الأزهر في ألف عام - ج ٣

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي

الأزهر في ألف عام - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٧

١٠ ـ حاشية على شرح الحفيد على مختصر جده التفتازاني : في البلاغة.

وكان الشيخ الحفني ، حسن السمت ، مهيب الطلعة ، معتدل القامة ، لا بالطويل البائن ولا بالقصير ، عظيم الهامة ، كث اللحية أبيضها ، مقوس الحاجبين ، رحب الراحتين ، سواء الظهر والبطن ، أبيض اللون مشرب بحمرة ، كأن على وجهه قنديلا من النور.

وكان كريم الطبع ، جميل ، السجايا لم يضبط عليه مكروه ، على جانب عظيم من الحلم ، ما جهل عليه أحد إلا قابل السيئة بالحسنة. يعظم كل الناس ، ويتمثل قائما لكل قادم ، ويخاطب كل إنسان على قدر عقله ، ويصغي لكلام كل متكلم ولو كان تافها ، ولا يضجر إن أطال عليه ، بل يظهر له المحبة ، حتى يظن أنه أعز الناس عليه ، وأقربهم إلى قلبه. وكان لا يعلق نفسه بشيء من الدنيا فلو سأله إنسان أعز حاجة عليه أعطاها له ، كائنة ما كانت ويجد لذلك أنسا وانشراحا وإذا دعى أجاب ، إلا أنه كان يعتذر من عدم حضور الولائم. لأنه يرى أنها غير مضبوطة بالأمور الشرعية.

وله صدقات وصلات خفية ، وكان يتولى الصرف على بيوت كثير من أتباعه المنتسبين إليه ولا ينقطع ورود الواردين عليه ليلا ونهارا ، وقد قيل إن راتب بيته من الخبز كل يوم نحو الأردب. ويجتمع على مائدته ما لا يقل عن الأربعين.

ولما بلغ الثلاثين من عمره ، كثر انقطاعه للعبادة. وتهيأ للسلوك والاندماج في الطريق فأخذ عن الشيخ أحمد الشاذلي المعروف بالمقري وتلقى منه بعض الأحزاب والأوراد وكان يتردد على زاوية سيدي شاهين الخلوتي بسفح المقطم ويمكث فيها الليالي متحنثا. وقد ذكر الشيخ حسن شمه : أنه كثيرا ما كان ينشد في الدياجي.

خل الغرام لصب دمعة دمه

حيران توجده الذكرى وتعدمه

٢٨١

واسمح له بعلاقات علقن به

لو اطلعت عليها كنت ترحمه

وقال : سمعته مرة ينشد من شعره :

لو فتشوا قلبي لا لفوا به

سطرين قد خطا بلا كاتب

العلم والتوحيد في جانب

وحب آل البيت في جانب

ولما قدم السيد مصطفى البكري عمدة أهل الطريقة الخلوتية من الشام سنة ١١٣٣ ه‍ اجتمع عليه وحصل بينهما الارتباط القلبي حال المشاهدة ، فأخذ عليه العهد في أول لقاء ، ثم اشتغل بالذكر والمجاهدة ولما علم السيد صدق حاله ، وحسن فعاله ، قدمه على خلفائه ، وأولاه حسن ولائه ، ودعاه بالأخ الصادق.

وفي سنة ١١٤٩ ه‍ حن إلى زيارة شيخه البكري ، فسافر إلى القدس الشريف ، وأقام عنده أربعة أشهر ، عاد بعدها إلى القاهرة ، وأدار مجالس الأذكار ، بالليل والنهار ، وأحيا طريق الخلوتية ، المؤيدة بالشريعة الغراء ، في الديار المصرية ولم ، يزل أمره في ازدياد وانتشار حتى شاع ذكره وأقبل عليه الوافدون من كل فج ، وصار الكبار والصغار ، والرجال والنساء ، يذكرون الله بطريقته ، وأصبح قطب الوقت بحق ، ولم يبق ولي من أهل عصره إلا أذعن له.

وكان من تلاميذه : شيخ القراء المحدثين ، وصدر الفقهاء المتكلمين العابد الزاهد الشيخ محمد السمنودي المعروف بالمنير ، وعلامة وقته الشيخ حسن الشبيني ، والشيخ محمد السنهوري والشيخ محمد الزعيري ، والشيخ خضر رسلان ، والشيخ محمود الكردي. والشيخ عبد الله الشرقاوي الذي تولى مشيخة الأزهر ، والإمام الأوحد الشيخ محمد بدير ، والشيخ محمد الهلباوي الشهير بالدمنهوري ، والشيخ محمد السقا ، والشيخ محمد الفشني ، والشيخ عبد الكريم المسيري الشهير بالزيات ، وأبو البركات الشيخ

٢٨٢

أحمد محمد الدرير العدوي ، والشيخ حسن بن علي المكي المعروف بشمة.

