تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

فحدثني عبد الملك بن شبيب ، عن أبي وهب ، عن عطية بن قيس قال :

لما مر بجنازة المسور بن مخرمة (١) يوم جاءهم نعي يزيد بن معاوية ، ترك أهل الشام القتال وسلّموا الأمر ، وكلّموا ابن الزبير أن يطوفوا بالبيت وينصرفوا ، فأبى ابن الزبير.

٤٢٣٤ ـ عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله

ابن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف

أبو عبد الرّحمن الهاشمي (٢)

وكانت أمّه أمة لمروان بن محمّد فشراها أبوه صالح ، ويقال : إنها كانت حملت من مروان والي دمشق من قبل هارون الرشيد.

استعمله بعد السندي بن شاهك ، ثم حبسه خشية وثوبه على الخلافة ، ثم أطلقه الأمين وولّاه الشام والجزيرة سنة أربع وتسعين ، وولي المدينة والصوائف في أيام الرشيد.

روى عن : أبيه ، وعمّه سليمان بن علي ، ومالك بن أنس.

روى عنه : ابنه : علي بن عبد الملك ، وفليح بن إسماعيل ، وعبد الله بن عمرو الأسدي ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي.

أنبأنا علي (٣) بن محمّد بن العلّاف.

ح (٤) وأخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف.

قالا : أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد ، أنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، نا أبو يوسف الزهري يعقوب بن عيسى ، نا الزبير بن بكار ، نا

__________________

(١) مات سنة ٧٣ خلال حصار الجيش الذي أرسل لقتال ابن الزبير ، وكان المسور بن مخرمة قد انحاز إلى مكة معه ، وقد أصابه حجر منجنيق (انظر سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٩١).

(٢) انظر أخباره في :

تاريخ الطبري (الفهارس) ، الكامل لابن الأثير بتحقيقنا (الفهارس) جمهرة ابن حزم ص ٣٦ والمعارف ص ٣٧٥ وفيات الأعيان ٣ / ٣٠ فوات الوفيات ٢ / ٣٩٨ النجوم الزاهرة ٢ / ٩٠ سير أعلام النبلاء ٩ / ٢٢١ وولاة دمشق للصفدي ص ٧٤ ، وتحفة ذوي الألباب للصفدي ١ / ٢٣٦.

(٣) من قوله : ومالك ... إلى هنا سقط من م.

(٤) «ح» حرف التحويل سقط من م.

٢١

محمّد بن عيسى بن بكّار ، عن فليح بن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، عن عبد الملك بن صالح ، عن عمه سليمان بن علي ، عن عكرمة ، قال :

إنّا لمع عبد الله بن عبّاس عشية عرفة ، إذ أقبل فتية أدمان يحملون فتى أدم من بني عذرة ، قد بلي بدنه ، وكانت له حلاوة وجمال ، حتى وقفوه بين يديه ، ثم قالوا : استشف لهذا يا ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : وما به؟ قال : فترنّم الفتى بصوت ضعيف خفي لا يبين ، وهو يقول :

بنا من جوى (١) الأحزان والحبّ لوعة

تكاد لها نفس الشّفيق تذوب

ولكنما أبقى حشاشة معول

على ما به ، عود هناك صليب

وما عجب موت المحبّين في الهوى

ولكن بقاء العاشقين عجيب

ثم شهق شهقة ، فمات.

قال عكرمة : فما زال ابن عباس بقية يومه يتعوّذ بالله من الحبّ.

رواه عبد الله بن شبيب ، عن محمّد بن عيسى ، عن فليح ، فقال : عن عبد الله بن صالح ، وقد تقدم في ترجمة عبد الله بن صالح.

أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (٢) ، نا أبو الحسين محمّد بن علي بن محمّد ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم ، نا محمّد بن سعيد بن (٣) عبد الرّحمن القشيري ، نا موسى بن عيسى بن بحر ، نا حكيم بن سيف قال :

ذكر عبيد الله (٤) بن عمرو ذات يوم وكان عنده داود بن كثير ، فقال : من آل محمّد؟ فقال عبيد الله كل من آمن بمحمّد ، قال عبيد الله : كنا عند عبد الملك بن صالح فقال : يا عبيد الله من آل محمّد؟ قلت : كلّ من آمن بمحمّد ، قال : فقال كذاك قال مالك بن أنس.

قال : وسمعت عبيد الله بن عمرو قال : قال عبد الملك بن صالح : العاملين عليها ، قلت : ليس لكم فيها شيء ، قدم علينا عبد الله (٥) بن محمّد بن عقيل ، فأتيناه بمال قد جمعناه

__________________

(١) بالأصل : «حرى الأخوان»؟ والمثبت عن م.

(٢) في الأصل : «المرزفي» وفي م : «المررقي» كلاهما تصحيف ، والصواب ما أثبت ، مرّ التعريف به.

(٣) بالأصل : «عن» تصحيف ، وفي م : «ثنا مالك سعد بن عبد الرحمن القشيري» والصواب ما أثبت ، وهو صاحب تاريخ الرقة ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٣٥.

(٤) في م : عبد الله.

(٥) في م : محمد بن عبد الله بن عقيل.

٢٢

له فقال : أصدقه أم صلة؟ قال : قلنا : صدقة ، قال : إنّ الصدقة لا تحلّ لنا أهل البيت.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، أخبرني أحمد بن عيسى ، نا مساور بن شهاب ، قال : قال إسحاق (١) بن سليمان : وفي سنة سبع وسبعين ومائة عزل هارون الرشيد السّندي بن شاهك عن دمشق ، واستعمل مكانه عبد الله (٢) بن صالح ، وفيها انقضى أمر أبي الهيذام (٣) ، وتوارى واستقام أمر دمشق ، ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائة وعلى كور دمشق عبد الله (٤) بن صالح ، قال : فبلغ هارون الرشيد أنه يريد الخروج عليه بدمشق ، فعزله وأشخصه إلى العراق.

قال : وكتب إلي هارون الرشيد قبل أن أشخصه :

أخلائي لي شجو وليس لكم شجو

وكل امرئ من شجو صاحبه خلو

من أيّ نواحي الأرض أبغي رضاكم

وأنتم أناس ما لمرضاتكم نحو

فلا حسن نأتي به تقبلونه

ولا إن أسأنا كان عندكم عفوا

قال : فأوصلها إليّ حسين الخادم.

فقال هارون : والله لئن كان قالها لقد أحسن ، وإن كان رواها لقد أحسن.

قال إسحاق بن سليمان : ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومائة وفيها عزل عبد الملك بن صالح عن دمشق واستعمل مكانه إسحاق بن عيسى (٥).

