إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ١

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي

إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء - ج ١

المؤلف:

محمد راغب بن محمود بن هاشم الطبّاخ الحلبي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٠

وفي مكتبة ( لاله لي ) في الأستانة ورقمها (٢٠٣٦) و٢٠٣٧ وفي مكتبة خالص بك مستشار الخاصة في الأستانة وهي مكتبة شهيرة ملك لصاحبها المذكور ويغلب على الظن أنه توفي من عهد قريب ، وكان في مكتبة الأحمدية بمدينة حلب نسخة في جزئين الثاني منهما مطموس الآخر كما ذكره في فهرست المكتبة المذكورة استعارها على ما بلغني بعض العلماء منذ خمس وعشرين سنة ولم يعدها إلى الآن فعسى أن يلهمه الله إعادتها إلى مكانها فيكون قد أدى الأمانة إلى أهلها وحفظ هذا الأثر المهم من التشتت والضياع ، وهذا التاريخ أحد مواد الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ، والضوء اللامع موجود في المكتبة الظاهرية في دمشق وقد استنسخنا منه ما فيه من تراجم الحلبيين.

وقال جرجي زيدان في كتابه ( تاريخ آداب اللغة العربية ) في الجزء الثالث منه في صحيفة ١٧١ : إن الدر المنتخب لابن خطيب الناصرية هو مختصر من بغية الطلب لابن العديم ، وهذا وهم منه بل هو ذيل له كما عرفت.

وفي فهرست المكتبة الخالدية في القدس الشريف في قسم التراجم مجموعة فيها تراجم وأدبيات بخط جامعها ابن خطيب الناصرية ورقمها (٣١) فيها مقدار ١٥٠ ترجمة وخطها سقيم.

(٩) الكلام على المنتخب من الدر المنتخب

اختصر الدر المنتخب في مجلدين الإمام العلامة الشيخ أحمد بن محمد الشهير بالملا المتوفى سنة ١٠٠٣ وولده الشيخ محمد المتوفى سنة ١٠١٠ ، اختصر الشيخ أحمد المجلد الأول وولده المجلد الثاني ، يوجد المجلد الأول عند بعض أصحابنا في حلب وهو محرر بخط الشيخ محمد الملا ابن الشيخ أحمد المتقدم الذكر يبتدىء أوله بترجمة إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله المعروف بابن الرعياني وفيه ٦٨ إبراهيم ، ثم ترجمة ( أبغا ) ابن هولاكو ثم ١٩٨ أحمد ثم من اسمه إسماعيل وهكذا ، وينتهي آخره بترجمة ست النعم بنت يوسف بن محمد ابن النصيبي المتوفاة سنة ٦٨١ وهو محرر سنة ١٠٠٩ قال في آخره : يتلوه باب الشين المعجمة.

٤١

( وعلى هامش النسخة ما نصه ) : لقد انتفع واستفاد كاتب هذه الأحرف ومحرر هذه المداد وبلغ من فوائد هذا التاريخ الجامع المراد ، وهو مما انتخبه العلامة جامع الفضائل الشيخ أحمد بن الملا محمد الشهير بابن الملا والد كاتب هذه الكلمات وشيخه وأستاذه وهو من اختصاره بخطه إلى نحو النصف ، ثم إن النصف الثاني أتمه وأكمله بخطه بعده شقيقي العلامة ورفيقي الملا محمد ابن شيخ الإسلام المختصر المذكور... في ذلك بالنسبة إلى الأصل ، فالله تعالى يجزل أجورهم ويوفر بمساعيهم المشكورة حبورهم ويملأ بالسرور قبورهم ويمن علينا بما عليهم منّ وتفضل ، قاله وكتبه إبراهيم بن أحمد الملا محمد العباسي الشافعي الحلبي حرر ذلك سنة ثمان عشرة وألف. اه. وقد توج هذه العبارة بلفظ المنتخب من الدر المنتخب في تكملة تاريخ حلب لابن خطيب الناصرية.

وقال في مقدمته : قال عفا الله عنه : وبعد فلما كان حب الوطن يعد من الخلق الحسن وكانت حلب وطني عظيما قدرها جليلا أمرها مع حصانة حصنها وكثرة أعمالها ومدنها وطيب نقعها وصحة تربتها ورقة هوائها وعذوبة مائها وغزارة فضلها وكثرة العلماء والشعراء من أهلها ووفور الطارش من العلماء عليها والواردين من الأعيان والفضلاء إليها وقد جمع تاريخا مستوعبا لذلك الإمام العلامة أبو القاسم كمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم الحلبي الحنفي رحمه‌الله فأتقن وأجاد وأطال ولم يسبقه أحد إلى تاريخ لها على الخصوص وسماه بغية الطلب في تاريخ حلب ( ثم قال ) : أحببت أن أذيل عليه ذيلا مختصرا وقبل الخوض في ذكر الأسماء أصدره بفصول الفصل الأول في حلب وأسمائها ومن بناها ، الثاني في ذكر حدودها وأعمالها ، الثالث في عظم فضلها وخصائصها ، الرابع في فتحها ، الخامس في نهرها وقناتها ومساجدها ومعابدها ( إلى أن قال ) : ثم أذكر منها ومن بلادها ومن أخبارها من العلماء والرواة والفضلاء والرؤساء ومن كان بها من الصالحين والعباد ومن نزل بها واجتاز بها أو بمعاملتها من الشعراء وأرباب الإنشاء ومن دخلها أو ملكها من السلاطين أو وليها من الأمراء والنواب والقضاة ومن وفد إليها أو إلى معاملتها من فضلاء غيرها من البلاد ممن كانت وفاته من سنة ثمان وخمسين وستماية وهي السنة التي أخذ هولاكو فيها حلب وخربها. الفصل الأول في حلب وأسمائها الخ.

٤٢

يوجد مثل هذا الجزء في مكتبة داماد إبراهيم باشا في الأستانة في مجلد واحد ورقمه [٩٢٢] وهو في ٢٤٢ ورقة أو ٤٨٤ صفحة في كل صفحة ٢٥ سطرا بالقلم الفارسي المتوسط ، وهو منقول عن الجزء الذي هو بخط ابن المؤلف الموجود في حلب كتب في آخره : أنهاه كتابة واختصارا أفقر عفو الله الصمد محمد بن أحمد بن محمد الملا الشافعي العباسي الحلبي في التاسع من ذي القعدة سنة ١٠٠٩ أحسن الله سبحانه ختامها ، يتلوه باب الشين المعجمة نقله من خط المختصر له الفقير ابن قاسم القاسمي الحلبي غفر الله له ولوالديه. اه.

