الأزهر في ألف عام - ج ١

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي

الأزهر في ألف عام - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٦

الديني ، فخرج الرجال والشبان ولم يبق سوى الضعفاء والأطفال والنساء ، وجاد كل منهم بما يملك من دراهم ، وابتاعوا السلاح والذخيرة والخيام. وهبط مكرم من القلعة إلى ساحل بولاق يحمل علما يسميه العامة «البيرق النبوي» ، والناس حوله ألوف مؤلفة ، وفي أيديهم السلاح الساذج من سيوف ومدى وهراوات ، ومعهم الطبول والزمور ، ووقفوا على غير نظام يشدون أزر جيش المماليك الذي كان يقاتل على الضفة الأخرى للنيل.

كان مكرم يحسب أن الأمراء المماليك من طراز بيبرس وقلاوون والناصر الذين صدوا جحافل التتار والصليبيين ، ولكن موقعة النيل بددت أحلامه ، فقد هزموا في ساعات معدودات ، مما جعله يؤمن بأن مماليك أيامه لا يحاكون في شيء المماليك الأول ، فهم جبناء ، عتاة ، ظالمون.

وعلى الرغم من ان مكرم لا دراية له بفنون الحرب ولا أساليب القتال ، إلا أنه شهد بعينيه فرار قوات المماليك ، وزحف القوات المغيرة على القاهرة ، واحتلال أطرافها ، وأبت عليه كرامته أن يقبل هذا الهوان ، فخرج الى الشام وأقام في جنوبها يرقب الأحداث التي تجري في وطنه عن كثب ، فلما كان نابليون بونابرت في يافا حرص على أكرام من وجدهم من المصريين هناك .. وأكبر في عمر مكرم عاطفته المشبوبة ورأسه المرفوع ، وكرامته التي يذود عنها ، فيسر له سبيل العودة إلى وطنه.

وكانت القاهرة في غضون الفترة التي عاد فيها مكرم تغلى كالمرجل ، والثورة على الأبواب. كانت في حالة ثورة نفسية كامنة ، وكان تحرير الوطن من نير الأجنبي قبلة الجميع ، فلما شرع الزعيم يدعو أفراد الشعب إلى الخروج والجهاد ولقاء الغاصب المحتل ، أقبل الناس على تلبية دعوته ، فأقاموا المتاريس وحفروا الخنادق وتحصنوا في الجوامع ، وانشأوا معملا للبارود ، وجاءوا بالصناع والعمال ، واحتالوا في صنع آلات القتال من بنادق وذخائر ، وأشرف مكرم على جمع التبرعات لتمويل الحركة ، وأخيرا بدأ النضال عنيفا سافرا بين المحاصرين والمدافعين ، وشهد الفرنسيون ببسالة المصريين واقتحامهم المخاطر والأهوال ، ولكن المقاومة انتهت بتغلب

١٦١

المحتلين لتفوقهم في معدات القتال ، وفرضوا على السكان غرامة مقدارها عشرة ملايين من الفرنكات ، ولجأوا الى أحط وسائل العسف والقسوة في تحصيلها ، ونقموا على زعيم الحركة ، فأمروا بنفيه الى مدينة دمياط.

جلت الحملة الفرنسية وعادت مصر إلى حكم العثمانيين ، وفي خلال السنوات الخمس المتعاقبة تولى الحكم خمسة من الولاة ، قتل منهم اثنان وطرد الباقون بعد أن سجنوا في القلعة .. كان آخر هؤلاء الولاة أحمد خورشيد ، وكان رجلا ضيق الأفق ، من بقايا الارستقراطية العثمانية ، يدعى السيادة على كل شيء ، ولكن دولته كانت تخذله فلا تمده بالمال والرجال .. كان في موقف حرج ، فخزائنه خاوية من المال لدفع مرتبات الجند ، والمماليك يغيرون على القرى ويتولون تحصيل الضرائب والاستيلاء عليها ، وطبقات الشعب متذمرة من الكلف الفادحة المفروضة عليهم. فاحشدت في الأزهر جموع من التجار والصناع وطلبة العلم وجاهروا بالتمرد والعصيان ، ثم أغلقوا المتاجر والمصانع والمنازل ، حتى بدت القاهرة كمدينة مهجورة.

وانتهز محمد على أحد قواد الفرقة الألبانية غير النظامية فرصة تذمر طبقات الشعب ، فصار يتودد إلى مكرم بوصفه زعيم الشعب ، ويزوره سرا في الليل ويستميله بشتى الوعود ، ويقسم له الإيمان الكاذبة بأنهم أن مكنوه من الحكم ، فإنه يسير حسب نصوص الشرع ، والإقلاع عن المظالم ، ولا يبرم امرا إلا بمشورة العلماء ، وانه إذا خالف هذه الشروط عزلوه ، وأخرجوه من الحكم.

