تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٤

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٤

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٤

ويزيد بن هارون ، وأبي بدر شجاع بن الوليد ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وعبد الوهّاب بن عطاء ، وعبيد الله بن موسى ، وقاسم بن محمّد المعمري ، ووضاح بن حسّان الأنبارى ، والوليد بن سلمة الأزديّ ، وحفص بن عمر الحبطى ، وعفّان بن مسلم الصّفّار ، روى عنه أبو عروبة الحراني ، ومحمّد بن حمويه النيسابوري ، وعلى بن محمّد بن أيّوب الرقى ـ ساكن صور ـ وغيرهم.

أخبرني أبو طالب مكي بن على بن عبد الرزاق الجريري قال [حدّثنا] (١) إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكى ـ إملاء.

وحدّثني أبو طالب يحيى بن على الدسكري ـ لفظا ـ حدّثنا أبو أحمد محمّد بن أحمد بن القاسم بن الغطريف العبدى ـ إملاء ـ قال حدّثنا ـ وقال إبراهيم ـ أنبأنا أبو بكر محمّد بن حمويه بن عبّاد السّرّاج حدّثنا محمّد بن الوليد بن أبان البغداديّ ـ زاد إبراهيم : بمكة ـ ثم اتفقا قالا حدّثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فضلت على آدم بخصلتين ، كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم ، وكن أزواجى عونا لي ، وكان شيطان آدم كافرا وكانت زوجته عونا له على خطيئته» (٢).

ليس في حديث إبراهيم ـ له. ذكر محمّد بن بكّار بن يزيد السكسكي الدمشقي أنه سمع من هذا الشيخ بدمشق في سنة ثلاث وستين ومائتين.

١٧٥٤ ـ محمّد بن الوليد بن أبان ، أبو جعفر القلانسي المخرميّ (٣) :

حدّث عن روح بن عبادة ، ومكي بن إبراهيم ، وعثمان بن عمر بن فارس ، وهارون بن مسلم الحنائى ، وزكريا بن قانع الأرسوفي ، وهيثم بن جميل الأنطاكى. روى عنه محمد بن مخلد الدوري.

وقال ابن أبي حاتم الرازي : سمع منه أبي بالري وبسامرا ، وسألته عنه فقال : لم يكن بصدوق.

أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر الحديث في : دلائل النبوة ٥ / ٤٨٨. وإتحاف السادة المتقين ٥ / ٣١٣. والعلل المتناهية ١ / ١٧٦. وكنز العمال ٣١٩٣٦.

(٣) ١٧٥٤ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٣٨ في المطبوعة.

١٠١

ابن مخلد حدّثنا محمّد بن الوليد القلانسي حدّثنا هارون بن مسلم الحنائى ـ أبو الحسين ـ حدّثنا همّام بن يحيى عن قتادة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة. قال : رآني أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال : يا بنى أللجمعة أم هو من جنابة؟ قلت : من جنابة. قال أعد غسلا آخر ، فإنى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى» (١).

حدّثنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطبري حدّثنا أبو الحسن الدّارقطنيّ قال : محمّد بن الوليد ـ يعنى ابن أبان المخرمى ـ ضعيف.

١٧٥٥ ـ محمّد بن الوليد بن أبان بن حيّان ، أبو الحسن العقيليّ المصري (٢) :

قدم بغداد وحدّث بها عن نعيم بن حمّاد ، وهاني بن المتوكل ، وهشام بن عمّار ، وهشام بن خالد ، روى عنه محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي ، وأحمد ابن الفضل بن خزيمة الكاتب ، وإسماعيل بن على الخطبي.

حدّثنا عبد الملك بن محمّد بن عبد الله الواعظ حدّثنا أحمد بن الفضل بن العبّاس ابن خزيمة حدّثنا محمّد بن الوليد بن أبان العقيلي أبو الحسن المصري حدّثنا هاني بن المتوكل الإسكندرانى قال قلت لحيوة بن شريح : أراك رجلا صالحا ، وأراك مأوى للخير ، وأراك تنتقل من مكان إلى مكان ، ولست أرى عليك أثر غنى بك. فقال : حيوة : ولم سألتنى عن هذا؟ فقلت : أردت أن ينفعني الله بك. فقال : حدّثني الوليد بن أبي الوليد عن شفى بن ماتع الأصبحى عن أبي هريرة. قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه‌السلام : أن يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان لئلا تعرف فتؤذى ، فو عزتي وجلالي لأزوجنك ألفى حوراء ، ولأولمن عليك أربعمائة عام» (٣).

قرأت في كتاب محمّد بن مخلد : سنة سبع وثمانين ومائتين فيها مات العقيلي.

* * *

__________________

(١) انظر الحديث في : مجمع الزوائد ٢ / ١٧٤. والسنن الكبرى للبيهقي ١ / ٢٩٩. والمستدرك ١ / ٢٨٢. وتفسير القرطبي ١ / ٤٩٧.

(٢) ١٧٥٥ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٣٩ في المطبوعة.

(٣) انظر الحديث في : المستدرك ٢ / ٦١٥. وميزان الاعتدال ٩١٩٨. واللسان ٦ / ٦٦٤. والأحاديث الضعيفة ٢٨٠. وكنز العمال ٤٣١٥٦.

١٠٢

ذكر من اسمه محمّد واسم أبيه وهب

١٧٥٦ ـ محمّد بن وهب بن يحيى بن العلاء ، أبو بكر الثّقفيّ المقرئ (١) :

حدّث عن أبي الوليد الطيالسي ، والربيع بن يحيى الأشناني ، وهدبة بن خالد القيسي ، وعبيد الله بن معاذ العنبريّ ، وإبراهيم بن الحسن ، ونصر بن الجهضمي. روى عنه محمّد بن مخلد الدوري ، وإسماعيل بن محمّد الصّفّار ، وأبو سعيد بن الأعرابى ـ ساكن مكة. حدّثنا على بن محمّد بن عبد الله المعدّل حدّثنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار حدّثنا محمّد بن وهب المقرئ الثقفي حدّثنا أبو الوليد حدّثنا سليمان بن كثير حدّثنا الزهري عن عروة عن عائشة. قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوحى إلى أنكم تفتنون في قبوركم» (٢).

