الأزهر في ألف عام - ج ١

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي

الأزهر في ألف عام - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٦

كذلك اغتبط الأزهريون وفرحوا أن تشترك المصريات في هذه النهضة سافرات ومحجبات ، ورأينا القس يعانق الشيخ الأزهري فوق منبر الازهر ، كذلك رأينا السيدة المصرية تخطب في هذا المكان المقدس.

ونذكر أن السلطة قررت منع الجمهور من دخول الازهر ، وأرصدت على أبوابه طائفة من الجنود المصريين وطائفة من الإنجليز.

وكان من يحضرون إلى الازهر ، يلقون أمر المنع ، غير أن الوطنية المصرية أبت على الجنود المصريين أن يشتركوا في صد جماهير الأمة عن كعبتها المقدسة ، فكانوا يقولون لكل من يفد :

زاوية العميان!

وكانوا يقصدون بهذا القول أن يرشدوا الناس إلى طريق غير معروف لدخول الأزهر ، فلقن الجنود الإنجليز هذا التعبير العربي ، وجعلوا يقولون لكل من يفد :

زاوية العميان!

وبذلك اشتركوا مرغمين في أن تعقد الاجتماعات في الأزهر بدعوة منهم وهم لا يعلمون.

كذلك أتقن الطلاب فن التنكر والتخفى ، فقد حرم دخول «الأفندية» الى الأزهر ، غير أن هذا جعل الشبان يتنكرون في أزياء الشيوخ المعممين من شتى الأقطار ، فهذا مراكشي وذاك تركي وثالث حجازي ورابع هندي وخامس جاوي. وهكذا ولكنهم أخيرا كانوا يخرجون في زيهم الحقيقي زي «الأفندية» ، فكان الجنود الإنجليز يتغيظون ويشتمون.

الأزهر بعد الثورة المصرية

في سنة ١٩٢٣ م أنشىء قسم للتخصص في العلوم الأزهرية بعد الحصول على الشهادة العالمية ليستزيد العالم تمكنا من مادته ، واقتدارا على أداء مهمته ، فأنشىء هذا القسم من بضعة شعب. وكانت شعبة الفقة

٢٠١

والأصول إحدى هذه الشعب ، وهي تعد خريجها لتولي وظائف القضاء الشرعي في الدولة ، وقد مهدت لإلغاء مدرسة القضاء الشرعي فيما بعد ، واستعيدت حقوق الأزهريين في شغل هذه الوظائف بعد أن سلبت منهم حقبة طويلة .. وعنى بالتوسع في دراسة العلوم الحديثة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بالمعاهد الدينية على غرار ما يدرس منها في المدارس الأخرى.

وأنشىء لهذه العلوم تفتيش مستقل بإدارة المعاهد ، وزودت المعاهد بالمعامل اللازمة لدراستها ، وعين كثير من العلماء ممن تميز في هذه المواد لتدريسها ، وقد عدلت هذه البرامج فيما بعد بما يتفق ومكانها من العلوم الدينية ، وتم إنشاء القسم الثانوي لمعهد أسيوط وكان ابتدائيا ، ثم إنشاء معهد الزقازيق.

وظل الأزهر يخطو نحو غايته مسرعا إذ وضع الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الازهر مذكرته في إصلاح الازهر ، تلك المذكرة التي تعتبر دستور الازهر الحديث ، وكل ما يلهج به دعاة الإصلاح بعدها فهو مقتبس منها أو مستمد من مبادئها وروحها ، فقانونا سنتي ١٩٣٠ ، ١٩٣٦ هما في الحقيقة قانون واحد صيغا من مبادئها وفصلا إجمالها ، وبهذين القانونين على الأصح انتقل الأزهر من حال الاضطراب الثقافي إلى حال الاستقرار النهائي ، ومن حال العزلة التي نكرها على نفسه وأنكرها الناس منه إلى حال المشاركة في شؤون الأمة العامة ، فقد جعلت العالم الأزهري عضوا حيا في أمته يفيد منها وتفيد منه ، ورسمت له غايته والوسائل التي تعينه على أدائها ، وشمل القانون الذي استمد منها نواحي إصلاحية كثيرة ، والذي يعنينا منها هنا الناحيتان العلمية والمالية.

أما الناحية العلمية فأهمها تقسيم الدراسة العالية لأول مرة في تاريخ الأزهر إلى ثلاثة اقسام ، يعد كل قسم منها خريجيه لمهمة خاصة بعد إعداده لهذه المهمة إعدادا فنيا في أقسام أخرى تلى هذه الأقسام تسمى «أقسام التخصص في المهنة».

٢٠٢

وأنشىء لمجموع هذه الأقسام كليات ثلاث ـ وهي كلية الشريعة ، وكلية اللغة العربية ، وكلية أصول الدين ـ على أن يلي خريجو هذه الكليات المهن التي تليق بمؤهلاتهم بعد تخصصهم فيها ، فيلي خريجو كلية أصول الدين وظائف الوعظ والإرشاد ، وخريجو كلية الشريعة وظائف القضاء الشرعي ، وخريجو كلية اللغة العربية وظائف التدريس في المدارس الأميرية والحرة.

