الأزهر في ألف عام - ج ٢

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي

الأزهر في ألف عام - ج ٢

المؤلف:

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٢

مهابة عظيمة حتى لا يستطيع كثير من جلسائه أن يتوجه إليه بسؤال ، وكانت على إحدى عينيه نقطة ، ومع ذلك لم يدرك أكثر الناس ذلك ولم يلحظوه. لأنهم كانوا يغضون الطرف عند النظر إلى وجهه.

تولى المشيخة بعد الشيخ الشبراوي ، الذي مات في آخر سنة ١١٧١ ه‍ ... وكان إلى ذلك كله ظريفا وشاعرا ، يقول الشعر ، والمواليا. كان له رفيق اسمه الشيخ حسن شمة ، رآه مرة يكتب ، فسأله ما ذا يكتب؟ فقرأ عليه الشيخ «شمة» هذا البيت :

قالوا تحب المدمس؟ قلت بالزيت حار

والعيش أبيض تحبه؟ قلت والكشكار

فضحك الشيخ وقال له : أما أنا فلا أحبه بالزيت حار ، بل بالسمن. وأنشده :

قالوا تحب المدمس؟ قلت بالمسلى

والبيض مشوي. تحبه؟ قلت والمقلي

وله شيء غير قليل من المواليا ، بعضه في الغزل ، وكله رقيق جميل فيه عاطفة وعذوبة. وله شعر رقيق جميل ايضا ، منه :

فلو فتشوا قلبي لألفوا به

سطرين ، قد خطا ، بلا كاتب

العلم والتوحيد في جانب

وحب آل البيت في جانب

وهذان البيتان ، يمثلان حياته الى حد كبير ، فقد كان عالما كبيرا مخلصا للعلم ، ومتصوفا مؤمنا طاهر السريرة.

ومن شعره هذان البيتان الرقيقان. اللذان يفيضان يسرا وإيمانا ورضاء ، وصفاء وروحانية :

١٠١

خبز ، وماء وظل

هو النعيم الأجل

جحدت نعمة ربي

إن قلت إني مقل

وقد عمر طويلا. حيث مات ظهر يوم السبت السابع والعشرين من ربيع الأول سنة ١١٨١ (١٧٦٧) .. وكان يوم وفاته يوم هول وبكاء. وقال فيه الوالي راغب باشا : انه كان سقفا على أهل مصر ، يمنع عنهم نزول البلاء (١).

الإجازات العلمية في الأزهر القديم

ذكر القلقشندي في صبح الأعشى صور طائفة من الإجازات التي كان يصدرها أكابر العلماء لتلاميذهم أو لمن يتقدم اليهم من الطلاب ، كإجازة التدريس والفتيا والرواية وغيرها (ج ١٤ ص ٣٢٢ وما بعدها) ، وتصدر هذه الإجازة بعد اختيار الطالب فيما طلب الإجازة فيه.

١ ـ وهذه صيغة إجازة بالفتيا والتدريس على مذهب الإمام الشافعي ، أصدرها العلامة سراج الدين أبو حفص عمر الشهير بابن الملقن لأبي العباس القلقشندي صاحب كتاب صبح الأعشى سنة ٧٧٨ ه‍ ، وكتبها القاضي تاج الدين بن غنوم موقع الحكم بالاسكندرية ، وذلك بعد البسملة والديباجة :

«ولما كان فلان ـ أدام الله تسديده وتوفيقه ، ويسر إلى الخيرات طريقه ـ ممن شب ونشأ في طلب العلم والفضيلة ، وتخلق بالأخلاق المرضية الجميلة ، وصحب السادة من المشايخ والفقهاء ، والقادة من الأكابر والفضلاء ، واشتغل عليهم بالعلم الشريف اشتغالا يرضى ، وإلى نيل السعادة ـ إن شاء الله ـ يفضي ، استخار الله تعالى سيدنا وشيخنا وبركتنا ،

__________________

(١) من كلمة للأستاذ محمود الشرقاوي عنه ـ الأهرام في ١١ ـ ١٠ ـ ١٩٥٤

١٠٢

العبد الفقير إلى الله تعالى ، الشيخ الإمام العلامة ، الحبر الفهامة فريد دهره ونسيج وحده ، جمال العلماء ، أوحد الفضلاء ، عمدة الفقهاء والصلحاء سراج الدين ، مفتي الإسلام والمسلمين ، أبو حفص عمر بن الملقن ... الخ».

«وأذن وأجاز فيه لفلان المسمى فيه ، أدام الله معاليه ، أن يدرس مذهب الإمام المجتهد المطلق العالم الرباني ، أبي عبد الله محمد بن إدريس المطلبي الشافعي ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة متقلبه ومثواه ، وان يقرأ ما شاء من الكتب المصنفة فيه ، وان يفيد ذلك لطالبيه ، حيث حل وأقام ، كيف شاء متى شاء وأين شاء ، وأن يفتي من قصد استفتاءه خطا ولفظا ، على مقتضى مذهبه الشريف المشار إليه ، لعلمه بديانته وأمانته ، ومعرفته ودرايته ، وأهليته لذلك وكفايته ... وكتب في تاريخ كذا».

٢ ـ وهذه صيغة إجازة أصدرها الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الدايم إلى ولده أبي العباس المسمى نجم الدين أبي الفتح ، متضمنة إتقانه لحفظ كتاب (المنهاج) في الفقه للنووي ، وذلك سنة ٨١٣ ه‍ جاء فيها بعد الديباجة : «وبعد فقد عرض على الفقيه الفاضل ، نجل الأفاضل ، وسليل الأماثل ، ذو الهمة العليا ، والفطنة الذكية ، والفطرة الزكية ، نجم الدين أبو عبد الله محمد بن فلان ، نفع الله به كما نفع بوالده ، وجمع له بين طارف العلم وتالده» ـ مواضع متعددة من «المنهاج» في فقه الإمام الشافعي المطلبي رضي الله عنه وعنا به ، تأليف ولي الله ابن زكريا بن شرف بن مرى النووي ، سقى الله تعالى ثراه ، وجعل الجنة مأواه ، دل حفظه لها على حفظ الكتاب ، كما فتح الله له مناهج الخير دقه وجله ، وكان العرض في يوم كذا».