حدّثني محمّد بن أبي الحسن حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر المصري حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد حدّثنا أبو بكر محمّد بن وهب بن يحيى بن أبي العلاء بن عبد الحكم بن عبيد بن هلال بن تميم بن جابر بن عبد الله الثقفي في مسجد رغبان ، كذا في الكتاب ـ والصواب ابن رغبان ، سنة خمس وستين ـ يعنى ومائتين ـ حدّثنا الربيع بن يحيى حدّثنا مالك بن مغول عن الشعبي : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) [آل عمران ١٨٧] قال العمل به.

١٧٥٧ ـ محمّد بن وهب ، أبو جعفر العابد (٣) :

كان ممن اشتهر بالصلاح والزهد وعرف بالتقلل والفقر ، وكان بينه وبين الجنيد بن محمّد مودة واختصاص ، والجنيد تولى دفنه حين مات.

أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى حدّثنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمى. قال : محمّد بن وهب البغداديّ كنيته أبو جعفر ، صحب أبا حاتم العطّار البصريّ ، ودخل البصرة بسببه غير مرة ، وصحب بها أبا على الذارع ، ومات ببغداد قرب السبعين ومائتين ، قبل أن أقعد الجنيد في المسجد الجامع ، وصلى عليه الجنيد ودفن بجنب السّري.

وقال أبو عبد الرّحمن. سمعت على بن عثمان يقول سمعت أحمد بن عطاء

__________________

(١) ١٧٥٦ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٠ في المطبوعة.

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٥٧ ، ٩ / ١١٦. وفتح الباري ١ / ١٨٢.

(٣) ١٧٥٧ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤١ في المطبوعة.

١٠٣

يقول سمعت الكثيرى يقول سمعت أبا سعيد الزيادي يقول : قال لي أبو جعفر محمّد بن وهب : دخلت البصرة فسألت عن منزل أبي حاتم العطّار ، فدققت الباب فقال من هذا؟ فقلت رجل يقول الله. ففتح الباب ووضع خده على الأرض وقال : بقي من يحسن أن يقول الله.

حدّثنا عبد العزيز بن أبي الحسن القرميسيني حدّثنا على بن عبد الله الهمذاني بمكة حدّثني عبد السلام بن محمّد حدّثني أحمد بن محمّد بن زياد. قال : كنت معتكفا في المسجد فبلغتنى علة محمّد بن وهب ، فصرت إليه عائدا. فرأيته بحال عظيمة من العلة ، وإذا امرأته أيضا عليلة ، فقال : ما تراني صانعا على هذه الحالة. وهذه المرأة عليلة؟ فأقمت عنده ذلك اليوم وكان به إسهال ، فدخل عليه شيران الرماني برمان ، فقال أطعمنى منه فأطعمته منه ، ثم جاء جنيد بن محمّد فسلم عليه ووضع عنده درهمين صحاحا أو ثلاثة. فلما خرج جنيد قال لي محمّد بن وهب : اشتر لي منها رغيفا أو رغيفين سميذا وكبدا واشوه لي عند صاحب خبز أرزه ، واشتر زيتا للسراج نسرجه الليلة ، واشتر لي صابونا لغسل هذه الخلقان ، ففعلت ذلك وانصرفت من عنده على أنى أغدو عليه والزمه ، فلما أصبحنا جئت إليه فأنا في بعض الطريق لقيني محمّد الحداد فقال لي : أين تريد؟ قلت إلى أبي جعفر محمّد بن وهب. قال : أجرك الله فيه ، مات البارحة.

١٧٥٨ ـ محمّد بن وهب بن هشام ، أبو عبد الله (١) :

أنبأني أحمد بن على اليزدي حدّثنا أبو أحمد الحافظ. قال : أبو عبد الله محمّد بن وهب بن هشام بغدادى ، سمع نصر بن على الجهضمي. كناه لنا أبو العبّاس محمّد ابن إسحاق الثقفي.

١٧٥٩ ـ محمّد بن وهب بن الجرّاح ، المعروف بابن أبي ترأس (٢) :

حدّث عن محمّد بن بشير الدعاء. والحسن بن حمّاد سجادة. وعلى بن مسلم الطوسي. روى عنه القاضي أبو الحسين عيسى بن حامد المعروف بابن القنبيطى.

حدّثنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه حدّثنا عيسى بن حامد بن بشر

__________________

(١) ١٧٥٨ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٢ في المطبوعة.

(٢) ١٧٥٩ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٣ في المطبوعة.

١٠٤

الرخجي حدّثنا محمّد بن وهب بن الجرّاح المعروف بابن أبي ترأس سنة إحدى وثلاثمائة حدّثنا الحسن بن حمّاد ـ سجادة الحضرمي ـ حدّثنا عطاء بن مسلم الخفاف عن العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. قال : قتل قتيل على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يدرى من قتله. فقام فحمد الله وأثنى عليه وقال : «يقتل قتيل وأنا فيكم؟ فو الذي نفس محمّد بيده لو أن أهل السموات وأهل الأرض اجتمعوا على قتل مؤمن أخذهم الله ، إلا أن يشاء ذلك» (١).

ذكر من اسمه محمّد واسم أبيه الورد

١٧٦٠ ـ محمّد بن الورد بن عبد الله ، أبو جعفر التّميميّ (٢) :

طبرى الأصل. وهو أخو يحيى بن الورد. حدّث عن أبيه ، وعن عبد الوهّاب بن عطاء ، والحسن بن بشر البجلي ، وعبد العزيز بن يحيى المديني. روى عنه الحسين بن محمّد بن عبيد العجل ، وعبد الله بن محمّد بن ناجية ، وغيرهما.

حدّثنا على بن طلحة المقرئ حدّثنا عمر بن محمّد بن على النّاقد حدّثنا عبد الله ابن محمّد بن ناجية حدّثنا محمّد بن ورد بن عبد الله حدّثنا أبو إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمّد عن أبي عقال عن أنس بن مالك : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاضتا عيناه ثم قال : «كأنى أنظر إلى سويقتى الحبشي يهتك البيت» (٣).

١٧٦١ ـ محمّد بن الورد بن زنجويه ، أبو جعفر (٤) :

سكن مصر وحدّث بها عن عفّان بن مسلم ، روى عنه أبو جعفر الطحاوي.

حدّثنا الصوري حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الأزديّ قال حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن مسرور حدّثنا أبو سعيد بن يونس. قال : محمّد بن الورد يكنى أبا جعفر بغدادى قدم مصر وكتب عنه ، وبها توفى يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلون من المحرم سنة اثنتين وسبعين ومائتين. قال : وهو جد أبي محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد بن الورد.