قال جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية في الجزء الرابع في كلامه على المستشرقين في ترجمته ( فريتاغ ) الألماني : إن من جملة ما نشره كتاب المنتخب من تاريخ حلب. اه. ولم يذكر مؤلفه ويغلب على الظن أنه غير الذي نحن في صدد الكلام عليه.

(١٠) الكلام على كنوز الذهب لموفق الدين أبي ذر

قال في در الحبب : ثم ذيل عليه [ أي الدر المنتخب ] الشيخ الإمام المحدث موفق الدين أبو ذر أحمد بن الحافظ المتقن برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي الشافعي سبط ابن العجمي وأنشأ تاريخه الموسوم [ بكنوز الذهب في تاريخ حلب ] وضمنه ذكر الأعيان والحوادث معا ، وشنف بذكر اشتمالاتها مسمعا ، وخلع به على قوم خلعا ، ولم ينكل في حق آخرين عن الضرب مسمعا ، واضعا للشيء في محله حالي عقده وحله وجبره وفله في كثير الكلام وقله ، وقد جزم في موضع من تاريخه هذا بما هو حق وصدق من أن موضوع علم التاريخ الإخبار عن الأخيار والأشرار بصدق ، وكانت وفاته بحلب سنة أربع وثمانين وثمانماية. اه.

أقول : إن هذا الكتاب نادر الوجود ولعل السبب في ذلك أن المؤلف كان يضن بكتبه كما يضن بكتب والده كما ستقرأه في ترجمته فلم تنتشر بين الناس بسبب ذلك.

وكتب لي الفاضل الوجيه سعادة أحمد تيمور باشا المصري أن في مكتبته من هذا الكتاب جزئين من مجلد واحد كلاهما به خروم ، أحدهما في حوادث حلب ومن تولاها وآخر في خططها ودورها ومساجدها ، ويتخللهما بعض تراجم لاعيانها ، غير أن النقص الذي

٤٣

بهما شوههما وذهب بالفائدة في مواضع فيهما. ورأيت المجلد الأول منه عند صديقنا الفاضل الشيخ كامل الغزي مؤلف نهر الذهب في تاريخ حلب ، وهو بخط عدة من النساخ والكثير من تلك الخطوط منها ما يتعسر قراءتها ومنها ما يكاد يتعذر ، وهو غير مرتب ويظهر أنه مسودة المؤلف شيء منه بخطه وشيء بخط تلامذته ، وفي أوله مقدمة طويلة لكن معظمها مما لا تعلق به بالتاريخ ولا فيما هو في صدده من تأليف تاريخ لوطنه ، وقد اقتضبنا منها ما يأتي ، قال في أوله :

أما بعد حمدا لله الذي حكم بالموت على الغني والفقير والمأمور والأمير والكبير والصغير وأشهد أن لا إله إلا الله العلي الكبير والصلاة والسلام على سيدنا محمد السراج المنير سيد الأنام الذي كان بموته تعزية للخاص والعام وعلى آله وصحبه الكرام ما غرد القمري وناح الحمام لفقد إلفه بالحمام وسلم تسليما كثيرا.

و هل عدلت يوما رزية هالك

رزية يوم مات فيه محمد

و ما فقد الماضون مثل محمد

و لا مثله حتى القيامة يفقد

ثم قال بعد أن ذكر ما تجمع عنده من التواريخ الخاصة والعامة : فلما اجتمعت عندي هذه الأوراق التي التقطتها من هذه التواريخ المتعلقة بحلب ومعاملاتها صرت إذا أردت أن أرجع إلى لطيفة عسر عليّ الكشف فأردت ترتيبها وتهذيبها وتذهيبها وكنت قد شرعت في الذيل على تاريخ شيخنا المشار إليه وعلمت أن الذي يطالع هذا الذيل ربما يتشوق معه إلى النظر في معرفة من بنى حلب وتراجم أهلها وملوكها الذين سلفوا وتراجم أوليائها وما قيل في نهرها وجبلها وقلعتها إلى غير ذلك فيشق عليه عدم ذكر ذلك وهو من غير شرطي لذلك ، وتذكرت قول الأرجاني :

إذا ما درى الإنسان أخبار من مضى

فتحسبه قد عاش من أول الدهر

و تحسبه قد عاش آخر عمره

إلى الخير إن أبقى الجميل من الذكر

و قد عاش كل الدهر من عاش عالما

حليما كريما فاغتنم أطول العمر

فقدمت بين يدي ذيلي مقدمة تتعلق بذلك تشتمل على أربعة عشر فصلا نقلتها من التواريخ المقدم ذكرها إلخ.

٤٤

(١١) الكواكب المضية

هو لأبي ذر المذكور ذكره ابن ميرو في تاريخه ونقل عنه ، قال بعد أن ترجم عامرا المصري المقري وذكر ( المدرسة الحلاوية ) : قال الحافظ أبو ذر بن البرهان في تاريخه الكواكب المضية : هذه المدرسة تجاه باب الجامع الكبير إلخ.

وعندي أربعة كراريس فيها حوادث معظمها مما يتعلق بالشهباء كنت نقلتها عن بعض المجاميع ، وهي على ما يظهر لبعض علماء حلب ، قال في أولها : هذا ما اخترت تعليقه من تاريخ الكواكب المضية في الذيل على تاريخ ابن خطيب الناصرية ، ولم يذكر اسم المختار لهذه الحوادث من التاريخ المذكور ولم يذكر صاحب الكشف هذا التاريخ ، ولا ذكر له في ترجمته ، وقد نقلت ما في هذه الكراريس من الحوادث والتراجم المتعلقة بالشهباء في محلها.

(١٢) الكلام على در الحبب لرضي الدين الحنبلي

هو لمحمد بن إبراهيم بن يوسف المشهور بابن الحنبلي المتوفى سنة ٩٧١ ، قال في خطبة تاريخه : ثم لم أظفر بذيل على هذا الذيل [ يشير إلى تاريخ كنوز الذهب المتقدم ذكره ] ولا سال وادي تاريخ حلب بعد ذلك السيل ، إلى أن قال : فشددت العزم وشددت الحزم ووجهت جواد الطلب إلى وضع تاريخ لأعيان حلب ممن وفقت لضبط أخبارهم ووفياتهم دون من لا اكتراث بفوت خبرهم ووفاتهم ، إلى أن قال : وشرطي في تاريخي هذا ذكر من عاصرتهم من أهلها أو عاصرت من عاصرهم وذكر من دخلها من غير أهلها ممن عاصرتهم أو عاصرت من عاصرهم ، وذكر من لم أعاصرهم ولا عاصرت من عاصرهم من الفريقين نادر إلا لأمر دعا إلى ذلك وحث على ما هنالك. اه.