٣ ـ وكتب العلامة الشيخ عز الدين بن جماعة في بعض الإجازات ما صورته : كذلك عرض على المذكور باطنها عرضا حسنا ، محررا مهذبا مجادا متقنا ، عرض من أتقن حفظه ، وزين بحسن الأداء لفظه ، وأجزل لي من عين العناية حفظه ، مر فيه مرور الهملاج الوساع في فسيح ذي السباع ،

١٠٣

وقد دلني ذلك منه ، نفعه الله تعالى ونفع به ، ووصل أسباب الخير بسببه ، على علو همته ، ووفور أريحيته ، وتوقد فكرته ، واتقاد فطنته ... وقد أذنت له أن يروي عني الكتاب المذكور ، وجميع ما يجوز لي وعني روايته ، من مصنفاتي وغيرها من منظوم ومنثور ، ومنقول ومعقول ومأثور ، بشرطه المعتبر ؛ عند أهل الأثر ، وكتب فلان بتاريخ كذا ...

صور من إجازات الأزهر العلمية في أواخر القرن التاسع عشر

من صور هذه الاجازات إجازة خطية طويلة عندي ، وهي التي كتبها الشيخ الباجوري للعالم الكبير الشيخ نافع الجوهري الخفاجي التلباني (١٢٥٠ ـ ١٣٣٠ ه‍ ١٨٣٤ ـ ١٩١٢ م) ، وقد أثبتها في كتابي «بنو خفاجة وتاريخهم السياسي والأدبي (١)» فلا داعي لذكرها كاملة هنا ، وفي آخرها يقول الشيخ الباجوري : «أجزت المذكور بكل ما تجوز لي به الرواية ، وما تلقيت من أشياخي ـ ضاعف الله أجورهم رواية ودراية ، وبما لي من تأليف وتصنيف» .. والاجازة مذيلة بهذا التوقيع : الفقير إبراهيم الباجوري خادم العلم.

ومع هذه الإجازة صورة أخرى لرجاء من أساتذته الشيخ المبلط والشيخ البدري والشيخ علي محمد ، مرفوع إلى شيخ الجامع الأزهر لإعطاء «ولده الفقير نافع خفاجي تذكرة أسوة بأمثاله بإكرامه وعدم المعارضة له بطريق ما ، وإجازته بكل ما أفتي وما فعل».

ويلي ذلك إجازة شيخ الأزهر له ، وجاء فيها : «انتظم المذكور في سلك العلماء» وأخذ عن الشيوخ الموجودين في هذا العصر بعضا من العلوم ، ودأب في التحصيل فمنح دقائق المفهوم ، فأجازه أشياخه بما أخذ عنهم ، وتلقاه منهم ، ولما أراد الرجوع إلى وطنه ، التمس إجازته ، بما تجوز

__________________

(١) ج ٣ ص ١٠٥

١٠٤

له روايته من منقول ومعقول ، وتنسب له عن أشياخه روايته ، فأجزته بما تجوز لي روايته من منقول ومعقول ، وما تنصرف إليه همم أرباب العقول ، وعليه العمل بتقوى الله ، وأن لا ينساني من دعواته.

وتاريخ هذه الإجازة العلمية عام ١٢٨٣ ه‍ ، وكان من شيوخه في الأزهر الشيخ إبراهيم السقا والشيخ محمد الأشموني والشيخ الخضري والشيخ مصطفى البدري والشيخ الرهبيني ، والشيخ الرفاعي والشيخ علي المبلط وسواهم ، وكان مما حضره من كتب في الأزهر : الكفرواى وشرح الشيخ خالد ، والأزهرية ، والقطر ، والخطيب ، والتحرير والمنهج ، وسواها من كتب وشروح وحواش ، في الفقه والحديث والتفسير والنحو والصرف والبلاغة والأدب والأصول والتوحيد والعروض والمنطق وسواها.

صورة إجازة علمية أخرى :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فقد سألني الأخ في الله الشيخ العالم العلامة والحبر البحر الفهامة الشيخ نافع خفاجي بن الجوهري خفاجي التلباني ان أجيزه في جميع مروياتي من معقول ومنقول من فقه وحديث وتفسير وإفتاء وتدريس ، فعلمت لياقته لذلك فقلت : قد أجزته في جميع مروياتي عن مشايخي ، وأوصيه بتقوى الله والوقوف على حدود شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتحرى في القول والعمل وأن لا ينساني من صالح دعواته .. حرر ذلك في سنة الف ومائتين وثلاث وثمانين في شهر جمادى الآخرة ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الفقير إلى الله تعالى : علي ابن احمد الرهبيني خادم العلم بالحرم الشريف.

إجازات علمية أخرى :

ومن هذه الإجازات مجموعات خطية وقعت لي ، ومن إجازاتها :

١٠٥

١ ـ بسم الله الرحمن الرحيم لك الحمد على مرسل آلائك ومرفوعها ، ولك الشكر على مسلسل نعمائك وموضوعها بحسن الانشاء وصحيح الخبر ، يا من تجيز من استجازك وافر الهبات ، فيغدو موقوفا على مطالعة الأثر ، ما بين مؤتلف ، الفضل ومتفقه ، ومختلف العدل ومفترقه ، جيد الفكر سليم الفطر ، يجتني بمنتج قياسه شريف الفؤاد ، ويجتبي بمنهج اقتباسه ثمار السداد ، ويحلى نفيس النفوس بعقود العقائد الغرر ، فان صادفه مديد الامداد ، وصادقه مزيد الانجاد ، وصفا مشربه الهنى ولا كدر ، ووجد درر الجواهر ويا نعمت الوفادة ، بادر عند ذلك بالاستفادة والافادة ، ولا أشر ولا بطر ، فبذل المعروف وبدل المنكر ، اذ ليس عند الاصحاح الجوهر ، ما اعتنى وما افتنى غيرها عند ما عثر ، لا يزور ولا يدلس ولا يطهر ولا يكلس ولا يعاني الشرر ، فيامن من على هذا المنقطع الغريب ، ومنحه منحة المتصل القريب ، امنحني السلام في داره ونجني من سقر ، ومنك موصول صلات صلواتك لا مقطوعها. وسلسل سلسبيل تسليماتك ومجموعها ، على سندنا وسيدنا محمد سيد نوع البشر ، وعلى آله وأصحابه ، وحملة شريعته وأحبابه ، ومن اقتفى أثرهم وعلى جهاده صبر ... أم بعد :