* * *

__________________

(١) انظر الحديث في : السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ٢٢.

(٢) ١٧٦٠ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٤ في المطبوعة.

(٣) انظر الحديث في : الكامل ، لابن عدي ٧ / ٢٥٧٨.

(٤) ١٧٦١ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٥ في المطبوعة.

١٠٥

ذكر من اسمه محمّد واسم أبيه واصل

١٧٦٢ ـ محمّد بن واصل ، أبو علي المقرئ (١) :

كان مؤدبا ببغداد. عالما بالنحو. وهو ممن قرأ على حمزة الزيّات. روى عنه القراءة أبو مسلم عبد الرّحمن بن واقد الواقديّ.

١٧٦٣ ـ محمّد بن واصل ، والد أبي العبّاس المقرئ ، وقيل : إن اسمه أحمد (٢) :

قرأ على على بن حمزة الكسائي. روى عن اليزيدي صاحب أبي عمرو. روى عنه ابنه أبو العبّاس.

* * *

ومن مفاريد الأسماء في هذا الحرف

١٧٦٤ ـ (٣) محمّد بن وصيف ، أبو جعفر السّامريّ (٤) :

حدّثنا أبو القاسم على بن الحسن بن محمّد بن المنتاب الدّقّاق وأبو محمّد الحسن ابن على بن محمّد الجوهري. قالا : نبأنا أبو الحسن على بن إبراهيم بن أحمد بن يزيد ابن أبي عزة العطّار حدّثني محمّد بن وصيف السّامرى ـ زاد الجوهري أبو جعفر ـ ثم اتفقا قالا : حدّثنا بكران بن سعيد قال حدّثني حفص بن واقد حدّثنا أبو سهل عن عمران العمى عن أبي سعيد الإسكندرى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما سكن حب الدّنيا قلب عبد قط إلا التاط منها بخصال ثلاث : أمل لا يبلغ منتهاه. وفقر لا يدرك غناه ، وشغل لا ينفك عناه»(٥).

١٧٦٥ ـ محمّد بن وشاح بن عبد الله ، أبو علي مولي أبي تمام الزينبي (٦) :

سمع عيسى بن على الوزير ، وأبا حفص بن شاهين ، وأبا طاهر المخلّص ، وكان سماعه منهم صحيحا وكان معتزليا. وكان كاتبا أديبا مترسلا شاعرا.

__________________

(١) ١٧٦٢ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٦ في المطبوعة.

(٢) ١٧٦٣ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٧ في المطبوعة.

(٣) ١٧٦٤ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٨ في المطبوعة.

(٤) السامري : هذه النسبة إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها سر من رأى (الأنساب ٧ / ١٤).

(٥) انظر الحديث في : كنز العمال ٦٢٨٥.

(٦) ١٧٦٥ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٤٩ في المطبوعة.

١٠٦

حدّثنا محمّد بن وشاح حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس حدّثنا عبد الله ابن محمّد البغوي حدّثنا أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني حدّثنا أبو شهاب عن إسماعيل عن قيس عن ابن مسعود. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» (١).

سألت أبا على بن وشاح عن مولده فقال : في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

مات محمّد بن وشاح ليلة الأحد ودفن في يوم الأحد لثلاث بقين من رجب سنة ثلاث وستين وأربعمائة في مقبرة جامع المنصور.

* * *

حرف الهاء [من آباء المحمّدين]

ذكر من اسمه محمّد واسم أبيه هارون

١٧٦٦ ـ محمّد أمير المؤمنين ، الأمين بن هارون الرشيد بن محمّد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، يكنى أبا عبد الله. ويقال : أبا موسى (٢) :

ولد برصافة بغداد ، كما حدّثنا الحسن بن أبي طالب حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي. قال : ولد الأمين بالرصافة سنة إحدى وسبعين ومائة. وأنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا محمّد ابن أحمد البراء. قال : الأمين ـ محمّد بن الرشيد ، وكنيته أبو موسى ـ ولد ببغداد بالرصافة. قال ابن البراء : استخلف ثم خلع بعد ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوما ، فمكث مخلوعا محبوسا إلى أن قتله طاهر بن الحسين بن مصعب ببغداد ، لست بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة (٣).

حدّثنا محمّد بن الحسين القطّان حدّثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدّثنا يعقوب بن سفيان. قال : واستخلف محمّد بن هارون في سنة ثلاث وتسعين ومائة في شهر ربيع الآخر.

__________________

(١) سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

(٢) ١٧٦٦ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٥٠ في المطبوعة.

انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٩ / ٢١٨ ـ ٢٢٤. وتاريخ الطبري ٨ / ٣٦٥ ـ ٣٧٣. والكامل لابن الأثير ٥ / ٣٥٩. والبداية والنهاية ١٠ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣. وتاريخ الموصل ص ٣١٤ ت ٣١٨.

(٣) هذا خطأ ، فإنه على هذا الحساب يكون سنة ٢٧ سنة.

١٠٧

حدّثنا على بن أحمد بن عمر المنقري حدّثنا على بن أحمد بن أبي قيس الرفاء حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا حدّثنا عبّاس بن هشام عن أبيه. قال : ولد محمّد بن هارون في شوال سنة سبعين ومائة ، وأتته الخلافة بمدينة السلام لثلاث عشرة بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة ، وقتل ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم ، قتله قريش الدندانى (١) وحمل رأسه إلى طاهر بن الحسين فنصبه على رمح وتلا هذه الآية : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) [آل عمران ٢٦]. وكانت ولايته أربع سنين وستة أشهر وثمانية أيام.

وأمه [زبيدة] (٢) أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور. وكان طويلا سمينا أبيض ويكنى أبا عبد الله.

أنبأنا الحسن بن أبي بكر حدّثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم حدّثنا أبو بكر عمر ابن حفص السدوسي حدّثنا محمّد بن يزيد. قال : واستخلف محمّد بن هارون المخلوع ـ قال أبو بكر السدوسي ـ : وهو الأمين في جمادى الآخرة لثلاث عشرة بقين من سنة ثلاث وتسعين ومائة. وقتل في المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، فكانت خلافته أربع سنين وستة أشهر وأربعة وعشرين يوما ، وقتل وله ثمان وعشرون سنة. وأمه أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر. قال أبو بكر السدوسي : وكنيته أبو عبد الله. أخبرني الحسن بن أبي طالب وباي بن جعفر الجيلي قال الحسن حدّثنا وقال باي أنبأنا ـ أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد بن يحيى حدّثنا المغيرة بن محمّد المهلّبى قال : رأيت عند الحسين بن الضّحاك الخليع جماعة من بنى هاشم فيهم بعض أولاد المتوكل ، فسألوه عن الأمين وأدبه ، فوصف الحسين أدبا كثيرا فقيل له : فالفقه ، فإن المأمون كان فقيها؟ فقال : ما سمعت فقها ولا حديثا إلا مرة واحدة ، فإنه نعى إليه غلام له بمكة فقال : حدّثني أبي عن أبيه عن المنصور عن أبيه عن على بن عبد الله ابن عبّاس عن أبيه. قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من مات محرما حشر ملبيا»(٣).