وقرأت بخط أبي الحسين ، أنا أحمد بن عيسى ، نا مساور بن شهاب (٦) ، قال : قال إسحاق بن سليمان : إن عبد الملك بن صالح لما ودّعه الرشيد في وجهه إلى الشام قال له الرشيد : ألك حاجة؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين بيني وبينك بيت يزيد بن الدسة حيث يقول :

فكوني على الواشين لدى شعبه

كما أنّ للواشي ألدّ شعوب

__________________

(١) في م : سليمان.

(٢) كذا بالأصل وم هنا «عبد الله»؟ والخبر في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٣٧ من طريق إسحاق وفيه : عبد الملك.

(٣) انظر أخباره في الكامل لابن الأثير بتحقيقنا (حوادث سنة ١٧٦) وانظر الأعلام للزركلي ٤ / ٢٣.

(٤) كذا بالأصل وم «عبد الله»؟ انظر الحاشية السابقة.

(٥) هو إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس ، أبو الحسن الهاشمي ، أخباره في الوافي بالوفيات ٨ / ٤٢ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٢٣٧.

(٦) عن م وبالأصل : أحمد.

٢٣

قال : وبعث الرشيد إلى يحيى بن خالد بن برمك أن عبد الملك بن صالح أراد الخروج عليّ ومنازعتي في الملك ، وقد علمت ذلك ، فأعلمني ما عندك فيه ، فإنّك إن صدقتني أعدتك إلى حالك الأول ، وكان يحيى في الحبس ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما اطلعت من عبد الملك على شيء من هذا ، ولو اطّلعت عليه لكنت صاحبه دونك لأنّ ملكك كان ملكي ، وسلطانك كان سلطاني ، والخير والشرّ كان فيه عليّ ، وكيف يجوز لعبد الملك أن يطمع في ذلك منّي ، وهل كنت إذا فعلت به ذلك لفعل بي أكثر من فعلك ، أعيذك بالله أن تظنّ بي هذا الظن ، ولكنه كان رجلا محتملا ، فسرّني أن يكون في أهلك مثله ، فوليته لما حمدت من (١) وصلت إليه لأدبه واحتماله.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٢).

قال في تسمية عمال المهدي قال : ووليها ـ يعني الجزيرة ـ عبد الملك بن صالح مرتين.

قال (٣) : وأقام الصائفة ـ يعني سنة ثلاث وسبعين ـ عبد الملك بن صالح بن علي.

ولم (٤) تكن صائفة ـ يعني سنة أربع وسبعين ومائة ـ غير أن عبد الملك بن صالح وجّه ابنه عبد الرّحمن بن عبد الملك بن صالح فبلغ عقبة الرّكاب (٥) ، فأصاب سبيا وخرثيا.

وفيها (٦) ـ يعني سنة خمس وسبعين ومائة ـ غزا عبد الملك بن صالح الروم وهي غزاة أقراطية (٧) في أهل الثغور جميعا فأدرب من الصفصاف ، وأصاب سبعة عشر ألف رأس ، وقفل على درب الحدث.

ولم (٨) يكن صائفة ـ يعني سنة ست وسبعين ومائة ـ وبعث عبد الملك بن صالح إلى مخلد بن يزيد بن عمر بن هبيرة يأمره أن يسير إلى دبسة (٩) حتى يأتيه عبد الرّحمن بن عبد الملك بن صالح ، فأتاها عبد الرّحمن بن عبد الملك ففتحها ، وله حديث طويل بوقعتها.

وولّى ـ يعني هارون ـ المدينة عبد الملك بن صالح بن علي ثم عزله ، وولى محمّد بن

__________________

(١) كلمة غير مقروءة بالأصل وم.

(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٤١.

(٣) المصدر السابق ص ٤٤٩.

(٤) المصدر السابق ص ٤٤٩.

(٥) عقبة الركاب قرب نهاوند (معجم البلدان).

(٦) تاريخ خليفة ص ٤٤٩.

(٧) تاريخ خليفة : أقريطية.

(٨) تاريخ خليفة ص ٤٤٩.

(٩) إعجامها مضطرب بالأصل وم ، والمثبت عن تاريخ خليفة.

٢٤

عبد الله بن سليمان بن محمّد بن عبد المطّلب بن ربيعة.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره ، قالوا : أنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ ، قال :

استخلف هارون بن محمّد فغزا في سنة إحدى وسبعين ابن الأصم (١) ، وفي سنة اثنتين وسبعين ومائة عبد الملك بن صالح ، ولم يكن للناس صائفة (٢) حتى غزا القاسم بن هارون أمير المؤمنين سنة ثمان وثمانين ومائة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا الحسين بن الحسن السكري ، نا محمّد بن سلّام الجمحي ، قال :

أوصى عبد الملك بن صالح لأمير السرية ببلاد الروم فقال : أنت تاجر الله لعباده ، فكن كالمضارب الكيّس الذي إن وجد ربحا تجر ، وإلّا احتفظ برأس المال ، ولا تطلب الغنيمة حتى تجوز السلامة ، وكن من احتيالك على عدوّك أشدّ خوفا من احتيال عدوّك عليك.

كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمّد بن عمر ، نا محمّد بن المنذر ، حدثني أحمد بن إبراهيم الحدثي ، نا عروة بن مروان ، أخبرني الخطّاب صاحب لنا ، قال :

رأيت الجفان (٣) بأرض الروم على رءوس الشرط فيها الكعك والسويق والتمر ، فقلت : لأتبعنّها حتى أنظر إلى من يذهب بها ، قال : فجيء بها إلى رحل ابن المبارك فقالوا : بعث بها عبد الملك ، فسمعته يقول للشرط : انطلقوا ، لا حاجة لنا فيها ، فردّها.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، قال (٤) :

سنة اثنتين وسبعين ومائة فيها عزل إسحاق بن سليمان عن المدينة ، وولي عبد الملك بن صالح.

__________________

(١) هو سليمان بن عبد الله الأصم ، انظر تاريخ خليفة ص ٤٤٨.

(٢) كذا بالأصل ويفهم من عبارة خليفة في تاريخه أنه كان للناس صائفة عام ١٧٣ و ١٧٧ و ١٨٧.

(٣) الجفان ، الواحدة جفنة ، وهي القصعة الكبيرة.

(٤) الخبر في المعرفة والتاريخ ١ / ١٦٢.