وقد ألحق بهذه الكليات أقسام للتخصص في المادة ، وهي أقسام علمية ممتازة قصد منها إعداد بعض العلماء إعدادا ممتازا ، بعد دراسة عميقة ليمكنهم القيام بوظائف التدريس في الكليات.

والإعداد خريجي هذه الكليات إعدادا صحيحا أدخل في مناهج الدراسة فيها لأول مرة في تاريخ الازهر أيضا مجموعة من العلوم التي تتصل بمهمتهم ، فأدخل في مناهجها فقه اللغة وعلم النفس وعلوم التربية والفلسفة وتاريخ الأديان ودراسة الفرق الإسلامية ، وأصول القوانين والاقتصاد السياسي ، والنظام الدستوري ، كما أدخل فيها دراسة بعض اللغات الغربية والشرقية.

ومما تضمنه القانون إنشاء معاهد للاستماع خاصة في بعض المدن لا تتقيد بقيود المعاهد النظامية ، والغرض منها سد حاجة من يريد معرفة أحكام الدين واللغة العربية من جمهرة الأمة ، على أن يتبع فيها طريقة التدريس التقليدية في الأزهر ، ويكون مقرها في المساجد.

وأما الناحية المالية وأعني بها الحقوق التي ظفر بها خريجو الأزهر بمقتضى هذا القانون ، فأهمها أنه ألغى مدرسة القضاء الشرعي ، فأصبحت وظائفه خالصة لخريجي كلية الشريعة دون غيرهم ، وجعل من حق خريجي كلية اللغة العربية التدريس في مدارس الحكومة والمدارس الحرة وكانت محجورة عليهم قبل ذلك ، وجعل من حق خريجي كلية أصول الدين شغل وظائف الوعظ والإرشاد التي أنشئت قبيل صدور القانون ، والتي لم تزل

٢٠٣

تنمو حتى أصبحت لها إدارة خاصة ، وبلغ عدد الوعاظ الذين تشرف عليهم هذه الإدارة نحو ٢٥٠ واعظا يؤدون للأمة أجل الخدمات في إصلاح الأمن وتهذيب النفوس. ويقضينا الإنصاف أن نشير هنا إلى فضل المغفور له محمد محمود في إنشاء قسم الوعظ ، فقد أشار عليه الشيخ المراغي شيخ الجامع الأزهر سنة ١٩٢٨ م بتعيين عدد من العلماء في وظائف الوعظ بوزارة الداخلية لإصلاح حال الأمن من طريق نشر تعاليم الدين ، فاستجاب لهذه الإشارة بعد استحسانها من لدن الرأي العام في الأمة ، وعين خمسين واعظا في الوجه البحري. وبعد تعيينهم ببضعة أشهر نقلوا بميزانيتهم إلى الأزهر ، فكانوا نواة هذا القسم الكبير. وقد كفل القانون لخريجي الكليات حقوقا أخرى في وظائف الدولة ، ليس هذا موضع تفصيلها. وبهاتين الناحيتين من الإصلاح العلمي والمادي اللتين شملهما القانون المستمد من المذكرة المشار إليها فيما سبق تقاربت مسافة الخلف بين خريجي الأزهر وخريجي المعاهد الأخرى وطوائف الأمة عامة ، وتجدد نشاط الأزهر في أداء رسالته ، وأحست الأمة بأن له مكانا في خدمتها ، وأنه يأخذ منها ويعطيها. ولما كانت الكليات الأزهرية والتي تضمنها القانون في حاجة إلى اماكن للدراسة ، لذلك بدىء بإنشاء هذه الأماكن في مدينة أزهرية خاصة واسعة الأرجاء حول الجامع الأزهر ، لا تقصر عليها بل تتسع لها ولأماكن لمعهد القاهرة ولمساكن الطلاب وللإدارة العامة للأزهر ولمستشفى أزهري خاص ، وتسع عدا هذه الأبنية بناء للمكتبة الأزهرية وما يلحق بها من المطابع وقاعة للاحتفالات العامة تسع ألفين من النظارة ، ووضع تصميم هذه المباني وفتح لها في الميزانية العامة سنة ١٩٢٩ م اعتماد مالي بمبلغ يقرب من ثلاثة أرباع المليون من الجنيهات ، وبدىء في تنفيذها إذ ذاك بالفعل ، وفكر المراغي سنة ١٩٢٨ م في إرسال بعثات أزهرية دراسية إلى بعض الجامعات الأوربية ليكون أعضاؤها دعاة إلى الإسلام كما كان أسلافهم ، وليفيدوا من ثقافة هذه الجامعات المتجددة ما يتصل بمهمتهم ويسدوا حاجة الأزهر إلى تدريس المواد التي اقترح إدخالها ضمن برامج الدراسة في المذكرة المشار اليها. وفي سنة ١٩٣٦ م سافرت هذه البعثات

