الأزهر في ألف عام - ج ١

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي

الأزهر في ألف عام - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٦

أشاهد فيك الجمال البديع

فيأخذني عند ذاك الطرب

ويعجبني منك حسن القوام

ولين الكلام وفرط الأدب

وحسبك أنك أنت المليح

الكريم الجدود العريق النسب

أما والذي زان منك الجبين

وأودع في اللحظ بنت العنب

وأنبت في الخد روض الجمال

ولكن سقاه بماء اللهب

لئن جدت أو جرت أنت المراد

وما لي سواك مليح يحب

٨ ـ الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي الخلوتي الحسيني (١١٠٠ ـ ١١٨١ ه‍) ولد في حفنا قرب بلبيس ، وقرأ بها القرآن إلى الشعراء .. ثم أكمله في القاهرة ثم اشتغل بحفظ المتون ، وأخذ العلم عن علماء عصره ، وأجازوه بالإفتاء والتدريس ، فدرس الكتب الدقيقة كالأشموني وجمع الجوامع والمنهج ومختصر السعد ، وشهد له معاصروه بالتقدم في العلوم .. وكان يتردد على زاوية سيدي شاهين الخلوتي بسفح الجبل متحنثا .. واشتغل بعلم العروض حتى برع فيه ، وعانى النظم والنثر ، وتخرج عليه غالب أهل عصره.

ومن تآليفه : حاشية على شرح رسالة العضد على السعد ، وعلى الشنشوري في الفرائض ، وعلى شرح الهمزية لابن حجر ، وعلى مختصر السعد ، وعلى شرح السمرقندي للياسمينية في الجبر والمقابلة.

وهو صاحب .. أحدتك حدوتة ، بالزيت ملتوتة ، حلفت ما آكلها ، حتى يجى تاجرها الخ.

وتوفي عام ١١٨١ ه‍ (١).

وكان قطبا وعلما شهيرا ، وأوحد أهل زمانه علما وعملا ، وهو الإمام محمد بن سالم الحفناوي الشافعي الخلوتي ولد بحفنة قرية من قسم

__________________

(١) ٢٨٩ ـ ٣٥٣ ج ١ الجبرتي

٢٤١

بلبيس من مديرية الشرقية بالقطر المصري على رأس المائة الحادية عشرة وهو شريف حسيني من جهة أم أبيه نشأ بالقرية المذكورة وحفظ بها من القرآن إلى سورة الشعراء وألزمه أبوه بالمجاورة بالأزهر فكمل حفظ القرآن ، ثم قدم مصر وحفظ المتون واجتهد في تحصيل العلوم وأخذ من علماء عصره حتى مهر ، وأفاد حياة أشياخه وأجازوه بالإفتاء والتدريس فدرس الكتب الدقيقة من غالب الفنون وكان في ضيق من العيش فاشتغل بنسخ الكتب ، ثم من الله عليه بكرامات فترك النسخ فأقبلت عليه الدنيا وكان يتردد إلى زاوية الشيخ جاهين الخلوتي في سفح الجبل ، وكان يمكث فيها الليالي متحنثا أي متعبدا وتخرج من درسه غالب علماء عصره ، وله مؤلفات كثيرة منها حاشية على شرح العضد للسعد وحاشية على الشنشوري في الفرائض وحاشية على مختصر السعد وحاشية على شرح السمرقندي للياسمينية في الجبر والمقابلة وحاشية على شرح العزيزي للجامع الصغير .. وكان كريم الطبع جدا وليس للدنيا عنده قدر.

٩ ـ الإمام العلامة الفقيه شيخ الإسلام الشيخ عبد الرؤوف بن محمد السجيني الشافعي الأزهري شيخ الأزهر .. تولى مشيخة الأزهر بعد الحفني إلا أنه لم تطل مدته .. وتوفي سنة ١١٨٢ ه‍ (١).

وقد أخذ العلوم عن عمه الشمس السجيني ولازمه ، وبعد وفاته درس في موضعه وبعد أن تولى مشيخة الأزهر سار فيها بشهامة وصرامة وتوفي سنة ١١٨٢ ، وصلى عليه بالأزهر ودفن بجوار عمه بأعلى البستان ، واتفق أنه وقعت له حادثة قبل مشيخته على الجامع الأزهر بمدة وهي التي كانت سببا لاشتهاره بمصر ، وذلك أن تاجرا من تجار خان الخليلي تشاجر مع رجل خادم فضربه ذلك الخادم وفر من أمامه فتبعه هو واثنان من أبناء جنسه فدخل الفارّ بيت الشيخ السجيني فدخل التاجر خلفه وضربه برصاصة فأصابت رجلا من أقارب الشيخ فمات وهرب الضارب وطلبوه فامتنع عليهم

__________________

(١) ٣١٦ ج ١ الجبرتي

٢٤٢

وتعصب معه أهل خطته فاهتم الشيخ وجمع المشايخ والقاضي وحضر إليهم جماعة من أمراء الوجاقية وانضم إليهم الكثير من العامة وثارت الفتنة وأغلقت الناس الأسواق واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط الناس بهم من كل جهة وقتل بين الفريقين عدة أشخاص واستمر الحال على ذلك أسبوعا ، ثم اجتمعوا بالمحكمة بعد حضور علي بك واجتمع الأمر على الصلح ونودي في صبيحتها بالأمان ، وفتحت الحوانيت والأسواق.

١٠ ـ الشيخ الإمام أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري الأزهري (١١٠١ ـ ١١٩٢ ه‍).

ولد بدمنهور وقدم الأزهر وهو صغير فجد في الطلب ، وأجازه علماء المذاهب الأربعة ، وولي مشيخة الجامع الأزهر بعد الشيخ الحفني عام ١١٨٢ ه‍ : ١٧٦٧ م.

وله مؤلفات كثيرة ، منها حلية اللب المصون بشرح الجوهر الكنون ، والقول الصريح في علم التشريح ، والزهر الباسم في علم الطلاسم ، ومنهج السلوك إلى نصيحة الملوك. وكان مسكنه ببولاق وصلى عليه بالأزهر (١).