قوم إذا جن الظلام عليهم

قاموا هنالك سجدا وقياما

وللشيخ الحفني رضي الله عنه ، كرامات وبشارات وخوارق وعادات يطول شرحها ذكر بعضها تلميذه الشيخ حسن شمه ، الناظم الناثر في كتابه الذي ألفه في نسبه مناقبه وقد ضمنه مقامة في مدحه ، أسماها : فيض المغني في مدح الحفني ، جمع فيها سائر فنون الشعر ، ولتلميذه العلامة الشيخ محمد الهلباوي الدمنهوري كذلك مؤلف في مناقبه ومن قصيدة له في مدحه :

سبحانك الله ما الحفني ذا بشر

لكنه ملك قد جاء للبشر

محجب عن عيون الواصلين فما

بال الخليين من سر ومن ثمر

هذا الفريد الذي نادى الرفاق به

فسار كل أسير نحو مقدر

جلت محاسنه عن كل ما وصفوا

فليس يحصرها لب من الغرر

وهو الذي ورثته الأنبيا رتبا

فضلا من الله لا بالجد والسهر

علما وحلما وتوفيقا ومكرمة

وحسن حال مع التسليم للقدر

وقد تولى مشيخة الأزهر في سنة ١١٧١ ه‍ ومكث فيها حتى وافاه داعي السماء ، بعد أن ملأ الدنيا نورا وبركة ، قبل ظهر يوم السبت ٢٧ ربيع الأول سنة ١١٨١ ه‍ ، وصلى عليه في الأزهر يوم الأحد ، في مشهد عظيم جدا ودفن بقرافة المجاورين القديمة مع أخيه العلامة الشيخ يوسف الحفناوي المتوفى سنة ١١٧٨ ه‍.

٢٨٣
٢٨٤

أزهريون خالدون

كانت للعلماء ، في جميع عصور الإسلام ، الريادة والقيادة : يرودون الحياة أمام الناس ويقدمون لهم ثمرة هذه الريادة من العلم والتجربة والثقافة والفضائل والتقوى. ويقودونهم ـ أفرادا وجماعات ـ إلى طريق الخير والفلاح. وفي بعض عصور التاريخ نجد لهؤلاء العلماء ريادة أخرى وقيادة للسياسة والثورة في سبيل رفع الظلم ورد العدوان. كان ذلك أوضح ما يكون الوضوح في مصر في القرن الثامن عشر ، حين أفحش الظالمون في ظلمهم واعتدى المعتدون على وطنهم.

في هذا القرن كانت تقوم ثورات شعبية كثيرة يهب فيها أهل مصر لرد عدوان الظالمين ـ وعقابهم أيضا ـ وكان علماء الأزهر (١) يشاركون الشعب إحساسه وثورته ، بل كثيرا ما كانوا يقودونه في ثورته ، ويحرضونه.

الشيخ الدردير يقود ثورة :

وللشيخ أحمد الدردير ـ وكان مفتيا للمالكية ومن أكبر علماء عصره ـ في ذلك مواقف كريمة نذكر بعضا منها :

__________________

(١) الاستاذ محمود الشرقاوي عن مجلة الأزهر.

٢٨٥

في يوم من أيام ربيع الأول من سنة ١٢٠٠ ه‍ (يناير ١٧٨٦ م) قام حسين بك شفت (١) أحد كبار المماليك ، ومعه طائفة من جنوده قاصدا منطقة الحسينية واقتحم دار رجل اسمه أحمد سالم الجزار ، كان رئيسا على دراويش الشيخ البيومي ، ونهب الأمير حسين دار هذا الشيخ. وفي صباح اليوم التالي ثار جماعة من الحسينية ، وخرجوا إلى الأزهر ، وشكوا أمرهم إلى الشيخ أحمد الدردير ، فشجعهم في ثورتهم ، وغضب لهم وقال لهم : أنا معكم. فقام الغاضبون إلى أبواب الأزهر فغلقوها ، وصعدت طائفة منهم على المآذن يصيحون ، ويدقون الطبول ، وانتشر الناس في الأسواق وقد ظهر عليهم الغضب والتحفز ، وأقفل التجار متاجرهم. فلما رأى الشيخ الدردير ثورتهم هذه قال لهم : موعدنا غدا لنجمع الناس من أطراف المدينة ، وبولاق ومصر القديمة ، وأسير معكم إلى بيوت هؤلاء الأمراء ننهبها كما ينهبون بيوتنا. وسينصرنا الله عليهم ، أو نموت شهداء. وبعد ساعات من النهار أرسل إبراهيم بك : شيخ البلد وكبير المماليك ، نائبه ، وأميرا آخر إلى الشيخ الدردير يرجوه أن يرسل إليه قائمة بجميع ما نهب من بيت الشيخ الجزار حتى يرده إليه.