أقول : ومجموع ما فيه من التراجم [٦٣٣] ترجمة وهو ليس خاصا بأعيان الشهباء بل فيه تراجم للكثير من نزلائها من الحمويين والحمصيين والطرابلسيين والدمشقيين والحجازيين والمصريين والمغاربة والروميين والعراقيين والهنديين ، ولم يقتصر فيه على الملوك

٤٥

والأمراء والعلماء والشعراء والقضاة والأطباء والتجار والخطباء بل تعدى إلى ذكر الظرفاء في نوادرهم والحذاق في صناعتهم ، وحبذا لو كان نسج على منواله جميع المؤرخين ، وإذا كانوا لم يدونوا الصناعات التي كانت في هذه البلاد فلا أقل من أن يترجموا المجيدين لها والبارعين فيها تنويها بشأنهم وتخليدا لذكرهم ، وبما قدمناه يعلم ما في كلام النجم الغزي الذي ذكره في خطبة تاريخه الكواكب السائرة حينما وقف على هذا التاريخ من النظر.

يوجد منه نسخة في مكتبة الأمة في باريس ورقمها [٢١٤٠] و[٢١٤١] و[٢١٤٢] و[٢١٤٣] أي في أربعة مجلدات صغار ، ونسخة في مكتبة ( يكي جامع ) في الأستانة ورقمها [٨٥٠] وهي محررة سنة ٩٧٦ أي بعد وفاة المؤلف بخمس سنوات ، ونسخة في مكتبة نور عثمانية في الأستانة أيضا ورقمها [٣٦٩٣].

وقال جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية في الجزء الثالث منه في صحيفة ٣٠٠ : هو موجود أيضا في [ غوطا ] و[ فينا ] و[ المتحف البريطاني ] و[ أكسفورد ]. اه.

ويوجد نسخة في الإسكندرية في مكتبة مجلسها البلدي اشتراها المجلس من مدة عشر سنوات مع مكتبة خطية نفيسة من أحد علماء الشهباء.

ويوجد منه في حلب أربع نسخ الأولى في مكتبة المدرسة الحلوية معظمها بخط الشيخ إبراهيم الملا أحد علماء القرن الحادي عشر وقد كانت ناقصة بعض أوراق أكملتها بخطي.

الثانية في مكتبة المرحوم بشير أفندي الأبري أحد وجهاء الشهباء.

الثالثة في مكتبة المرحوم محمد أسعد باشا الجابري أحد وجهاء الشهباء وهذه جميعها بخطي.

الرابعة في مكتبتي وهذه كانت لمحمد أسعد باشا المذكور استعرتها منه ونقلت عنها نسخة جميعها بخطي ، ولما رآها استحسنها ورغب في أخذها بدل نسخته ، وقد قابلتها على النسختين الأوليين فصارت أصح نسخة من هذا التاريخ إلا أنه من حرف الغين إلى آخر الكتاب النسخة التي عندي والتي في مكتبة المرحوم بشير أفندي ناسخهما واحد وعدد صفحات نسختي ٥٥٩ صحيفة بقطع متوسط.

وسنأتي على ما فيه من تراجم الحلبيين في القرن التاسع والعاشر على شرطنا المتقدم.

٤٦

(١٣) شفاء السقيم بآيات إبراهيم

لمحمد بن أحمد بن الملا المتوفى سنة ١٠١٠

نسب صاحب كشف الظنون هذا التاريخ إلى إبراهيم بن أحمد بن الملا ، وهذا سهو منه فهو لأخيه محمد بن أحمد ، ففي ترجمة محمد بن الملا المذكورة في خلاصة الأثر ما نصه :

( ثم إن محمدا تصدر للتأليف فكتب تاريخا لحلب تعرض فيه لمن حكم فيها من حين فتحها الصحابة إلى زمن إبراهيم باشا الملقب بالحاج إبراهيم أجاد فيه وأنبأ عن اطلاع عظيم. اه ).

يوجد نسخة منه عند الشيخ كامل أفندي الغزي لكني لم أقف عليها ولم أعثر في الفهارس على نسخة غيرها. وإبراهيم باشا المذكور تولى حلب سنة ١٠٠٨ كما سيأتي.

(١٤) إنعاش الروح بمآثر نصوح لإبراهيم بن الملا

قال في الكشف في صحيفة (١٦٠) : إنعاش الروح بمآثر نصوح للبرهان إبراهيم ابن أحمد المعروف بابن الملا الحلبي المتوفى بعد سنة ثلاثين وألف بقليل رسالة في وقائع نصوح باشا حينما كان واليا على حلب مع عسكر الشام ألفها سنة (١٠٢٠) وسلك فيها طريقة الإنشاء والسجع. اه.

نصوح باشا كان واليا على حلب من سنة ١٠١١ إلى سنة ١٠١٣ كما في السالنامه.

(١٥) الكلام على الدر المنتخب

( المنسوب لمحب الدين أبي الفضل ابن الشحنة المتوفى سنة ٨٩٠ وتحقيق )

( أنه إلى أبي اليمن بن عبد الرحمن البتروني المتوفى سنة ١٠٤٦ )

المشهور بين الناس أن هذا التاريخ لابن الشحنة المذكور ، والناظر فيه لأول وهلة يظن هذا الظن وذلك لما يراه على ظاهر نسخه من نسبته إليه.

٤٧

لكن من يقرأ الخطبة الثانية ويتتبع بقية الكتاب يجزم بفساد ذلك الظن ونصها بعد حذف الألقاب والأوصاف ( أما بعد فهذه نبذة انتخبتها من كتاب نزهة النواظر في روض المناظر تأليف. مولانا أبي الفضل محمد بن الشحنة الحلبي ) فهذه العبارة صريحة في أن الدر المنتخب ليس لأبي الفضل المذكور ، ثم إن نزهة النواظر الذي يقول إنه انتخب هذه النبذة منه ليس تاريخا خاصا للشهباء بل هو تاريخ عام مقسم إلى تسع طبقات بعدد القرون التسعة في كل طبقة ذكر حوادثها المشهورة ووفيات أعيانها المشهورين كما سيأتي الكلام عليه ، وقد ظهر لي بعد تتبع الكتاب والبحث أن التاريخ المذكور هو لأبي اليمن بن عبد الرحمن البتروني المتوفى سنة ١٠٤٦ التقطه من كتاب نزهة النواظر لأبي الفضل محمد بن الشحنة ، غير أنه أبقى العبارات التي عني بها ابن الشحنة نفسه على حالها فنشأ منها هذا الظن.

ومما يدل على أن الكتاب لأبي اليمن البتروني قوله في عدة مواضع : يقول كاتبه أبو اليمن البتروني ، وقال في الكلام على الإسكندرونة ( حاشية لكاتبه وجامعه ) ونقله في عدة مواضع عن الملا وعن تاريخ الجنابي ، وهذا كانت وفاته سنة ٩٩٧ كما ذكره صاحب الكشف ، وابن الملا توفي بعد الألف كما قدمنا آنفا. وأما ابن الشحنة فكانت وفاته ٨٩٠ وأيضا لو كان الدر المنتخب لأبي الفضل بن الشحنة لذكره رضي الدين محمد بن الحنبلي المتوفي سنة ٩٧١ في تاريخه در الحبب في ترجمة أبي الفضل المذكور ويستبعد أن يسهو عنه مع قرب العهد والقرابة التي بينهما.