وكان يدرس بالمشهد الحسيني في شهر رمضان وهابته الأمراء لكونه قوالا للحق أمارا بالمعروف ، وقصدته الملوك من الأطراف وهادته بالهدايا ، ومن مؤلفاته شرح الجوهر الكنون ومنتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات ونهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف ، والفتح الرباني بمفردات ابن جنبل الشيباني ، وطريق الاهتداء بأحكام الأمة والابتداء على مذهب الإمام الأعظم وإحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد ، والرقائق الألمعية على الرسالة الوضعية وعين الحياة في استنباط المياه ، والوفق المئيني ، والقول الصريح في علم التشريح ، وإقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة

__________________

(١) ٢٥ ـ ٢٧ ج ٢ الجبرتي

٢٤٣

والزهر الباسم في علم الطلاسم .. وله غير ذلك من غالب الفنون ، وتوفي سنة ١١٩٢ ه‍ : ١٧٧٨ م (١) وكان منزله ببولاق ، فخرج بمشهد حافل ، وصلى عليه بالازهر ودفن بالبستان رحمه الله.

١١ ـ الشيخ عبد الرحمن بن عمر الحنفي الأزهري ولد بقلعة العريش من أعمال غزة وبها نشأ وحفظ بعض المتون ثم حضر في الأزهر وتولى مشيخة رواق الشوام ، وعين مفتي الحنفية.

وأقيم وكيلا للشيخ الدمنهوري ، فلما توفي الشيخ الدمنهوري تولى المشيخة ، ولكن علماء الأزهر لم يرضوا عنه وكتبوا للأمراء بأن مشيخة الأزهر من مناصب الشافعية ، وليس للحنفية فيها قديم عهد أبدا ، وخصوصا إذا كان آفاقيا ليس من أهل البلدة ، ورشحوا للمشيخة الشيخ أحمد العروسي ، واستمر الاضطرب سبعة أشهر ، ثم ثبت العروسي للمشيخة (٢) .. وتوفي سنة ١١٩٣ ه‍.

١٢ ـ الشيخ أبو الصلاح أحمد بن موسى العروسي الشافعي ، ولي المشيخة وبقي فيها إلى أن توفي في أواخر شعبان سنة ١٢٠٨ ه‍ ، ومولده ١١٣٢ ه‍ ، ومن تآليفه شرح على نظم التنوير في إسقاط التدبير ، وحاشية على الملوي على السمرقندي.

__________________

(١) ذكر رفاعة الطهطاوي في كتابه «مناهج الألباب» أن شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الدمنهوري ذكر أنه درس العلوم العلمية .. وينقل الطهطاوي عن الدمنهوري أنه قال في هذا الصدد :

«أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري ـ خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وبما توقف عليها كالفرائض والميقات ـ وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب والمقنع لابن الهائم ومنظومة الياسيني في الجبر والمقابلة ودقائق الحقائق في حساب الدرج ، والدقائق للبسط المارديني في علم حساب الازياج ..» ثم يستطرد «.. وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء بالقراءة عليه كتاب الموجز واللمحة العفيفية في أسباب الأمراض وعلاماتها ، وبعضا من قانون ابن سينا ، وبعضا من كامل الصناعة وبعضا من منظومة ابن سينا الكبرى ، وكلها في الطب».

(٢) ٥٣ و٥٤ ج ٢ الجبرتي

٢٤٤

١٣ ـ الشيخ عبد الله الشرقاوي الشافعي شيخ الجامع الأزهر ، ولد بالطويلة بشرقية بلبيس عام ١١٥٠ وتعلم في الأزهر ، وصار من شيوخه ومدرسيه

ولما مات الشيخ أحمد العروسي تولى مشيخة الأزهر بعده ، وكانت تعارضت فيه وفي الشيخ مصطفى الصاوي ، ثم انتهى الأمر بإسنادها إليه.

وتوفي عام ١٢٢٧ ه‍ (١).

كان لما ترعرع وحفظ القرآن قدم إلى الجامع الأزهر وسمع الكثير من العلوم عن الشهابين الملوي والجوهري والشمس الحفني والشيخ الدمنهوري والسيد البليدي والشيخ عطية الأجهوري والشيخ محمد الفارسي والشيخ عمر الطحلاوي ، وأخذ الطريق عن الشمس الحفني ثم عن الشيخ محمود الكردي ولازمه وحضر معه في أذكاره ، ودرس بالجامع الأزهر وبمدرسة السنانية بالصنادقية وبرواق الجبرت والطيبرسية وتميز في الالقاء والتحرير وأفتى في مذهبه ، وله مؤلفات دالة على سعة فضله منها حاشية على التحرير ، وشرح نظم الشيخ يحيى العمريطي ، ومتن العقائد المشرقية مع شرحها ، وشرح رسالة عبد الفتاح العادلي في العقائد ، ومختصر الشمائل مع شرحه ، وشرح الحكم لابن عطاء الله ، وشرح الوصايا الكردية في التصوف ، وشرح ورد السحر للبكري ، ومختصر مغني اللبيب في النحو ، وحاشية على شرح الهدهدي في التوحيد ، وطبقات فقهاء الشافعية المتقدمين والمتأخرين وتاريخ مصر ، وله غير ذلك .. وكان في قلة من العيش ثم بعد مدة اشتهر ذكره ووصله بعض التجار بالهدايا ، فراج حاله وتجمل بالملابس واشترى دارا بحارة كتامة وهي المعروفة الآن بالدواداري قرب جامع العيني ، واستمر حاله في تحسن إلى أن مات الشيخ أحمد العروسي فتولى بعده مشيخة الأزهر ، وكانت تعارضت فيه وفي الشيخ مصطفى الصاوي ، ثم حصل الاتفاق عليه .. وقد أنشأ رواق الشراقوة بالأزهر لأسباب عديدة ، وحصلت

__________________

(١) ١٥٩ ج ٤ الجبرتي وما بعدها

٢٤٥

أيامه حوادث الحملة الفرنسية وتوفى في يوم الخميس ثاني شوال سنة ١٢٢٧ ، ودفن بمدفنه الذي بناه لنفسه بقرافة المجاورين ، ثم عملت أتباعه وأولاده له مولدا في أيام مولد الشيخ العفيفي وكتبوا بذلك فرمانا من الباشا.