وصدق عمر مكرم هذه الوعود ، وأخذ على عاتقه إقناع العلماء بمشاركته فكرته ، وأذاع نداء على الشعب بالاجتماع امام المحكمة الشرعية. فلما كان اليوم التالي خرج الأفراد والجماعات من دورهم ومصانعهم ومتاجرهم ، وأقبل المزارعون من الضواحي حتى احتشدت بهم الطرق والمسالك المؤدية إلى المحكمة ، وكانوا جميعا يهتفون بقولهم : «يا رب يا متجلي أهلك العثمانلى» ، وهم يقصدون طبعا الوالي العثماني ، ثم

١٦٢

أقبل السيد عمر مكرم ، فاقترح المناداة بعزل خورشيد وإسناد الولاية إلى محمد علي.

وكان الشعب قد ضاق ذرعا بالاعتداءات المتكررة وبالضرائب الفادحة التي يطلب إليها دفعها صاغرا. كان في حاجة إلى مصافحة اي يد تمتد إليه ، لعل فيها خلاصه مما يعانيه من الكروب والمحن ، ولذلك وافق على الاقتراح الذي تقدم به السيد مكرم ، لا حبا في القائد الألباني ، وإنما كرها في الوالي العثماني.

وطلب العلماء وعلى رأسهم مكرم إلى الوالي النزول عن الحكم طوعا لإرادة الشعب ، فأبى مستكبرا وأجابهم بأنني معين بأمر السلطان فلا أنزل بإرادة الفلاحين.

واستشاط العلماء غضبا من هذه الإهانة الموجهة إلى الشعب ، واتفقت كلمتهم على محاصرة الوالي في القلعة لإرغامه على التنازل عن الحكم ، وبدأ النضال سافرا ، وشرع أفراد الشعب في تكوين فرق شبه عسكرية تتولى إقامة المتاريس وحفر الخنادق وحراسة مداخل المدينة ومد المساعدة إلى الجنود وتسليح الشعب بالأسلحة البيضاء والهراوي ، ومنعوا الماء والغذاء والمدد عن الوالي في القلعة.

وكان مكرم في غضون فترة الحصار حركة لا تهدأ ، كان يتنقل بين الصفوف ، ويستثير الهمم والنخوة القومية ويشجع المحاصرين ، وبرزت إلى جانبه أسماء زعماء من الشعب : كابن شمعة وحجاج الخضري الذي تمكن من أسر قافلة من الإبل محملة بالذخائر والمؤن كانت في طريقها إلى القلعة لتموين الوالي ، وقدم هذه القافلة غنيمة باردة إلى القائد المرشح للولاية.

وانتهى النزاع طوعا لإرادة الشعب ، فنزل الوالي المعزول عن الحكم ، وأسندت الولاية إلى الحاكم الجديد ، وبذلك انتصرت إرادة الشعب.

١٦٣

ثم وفدت بعد عامين حملة عسكرية بريطانية لاحتلال مصر وتمكنت من أن تسيطر على مدينة الاسكندرية دون مقاومة تذكر ، بتأثير خيانة الضباط العثمانيين في المدينة ، ثم سارت الحملة إلى رشيد ، فقاومها أهل رشيد في بسالة وبطولة وتمكنوا من قهرها وحملت رؤوس القتلى على أسنة الرماح إلى القاهرة وعلقت بأبوابها ، وسيق الأسرى من الضباط والجنود الإنجليز وطيف بهم في شوارع العاصمة.

وشرع مكرم في حفز همم سكان القاهرة لمقاومة المعتدين إذا ما حاولوا اقتحام العاصمة ، فجمع الجموع وحصن المداخل وأقام المتاريس في الشوارع ، وكون فرقا نظامية سلحها بالأسلحة الخفيفة ، وكان محمد علي في غضون ذلك في آرباض اسيوط يقاتل المماليك ، فلما وفد على القاهرة وأفضى إليه مكرم بما اعتزمه الشعب من الكفاح والنضال لرد غارة المعتدين ، صدمه محمد علي في عواطفه بأن قال له : عليكم بالمال وبمعدات الحرب وعلى أنا وحدي مقاتلة المغيرين.

كان الوالي الجديد لا يفتأ يلجأ الى مكرم لأنه يدرك قوة زعامته الشعبية في نفوس العلماء وقادة الرأي وجميع الطبقات ، ولكن لما استولى على مقاليد الأمور أخذ يقلب له ظهر المجنّ ، ويقصيه عن الاشتراك في المسائل العليا للدولة وفي مهمة الدفاع عن الوطن.

وكان الوالي كلما أعوزته الحاجة إلى المال ، مال إلى أموال الأوقاف ، فاغتصب منها ما هو في حاجة إليه ، فضج العلماء بالشكوى لأن هذه الأموال مرصودة على تعمير بيوت الله وإنفاقها في وجوه البر ، وكان ان اجتمع عمر مكرم بالمشايخ ورجال الدين ، واحتجوا على مسلك الوالي احتجاجا مرا فكان جوابه :

ـ أنا وحدي الذي ينتفع بالضريبة ، وأما أنتم فتبهظون كاهل الأمة بأثقل الأعباء ، إنكم تعقدون الاجتماعات في المساجد ، وتتكلمون عني بلهجة تكاد تكون لهجة الآمر ، وهذه نزعة باطلة لا يمكن قبولها بغير

١٦٤

الازدراء والاستخفاف ، وإنني على استعداد لأن أرمي عنق كل من يستظل بلواء المعارضة في وجه سياستي.