٢٥

أنبأنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، عن أبي تمّام الواسطي ، عن أبي الحسن الدار قطني ، أنا الحسن بن رشيق ـ إجازة ـ نا يموت بن المزرّع [ثنا](١) خالي عمرو بن بحر الحافظ ، قال : قال لي عبد الرّحمن مؤدب ولد عبد الملك بن صالح : قال لي عبد الملك بعد أن خصني وصيرني وزيرا بدلا من قمامة : يا عبد الرّحمن لا تطرني في وجهي ، فأنا أعلم بنفسي منك ، ولا تعنّي (٢) على ما يقبح ، ودع عنك : كيف أصبح الأمير ، وكيف أمسى الأمير؟ واجعل مكان التقريظ (٣) لي صواب الاستماع مني (٤) ، واعلم أن صواب الاستماع (٥) أحسن من صواب القول ، فإذا حدثتك حديثا فلا يفوتنك منه شيء ، وأرني فهمك في طرفك ، إنّي اتّخذتك مؤدبا بعد أن كنت معلّما ، وجعلتك جليسا مقرّبا بعد أن كنت مع الصبيان مباعدا ، ومتى لم تعرف (٦) نقصان ما خرجت منه لم تعرف رجحان ما صرت إليه.

أخبرنا أبو الحسن السّلمي الفقيه ، نا أبو الحسن علي بن غنائم المصري ـ لفظا ـ بدمشق ، أنا أبو خازم (٧) محمّد بن الحسين (٨) ، أنا الحسن بن أحمد ، نا أبو سهل أحمد بن محمّد بن زياد ، حدثني حمزة بن نصير ، حدثني أبو بكر القلوسي ، نا حمّاد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، عن أبيه ، عن جده ، قال :

كنت بين يدي هارون الرشيد والناس يعزّونه في ابن له توفي في الليل ، ويهنئونه في آخر ولد له في تلك الليلة ، فدخل عبد الملك بن صالح الهاشمي فقال له الفضل بن الربيع : عزّ أمير المؤمنين في ابن له توفي في هذه الليلة ، وهنّه بآخر ولد فيها ، فقال عبد الملك بن صالح : يا أمير المؤمنين آجرك الله فيما ساءك ، ولا ساءك فيما سرّك ، وجعل هذه بهذه جزاء للشكر ، وثوابا للصابر.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٩) ، أنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا العباس (١٠) بن الفضل

__________________

(١) سقطت من الأصل وأضيفت عن م.

(٢) الأصل : «تغيبني» وبدون إعجام في م.

(٣) تقرأ بالأصل وم : «التعريض» والمثبت عن المختصر ١٥ / ١٩٦.

(٤) ما بين الرقمين سقط من م.

(٥) ما بين الرقمين سقط من م.

(٦) الأصل : يعرف.

(٧) الأصل وم : حازم ، بالحاء المهملة ، تحريف.

(٨) في م : «الحسن» تصحيف ، وهو : محمد بن محمد بن الحسين ، أبو خازم بن الفراء ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٦٠٤.

(٩) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٤ / ٢٩.

(١٠) الأصل : «نا أبو علي ، نا العباس» وفي م : «الكوكبي أبو علي ، نا العباس» والذي أثبتناه يوافق عبارة الجليس الصالح.

٢٦

الرّبعي ، نا إسحاق الموصلي ، قال : كان جعفر بن يحيى يقول لإخوانه :

لا يشغلني عنكم إلّا ما يشغلني عن نفسي ، فإذا تخلّيت من الخدمة فإليكم أرجع ، فإنّ السلطان لا يبقى لي ، وأنتم تبقون لي ما بقيت لكم ، تعالوا نتفرج يومنا هذا ، فنتضمخ بالخلوق ، ونلبس ثياب الحرير ، ونفعل ونفعل ، فأجابه إخوانه وصنعوا ما صنع ، وتقدّم إلى حاجبه في حفظ الباب إلّا من عبد الملك بن بجران (١) كاتبه ، فوقع في أذن الحاجب عبد الملك ، وبلغ عبد الملك بن صالح مقام جعفر في منزله ، فركب ، فوجد الحاجب عبد الملك قد حضر ، فقال : يؤذن له وهو يظن ابن بجران (٢) ، فدخل عبد الملك في سواده ، ورصافيته ، فلما رآه جعفر اسودّ وجهه ، وكان عبد الملك لا يشرب النبيذ ، وهو كان سبب موجدة الرشيد عليه ، فوقف عبد الملك ودعا غلامه فناوله قلنسوته وسواده ، وقال : افعلوا بنا ما فعلتم بأنفسكم ، ففعل ودعا برطل فشرب وقال : جعلني الله فداك ، والله ما شربته قبل اليوم ، فإن رأيت أن تأمر بالتخفيف ، فدعا برطلية فوضعت بين يديه ، وجعل كلّما فعل من ذلك شيئا سرّي عن جعفر ، فلما أراد الانصراف قال له جعفر : سل حاجتك فيما تحيط به مقدرتي مكافأة لما صنعت.

قال : إنّ في قلب أمير المؤمنين هنة فنسأله الرضا عني رضى صرفا ، قال : قد رضي عنك ، قال : وعليّ أربعة ألف ألف درهم دين (٣) تقضيها عنّي ، قال : والله إنّها عندي لحاضرة ولكن تقضى من مال أمير المؤمنين فإنه أنبل لك وأحبّ إليك ، قال : وإبراهيم ابني أحبّ أن أشد ظهره بصهر من أولاد الخلافة ، قال : فقد زوّجه أمير المؤمنين ابنته العالية ، قال : وأحبّ أن يخفق اللواء على رأسه ، قال : قد ولّاه أمير المؤمنين بلاد مصر ، وانصرف عبد الملك ونحن نتعجب من إقدام جعفر على قضاء حوائجه من غير استئذان ، وقلنا : لعله يجاب إلى ما سأل ، فكيف بالتزويج ، فلما كان من الغد وقفنا بباب الرشيد ودخل جعفر ، فلم يلبث أن دعي بأبي يوسف القاضي ، ومحمّد بن الحسن ، وإبراهيم بن عبد الملك ، فخرج إبراهيم وقد خلع عليه ، وغفر له وزوّج ، وحملت البدر إلى منزل عبد الملك ، وخرج جعفر فأشار إلينا باتّباعه ، ثم قال لنا : تعلّقت قلوبكم بأوّل عبد الملك فأحببتم علم آخره ، إنّي لمّا دخلت على أمير المؤمنين سألني عن خبر يومي فأخبرته حتى انتهيت إلى خبر عبد الملك فجعل يقول :

__________________

(١) الأصل : نجران ، وفي م بدون إعجام وفوقها ضبة ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) الأصل : نجران ، وفي م بدون إعجام وفوقها ضبة ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) الجليس الصالح : «دينا» وفي م كالأصل.

٢٧

أحسن والله ، فقال : هذا ما صنع ، فإذا صنعت أنت به؟ فأخبرته أنّي حكّمته فاحتكم وضمنت له قضاء حوائجه ، فقال لي : أحسنت ودعا بما رأيتم (١) حتى استتم له كما سأل.

قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن بن السّمسار ، أنا أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع (٢) ، نا الرياشي ـ يعني العباس بن الفرج ـ نا الأصمعي ، قال :

كنت عند الرشيد ودعا بعبد الملك بن صالح ، وكان معتقلا في حبسه ، فأقبل يرفل (٣) في قيوده ، فلما مثل بين يديه التفت الرشيد وقد كان يحدث يحيى بن خالد بن برمك وهو يتمثل ببيت عمرو بن معدي كرب الزّبيدي الذي تمثّل به علي بن أبي طالب (٤) :

أريد حباءه (٥) ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

ثم قال : يا عبد الملك كأنّي والله أنظر إلى شؤبوبها (٦) قد همع (٧) ، وإلى عارضها قد لع وكأني بالوعيد قد أورى نارا ، فأبرز عن براجم (٨) بلا معاصم ، ورءوس بلا غلاصم (٩). فمهلا مهلا بني هاشم ، فيّ (١٠) ، والله سهّل لكم الوعر ، وصفّى لكم الكدر ، وألقت إليكم الأمور أزمتها (١١) ، فبدار تدرككم (١٢) من حلول داهية أو خبوط باليد والرجل.

فقال عبد الملك : أتكلم (١٣) يا أمير المؤمنين؟ قال : قل ، قال (١٤) : اتّق الله يا أمير المؤمنين فيما ولّاك ، واحفظه (١٥) في رعاياك التي استرعاك ، ولا تجعل الكفر موضع الشكر ، والعقاب بموضع الثواب ، فقد والله سهّلت لك الوعور ، وجمعت على خوفك ورجائك

__________________

(١) الأصل وم : رأيت ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) الخبر من طريقه في مروج الذهب ٣ / ٤٢٠.

(٣) أي يجرّ.

(٤) شعر عمرو بن معدي كرب ٩٢.

(٥) في م : حياته.

(٦) الشؤبوب : الدفعة القوية من المطر.

(٧) همع : سال وانصبّ.

(٨) البراجم : المفاصل ، والبرجمة : مفصل الإصبع.

(٩) الغلاصم : جمع غلصمة ، وهي اللحم بين الرأس والعنق.

(١٠) كذا بالأصل ، وفي م : «فتى» وفي المختصر ١٥ / ١٩٦ «فبي» واللفظة سقطت من مروج الذهب.

(١١) ما بين الرقمين مضطرب بالأصل والعبارة فيه : «اثنا ان متمنا فتداز تدارككم».

(١٢) ما بين الرقمين مضطرب بالأصل والعبارة فيه : «اثنا ان متمنا فتداز تدارككم».

(١٣) ما بين الرقمين في مروج الذهب :

أفذا أتكلم أم توأما؟ فقال : توأما. فقال :.

(١٤) ما بين الرقمين في مروج الذهب :

أفذا أتكلم أم توأما؟ فقال : توأما. فقال :.

(١٥) مروج الذهب : وراقبه.

٢٨

الصدور ، وشددت أواخي (١) ملكك بأوثق من ركن يلملم (٢) وكنت كما قال أخو بني جعفر بن كلاب ـ يعني لبيد ـ (٣) :

ومقام ضيّق فرّجته

ببيان (٤) ولسان وجدل

لو يقوم الفيل أو فيّاله

زلّ عن مثل مقامي ورجل (٥)

فأعاده إلى محبسه ، ثم أقبل على جلسائه ، فقال : والله لقد نظرت إلى موضع السيف من عنقه مرارا ، فمنعني من قتله إبقائي على مثله.

قال : فأراد يحيى بن خالد أن يضع من عبد الملك لرضا الرشيد فقال له : يا عبد الملك ـ بعد أن ولّى ـ بلغني أنك حقود.

فقال عبد الملك : أيها الوزير إن كان الحقد هو بقاء الخير والشرّ ، إنّهما لباقيان في قلبي.

فقال الرشيد : تا لله ، ما رأيت أحدا احتج للحقد بأحسن مما احتج به عبد الملك.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمّد بن جرير الطبري (٦) ، قال :

ذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أن عبد الملك بن صالح كان له ابن يقال له عبد الرّحمن ، كان من رجال الناس ، وكان عبد الملك يكنى به ، وكان لابنه عبد الملك لسان على فأفأة فيه ، فنصب لأبيه (٧) عبد الملك وقمامة فسعيا به إلى الرشيد ، وقالا له : إنّه يطلب الخلافة ، ويطمع فيها ، فأخذه فحبسه عند الفضل بن الربيع ، فذكر أن عبد الملك أدخل على الرشيد حين سخط عليه فقال له الرشيد : أكفرا للنعمة وجحودا لجليل المنّة والتكرمة؟ فقال : يا أمير المؤمنين لقد بؤت إذا بالندم ، وتعرّضت لاستحلال النقم ، وما ذاك إلّا بغي حاسد

__________________

(١) الأواخي جمع أخية وآخية : عود يعرض في الحائط ، ويدفن طرفاه فيه ، ويصير وسطه كالعروة تشد إليه الدابة.

(٢) يلملم : جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث.

(٣) ديوان لبيد ط بيروت ص ١٤٧.

(٤) مروج الذهب : بلسان أو بيان أو جدل.

(٥) مروج الذهب : «أو زحل» وفي م : ورحل.

(٦) الخبر في تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٢ وما بعدها (حوادث سنة ١٨٧) والكامل في التاريخ بتحقيقنا (حوادث سنة ١٨٧).

(٧) عن م والطبري ، وبالأصل : «ولابنه». وفي ابن الأثير : فسعى بأبيه هو وقمامة كاتب أبيه.

٢٩

نافسني فيك مودة القرابة وتقديم الولاية ، إنّك يا أمير المؤمنين خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمّته ، وأمينه على عترته ، لك عليها فرض الطاعة ، وأداء النصيحة ، ولها عليك العدل في حكمها ، والتثبت في حادثها ، والغفران لذنوبها ، فقال له الرشيد : أتضع لي من لسانك ، وترفع لي من جناحك ، هذا كاتبك قمامة يخبر بعملك وفساد نيتك ، فاسمع كلامه ، فقال عبد الملك أعطاك ما ليس في عقده ، ولعله لا يقدر أن يعضهني (١) ، ولا يبهتني بما لم يعرفه (٢) مني ، فأحضر قمامة ، فقال له الرشيد : تكلم غير هائب ولا خائف ، قال : أقول : إنّه عازم على الغدر بك ، والخلاف عليك ، فقال عبد الملك أهو ذا يا قمامة؟ قال : نعم ، لقد أردت ختل أمير المؤمنين ، فقال عبد الملك : كيف لا يكذب عليّ من خلفي وهو يبهتني في وجهي ، قال له الرشيد : وهذا ابنك عبد الرّحمن يخبرني بعتوّك وفساد نيّتك ، ولو أردت أن أحتجّ عليك بحجّة لم أجد أعدل من هذين لك فلم (٣) تدفعها عنك؟ فقال عبد الملك : هو مأمور ، أو عاقّ (٤) مجنون (٥) ، فإن كان مأمورا فمعذور ، وإن كان عاقّا ففاجر كفور ، أخبر الله عزوجل بعداوته وحذّر منه بقوله :

(إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)(٦).