ثم إن الخطبة الأولى هي خطبة [ الدر المنتخب لابن خطيب الناصرية المتقدم ذكره ] مع تحريف [ راجع خطبة مختصرة لابن الملا ] نقلها جامع الكتاب أبو اليمن أو غيره من النساخ ووقع في هذه الخطبة ذكر الدر المنتخب فظن الناسخ أن هذا الاسم هو اسم لهذا التاريخ أيضا وسماه به واشتهر التاريخ بتاريخ ابن الشحنة ، وتبع هذا الساهي أولئك الساهون ، والحقيقة هي ما ذكرناه والله أعلم.

قال جرجي زيدان [ في الثالث من تاريخ آداب اللغة العربية في صحيفة ١٨٤ ] : منه نسخ في ليدن وبرلين وفينا وبطرسبورج ونور عثمانية ، وطبع في بيروت سنة ١٩٠٩ وفيه وصف آثارها ومدارسها فضلا عن التاريخ. اه.

٤٨

أقول : ويوجد من هذا الكتاب نسخة عندي بخط يدي استنسختها قبل أن يطبع عن نسخة كانت عند الشيخ نجيب النعساني أحد مجاوري مدرسة الشعبانية ثم صححتها على نسخة قديمة الخط عند إبراهيم أفندي المرعشي من وجهاء الشهباء ، ويوجد منه نسخة عند أحمد أفندي الحسبي ، ونسخة عند المرحوم محمد أسعد باشا الجابري استنسخها عن هذه ، ونسخة في مكتبة المرحوم محمود أفندي الجزار الموضوعة في الجامع الكبير في حجرة الفتوى ، ونسخة حديثة عهد بالكتابة في مكتبة الخواجه أندره ماركوبلي ، ونسخة في مكتبة المجلس البلدي بالإسكندرية وفي المكتبة السلطانية بمصر وفي غيرها من دور العلم ثمة.

وطبع هذا التاريخ في بيروت في المطبعة الكاثوليكية لليسوعيين سنة ١٩٠٩ م ووقف على طبعه وعلق عليه بعض الحواشي الأديب يوسف بن إليان سركيس الدمشقي وكتب في آخره ما نصه :

كان الاعتماد في نشر هذا الكتاب على أربع نسخ خطية الأولى في خزانة دير الشرفية بجبل لبنان كتبت سنة ١١٧٩ ه‍ ، الثانية في خزانة أفرام رحماني بطريرك الطائفة السريانية وهي التي أشرنا إليها بحرف ( ب ) كتبت سنة ١١٥٨ ، الثالثة هي نسخة قديمة لا ذكر لتاريخ كتابتها موجودة عند الكتبي الشهير إبراهيم صادر وأشرنا إليها بحرف ( ص ) ، الرابعة في خزانة المكتبة الشرفية في دير الآباء اليسوعيين وهي حديثة أشرنا إليها بحرف ( ي ) اه. ومما يجدر التنبيه عليه ما قاله ناشر هذا الكتاب في مقدمته ونص عبارته : ومما جاء في مقدمة أبي اليمن البتروني قوله إنه نقل نبذة من كتاب نزهة النواظر في روض المناظر لأبي الفضل محمد بن الشحنة فاستغربنا هذا القول لأننا لم نقف على كتاب له بهذا الاسم ، وما نعرفه أن أبا الوليد محمد بن الشحنة ألف كتابا سماه روض المناظر في أخبار الأوائل والأواخر وهو تاريخ عام لا علاقة له بتاريخ حلب اه. وكأنه ظن أن نزهة النواظر لأبي الوليد أيضا وهذا وهم منه ، فإن روض المناظر المطبوع على هامش الكامل لابن الأثير هو لمحمد بن الشحنة المتوفى سنة ٨١٥ الملقب بأبي الوليد ونزهة النواظر هو لولده محمد الملقب بأبي الفضل المتوفى سنة ٨٩٠ وهو كالشرح لتاريخ والده وسيأتي الكلام عليهما ، وقد جاءت هذه الشبهة للناشر من اتحاد اسمي المؤلفين وقد بينا تاريخ وفاة كل منهما وأنهما مفترقان باللقب فزالت الشبهة ، وقال ناشره أيضا : ولم أكن لأجهل وعورة المسلك إلى الغاية التي توخيتها من

٤٩

تقديم الكتاب إلى القارىء خاليا من كل الشوائب خصوصا وأن الفريدة التي تداولتها الأيدي تكاد لا تكون نسخة منها كاملة صحيحة فبعضها ناقص في أوله وبعضها في آخره ، هذا فضلا عن حوادث وأخبار عديدة قد أهملها النساخ ، وأغلاط جمة لم ينتبهوا إليها وأخصها تحريفهم الأسماء. اه.

أقول : إنه بهذا الاعتراف قد أنصف غاية الإنصاف ، فالكتاب لم يخرج خاليا من الأغلاط والتحريف لأسماء الأماكن ، وكثير مما أثبته في الهامش هو الصواب وما أثبته في الداخل هو الخطأ ، يعرف ذلك من أكثر من مطالعة هذا التاريخ وكان من أبناء هذه البلاد الواقفين على أسماء أماكنها. وعلى كل فنحن من الشاكرين له سعيه في طبعه تعميما لنفعه.

(١٦) الكلام على معادن الذهب لأبي الوفا العرضي المتوفى سنة ١٠٧١

قال في الكشف : « ومعادن الذهب في الأعيان الذين تشرفت بهم حلب لابن عمر العرضي ذكره الشهاب في الخبايا » اه.

أقول : وهو ذيل لدر الحبب ترجم فيه أعيان عصره ومعظمه على طريق السجع يوجد منه نسخة في برلين ورقمها (٩٤٧٦).

ووقع للمحبي صاحب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر قطعة منه التقط منها تراجم لزمته كما صرح به في خطبة كتابه.

ويوجد قطعة منه في نحو خمس كراريس عند الشيخ كامل الغزي وهي من الأول إلى حرف الخاء. أول الكتاب : الحمد لله ذي البقاء المطلق والغناء المحقق والكمال التام سلطانه الباهر وحكمه القاهر. وأول ما في هذه القطعة من التراجم ترجمة أبي بكر أبي الوفا المجذوب صاحب المزار المشهور ، وآخرها ترجمة خليل بن عبد الله الوزير الأعظم ، ولعل نظير هذه القطعة هي التي وقعت للمحبي ولا أدري إن كانت النسخة التي في برلين تامة أو ناقصة.