وبادر مكرم بأن جمع العلماء وقال لهم :

ـ ان هذا الحاكم محتال وإذا تمكن فسيصعب إزالته فلنعزله من الآن.

ونمى ذلك إلى محمد علي فأسرع إلى نفي مكرم تحت الحراسة ، وكان ان أجاب على هذا الأمر بشجاعة : أن النفي غاية ما أتمناه. غير أنني أريد العيش في بلد لا يدين بحكم محمد علي.

ورأى مكرم بعين الحسرة أن الآمال التي كان يعلقها على قيام دولة جديدة يشترك فيها المصريون قد تبخرت وذهبت في الهواء.

وفي يوم ١٣ أغسطس عام ١٨٠٩ احتشدت على ساحل بولاق طوائف مختلفة من الشعب ، يودعون زعيمهم الراحل ، وهو يبحر في مركبه الى دمياط وانهمرت الدموع من مآقيهم وهم يودعون الرجل الذي وقف حياته في سبيل الدفاع عن حقوقهم ورد المظالم عنهم.

وبنفي مكرم اختفت الزعامة الشعبية من الميدان ، وخلا جو المعارضة امام الوالي الذي رفعه الشعب إلى منصة الحكم بعد أن أخذ عليه العهود والمواثيق ليحكم بالعدل والمحبة فتخلى عن هذه العهود والمواثيق.

* * *

١٦٥

فحوك العلماء في قرنين

وهؤلاء أعلام من فحول علماء الأزهر في القرنين : الثاني عشر والثالث عشر الهجرى ... نذكر أسماءهم في إيجاز :

الشيخ محمد البناني : طلب العلم في الأزهر. وحضر دروس الشيخ الصعيدي والدردير وغيرهم ، حتى مهر وأنجب ودرس ومات سنة ١١٨٦ ه‍ عن ثلاثين سنة (١).

الشيخ حسن الشبيني ، رحل من بلدته فوه إلى الجامع الأزهر ، فطلب العلم وأخذ من الشيخ الديربي فجعله ممليا عليه في الدرس (٢) وتوفي عام ١١٨٣ ه‍.

الفقيه الشيخ الحماقي الحفني من كبار علماء الشافعية. وتصدر للإقراء والتدريس بالأزهر عدة سنين. ثم تولى مشيخة إفتاء الحنفية بعد موت الشيخ حسن المقدسي (٣) وقد توفي عام ١١٨٧ ه‍.

المحدث المقري شمس الدين محمد بن قاسم البقري شيخ القراء والحديث بصحن الجامع الأزهر (٤).

__________________

(١) ٣٧٥ ج ١ الجبرتي

(٢) ٣٣٨ ج ١ الجبرتي

(٣) ٤٠٨ ج ١ الجبرتي

(٤) ٨٨ ج ١ الجبرتي

١٦٦

والشيخ المحدث منصور بن عبد الرزاق الطوخي الشافعي إمام الجامع الأزهر (١)

شيخ الإسلام البراوي الشافعي الأزهري. ورد الجامع الأزهر وهو صغير ، فقرأ العلم على مشايخ عصره ، وتفقه على الشيخ مصطفى العزيزي ، وحضر دروس الملوي والجوهري والشبراوي ، وشهد له بالفضل أهل عصره وأحدقت به الطلبة ، واتسعت حلقته وقد صلى عليه في الأزهر في مشهد حافل (٢) ودفن عام ١١٨٢ ه‍.

الفقيه الصالح الشيخ أحمد بن أحمد السنبلاوي الشافعي الأزهري ، كان عالما مواظبا على تدريس الفقه والمعقول بالجامع الأزهر ، ولازم على قراءة ابن قاسم بالأزهر كل يوم بعد الظهر ، وكان يحترف بيع الكتب ـ توفي سنة ١١٨٠ ه‍ (٣)

الشاعر الكاتب محمد بن رضوان السيوطي الشهير بابن الصلاحي.

الفقيه (١١٤٠ ـ ١١٨٠ ه‍) (٤) المحدث شيخ الإسلام الشيخ أحمد بن الحسن الخالدي الشافعي الأزهري الشهير بالجوهري (١٠٩٦ ه‍ ـ ١١٨٢ ه‍). وقد اشتغل بالعلم ، وجد في تحصيله حتى فاق أهل عصره ، ودرس بالأزهر وأفتى نحو ستين سنة ، ومات فصلى عليه بالأزهر (٥) عام ١١٨٢ ه‍.

الشيخ عبد الرؤوف بن محمد البشبيشي ولد ببشبيش من أعمال المحلة الكبرى ، وقد تصدر لتقرير العلوم الدقيقة والنحو والمعاني والفقه ، وانتفع به غالب مدرسي الأزهر. وتوفي سنة ١١٤٣ (٦)

__________________

(١) ٨٨ ج ١ الجبرتي.