قال : فنهض الرشيد وهو يقول : أما أمرك فقد وضح ، ولكنّي لا أعجّل حتى أعلم الذي يرضي الله فيك ، فإنه الحكم بيني وبينك ، فقال عبد الملك : رضيت بالله حكما ، وأمير المؤمنين حاكما ، فإنّي أعلم أنه يؤثر كتاب الله على هواه ، وأمر الله على رضاه.

قال : فلما كان بعد ذلك جلس مجلسا آخر ، فسلّم لما دخل ، فلم يردّ عليه ، فقال عبد الملك : ليس هذا يوما أحتج فيه ، ولا أجاذب منازعا وخصما ، قال : ولم؟ قال : لأنّ أوله جرى على غير السنّة ، فأنا أخاف آخره ، قال : وما ذاك؟ قال : لم تردّ عليّ السلام ، ولم أنصف نصفة العوام ، قال : السلام عليكم ، اقتداء بالسّنّة ، وإيثارا للعدل ، واستعمالا للتحية ، ثم التفت نحو سليمان بن أبي جعفر وهو يخاطب بكلامه عبد الملك :

أريد حباءه (٧) ويريد قتلي

البيت.

__________________

(١) تقرأ بالأصل : «يعصمني» والمثبت عن م والطبري.

(٢) عن م والطبري وبالأصل : تعرفه.

(٣) كذا الأصل وم ، وفي الطبري : فبم تدفعهما عنك؟.

(٤) الأصل : عان ، والمثبت عن م والطبري.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي الطبري : مجبور.

(٦) سورة التغابن ، الآية : ١٤.

(٧) الطبري : «حياته».

٣٠

ثم قال : والله لكأنّي أنظر إلى شؤبوبها قد همع ، وعارضها قد لمع ، وكأنّي بالوعيد قد أورى نارا تسطع (١) ، فأقلع عن براجم بلا معاصم ، ورءوس بلا غلاصم ، فمهلا ، فبي ، والله سهل لكم الوعر ، وصفا لكم الكدر ، ألقت الأمور إليكم أثناء أزمّتها ، ونذار ، لكم نذار ، قبل حلول داهية خبوط باليد ، لبوط بالرجل ، فقال عبد الملك : اتّق الله يا أمير المؤمنين فيما ولّاك ، وفي رعيته التي استرعاك ، ولا تجعل الكفر مكان الشكر ، ولا العقاب موضع الثواب ، قد نخلت لك النصيحة ، ومحضت لك الطاعة ، وشددت أواخي ملكك بأوثق (٢) من ركني يلملم ، وتركت عدوك مشتغلا فالله الله في ذي رحمك أن تقطعه بعد أن بللته ، يظن أفصح الكتاب لي بعضهه (٣) ، أو ببغي باغ ينهس (٤) اللحم ، ويالغ (٥) الدم فقد والله سهّلت لك الوعور ، وذلّلت لك الأمور ، وجمعت على طاعتك القلوب في الصدور ، فكم ليل تمام فيك كابدته ، ومقام ضيّق لك قمته ، كنت فيه كما قال أخو بني جعفر بن كلاب :

ومقام ضيّق فرّجته

ببياني (٦) ولساني وجدل

لو يقوم الفيل أو فيّاله

زلّ عن مثل مقالي وزحل

قال : فقال الرشيد : أما والله لو لا الا بقاء على بني هاشم لضربت عنقك.

قال الطبري :

وذكر زيد بن علي بن الحسين العلوي قال : لما حبس الرشيد عبد الملك بن صالح دخل عليه عبد الله (٧) وهو يومئذ على شرطه ، فقال : أفي إذن أنا فأتكلم؟ قال : تكلم ، قال : لا والله العظيم يا أمير المؤمنين ، ما علمت عبد الملك إلّا ناصحا فعلام حبسته ، قال : ويحك ، بلغني عنه ما أوحشني ، ولم آمنه أن يضرب بين هذين ـ يعني الأمين والمأمون ـ فإن كنت ترى أن تطلقه من الحبس أطلقناه ، قال : أما إذ حبسته يا أمير المؤمنين فلست أرى في قرب المدة أن

__________________

(١) الأصل : يسطع ، وبدون إعجام في م ، والمثبت عن الطبري.

(٢) الأصل وم ، وفي الطبري : بأثقل.

(٣) الأصل وم : بعضه ، والمثبت عن الطبري.

(٤) الأصل : «نهش» وفي م : «ينهش» والمثبت عن الطبري.

(٥) الأصل : بالغ ، وفي م : «بالع» والمثبت عن الطبري.

ولغ الكلب في الإناء ، يلغ ويالغ أي شرب منه.

(٦) الطبري : ببناني.

(٧) الأصل وم : عبد الملك ، تحريف ، والمثبت عن الطبري.

٣١

تطلقه ، ولكن تحبسه محبسا كريما ، يشبه محبس مثلك مثله ، قال : فإنّي افعل ، فدعا الرشيد الفضل بن الربيع ، فقال : امض إلى عبد الملك بن صالح إلى محبسه ، وقل له : انظر ما تحتاج إليه في محبسك فأمر به حتى يقام لك ، فذكر قصته وما سأل.

قال : وقال الرشيد يوما لعبد الملك بن صالح في بعض ما كلّمه : ما أنت لصالح ، قال : فلمن أنا؟ قال لمروان الجعديّ ، قال : ما أبالي أيّ الفحلين غلب عليّ ، فحبسه الرشيد عند الفضل بن الربيع ، فلم يزل محبوسا حتى توفي الرشيد ، فأطلقه محمّد ، وعقد له على الشام ، فكان مقيما بالرّقّة ، وجعل لمحمّد عهد الله وميثاقه : لئن قتل وهو حيّ لا يعطي المأمون طاعته أبدا ، فمات قبل قتل محمّد ، فدفن في دار من دور الإمارة ، فلما خرج المأمون يريد الروم أرسل إلى ابن له : حوّل أباك من داري ، فنبشت عظامه وحوّلت. وكان قال لمحمّد : إن خفت فالجأ إليّ ، والله لأصوننّك.