فلما كان الاسناد مزية عالية ، وخصوصية لهذه الأمة غالية ، دون الأمم الخالية ، اعتنى بطلبه الأئمة النبلاء أصحاب النظر ، إذ الدعى غير المنسوب ، والقصى غير المحسوب ، وسليم البصيرة غير أعشى الفكر .. ولما كان منهم الإمام الفاضل ، والهمام الكامل ، والجهبذي الأبر ، اللوذعي الأديب ، والألمعي الأريب ، ثاقب الفكر ، صاحب النظر ، ولدنا السيد محمد الهجرسي الحفناوي ، نجل المرحوم العلامة السيد خليل الهجرسي ، زين الدين الشافعي الشرقاوي ، أسكنه الله الفردوس وجنبه سقر ، وظهرت لي نجابته أذنته بالتدريس. وأن يتخذ العلم خير جليس ، فشمر عن ساعده ، وظهر ومهر ، وطلب مني إجازة ليتصل بسند سادتي سنده ولا ينفصل عن مددهم مدده ، وينتظم في سلك قد فاق غيره وبهر. فأجبت وإن لم أكن

١٠٦

لذلك أهلا ، رجاء أن ينشر العلم وأنال من الله فضلا ، وأنجو في القيامة مما للكاتمين من الضرر ، فقلت :

أجزت المومى إليه بما تجوز لي روايته ، أو تصح عني درايته. من كل حديث وأثر ، ومن فروع وأصول ، ومنقول ومعقول ، وفنون اللطائف والعبر ، كما أخذته عن الأفاضل السادة ، الأكابر القادة ، مسددي العزائم ، في استخراج الدرر ، منهم أستاذنا العلامة ، ولي الله المقرب ، وملاذنا الفهامة الكبير ثعيلب ، بوأه الله أسنى مقر ، عن شيخه الشيخ أحمد الملوى ، ذي التآليف المفيدة ، وعن شيخه أحمد الجوهري الخالدي صاحب التصانيف الفريدة ، عن شيخهما عبد الله بن سالم صاحب الثبت الذي اشتهر. ومنهم شيخنا محمد بن محمود الجزائري ، عن شيخه علي بن عبد القادر الأمين ، عن شيخه أحمد الجوهري المذكور المصون بالعرفان والتمكين ، عن شيخه عبد الله بن سالم ، ومنهم الشيخ محمد صالح البخاري عن شيخه رفيع الدين القندهاوي ، عن الشريف الإدريسي عن عبد الله بن سالم راوي أحاديث الابر ، ومنهم سيدي محمد الأمير عن والده الشيخ الكبير ، عن أشياخه الذي حوى ذكرهم ثبته الشهير ، ومنهم غير هؤلاء رحم الله الجميع ولى وللمجاز ولهم أكرم وغفر ، وهؤلاء وغيرهم يروون عن جم غفير ، وجمع كثير ، كالشيخ الحفني ، والشيخ علي الصعيدي ، وغيرهما ، فمسانيدهم مسانيدي ، فما أكرمها من نسبة وابر ، وقد سمع مني المجاز المذكور كتبا عديدة معتبرة مفيدة ، وفقه الله لمحاسن ما به أمر ، آمين بجاه طه الأمين.

٢ ـ وكتب تحت هذه الإجازة ما يلي ، وهي صورة إجازة أخرى بإمضاء الشيخ محمد خليل الهجرسي :

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين من كل شيطان رجيم ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا وسندنا ومولانا محمد الرءوف وعلى آله أولي الفضل والهداية الحائزين قصب السبق في مضمار الدراية والرواية ، وبعد فأقول وأنا الحقير المقر بالتقصير محمد خليل الحفناوي الهجرسي قد أجزت

١٠٧

بما في هذه الإجازات الكامل الفاضل الشيخ إبراهيم كراوية الدمياطي ، وأنا أوصيه بالتقوى ولا ينساني من صالح دعواته فإنها السبب الأقوى في خلواته وجلواته.

وذيلت بتاريخ عام ١٣١٠ ه‍.

٣ ـ صورة إجازة أخرى صادرة من الشيخ شمس الدين الانبابي :

بسم الله الرحمن الرحيم : نجوز بإجازتك يا الله على صراط الحمد ، فنفوز بهدايتك يا وهاب على بساط المجد ، ونزيد شكرا فنزيد أجرا ، ونصلي ونسلم على السيد السند الأعظم ، لكل ذي هداية ممن تأخر من العلماء أو من الأنبياء تقدم ، إنسان عين حقيقة التوحيد وترجمان لسان القرآن المجيد ، مفتاح الرحمة كشاف الغمة ، صاحب الشمائل الحسنة. ومصدر مناهل السنة ، أصل منبع أصول الحكم ، وعين جميع جوامع الأمم ، فقه أمته ، فأظهرت ملته ، فلم تنح نحوها في تسهيل تفهيم المسائل المهمة أمة ، ولم تتصرف تصرفاتها في العبادات الجميلة الجمة ، لها في تهذيب الطلاب غاية لطافة ، وفي الحث على الدأب يحسن الأدب في آداب البحث ، فيبلغ الطالب في أسرع مدة من الفنون بلاغة وتسر سريرته بسرور أسرار البلاغة ، وغايته أنها رزقت السعد في علومها وحسن المنطق في نظم كلامها ، لاستنادها في كل أفعالها على أعلى سند وأقوى أساس ، فكانت بذلك كما في التنزيل خير أمة أخزجت للناس ، ثم نصلي ونسلم بعد ذلك على أصحابه الذين سلكوا بنوره أقوم المسالك ، وأهل بيته الطاهرين ومن تبعهم من الأولين والآخرين .. أما بعد : فلما كان الاسناد من المزايا العالية إذ فيه حفظ نسب الأرواح ، فأولى وأعلى عناية به أسانيد العلماء للطلاب ، وكان الدعي غير المنسوب والمنسوب مطلقا محسوب ، اشتدت عنايته العلماء الجهابذة ، وفضلاء هذه الأمة الأساتذة قديما وحديثا سواء كان العلم صناعة أم حديثا بأخذ الأسانيد مسلسلة ، وإجازة الآخذين عنهم بعلوم مفصلة ، وما عنى بهذا الأمر أشد عناية الا من صدق وصدق فصادفته العناية ، فاستجاز