٢٠٤

إلى انجلترا وفرنسا وألمانيا في جو من الغبطة والحذر ، وكان في ذلك أحياء لمجد الأزهر ، وقام شيخ الجامع الأزهر بتوديع هذه البعثات بنفسه في حفل من العلماء والطلاب ، وألقى فيهم خطابا رسم فيه الغاية من إرسالهم ، وصور الجو الذي أحاط بهذه الفكرة فقال : «أرسلكم الأزهر وقلبه يخفق ، وأنا واثق من أنكم ستكونون بهديكم وبقولكم وعملكم ومحبتكم أحسن الأمثلة لخريجي الأزهر الشريف». وقال : أنتم في البلاد التي ستقيمون فيها مرشدون أولا وتلاميذ ثانيا ولا يعفيكم واجبكم الثاني من واجبكم الأول هو في الحق المقصد الأسمي من هجرتكم» .. ولتمكين الأزهر من أداء رسالته بكل ما يمكن من الوسائل فكر الشيخ الظواهري في إنشاء مجلة خاصة بالأزهر تكون صوته الرسمى يدوى في مصر والأقطار الاسلامية ، وتكون مجالا للنشاط العلمي لعلمائه وطلابه ، «وتعمل على نشر آداب الإسلام ، وإظهار حقائقة خالصة من كل لبس وتكشف عما ألصق بالدين من بدع ومحدثات وتنبه إلى ما دسّ في السنة من أحاديث موضوعة ، وتدفع الشبهة التي يحوم بها مرضى القلوب» ، وابتدأ صدورها سنة ١٩٣٠ م وأنشىء لها ولمطبوعات الأزهر والمعاهد مطبعة خاصة كاملة الأدوات تسد الآن حاجة المجلة والكليات والمعاهد من جميع المطبوعات.

وفي يوم الثلاثاء ٢ من ذي الحجة سنة ١٣٥١ ه‍ ـ ٢٨ مارس سنة ١٩٣٣ احتفل رسميا بافتتاح كلية أصول الدين. وفي يوم الأربعاء التالي له احتفل كذلك رسميا بافتتاح كليتي الشريعة واللغة ، وجاء في كلمة شيخ الأزهر إبان ذاك ، الشيخ محمد الاحمدي الظواهري التي ألقاها في هذه المناسبة بحضور رجالات الدولة :

«صدر القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٣٠ وافيا بهذه الأغراض السامية ، مع المحافظة على صبغة الأزهر الدينية والعربية. وكان من أكبر مزاياه إنشاء كليات : أصول الدين ، والشريعة ، واللغة العربية ، وجعل أبوابها مفتحة لجميع الطلاب المسلمين على اختلاف جنسياتهم. واستدراك ما كان

٢٠٥

في القوانين السابقة من نقص في مواد التعليم على اختلاف مراحله ، فقد جعل من مواد الدراسة في الكليات : تاريخ التشريع الإسلامي ، ومقارنة المذاهب ، وفن الحديث دراية ، وآداب اللغة العربية وتاريخها ، وفقه اللغة ، وتاريخ الأمم الإسلامية ، وعلم النفس ، والفلسفة ، مع الرد على ما يكون منافيا للدين منها ، وغير ذلك من المواد التي لم تكن تدرس في القسم العالي من الأزهر الشريف.

ولما كان التخصص في العلوم هو الطريقة المنتجة التي جرى عليها علماء الاسلام في أوائل العصور ، وإليها يرجع الفضل في تقدم العلوم وارتقائها قديما وحديثا ، نص هذا القانون على إنشاء أقسام للتخصص في المواد التي تعني بها الكليات ، للتبحر فيها ، وعلى منح المتخرجين منها شهادة العالمية مع لقب أستاذ ، وعلى جعلهم أهلا لشغل كراسي الأستاذية في الكليات ، كما نص على إنشاء أقسام للتخصص في التدريس والقضاء الشرعي والوعظ والإرشاد ، يكون متخرجوها أهلا للتدريس في مدارس الحكومة والمعاهد وتولي الوظائف الشرعية والدينية في الدولة.

وإذا كانت كليات الأزهر ستكون في دور خاصة في حيّه وبحواره ، فإن نفس الجامع الأزهر سيكون معمورا بالدروس على اختلاف أنواعها ، مفتح الأبواب لقاصديه ، من المسلمين على اختلاف طبقاتهم ، غير مقصور على إقامة الصلاة.

ولقد كان لصدور هذا القانون وانتشار أنبائه وقع حسن عظيم في نفوس المسلمين في عامة الأقطار ، وقد ابتدأت البعثات تتوارد وتتتابع : من الصين وبولونيا وألبانيا ، والهند ، وغيرها ، للاغتراف من هذا المنهل العذب. وأخذت الجامعات الكبرى تتصل بالأزهر الشريف ، وكان منها جامعة غرناطة ، التي لبى الأزهر الشريف دعوتها إلى الاحتفال بمرور القرن الرابع على تأسيسها».