(٢) ٣١٢ ج ١ الجبرتي

(٣) ٢٨٥ ج ١ الجبرتي

(٤) ٢٦٥ ـ ٢٨٤ ج ١ الجبرتي

(٥) ٣٠٩ ـ ٣١٢ ج ١ الجبرتي.

(٦) ١٥٧ ج ١ الجبرتي.

١٦٧

الشيخ أبو الحسن البكري خطيب الأزهر (١)

شيخ مشايخ الاسلام عالم العلماء الاعلام الشيخ علي العدوي المالكي (١١١٢ ـ ١١٨٩ ه‍). وهو من بني عدي ، ومن مشهوري العلماء ، صلى عليه في الأزهر بمشهد عظيم ، ودفن بالبستان بالقرافة الكبرى (٢) عام ١١٨٩ ه‍.

المفتي الفقيه الشيخ إبراهيم الشرقاوي. وكان لا يفارق محل درسه بالأزهر طول النهار (٣) ، وتوفي عام ١١٨٥ ه‍.

الشيخ علي الشاوري المالكي مفتي فرشوط قرأ بالأزهر العلوم. وقدم الى مصر ومات بها وصلى عليه في الأزهر (٤) عام ١١٨٥ ه‍ الشيخ علي العدوي المالكي الأزهري (١١٠٠ ـ ١١٨٥ ه‍) تلقى العلم في الأزهر ثم درس بالأزهر ونفع الطلبة (٥)

الشيخ مصطفى الصاوي ، وقد تعلم في الأزهر ، ولازم الشيخ البراوي وتخرج به وأقرأ الدروس ، وكان شاعرا لطيفا وكاتبا مجيدا. وتوفي عام ١٢١٦ ه‍ (٦).

الشيخ محمد الخالدي الشافعي (١١٥١ ـ ١٢١٥ ه‍) ، وقد كان من مشهوري علماء الأزهر في عهده .. وله كتب كثيرة ، وصلى عليه بالأزهر في مشهد حافل ، رحمه الله (٧)

السيد مصطفى الدمنهوري الشافعي من العلماء المشهورين

__________________

(١) ١٦١ ج ١ الجبرتي

(٢) ٤١٥ و٤١٦ ج ١ الجبرتي

(٣) ٣٦٩ ج ١ الجبرتي

(٤) ٣٦٧ ج ١ الجبرتي

(٥) ٣٦٧ ج ١ الجبرتي

(٦) ٢١٣ ـ ٢١٧ ج ٣ الجبرتي

(٧) ١٦٥ ج ٣ الجبرتي

١٦٨

المذكورين ، تفقه على أشياخ العصر ولازم الشيخ الشرقاوي الذي صار شيخ الأزهر ، وكان يكتب على الفتاوي على لسان الشيخ الشرقاوي ويتحرى الصواب ... ومات في عهد الفرنسيين مقتولا (١)

الشيخ عبد الرحمن الأجهوري المالكي ، من علماء الأزهر الشريف ، درس ودرّس بالأزهر مدة في أنواع الفنون في الدين واللغة ، وتوفي سنة ١١٩٨ ه‍ (٢).

الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي الأزهري ، صاحب المؤلفات الذائعة المشهورة التي خلدت ذكره ، وتوفي سنة ١٢٠٦ ه‍ (٣).

الشيخ أحمد العروسي الشافعي الأزهري (١١٣٣ ـ ١٢٠٨ ه‍) حضر في الأزهر علي شيوخه وعلمائه (٤).

الشيخ شهاب الدين السمنودي المحلي الشافعي ، العالم الأزهري ، وقد قرأ بالجامع الأزهر ، وتوفي عام ١٢٠٩ ه‍ (٥).

الشيخ أحمد السماليجي الشافعي المدرس بالمقام الأحمدي بطنطا .. توفي عام ١٢٠٩ ه‍ (٦).

الشيخ عبد الرحمن النحراوي الأجهوري ، درس بالأزهر وأفاد الطلبة وتوفي عام ١٢١٠ ه‍ (٧).

وفي هذه السنة أيضا توفي الشيخ حسن الهواري المالكي شيخ رواق الصعايدة (٨).

__________________

(١) ٦٧ ج ٣ الجبرتي

(٢) ٨٥ وما بعدها ج ٢ الجبرتي

(٣) ٢٢٧ ـ ٢٣٣ ج ٢ الجبرتي

(٤) ٢٥٢ ـ ٢٥٤ ج ٢ الجبرتي

(٥) ٢٥٩ ج ٢ الجبرتي

(٦) ٢٦٠ ج ٢ الجبرتي

(٧) ٢٦٢ ج ٢ الجبرتي

(٨) ٢٦٣ ج ٢ الجبرتي

١٦٩

الشيخ عثمان بن محمد الحنفي المصري الشهير بالشامي ، وتوفي عام ١٢١٠ ه‍ (١) وكذلك الشيخ شمس الدين الفرغلي الشافعي (١) وله شعر عذب.