أخبرني أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا أبو على الحسين بن القاسم الكوكبي حدّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم أخبرني محمّد بن عبيد الله السّهيلى. قال : لما أتت الخلافة محمّد بن هارون خطب ببغداد فقال : أيها الناس إن المنون تراصد ذوى الأنفاس حتما من الله ، لا يدفع

__________________

(١) في الأصل : «الديداني» والتصحيح من الطبري.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٣) انظر الحديث في : إتحاف السادة المتقين ٧ / ٤٤٧. وكنز العمال ١١٨١١.

١٠٨

حلولها ، ولا ينكر نزولها ، فاسترجعوا قلوبكم عن الجزع على الماضي ، إلى البهج للباقي ، تعطوا أجور الصابرين ، وجزاء الشّاكرين.

أخبرني أبو القاسم الأزهرى حدّثنا عبيد الله بن محمّد البزّاز حدّثنا أبو بكر الصولي قال حدّثنا عون بن محمّد عن أبي محمّد عبد الله بن أيّوب الشّاعر قال أنشدت محمّدا ـ يعنى الأمين ـ أول ما ولى الخلافة :

لا بدّ من سكرة على طرب

لعلّ روحا يدال من كرب

فعاطنيها صهباء صافية

تضحك من لؤلؤ على ذهب

خليفة الله أنت منتخب

لخير أمّ من هاشم وأب

فأمر لي بمائتي ألف درهم ، صالحونى منها على مائة ألف درهم!

حدّثنا على بن أيّوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني حدّثنا الصولي حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلاد حدّثني محمّد بن عمرو الرومي. قال : خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب ، فأصابته رجمة في وجهه ، فجلس يبكى ، فوجه محمّد من جاء به وجعل يمسح الدم عن وجهه ، ثم قال :

ضربوا قرّة عيني

ومن أجلي ضربوه

أخذ الله لقلبي

من أناس أحرقوه

وأراد زيادة في الأبيات فلم يواته طبعه ، فقال للفضل بن الربيع : من هنا من الشعراء؟ قال : الساعة رأيت أبا محمّد عبد الله بن أيّوب التيمي. فقال : على به ، فلما دخل أنشده البيتين وقال : قل عليهما ، فقال :

ما لمن أهوى شبيه

فبه الدّنيا تتيه

وصله حلو ولكن

هجره مرّ كريه

من رأى النّاس له ال

فضل عليهم حسدوه

مثل ما حسد القا

ئم بالملك أخوه

فقال محمّد : أحسنت والله ، هذا خير مما أردت ، بحياتي يا عبّاسى إلا نظرت ، فإن كان جاء لي على الظهر ملأت أحمال ظهره دراهم. وإن كان جاء في زورق ملأته له. فأوقر له ثلاثة أبغل دراهم.

أخبرني أبو الحسن على بن عبد الله بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي حدّثنا محمّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ حدّثنا عبد الله بن خلف قال حدّثني عبد الله بن سفيان قال حدّثني أبو عبد الله

١٠٩

الخزاعي عن ابن مناذر الشّاعر. قال : دخل سليمان بن المنصور على محمّد الأمين فرفع إليه أن أبان واس هجاه ، وأنه زنديق كافر حلال الدم. وأنشده من أشعاره المنكرة أبياتا فقال : يا عم! اقتله بعد قوله :

أهدى الثّناء إلى الأمين محمّد

ما بعده بتجارة متربّص

صدق الثّناء على الأمين محمّد

ومن الثّناء تكذّب وتخرّص

قد ينقص القمر المنير إذا استوى

وبهاء نور محمّد لا ينقص

وإذا بنو المنصور عدّ حصاهم

فمحمّد ياقوتها المتخلّص

فغضب سليمان. وقال : والله لو شكوت من عبد الله ـ يعنى ابن الأمين ـ ما شكوت من هذا الكافر لوجب أن تعاقبه. فكيف منه! فقال : يا عم فكيف أعمل بقوله :

قد أصبح الملك بالمنى ظفرا

كأنّما كان عاشقا قدرا

قيّد أشطانه إلى ملك

ما عشق الملك قبله بشرا

حسبك وجه الأمين من قمر

إذا طوى اللّيل دونك القمرا

خليفة يعتني بأمّته

وإن أتته ذنوبها اغتفرا

حتّى لو اسطاع من محبّته

دافع عنها القضاء والقدرا

فازداد سليمان غضبا. فقال : يا عم كيف أعمل بقوله :

يا كثير النّوح في الدّمن

لا عليها بل على السّكن

سنّة العشّاق واحدة

فإذا أحببت فاستكن

ظنّ بي من قد كلفت به

فهو يجفوني على الظّنن

بات لا يعنيه ما لقيت

عين ممنوع من الوسن

رشأ لو لا ملاحته

خلت الدّنيا من الفتن

فاسقني كأسا على عذل

كرهت مسموعه أذني

من كميت اللّون صافية

خير ما سلسلت في بدن

ما استقرّت في فؤاد فتى

فدرى ما لوعة الحزن

مزجت من صوب غادية

حلّلتها الرّيح من مزن

تضحك الدّنيا إلى ملك

قام بالآثار والسّنن

يا أمين الله عش أبدا

دم إلى الأيّام والزّمن

أنت تبقى والفناء لنا

فإذا أفنيتنا فكن

سنّ للناس النّدى فندوا

فكأنّ البخل لم يكن

١١٠

قال : فانقطع سليمان عن الركوب. فأمر الأمين بحبس أبي نواس ، فلما طال حبسه كتب إليه هذه الأبيات واجتهد حتى وصلت إلى الأمين :