وفي شهر جمادى الآخرة من السنة نفسها كان مولد السيد البدوي ، في طنطا ، وكان الشيخ الدردير في المولد ، وجاء كاشف (٢) الغربية ، من قبل إبراهيم بك ، ففرض على الناس مغارم ثقيلة ، وأخذ إبلا لبعض الأعراب كانوا يبيعونها في المولد ، فشكوا أمرهم إلى الشيخ ، فأمر بعض أتباعه أن يذهبوا إلى الكاشف ، فخشوا بطشه ولم يذهبوا ، فركب الشيخ بنفسه ومعه بعض أتباعه ، وكثير من العامة. فلما أقبل على خيمة الكاشف ناداه فحضر إليه. وكلمه الشيخ ، وهو على ظهر بغلته ، وقال له : إنكم لا تخافون الله ، واشتد عليه بالزجر والتأنيب. فلما رأى الناس ذلك خرجوا عن

__________________

(١) يقول الجبرتي إن «شفت» معناها اليهودي والأرجح انها محرفة من كلمة «جفت» التركية.

بهذا المعنى.

(٢) كاشف : حاكم.

٢٨٦

طورهم ، وضربوا نائب الكاشف ، وقامت فتنة بينهم وبين الجند ضرب فيها وأسر واحد من أتباع الشيخ ، وذهب كاشف المنوفية وكاشف الغربية بعد ذلك يعتذران إلى الشيخ ، ولما عاد إلى القاهرة قدم إبراهيم بك بنفسه إلى منزله معتذرا ومعه كبار المماليك.

الشيخ عباس ووقف المغاربة :

وقبل ذلك بعشر سنوات آلت بعض الأوقاف المحبوسة على طلبة العلم إلى طلبة المغاربة ، ولكن واضع اليد جحد هذه الأيلولة وأبى أن يسلم الحق لأصحابه ، ولجأ في ذلك إلى الأمير يوسف بك أمير الحج فنصره هذا على باطله ، وأقام المغاربة دعواهم أمام القاضي فأثبت لهم حقهم ، ولكن الأمر كبر على يوسف بك ، وأبى أن يمتثل لحكم القضاء ، بل أمر بالشيخ عباس ـ زعيم المطالبين بوقف المغاربة ـ أن يساق إلى السجن. فلما ذهب رسل الأمير يوسف بك إلى الأزهر لأخذ الشيخ عباس طردهم الأزهريون وسبوهم ولم يمكنوهم منه ، ثم قصدوا إلى الشيخ أحمد الدردير فأخبروه الخبر ، فكتب الشيخ إلى يوسف بك ألا يتعرض لأهل العلم ، وألا يعاند في حكم أصدره القاضي ، وأرسل الشيخ كتابه هذا إلى يوسف بك مع شيخين اختارهما لذلك. فلما وصل الشيخان برسالة الدردير أمر يوسف بك بالقبض عليهما وزجرهما زجرا شديدا ثم سجنهما.

ووصل خبر ذلك إلى الشيخ الدردير ، وأهل الأزهر ، فاجتمعوا عند الصباح وأبطلوا دروس العلم ، والأذان ، والصلاة. وأقفلوا أبواب الجامع. وجلس العلماء عند القبلة القديمة. وكان الأزهر يموج بالناس ، فصعد الصغار منهم إلى المنارات والمآذن يكثرون من الدعاء على الأمراء. وشارك الشعب أهل الأزهر شعورهم بالسخط واحتجاجهم على الظلم ، فغلقت الحوانيت والمتاجر ، وعرف الأمراء ما جرى فأرسلوا إلى يوسف بك ليطلق سراح الشيخين ، فأطلقهما ، وأرسل شيخ البلد إبراهيم بك ، كبيرا من

٢٨٧

رجاله إلى العلماء ، فلم يستطع إرضاءهم ، وجاء كبير آخر يطلب إلى الناس أن يفتحوا متاجرهم ، وينصرفوا لشأنهم. فذهب إليه طلبة الأزهر ، وجموع من الشعب بأيديهم العصى والمساوق ، وضربوا أتباع هذا الكبير ورجموهم بالحجارة. فأطلق عليهم هو ورجاله الرصاص. وقتل ثلاثة من الطلبة ، وجرح بعض أفراد الشعب وخشى الأمراء بعد ذلك أن يتفاقم الخطب ، وتزيد ثورة الشعب والعلماء اشتعالا ، فأرسلوا في اليوم التالي كبيرا منهم ، مع الشيخ السادات ، وآخرين من الأمراء. ورأوا من الحكمة ألا يذهبوا إلى الأزهر ، في وسط هذه الفتنة فجلسوا في مسجد الأشرف ، وأرسلوا إلى أهل الأزهر ومن معهم من الثائرين ، أن طلباتهم أجيبت ، فلم يقنعهم ذلك ، ولم يتركوا أماكنهم. فلم ير إسماعيل بك ، كبير الأمراء ، بدا من أن يذهب بنفسه إليهم ، فنزل مع الشيخ السادات ، ولم يستطع أن يواجه الثائرين داخل الأزهر ، فجلس مع السادات في مسجد المؤيد ، وأرسلا إليهم كتابا تعهد فيه إسماعيل بك أن يجيب رغائبهم ويقبل جميع ما يطلبون ، وقال : إن ضمينه في ذلك الشيخ السادات ، وظل إسماعيل بك يراسل المتترسين داخل الأزهر يوما كاملا حتى استجابوا ، وفتحوا أبواب الأزهر ، وكان مما شرطوه على إسماعيل بك ألا يمر الأغا ، ولا الوالي ، ولا المحتسب قريبا من الأزهر.