٢٠٦

الفصل الرابع

الثورة المصريّة الثالثة والازهر

وقد قامت الثورة المصرية الوطنية القومية العسكرية الأخيرة في ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ، وكان للأزهر فضل كبير في قيامها ، وتوالت أحداث الثورة ، فألف محمد نجيب وزارته الأولى في ٧ سبتمبر ١٩٥٢ ، ثم وقعت اتفاقية السودان بين مصر وانجلترا في ١٢ فبراير ١٩٥٣ ، وأعلنت الجمهورية في ١٨ يونيو ١٩٥٣ ، وألفت وزارة الرئيس جمال عبد الناصر بعد ذلك. وكان الأزهر يقوي من دعائم الثورة ، ويدعهم العهد الجديد ، الذي ثار على الفساد فحطمه ، وعلى الطغيان فهدمه ، ولا يزال الأزهر يبارك مبادىء الثورة ، ويدعو للإيمان بها.

ومنذ بدء الثورة تولى منصب مشيخة الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين ، ثم الشيخ عبد الرحمن تاج.

ويرجى للأزهر أن يصطبغ بالصبغة العلمية ، وأن يسير قدما في سبيل أداء رسالته الجليلة.

قانون الازهر الجديد

وصدر قانون تطويره الأزهر في عام ١٣٨١ ه‍ (١٩٦١ م) .. وهذا القانون هو الذي جعل من الأزهر جامعة دينية علمية شاملة .. والذي انتقل بالأزهر إلى مسايرة التطور العلمي في العالم الحديث. محافظا في نفس الوقت على رسالته الدينية السامية وتقاليده القديمة.

٢٠٧

وينص القانون على أن الأزهر يشمل الهيئات الآتية :

١ ـ المجلس الأعلى للأزهر

وهو الهيئة التي تختص بالتوجيه ورسم السياسة العامة لكل ما يحقق أغراض الأزهر في سبيل خدمة الفكرة الإسلامية الشاملة. ويرأس هذا المجلس شيخ الأزهر ويضم أعضاء من كبار العلماء المتخصصين.

٢ ـ مجمع البحوث الاسلامية

وهو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية. ويقوم بدراسة كل ما يتصل بهذه البحوث. ويعمل على تحديد الثقافة الإسلامية وتنقيتها من الشوائب ، والكشف عن جوهرها الأصيل. والعمل على نشر الدعوة الاسلامية.

وتنظيم بعوث الأزهر إلى العالم الإسلامي ، ومن العالم الاسلامي. ويتكون المجمع من خمسين عضوا من كبار علماء الإسلام ، يمثلون جميع المذاهب الإسلامية ، ويكون من بينهم عدد لا يزيد عن العشرين من غير مواطني جمهورية مصر العربية ويرأس المجمع شيخ الأزهر. ويكون نصف أعضائه على الاقل متفرغين لعضويته.

٣ ـ ادارة الثقافة والبعوث الاسلامية

وهي الجهاز الذي يهييء لمجمع البحوث الإسلامية كل أسباب البحث والدراسة. وبختص بكل ما يتصل بالنشر والترجمة والعلاقات الإسلامية من البعوث والدعاة واستقبال طلاب المنح.

٤ ـ جامعة الأزهر

وتختص بكل ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر. كما تهتم ببعث التراث العلمي والفكري والروحي للشعوب الاسلامية والعربية. وإعداد بعض العاملين الذين يجمعون إلى جانب التفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن ، كفاية علمية ومهنية تؤهلهم للاشتراك في كل أنواع النشاط والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وتضم الجامعة كليات

٢٠٨

الدراسات الإسلامية (اصول الدين والشريعة والقانون) ، وكلية الدراسات العربية ، وكلية المعاملات والإدارة ، وكلية الهندسة والصناعات ، وكلية الزراعة ، وكلية الطب ، وكلية التربية ، وذلك علاوة على كلية البنات الإسلامية والتي فتحت مجالا جديدا لدخول الفتيات إلى هذه الجامعة العتيدة.

وما أن صدر قانون تطوير الأزهر ، حتى بدىء في وضعه موضع التنفيذ.

وفي شهر مارس ١٩٦٤ وضع حجر الأساس لمباني الجامعة الجديدة في مدينة نصر. وقد تم افتتاح مباني بعض الكليات مثل كليات الهندسة ، والعلوم ، والإدارة والمعاملات ، والزراعة ، وكلية البنات ، ويجرى الآن العمل في إنهاء بقية مباني ومعامل هذه الكليات وتقدر تكاليف هذه المباني بحوالي ٠٠٠ ، ٥٠٠ ، ٢ جنيه مصري. وهي مصممة على أحدث الطرز وتضم مدرجات ومعامل حديثة.

وتقع كلية الطب في مستشفى الحسين الجامعي بجوار الجامع الازهر. وهي تضم حاليا ٥٠٠ طالب.

٢٠٩

وثورة في الأزهر أيضا

وجاءت الثورة ..

الثورة بكل مبادئها وروحها وقوتها الثورة التي حررت الشعب ، ورفعت سمعة الوطن ، ونهضت ببلادنا ، في شتى مرافقها ، وأولت الدين نصيبا من إعزازها وعنايتها.