الشيخ أحمد محمد السجاعي الأزهري قدم الأزهر صغيرا فتمهر ودرس وأفتى وألف ، وترك آثار علمية مشهورة توفي عام ١١٩٠ ه‍ (٢).

الشيخ عطية الأجهوري الشافعي ، العالم الأزهري ؛ وقد توفي عام ١١٩٠ ه‍ (٣).

الشيخ إبراهيم بن خليل الصبحاني الغزي الحنفي العالم الأزهري ، وقد ولد بغزة وورد إلى الأزهر فتعلم فيه ، ثم عاد إلى غزة وتولى فيها الإفتاء ، وارتحل إلى دمشق وتولى أمانة الفتوى. توفي عام ١١٩٠ ه‍ (٤).

الشيخ محمد العوفي المالكي كان شاعرا ماجنا ، ومع ذلك كانت حلقة درسه في الأزهر تزيد على الثلثمائة. مات سنة ١١٩١ ه‍ (٥).

الإمام الشيخ أحمد بن عيسى الزبيري الشافعي البراوي من علماء الأزهر ، ولد بمصر وبها نشأ وحضر دروس مشايخ الوقت ، ولما توفي والده أجلس مكانه في الأزهر وقد توفي بطنطا عام ١١٩٢ ه‍ ، وصلى عليه بالأزهر ، ودفن بتربة المجاورين (٦)

الشيخ محمد العدوي من علماء الأزهر ، درس في الأزهر ودرّس فيه وتوفي عام ١١٩٣ (٧)

__________________

(١) ٢٦٣ ج ٢ الجبرتي

(١) ٢٦٣ ج ٢ الجبرتي

(٢) ٣ ج ٢ الجبرتي

(٣) ٤ ج ٢ الجبرتي

(٤) ٤ ج ٢ الجبرتي

(٥) ١٥ و١٦ ج ٢ الجبرتي

(٦) ٣٥ ج ٢ الجبرتي

(٧) ٥٨ ج ٢ الجبرتي

١٧٠

الشيخ شهاب الدين أحمد السجاعي الشافعي الأزهري ، من علماء الأزهر ، ولد بمصر ونشأ بها وتصدر للتدريس في حياة أبيه وبعد موته في مواضعه ، وصار من أعيان العلماء. وتوفي عام ١١٩٧ ه‍ (١).

الشيخ عبد الله بن أحمد المعروف باللبان الشافعي الأزهري. توفي عام ١١٩٨ ه‍ (١).

ومن مشهوري العلماء الشيخ محمد بن حسن الشافعي الأحمدي الأزهري المتوفى عام ١١٩٩ ه‍ (٢).

الشيخ محمد الخشني الشافعي وكان من خيار شيوخ الأزهر (٣) وتوفي سنة ١٢٢١ ه‍.

والشيخ سليمان البجيرمي الشافعي من علماء الأزهر المشهورين (٤)

الشيخ أحمد البرماوي الشافعي (١١٣٨ ـ ١٢٢٢ ه‍) .. وكان من الشيوخ الأجلاء (٥)

الشيخ إبراهيم الحريري مفتي مذهب السادات الحنفية كوالده ، وقد توفي عام ١٢٢٤ ه‍ (٦) .. وتوفي في هذا العام الشيخ عبد المنعم العماوي المالكي وهو من كبار الشيوخ (٧)

الشيخ محمد أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي الأزهري من علماء البلاغة ، تصدر للإقراء والتدريس بالأزهر وإفادة الطلبة ، وكان فريدا في تسهيل المعاني وتوفي عام ١٢٣٠ ه‍ ودفن بتربة المجاورين (٨).

__________________

(١) ٧٥ ج ٢ الجبرتي

(١) ٧٥ ج ٢ الجبرتي

(٢) ٨٤ ج ٢ الجبرتي

(٣) ٩٤ ـ ٩٥ ج ٢ الجبرتي

(٤) ٢٤ ج ٢ الجبرتي

(٥) ٢٤ ج ٤ الجبرتي

(٦) ٧٦ ج ٤ الجبرتي

(٧) ١٠٤ ج ٤ الجبرتي

(٨) ٢٣١ ج ٤ الجبرتي

١٧١

الشيخ محمد الأمير المالكي الأزهري (١١٥٤ ـ ١٢٣٢ ه‍) من كبار الشيوخ الأجلاء في الأزهر (١)

الشيخ محمد الأشموني الشافعي (١٢١٨ ـ ١٣٢١ ه‍) تعلم في الأزهر وصار مدرسا فيه (٥٠ ـ ٥٢ تراجم أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر لأحمد تيمور ط ١٩٤٠).

الشيخ أحمد الرفاعي المالكي ، تعلم ودرس في الأزهر وحضر عليه محمد عبده والشيخ بخيت والشيخ أبو الفضل وسواهم ، وقد رشح للمشيخة بعد استقالة الشيخ سليم عام ١٣٢٠ ه‍ ، ولكن لم يقدر الله له ذلك ، وقد توفي عام ١٣٢٥ ه‍ (٦٤ ـ ٦٦ المرجع).