وقيل (١) : بينا الرشيد يسير [و](٢) في موكبه عبد الملك بن صالح ، إذ هتف به هاتف وهو يساير عبد الملك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، طأطئ من إشرافه وقصّر من عنانه (٣) ، واشدد من شكائمه ، وإلّا أفسد عليك ناحيته ، فالتفت إلى عبد الملك فقال : تقول هذا يا عبد الملك؟ فقال عبد الملك : مقال باغ ، وتشويش (٤) حاسد ، فقال له هارون : صدقت ، نقص القوم وفضلتهم ، وتخلّفوا وتقدّمتهم حتى برز شأوك ، وقصّر عنه غيرك ، ففي صدورهم جمرات التخلّف ، وحزازات البغض (٥) ، فقال عبد الملك : لا أطفأها الله وأضرمها عليهم حتى تورثهم (٦) كمدا دائما أبدا.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم ، أنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدثني حسن بن الفهم ، نا محمّد بن أيوب ... (٧) ، عن أبيه ، قال : قال إبراهيم بن المهدي :

__________________

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٦.

(٢) الزيادة عن الطبري.

(٣) الأصل : عتابه ، والمثبت عن م والطبري.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الطبري : دسيس.

(٥) الأصل وم ، وفي الطبري : النقص.

(٦) في الأصل : يورثهم ، والمثبت عن م والطبري.

(٧) غير مقروءة بالأصل وم ورسمها : المسى.

٣٢

سمعت عبد الله (١) بن صالح بعد إخراج المخلوع (٢) له من حبس الرشيد ، وقد ذكر ظلم الرشيد إياه ، وحبسه له على التّهمة والحسد ، يقول :

والله إن الملك لشيء ما تمنّيته ولا نويته ، ولا قصدت إليه ، ولا ابتغيته ولو أردته لكان أسرع إليّ من السيل إلى الحدود ، ومن النار في يبس العرفج (٣) ، وإنّي لمأخوذ بما لم أجن ، ومسئول ، عمّا لا أعرف ، ولكنه حين رآني للملك قمنا ، وللخلافة خطرا ، ورأى لي يدا تنالها إذا مدّت ، وتبلغها إذا بسطت ، ونفسا تكمن بخصالها ، وتستحقها بخلالها ، وإن كنت لم أختر تلك الخصال ، ولم أترشح لها في سرّ ، ولا أشرت إليها في جهر ، ورآها تحنّ إليّ حنين الوالد ، وتميل نحوي ميل الهلوك ، وحاذر أن ترغب إلى خير مرغوب ، وتنزع إلى خير منزوع ، عاقبني عقاب من قد سهر في طلبها ، ونصب في التماسها ، وتقدّر لها بجهده ، وتهيأ لها بكلّ حيلته.

فإن كان حبسني على أنّي أصلح لها وتصلح لي وأليق بها وتليق بي ، فليس ذلك بذنب فأتوب منه ، ولا جرم فأرجع عنه ، ولا تطاولت لها ، فأحتسب ، ولا تصديتها فأحيد عنها ، فإن زعم أنه لا صرف لعقابه ، ولا نجاة من إغضابه إلّا بأن أخرج له من الحلم ، والعلم ، وأتبرأ إليه من الحزم والعزم ، فكما لا يستطيع المضياع أن يكون حافظا ، ولم يملك العاجز أن يكون حازما كذلك العاقل لا يكون جاهلا ، ولا يكون الذكي بليدا ، وسواء عاقبني على شرفي وجمالي ، أو على محبة الناس إياي ، ولو أردتها لأعجلته عن التفكير وشغلته عن التدبير ، ولما كان من الخطاب إلّا اليسير ومن بذل الجهد إلّا القليل غير أني والله ـ والله شهيد لي ـ أرى السلامة من تبعاتها غنما ، والخفّ من أوزارها حظا ، والسلام على من اتّبع الهدى.

كذا كان في الأصل ، والصواب عبد الملك بن صالح لأنه هو الذي كان في السجن ، فأما عبد الله بن صالح أخوه فإنه مات سنة ست وثمانين ومائة ، قبل موت الرشيد وولاية محمّد المخلوع بأعوام.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة ، قال :

__________________

(١) كذا الأصل : «عبد الله» وفي م : «عبد العزيز» وكلاهما تصحيف. والصواب : «عبد الملك» ، وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب.

(٢) يعني محمدا الأمين ، الخليفة بعد موت هارون الرشيد سنة ١٩٣.

(٣) العرفج : من نبات الصيف ، سريع الاشتعال بالنار.

٣٣

وفيها ـ يعني سنة ست وتسعين ومائة ـ مات عبد الملك بن صالح بن علي بالرّقّة (١)

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد ، أنا مكي بن محمّد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : وفيها ـ يعني سنة ست وتسعين ومائة ـ مات عبد الملك بن صالح الهاشمي.

وذكر أبو حسان الزيادي : أنه مات في جمادى الآخرة منها.

وكذا ذكر أبو بكر بن كامل القاضي (٢).

آخر (٣) الجزء الخامس والعشرين بعد الأربعمائة من الفرع (٤).

(ذكر من اسمه عبد المغيث) (٥)

٤٢٣٥ ـ عبد المغيث بن زهير بن زهير البغدادي الحربي الحنبلي

سمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين ، وأبي بكر صهر هبة ، وأبي البركات الأنماطي ، ومن جماعة سواهم.

وقدم دمشق مضاربا في تجارة لسعد الخير بن محمّد الأندلسي.

وتولى في مدرسة الحنابلة.

وروى شيئا من الحديث في حلقتهم ، وهو الآن حي ببغداد.

قرأت من شعره بخطه :

يا عزّ من سمحت له أطماعه

إن بات ذا عدم خفيف المزود

فالياس عزّ فادرعه وصل به

تتلى السيادة في سبيل أقصد

والحرّ من نزلت به أزمانه

في جنب مكرمة وحسن تسدّد

__________________

(١) لم يذكر خليفة في طبقاته ولا في تاريخه وفاة عبد الملك في سنة ١٩٦ ه‍.

(٢) ذكر المسعودي في مروج الذهب ٣ / ٤٨٣ أنه مات سنة ١٩٧ ه‍ بالرقة.

(٣) ما بين الرقمين سقط من م هنا ، وجاء فيها بعد ترجمة عبد المغيث التالية مباشرة.

(٤) ما بين الرقمين سقط من م هنا ، وجاء فيها بعد ترجمة عبد المغيث التالية مباشرة.

(٥) كذا بالأصل وم ورد هنا من اسمه عبد المغيث ، ووردت فيهما هذه الترجمة هنا ، وحقها أن تقدم قبل «من اسمه عبد الملك».