(١٧) الكلام على التاريخ الطبيعي لحلب

هو في مجلدين باللغة الإنكليزية تأليف الطبيب باترك روسسل اشترك معه في التأليف أخوه إسكندر روسسل ، وكان المؤلف أتى إلى حلب عدة مرات منها سنة

٥٠

١٧٥٣ م وكانت وفاته سنة ١٧٦٨ ، وطبع الكتاب في لوندرة في محل ( أياترنوسترردو ) سنة ١٧٩٤ وطبع مرة ثانية في لوندرة أيضا وطبع في كوتونكين سنة ١٨٩٧.

وهو ينقسم إلى ستة أبحاث (١) في وصف البلد ومحيطها والمواسم والزراعة فيها والبساتين (٢) في السكان ووصف حكومة البلد (٣) في إحصاء السكان الأوروبيين والسكان المسيحيين واليهود وفي الآداب العربية الحاضرة في سوريا (٤) في الحيوانات ذات القوائم الأربع والطيور والأسماك والحشرات والنباتات (٥) يحتوي على ملاحظات فلكية وعلى بيان الأمراض الاستيلائية ( الأوبئة ) أثناء إقامة المؤلف في حلب (٦) يبحث خاصة في الطاعون والطريق التي اتخذتها الأوروبيون في مقاومته ، والمجلد الأول فيه البحث الأول وهو الذي اطلعت عليه ، وحدثني بعض الأفاضل أن الكتاب ترجم إلى اللغة الألمانية.

(١٨) الكلام على تاريخ عبد الله ميرو المتوفى سنة ١١٨٤

من الذين تصدّوا في أواخر القرن الثاني عشر لوضع تاريخ خاص بالشهباء الفاضل عبد الله أفندي بن حسن ميرو الملقب بأبي المواهب المتوفى سنة ١١٨٤ كما قرأته على قبره في تربة الصالحين ، وقفت على مسودة هذا التاريخ عند الشيخ كامل أفندي الغزي ، غير أنه قد فقد منه بعض أوراق وبعض التراجم فيه ليست بخط المؤلف ، وقد قسمه إلى قسمين قسم تكلم فيه على مدارس الشهباء ، وقسم ترجم فيه أعيان القرن الثاني عشر ، غير أن معظم هذه التراجم هي لأعيان حلب وبعض من تولاها في عصره ، وفيه تراجم أشخاص ذكر أن وفاتهم بعد سنة ١١٨٤ ، وهذا يفيد أنها لغير ابن ميرو أدرجت فيه ، ولم يظهر لي بعد البحث الكثير من هو ذلك المترجم ولا السبب في إدراجها فيه ، والتاريخ لم يتم ، ولذا لم يضع له المؤلف خطبة ولم يسمه. وفي رحلتي إلى دمشق في جمادى الأولى سنة ١٣٤٠ أطلعني الفاضل الهمام السيد تاج الدين أفندي الحسني نجل الأستاذ الكبير محدث الشام الشيخ بدر الدين أفندي على مجموع فيه تراجم لكثير من الحلبيين لم يذكر فيه اسم المؤلف. وقد تفضل بإعارة هذا المجموع واستصحابه معي إلى حلب حينما علم أني بصدد وضع تاريخ لها ، فجزاه الله خير الجزاء ، وبعد عودتي قابلت الكثير من هذه التراجم على المسودة التي عند الشيخ كامل أفندي الغزي فإذا هي هي ، فعلمت أن هذه مبيضة تلك.

٥١

وما في سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر للسيد خليل المرادي الدمشقي من تراجم الحلبيين هو مأخوذ عن هذا التاريخ ، تبين لي ذلك من مقابلة ما فيه على ما في سلك الدرر إلا في محلات قلائل فيها بعض زيادات التقطها المؤلف من غيره.

ويغلب على الظن أن هذه النسخة بعينها وقعت للسيد خليل أفندي المرادي وعنها أخذ ما في تاريخه من أعيان الحلبيين في هذا القرن. وتبين لي لدى التتبع أن السيد المرادي قد أهمل عدة تراجم من هذا التاريخ وأهمل ترجمة المؤلف على ما فيها من الأهمية. وسنأتي إن شاء الله تعالى على جميع ما فيه من تراجم الحلبيين ونضيف إليه ما في سلك الدرر من الزيادات في بعض الأماكن وبالله التوفيق.

(١٩) الكلام على نهر الذهب في تاريخ حلب

( لصديقنا الأديب الفاضل الشيخ كامل أفندي ابن الشيخ حسين الغزي الحلبي )

هو في أربع مجلدات في فتوحها وآثارها وخططها وأعمالها وتراجم أعيانها وحوادثها جمعه من الدر المنتخب لابن خطيب الناصرية ومن الجزء الأول من كنوز الذهب لموفق الدين أبي ذر ومن در الحبب لرضي الدين الحنبلي ومن القطعة التي وقعت له من معادن الذهب لأبي الوفا العرضي ومن التاريخ المنسوب لابن الشحنة ومن تاريخ ابن الملا ومن مسودة بخط أبي المواهب أفندي ميرو المتوفي سنة ١١٨٤ ذكر فيها تراجم أهل عصره ومن خلاصة الأثر للمحبي ومن سلك الدرر للمرادي ومن غير ذلك مما شاهده أو تلقاه من الأفواه إلى وقتنا هذا.

تصفحت منه ثلاث مجلدات في زيارة لمؤلفه في منزله ونقلت منه بعد استئذانه ترجمة ابن أبي طي يحيى بن حميدة الحلبي المؤرخ المتوفى سنة ٦٣٠ وترجمة ابن عشائر الحلبي المؤرخ المتوفى سنة ٧٨٩ ، وقد عزوتهما إلى تاريخه هذا.

والذي دعا لنقل هاتين الترجمتين من تاريخه أني ألزمت نفسي أن أذكر في تاريخي تراجم جميع المؤرخين من علماء الشهباء ، وقد ظفرت بها إلا بهاتين الترجمتين فإني لم أظفر بهما بعد بحث طويل ، فسألته عنهما فأجاب بوجودهما عنده وأذن بنقلهما ، فتم لي بذلك

٥٢

ما ألزمت به نفسي ، ثم ظفرت بترجمة ابن عشائر في الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر وستراها في محلها.

وهو مرتب على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة.

تشتمل المقدمة على الكلام على التاريخ الهجري والميلادي الشرقي وعلى الكلام على تواريخ حلب وجغرافيتها وساحات حلب وخراباتها وحدود ولايتها وبحيراتها وجبالها الخ ما يتعلق بهذا البحث. ثم الكلام على معادنها ونهرها وقناتها وما مدحت به والملل والنحل التي فيها ، وعلى أمراضها وحيواناتها وموظفي الدولة فيها إلى غير ذلك وهو يستوعب ستمائة صحيفة.