الشيخ حسين الطويل المالكي (١٢٥٠ ه‍ ـ ١٣١٧ ه‍) من مشهوري العلماء ، حضر ودرس في الأزهر ، وأول درس قرأه بالأزهر عام ١٢٨٣ ه‍ ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وعين مفتشا ثانيا للغة العربية بوزارة المعارف ، ثم مدرسا بدار العلوم (٢)

الشيخ أحمد خطوة الحنفي (١٢٦٨ ـ ١٣٢٤ ه‍) ، من جلة العلماء ، وحضر ودرس في الأزهر ، وكان أكثر اشتغاله في المعقول على الشيخ حسن الطويل ، وكان ابتداؤه للتدريس في الأزهر سنة ١٢٩٦ ه‍ ، وقد عين مفتيا للأوقاف ، ثم نقل عضوا في المحكمة الشرعية العليا (٣)

__________________

(١) ٢٨٤ ج ٤ الجبرتي

(٢) ١٢٠ ـ ١٢٩ أعيان القرن الثالث عشر لأحمد تيمور ، وله ترجمة في مجلة الضياء ج ١ ص ٦٩٠

(٣) له ترجمة في مجلة المقتبس ج ١ ص ٥٥١ ، وراجع ص ١٣٠ ـ ١٣٢ تراجم أعيان القرن ١٣ لأحمد تيمور

١٧٢

الباب الثاني

تاريخ الأزهر الحديث

١٧٣
١٧٤

الفصل الأول

القوّة الشعبيّة بعد الحملة الفرنسيّة

ممثلة في الأزهر

بعد خروج الفرنسيين من مصر تنازعت الوطن أياد قوية ؛ كل يد تعمل على الاستئثار بحكم مصر ، وكان من هؤلاء الطامعين في العرش طامح من رعايا خلافة تركيا هو محمد علي القوللي رئيس إحدى الفرق العسكرية التي أرسلتها تركيا إلى مصر لطرد الفرنسيين منها.

وتودد محمد علي إلى شعب مصر والى علماء الأزهر الشريف ، ودس أعوانه في وسط الشعب لينادي به حاكما على مصر ، واستجاب علماء الأزهر لرغبة الشعب ، ورأوا في تولية مثل محمد على حكم مصر دفعا لأخطار الحكام الأتراك المتغطرسين ، فتوجهوا وعلى رأسهم شيخ الإسلام الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر ، والشيخ محمد المهدي المفتي ، والشيخ محمد الأمير من كبار العلماء ، والشيخ سليمان الفيومي ، والسيد عمر مكرم نقيب الإشراف ، والسيد محمد السادات شيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والشيخ العريشي القاضي ، وغيرهم من الشيوخ والعلماء ، إلى قصر محمد علي وأفضوا إليه برغبتهم في المناداة به واليا على مصر لإجماع الشعب على ذلك ، وخرج العلماء من عنده إلى الجامع الأزهر لرسم الخطة ومتابعة الحوادث. غير أن الانتظار لم يطل ، فما كاد يعلن نبأ تولية «محمد علي» ولاية «جدة» واستعداده للرحيل ، حتى خرج أهل القاهرة عن حد الاحتمال فالتفوا حول شيوخ الأزهر ، وطالبوا بوضع حد لسوء الحال ، وانتهوا إلى المطالبة بعزل الوالي ، والمناداة بمحمد علي

١٧٥

واليا على مصر : وكان عدد المحتشدين من الشعب في الأزهر يربو على الأربعين ألفا. ولم يجد العلماء إزاء هذا الموقف بدا من تحقيق رغبة الشعب ، فاتجهوا الى دار المحكمة في بيت القاضي ، وحولهم هذا البحر الزاخر من الشعب الهائج يهتف بسقوط الوالي ، وفي المحكمة حضر الجميع واتفقوا على كتابة عريضة بمطالب الشعب عددوا فيها المظالم التي وقعت بالناس من مصادرة الحريات وفرض الضرائب ، وطالبوا برفع هذه المظالم ، وكان ذلك في يوم الأحد ١٢ من صفر سنة ١٢٢٠ ه‍ (١٢ مايو سنة ١٨٠٥ م). ولما وصلت هذه القرارات إلى الوالي استدعى العلماء لمقابلته ، ولكنهم رفضوا ، لأنهم علموا أنه دبر مؤامرة لاغتيالهم في الطريق والقضاء على هذه الحركة الشعبية ، فلما امتنعوا عن الذهاب رفض الوالي إجابة مطالبهم ، فاجتمع وكلاء الشعب من العلماء في يوم الاثنين ١٣ من صفر سنة ١٢٢٠ ه‍ (١٣ مايو سنة ١٨٠٥ م) بدار المحكمة وقرروا عزل خورشيد باشا وتنصيب محمد علي واليا على مصر.

