تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ميت ، كأنه قد مات منذ دهر طويل.

فخرجت إلى صاحبي الذي دلّني عليه ، فقلت : تعال (١) فانظر إلى الذي زعمت انك أنكرت من عقله ، قال : وقصصت عليه من قصّته ، قال : فهيأناه ودفناه.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني سلمة بن شبيب ، نا سهل بن عاصم ، عن عثمان بن صخر ، عن عبد الواحد بن زيد قال :

بينما أنا أسير في الساقة (٢) في بلاد الروم فغفلت ذات ليلة عن وردي ، فأتاني آت في منامي فقال لي (٣) :

ينام من شاء على غفلة

والنوم كالموت (٤) فلا تتّكل

تنقطع الأيام عنه كما

تنقطع الدنيا عن المرتحل (٥)

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي.

ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن (٦) ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : وأبو الحسين الأصبهاني قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل.

ح وأخبرنا أبو القاسم الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب ، وحدثني أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو منصور محمّد بن الحسين بن هريسة ، قالا : أنا أحمد بن محمّد بن غالب ، أنا حمزة بن محمّد ، نا أبو الحسين محمّد بن إبراهيم بن شعيب ، قالا : نا محمّد بن إسماعيل ، قال (٧) :

عبد الواحد بن زيد البصري (٨) عن الحسن ، وعبادة بن نسيّ تركوه.

__________________

(١) الأصل وم : تعالى.

(٢) كذا بالأصل وم : الساقة ، بالسين المهملة ، وفي معجم البلدان : شاقة (بالشين المعجمة) : من مدن صقلية.

(٣) البيتان في حلية الأولياء ٦ / ١٦٢ باختلاف المناسبة.

(٤) الأصل وم : أخو الموت ، والمثبت عن الحلية.

(٥) في الحلية : تنقطع الأعمال ... عن المنتقل.

(٦) في م : الحسين.

(٧) التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ٢ / ٦٢.

(٨) عن م والبخاري وبالأصل : النصري ، تصحيف.

٢٢١

أخبرنا أبو الحسين هبة الله بن الحسن ـ إذنا ـ وأبو عبد الله الخلال ـ شفاها ـ قالا : أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح (١) قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٢) :

عبد الواحد بن زيد البصري (٣) أبو عبيدة ، روى عن عبادة بن نسيّ ، والحسن ، روى عنه النّضر بن شميل ، ومسلم بن إبراهيم ، سمعت أبي يقول ذلك.

قال أبو محمّد : روى عنه أبو عبيدة الحداد ، وأبو داود الطيالسي ، وعبد الصمد بن عبد الوارث ، وقرّة بن حبيب.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّا ، وأبو محمّد بن بالويه ، قالا : نا محمّد بن يعقوب.

ح (٤) وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو بكر الشامي ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد ، أنا أبو جعفر العقيلي (٥) ، نا محمّد بن عيسى.

قالا : نا عباس بن محمّد ، قال : سمعت يحيى بن معين قال : عبد الواحد بن زيد ليس بشيء.

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن حميد ، قال : سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن عبدوس قال : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : وسألت يحيى بن معين عن عبد الواحد بن زيد؟ فقال : ليس بشيء.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أبو الطّيّب محمّد بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : عبد الواحد بن زيد ليس حديثه بشيء ، ضعيف الحديث

أخبرنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ـ إذنا ـ قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي إجازة.

__________________

(١) «ح» حرف التحويل سقط من م.

(٢) الجرح والتعديل ٦ / ٢٠.

(٣) الأصل : النصري ، تصحيف والمثبت عن م والجرح والتعديل.

(٤) «ح» حرف التحويل سقط من م.

(٥) الضعفاء الكبير للعقيلي ٣ / ٥٤.

٢٢٢

ح (١) قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمد قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٢) ، نا محمّد بن إبراهيم ، نا عمرو بن علي ، قال : كان عبد الواحد بن زيد قاصا ، وكان متروك الحديث ، سمعت أبا داود وأبا عاصم يحدثان عنه.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز الكتاني ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي ، نا أبو بكر القاسم بن عيسى العصار (٣) ، قال : سمعت إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني يقول : عبد الواحد بن زيد كان قاصا بالبصرة ، سيّئ المذهب ، ليس من معادن الصدق.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن أحمد بن عمر الخلّال ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي يعقوب ، قال :

عبد الواحد بن زيد رجل صالح ، متعبّد ، وكان يقصّ ، يعرف بالنّسك ، والتزهّد ، وأحسبه كان يقول بالقدر ، وليس له بالحديث علم ، هو ضعيف الحديث.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطّبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان قال (٤) :

عبد الواحد بن زيد حدثنا عنه ابن حساب (٥) ، وهو ضعيف ، أمسك عبد الرّحمن بن مهدي عن حديثه.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو نصر بن الجبّان ـ إجازة ـ نا أحمد بن القاسم الميانجي ، نا أحمد بن طاهر بن النجم ، حدثني أبو عثمان سعيد بن عمرو البردعي ، نا محمّد بن إسحاق ـ هو الصاغاني ـ عن يحيى بن معين : أن عبد الواحد بن زيد كان قاصّا بالبصرة.