الشيخ السادات يقود الثورة :

كان الشيخ السادات ، من أكبر الشيوخ مقاما ، وأعظمهم شأنا ، وأوسعهم جاها وثروة ، وأعزهم منزلة لدى الناس ، ولدى الأمراء على السواء. ولكنه ، مع اختيار نابليون له عضوا في الديوان ، وزيارته له في بيته ، كان من أكبر خصوم الفرنسيين ، والمحرضين على الثورة عليهم.

فعند ما قامت ثورة القاهرة الأولى تبين أن زعيمها الأول هو الشيخ السادات. وثبت لديهم ذلك حتى أمر الجنرال كليبر بإعدامه ، ولكن نابليون

٢٨٨

رده عن ذلك ، مع يقينه من زعامته للثورة ، وقال : إن قتل شيخ في مكانة السادات يضر أبلغ الضرر بمركز الفرنسيين ، ويزيد في حقد المصريين وكراهتهم له.

ثم قامت ثورة القاهرة الثانية على الجنرال كليبر. وكان السادات من المحرضين عليها. فجاءت فرصة كليبر لشفاء ما في نفسه من السادات. وكان يذكر نصيحة نابليون فلم يقتله. ولكنه أوقع به من العذاب والمهانة شيئا كثيرا. حيث فرض عليه ضريبة فادحة ، قدرها مائة وخمسون ألف فرنك. فلما رفض أن يدفعها أمر بسجنه في القلعة. وكان ينام على التراب ، ويمشون به على قدميه في شوارع القاهرة ، ويضرب في صباح كل يوم خمس عشرة عصا ، ومثلها في كل مساء وحبسوا أتباعه وخدمه. وطلبوا زوجه وابنه فلم يجدوهما. فعذبوا خادما له عذابا شديدا حتى دل على مكانهما ، فسجنوهما. ووضعوا معه زوجته في سجن واحد ، فكانوا يضربونه أمامها ، وهي تبكي. وهاجموا داره ، ففتشوها ونهبوا ما كان فيها من مال ومتاع وحفروا أرضها للبحث عما فيها من سلاح ومال. وجعلوا على بيته عشرين حارسا. وعندما أعادوا تشكيل «الديوان» (١) أخرجوه منه.

وبعد أن أنزلوه من القلعة عادوا فسجنوه فيها مرة أخرى خمسين يوما ، ثم أخرجوه بعد أن أتم دفع ما فرضوا عليه ، ولكنهم عادوا فصادروا جميع ممتلكاته وإقطاعياته ـ وكانت شيئا كثيرا ـ وحبسوا مرتباته وأوقافه وأوقاف زوجاته ، وريع الأوقاف التي كانت محبوسة على زوجة أجداده. وشرطوا عليه ألا يجتمع بالناس ، وألا يخرج إلا بإذنهم ، وأن يقتصد في نفقاته ، وينقص عدد أتباعه وخدمه.

__________________

(١) عند ما دخل نابليون القاهرة ألف «الديوان» من طبقتين «العمومي» و «الخصوصي» وكان الأخير يتألف من كبار العلماء والتجار وأهل الرأي والمنزلة من المصريين. وكان رئيسه الشيخ عبد الله الشرقاوي ومن أبرز أعضائه الشيخ السادات.

٢٨٩

ويخاف منه الأتراك أيضا :

وعند ما قدمت الحملة التركية الإنجليزية لحرب الفرنسيين وإخراجهم من مصر ، سنة ١٨٠١ ، وعلم الجنرال مينو ، نائب نابليون وقائد الجيوش الفرنسية ، أنها نزلت أبي قير في الأسكندرية ، أمر ، للمرة الرابعة ، بالقبض على الشيخ السادات حتى لا يثير المصريين عليهم. وسجن في القلعة ، وبقي فيها سجينا حتى بارح الفرنسيون مصر.