ويليها ( الباب الأول ) ذكر فيه الحوادث على السنين استهله بإجمال عن الخلفاء الراشدين والخلفاء من بني أمية وبني العباس. وقد وصل فيه إلى حوادث سنة ١٣٣٨.

ويليه ( الباب الثاني ) وهو باب الكلام على الآثار ويستوعب نحو أربعمائة صحيفة تكلم فيه على خلاصة ما قاله المتقدمون في أسوار حلب وأبوابها وقلعتها ، وبعد ذلك شرع بتكلم على كل محلة من محلات حلب على حدتها فيذكر اسمها وعدد سكانها وما فيها من الآثار الخيرية مبينا اسم صاحب الأثر وتاريخ بنائه وتشخيصه في الحالة الحاضرة وأوقافه وما فيها من الخانات والمدر والقياصر والحمامات إلى غير ذلك.

ويليه ( الباب الثالث ) وقد تكلم فيه على الألوية والأقضية.

ويليه ( الباب الرابع ) وفيه تراجم أعيانها ، وقد التزم فيه أن لا يذكر فيه سوى صاحب أثر أو عظيم خطر أو مستعذب خبر ، على شرط أن يكون ممن ولد في حلب أو نزلها أو أخذ عن شيوخها أو أقام فيها زمنا أو تولاها بحكم أو توفي فيها أو كان من أعمالها قديما وحديثا لا من اجتاز بها. وهذا الباب يستوعب ستمائة صحيفة ويبلغ عدد المترجمين فيه ألفا ومائة ما بين رجل وامرأة.

والخاتمة تكلم فيها على الأوقاف في مدينة حلب وخلاصة كتب الواقفين وجداول في حالة الأوقاف وبيان أنها من الخيرات أو من أوقاف الذرية. ويلي ذلك الكلام على أسماء قضاتها من سنة ٢١٥ إلى سنة ١٣٤١ ، ويلي ذلك أرجوزة من نظم الشيخ وفا الرفاعي

٥٣

تضمنت ذكر المقامات العالية وأضرحة الأولياء والصالحين الذين تشرفت مدينة حلب بمراقدهم المباركة ، وبهذه الأرجوزة انتهى الكتاب.

وقد اقتطفت الكلام عليه من مقدمة بين فيها ما اشتمل عليه تاريخه ، وقد طبعها ووزعها قبيل شروعه بالطبع. وقد باشر بطبعه في المطبعة المارونية بحلب في أواخر السنة الماضية أعني سنة ١٣٤١.

ابتدأ منه بطبع الجزء الثاني الذي فيه الكلام على الآثار والمأمول أن ينجز هذا الجزء في ربيع الآخر من سنة ١٣٤٢.

وقد كان شروعي بطبع تاريخي في ربيع الأول من هذه السنة ، وفقنا الله جميعا للإتمام بمنه وكرمه.

وإني من الشاكرين لمساعيه المقدرين لجليل عمله ، فقد عانى في جمع تاريخه ما عانيته وقاسى ما قاسيته وقام بمأثرة عظيمة نحو بلاده ووطنه ، له من الله الجزاء الأوفى ومنا الثناء الأوفر.

هذا وقد اجتمع عند كل واحد منا من المواد ما لم يجتمع عند الآخر واطلع على ما لم يطلع عليه ، فسترى في تاريخه ما لا ذكر له عندي وستجد في تاريخي ما لا تجده في تاريخه ، فلا يستغنى بأحدهما عن الآخر كما قيل لا يغني كتاب عن كتاب ، فإذا سهل المولى الكريم طبع التاريخين يجد القراء فيهما على اختلاف مشاربهم وتباين مقاصدهم ما ترتاح إليه نفوسهم وتنشرح به صدورهم ويشفي غليلهم.

هذا وإن كلا من التاريخين لا يغني من رام التوسع في الوقوف على تاريخ الشهباء والاطلاع على حوادثها وتراجم أعيانها خصوصا في صدر الإسلام والقرون الأولى للهجرة ، فالحاجة إلى تواريخها الخاصة التي تكلمنا عليها في هذا الفصل وتواريخ علمائها العامة التي سنتكلم عليها في الفصل الثاني لم تزل باقية ، وقد أرشدناك أثناء ذلك إلى محال وجودها بقدر ما أدى إليه بحثنا وتنقيبنا ، ولا نيأس من رجال يأتون بعدنا من أبناء وطننا يمتطون غارب الاغتراب ويحثون الركاب ويبذلون النفس والنفيس في الاستحصال عليها واستخراجها من زواياها وإبرازها لعالم المطبوعات للاقتباس من فوائدها وتعميم النفع منها.

٥٤

ولا ريب أن من وفقه الله إلى ذلك سيكون سعيه مشكورا وعمله مبرورا ، ويكون قد قدم لوطنه خدمة جلى تخلد له ذكرا حسنا وأثرا جميلا.

وسيكون ذلك إذا توفر في الشهباء العلماء وانتشرت العلوم بين طبقات أبنائها ، وحينئذ تصح العزيمة لرجال منها فينهضون إلى إحياء آثار أسلافهم ومفاخر آبائهم ورد بضاعتهم إليهم ، ويرون عارا كبيرا عليهم أن تبقى تلك الآثار في الديار الغربية يتمتع غيرهم بها ويستجلون محاسنها وهم بعيدون عنها محرومون منها وهم أحق بها وأهلها.

(٢٠) طرائف النديم في تاريخ حلب القديم

ولطائف الحديث في تاريخ حلب الحديث

من التواريخ الخاصة بحلب تاريخ صديقنا الشاعر الأديب ميخائيل أفندي أنطون الصقال المالطي مولدا الحلبي وطنا ، قسمه إلى قسمين قسم تكلم فيه عن سكان سوريا قبل الطوفان وبعده إلى زمن المسيح عليه‌السلام وأسهب في المقال عن حوادث سوريا في تلك العصور وسماه ( طرائف النديم في تاريخ حلب القديم ) ، وهو في ثلاثة أجزاء تبلغ ٦٠٠ صحيفة ، والقسم الثاني ابتدأ فيه من القرن الأول للمسيح عليه‌السلام وفي عزمه أن يصل فيه إلى زمننا هذا ، وسمى هذا القسم ( لطائف الحديث في تاريخ حلب الحديث ) ولما وصل إلى الفتح الإسلامي تكلم عن تاريخ العرب وأصلهم ومواقع بلادهم ، ثم تكلم عن صاحب الرسالة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم عن الخلفاء الراشدين ثم عن الدولة الأموية ثم عن العباسية والطولونية ومن أتى بعدهم ومن تولى حلب من الملوك والأمراء وذكر الحوادث التي حصلت في زمنهم لكن بصورة مختصرة ، وفي خلال الكلام على الحوادث ذكر ما وقف عليه من أعيان المسيحيين في حلب من القرن الأول إلى القرن العاشر للمسيح ، ومن القرن العاشر أخذ يذكر أعيان المسلمين والمسيحيين ، وفي هذه السنة ١٣٤٢ ه‍ ١٩٢٣ م وصل فيه إلى سنة ١٨٠٠ م ، وهو آخذ في إكماله إلى عصرنا هذا.