قال أبو عثمان : قلت ـ يعني لأبي زرعة الرازي ـ : عبد الواحد بن زيد؟ قال : قدري ، قلت : كيف حديثه؟ قال : أما في الحديث فليس بذاك الضعيف.

__________________

(١) «ح» حرف التحويل سقط من م.

(٢) الجرح والتعديل ٦ / ٢٠.

(٣) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ١٧٣.

(٤) المعرفة والتاريخ ٢ / ١٢٢.

(٥) هو محمد بن عبيد بن حساب الغبري البصري (ترجمته في تهذيب التهذيب ٩ / ٣٢٩).

٢٢٣

ذكر أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم الكتّاني الأصبهاني أنه سأل أبا حاتم الرازي ، عن (١) عبد الواحد بن زيد؟ فقال : ليس بقوي في الحديث.

أخبرنا أبو الحسين القاضي ـ إذنا ـ وأبو (٢) عبد الله الأديب ـ شفاها ـ قالا : أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح (٣) قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٤) :

سألت أبي عن عبد الواحد بن زيد فقال : ليس بقوي في الحديث ، ضعيف بمرّة.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو يعلى بن الحبوبي ، قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي بن منير ، أنا الحسن بن رشيق ، نا أبو عبد الرّحمن النسائي ، قال :

عبد الواحد بن زيد البصري متروك الحديث (٥).

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو ياسر محمّد بن عبد العزيز بن عبد الله ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب ، قال : هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني من المتروكين.

ح وأخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشري ، أنا محمّد بن علي بن علي ، وعلي بن محمّد بن الحسين في كتابيهما ، عن أبي الحسن الدارقطني ، قال :

عبد الواحد بن زيد القاصّ بصري ، عن الحسن ، وثابت ـ زاد ابن بطريق : ضعيف ـ هذه الأقاويل في ضعفه في الرواية ، فأما زهده.

فأنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو نعيم الحافظ (٦) ، نا أبي ، نا أحمد بن محمّد بن أبان ، نا عبد الله بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن الحسين ، نا عمار بن عثمان ، قال : سمعت حصين بن القاسم الوزّان يقول :

لو قسم بثّ (٧) عبد الواحد بن زيد على أهل البصرة لوسعهم ، فإذا أقبل سواد الليل

__________________

(١) ما بين الرقمين سقط من م.

(٢) ما بين الرقمين سقط من م.

(٣) «ح» حرف التحويل سقط من م.

(٤) الجرح والتعديل ٦ / ٢٠.

(٥) سير أعلام النبلاء ٧ / ١٧٨ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٥٠٩).

(٦) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٦١ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٥١٠) وسير أعلام النبلاء ٧ / ١٧٩.

(٧) البث : الحال وأشد الحزن (القاموس المحيط).

٢٢٤

نظرت إليه كأنه فرس رهان مضمّر يتحزّم (١) ، ثم يقوم إلى محرابه ، فكأنه رجل مخاطب.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا علي بن محمّد بن محمّد بن الأخضر ، أنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن يوسف العلّاف ، أنا البردعي ، أنا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد ـ وهو ابن الحسين ـ حدثني حكيم بن جعفر ، نا مضر القارئ قال :

ما رأيت عبد الواحد بن زيد ضاحكا قطّ ، وما شئت أن أراه باكيا إلّا رأيته.

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو الحسن اللّنباني (٢) ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد ـ هو ابن الحسين ـ قال : سمعت عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : كان عبد الواحد بن زيد إذا ذكر الموت تغيّر لونه جدا.

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر بن سسّويه (٣) ، أنا أبو سعيد الصّيرفي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد الصّفّار ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن الحسين ، حدثني يحيى بن بسطام ، نا حاتم بن منيع الطّاحي (٤) ، قال :

شهدت عبد الواحد بن زيد في جنازة حوشب ، فلما دفن قال : رحمك الله يا أبا بشر ، فلقد كنت حذرا من مثل هذا اليوم ، رحمك الله يا أبا بشر ، فلقد كنت جزعا من الموت ، أما والله لئن استطعت لأعملن رحلي بعد مصرعك (٥) هذا ، قال : ثم شمّر بعد فاجتهد.

أخبرتنا أم الفتوح فاطمة بنت محمّد بن عبد الله بن الحسن القيسية (٦) ، قالت : أخبرتنا أم الفتح عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية ، نا أبو الحسين عبد الواحد بن

__________________

(١) سقطت اللفظة من م وحلية الأولياء.

وتحزم الرجل : شد وسطه.

(٢) تقرأ في م : «الكبارى» تصحيف ، مرّ التعريف به.

(٣) في م : شيبويه ، تصحيف والمثبت والضبط عن تبصير المنتبه ٢ / ٦٨١ وفيه : أبو نصر أحمد بن محمد بن عمر بن ممشاذ بن سسّويه الإصطخري ثم الأصبهاني. روى مسند الشافعي عن الحيري.