وقد مات ابن الشيخ السادات وهو في السجن فلم يسمحوا له بالخروج ليراه ، بل أذنوا له بالسير في جنازته تحت الحراسة ، ثم أعادوه إلى السجن.

ومن مواقف الشيخ السادات الوطنية الكريمة ، أنه عند ما ضرت الحرب والحصار بالثائرين في القاهرة ، التزم بالإنفاق على المحاربين والمجاهدين في المنطقة التي كان يقيم فيها ، عند قناطر السباع.

ومات الشيخ السادات بعد ذلك في مارس سنة ١٨١٣ في عهد محمد على بعد أن عرف له الناس وسجل التاريخ هذه الشجاعة وهذا البذل.

٢٩٠

الأزهري الشيخ سليمان الجوسقي

فرغ الشيخ سليمان الجوسقي (١) من صلاة الفجر في الجامع الأزهر على عادته في كل يوم ، ولكنه في ذلك اليوم كان يبدو على غير عادته في كل شيء ، فهو ساهم واجم يستغرقه تفكير عميق ثقيل ، وهو في تفكيره منصرف عن كل شيء من حوله ، حتى كان إخوانه يتلقونه بتحية الصباح فلا يجيبهم ، وكان طلابه يكبون على يده يقبلونها فيلقيها إليهم في إغفال واستسلام كأنه لا يبالي شيئا من أمرهم.

ومضى الشيخ الجوسقي إلى حلقة الدرس وهو على هذه الحال ، ساهم واجم ، مستغرق في ذلك التفكير العميق الثقيل ، ولقد أخذ مكانه في حلقة الدرس والطلاب يحفون به منصتين ، ولكنه جلس صامتا واجما لم يتكلم بكلمة ، ولم يعنه أن يسأل الطلاب فيما حققوا من مسائل الدرس أو صادفوا من مصاعبه كشأنه معهم في كل يوم.

وما كان الشيخ الجوسقي هكذا أبدا ، ولا عرف طلابه عنه هذه الحال في يوم من الأيام ، فقد كان شيخا مكفوف البصر ، يتولى شئون طائفة العميان والتدريس لهم في الأزهر ، ولكنه لم يكن يرى في تلك المحنة حدا

__________________

(١) مجلة الأزهر الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف.

٢٩١

يعوقه عن أي شأن من شئون الحياة ، فكان معروفا بين إخوانه بقوة الشكيمة والصرامة في الحق ، يحرص كل الحرص على مصالح طائفته ، ويبذل كل الجهد لاستخلاص حقوقهم ، ولو أدى ذلك إلى الاعتماد على القوة ، والالتحام في المعركة ، وكان إلى جانب هذا متفتح النفس ، يهش للدعابة ، ويطيب له التبسط في الحديث مع طلابه ومريديه ، ويعنيه أن يتحقق بنفسه شئونهم العامة ، ومسائلهم الخاصة ، ومن ثم كان طلابه يخشونه أشد الخشية ، ويحبونه أعظم الحب ، وكان إذا ما أقبل على الدرس في كل يوم بعد الصلاة الأولى أقبلوا عليه ، فيفضون إليه بما في نفوسهم ، ويسمعون منه بما يشير به عليهم ، ثم يفرغون معه لدرس التفسير في كتاب الله الكريم ، وما يزالون حتى ترتفع الشمس ، ثم ينصرفون للاستعداد لدرس آخر.

ولكن الشيخ أقبل على طلابه في ذلك اليوم ، وهو على تلك الحال التي لم يألفوها منه ، ولم يعرفوها عنه ، وأشفق الطلاب أن يكون قد نزل بشيخهم مكروه في نفسه أو في أسرته ، فقال قائل منهم : لا بأس على مولانا الشيخ فيما نرى ، فقد فات موعد الدرس وهو منصرف عنا!

قال الشيخ في صوت محتبس أجش : كيف وهذا هو اليأس يأخذ بنواصينا وأقدامنا ، وهذا هو الكرب يشد على خناقنا شدا عنيفا ، فليس لنا منه متنفس. وفيم أنتم وهذا الدرس ، وما هو إلا كلام تلو كونه بألسنتكم ، وتخورون به خوار البقر ، ولكنكم والله لا تحسونه بقلوبكم ، ولا تعرفون فيه حق دينكم ، وهل حسبتم أن الإسلام هو تلك الكلمات التي ترددونها وتناقشونها ثم تنصرفون بها إلى الناس ، وكأنها تجارة كلامية ، حسبكم من الربح فيها تلك الفضلات التي تقيم أودكم ، وتمسك رمقكم ، إذن فيا ضيعة الإسلام فيكم ، ويا خسارته بكم ، ولست أدرى أهي نهاية الزمان ، أم أن الله مقيض لهذا الأمر من ينهض به ويبعثه بعثا جديدا في عقول هذه الأمة وقلوبها؟!

