينبغي أن تصدر عن أمثاله ، وكأنه ظن أن ذلك سيبقى طي الخفاء والكتمان لا تظهره الأيام والأزمان ، ولو أنه عزا الكتاب إلى صاحبه وأدى الأمانة إلى أهلها وذكر ما له في هذا الكتاب من الزيادات لكنا من الشاكرين له والمقدرين لمساعيه ».

والأمر الثاني هو أن الكتاب وإن كان سجلا زمنيا حافلا بالأحداث السياسية المتلاحقة ومعرضا لتراجم أعلام الشهباء من رجال الحكم والعلم والقضاء والأدب والشعر والطب فهو أيضا مستودع للكثير من المعلومات والفوائد التي يصعب استخلاصها من الكتب والمصادر ، إد نجد المؤلف يكثر من الوقوف عند الآثار العمرانية القديمة من قلاع

١٩

وقصور وجوامع ومساجد وكنائس ومدارس وزوايا وخانقاهات. كما يتعرض في غير موضع لتطور حلب الاقتصادي فيذكر أنواع العملة المتداولة وأوضاع التجارة والصناعة في حالي انحطاطها وازدهارها ، والمكوس المفروضة على المدينة ومقدارها ، وأثمان المحاصيل والمنتجات ، ومقدار الرطل والكيل. ثم نراه يبسط بعض جوانب الحياة الاجتماعية فيذكر ما حل في حلب من فتن وثورات وما اجتاحها من آفات وما انتابها من زلازل وما شاع فيها من عادات كضرب النوبة في القلعة ومواكب السلاطين في المواسم. يقول المؤلف في خاتمة كتابه : « ولا ريب أن تاريخنا باشتماله على هذه الأبحاث أصبح معلمة واسعة جمعت فأوعت ، يجد فيه السياسي بغيته والاجتماعي مقصده والعالم رغبته والأديب مطلبه والأثري مرامه وأربه ».

وبعد :

فقد كان هذا السفر النفيس قد طبع أول ما طبع في سنة ١٩٢٣ في ( المطبعة العلمية ) الخاصة بالمؤلف ، فلقي رواجا في الأقطار العربية وانتشارا في دوائر الاستشراق ، حتى نفدت طبعته وعز الحصول عليه وأصبح الباحث يجد عنتا كبيرا في الوصول إليه والاستفادة منه ، وصار بعض من يملكه أو يملك جزءا من أجزائه السبعة كمن يملك درة فريدة يحرص على الحفاظ عليها أو يغلي مهرها. ومن أجل ذلك سعينا إلى إعادة طبع هذا الكتاب ليكون قريبا من أيدي العلماء ورجال الفكر والتاريخ إيمانا منا بضرورة شيوع العلم وأهمية ذيوعه وانتشاره.

غير أن طبعتنا الحديثة هذه قد تيسر لها من الوسائل التقنية اللازمة وطرق الإخراج والتبويب والتنظيم ما لم يتيسر للطبعة الأولى نظرا إلى التقدم الملموس الذي طرأ على فن الطباعة خلال الأعوام السبعين الماضية ، هذا بالإضافة إلى ما بذلناه من جهد متواضع في تصحيح ما وقعت فيه الطبعة الأولى على جودتها من سهو عارض أو خطأ عابر أو تصحيف مخل ، وذلك لأن مصادر المؤلف رحمه‌الله منها ما كان مخطوطا ومنها ما كان قد طبع في زمنه طبعات ناقصة يعوزها الضبط والتحقيق ، فعمدنا إلى ما وصل إلى يدنا من تلك المصادر بعد أن ظهر بعضها في حلل جديدة محققة فقارنا النصوص النثرية والشعرية وأثبتنا ما رأيناه

٢٠