١٠٨

والتمس الانجاز لحفظ نسبه العلمي ، المقدم على نسبه الجسمي ، فابتدر شيخه لإجابته ، إذ لاحت منه أمارات نجابته ، وأجازه بما أجيز ، وأصبح بعز الافادة أعز عزيز ... وممن اعتنى بعد ما اقتنى وقطع المفازة ، فطلب الإجازة ، ولدنا النبيه النبيل والعالم النجيب الجليل ، الفاضل المحقق النحرير ، البارع في الالقاء والتحرير من صدق في نجابته اختياري وتفرسي ، الحسيب النسيب السيد محمد الهجرسي بن شمس الصلاح ، وكوكب سعد الفلاح ، قائد زمام الحقيقة ، وشائد بناء الطريقة ، كاشف الغمة عن الطلبة والمريدين ، العالم العلامة المرحوم السيد خليل الهجرسي زين الدين بعد أن لازمني مدة مديدة وأخذ عني فنونا عديدة ، فلما لاح لي كوكب صلاحه ، وفاح لي نشر مسك فلاحه ، حيث أقرأ بالجامع الأزهر مهرة الطلاب وأفاد وأجاد ، وكشف عن مخدرات التحقيق النقاب ، وأخذ من الفنون بأقوى طرف ، وزاد في الاقتداء في اخذ الأسانيد بمن سلف ، فبادرت لطلبه بإعطائه بلوغ أربه ، فلم أثن عنه عنان العناية ، بل أجزته بما يجوز لي رواية ، ويصح عني دراية ، من فروع وأصول ، ومنقول ومعقول ، وأذنته بالتدريس ، وأن يتخذ العلم خير جليس ، ليكون في إفادته العلوم لطالبيها على أحسن سنن ، وينتظم بصحيح مرسل درايته في عقد مسلسل الفضلاء بانتظام حسن ، فلا يعضل في مقام ، ولا يوضع له مقام ، وليكون أيضا بذلك السند في العلم والشرف ذا غزارة وغرازة ، لأن إجازتي هذه جازت من علو السند أجزل إجزاء وإجازة إذ هي إجازة مشايخي الأعلام ، أكابر الشيوخ ومشايخ الإسلام كشيخي وملاذي وقدوتي وأستاذي ، البحر الزاخر ، ذي القدر الفاخر ، العلم الفرد ، والوبل لا الثرد ، بحر التحقيق ، حبر التدقيق ، مولى الفوارق ، من ضربت به الأمثال السائرة ، في نشر تآليفه الزاهية الباهرة ، علمه سار فهو الشمس والدنيا فلك المورد العذب ، والمصدر الرحب ، مسدد غلطات الأوهام ، مشيد عرفات الافهام من لا يدرك شاؤه ، إذا جورى شيخ الإسلام أستاذي الشيخ الباجوري قدس الله سره ، وعظم فيه أجرنا وأجره ، فإنه أجازني بما تجوز له روايته ، واذن لي فيما تصح عنه درايته من فروع

١٠٩

وأصول ، ومنقول ومعقول ، بل أجاز إجازة عامة أهل العصر ، وذلك كان في درسه الحافل بعد العصر ، وهو مجاز من شيخيه الإمامين ، وأستاذيه الشهيرين ، الهمامين ، أحدهما واحد العصر وعلامة الأنام ، من أصبح كل لسان من كل إنسان عليه مثنيا ، الأستاذ الملاذ شيخ الإسلام السيد حسن القويسني ، فإنه أجازه بما حواه ثبت شيخ مشايخ الاسلام ، والقدم الراسخ في مقام العرفان لأهل الإقدام ، البحر العذب الراوي ، الأستاذ الشيخ عبد الله الشبراوي ، وبجميع مروياته ، ضاعف الله في حسناته .. كما أجاز السيد المذكور بذلك شيخه الهمام الحبر الشرعي ، الأستاذ أبو هريرة داود بن الأستاذ محمد القلعي ، فكتب الشيخ أبو هريرة المذكور على ثبت العلامة ، المتقدم ذكره المشهور.

٤ ـ وبعد ذلك ما يلي ، وهو مذيل بتوقيع الفقير اليه تعالى محمد الأنبابي خادم العلم بالأزهر :

بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : فقد أخذت العلم عن رجال صالحين ، منهم الشيخ أحمد السحيمي بن محمد شارح عبد السلام فقد أجازني بضمن ما في هذا الثبت الذي أجازه به شيخه الشيخ عبد الله الشبراوي صاحب هذا الثبت ، ومنهم الشيخ أحمد الملوى فقد أجازني بجميع مروياته ، ومنهم الشيخ أحمد الدمنهوري أجازني بما في ثبته ، وكتب عليه أنه أجازني بما في ضمنه ، ومنهم الشيخ محمد الحفني حضرت عليه سنين كثيرة ، ومنهم الشيخ أحمد البجيرمي ، والشيخ عيسى البزاوي ، والشيخ حسن المدابغي ، والشيخ محمد المصيلحي ، والشيخ عبد الله الشبراوي ، والشيخ عطية الأجهوري ، والشيخ أحمد القوصي ، والشيخ عمر الطحلاوي ، وغيرهم ممن يطول ذكره ، وقد أجزت بذلك السيد حسن العلوي ، ابن السيد درويش ، ابن السيد عبد الله القويسني ، وبجميع مروياتي ، راجيا من الله أن لا ينساني من صالح دعواته ... كتبه داود القلعي ، وصلى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون ، وغفل عن ذكره

١١٠

الغافلون ... وثانيهما الفرد الذي ليس له ثان ، ولا لعنان عنايته في ميدان أهل العرفان ثان ، فإنه جواد العلم السابق الأصم ، بل بحره الزاخر الدافق الخضم ، أستاذ الأساتذة ومولى الموالي ، شيخ مشايخ الإسلام ، الفاضل الفضالى المجاز من العلامة الأمير الكبير ، بما حواه ثبته الشهير ، ومن غيره من الأعلام ، والأساتذة الجهابذة الكرام ، وكشيخي الإمام علامة الأنام من سارت بفضائله سائر الركبان ، وشوهدت طوالع تحقيقاته من مطالع عباراته ، فهو أبو السعود. لهذا الوجود ، وكشاف لثام الأفهام ولا فخر ، ومفتاح أرواح استرواح عبير العرفان ولا نشر ، ذي المقاصد الحسنة القوية الصادقة في كشف مواقف العقول الزكية الفائقة.