وعقب إصدار القرار في المحكمة توجهت الجموع إلى محمد علي ، وفي طليعتهم علماء الأزهر على رأسهم : الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر ، ونقيب الاشراف السيد عمر مكرم «وذهبوا إلى محمد علي وقالوا له : إنا لا نريد هذا الباشا حاكما علينا ولا بد من عزله من الولاية. فقال : ومن تريدونه أن يكون واليا؟ قالوا : لا نرضى الا بك ، وتكون واليا علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير. فامتنع أولا ، ثم رضي. وأخضروا له كركا وعليه قفطان. وقام إليه شيخ الاسلام الشيخ الشرقاوي والسيد عمر فألبساه إياه ، وذلك وقت العصر ، ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة».

وفي ١١ من ربيع الثاني سنة ١٢٢٠ ه‍ (٩ من يوليه سنة ١٨٠٥ م) وصل مرسوم الدولة ، ومضمونه الخطاب لمحمد علي والي جدة سابقا ووالي مصر حالا ، من ابتداء ٢٠ من ربيع الأول ، حيث رضي بذلك العلماء والرعية.

١٧٦

هذه هي رواية الجبرتي ونحن لا نكاد نسلم بها ، فإن محمد علي عندما علم بنبأ وصول الوحدات البحرية التركية بقيادة قبودان باشا يحمل أمر السلطان بعزل محمد علي وتولية موسى باشا ، سارع إلى الالتجاء إلى القلعة مستعدا للمقاومة وجمع فيها ما استطاع أن يجمعه من معدات الحرب والعمال والاجناد ، وفي هذه الأثناء علم أن محمد بك الألفي المتحصن في البحيرة قد اتصل بالأتراك واتفق معهم. فرأى أن المقاومة لن تجدي ما دام الشعب لا يظاهره ، وأن أعوانه في المقاومة هم قواد الجيش الذين اجتمع بهم وشاورهم فأيدوه في المقاومة «لأنه ما من أحد منهم إلا وصار له عدة زوجات وعدة بيوت والتزام بلاد (جمع ضرائبها) وسيادة لم يكن يتخيلها ولم تخطر بذهنه أن ينسلخ عنها والخروج منها ولو خرجت روحه».

ووصلت الأنباء أن الألفي بعث إلى قبودان هدية فيها ٣٠ جوادا و٤٠٠٠ رأس من الغنم والبقر والجاموس ومائة جمل بالذخيرة ونقود وثياب وأقمشة.

وهنا التجأ محمد علي إلى زعيم مصر الكبير السيد عمر مكرم نقيب الأشراف وبعض الأعيان ، وعرض عليهم الموقف وما فعله الأمراء والمماليك واتفاقهم مع السلطان ، وطلب منهم دراسة الموقف فتركوه وانصرفوا.

حدث هذا في يوم الجمعة ولو أن الشعب المصري كان متعلقا بمحمد علي لا يرضى عنه بديلا ، كما صوره المؤرخون ، لما استدعى بحث الموقف طويلا ، بل كان الرد أن الشعب سيقف بجانب محمد علي في موقفه ومقاومته ولا يحتاج إلى تفكير. ولكن الذي حدث فعلا أن البحث والدرس وتقليب الموقف استمر بين الزعماء المصريين أياما. فمضى السبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء دون أن يتلقى محمد علي ردا ، وهنا قرر محمد علي اتخاذ إجراء حاسم.

بعث باثنين من رجاله هما مدير مكتبه ورئيس التراجمة ، وقد فاجئا

١٧٧

السيد عمر مكرم في داره صباح الخميس ، وقدما إليه صورة التماس كتبه ديوان محمد علي ، على لسان المشايخ الى الباب العالي لتثبيت محمد علي لولاية مصر.

ولو أن المصريين كانوا متمسكين بمحمد علي لوقع الزعماء ـ الذين دعاهم السيد عمر النقيب إلى داره لبحث هذا التطور الجديد في الموقف ـ الالتماس دون مناقشة ، ولكن الذي حدث هذه المرة أيضا أن الاجتماع استمر اليوم كله.

وفي اليوم التالي ، السبت ، حمل هذا الالتماس إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي ومعه أمر بتنظيم «العرضحال» وترصيعه «وتوقيعه» بتوقيعات المشايخ وبصمه بأختامهم ليرسله الباشا إلى الدولة ، فلم تسعهم المخالفة» ... وقد تم هذا فعلا.

وهذا الالتماس رغم طوله لم يخرج عن كونه مدحا للسلطان ، ثم تحقير أعمال الأمراء المماليك ، ثم رفع شأن محمد علي وتبرير لبعض تصرفاته التي أنكرها عليه السلطان وينتهي بطلب إبقائه واليا.

وسارع محمد علي ، بطبيعة الحال ، بإرسال العريضة إلى تركيا ، ولكن حدث مساء الاثنين أن وصل إلى القاهرة رسول من قبودان باشا ليبلغ المسؤولين عن الشعب وهم الشيخ السادات والسيد عمر مكرم والأئمة قرار السلطان بعزل محمد علي. ولما كان الأمر قد خرج من أيدي هؤلاء الزعماء بعد توقيع الالتماس ، فقد ذهبوا إلى محمد علي يعرضون الأمر فأمرهم بالعودة إلى منازلهم على أن يرسل إليهم في اليوم الثاني صورة التماس جديد ينسخونه ويوقعونه.