١٤ ـ وتولى الشيخ محمد الشنواني مشيخة الأزهر بعد الشيخ الشرقاوي عام ١٢٢٧ ه‍.

وقد توفي عام ١٣٣٣ ه‍ (١) .. ولتوليه المشيخة قصة ، هي أنه لما توفى الشيخ الشرقاوي في السنة المذكورة طلع المشايخ إلى القلعة للباشا بعد وفاته بثلاثة أيام واستأذنوه فيمن يجعلونه شيخا على الأزهر ، فقال لهم اعملوا رأيكم واختاروا شيخا يكون خاليا عن الأغراض وأنا أقلده ذلك فنزلوا إلى بيوتهم واختلفت آراؤهم ، فالبعض اختار الشيخ المهدي الكبير والبعض اختار الشيخ الشنواني وامتنع الشيخ الأمير عن المشيخة وكذلك ابن الشيخ العروسي ، وكان الشيخ الشنواني منعزلا عنهم يقرأ درسه بجامع الفاكهاني وبيده وظائف خدمته وعند فراغه من الدرس يغير ثيابه ويكنسه ويغسل القناديل ويعمرها ويكنس المراحيض فلما بلغه أنهم ذكروه تغيب .. ثم إن الباشا أمر القاضي بهجت أفندي أن يجمع المشايخ ويتفقوا على شخص يكون شيخا بالشرط المذكور ، فجمع القاضي أكابر العلماء كالقويسي والفضالى ، إلا ابن العروسي والهيثمي والشنواني فأرسلوا إليهم فحضروا ، ولم يحضر الشنواني فأرسلوا إليه رسولا فرجع بورقة ويقول : أن له ثلاثة أيام غائبا عن داره وقال لأهله إن طلبوني فاعطوهم هذه الورقة ، فأخذ القاضي الورقة ففضها وقرأها فإذا فيها بعد البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم : لحضرات مشايخ الإسلام إننا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوي الهيثمي ، فعند ذلك قام الحاضرون قومه واحدة وأكثرهم من الشوام وقالوا هو لم يثبت له مشيخة حتى ينزل عنها ، وقال كبارهم لا يكون شيخا إلا

__________________

(١) ١٦٤ ج ٤ الجبرتي ، ٢٩٤ ج ٤ الجبرتي ايضا.

٢٤٦

من يفيد الطلبة ، فقال القاضي ومن الذي ترضونه؟ فقالوا نرضى الشيخ المهدي ، وقام الكل وصافحوه وقرءوا الفاتحة وكتب القاضي إعلاما بذلك ، وركب المهدي إلى بيته في كبكبة وحوله المشايخ والمجاورون وشربوا «الشربات» وهنئوه وانتظروا جواب الإعلام من الباشا فلم يأت ، والمدبرون بدبرون شغلهم ، وأحضروا الشيخ الشنواني من مصر القديمة وتمموا تدبيرهم ، وأحضروا الشيخ منصور اليافي ليعيدوه إلى مشيخة الشوام وجمعوا بقية المشايخ آخر الليل وركبوا في الصباح إلى القلعة فخلع الباشا على الشيخ محمد الشنواني فروة سمور وقرره شيخا ، وكذلك على السيد منصور اليافي وقرره على رواق الشوام كما كان ، وأتى إليه الناس أفواجا يهنئونه بالمشيخة.

١٥ ـ الشيخ محمد العروسي .. وقد تولى المشيخة بعد الشيخ الشنواني وتوفي في عام ١٢٤٥ ه‍ (١).

١٦ ـ الشيخ أحمد بن علي الدمهوجي .. وتوفي في ٩ من ذي الحجة عام ١٢٤٦ ، وهو نسبة إلى قرية دمهوج قرب بنها.

١٧ ـ الشيخ حسن بن محمد العطار ، توفي عام ١٢٥٠ ه‍.

وكان أبوه فقيرا عطارا له إلمام بالعلم وكان يستخدم ابنه هذا في صغار شؤون الدكان ويعلمه البيع والشراء فاختلف إلى الجامع الأزهر خفية عن أبيه حتى قرأ القرآن وجد في التحصيل على كبار المشايخ كالشيخ الصبان والشيخ الأمير. ولما دخل الفرنسيون مصر فر إلى الصعيد كجماعة من العلماء. ولما رجع اتصل بهم فكان يستفيد منهم ويفيدهم اللغة العربية وكان يقول : إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها ويتعجب مما وصلت إليه تلك الأمة من المعارف والعلوم وكثرة كتبهم وتحريرها وتقريبها لطرق الاستفادة .. ثم ارتحل إلى الشام وكان

__________________

(١) ٢٩٤ / ٤ الجبرتي

٢٤٧

يقول الشعر دون اهتمام به كما هو عادة كثير من العلماء ، ومن شعره :

إني لأكره في الزمان ثلاثة

ما إن لها في عدها من زائد

قرب البخيل وجاهلا متفاصحا

لا يستحي وتوددا من حاسد

ومن البلية والرزية أن ترى

هذي الثلاثة جمعت في واحد

وارتحل إلى بلاد الروم وأقام بها مدة وتأهل بها ثم عاد إلى مصر وعقد مجلسا لقراءة تفسير البيضاوي ، كان يحضره أكابر المشايخ. وله تآليف كثيرة منها :

١ ـ حاشية على جمع الجوامع نحو مجلدين.

٢ ـ حاشية على الأزهرية في النحو.

٣ ـ حاشية على مقولات السجاعي.

٤ ـ حاشية على السمرقندية.

وله رسائل في الطب ، والتشريح «والرمل» ، والزيارجة وكان يرسم بيده المزاول النهارية والليلية.

١٨ ـ الشيخ حسن القويسني نسبة إلى قويسنا توفي سنة ١٢٥٤ ه‍ ، وكان مع انكفاف بصره مهيبا جدا عند الأمراء وغيرهم.

١٩ ـ الشيخ أحمد الصائم السفطي نسبة إلى سفط العرفاء قرية جهة الفشن بمديرية المنيا توفي سنة ١٢٦٣ ه‍.