فإن يفق الأنام وكان منهم

فإن المسك بعض دم الغزال

فهو للقطر القطب الذي عليه المعول ، وكل مادح فيه مقصر ولو كان مدحه مطولا ، لا زال في معراج المعارف يرقى ، أستاذي وشيخي العلامة السقا ، أدام الله لنا وجوده ، ووقاه ما يكره ووفاه سعوده ، فإنه أعزه الله العزيز الحكيم أعزني ، وبما حواه ثبت العلامة الأمير الكبير أجازني ، وقد أجازه به العلامة الأمير الصغير ، عن والده الأستاذ الأمير الكبير ، عن أشياخه الأفاضل ، والعلماء الأوائل الأماثل ، وبما حواه ثبت العالمين ، والهمامين ، الإمامين ، العلمين ، صاحبي الفضل العبقري ، الشهاب أحمد الملوى ، والشهاب أحمد الجوهري ، وبجميع المرويات لهما من المعقول والمنقول ، كتوحيد وتفسير وحديث وفقه ونحو ، وأصول كما هو مجاز بذلك عن شيخه العلامة والحبر الفهامة ، غاية كل مأرب ، ونهاية كل طالب ، الأستاذ الأعظم ، والملاذ المكرم الشيخ ثعيلب. عنهما وعن شيوخهما الفضلاء ، الأئمة الفحول ، المعول عليهم في الفروع والأصول ، وبالكتب المأخوذة منها الأحاديث المشمولة لرسالة الفاضل عبد الله بن سالم البصري ، المشهورة برسالة الأوائل ، كما أجازه بذلك شيخه محمد بن محمود محمد ابن حسين الجزائري ، من أكابر الحنفية عن شيخه الشيخ عبد القادر الأمين مفتي

١١١

المالكية ، بالجزائر المحمية ، عن شيخه الجوهري الشافعي ، أستاذ أولي اليقين ، عن الشيخ عبد الله بن سالم ، ملاذ ذوي التمكين ، وكما أجازه بذلك أيضا شيخه شيخ الإسلام ، وملجأ الأنام السيد حسن القويسني بن السيد درويش مطاوع ، عن شيخه الشيخ سليمان البجيرمي ، عن شيخه الشيخ محمد العشماوي ، ذي النور اللامع ، عن شيخه الشيخ أبي العز العجمي ، الشهير عن شيخه الشيخ محمد الشرنوبي ، ذي العلم الغزير ، عن شيخه شمس الملة والدين ، محمد الرملي سيد العارفين ، عن شيخه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الهمام ، عن شيخه الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني ، وأسانيده في أوائل الفتح ليس لها ثان ، وكما أجازه بذلك أيضا شيخه السيد حسن القويسني المتقدم أولا ، عن شيخه السيد القلعي إمام الملا ، وسنده يأتي مفصلا ، وكما أجازه بذلك أيضا شيخه العلامة ثعيلب المار ، عن شيخه العلامة الجوهري ، ذي الفخار ، عن شيخه العلامة عبد الله بن سالم الفهامة ، وكذا أجازني بما أجازه به مشايخه من منقول ومعقول ، كشيخه الناظم بتحقيقه عقود اللآلىء ، الأستاذ الملاذ ذو الأفضال الفضالى ، وكشيخه ذي التجلي الحسنى ، الأستاذ شيخ الإسلام القويسني وكشيخه الشيخ محمد بن محمود الجزائري الحنفي ، صاحب الثبت المستوفي ، وكشيخه الشيخ محمد صالح البخاري ، عن شيخه رفيع الدين القندهاري ، عن الشريف الادريسي ، الإمام العالم ، عن أستاذ الأساتذة ، الأستاذ عبد الله بن سالم ، ثم وقد من الله علينا الكريم الباري بالاجتماع بالشيخ محمد بن صالح البخاري وذلك في منصرفه الى الحج الشريف وأخذنا عنه بلا واسطة ، ومن جملة ما أخذنا عنه حديث الأولية المنيف ، فالحمد لله على ما أولاه ، وكشيخي الهمام الآخذ بزمام العلم وأي زمام ، مركز دائرة العرفان. والمعنى بنادرة هذا الزمان صاحب العلوم اللدنية ، صافي الطوية صادق النية ، علم العلم الكسبي ولسان قلم اللوح الوهبي غاية مطلبي ومنتهى أربي سيدي وسندي السيد مصطفى الذهبي ، فقد أجازني بالكتب التي أخذت منها الأحاديث المشمولة لرسالة عبد الله بن سالم الذي صارت مسانيدي المتقدمة بها

١١٢

موصولة وذلك عن شيخه شيخ الإسلام القويسني عن شيخه السيد داود القلعي عن الشيخ أحمد جمعة البجيرمي عن شيخه الشيخ الاسكندراني عن شيخه عبد الله بن سالم المذكور عن أشياخه الموضحة المسطرة بثبته المعروف المشهور وبجميع المرويات جزاه الله عني أحسن الجزاء ، وكشيخي القطب العارف بر العوارف وبحر المعارف التقي النقي والولي الجلي صاحب الصفا والوفا قطب الأزهر الأستاذ الشيخ المبلط مصطفى فقد أجازني وأعطاني أمنيتي وأماني بإجازة ما حواه ثبت علامة الزمان وقطب أهل العرفان الأستاذ الشنواني عن أشياخه الموضحة بثبته وبجميع مروياته ، أمدنا الله بمدده وأسكنه في أعلى غرفاته ، وكشيخي شيخ الإسلام وزهرة الأزهر وبهجة الأنام ، ذي القدر الجليل الأوحد ، والنسب الشهير الأمجد. كما قال فيه بعض واصفيه :