٣٤

لم تشتكي للنائبات إذا عرت

صولا على الأعداء غير مغتد

في ذا ينافس كلّ قبل أروع

سمح خليفته كريم المحتد

هذا هو أوّل الجزء.

٤٢٣٦ ـ عبد الملك بن صدقة بن عبد الله بن جندب

[روى] عن أبيه.

روى عنه الحكم بن موسى.

أخبرنا أبو محمّد عبدان بن زرّين (١) المقرئ ، وأبو الفتح ناصر بن عبد الملك قالا : أنا نصر الله بن محمّد ، نا نصر الله ـ إملاء ـ.

ح (٢) وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، نا عبد المحسن بن محمّد بن علي.

قالا (٣) : أنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين (٤) بن عمر بن برهان البغدادي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عبيد الدقاق ، نا إبراهيم بن عبد الله ـ هو ابن أيوب المخرّمي (٥) ـ نا الحكم بن موسى ، نا عبد الملك بن صدقة الدمشقي ، عن أبيه ، عن هشام الكناني (٦) ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الله تبارك وتعالى قال : «من أهان لي وليا ، فقد بارزني بالمحاربة» [٧٤١٧].

رواه أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، عن الحكم بن موسى ، عن أبي عبد الملك الحسن بن يحيى بن الحسين ، عن صدقة ، فيحتمل أنه كان عبد الحكم عنهما جميعا ، والأظهر أنه خطأ ، والله أعلم ، فإنّا لم نجده إلّا من هذا الوجه.

٤٢٣٧ ـ عبد الملك بن عبد الله بن يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي

كانت له ناحية من المهدي.

له ذكر.

__________________

(١) الأصل : رزين ، بتقديم الراء ، والصواب زرين بتقديم الزاي قارن مع المشيخة ١٣٣ / ب.

(٢) «ح» حرف التحويل ، سقط من م.

(٣) بالأصل : قال. والمثبت عن م.

(٤) أقحم بعدها في م : «ثنا» قارن مع المشيخة ١٣٣ / ب.

(٥) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٩٦.

(٦) عن م وبالأصل : الكتاني.

٣٥

٤٢٣٨ ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن الوليد

ابن عبد [الملك](١) بن مروان (٢)

وأمّه ميمونة (٣) من ولد أبي بكر الصدّيق.

كان يرشّح للخلافة ، وذكر أن يزيد بن الوليد كان وعده أن يجعله ولي عهده فلم يف له ، وأنه أتى مروان بن محمّد بدير أيوب (٤) فسقاه سمّا ، فانصرف من عنده وهلك ، له ذكر.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال (٥)

فولد عبد العزيز بن الوليد : عبد الملك ، وعتيقا ، وأمّهما : ميمونة بنت عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدّيق ، وقد تزوج عبد الملك بن عبد العزيز أمّ هشام بنت هشام بن عبد الملك ، وكان تزوّج بها قبله يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، ولم يدخل بها ، فتزوجها بعده ، ثم خلف عليها عبد الله بن مروان بن محمّد بن مروان.

٤٢٣٩ ـ عبد الملك بن عبد الكريم

أبو الأصبغ الطّبراني

سمع بدمشق : أبا زرعة عبد الرّحمن بن عمرو النّصري (٦) ، وبغيرها : محمّد بن عبد الرّحمن بن عمر الإمام ، وبكّار بن قتيبة القاضي بالصّنّبرة (٧) ، وفهد بن موسى الإسكندراني ، ومحمّد بن سليمان بن بزيع الرّملي ، وهاشم بن مرثد الطّبراني ، وأحمد بن مسعود بن الربيع المقدسي ، وابن أبي حمّاد الحمصي.

روى عنه أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي (٨).

أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن رافع النابلسي ، أنا أبو الحسن علي بن

__________________

(١) بياض بالأصل ، واللفظة أضيفت عن م.

(٢) نسب قريش ص ١٦٥.

(٣) وهي ميمونة بنت عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (كما في نسب قريش).

(٤) دير أيوب : قرية بحوران من نواحي دمشق (معجم البلدان).

(٥) الخبر في نسب قريش للمصعب ص ١٦٥ و ١٦٧ فكثيرا ما كان الزبير بن بكار يأخذ عن عمه المصعب.

(٦) في م : البصري ، تصحيف.

(٧) الصّنّبرة بالكسر ثم الفتح والتشديد ثم سكون الباء الموحدة : موضع بالأردن مقابل لعقبة أفيق. بينه وبين طبرية ثلاثة أميال (معجم البلدان).

(٨) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤١٥.

٣٦

الحسن بن عبد السلام بن الحزوّر ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن الرّبعي ، أنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الفقيه ـ ببعلبك ـ نا أبو الأصبغ عبد الملك بن عبد الكريم الطّبراني ـ بطبرية ـ نا فهد بن موسى ، نا الحارث بن مسكين ، عن عبد الله بن وهب ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن سلمان بن كيسان ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال :

قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا أعلّمك كلمات تعمل بهنّ ، وتعلّمهن الناس؟ كن ورعا تكن أعبد الناس ، واقنع بما رزقك الله تكن أغنى الناس ، وأحبّ للناس ما تحبّ لنفسك تكن مؤمنا ، وأحسن إلى من جاورك تكن مسلما ، ولا تكثر الضحك ، فإنه يميت القلب» [٧٤١٨].

٤٢٤٠ ـ عبد الملك بن عبد الواحد بن سليمان

ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي

له ذكر وعقب من ابنه سليمان بن عبد الملك بن عبد الواحد.

٤٢٤١ ـ عبد الملك بن عبد الوهاب بن عبد الملك

ابن محمّد بن عبد الصمد بن المهتدي بالله

أبو الفضل الهاشمي

قال : لنا أبو محمّد بن الأكفاني : توفي الشريف أبو الفضل عبد الملك بن عبد الوهاب بن المهتدي الهاشمي في شهور سنة اثنتين وستين وأربعمائة ، وكان على مذهب الأشعري ، رحمه‌الله تعالى.

٤٢٤٢ ـ عبد الملك بن عبد الوهاب

أبو عبد الرحيم المطّلبي

حدث بدمشق عن أبي الفتح الفرج بن عبد الله الغزنوي (١).

كتب عنه نجا بن أحمد.

قرأت بخط نجا بن أحمد بن عمرو (٢) بن حرب ، وأنبأنيه أبو محمّد بن الأكفاني ـ شفاها ـ عنه أنا أبو عبد الرحيم عبد الملك بن عبد الوهاب القعنبي المطّلبي ، قدم علينا في

__________________

(١) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى غزنة ، وهي قصبة زابلستان الواقعة في طرف خراسان ، بينها وبين الهند. (انظر معجم البلدان).