٢٠ ـ الشيخ إبراهيم الباجوري من الباجور بمديرية المنوفية توفي سنة ١٢٧٧ ه‍ ، وكان قويا في علمه ضعيفا في إداراته ، وكان عباس الأول يزوره في درسه وبعد موته بقي الأزهر مدة بلا شيخ بل بمجلس مؤلف من أربعة وكلاء تحت رياسة الشيخ مصطفى العروسي. وهم : الشيخ العدوي المالكي ، والشيخ الحلبي الحنفي ، والشيخ خليفة الفاشني ، والشيخ مصطفى الصاوي الشافعيان ، وكان هذا المجلس قد ألف لمباشرة أمور الأزهر بعد أن ضعف الشيخ الباجوري وكثرت حوادث الأزهر ، ولما كانت سنة ١٢٨١ ه‍ تقلد المشيخة الشيخ العروسي.

٢٤٨

٢١ ـ تقلد الشيخ مصطفى العروسي كأبيه وجده المشيخة إلى عام ١٢٨٧ ه‍. ولقد أبطل الشيخ العروسي كثيرا من البدع كالشحاذة بالقرآن وعزم على إدخال الامتحانات بالأزهر ففاجأه العزل من المنصب فنفذ ذلك خلفه.

٢٢ ـ الشيخ محمد العباسي المهدي الحنفي (١٢٤٣ ـ ١٣١٥ ه‍).

حضر في الأزهر ودرس فيه وتولى الافتاء عام ١٢٦٤ ه‍ جلس للتدريس في الأزهر أيضا ، وتولى مشيخة الأزهر جامعا بين هذا المنصب ومنصب الإفتاء ، ووضع أول قانون لإصلاح الأزهر وعزل من المشيخة عام ١٢٩٩ وتولى بدله الشيخ الإنبابي وانفرد هو بالإفتاء ، ثم استقال الإنبابي فأعيد الشيخ المهدي للمشيخة ، ولكنه استقال بعد مدة فأعيد الشيخ الإنبابي شيخا وعين الشيخ محمد البنا مفتيا ، ثم أعيد المترجم له إلى الافتاء ـ وله الفتاوي المهدية (٦٧ ـ ٨٠ تراجم أعيان القرن الثالث عشر ـ أحمد تيمور).

وقد عاش الشيخ محمد المهدي الحنفي ـ وهو من شيوخ الأزهر الأجلاء ـ إلى أن توفي عام ١٣١٥ ه‍.

وكان المهدي العباسي الحنفي مفتي الديار المصرية ورئيس السادة الحنيفية ، وقد تقلد المشيخة أواخر سنة ١٢٨٧ ه‍ ، فسار فيها سيرا حسنا ودان له الخاص والعام وزاد الامراء في تعظيمه ، وهو أول من تقلدها من العلماء الحنفية ، ولما تقلدها قلت على يديه الشرور والمفاسد في الأزهر وكثرت به المرتبات من النقود والكساوي والجرايات المتجددة ، وصار لأكثر أهل الأزهر مرتبات من المالية وغيرها ، وأثرى كثير منهم بسببه ، وخلعت عليهم الخلع ودعوا في المجامع الشريفة ، وكان له سير بليغ في صرف الاستحقاقات والمشي على شروط الواقفين وقوانين الحكام وهو الذي سن امتحان التدريس للعلماء .. وذلك أنه استأذن ولي الأمر في عمل قانون الامتحان ، واجتمع الرأي بينهم على تعيين ستة لذلك من أكابر العلماء من

٢٤٩

كل اهل مذهب من المذاهب الثلاثة اثنان ، سوى مذهب ابن حنبل لقلته ، وجعل الامتحان في أحد عشر علما من العلوم المتداولة بالأزهر وهي ، الحديث ، والتفسير ، والأصول ، والتوحيد ، والفقه ، والنحو ، والصرف ، والمعاني ، والبيان ، والبديع ، والمنطق ، ومن يريد الامتحان لا بد أن يكون قد حضر هذه الفنون بالجامع الأزهر وحضر كبار الكتب مثل : السعد وجمع الجوامع ، ثم يقدم طلبا لشيخ الجامع يذكر فيها أنه يريد الدخول في حومة العلماء المدرسين وينتظم في سلك المعلمين ويبين أنه حضر كذا وكذا من الفنون وحضر مختصر السعد وابتدأ في جمع الجوامع مثلا ، فيؤخر الشيخ تلك الرغبة عنده حتى يستخبر عن أحواله ممن يعرف حقيقة أمره ، ثم يكتب للمشايخ بإعطاء الشهادة في حقه بالكتابة فيشهد له جمع من المشايخ أقلهم ثمانية ، ثم يعين له من كل فن درسا ويعطيه ميعادا يطالع فيه كل فن في يوم وعلى رأس الأحد عشر يوما ينعقد مجلس الامتحان في بيت شيخ الجامع (وصار ينعقد في الأزهر بالرواق العباسي) ، ويجعل مريد الامتحان بمنزلة الشيخ والممتحنين بمنزلة الطلبة فيدرس وهم يسألونه وهو يجيبهم ولا يحضر في ذلك المجلس غيرهم فإذا أجاب في كل فن كتب من الدرجة الأولى ، وإذا أجاب في أكثر الفنون كتب من الدرجة الثانية ، وإذا أجاب في الأقل كتب من الدرجة الثالثة ، وإذا لم يجب لم يؤذن له في شيء ، ثم تكتب الشهادة لصاحب الدرجة الأولى وترسل إلى الخديوي ، فتكتب له عريضة تشريف متوجة بختم الخديوي تكون معه ، ويخلع عليه فرجية وشريط مقصب بجعله في عمامته في موضع التشريفات ويكتب للجهات باحترامه ويخفف عنه في السفر نصف الأجرة ، وكان قد استحسن أن لا يمتحن في العام أكثر من ستة ، فإذا تراكمت الطلبات من طالبي الامتحان نظر الشيخ في موجبات الترجيح كالشهرة بالعالمية أو الوجاهة أو سبق التاريخ أو كبر السن ... فكان هو أول من سن قانونا لامتحان طلبة الجامع الأزهر ... وولد الشيخ المذكور بالإسكندرية سنة ١٢٤٣ وقدم مصر سنة ١٢٥٥ واشتغل بالعلم في سنة ١٢٥٦ وتولى الإفتاء سنة ١٢٦٤ وكان يحضر في مقدمة السعد على الشيخ