نسب وايم الله لم يسبق ولم

يلحق ولم يرمق إلى إنسان

كيف وهو شيخ الإسلام ابن شيخ الاسلام سلسلة علماء أفاضل جهابذة أعلام ، من أشرقت من تحقيقاته شموسي ، الأستاذ الأجل مصطفى العروسي ، فقد أجازني بالكتب التي أخذت منها الأحاديث المشمولة برسالة عبد الله بن سالم البصري وغيرها وهو مجاز في ذلك عن شيخه شيخ الإسلام القويسني عن شيخه السيد داود القلعي. بسنده السابق نفعنا الله تعالى بهم ويسر بحبهم أمرك وأمري ... هذا وأوصيك بالتقوى فإنها السبب الأقوى ، وأن لا تنساني من دعواتك وحسن توجيهاتك أيدك الله بالرشاد وأفاض عليك غيوث الأمداد ، وحفظك من الزلل ووفقك لخير العمل. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي للرسل ختام ، وآله الكرام ، وأصحابه الأعلام آمين وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

٥ ـ ويلي ذلك ما نصه :

١١٣

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله ، الحمد لله حمدا يليق بكماله وصلى الله على سيدنا محمد وآله. يقول الفقير محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري الحنفي غفر الله ذنوبه وأناله مطلوبه : إنه قد وقعت لي رواية صحيح البخاري وبقية الكتب الستة من طرق عديدة ، أشهرها طريق الامام الحافظ شيخ الاسلام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى ورضي عنه ، فأرويه إليه من طريق سماعى ، وقراءتي على والدي أبي الثناء محمود بن محمد ، وقد توفي رحمه الله سنة ست وثلاثين ومائتين وألف في منصرفه من الحج ؛ ودفن بساحل سويس وهو بسماعه ، وقرأته على والده عبد الله محمد بن حسين قاضي الجزائر المتوفي سنة ثلاث ومائتين وألف ، وقد سمعت أنا على جدي رحمه الله قطعة من كتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري ، ووقعت منه إجازة تعمه وبقية السنة وهو كذلك عن عمه ابن أم أبيه الشيخ مصطفى بن رمضان القباني الحنفي المتوفي سنة ثلاثين ومائة وألف وهو كذلك عن شيخه ابي عبد الله محمد بن شقرون المقري التلمساني المتوفي سنة تسع وثمانين وألف ، وهو عن شيخه أبي علي الحسن الأجهوري المالكي ، وأرويه سماعا لبعضه وإجازة تعمه وبقية الستة وسائر مرويات الحافظ العسقلاني عن شيخي أبي الحسن علي بن عبد القادر ابن الأمين مفتى المالكية بالجزائر المحمية المتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين وألف عن نحو من ثمانين سنة ، عن شيخه أبي العباس احمد الجوهري الشافعي عن شيخه الأستاذ أبي العباس أحمد بن البنا عن الشيخ على الأجهوري وهو عن مشايخه الثلاثة : شيخ الإسلام محمد الرملي الشافعي والشيخ المعمر عمر بن الجاي الحنفي والشيخ بدر الدين الكرخي ثلاثتهن عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ؛ ويروية شيخنا ابن الامين عن شيخه أبي الحسن علي بن العربي السقاط المغربي عن شيخه محمد بن عبد الرحمن الفاسي صاحب المنح البادية في الأسانيد العالية ، عن شيخه محمد بن عبد الكريم الجزائري ، عن الشيخ المعمر مائة وثلاثين سنة عبد الرحمن البهوتي الحنبلي عن الشيخ زكريا

١١٤

الأنصاري المذكور وهو عن الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني وهو عن شيخه إبراهيم بن أحمد التنوخي ، وهو عن شيخه احمد بن أبي طالب الحجار عن شيخه الحسين بن أبي بكر الزبيدي عن أبي الوقت عبد الأول ابن شعيب السنجري عن عبد الرحمن بن محمد الداوودي ، عن عبد الله بن احمد السرخسي عن محمد بن يوسف الفريري عن الإمام الجليل أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ، وأرويه بأعلا سند يوجد في الدنيا عن شيخي أبي الحسن علي بن عبد القادر عن شيخه احمد الجوهري عن شيخه احمد بن البنا عن شيخه أحمد بن محمد العجل اليمني عن يحيى بن مكرم الطبري ، قال : أخبرنا البرهان ابراهيم بن محمد بن صدقة الدمشقي وغيره بروايتهم عن الشيخ عبد الرحمن ابن عبد الأول الفرغاني وكان عمره مائة وأربعين سنة وأجازهم سنة عشرين وسبعمائة وقد قر البخاري جميعه علي ابن عبد الرحمن محمد بن شاذبخت الفرغاني بسماعه لجميعه علي الشيخ ابي لقمان يحيى بن عمار بن مقيل بن شاهان الختلاني ، وكان عمره مائة وثلاثة وأربعين سنة ، وقد سمع جميعه علي بن عبد الله محمد بن يوسف الفريري وقد توفي سنة عشرين وثلاثمائة عن الامام الحافظ ابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري بهذا الاسناد عشرة رجال فتقع لي ثلاثياته بأربعة عشر ولله الحمد والمنة.

وقد أجاز شيخنا ابو الحسن كل من أدرك حياته وبيني وبين الحافظ العسقلاني من طريق البهوتي خمسة رجال وبيني وبين الإمام البخاري من طويقه أربعة عشر رجلا ، ويروي زكريا عن الأستاذ ابن الجزري عن الصيرفي عن ابن الليثي عن ابي الوقت فبيني وبين الإمام البخاري بهذا الطريق ثلاثة عشر رجلا ، ويروي أبو الحسن الأجهوري عاليا عن قريش العثماني عن ابن الجزري فيقع لي من طريقه أيضا بثلاثة عشر ولله الحمد والمنة وبهذه السابقة أروي جميع مؤلفات الحافظ العسقلاني وسائر مروياته التي تضمنها معجمه وبها إلى الشيخ زكريا أروي جميع كتبه ومروياته وأروي كتب الإمام الحافظ السيوطي من طريق الأجهوري عن مشايخه الثلاثة المذكورين عن