فكان لا بد أن ينال الأزهر على يديها النصيب الموفور من الإصلاح والتجديد والتطور.

وهنا نلجأ إلى الأرقام ..

كانت معاهد الأزهر قبل الثورة عشرين فصارت ٤٥ وكانت ميزانيته مليونين فصارت ٤ ملايين ، وفي العام القادم ستصبح ٧ ملايين (١).

ويقول نائب الرئيس الأسبق السيد حسين الشافعي : إنه لا بد أن ينشأ في كل مدينة معهد ديني (٢).

وقد قامت الثورة عام ١٩٥٢ وفي مشيخة الأزهر الشيخ عبد المجيد سليم ، ثم خلفه الشيخ محمد الخضر حسين ، فالشيخ عبد الرحمن تاج ، فالشيخ محمود شلتوت ، فالشيخ حسن مأمون ، وغير لقب شيخ الأزهر فصار هذا اللقب هو «الإمام الأكبر»

__________________

(١) جريدة الأهرام المصرية في ١٢ / ١ / ١٩٦٢ م.

(٢) جريدة الأهرام المصرية في ٤ / ١ / ١٩٦٢ م.

٢١٠

ودخل التطور في الأزهر بأوسع نطاق ، فأعيدت عام ١٩٥٧ أقسام الدراسات العليا من الأزهر ، وأسهم الأزهر في مختلف وجوه النشاط من العالم الإسلامي ، وزيدت بعثاته العلمية إلى الدول العربية والإسلامية ، واستقبل ألوف الشباب من أبناء العالم العربي والاسلامي ليتثقفوا في معاهده وكلياته على خيرة الأستاذة وليعودوا إلى بلادهم أئمة ومرشدين في شتى علوم الدين والعربية وذهب الشيخ تاج شيخ الأزهر في رحلة إلى باكستان والهند وأندونيسيا ، ثم ذهب من بعده الشيخ شلتوت في رحلة إلى الفليبيين والملايو. وفي عهده أنشئت إدارة للبحوث والثقافة الاسلامية.

وجاء دور التنظيم الجديد ، تطوير الأزهر فسنّ جمال عبد الناصر قانون الأزهر ، الذي صدر في ١٨ يوليو ١٩٦١ ، ونص فيه على ما يلي :

١ ـ إنشاء كليات للدراسات الإسلامية ، وكلية للدراسات العربية.

٢ ـ إنشاء كليات جديدة للطب والهندسة والزراعة والإدارة والمعاملات في الأزهر.

٣ ـ إطلاق اسم جامعة الأزهر على كلياته الحالية وما يجد من كليات.

٤ ـ انشاء مجلس أعلى لجامعة الأزهر ، ومجلس أعلى للأزهر.

٥ ـ انشاء مجلس إسلامي أعلى.

ووضعت مناهج جديدة للمعاهد الأزهرية ولكليات جامعة الأزهر ، وصارت اللغات مواد أساسية في جميع سنى الدراسة ، وكانت هذه المواد من قبل لا تنال عنايتها من المنهج ولا من الدراسة.

هذه هي الثورة الضخمة .. التي دبت في أروقة الأزهر ومعاهده وكلياته ، ثورة بانية ، تريد إيجاد رجل الدين المثقف الواعي المستنير ، وتريد أن يسلح رجل الدين بسلاح العصر القوي المتين.

٢١١

النوابغ الذين تخرجوا في الأزهر

وقد تخرج في الأزهر في العصر الحديث فريق كبير من عظماء الرجال.

فمن الزعماء زعيم مصر المغفور له سعد زغلول ، ومن الأدباء المرحوم علي باشا مبارك وعبد الله فكري باشا ، والسيد رفاعة الطهعاوي ، وحفني ناصف بك ، والشيخ حمزة فتح الله ، ومن المصلحين الأستاذ الأكبر الشيخ محمد عبده.

وتخرج فيه كثيرون من أمراء الشرق ومجاهديه ، فمنهم السيد الادريسي الذي درس في الأزهر ثم عاد إلى اليمن يعلم البدو أمور دينهم ويحارب الأتراك في سبيل استقلال بلاده حتى تقلص الحكم التركي عن بلاد العرب في ختام الحرب العظمى ، وما زال سلطانا مستقلا واسع النفوذ حتى لقي حتفه في سنة ١٣٤٠ ه‍.

ومنهم السيد صديق حسن خان أمير يهوبال السابق وقد تخرج في الأزهر ، وكان منتسبا لرواق البخارية ثم عاد إلى إمارته فاصلح شؤونها وأقام فيها مجالس العلم حتى توفي في سنة ١٣٢٩ بعد أن رفع شأن بلاده.