٢٥٠

إبراهيم السقا وفيها جلس للتدريس ، ثم تولى المشيخة سنة ١٢٨٧ وانصرف عن المشيخة والافتاء ورجع إليهما مرتين ، ومن مؤلفاته الفتاوي المهدية الشهيرة المستعملة كثيرا في أيدي القضاة والمفتين ، وكان له من الأولاد اثنان من المدرسين بالأزهر وأرباب المكانة بمصر ، وهما الأستاذ الشيخ محمد أمين والشيخ عبد الخالق .. وتوفي الشيخ ليلة الأربعاء ١٣ رجب سنة ١٣١٥ ودفن بزاوية الاستاذ الحفني بقرافة المجاورين ، ورثته العلماء والفضلاء بقصائد شتى قيل في تاريخ بعضها «جزاؤك يا مهدي في جنة الخلد» ، وقال بعضهم في مرثية له :

عليه دمع الفتاوي بات منحدرا

وللمحارب حزن ضاق عن حد

فيها المسائل قد باتت تؤرخه

مات المجيب الإمام المقتدي المهدي

٢٣ ـ الشيخ محمد الإمبابي الشافعي ، وقد تولى المشيخة عام ١٢٩٩ ، ثم تركها وعاد إليها الشيخ محمد المهدي الحنفي ثانية ، وبقى فيها إلى أن استقال منها في ١٣٠٤ ه‍ وتقلدها بعده الشيخ محمد الإمبابي ثانية ، وبقى فيها إلى أن استقال منها عام ١٣١٣ ه‍.

ولد الشيخ المذكور بالقاهرة سنة ١٢٤٠ وحفظ القرآن الشريف والمتون بالجامع الأزهر ، وفي سنة ١٢٥٣ شرع في تلقي العلوم فاجتهد في الطلب وأخذ عن شيخ الإسلام الشيخ البجوري والشيخ إبراهيم السقا والشيخ مصطفى البولاقي وأضرابهم وشغل ليله ونهاره بالمطالعة حتى فاق أقرانه وتمكن تمكنا زائدا ، ودرس في سنة ١٢٦٧ وقرأ جميع الكتب التي تدرس في الأزهر ، وكتب عليها تقارير وحواشي .. ومنها تقرير على حاشية العطار على الأزهرية ، وتقرير على حاشية السجاعي على القطر ، وتقرير على حاشية الأمير على شرح الشذور ، وتقرير على حاشية السجاعي على شرح ابن عقيل ، وتقرير على شرح الأشموني ، وتقرير على التجريد حاشية مختصر السعد ، وتقرير على جمع الجوامع وتقرير على حاشية البجوري على السلم وتقرير على آداب البحث وتقرير على حواشي السمرقندية وتقرير على مختصر السنوسي وحاشية على رسالة الصبان ، وحاشية على

٢٥١

مقدمة القسطلاني شرح صحيح البخاري ، وحاشية على رسالة الدردير في البيان ، وتقرير على حاشية البرماوي على شرح ابن قاسم في فقه الشافعي .. ومنها فتاوي فقهية ، ورسالتان في البسملة صغرى وكبرى ، ورسالتان في «زيد أسد» صغرى وكبرى ، ورسالة في علم الوضع ، ورسالة في «من حفظ حجة على من لم يحفظ» .. وله غير ذلك من التآليف النفسية ، وبالجملة فقد جمع بين العلم والعمل والدنيا والدين ، وقد تخرج على يديه كثير ممن تصدروا للتدريس .. والإنبابي نسبة إلى إنبابة وهي تجاه بولاق مصر من الشاطىء الغربي للنيل ولم يكن الشيخ منها وإنما نسب إليها لكون والده كان منها واشتهر بالنسبة اليها وكان والده من أكبر التجار بالقاهرة ، ولما توفى الشيخ حزنت عليه العلماء وأظهرت الأمة الحزن عليه ، ورثته الشعراء بقصائد كثيرة.

٢٤ ـ الشيخ حسونة النواوي الحنفي (١٢٥٥ ـ ١٣٤٣)

تعلم في الأزهر وصار مدرسا في دار العلوم ومدرسة الإدارة (الحقوق)

ثم عين رئيسا لمجلس الأزهر الأعلى في عهد الشيخ الإنبابي ـ ولما أقيل الشيخ الأنبابي عام ١٣١٣ عين المترجم له شيخا للأزهر.

وأضيف إليه منصب الافتاء بوفاة الشيخ محمد المهدي العباسي المفتي عام ١٢١٥ وأقيل أول عام ١٣١٧ وأقيم ابن عمه الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي شيخا للأزهر والشيخ محمد عبده مفتيا. وتوفي ابن عمه بعد شهر من ولايته على الأزهر سنة ١٣١٧ ، فعين الشيخ سليم البشري شيخا له عام ١٣١٧ ولما أقيل آخر عام ١٣٢٠ ولى الشيخ على البيلاوي على الأزهر ، واستقال في ٩ المحرم عام ١٣٢٣ ، وعين بعده الشيخ عبد الرحمن الشربيني شيخا ثم استقال في ١٦ ذي الحجة عام ١٣٢٤ ، فعين النواوي شيخا للأزهر للمرة الثانية ، واستقال من المنصب عام ١٣٢٧ ، فأعيد الشيخ سليم للمشيخة ، (٥٦ ـ ٦٣ أعيان القرن الثالث عشر ـ أحمد تيمور).

٢٥٢

وسن الشيخ قانونا لأهل الأزهر ، وفي أواخر مشيخته أسس مجلسا الإدارة الأزهر بأمر الخديو ، وسن قانونا لاصلاح الأزهر .. وكان بعد استعفاء الشيخ الإنبابي عن المشيخة تولاها في سنة ١٣١٢ بأمر الخديوى وكانت جملة أكابر العلماء قدموا التماسا بطلب المشيخة فلم يلتفت الخديو إليهم ، ثم سن قانونا آخر مشتملا على ستة أبواب تشتمل على اثنين وستين مادة .. ولنذكر بعض أبوابه.