وفي هذا العرضحال يبدي الزعماء خضوعهم وامتثال لقرار السلطان ولكنهم يبدون تخوفهم من الجند ألا يمتثلوا للأوامر بسبب رواتبهم. وكان محمد علي قد احتاط بتدبير هذه المؤامرة بالاتفاق مع قواد الجند الذين يهمهم البقاء في مصر.

١٧٨

وانتهز محمد علي الفرصة وماطل في تنفيذ أمر السلطان ، وهنا وجد قبودان باشا مركزه حرجا ، وأن الاعتماد على الأمراء المماليك لا خير فيه وسيؤدي إلى ضياع هيبته ، فقر رأيه أن يتصل بمحمد علي الذي انتهز الفرصة فعرض العروض الباذخة وتعهد ان يؤدي ضعف ما تعهد الأمراء بتأديته لقبودان : بعضه معجل والآخر مؤجل.

واتفق قبودان مع محمد علي أن يعود الى استكتاب الزعماء كتابا آخر يرسله إليه مع ولده شخصيا. على أن يتضمن أن محمد علي حامى الإقليم وحافظ ثغوره ومؤمن سبله وقامع المعتدين وأن الكلية من الخاصة والعامة راضية بولايته وأحكامه وعدله ، وأن الشريعة مقامة في أيامه ولا يرتضون خلافه لما رأوا فيه من عدم الظلم .. الخ الفضائل والصفات التي اتفق قبودان باشا مع محمد علي ، على نسبتها إلى مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مصر!! ..

وقد انتهت هذه المساعي كلها بإلغاء أمر النقل وتثبيت محمد علي على ولاية مصر.

وهذه هي حقيقة مطالبة المصريين بولاية محمد علي عندما عزله السلطان ، في المرة الثانية .. وهذا هو موقف الزعماء المصريين ، الذين لم يطالبوا بتثبيت محمد علي إلا بحد السيف الذي سلطه عليهم.

ولكن ماذا فعل محمد علي وأولاده بهذه الثقة الغالية؟ لقد قرر محمد علي منذ اللحظة الاولى أن يستبد بالأمر ، ويبعد الشعب وزعيمه عن الميدان ..

وأخذته الغيرة من زعيم المصريين عمر مكرم ، وأنكر منه أن يتحدث اليه عن آلام الشعب مما فرضه عليهم من الضرائب بسبب الاستعداد للحملة الوهابية .. ثم أراد أن يأخذ إمضاء السيد عمر على حساب غير مضبوط أعده ليرسله إلى الدولة .. فأبى السيد عمر مكرم ذلك قائلا :

ان الضرائب المعتادة كانت تكفي لكل ما قام به الباشا من الأعمال

١٧٩

العامة ... وإني لا أستطيع أن أشهد بغير ما أعتقد أنه حق ...

فقرر محمد على التخلص من عمر مكرم .. وأراد أن يحتال عليه ، وطلب إليه أن يذهب لمقابلته في الديوان ، فأجاب السيد عمر مكرم قائلا :

إن الباشا إذا أراد مقابلتي ، فلينزل من القلعة لمقابلتي في بيت السادات ، لتكون المقابلة على سواء.

وكان محمد علي يجمع من الضرائب أكثر مما ينفق .. ويحتجز الأموال لنفسه ، فاحتج عمر مكرم ، وقال كلاما كثيرا جاء فيه :

أما ما صرفه الباشا في سد الترعة فإن الذي جمعه وجباه من البلاد يزيد على ما صرفه أضعافا كثيرة ، وأما غير ذلك ، فكله كذب لا أصل له ، وإن وجد من يحاسبه على ما أخذه من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعته المظالم ..

فقرر محمد علي نفيه من القاهرة ، فابتسم الشيخ عمر مكرم وقال : أما منصب النقابة فإني راغب عنه وزاهد فيه ، وليس فيه إلا التعب : وأما النفي فهو غاية مطلوبي ، وأرتاح من هذه الورطة ، ولكن أريد ان أكون في بلد لم تكن تحت حكمه ، فإذا لم بآذن لي في الذهاب إلى أسيوط ، فليأذن لي في الذهاب إلى الطور أو إلى درنة.

فأخبروا الباشا بذلك ، فلم يرض إلا بذهابه إلى دمياط.

وخرج عمر مكرم زعيم الشعب إلى منفاه في ١٣ اغسطس ١٨٠٩.

وهكذا أخرج محمد علي الشعب المصري من الميدان ، وقرر أن يستبد بأمر مصر وحده.

وهكذا أنكر فضل هذا الشعب عليه ، وأخذ طريق المستبدين ، وخلفه أبناؤه فساروا في طريقه ، ووضعوا أيديهم في يد أعداء البلاد .. وزاد أمرهم سوءا ، وأحاطت بهم الأزمات ..

١٨٠