ومنهم الشيخ محمد بن عبد الله منلا الصومالي الذي درس في الأزهر ثم رحل إلى الصومال فأخذ يعلم أمور دينهم ويدعوهم إلى طرح نير الاستعباد حتى استطاع أن يؤلف بين قلوب القبائل الصومالية ويحارب الانجليز والإيطاليين والبلجيك والبرتغاليين ويستعمل الحيلة والدهاء في حروبه ، فحطم

٢١٢

جهود الاستعماريين وطرد جيوشهم وما زال في كفاح معهم حتى لقى ربه في سنة ١٣٢٣ هجرية ، فمهد موته الطريق أمام جيوش الاستعمار ، وسقطت الصومال بعده في أيدي الانجليز والإيطاليين.

٢١٣

اختلافا شديدا فستراه على ذلك مؤتلفا أشد الائتلاف يؤلف بين مختلفات ما تفيض عليه نفس الكاتب الهادئة السمحة الرزينة من هدوء سمح رزين

أشهر رجال الأزهر

في أوائل القرن الرابع عشر الهجري

وقد اشتهر في العصر الأخير جلة من العلماء الراحلين كانوا في طليعة الشيوخ البارزين ، على طريقة الأزهر القديمة ، وقد أدرك البعض زمانهم ، وتلقى بعض العلماء عنهم ، نذكر منهم :

الشيخ أحمد رفاعي الفيومي. الشيخ أحمد الجيزاوي. الشيخ محمد النجدي. السيد أحمد حنبلي البسيوني. الشيخ عبد القادر الرفاعي ، الشيخ محمد عبده ، الشيخ عبد الكريم سلمان. الشيخ سليمان العبد. الشيخ أحمد أبو خطوة. الأخوين : الشيخ محمد ، والشيخ أحمد عبد الجواد القاياتي (١). الشيخ حسن الطويل. الشيخ محمد حسنين البولاقي (٢). الشيخ حسين زين المرصفي. الشيخ هرون عبد الرازق (٣) الشيخ محمد البيجرمي. الشيخ إبراهيم الظواهري. الشيخ محمد بخيت المطيعي. الشيخ عبد الرحمن البحراوي. الشيخ محمد راضي الكبير. الشيخ محمد رصى البحراوي. الشيخ محمد حسنين العدوى. الشيخ علي البولاقي. الشيخ عبد الغني محمود. الشيخ محمد السمالوطي. الشيخ محمد الحلبي. الشيخ أحمد نصر. الشيخ محمد شاكر. الشيخ دسوقي العربي.

__________________

(١) كانا من رجال الثورة العرابية

(٢) هو والد أحمد حسنين رئيس الديوان الملكي سابقا

(٣) كان مدرسا لمادة الدين بمدرسة الهندسة الملكية قديما

٢١٤

الشيخ عبد الرحمن قراعة. الشيخ يوسف الدجوى. الشيخ عبد الحكم عطا. الشيخ سيد علي المرصفي.

وثمة شخصيات بارزة لها في تاريخ البلاد مكان ملحوظ.

وهؤلاء لم يتموا دراستهم في الجامع الأزهر ، وأقبلوا على أعمال أخرى في المحاماة ، والقضاء ، وفي العلم والأدب والصحافة ، نذكر من بينهم : سعد زغلول زعيم مصر السياسي ، وإبراهيم الهلباوي المحامي ، ومحمد أبو شادي ، ومحمد الحسيني المحامي ، وحسن جلال ، ومحمد صالح المستشارين بالمحاكم الوطنية ، وعبد الله نديم خطيب الثورة العرابية والسيد علي يوسف صاحب جريدة المؤيد ، ومحمد النجار صاحب جريدة الأرغول والسيد مصطفى لطفي المنفلوطي ، وعبد اللطيف الصوفاني ، وغيرهم وغيرهم.

ومن علماء الأزهر المشهورين العالم العلامة الشيخ نافع الجوهري ابن سليمان بن حسن بن مصطفى بن أحمد الخفاجي من بني خفاجة (١٢٥٠ ه‍ ـ ١٨٣٤ م ـ ١٣٣٠ ه‍ ـ ١٩١٢ م) ، وهو جد المؤلف لأمه ، ولد في قرية تلبانة من أعمال الدقهلية ، وحفظ القرآن الكريم ، ونال العالمية من الأزهر عام ١٢٨٣ ه‍ ، حيث تتلمذ فيه على جلة العلماء والزاهدين ، وأقام ببلدته واعظا زاهدا ، ومفتيا مرشدا ، ومؤلفا واسع الشهرة بين أقرانه. حتى مؤلفاته إلى قبل وفاته نحوا من مائة مؤلف ، أغلبها في الشريعة والدين والفقه والمواعظ والتصوف وعلوم العربية ، وكان شاعرا مجيدا بليغا مفوها ، وأديبا لا يشق له غبار (١).

__________________

(١) راجع ترجمته في كتابي «بنو خفاجة وتاريخهم السياسي والأدبي ج ٣ و٤».