١١٥

الحافظ السيوطي وأروي الأربعين النووية بالاسناد إلى الشيخ زكريا الأنصاري قال : قرأتها على أبي إسحاق الشروطي ، قال : أخبرنا بها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الرفا ، قال : أخبرنا العالم أبو الربيع سليمان بن سالم الغزى ، قال : أخبرنا ابو الحسن علي ابن ابراهيم بن داود بن العطار ، قال : أخبرنا مؤلفها الامام محيى الدين يحيى بن شرف النووي فذكرها وأروي فقه ابي حنيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه وعن والدي عن شيخه ابي الحسن علي بن إمام القصبة الجزائري عن الشيخ سليمان المنصوري عن الشيخ عبد الحي عن الشيخ حسن الشد نبلالي عن الشيخ علي المقدسي عن الشيخ أحمد بن يونس الحلبي عن الشيخ عبد الله بن الشحنة عن الشيخ كمال الدين بن الهمام عن الشيخ عمر قارىء الهداية عن شيخه اكمل الدين صاحب العناية ، عن قوام الدين السكاكي ، عن حسام الدين السفناقي صاحب النهاية ، عن حافظ الدين الكبير عن شمس الأئمة محمد ابن عبد الستار الكردي ، عن صاحب الهداية عن نجم الدين عمر النسفي عن ابي اليسر البزدوي عن إسماعيل بن عبد الصادق عن عبد الكريم البزدوي عن الامام أبي منصور الماتوريدي عن أبي بكر الجوزجاني عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن الشيباني عن ابي حنيفة النعمان ابن ثابت ، وهو تفقه على شيخه حماد ابي سليمان وهو علي إبراهيم النخعي وهو علي علقمة والأسود وشريح ، وهؤلاء أخذوا عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ، وهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وقرأت على والدي رحمه الله سورة الفاتحة وهو سميع بالاستعاذة والبسملة والوقف على الرجيم والرحيم إلى آخر ما يذكر من وقوفها بقراءته لها كذلك على والده محمد بن حسين ، كذلك على عمه الشيخ مصطفى بن رمضان بقراءته لها كذلك على شيخه أبي عبد الله محمد بن شقرون بقراءته لها كذلك علي أبي عبد الله محمد الدلجموني بقراءته لها كذلك علي أبي عبد الله محمد الجزري ، وينتهي سنده إلى أن قرأها على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وكان يمد قراءته مدا ويقف على قوله الرجيم والرحيم والعالمين والرحيم والدين ونستعين وعليهم الأول

١١٦

والضالين ... وصاحب شيخنا الشيخ علي بن الأمين رحمه الله وهو صاحب أبي عبد الله محمد التاودي بن سودة وهو صاحب أبي العباس أحمد بن المبارك ، وهو صاحب الشيخ عبد العزيز الدباغ وهو صاحب أبي العباس الخضر وهو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي المسلسل عن شيخنا علي ابن الأمين عن شيخه الحفني ، عن شيخه البديري بسنده ، وقد قرأ على الشيخ الإمام الفاضل أبو الحسن إبراهيم بن علي بن حسن المعروف بالسقا حفظه الله جل جلاله صحيح البخاري إلى باب الاختباء من كتاب اللباس وسمع ذلك الشيخ الإمام أبو العباس أحمد بن يوسف القنياتي إمام الجامع الأزهر حفظه الله بمنة والشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد مطر العفيفي الشافعي حفظه الله بمنة والشيخ الإمام أبو زيد عبد الرحمن بن عثمان الدمياطي الغمراوي الشافعي حفظه الله بمنة والشيخ الإمام أبو الحسن إبراهيم بن حسن الأشعري الشافعي حفظه الله .. وأجزتهم بباقيه وبجميع مروياتي التي تضمنها هذا الثبت وغيره ، وأوصيهم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن والإخلاص له فيما ظهر وبطن ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه بمنه وكرمه ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله ، الفقير إليه سبحانه محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري الحنفي المشهور ببلده بابن العناني لطف الله به وتجاوز عنه بمنة.

٦ ـ صورة إجازة أخرى من الشيخ عبد الهادي نجا الإبياري.

بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله الذي فض لمن فضل ختام الفضائل والفواضل وجم لمن جمل بالمعارف أنواء أنواع المآثر التي تتطاول بها أعناق الجحافل في المحافل وأجاز بأحسن الجوائز كل من جاز على الحقيقة مجاز الرشاد والارشاد ، وجازى بمخارف الجنة وزخارفها كل من شمر عن ساعد الجهد والاجتهاد .. والصلاة والسلام على من خففت أعلام علومه في الخافقين ، وشرقت بوحي محامده في آفاق الكونين فبرقت منها أسارير أوجه الثقلين سيدنا محمد المخصوص بجوامع الكلم والقول الفصل الذي إليه ينتمي إيراد كل فضل ، وينتهي إسناد كل فضل ، وعلى آله نجوم الهدى وصحبه الذين فاز من بهديهم اقتدى ، وبعد : فلما كان مقام العلم

١١٧

رفعا ، ومكانه مكينا وحصنه منيعا ، ورياض غياض فضله زاهية زاهرة ، توشيجا وتوشيعا ، تطلع من أفقه نجوم السعادة ، وتنبع في رياه حدائق السيادة. تثمر أدواح فنونه قطوف المنى وتسفر عن وجوده عز في الدنيا والآخرة ، باهرة السناء والسنا ، دأب في جوز صراطه المستقيم ، صراط الدين أنعمت عليهم ، وحوز مناطه الكريم ، مناط من مدت العلياء أيديها إليهم الحسنة التي أحسن بها الزمان المسيء ، والدنا اللوذعي الأريب والألمعي الأديب السيد محمد الهجرسي فخفض جناح الذل منه لتحصيل حاصله ، ورفع جناح الفتور عن همته فيه لنيل فيوض فضائله ، حتى جنى من روضه الأزهر الأزهري وبنى من قواعده المتينة صرحا ممردا من محاسنه المبينة لا يدركها مدى الأزمان خلل ، ولا يعتري ، وتجمل بلباس الفضل المبين ، وتصدر حتى تصدى للتدريس وتصدر فأقرت تقاريره السهلة الممتنعة في المقامات الصعبة بتفوقه على أقرانه ، وأقرت معاهد تنصيص الدقائق أقدامه ، في مزالق الأقدام وشواهد ثبات جنانه ، وتطلعت نفسه النفيسة إلى مطالع طوالع عوالي الإسناد ، إذ كانت من أجل مطامح أنظار الأمجاد ، ومسارح أفكار الأسياد ، فأومأ لطلب الاجازة من الفقير بطرف أدب ناعس الجفون ، يقول لكل عاشق من أهل الإجازة : كن مجيبا فيكون ، فما وسعني إلا المبادرة بالاجابة وإن كنت لست بهذه المثابة من تلك العصابة ، فقلت : أجزتك بما تجوز لي روايته ، وتجوز في مناهج الإحسان درايته ، من منقول الفنون ومعقولها ، ومحلول العلوم ومعقولها ، مما تلقيته عن مشيختي الذين كانت تشرق الدنيا ببهجتهم ، وتشرق سماء الفضل بنضرة وجه حضرتهم ، كحضرة باب فتوحي ، ومربي جسمي وروحي ، من فتح للعلم والعمل بابا مرتجا ، سيدي وأستاذي الوالد السيد رضوان نجا عن مشايخه أعلام الأمة ، وبدور الدياجي المدلهمة ، كالعلامة الجوهري صاحب النهج وغيره والعلامة الصبان والامير الكبير ، وثبتهم شهرته مغنية عن ذكره وكشيخنا شيخ الإسلام العلامة القويسني والضياء الباجوري وثبتهما أشهر من علم ، والفقيه المحدث الشيخ محمد محمود الجزائري وسنده أعلا سند في عصرنا يكون لشم