تذكّر أمين الله والعهد يذكر

مقامي وإنشاديك والنّاس حضّر

ونثري عليك الدّرّ يا درّ هاشم

فيا من رأى درّا على الدّر ينثر

أبوك الّذي لم يملك الأرض مثله

وعمّك موسى عدله المتخيّر

وجدّك مهديّ الهدى وشقيقه

أبو أمّك الأدنى أبو الفضل جعفر

وما مثل منصور يك منصور هاشم

ومنصور قحطان إذا عدّ مفخر

فمن ذا الّذي يرمي بسهميك في العلا

وعبد مناف والداك وحمير؟

تحسّنت الدّنيا بحسن خليفة

هو الصّبح إلّا أنّه الدّهر مسفر

أمين يسوس النّاس تسعين حجّة

عليه ، له منه رداء ومئزر

يشير إليه الجود من وجناته

وينظر من أعطافه حيث ينظر

مضت لي شهور مذ حبست ثلاثة

كأنّي قد أذنبت ما ليس يغفر

فإن أك لم أذنب؟ ففيم عقوبتي

وإن كنت ذا ذنب؟ فعفوك أكبر

فلما قرأ محمّد هذه الأبيات. قال : أخرجوه وأجيزوه ، ولو غضب ولد المنصور كلهم.

حدّثنا على بن أيّوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني محمّد بن يحيى قال : مما يروى لمحمّد الأمين. وشهر من شعره. أنشدنيه له جماعة. وأنشدته أبا عبد الله المعتز ، فلم يعرفه ثم قال لي بعد ذلك : قد وجدت الشعر عندي. قوله في خادمه كوثر ، وقد رفعت إليه الأخبار بأن الناس يلومونه فيه وفي ترك النظر في أمور الناس :

ما يريد النّاس من صب

ب بمن يهوى كئيب

ليس إن قيس خليّا

قلبه مثل القلوب

كوثر ديني ودنيا

ى وسقمي وطبيبي

أعجز النّاس الّذي يل

حي محبّا في حبيب

١١١

١٧٦٧ ـ محمّد أمير المؤمنين ، المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن محمّد المهدى بن عبد الله المنصور بن محمّد بن على بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، يكنى أبا إسحاق (١) :

وأمه أم ولد تسمى ماردة ، لم تدرك خلافته ، والمعتصم يقال له : الثماني.

لما حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا محمّد ابن أحمد بن البراء قال : المعتصم بالله أبو إسحاق محمّد بن الرشيد ولد بالخلد في سنة ثمانين ومائة في الشهر الثامن ، وهو ثامن الخلفاء ، والثامن من ولد العبّاس ، وفتح ثمانية فتوح ، وولد له ثمانية بنين ، وثماني بنات ، ومات بالخاقانى من سر من رأى. وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة. وخلافته ثماني سنين. وثمانية أشهر. ويومين.

حدّثنا الحسن بن أبي بكر حدّثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم حدّثنا عمر بن حفص السدوسي حدّثنا محمّد بن يزيد. قال : واستخلف أبو إسحاق محمّد بن هارون في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين.

أخبرني الحسين بن على الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى أخبرني الصولي حدّثني عون بن محمّد قال : رأيت المعتصم أول ركبة ركبها ببغداد وهو خليفة حين قدم من الشام وكان أول يوم من شهر رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين. وأحمد بن أبي دؤاد يسايره وهو مقبل عليه ما يسايره غيره.

حدّثنا أبو منصور باي بن جعفر الجيلي حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد بن يحيى حدّثنا محمّد بن سعيد الأصم حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن إسماعيل الهاشمي. قال : كان مع المعتصم غلام في الكتاب يتعلم معه. فمات الغلام فقال له الرشيد : يا محمّد مات غلامك. قال : نعم يا سيدي واستراح من الكتاب! قال الرشيد : وإن الكتاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟! دعوه إلى حيث انتهى ، ولا تعلموه شيئا قال : فكان يكتب كتابا ضعيفا ، ويقرأ قراءة ضعيفة.

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة النحوي. قال : وكان في المعتصم مناقب : منها ، أنه كان ثامن الخلفاء من بنى العبّاس. وثامن أمراء المؤمنين من ولد عبد المطّلب. وملك ثماني سنين. وثمانية

__________________

(١) ١٧٦٧ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٥١ في المطبوعة.

انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

١١٢

أشهر. وفتح ثمانية فتوح : بلاد بابك على يد الأفشين. وفتح عمورية بنفسه. والزط بعجيف. وبحر البصرة. وقلعة الأحراف. وأعراب ديار ربيعة. والشاري. وفتح مصر. وقتل ثمانية أعداء. بابك. ومازيار. وباطس ، ورئيس الزّنادقة ، والأفشين ، وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرافضة.

أنبأنا باي بن جعفر حدّث أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد بن يحيى حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي حدّثنا عبد الله بن الضّحاك الهدادى حدّثني هشام ابن محمّد الكلبيّ : أنه كان عند المعتصم في أول أيام المأمون ـ حين قدم المأمون بغداد ـ فذكر قوما بسوء السيرة. فقلت له : أيها الأمير إن الله تعالى أمهلهم فطغوا. وحلم عنهم فبغوا. فقال لي : حدّثني أبي الرشيد عن جدي المهدى عن أبيه المنصور عن أبيه محمّد بن على عن على بن عبد الله بن عبّاس عن أبيه : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظر إلى قوم من بنى فلان يتبخترون في مشيهم فعرف الغضب في وجهه ثم قرأ : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) [الإسراء ٦٠] فقيل له : أي الشجر هي يا رسول الله حتى نجتنبها؟ فقال : «ليست بشجرة نبات ، إنما هم بنو فلان. إذا ملكوا جاروا وإذا ائتمنوا خانوا» ثم ضرب بيده على ظهر العبّاس. قال : «فيخرج الله من ظهرك يا عم رجلا يكون هلاكهم على يديه».

حدّثنا أبو نعيم الحافظ حدّثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم القاضي بالأهواز حدّثنا محمّد بن نعيم حدّثنا حمدون بن إسماعيل حدّثنا أبي عن المعتصم عن المأمون عن الرشيد عن المهدى عن المنصور عن محمّد بن على بن عبد الله بن عبّاس عن أبيه عن ابن عبّاس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال : «لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروه فلا يلومن إلا نفسه» (١).