الباب الاول في الإدارة العمومية ، وفيه تشكيل مجلس إدارة الأزهر من خمسة أعضاء غير الرئيس منهم ثلاثة من أفاضل علماء الازهر واثنان من العلماء والموظفين بالحكومة وانعقاده على الأقل كل خمسة عشر يوما مرة واختصاصه بتصدير القرارات والقواعد التي يكون بموجبها سير التدريس وضبط الطلبة والأعمال وكل ما له علاقة بالازهر وغير ذلك.

الباب الثاني في شروط الانتظام في سلك طلبة الازهر ، ومنه أن لا يعتبر من طلبة العلم في الأزهر إلا من بلغ من السن خمس عشرة سنة على الأقل وأن يكون له دراية بالكتابة والقراءة وأن يكون حافظا لنصف القرآن ، ويتعين حفظ كله على كفيف البصر ، وغير ذلك.

الباب الثالث في التعليم ، ومنه منع قراءة الحواشي والتقارير منعا باتا في جميع العلوم في الأربع سنوات الأول وبعدها تخير الطلبة والأساتذة في النظر في الحواشي ، أما التقارير فلا يجوز استعمالها إلا بقرار من مجلس الإدارة ، وغير ذلك.

الباب الرابع في الامتحان ، وفيه انقسام الامتحان إلى قسمين : الأول امتحان شهادة الأهلية لمن أمضى ثمان سنوات فأكثر في الأزهر وحصل ثمانية علوم على الأقل ، ويؤلف لجنة الامتحان من ثلاثة من العلماء تحت رئاسة شيخ الجامع الأزهر ، أما امتحان شهادة العالمية فلمن أمضى اثنتي عشرة سنة ، وتؤلف لجنة الامتحان من ستة من أكابر المدرسين من كل مذهب اثنان والدرجات التي يمنحها الطالب : أولى ، وثانية ، وثالثة .. ثم

٢٥٣

تكوين مجلس إدارة الأزهر وفي مقدمته صاحب الفضيلة الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية ، وكان برئاسة الشيخ حسونة النواوي لإجراء مقتضيات هذا القانون ، فقرر قواعد الانتساب والانتظار والاستحقاق في الجرايات والتدريس والمسامحات والعلوم ، وأوجدوا في الأزهر نهضة علمية عظيمة ، وأحضروا للعلوم الرياضية أمهر المدرسين ، ووضعوا امتحانا سنويا ، وصرفوا ستمائة جنيه مكافأة للناجحين في أي فن كان ، وتقدم طلاب الأزهر تقدما كبيرا .. وانضمت للشيخ وظيفة الإفتاء سنة ١٣١٥ بعد وفاة الشيخ المهدي بعد ما قام وكيلا عنه مدة ، وهو ثاني من جمع بين الإفتاء والمشيخة الأزهرية من الحنفية .. وفي مشيخته أنشئت المكتبة الأزهرية ، وبنى الرواق العباسي ، وأكثر من امتحان طالبي التدريس ، وزيد في مرتبات العلماء ومشايخ الأروقة والحارات من الأوقاف ، وصرف عن الإفتاء والمشيخة في ٢٥ محرم سنة ١٣١٧ ، وولد الشيخ سنة ١٢٥٥ بنواي قرية من أعمال أسيوط بمركز ملوي وقدم الأزهر وأخذ عن كبار المشايخ وتربى على يده كثير من المدرسين ودرس بجامع القلعة وألف كتابا في الفقه الحنفي يدرس بها .. ومن أولاده الشيخ محمد حسونة من علماء الأزهر.

٢٥ ـ السيد علي الببلاوي المالكي (١٢٥١ ـ ١٣٢٣ ه‍) حضر في الأزهر ودرس فيه ، وتولى نظارة دار الكتب عام ١٢٩٩ ه‍ ثم عين شيخا لمسجد الحسين سنة ١٣١١ ه‍ ، وأقيم نقيبا للإشراف عام ١٣١٢ ه‍.

وعين شيخا للأزهر عام ١٣٢٠ ه‍ بعد استقالة الشيخ سليم البشري ـ وظل في المشيخة إلى أن استقال منها أول عام ١٣٢٣ ه‍ (٨١ ـ ٨٥ أعيان القرن ١٣ ـ أحمد تيمور).

٢٦ ـ الشيخ سليم البشري المالكي ، وظل فيها إلى أن أقيل منها في ذى الحجة ١٣٢٠ ه‍ ، بسبب حادث مسجد السيدة نفيسة مع حاكم مصر وقتئذ.

ولد الشيخ بمحلة بشر سنة ١٢٤٨ ، وهي قرية من مديرية البحيرة بمركز بلاد الأرز شرقي ترعة الخطاطبة بالقطر المصري ، وقدم إلى مصر

٢٥٤

بعد ما حفظ القرآن الكريم واشتغل بالعلم على مذهب الإمام مالك رضى الله عنه ، وجد في التحصيل على كبار العلماء كالشيخ البجوري والشيخ عليش وأضرابهما حتى مهر ، ودرس في سنة ١٢٧٢ ، ودرس جميع الكتب المعتادة بالأزهر مرات عديدة وتخرج من درسه كثير من أكابر ومشاهير العلماء المدرسين بالأزهر كالشيخ الفاضل الشيخ محمد راشد إمام المعية والمرحوم الشيخ البسيوني البيباني والمرحوم الشيخ محمد عرفة ، وغير هؤلاء من أفاضل المدرسين بالأزهر ، ولما عين شيخا للجامع الزينبي وكان خاليا من المدرسين رتب نحو السبعة من العلماء للتدريس به منهم من يقرأ الحديث ومنهم من يقرأ الفقه على الأربعة المذاهب ومنهم من يقرأ الاخلاق وغير ذلك ، وطلب لهم مرتبات من الأوقاف ، ورتب لهم ذلك حتى صار ذلك الجامع كأنه قطعة من الأزهر ، وفي ١٣٠٥ ه‍ صار شيخا للمالكية وكانت قد ألغيت نحو خمس سنوات بعد الشيخ عليش فأحياها الشيخ وقد جمع بين المشيختين ، ومن تأليفه تحفة الطلاب في شرح رسالة الآداب ، وحاشية على رسالة عليش في التوحيد. وكان ابنه الشيخ عبد العزيز البشري من أفاضل العلماء والكتاب ، وتوفى عام ١٩٤٣.