٢١٥

نظرة إلى المستقبل

إن ما كسبه الأزهر من هذا الانقلاب في مصايره لا يزال رهن الزمن والمستقبل. ومن سبق القول ـ كما يقول عنان ـ أن نتحدث عن مزايا نظام جامعي لم يتمخض بعد عن آثاره ، ولكنا نستطيع بالعكس أن نقول أن الأزهر الحديث على الرغم من جميع الجهود التي بذلت لإصلاحه منذ نصف قرن ، وبالرغم من تحويله الظاهر إلى جامعة أزهرية ، فقد كثيرا من المزايا العلمية والجامعية الحقيقية التي اقترنت بتاريخه القديم.

فقد اختفى جيل العلماء الأعلام المبرزين في علوم الدين واللغة ممن حفلت بهم حلقاته في أواخر القرن الماضي ، وكانوا بقية أخيرة لذلك الجيل القديم ، من علماء الأزهر الذين وهبوا حياتهم للدرس ، وقد كان الأزهر حتى أواخر القرن الماضي يأخذ بنصيب بارز في تكوين الزعامة الفكرية والقومية ؛ وكان ظهور رجال مثل محمد عبده وسعد زغلول من بين صفوف طلبته ، أسطع دليل على أن هذا المعهد التالد لم يفقد خلال عصور الانحلال والتأخر كل حيويته الفكرية ، ولكن هذه الظاهرة تكاد تختفي اليوم.

وقد فقد الأزهر كثيرا من خاصته الروحية التي كانت تحمل شيوخه وطلابه على التفاني في التحصيل والدرس ، والتعلق بشرف العلم والإعراض عن مغريات الدنيا ، وإيثار التقشف والزهد ، على الحياة الناعمة .. وتحول شيوخ الأزهر في ظل النظم الجديد شيئا فشيئا إلى نوع

٢١٦

من أرستقراطية رجال الدين ، التي تمتاز ببسطة في الرزق والجاه ، وتحول طلابه إلى ميدان الصراع المادي في سبيل العيش ، والسعي وراء الوظائف ومنازعة أضرابهم من المعاهد الأخرى في الفوز بها. وقد أحدثت هذه الأرستقراطية الاجتماعية ، وهذه النزعة في الإقبال على الدنيا ، أثرا لا يحمد في جو الأزهر العلمي ، وذهبت بكثير من خواصه الروحية القديمة.

ومن جهة أخرى فإن الأزهر الحديث على الرغم من اتسامه بسمة الجامعات العصرية ، لا يزال بعيدا عن أن يجاري روح العصر فعلا في تنظيم مناهجه وأساليبه العلمية. فهو لا يزال يعيش على تراث الأزهر القديم ، ولا يزال مرجع الدراسة بالكليات الأزهرية الحديثة في علوم الدين واللغة طائفة من الكتب القديمة التي يعرفها الأزهر منذ العصور الوسطى ، فالشاطبية ، والهداية ، والسنوسية ، والصبان ، وألفية بن مالك ، وشرحها لابن عقيل ، ومختصر السعد وحواشيه ، وكتب ابن حجر ، والبلقيني ، والسيوطي ، والبرماوي ، والزماوي ، والزيلعي ، وغيرها ، تدرس في الكليات للطلبة النظاميين ، وبعض هذه الكتب يرجع إلى القرن السادس الهجري كالشاطبية ، أو السابع مثل مختصر ابن الحاجب ، وألفية ابن مالك ، أو الثامن كشرح ابن عقيل ومختصر السعد ، ومع أن هذه المصنفات القديمة لا تزال تحتفظ بقيمتها العلمية ، فهي لا تصلح سواء بمادتها أو طرائقها العتيقة لعقلية الطالب الحديث. ولم يزود طلبة الجامعة الأزهرية حتى اليوم من الكتب والمذكرات الدراسية الحديثة إلا بقدر ضئيل جدا في بعض المواد المستحدثة : مثل التاريخ الإسلامي ، والسيرة النبوية ، وتاريخ التشريع ، وتفسير بعض آيات الأحكام ، وكذا بعض كتب البلاغة والأدب والنحو والصرف ، وسيمضي وقت طويل قبل أن يستطيع المشرفون على الدراسة بالجامعة الأزهرية أن يضعوا من الشروح والتآليف المنظمة الحديثة ما يسد حاجة الطلاب.

وقد فقد الأزهر كثيرا من مزايا الدراسة الحقة بإلغاء الحلقات الدراسية الشهيرة ، التي لبئت قرونا تزين أروقته وساحاته ، فقضى عليها

٢١٧

النظام الجديد ، ولم تبق منها إلا آثار ضئيلة ، تتمثل في إلقاء بعض الدروس العادية في علوم الدين أو اللغة بالجامع الأزهر وبعض المساجد الأخرى التي توجد بها المعاهد الدينية ، وتقرأ فيها الكتب القديمة ، ويشهدها الطلاب غير النظاميين ، ولا سيما الغرباء وبعض أفراد الجمهور ، وتعرف في ظل النظام الجديد بالأقسام العامة.