حدّثني أبو القاسم الأزهرى وعبيد الله بن على بن عبيد الله الرقى. قالا : حدّثنا عبيد الله بن محمّد المقرئ حدّثنا محمّد بن يحيى النديم حدّثنا عبد الواحد بن العبّاس بن عبد الواحد قال سمعت العبّاس بن الفرج يقول كتب ملك الروم إلى المعتصم كتابا يتهدده فيه ، فأمر بجوابه ، فلما قرئ عليه الجواب لم يرضه ، قال للكاتب : اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم أما بعد : فقد قرأت كتابك ، وسمعت خطابك ، والجواب ما ترى لا ما تسمع ، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٢٨١٥٨ ، ٢٨١٥٩. وتاريخ ابن عساكر ٤ / ٤٣٦.

١١٣

قلت : غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين فأنكى في العدو نكاية عظيمة ، ونصب على عمورية المجانيق ، وأقام عليها حتى فتحها ودخلها فقتل فيها ثلاثين ألفا ، وسبى مثلهم. وكان في سبيه ستون بطريقا. وطرح النار في عمورية من سائر نواحيها فأحرقها. وجاء ببابها إلى العراق. وهو باق حتى الآن منصوب على أحد أبواب دار الخلافة. وهو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر.

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة حدّثني عبد العزيز بن سليمان بن يحيى بن معاذ عن أبيه. قال : كنت أنا ويحيى ابن أكثم نسير مع المعتصم وهو يريد بلاد الروم قال : فمررنا براهب في صومعته ، فوقفنا عليه وقلنا : أيها الراهب ، أترى هذا الملك يدخل عمورية؟ فقال لا : إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى. قال : فأتينا المعتصم فأخبرناه فقال : أنا والله صاحبها ، أكثر جندي أولاد زنا ، إنما هم أتراك أعاجم.

أخبرني الحسين بن على الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى أخبرني على ابن هارون أخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه قال : ذكر ابن أبي دؤاد المعتصم يوما فأسهب في ذكره ، وأكثر من وصفه ، وأطنب في فضله ، وذكر من سعة أخلاقه ، وكرم أعراقه ، وطيب مركبه ، ولين جانبه ، وجميل عشرته ، ورضى أفعاله ، وقال قال لي يوما ، ونحن بعمورية ، ما تقول يا أبا عبد الله في البسر؟ فقلت : يا أمير المؤمنين نحن ببلاد الروم ، والبسر بالعراق! قال : وقد وجهت إلى مدينة السلام فجاءوني بكباستين ، وقد علمت أنك تشتهيه ، ثم قال : يا إيتاخ ، هات إحدى الكباستين. فجاء بكباسة بسر ، فمد ذراعه وقبض عليها بيده. وقال : كل بحياتي عليك من يدي ، فقلت : جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين ، بل بعضها فآكل كما أريد. قال لا والله إلا من يدي. فو الله ما زال حاسرا ذراعه ومادا يده وأنا أجتني من العذق حتى رمى به خاليا ما فيه بسرة. قال : وكنت كثيرا ما أزامله في سفره ذلك إلى أن قلت له يوما : يا أمير المؤمنين لو زاملك بعض مواليك وبطانتك ، فاسترحت منى إليهم مرة ومنهم إليّ أخرى ، فإن ذلك أنشط لقلبك ، وأطيب لنفسك ، وأشد لراحتك؟ قال : فإن سيتما الدمشقي يزاملنى اليوم ، فمن يزاملك أنت؟ قلت : الحسن ابن يونس قال : فأنت وذاك. قال : فدعوت بالحسن فزاملنى وتهيأ أن ركب بغلا ، واختار أن يكون منفردا ، قال وجعل يسير بسير بعيري ، فإذا أراد أن يكلمني رفع

١١٤

رأسه ، وإذا أردت أن أكلمه خفضت رأسى ، فانتهينا إلى واد لم نعرف غور مائه ، وقد خلّفنا العسكر وراءنا ، فقال لرحّالى : مكانك ، حتى أتقدم فأعرف غور الماء وأطلب قلته ، واتبع أنت مسيري. قال : وتقدم رجل فدخل الوادي وجعل يطلب قلة الماء وتبعه المعتصم ، فمرة ينحرف عن يمينه وأخرى عن شماله ، وتارة يمضى لسننه ، ونتبع أثره حتى قطعنا الوادي.

أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني علي بن عبد الله أخبرني الحسين ابن على بن العبّاس عن على بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافى قال : قال لنا ابن أبي دؤاد : كان المعتصم يخرج ساعده إلى ويقول يا أبا عبد الله عض ساعدي بأكثر قوتك ، فأقول والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك ، فيقول إنه لا يضرني فأروم ذلك ، فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلا عن الأسنان. وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره وكان شارع الميدان منتظما بالخيم فيها الجند ، فمر المعتصم بامرأة تبكى وتقول : ابني ابني. وإذا بعض الجند قد أخذ ابنها. فدعاه المعتصم وأمره أن يرد ابنها عليها فأبى ، فاستدناه فدنى منه ، فقبض عليه بيده ، فسمع صوت عظامه ، ثم أطلقه من يده فسقط وأمر بإخراج الصبى إلى أمه.

أخبرنا الأزهرى حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز قال حدّثنا علّان بن أحمد الرّزّاز حدّثنا على بن أحمد بن العبّاس الجاماسبى حدّثنا أبو الحسن الطويل قال سمعت عيسى بن أبان صدقة عن على بن يحيى المنجم قال : لما أن استتم المعتصم عدة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا ، وعلق له خمسون ألف مخلاة على فرس ، وبرذون. وبغل ، وذلل العدو بكل النواحي ، أتته المنية على غفلة فقيل إنه قال في حماه التي مات فيها : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) [الأنعام ٤٤] (١).

قلت : ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه ، وتأذى الناس به بنى المعتصم سر من رأى ، وانتقل إليها ، فسكنها بعسكره ، وسميت العسكر ، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.

حدّثنا على بن الحسين صاحب العبّاسى حدّثنا على بن الحسن الرازي حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدّثني جعفر بن هارون أخبرني أبي قال سمعت

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٢٨.

١١٥

المعتصم بالله يقول : اللهم إنك تعلم أنى أخافك من قبلي ولا أخافهم من قبلك ، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.