الفصل الثاني في بيان التواريخ العامة :

أما وقد أنهينا الكلام على التواريخ الخاصة بالشهباء فلنشرع في الكلام على ما ألفه

٥٥

فضلاؤها من التواريخ العامة بقدر ما وصل إليه بحثنا وتتبعنا ، ويغلب على الظن أنه لم يفتنا شيء منها ، وقد راعينا في ترتيبها سني وفاة مؤلفيها أيضا ، وهذه التواريخ وإن كانت عامة إلا أن مؤلفيها أكثروا فيها من ذكر حوادث الشهباء وتراجم أعيانها خصوصا في العصر الذي كانوا فيه ، يرشدك إلى ذلك ذيل العلامة ابن الوردي المتوفى سنة ٧٤٩ على تاريخ أبي الفداء المشهور المطبوعان معا ، وأواخر تاريخ روض المناظر لمحب الدين أبي الوليد بن الشحنة.

(١) أولها مراتب النحويين

لعبد الواحد بن علي أبي الطيب اللغوي الحلبي المتوفى سنة ٣٥١ ، قال الجلال السيوطي في خطبة تاريخه « بغية الوعاة في طبقات النحاة » : وقفت على طبقات النحاة البصريين لأبي سعيد السيرافي فإذا هي كراسان ، ثم على كتاب مراتب النحويين لأبي الطيب عبد الواحد بن علي الحلبي اللغوي فإذا هو أربع كراريس إلخ.

(٢) تاريخ المبارك بن شرارة

قال الوزير القفطي في أخبار العلماء في ترجمة المبارك بن شرارة أبي الخير الطبيب الحلبي النصراني المتوفى سنة ٤٩٠ إن له كتابا في التاريخ ذكر فيه حوادث ما قرب من أيامه يشتمل على قطعة حسنة من أخبار حلب في أوانه ، ولم أجد منه سوى مختصر جاءني من مصر اختصره بعض المتأخرين اختصارا لم يأت فيه بطائل. اه.

(٣) تاريخ العظيمي

لم أقف على اسم هذا التاريخ ، وهو مرتب على السنين كما ذكره في الكشف في صحيفة ٢٢٨ وفي التاريخ المنسوب لابن الشحنة ، وكذا في تاريخ ابن خلكان نقول عنه ، وكانت ولادة المؤلف سنة ثلاث وثمانين وأربعماية ووفاته في أواسط القرن السادس.

(٤) الإشارات إلى معرفة الزيارات

قال في الكشف : مختصر للشيخ أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي السائح المتوفى

٥٦

سنة ٦١١ ابتدأ فيه من مدينة حلب وكتب ما رآه برا وبحرا من المزارات المتبركة والمشاهد ، وذكر أنه لم ير كثيرا مما ذكره أصحاب التواريخ ببلاد الشام والعراق وخراسان والمغرب واليمن وجزائر البحر ، ولا شك أن قبورهم اندرست ، وذكر أن الأنكتار ملك الفرنج أخذ كتابه ورغب في وصوله إليه فلم يجب ومنها ما غرق في البحر وأنه زار أماكن ودخل بلادا من سنين كثيرة فنسي أكثر ما رآه واعتذر عنه مع أنه ذكر فيه زيارات الشام وبلاد الإفرنج والأراضي المقدسة وديار مصر والصعيدين والمغرب وجزائر البحر وبلاد الروم والجزيرة والعراق وأطراف الهند والحرمين واليمن وبلاد العجم ، وهذا مقام لا يدركه أحد من السائحين والزهاد إلا رجل كال الأرض بقدمه وأثبت ما ذكره بقلبه وقلمه. اه.

أقول : هذا الكتاب من جملة مخطوطات مكتبة المدرسة العثمانية بحلب ، وهو في مجلد لطيف يبلغ ست كراريس أوله : قال العبد الفقير إلى رحمة ربه المستغفر من خطيئته وذنبه علي بن أبي بكر الهروي غفر الله له ولجميع المسلمين يا رب العالمين : الحمد لله حق حمده والصلاة على خير خلقه محمد النبي الأمي وآله وصحبه وشرف وكرم ، أما بعد فقد سألني بعض الأخوان الصالحين والخلان الناصحين أن أذكر له ما زرته من الزيارات وما شاهدته من العجائب والعمارات ورأيته من الأصنام والطلسمات في الربع المسكون والقطر المعمور إلخ. وقد فقد هذا الكتاب من المكتبة المذكورة من عشر سنوات كما فقد منها جل نفائس المخطوطات وذلك لإهمال متولي وقف المدرسة وقيّم المكتبة ، وعد الفاضل أحمد تيمور باشا المصري في مقالته التي نشرها في مجلة الهلال المصرية في سنتها الثامنة والعشرين هذا الكتاب في نوادر المخطوطات ، وقال : يوجد منه نسخة في المكتبة السلطانية ونسختان في خزانتنا اه. ووجدت نسخة منه عند الفاضل أديب أفندي تقي الدين نقيب الأشراف سابقا بدمشق الشام ، ولهذا الكتاب مختصر في مكتبة المدرسة العثمانية لا زال موجودا كتب عليه إن مختصره علي بن سعيد [ ولا أعلم من هو ] قال المختصر : صنف الكتاب الأصلي الشيخ الزاهد السائح علي بن أبي بكر الهروي بعد ما طاف البلاد برا وبحرا إلخ.

(٥) معجم البلدان لياقوت الرومي الحموي المتوفى بحلب سنة ٦٢٦

قال جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية : هو معجم جغرافي كبير بأسماء البلاد ، بل هو خزانة علم وأدب وتاريخ وجغرافية ، لأنه إذا ذكر بلدا أورد شيئا من

٥٧

تاريخه ومن اشتهر فيه أو انتسب إليه من الأدباء أو الشعراء أو الفقهاء أو غيرهم من أهل العلم ، في صدره مقدمة في الجغرافية على الإجمال موضحة بالرسوم ، وفصل في تفسير الألفاظ الاصطلاحية التي وردت في ذلك الكتاب ، ثم أسماء البلدان مرتبة على الهجاء. طبع للمرة الأولى في ليبسك سنة ١٨٦٦ ١٨٧٠ في أربعة مجلدات ضخمة ومجلدين للفهارس والحواشي ، ثم طبع بمصر سنة ١٩٠٩ ز وتمتاز طبعة ليبسك فضلا عن الفهارس والتعاليق بأن الناشر روستفيلد أشار في ذيول صفحات الفهارس إلى أماكن وجود تراجم أهم الأعلام الوارد ذكرها في ذلك الكتاب وهي تعد بالمئات اه.