٢٩٢

قال الطالب : وهل عرف شيخنا على أحد منا سوءا في دينه ، أو تفريطا في حق من حقوقه؟!

قال الشيخ : وما ذا بقي هناك من حقوق دينكم؟ وأي أثر لذلك في نفوسكم؟ لقد جل الخطب حتى أوشك أن لا يبقى من هذا الدين بقية تتصل بأرواحكم ، هؤلاء هم الفرنسيون الكفار قد وطأوا بلادكم فسكتم ، ثم انتهبوا دوركم وأموالكم فأذعنتم ، ثم انتهكوا حرماتكم وأعراضكم فرضيتم وصبرتم ، وها هم أولاء ـ فيما عرفت ـ يعمدون إلى تغيير نظام المواريث في دينكم ، فيجعلون حق الإرث كله للبنت وليس للولد منه شيء كما هو شرعهم ، ومتى بطل جزء من الشريعة فإنها جميعها لا بد صائرة إلى المسخ والزوال ، وإنكم لصائرون غدا أرقاء في خدمة هؤلاء الفرنسيس الكفار ، وبكم تكون نهاية هذا الدين ، وزوال الملة ، ونعوذ بالله من هذا الزمان.

وسرت بين الطلاب همهمة وغمغمة ، وارتفعت الصيحات استنكارا لتلك النازلة الساحقة التي حلت بالمسلمين في دارهم ، ووقف بعض الطلاب يتكلمون ، فمنهم من يلقي اللوم على أولئك المماليك الجبناء الذين فروا من مواجهة العدو وتركوا الشعب يتلظى في أتون المعركة ، ومنهم من يعتب على دولة بني عثمان التي تركت الفرنسيين يصلون إلى فتح هذه الديار ، ومنهم من يسب الخائنين والمارقين من أبناء الطوائف الدخيلة على البلاد لأنهم تعاونوا مع العدو ومكنوه من رقاب الشعب ، ومنهم من يقول : إنه غضب الله على المسلمين جزاء ما فرطوا في دينهم ، وحقوق ملتهم.

وعاد الشيخ الجوسقي يتكلم فقال : حسبكم يا أبنائي هذا الضجيج على غير طائل ، إننا اليوم لسنا في مقام توزيع التبعات وليس من الحكمة أن نترك السفينة تهوي إلى القاع ونحن مشغولون بمعرفة الملوم في هذه الكارثة ، وإنما الواجب أن نفزع لدفع النازلة التي حلت بنا ثم نصفي أمورنا

٢٩٣

إذا بقي لنا أمر بعد ذلك ، فحرام عليكم طعامكم وشرابكم ، وحرام عليكم أن تقيموا على الضيم في وطنكم ، وأن تجلسوا في هذا المكان باسم الإسلام والفرنسيون يصنعون بإسلامكم ما شاءوا أن يصنعوا.

قال قائل منهم : وما ذا في طاقتنا أن نصنع إزاء حرب الفرنسيين. وقد حرمنا نعمة البصر فما ندري إلى أين نسير ، والله يقول : «ليس على الأعمى حرج».

ولم يكد الطالب بتم قولته حتى انفجر الشيخ كالبركان قائلا : ألا لعنة الله عليكم إن كان هذا هو مدى إدراككم ويقينكم ، نعم لا حرج عليكم فيما هو من شئونكم الخاصة ، ولكنكم اليوم إزاء كارثة حلت بدار الإسلام ، وإنها لآخذة برقابكم جميعا ، والله يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) ، فانفروا إلى الناس في دورهم ، وحيث هم في أعمالهم ، وتفرقوا على أبواب الطرق والحارات ، وقولوا لكل من لقيتم إنكم اليوم بين شقي الرحى ، وإن الفرنسيين قد استباحوا حرماتكم ، وأهانوا شرفكم ، ونهبوا أموالكم ، وبدلوا دينكم ، فلا عزة لكم بين الأمم ، ولا كرامة لكم عند ربكم إذا ما رضيتم بهذا الأمر فيكم.

ووقف الشيخ في انفعال وقوة ، وأخذ يصرخ قائلا والدموع تنحدر على خديه : والله ما قام عمود هذا الدين إلا بالجهاد ، ولا أزهرت شجرة الإسلام إلا بدماء الشهداء ، ولقد خاض رسول الله الحرب حتى شج وجهه وكسرت رباعيته ، وفي سبيل الله استشهد سادتنا من الصحابة والتابعين ، فلعنة الله علينا إن كنا من القاعدين بعد اليوم .. ثم اندفع الشيخ واندفع معه طلابه إلى الخارج وهم يصيحون : إلى الجهاد والاستشهاد ، إلى الموت في سبيل الله .. وكانت الثورة.