حدّثنا على بن أحمد بن عمر المقرئ حدّثنا على بن أحمد بن أبي قيس أنبأنا أبو بكر بن أبي الدّنيا. قال : المعتصم محمّد بن هارون بن محمّد ولد يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين ومائة ، وبويع يوم مات المأمون في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين ، ودخل ـ يعنى بغداد ـ على بغل كميت بسرج مكشوف ، وعليه قلنسوة لاطئة ، وسيف بمعاليق ، فأخذ على باب الشام حتى عبر الجسر ، ثم دخل من باب الرصافة. ومات المعتصم بسر من رأى يوم الخميس لتسع عشرة خلت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ، فكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر ويومين.

وكان المعتصم أبيض ، أصهب اللحية طويلها ، مربوعا مشرب اللون ، وأمه أم ولد يقال لها ماردة.

قلت : وكان لهارون الرشيد أولاد جماعة ، قيل أن اسم كل واحد منهم محمّد.

أنبأنا بذلك القاضي أبو العلاء محمّد بن على الواسطيّ قال قرأنا على الحسين بن هارون الضبي عن أبي العباس بن سعيد قال حدّثنا محمّد بن أحمد بن أبي عرابة حدّثنا محمّد بن حبيب عن هشام بن محمّد وغيره من أصحابه. قال : أبو العبّاس وأبو أحمد ، وأبو إسحاق ، وأبو عيسى ، وأبو يعقوب ، وأبو أيّوب ، [وأبو سليمان] (١) بنو هارون الرشيد بن محمّد المهدى وكل اسمه محمّد.

١٧٦٨ ـ محمّد بن هارون البغداديّ (٢) :

ذكر أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد فقال فيما.

حدثنا محمّد بن على المقرئ قال قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال : محمّد بن هارون البغداديّ سمع جريرا ، وهشيما ، وابن علية ، وهذه الطبقة. معروف الحديث. حدثنا عنه إبراهيم بن إسحاق الصواف وغيره.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) ١٧٦٨ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٥٢ في المطبوعة.

١١٦

١٧٦٩ ـ محمّد أمير المؤمنين المهتدي بالله بن هارون الواثق بالله بن أبي إسحاق المعتصم بالله ، يكنى أبا إسحاق ، ويقال : أبا عبد الله (١) :

ولد بالقاطول ، وكان منزله بسر من رأى. وأمه أم ولد يقال لها قرب. وكانت البيعة له بالخلافة بعد خلع المعتز بالله.

فأخبرنا عبد العزيز بن على الورّاق حدّثنا محمّد بن أحمد المفيد حدّثنا أبو بشر الدولابي أخبرني جعفر بن علي بن إبراهيم الهاشمي قال : خلع المعتز بالله الخلافة من نفسه يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين ، وبايع لمحمّد بن الواثق يوم الأربعاء ليوم بقي من رجب.

حدّثني الحسن بن أبي بكر حدّثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم حدّثنا عمر بن حفص السدوسي. قال : ودعى لمحمّد بن الواثق بالله المهتدى يوم الجمعة بسر من رأى أول يوم من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ولم يدع له ببغداد ، ودعى للمعتز ببغداد ، وقتل المعتز يوم السبت ليومين من شعبان ودعى لمحمّد بن الواثق المهتدى بالله في الجمعة الثانية ببغداد لثمان خلون من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وأمه أم ولد تسمى قرب.

حدّثنا عبد العزيز بن على حدّثنا محمّد بن أحمد المفيد حدّثنا أبو بشر الدولابي حدّثني القاسم بن عبد الجبار الهاشمي حدّثني على بن الحسن بن إسماعيل بن العبّاس الهاشمي : أن ميلاد المهتدى بالله سنة ثمان أو تسع عشرة ومائتين.

حدّثنا عبيد الله بن عمر الواعظ حدّثني أبي حدّثنا إسماعيل بن على أخبرني عبد الواحد بن المهتدى بالله أن أباه ولد يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الأول سنة تسع عشرة وتوفى وله من السن سبع وثلاثون سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام.

قلت : وقد قيل أيضا أنه ولد سنة خمس عشرة ومائتين.

حدّثنا على بن أحمد بن عمر المقرئ حدّثنا على بن أحمد بن أبي قيس حدّثنا ابن أبي الدّنيا قال : كان المهتدى أسمر رقيقا أجلى ، حسن اللحية أشيب ، حسن العينين ، يكنى أبا عبد الله.

قلت : وكان المهتدى بالله من أحسن الخلفاء مذهبا وأجملهم طريقة وأظهرهم ورعا وأكثرهم عبادة ، وروى عنه حديث واحد مسند.

__________________

(١) ١٧٦٩ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٥٣ في المطبوعة.

انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٢٠.

١١٧

أنبأناه محمّد بن أحمد بن رزق البزّار ومحمّد بن الحسين بن الفضل القطّان. قالا : حدّثنا محمّد بن عمر القاضي الحافظ حدّثنا محمّد بن الحسن بن سعدان المروزيّ حدّثنا محمّد بن عبد الكريم بن عبيد الله السّرخسيّ حدّثني المهتدى بالله أمير المؤمنين حدّثني على بن هاشم بن طبراخ عن محمّد بن الحسن الفقيه عن ابن أبي ليلى عن داود بن على عن أبيه عن ابن عبّاس. قال قال العبّاس : يا رسول الله ما لنا في هذا الأمر؟ قال : «لي النبوة ولكم الخلافة ، بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم» (١).

هذا آخر حديث ابن الفضل وزاد ابن رزق : قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للعبّاس : «من أحبك نالته شفاعتي ، ومن أبغضك فلا نالته شفاعتي».

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح حدّثنا على بن الحسن الجرّاحى حدّثنا محمّد بن أحمد القراريطي. قال قال لي عمى عبد الله بن إبراهيم الإسكافى : حضرت مجلس المهتدى وقد جلس للمظالم ، فاستعداه رجل على ابن له ، فأمر بإحضاره فأحضر وأقامه إلى جنب الرجل ، فسأله عما ادعاه عليه فأقر به ، فأمره بالخروج له من حقه ، فكتب له بذلك كتابا ، فلما فرغ قال له الرجل : والله يا أمير المؤمنين ما أنت إلا كما قال الشّاعر :

حكّمتموه فقضى بينكم

أبلج مثل القمر الزّاهر

لا يقبل الرّشوة في حكمه

ولا يبالي غبن الخاسر

فقال له المهتدي : أما أنت أيها الرجل فأحسن الله مقالتك ، وأما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت المصحف : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء ٤٧] فقال لي عمى : فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم.

حدّثنا عبد العزيز بن على حدّثنا محمّد بن أحمد المفيد حدّثنا أبو بشر الدولابي أخبرني أبو موسى العبّاسى. قال : لم يزل المهتدى صائما منذ جلس للخلافة إلى أن قتل.

حدّثنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري قال حدّثني بعض الشيوخ ممن شاهد جماعة من العلماء ، وحافظ كثيرا من الرؤساء ـ أن هاشم بن القاسم الهاشمي حدثه.

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٣٣٤٣٨ ، ٣٧٣١٢. وتاريخ ابن عساكر ٧ / ٢٤٧.

١١٨

قال المعافى : وقد حدّث هاشم هذا حديثا كثيرا وكتبنا عنه إلا أن هذه الحكاية حدّثني بها هذا الشيخ الذي قدمت ذكره.

قال أبو العبّاس هاشم بن القاسم : كنت بحضرة المهتدى عشية من العشايا ، فلما كادت الشمس تغرب ، وثبت لأنصرف ـ وذلك في شهر رمضان ـ فقال لي : اجلس. فجلست ثم إن الشمس غابت وأذن المؤذّن لصلاة المغرب وأقام ، فتقدم المهتدى فصلى بنا ، ثم ركع وركعنا ودعا بالطعام فأحضر طبق خلاف وعليه رغف من الخبر النقي وفيه آنية في بعضها ملح ، وفي بعضها خل ، وفي بعضها زيت. فدعاني إلى الأكل فابتدأت آكل معذرا ظانا أنه سيؤتى بطعام له نيقة ، وفيه سعة. فنظر إلى وقال لي : ألم تك صائما؟ قلت بلى. قال : أفلست عازما على صوم غد؟ فقلت : كيف لا وهو شهر رمضان؟! فقال : فكل واستوف غداءك فليس هاهنا من الطعام غير ما ترى. فعجبت من قوله ، ثم قلت : والله لأخاطبنه في هذا المعنى ، فقلت : ولم يا أمير المؤمنين وقد أسبغ الله نعمه ، وبسط رزقه ، وكثر الخير من فضله؟ فقال : إن الأمر لعلى ما وصفت فالحمد لله ، ولكنني فكرت في أنه كان في بنى أميّة عمر بن عبد العزيز وكان من التقلل والتقشف على ما بلغك ، فغرت على بنى هاشم أن لا يكون في خلفائهم مثله ، فأخذت نفسي بما رأيت.

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح أنبأنا أحمد بن إبراهيم البزّاز حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ـ وذكر المهتدى ـ فقال حدّثني بعض الهاشميين أنه وجد له سفط فيه جبة صوف وكساء وبرنس كان يلبسه بالليل ويصلى فيه ، وكان يقول : أما يستحى بنو العبّاس أن لا يكون فيهم مثل عمر بن عبد العزيز؟! وكان قد اطّرح الملاهي ، وحرم الغناء ، والشراب ، وحسم أصحاب السلطان عن الظلم ، وضرب جماعة من الرؤساء ، وكان مع حسن مذهبه وإيثار العدل شديد الإشراف على أمر الدواوين والخراج ، يجلس بنفسه في الحسبانات ولا يخل بالجلوس يوم الاثنين والخميس والكتاب بين يديه.

حدّثنا الحسن بن أبي بكر حدّثنا عيسى بن موسى بن أبي محمّد بن المتوكل على الله حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان حدّثني العبّاس بن يعقوب حدّثني أحمد بن سعيد الأموى. قال : كانت لي حلقة وأنا بمكة أجلس فيها في المسجد الحرام ويجتمع

١١٩

إلى فيها أهل الأدب ، فإنا يوما لنتناظر في شيء من النحو والعروض وقد علت أصواتنا ـ وذلك في خلافة المهتدى ـ إذ وقف علينا مجنون أشار إلينا ثم قال :

أما تستحون الله يا معدن الجهل

شغلتم بذا والنّاس في أعظم الشّغل

إمامكم أضحى قتيلا مجدلا

وقد أصبح الإسلام مفترق الشّمل

وأنتم على الأشعار والنّحو عكّفا

تصيحون بالأصوات في است أمّ ذا العقل

فانصرف المجنون وتفرقنا وقد أفزعنا ما ذكره المجنون وحفظنا الأبيات ، فخبرت بذلك إسماعيل بن المتوكل فحدث به قبيحة أم المعتز بالله فقالت : إن لهذا لنبأ ، فاكتبوا هذه الأبيات ، وأرخوا هذا اليوم ، وطووا هذا الخبر عن العامة. ففعلنا ، فلما كان يوم الخامس عشر ورد الخبر من مدينة السلام بقتل المهتدى.

حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء. قال : وبقي المهتدى بن الواثق إلى أن خلع بسر من رأى يوم الأحد لأربع عشرة خلت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين ، أحد عشر شهرا وستة عشر يوما ، وكان عمره إحدى وأربعين سنة.

حدّثنا على بن أحمد بن عمر المقرئ حدّثنا على بن أحمد بن أبي قيس حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا. قال : المهتدى كانت خلافته أحد عشر شهرا وسبعة عشر يوما.

أخبرني الحسن بن أبي بكر حدّثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم حدّثنا عمر بن حفص السدوسي. قال : وقعت الفتنة بسر من رأى في يوم الأحد مع الزوال ، وخرج المهتدى فحاربهم ، فجرح وصار في يدي الأتراك ، فمكث بقية يومه ويوم الاثنين ، ثم قتل وصلى عليه يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقين من رجب.

١٧٧٠ ـ محمّد بن هارون بن إبراهيم ، أبو جعفر ويعرف بأبي نشيط الرّبعيّ (١):

سمع : روح بن عبادة ، ويحيى بن أبي بكر ، ومحمّد بن يوسف الفريابي ، وأبا المغيرة عبد القدوس بن الحجّاج ، والحكم بن نافع الحمصيين ، وعمرو بن الربيع بن

__________________

(١) ١٧٧٠ ـ هذه الترجمة برقم ١٤٥٤ في المطبوعة.

انظر : تهذيب الكمال ٥٦٦١ (٢٦ / ٥٦٠). والمنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ١٤٧. والجرح والتعديل ٨ / الترجمة ٥٢٥. وثقات ابن حبان ٢ / ١٢٢. وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٢٤. وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ٥. وتاريخ الإسلام ، الورقة ٢٨٢ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧). وغاية النهاية ٢ / ٢٧٢. وتهذيب التهذيب ٩ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤. والتقريب ٢ / ٢١٣. وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٦٧١١.

١٢٠