٢٧ ـ السيد علي محمد الببلاوي المالكي وقد بقي فيها إلى أن استقال منها في أوائل محرم سنة ١٣٢٣ ه

٢٨ ـ الشيخ عبد الرحمن الشربيني ولى المشيخة في ١٣ محرم ١٣٢٣ ه‍ وبقي فيها إلى أن استقال منها في ذي الحجة ١٣٢٣ ه‍.

٢٩ ـ الشيخ حسونة النواوى للمرة الثانية ، واستقال في السنة نفسها فتولاها مرة ثانية.

٣٠ ـ الشيخ سليم البشرى ، وتوفي سنة ١٣٣٥ ه‍.

٣١ ـ محمد أبو الفضل الجيزاوي ولي المشيخة إلى سنة ١٣٤٦ ه‍ ، ثم خلفه في ذي الحجة ١٣٤٦ ه‍ ٢٢ مايو ١٩٢٨ المراغى.

٣٢ ـ الشيخ محمد مصطفى المراغى ، ولي المشيخة إلى أن استقال

٢٥٥

في سنة ١٣٤٨ ه‍ اكتوبر سنة ١٩٢٩.

٣٣ ـ محمد الأحمدي الظواهري (المتوفى في ١٣ مايو سنة ١٩٤٤) ، وقد عزل من المشيخة في ٢٣ محرم ١٣٥٤ ه‍ ـ ٢٦ ابريل ١٩٣٥

٣٤ ـ الشيخ محمد مصطفى المراغى للمرة الثانية.

وظل في المشيخة الشيخ المراغى رحمه الله .. حتى توفي في ١٤ رمضان عام ١٢٦٤ ه‍ الموافق ٢٢ أغسطس عام ١٩٤٥ .. وقام بأمر المشيخة بعده الشيخ محمد مأمون الشناوي وكيل الأزهر في ذلك الحين .. ولما استقال من الوكالة خلفه الشيخ عبد الرحمن حسن في وكالة الأزهر والإشراف عليه.

٣٥ ـ ثم عين الشيخ مصطفى عبد الرازق ـ شيخا للأزهر في ٢٨ ديسمبر ١٩٤٥ ـ وظل فيها حتى توفي في منتصف فبراير عام ١٩٤٧ (١٣٦٤ ـ ١٣٦٥ ه‍).

٣٦ ـ وعين الشيخ محمد مأمون الشناوي في المشيخة عام ١٣٦٧ ه‍ ، ١٨ يناير ١٩٤٨ وظل فيها حتى توفي في ٢١ من ذي القعدة عام ١٣٦٩ ه‍ ، ٤ سبتمبر عام ١٩٥٠ ، وامتاز عهده بضعف أثر العصبيات في الأزهر ، وبالقضاء على الفتن والاضطرابات وبزيادة البعوث الاسلامية الوافدة على الأزهر ، وزيادة العلماء الذين أرسلوا إلى الأقطار الاسلامية ، وبمكانة الأزهر في المجتمع ، وبالغاء البغاء وتحديد الخمور وجعل الدين مادة رسمية في المدارس ، وبارتفاع ميزانية الأزهر الى نحو مليون وثلث ، وبكثرة خريجي الأزهر في مدارس الحكومة .. وأنشىء في عهده معهد محمد علي بالمنصورة ، ومعهد منوف ، وضم معهد سمنود إلى الأزهر.

وكذلك معهد الفيوم والمنيا .. وقد شيعت جنازته إلى مقرها الأخير يوم الثلاثاء ٥ سبتمبر عام ١٩٥٠ (١).

__________________

(١) راجع كتابي «الاسلام ومبادئه الخالدة» الذي ترجمت فيه للشيخ الشتاوي وذكرت فيه الكثير من دراساته الاسلامية.

٢٥٦

٣٧ ـ وعين بعده الشيخ عبد المجيد سليم شيخا للأزهر في يوم الأحد ٢٦ من ذي الحجة ١٣٦٦ ه‍ ، ٨ أكتوبر عام ١٩٥٠ ، وظل في المشيخة إلى أن أعفي منها في اليوم الرابع من سبتمبر عام ١٩٥١ ، لمناهضته للحكومة القائمة وعدم الاستقرار والهدوء في الأزهر ، وذلك في ٤ سبتمبر عام ١٩٥١.

٣٨ ـ وأسندت المشيخة ـ إلى الأستاذ الأكبر الشيخ إبراهيم حمروش .. وفي عهده قامت الحركة الوطنية لمناهضة الإنجليز والاستعمار ، وكان للشيخ مواقف مشهودة في هذه الحركة .. وقد ظل في المشيخة إلى أن أعفي منها في اليوم العاشر من شهر فبراير عام ١٩٥٢.

٣٩ ـ وأسندت المشيخة في هذا اليوم نفسه إلى الأستاذ الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم للمرة الثانية .. وقد ظل فيها حتى استقال منها في ١٧ سبتمبر ١٩٥٢ (١) ، وقد توفي عليه رحمة الله في صباح يوم الخميس ١٠ صفر ١٣٧٤ ه‍ ـ ٧ أكتوبر عام ١٩٥٤ وكان رحمه الله مثلا كريما في الغيرة على الأزهر وإصلاحه ، وترك فيه آثارا كثيرة ، وكانت له شهرة عالمية في الإلمام بشتى العلوم والمعارف الإسلامية .. وقد ترك فراغا كبيرا لا يسد ، كما ترك تلاميذ ومريدين يذكرونه بالخير الإجلال والوفاء.