والطبعة المصرية في ثمان مجلدات ، وطبع معه ذيله في مجلدين وقال فيه : إن الذيل لمحمد أمين الخانجي الكتبي الحلبي نزيل مصر ، إنما أخبرني صديقنا الفاضل الشيخ محمود السمكري الحلبي أن الذيل له شرع فيه وهو مقيم في مصر أثناء تصحيحه للأصل ، ومحمد أمين الخانجي كان يقدم له ما يحتاج إليه من الكتب في هذا الموضوع ، ولم يرغب الشيخ محمود أن ينسب شيء منه إليه وهو ثقة فيما تقوله.

وكتاب المعجم كتاب جليل المقدار عظيم النفع يحتاج إليه كما قال مؤلفه في مقدمته المؤرخ والأديب والجغرافي والمحدث إلخ ما ذكره في مقدمته ، ويدل على غزارة فضل مؤلفه وسعة معارفه وكثرة اطلاعه ( انظر ما كتبه عنه صديقنا محمد أفندي كرد علي في مجلته المقتبس ) وقد التقطت منه سنة ١٣٢٨ ما ذكره من البلاد والأماكن والقرى المعدودة تلك السنة من جملة معاملات حلب ، وكذا نقلت منه ما ذكره من الجبال والأنهار والأديرة والقلاع والبحيرات الممدودة من توابعها في تلك السنة أيضا فجاء الكتاب في ١٤٤ صحيفة ، وهو مفيد جدا خصوصا لمن رام أن يؤلف كتابا في أحوال البلاد والقرى التي حول حلب والمضافة إليها اه.

(٦) معجم الأدباء لياقوت المذكور

قال جرجي زيدان في كتابه المتقدم الذكر : هو معجم تاريخي يشبه معجمه الجغرافي لكنه أكبر منه وأوسع ، ترجم فيه النحويين واللغويين والنسابين والشعراء والإخباريين والمؤرخين والوراقين والكتاب وأصحاب الرسائل وأرباب الخطوط وكل من ألف في الأدب ، يدخل في

٥٨

مجلدات عديدة متفرقة في مكاتب أوروبا والأستانة لا يطمع بالحصول على نسخة كاملة منها ، فنشط الأستاذ مرجليوث للاشتغال بجمع شتات هذا الكتاب والوقوف على طبعه واهتمت لجنة تذكار جيب بنشر ما يمكن العثور عليه من أجزائه فوفقا حتى الآن إلى نشر خمسة أجزاء منه وهي الأول والثاني ونصف الثالث من مكتبة أكسفورد والخامس من مكتبة كوبرلي في الأستانة والسادس تحت الطبع ينقص القسم الأخير منه ، والسعي متواصل في البحث عن مظان سائر الأجزاء. [ ثم قال ] : وتجد في هذا الكتاب كثيرا من التراجم التي لا وجود لها في سواها فضلا عن توسعه وتحقيقه اه.

أقول : وصل هذا الكتاب إلى حلب في السنة الماضية وهي سنة ١٣٣٨ والحرب العامة حالت دون وصوله إليها حينما نجز بعض أجزائه ، والحق يقال إنه من نفائس الكتب واسع التراجم جم الفوائد ، وقد التقطنا منه ما فيه من رجال الشهباء ووضعنا كل ترجمة في مكانها على شرطنا الذي قدمناه.

(٧) كتاب الدول لياقوت المذكور

لم يذكره صاحب الكشف لكن ذكره ابن خلكان في ترجمته.

(٨) المبدأ والمآل

ذكره صاحب الكشف في صحيفة ٣٧٧ لكن لم يكتب عنه شيئا ، وقال ابن خلكان في ترجمة مؤلفه إنه في التاريخ.

مؤلفات ابن أبي طي يحيى بن حميدة الحلبي المتوفى سنة ٦٣٠

[٩] أخبار الشعراء الشيعة ، ذكره في كشف الظنون في صحيفة ٦١.

[١٠] تاريخ مصر ، قال في الكشف في كلامه على تواريخ مصر : ومنها تاريخ ابن أبي طي يحيى بن حميدة.

[١١] مختار تاريخ الغرب ، قال في الكشف في كلامه على تواريخ المغرب : ومختار تاريخ الغرب لابن أبي طي يحيى بن حميدة.

٥٩

[١٢] حوادث الزمان ، قال في الكشف : إنه في خمس مجلدات على ترتيب الحروف.

[١٣] سلك النظام في تاريخ الشام ، قال في الكشف : إنه في أربع مجلدات.

[١٤] طبقات العلماء ، ذكره في الكشف في صحيفة ٩٥.

[١٥] عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر ، قال في الكشف في صحيفة ١٢٦ / ٢ :

عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر بيبرس التركي لابن أبي طي يحيى بن حميدة الحلبي المتوفى سنة ٦٣٠. وفي الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة في صحيفة ١٤٦ نقل عنه حيث قال : قال ابن شداد : ذكر منتخب الدين أبو زكريا يحيى بن أبي طي النجار الحلبي في الكتاب الذي وضعه في تاريخ حلب وسماه [ عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر ] إلخ ، وهذه العبارة تفيد أنه من التواريخ الخاصة بها.

[١٦] كنز الموحدين في سيرة صلاح الدين ، ذكره في الكشف في صحيفة ٣٣٦.

[١٧] النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية للقاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد المتوفى سنة ٦٣٢.

هي سيرة السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه‌الله ، وقد كان المؤلف رافقه في كثير من حروبه فكتب ما شاهده أو عمن شاهد تلك الحروب ، طبعت في مجلد واحد سنة ١٣١٧ في مطبعة التمدن بمصر.

قال جرجي زيدان : طبعت في لندن سنة ١٧٣٢ مع منتخبات عن صلاح الدين من تواريخ أبي الفداء وعماد الدين وغيرها مع ترجمة ذلك كله باللغة اللاتينية ، وقد ترجمت أيضا إلى الفرنساوية وطبعت في باريس سنة ١٨٨٤ وطبعت في لندن مع تعليقات بالإنكليزية. اه.

وقال جرجي زيدان هنا : إن له تاريخ حلب ومنه نسخة في بطرسبورج ، وهذا وهم منه فابن شداد هذا ليس له تاريخ لحلب ولو كان لذكره ابن خلكان وغيره من مترجميه ،

٦٠