١١٨

المحدثين أرفع شمم ، موصيا لحضرته البهية ، بملازمة السنة السنية ، والتشبث في معارك مدارك العلوم بأحسن روية ، ليروي ظمأ القلوب حين يروي ويسند ، ويروي إليه من الثناء الحسن حين يهدي ويرشد ، ويتداركني بدعاته المقبول كلما خطرت بساحات فكره ، وفقنا الله وإياه لما فيه رضاه وأوزعنا القيام بشكره ، ما هبت الصبا.

٧ ـ صورة إجازة أخرى :

بسم الله الرحمن الرحيم : يا من يقف المتروك ببابه فيصير مرفوعا مقبولا ، وينقطع الضعيف لعزيز جنابه فيجعله صحيحا موصولا ، افض متصلات صلواتك ، ومسلسلات تحياتك ، على الحبيب المرسل ، بإقامة معروف الفضائل ومشروعها وإزالة منكر الرذائل وموضوعها ، وعلى آله وصحبه والتابعين لآثار سننه ، وخلفائه من بعده ، الرافعين لاعلام سننه ما رتعت ظباء القلوب في رياض أحاديثه الخصيبة وهب نسيم القبول على ناشري برود أخباره بسوح حضرته الرحيبة .. اما بعد : فلما كان الاسناد اجل مزية تتطاول بها أعناق البزل وأجمل زينة تتحلى بها أجياد الكمل كيف لا وهو الخصيصة المعدودة لهذه الامة من أشرف المزايا ، والمنقبة التي ضربت في تحصيلها أكباد المطايا والفخار الذي شغف به أعيان السادات والتجارة التي لا تبور في أسواق الخيرات ، وكان الحائز من طارف الرواية وتلادها أعظم الذخائر ، المالك لأزمة التحقيق والدراية كابرا عن كابر ، قد بلغ من اهتمامه بأمر الدين ، واتباعه سبيل الأئمة المهتدين ، إنه لم يدع طريقة من فوائد الرواية إلا سلكها ، ولا ثمينة من فرائد الدراية الا ملكها :

في المهد ينطق عن سعادة ذاته

أثر النجابة ساطع البرهان

إن الهلال إذا رأيت نموه

أيقنت بدار منه في اللمعان

الجامع بين شرف الذات ونسب الوالد الطالع من مطلع غرته نور

١١٩

طريف المجد والتالد ، ولدنا الأجل السيد محمد الهجرسي الحفناوي ، سلالة من حاز منقبة النسبتين الروحية والجسمية ، وفاز بمزية البنوتين المعنوية والحسية ، المرحوم مولانا السيد خليل الهجرسي الشرقاوي نور الله ضريحه المقدس وأسكنه الفردوس الأقدس وكان المومي اليه من كثرة كماله ، شاهد شاهدا في سني أحواله ، فظن ان عندي إسنادا مفيدا (١) ، أو لدي من عزيز المطالب ضالة ، وما دري اني ما حل المحل من التروي بمعينه ، عاطل الجيد من التحلي بثمينه ، لكن لما كانت رابطة المحبة تقتضي الإمارة وامتثال الأمر بمجرد الاشارة لبيت سؤاله ، وامتثلت أمره ومقاله ، فأقول قد أجزت ولدنا السيد محمد المومى إليه بما سمعته منه من حديث المسلسل بالأولية وبجميع ما تجوز عني روايته ، وتتقوى بسندي درايته ، من مقروء ومسموع مجاز ، وما بالمناولة له في قوانين الرواية مساغ وجواز إجازة تامة مطلقة عامة بالشرط المعتبر ، عند أهل الأثر ، ولي بحمد الله تعالى في جميع العلوم أسانيد كثيرة وطرق واضحة شهيرة عن مشايخ يستومض من جواهر عباراتهم لمعات من بروق الله نور السموات ، ويستفتح من أزهار إشاراتهم نسمات إن لربكم في أيام دهركم نفحات ، الذين منهم الإمام المحقق ، والهمام المدقق ، المرحوم سيدي وأستاذي السيد الشيخ يوسف كساب الغزي مولدا المدني إقامة ومدفنا عن مشايخه الذين منهم الشيخ محمد المرحوم الأمير الصغير ، عن والده المرحوم الشيخ محمد الأمير الكبير ، من ثبته بين العالمين شهير ، ومنهم المرحوم الشيخ محمد عليش المالكي

__________________

(١) قال الشيخ محمد الهجرسي يعلق على ذلك ما نصه : سبب ذلك أن جناب الأستاذ المومي إليه أخبرني أنه يروي صحيح البخاري بأعلا سند يوجد في الدنيا فظننت بل جزمت أنه ربما كان ذلك طريقا غير الطريق الذي أخذ أستاذنا الامام السقا فجئت وقرأت عليه أول البخاري في منزله هذا العام وأجازني بباقيه وحرر لي هذه الاجازة بناء على طلبي من جنابه مجرد سنده العالي الذي ادعى به فإذا بها مشتملة على هذا السند وقد اشتمل على اثني عشر أولا كسندي الذي أخذته في الاول عن إمامي السقا وانا صغير وعلى أحد عشر ثانيا بعد التصحيح الآتي فسندي عن السيد إمام القصبي أعلا سند كما سيأتي لك بيانه تفصيلا عند ذكر السند.

١٢٠