* * *

كانت الشمس ترتفع للضحى ، وكانت القاهرة تبدو هامدة واجمة

٢٩٤

تحت وطأة ذلك الكابوس الفرنسي الذي جثم على قلبها فجأة ، وكان الناس يغدون ويروحون وهم لا يدرون من أمرهم شيئا لليوم أو الغد ، فما هي إلا ساعات من نهار حتى كانت القاهرة تغلي كالمرجل ، وكان الناس يقفون فيها على قدم وساق متوثبين متحفزين لأمر له ما بعده ، فقد تفرق شيوخ الأزهر وطلابه على أبواب الطرق ، وتغلغلوا في الحارات والأزقة بحي الأزهر والحسينية ، وراحوا يتحدثون إلى الناس بشأن هؤلاء الفرنسيين الذين استعمروا بلادهم ونهبوا أموالهم ، واسباحوا حرماتهم ، وأخذوا يذكرونهم بحق الدين في الجهاد والاستشهاد ، وكأنها كانت الشرارة قد اندلعت في الهشيم ، فإذا بالجموع تتداعى من كل ناحية ، والصيحات ترتفع من كل جانب : إلى الجهاد ، إلى الاستشهاد ، النصر للإسلام.

واتصل الخبر بالسلطات الفرنسية ، فركب الضابط «ديوي» على رأس قوة كبيرة من الفرسان والجنود ، ومر بشارع الغورية ، وعطف على خط الصنادقية ، ثم قصد إلى بيت القاضي فوجد جموعا كبيرة من المصريين وهم يصيحون ويتوعدون ، فتراجع أمامهم وأراد أن يخرج من بين القصرين ، ولكنهم أدركوه والتحموا به في معركة عنيفة أسفرت عن جرح «ديوي» بجراح بالغة وقتل أكثر فرسانه وجنوده ، ولم يفلت القائد الفرنسي من براثنهم إلا بأعجوبة ... وأيقن أبناء القاهرة أن هذه المعركة ليست إلا بداية موقف حاسم بينهم وبين الفرنسيين ، وأخذوا من وقتهم يستعدون لهذا الموقف ، فرابطت الجموع عند الأطراف وعلى مداخل القاهرة عند باب الفتوح وباب النصر والبرقية وباب زويلة وباب الشعرية ، وأقاموا المتاريس في كل مكان مفتوح للهجوم ، وأخرجوا ما عندهم من السلاح والذخيرة ، وباتوا الليل ساهرين منتظرين.

وأصبح الصباح ، وكانت القوات الفرنسية قد أخذت أماكنها فوق تلال البرقية والقلعة ، وهي مستعدة بالعتاد الكامل ، والمدافع الثقيلة ، ثم أخذت تقصف القاهرة بالقنابل وركزت الضرب على حي الأزهر بصفة خاصة ،

٢٩٥

وتساقطت القنابل على الدور وفوق السكان ، ولم يكن دوي القنابل مألوفا لعامة الشعب ، فسار بينهم الفزع والرعب ، ولكن المرابطين على المتاريس وقفوا ثابتين يدافعون في شجاعة وعناد ، وأمضت القاهرة ليلة مظلمة لم تعهدها من قبل ، فكنت لا تسمع في وسط ذلك الظلام الخانق الرهيب ، إلا دوي القنابل وهي تتساقط في كل مكان ، وإلا صيحات المجاهدين والمدافعين وهي تتجاوب بالثبات والإقدام ، وطال الترقب ، والفريقان يتبادلان الرمي والضرب ، وأرسل الفرنسيون إلى شيوخ الأزهر أكثر من مرة لعلهم يتدخلون لتهدئة الثورة ، ولكن المواطنين أصروا على الكفاح إلى آخر رمق من حياتهم.

واستمرت المعركة دائرة يومين وليلة وتساقط القتلى من الجانبين في الشوارع والطرقات وتهدمت الدور في كثير من المواقع ، وبقي المواطنون في أماكنهم صامدين ، يناضلون ويدافعون حتى فقدت الذخيرة منهم ، فوقفوا عن الضرب والرمي ، وانفتحت الأبواب أمام الفرنسيين ، فانحدروا إلى القاهرة بخيلهم ورجلهم وهم يمعنون في الأهالي العزل قتلا وفتكا ، وعاثوا في حي الأزهر جميعه ، ثم اقتحموا الجامع الأزهر بخيولهم ، واستباح أولئك الذين جاءوا يبشرون في الشرق بمبادىء الثورة الفرنسية ذلك الحرم المقدس ، فربطوا فيه خيولهم ، وشربوا فيه الخمور ، وعاثوا بكل ما فيه من المصاحف والكتب والخزائن فسادا وتلفا وداسوها بنعالهم.