والواقع أن الحلقات القديمة لم تكن إلا المدرج الجامعي الحديث ، وقد كانت تتفوق بلا ريب في عناصرها الجامعية على فصول الكليات الأزهرية ، وكان خيرا لو أصلحت ونظمت على غرر الدراسات الجامعية العليا ، التي يتولاها أعلام الأساتذة قد كان في استبقائها على هذا النحو تخليدا لذكرى الحلقات الأزهرية التاريخية التي كانت أيام ازدهارها من محاسن الدهر وآلاء الأزهر ، وكانت في كثير من الأحيان مجمع الصفوة من الأساتذة والمستمعين.

ولقد اضطرم الصراع مدى حين بين الثقافتين القديمة والمحدثة ، وقد أحرز الجديد نصره النهائي على تراث القديم وأساليبه ، وتبوأت الثقافة المحدثة في مصر المكان الأول ، وهي تؤكد هذا الظفر كل يوم بما تخرجه من جندها المستنير الطموح إلى الحياة العصرية ، بكل ما أوتي من المزايا المعنوية والمادية. على أن ذلك لا يعني أن مهمة الأزهر قد انتهت ، أو انها يجب أن تنتهي ، بل بالعكس من ذلك أن للأزهر مهمة جليلة ، يستطيع الاضطلاع بها إذا وفق إلى الوسائل والأساليب الصالحة لتأديتها. تلك المهمة هي العمل على دعم رسالة الإسلام ، ورسالة اللغة العربية والحضارة الإسلامية ، بأساليب مستنيرة .. وقد كان الأزهر معقلا من معاقل هذه الرسالة طوال العصور الوسطى ، والعصر التركي ، وفي وسعه أن يكون معقلها اليوم (١)

__________________

(١) الأستاذ عبد الله عنان في تاريخ الأزهر.

٢١٨

ثورة التطوير في الأزهر

إنها ثورة جديدة استحدثها قانون تطوير الأزهر

على أن روح الثورة أكبر من أن تخطط بقوانين ، روح الثورة التي اشتعلت بين الملايين من العرب والمسلمين قوية بحمد الله وإذا كان الأزهر في حاجة إلى ثورة كبيرة ، فإن هذه الثورة المنشودة التي يتطلبها المسلمون من الأزهر لا يمكن أن يصنعها قانون ، بل لا بد أن تشتعل روحها أولا وقبل كل شيء في نفوس العلماء والطلاب ...

فالقانون لم يكن ثمة كبير حاجة إلى تخطيطاته في بعث روح الثورة المنشودة داخل الأزهر ، لكي يؤدي الأزهر رسالته.

ولننظر بعد ذلك الى روح القانون :

١ ـ فأولا : سوف تنشأ كليات علمية جديدة لا صلة لها بالدراسات الإسلامية ، وتضاف إلى جامعة الأزهر وهذه الكليات لا تتوقف عليها رسالة الأزهر ، وستكلف إنشاؤها الملايين من الجنيهات دون ما داع إلى ذلك ، وكان في الامكان إباحة دخول طلاب المعاهد الثانوية الجامعات المصرية ليتخرجوا أطباء ومهندسين ومحاميين .. فضلا عن أن جامعات المنصورة ، وطنطا ، والزقازيق لم تنشأ بعد ، وجامعة أسيوط لا تزال في دور التكوين والإنشاء.

٢ ـ وثانيا : وجود كلية الدراسات العربية لا يزيد عن إنشاء كلية آداب في الأزهر تحل محل كلية اللغة العربية ، ولنا في كليات الآداب في

٢١٩

الجامعات المصرية غنى ، بالإضافة الى كلية دار العلوم ومعاهد المعلمين ، وسواها

٣ ـ وثالثا : كليات الدراسات الإسلامية لا بد من أن تحتوي على كليتين :

الأولى للشريعة ، والثانية للأصول وفي هذه الحالة .. لا نكون قد صنعنا شيئا أكثر من تكرار إنشاء كليتين جديدتين بدل كليتين قديمتين ، وكان في الإمكان أن تطور مناهج الكليتين الحاليتين ، لنصنع بذلك الإصلاح المنشود.

٤ ـ وجملة الأمر من القانون أنه ينص على إدماج مناهج المعاهد الثانوية والابتدائية من مناهج المدارس الحكومية مع الإبقاء على مناهج علوم الدين وفي هذه الحالة سيرهق الطالب إرهاقا شديدا من جانب ، وسيضعف مستواه في الدراسات التي تؤهله لدراسات علوم الدين من جانب آخر ، وكان في الإمكان الاكتفاء بضم المعاهد الابتدائية إلى وزارة التربية والإبقاء على المعاهد الثانوية كمرحلة إعدادية للتأهل لدراسات كليات الأزهر.

٥ ـ على أن قانون الأزهر في الإمكان أن يعرض على الهيئات الإسلامية لدراسته وإبداء رأيها فيه ، وتأجيل تنفيذه إلى ما بعد وصول هذه الآراء كلها إلى الجهات التنفيذية للاستفادة من تقريراتها في علاج كل نقص يمكن أن يكون من القانون ، أو ما عسى يمكن أن يكون له من نتائج في الدراسات العربية والإسلامية.

٢٢٠