(٢) في م : عمر.

٣٧

شهور سنة أربعين وأربعمائة ، أنا أبو الفتح الفرج بن عبد الله الذّهبي الغزنوي باليمن ، نا أبو منصور محمّد بن أحمد الفارسي البيّاع ، نا الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، نا أبي أبو بكر أحمد بن محمّد المراغي ، نا أبو سعيد الحسن بن علي البصري ـ ببغداد ـ إملاء ، نا خراش بن عبد الله ، نا مولاي أنس بن مالك ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّوم جنّة» (١) [٧٤٢٠].

اخبرنا ابو غالب بن البنا، انا محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، نا أبو سعيد العدوي ، نا خراش بن عبدالله ، (نا مولاي أنس بن مالك قال:

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: (الصوم جنّة) (١) [٧٤٢٠]

٤٢٤٣ ـ عبد الملك بن أبي عبيدة

ابن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي

كان يسكن العبّادية (٢) من إقليم بيت الأبّار ، له ذكر.

ذكره أبو الحسن بن أبي العجائز ، وذكر ابنا له اسمه عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي عبيدة رجل شاب.

٤٢٤٤ ـ عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي (٣)

أمّه أم ولد كان رجلا صالحا يعين أباه على ردّ المظالم ، ويحثّه على ذلك ، ومات في حياة أبيه.

روى عنه زيد بن أسلم.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار قال :

ومن ولد عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم : عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز. كان عونا لأبيه على العدل ، وقال لأبيه في أصحابه : أنفذ فيهم أمر الله ، وإذا جاشت بي وبك القدور.

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن هامشه ، وبعده كلمة : صح صح.

(٢) من قرى المرج ، (معجم البلدان).

(٣) حلية الأولياء ٥ / ٣٥٣.

٣٨

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتّاني (١) ، أنا أبو القاسم تمّام بن محمّد ، نا أبو عبد الله الكندي ، نا أبو زرعة ، قال في تسمية ولد عمر بن عبد العزيز : عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر [ثنا](٢) أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، قال في كتاب الاخوة والأخوات في ذكر أهل الشام منهم : عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ، روى عنه زيد بن أسلم ، توفي في حياة أبيه.

أنبأنا أبو علي (٣) الحداد ، أنا أبو نعيم (٤) ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا أحمد بن الحسين ، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، نا يحيى بن يعلى المحاربي ، نا بعض مشيخة أهل الشام ، قال كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنّما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك.

قال (٥) : ونا أبو حامد بن جبلة ، نا محمّد بن إسحاق ، نا الفضل بن سهل ، نا يزيد بن هارون ، أنا عبد الله بن يونس الثقفي ، عن سيّار أبي الحكم ، قال :

قال ابن لعمر بن عبد العزيز يقال له عبد الملك ـ وكان يفضل على عمر : ـ يا أبة ، أقم الحقّ ولو ساعة من نهار.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران ، أنا أبو علي الحسين بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني عون بن إبراهيم ، نا هشام بن عمّار ، نا عبد الله بن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابنه عبد الملك :

أما بعد ، فإنّي أحضّك على الشكر لله الذي اصطنع عندك من نعمه ، وآتاك من كرامته ، فإنّ نعمته يمدّها شكره ، ويقطعها كفره ، وأكثر ذكر الموت التي لا تدري متى يغشاك ، وذكر يوم القيامة وهوله وشدّته ، فإنّ ذلك عونا حسنا على الزهادة فيما زهدت ، والرغبة فيما رغبت فيه ، وكن مما أوتيت من الدنيا على حذر ، فإنّه من أمن ذلك ولم يتوقّه أو شكت الصرعة أن تدركه في العمار حتى يضيع بعض الذي لا ينبغي له إضاعته ، وأكثر النظر في دنياك التي تذهب

__________________

(١) في م : الكناني ، تصحيف.

(٢) سقطت من الأصل وأضيفت عن م.

(٣) في م : القاسم ، تصحيف.

(٤) الخبر في حلية الأولياء ٥ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ٢٩٧.

(٥) القائل أبو نعيم ، والخبر في الحلية ٥ / ٣٥٣ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ٢٩٩.

٣٩

آخرتك ما لم تعاهدها ، واقتصر على ما أمرت به ، فإن فيه شغلا عما نهيت عنه ، وفي الحقّ سعة لأهله على ما كان من شدّته وثقله ، واعلم أنّ ذلك إمام الأعمال الصالحة ، وأن عملا لم يكن الحق قائده وإمامه عمل لا يزكو به صاحبه ، واحذر نفسك واتّهمها ، ولا تحملها على الرخاء والدّعة ، واحملها على مكروهها ، وأكثر الصّمت فإنه زعة من الخطايا ، وسلامة من الشرّ ، ثم أنزل الدنيا منزل ظعن ، فإنك مفارقها إلى غيرها ، ولن تدرك الآخرة حتى تؤثرها على دنياك ، ولا تستحق العلم حتى تؤثره على الجهل ، ولا الحقّ حتى تذر الباطل ، فلا يكوننّ الحقّ عندك ضعيفا ، ولا الباطل لك أخا وصاحبا.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا حرملة بن عمران ، حدثني سليمان بن حميد (١).

أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الملك بن عمر ابنه :

ليس من أحد من الناس رشده وصلاحه أحبّ إليّ من رشدك وصلاحك ، إلّا أن يكون والي عصابة من المسلمين ، أو من أهل العهد ، يكون لهم في صلاحه ما لا يكون لهم في غيره ، أو يكون عليهم من فساده ، ما لا يكون عليهم (٢) من غيره.

رواه يعقوب بن سفيان (٣) ، عن عبدان (٤) بن عثمان ، عن ابن المبارك.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، وأبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي ، قالا : أنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الوليد الأنصاري ، أخبرني محمّد بن أحمد فيما كتب إليّ ، أخبرني جدي عبد الله بن علي اللّخمي ، أنا عبد الله بن يونس ، أنا بقي بن مخلّد ، نا أحمد بن إبراهيم الدّورقي ، نا منصور بن أبي مزاحم ، نا شعيب ـ وهو ابن صفوان ـ عن الفرات ـ يعني ابن السّائب ـ عن ميمون بن مهران (٥).

أن عمر بن عبد العزيز قال له :

__________________

(١) الكتاب من طريقه ، ذكره ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٧

(٢) في سيرة عمر : لهم.

(٣) المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١ / ٥٩٠.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المعرفة والتاريخ : عبد الله بن عثمان.

(٥) من طريقه رواه ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٣٠٢

٤٠