وأصبح الصباح في اليوم التالي ، وكانت القوات الفرنسية كلها قد تجمعت في حي الأزهر وفي جميع الأحياء التي عضدت الثورة ، وأخذوا ينهبون الدور ويبحثون عن السلاح في كل مكان ، ثم أخذوا يبحثون عن الشيوخ الذين تزعموا الثورة واعتقلوا الشيخ سليمان الجوسقي شيخ طائفة العميان ، والشيخ أحمد الشرقاوي ، والشيخ عبد الوهاب الشبراوي ، والشيخ يوسف المصيلحي ، والشيخ إسماعيل البراوي ، وحبسوهم في بيت البكري

٢٩٦

بعض الوقت ، ثم نقلوهم إلى القلعة ..

وقصد الشيخ السادات ومعه بعض كبار المشايخ بالأزهر إلى القائد الفرنسي وطلبوا منه العفو عن الشيوخ المعتقلين فأمهلهم بعض الوقت ، وفي كل يوم كانوا يذهبون إليه متشفعين فيمهلهم حتى يستقر الأمن ، وبعد خمسة عشر يوما انكشفت الحقيقة في صنع الاستعماريين ، فقد وجدت جثث الشيوخ الخمسة وراء سور القلعة ، بعد أن قتلهم الفرنسيون ومثلوا بهم أشنع تمثيل ، ذلك لأنهم ارتكبوا أشنع جرم في حق أبناء المدنية الفرنسية ، فطالبوا بحق أمتهم في الحرية والحياة ...

٢٩٧
٢٩٨

رفاعة رافع الطهطاوي

* رفاعة رافع الطهطاوي .. ولد في ديسمبر سنة ١٨٠١ ببلدة طهطا محافظة جرجا ويختلف المؤرخون حول يوم مولده.

* كان والده تاجرا صغيرا توفي ورفاعة في سن الخامسة عشرة فرحل إلى القاهرة طلبا للعلم والتحق بالأزهر وقد كانت وسيلة سفره سفينة شراعية فاستغرقت الرحلة أسبوعين.

* في عام ١٨٢٤ عين واعظا وإماما لإحدى فرق الجيش النظامي الذي أسسه محمد علي وكان قائدا لفرقة حسن المانسترلي «بك».

* سافر إلى فرنسا عام ١٨٢٦ إماما للبعثة التعليمية المصرية بباريس وتقرر له مرتب يوزباشي .. وحضر قيام الثورة الفرنسية ضد شارل العاشر سنة ١٨٣٠.

* تأثر بالعلوم السياسية الفرنسية فترجم الدستور الفرنسي «دستور ١٨١٤» معلقا على مواده بما يدل على فهم دستوري صحيح.

* عاد إلى مصر سنة ١٨٣١ فتولى منصب أستاذ ترجمة وتدريس اللغة الفرنسية بمدرسة الطب.

٢٩٩

* في عام ١٨٣٣ نقل من مدرسة الطب إلى المدفعية برتبة أميرلاي وعهد إليه بترجمة العلوم الهندسية والفنون الحربية.

* أنشأ مدرسة الألسن سنة ١٨٣٦ بسراي الألفي بالأزبكية.

* في عام ١٨٥١ أرسله الخديو عباس الأول إلى السودان بعد أن أغلق مدرسة الألسن بحجة توليه إدارة مدرسة أنشئت بالسودان وكان القصد إبعاده.

* عاد من السودان عام ١٨٥٤ بعد وفاة الخديو عباس وتقلب في عدة وظائف حتى أسندت إليه سنة ١٨٥٥ وكالة المدرسة الحربية.

* أسس أول مدرسة لتعليم البنات سنة ١٨٧٣.

* من أشهر كتبه .. «تخليص الإبريز في تلخيص باريس».

* توفي في ٢٧ مايو سنة ١٨٧٣ .. ونشر نعيه بالوقائع السرية جريدة الدولة الرسمية.

إن أول صحفي في مصر (١) بل وفي العالم العربي كله ، كان أزهريا وهو المرحوم الشيخ إسماعيل بن سعد الشهير بالخشاب قال عنه : (الفيكونت فيليب دي ترازي) في كتابه (تاريخ الصحافة العربية) عند حديثه عن البعثة العلمية التي رافقت حملة نابليون بونابرت إلى مصر أنها أحضرت معها مطبعة من باريس ثم يقول :

(وأول عمل باشرته هذه البعثة العلمية أنها نشرت ثلاث جرائد في المطبعة المذكورة إحداها (الحوادث اليومية) كان يحررها إسماعيل بن سعد الخشاب وهي جدة الصحف في لغة الناطقين بالضاد).

ويقول عنه الجبرتي في كتابه التاريخي المعروف : (تولع السيد إسماعيل بحفظ القرآن ثم بطلب العلم ولازم حضور السيد علي المقدسي

__________________

(١) مجلة الأزهر ـ الأستاذ محمد علي غريب.

٣٠٠