٤٠ ـ الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين ، وقد تولى المشيخة بعد الشيخ عبد المجيد سليم ، وبدأ عمله بإحالة وكيل الأزهر الشيخ عبد الرحمن حسن إلى المعاش وتعيين الشيخ محمد عبد اللطيف دراز والشيخ

__________________

(١) نص استقالة الشيخ سليم : بسم الله الرحمن الرحيم : من عبد المجيد سليم شيخ الجامع الأزهر إلى السيد الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة ، رئيس مجلس الوزراء .. سلام الله عليكم ورحمته. أما بعد ، فقد علمت أن الحكومة لم تر اجابتي إلى مطلبي بشأن المناصب الأزهرية الأربعة ، ولما كنت لا أستطيع القيام بواجبي على النحو الذي أعتقد أنه يرضي ربي إلا بتحقيق ما طلبت ، فإني أبعث اليكم بهذا الكتاب راجيا أن ترفعوا استقالتي من مشيخة الجامع الأزهر إلى مجلس الوصاية المؤقت ، والله أسأل أن يوفقني واياكم إلى ما فيه الخير للأمة ولدين الله القويم ، والسلام عليكم ورحمة الله ... القاهرة في يوم الأربعاء ٢٧ من ذي الحجة سنة ١٣٧١ ه‍ ـ ١٧ من سبتمبر سنة ١٩٥٢ م.

٢٥٧

محمد نور الدين الحسن وكيلين ، وبإلغاء منصبي السكرتير العام ومدير المعاهد ـ واستمر في المشيخة إلى أن استقال منها في أوائل يناير ١٩٥٤.

٤١ ـ الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج ، وقد تولى المشيخة بعد الشيخ محمد الخضر حسين في يوم الجمعة ٢ جمادي الأولى ١٣٧٣ ه‍ ـ ٨ يناير ١٩٥٤ ، وبدأ عمله بإحالة الوكيلين الشيخ دراز والشيخ نور الدين الحسن إلى المعاش ، وبتخفيض سن الإحالة على المعاش لعلماء الأزهر إلى الخامسة والستين ، وبإحالة أعضاء جماعة كبار العلماء الذين بلغوا هذه السن إلى المعاش كذلك.

والشيخ تاج مولود عام ١٨٩٦ بأسيوط ونال العالمية عام ١٩٢٣ وشهادة التخصص عام ١٩٢٦ ، وسافر عام ١٩٣٦ إلى فرنسا ، حيث عاد منها عام ١٩٤٣ بلقب دكتور ، وحصل على عضوية جماعة كبار العلماء ١٩٥١ م.

٢٥٨

الفصل الثاني

تراجم لبعض شيوخ الأزهر

الشيخ محمد الأحمدى الظواهري

توفي رحمه الله في ١٣ مايو عام ١٩٤٤ ، وقد تولى المشيخة خمس سنوات كان الأزهريون والشيخ فيها في نضال مستمر ؛ مع ما كسب الأزهر فيها من استتباب الدراسة وقوة الروح العلمية.

ولي مشيخة معهد طنطا ، في سن مبكرة ، وبقي شيخا له ، إلى أن نقل شيخا لمعهد أسيوط ، في أكتوبر ـ ١٩٢٣ فأحسن الناس استقباله وراقهم فيه فخامة مظهره ، وفصاحة منطقه ، وسخاء يده. وسرهم أن يروا لشيخ العلماء مهابة خاصة.

ولكن الشيخ في أسيوط ، لم يكن يفارقه الحزن إلا قليلا ، لأنه نقل إلى أسيوط ، وهو غير راض بنقله ، لذا كان كثير المرض ، كثير السفر قليل الاهتمام. بالحياة.

وله على معهد أسيوط فضل كثير ، إذ نقل الدراسة من المساجد وأنقذ الطلاب من افتراش الحصر ، واستأجر للدراسة قصورا فخمة واسعة ، في مناطق عامرة. وتنازل للحكومة عن مستشفى الحميات ، وأخذ بدله تلك البقعة التي أقيم عليها المعهد الجديد ، على شاطىء النيل بالحمراء ، سنة ١٩٢٤. وحينما وضع الحجر الأساسي في بناء المعهد ، سنة ١٩٣٠ كان الشيخ شيخا للأزهر.

٢٥٩

ولما عين الأستاذ المراغى ، شيخا للأزهر سنة ١٩٢٨ وشاع الخبر في أسيوط ، اتفق ان أصيب الشيخ الأحمدي بمرض شديد ، أثار حوله الأقاويل ، ولكنه شفي منه ، وبعد قليل نقل شيخا لمعهد طنطا ، في يوليو ـ ١٩٢٧.

وفي أكتوبر ١٩٢٩ استقال الشيخ المراغى ، وعين الشيخ الأحمدي ، شيخا للأزهر.

وفي ٢٨ أبريل ١٩٣٥ استقال من وظيفة المشيخة وعين الشيخ المراغى مكانه ... ويقول الدكتور عثمان أمين عنه من كلمة له :

«يرجع اهتمامي بالشيخ الظواهري إلى ما قرأته عنده لأحد المستشرقين ، في النسخة الفرنسية لدائرة المعارف الإسلامية ، تعريفا بكتاب له عنوانه «العلم والعلماء» نشر بطنطا سنة ١٩٠٤ ، وقد أحببت أن أقتطف من مقال ذلك المستشرق ما ترجمته إلى العربية : «إن روح الإخلاص والصفاء التي تظهر في هذا الكتاب لتعد نادرة حتى بيننا نحن المسيحيين ، فما بالك بوجودها في الإسلام الذي دب فيه الجمود» ومن العجب جدا في هذا الكتاب الجمع بين وجهة النظر الإسلامية والإحساس بفائدة ما يأتي من مصادر أخرى. فالمؤلف يرى أنه يجب أن يأخذ المسلمون ليس عن أوروبا فحسب ، بل عن الصين واليابان ايضا. ويرى أن من بين المواد التي ينبغي دراستها الدعوة للإسلام ، ويرغب المؤلف في عقد المؤتمرات السنوية لبناء فكرة الجامعة الإسلامية ثم يعين وسائل الثقافة التي تتطلبها لجان من العلماء ، واخراج دائرة معارف ، ونشر التعليم الجامعي بين أفراد الأمة ، كما قال إنه يجب تطهير الإسلام من الخزعبلات والعوائق التي تبهظه. والكتاب على كل حال برهان ساطع على عقيدة الكاتب الراسخة وإيمانه بالمثل العليا».

أغراني هذا الوصف الذي قرأته في باريس بالبحث عن الكتاب في مصر. فلما قرأت الكتاب بنفسي انكشف لي منه أمران : أولهما ان مؤلفه

٢٦٠