(٤) في حلية الأولياء ٦ / ١٥٩ «حاتم بن سليمان الطائي» والطاحي نسبة إلى بني طاحية ، وهي محلة بالبصرة نزلتها طاحية وهي قبيلة من الأزد (الأنساب).

(٥) الأصل وم : «مضر عليّ» تصحيف ، والتصويب عن حلية الأولياء.

(٦) بدون إعجام في م ورسمها : «العسه».

٢٢٥

محمّد بن شاة الشيرازي ـ إملاء ـ أنا أبو العلاء الخضر بن مهيار ـ بمدينة السلام ـ نا أحمد بن الفضل الإمام ، نا أحمد بن محمّد التّستري ، قال : ذكر أحمد بن مسروق ، قال محمّد بن الحسين البرجلاني : حدثني.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل في كتابه ، أنا أبو الفتح المظفّر بن محمّد البيع ، نا أبو عبد الله سفيان بن علي بن بساط ، نا عبد الواحد بن محمّد بن شاة الشيرازي ، نا أبو العلاء الخضر بن شهريار (١) ، نا عبد السلام ، نا أحمد بن الفضل الإمام ، قال : ذكر أحمد بن مسروق ، عن البرجلاني ، عن أبي [سليمان](٢) داود بن المحبّر ، حدثني عبد الله بن رشيد قال :

سمعت عبد الواحد بن زيد يقول في دعائه : أسألك أركانا قوية على عبادتك ، وأسألك جوارح مسارعة إلى طاعتك ، وأسألك همما متعلقة بمحبتك.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٣) نا إسحاق بن أحمد بن علي ، نا إبراهيم بن يوسف بن خالد (٤) ، نا أحمد بن أبي الحواري ، قال : قال أبو سليمان الدّاراني :

أصاب عبد الواحد بن زيد الفالج ، فسأل الله أن يطلقه في وقت الصلاة (٥) ، فإذا أراد أن يتوضّأ انطلق ، وإذا رجع إلى سريره عاد إليه الفالج.

قال (٦) : ونا أبي ومحمّد بن أحمد ـ هو اللنباني ـ قالا : نا أبو الحسن بن أبان ، نا أبو بكر بن سفيان ، حدثني محمّد بن الحسين ، حدثني حكيم بن جعفر ، نا حبان (٧) بن الأسود ، حدثني عبد الواحد بن زيد قال :

أصابتني علة في ساقي ، فكنت أتحامل عليها للصلاة ، قال : فقمت عليها من الليل ، فأجهدت وجعا ، فجلست ثم لففت إزاري في محرابي ، ووضعت رأسي عليه فنمت ، فبينا أنا كذلك إذا أنا بجارية تفوق الدنيا (٨) حسنا تخطر بين جوار مزينات حتى وقفت عليّ وهنّ

__________________

(١) كذا بالأصل هنا ، وفي م : «شهريار» وقد مرّ في السند السابق فيهما : مهيار.

(٢) زيادة للإيضاح ، سقطت اللفظة من الأصل ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٤٢ ، وفي م : عن داود بن المحبر.

(٣) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٥.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي حلية الأولياء : خلاد.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي الحلية : الوضوء.

(٦) حلية الأولياء ٦ / ١٦١.

(٧) كذا بالأصل وم ، وفي الحلية : حيان الأسود.

(٨) اللفظة غير مقروءة وبدون إعجام بالأصل وم ، والمثبت عن حلية الأولياء.

٢٢٦

خلفها ، فقالت لبعضهن : اربعنه ولا تهجنه ، قال : فأقبلن نحوي ، فاحتملنني عن الأرض ، وأنا أنظر إليهن في منامي ، ثم قالت لغيرهن من الجواري اللاتي معها : افرشنه ومهّدنه ، ووطّئن له ، ووسّدنه ، قال : ففرشن تحتي سبع حشايا لم أر لها (١) في الدنيا مثلا ، ووضعن تحت رأسي مرافق خضرا ، حسانا ، ثم قالت للّائي (٢) حملنني : اجعلنه على الفرش رويدا ، لا تهجنه ، قالت : فجعلت على تلك الفرش وأنا أنظر إليها ، وما تأمر به من شأني ، ثم قالت : احففنه بالريحان ، قال : فأتي بياسمين فحفّت به الفرش ، ثم قامت إليّ فوضعت يدها على موضع علّتي التي كنت أجد (٣) في ساقي ، فمسحت ذلك المكان بيدها ، ثم قالت : قم شفاك الله إلى صلاتك غير مضرور ، قال : فاستيقظت والله وكأني قد نشطت (٤) من عقال ، فما اشتكيت تلك العلّة بعد ليلتي تلك ، ولا ذهبت حلاوة منطقها من قلبي : قم شفاك الله إلى صلاتك غير مضرور.

أنبأنا أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر ، أنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي (٥) ، أنا أبو طالب العشاري ، أنا محمّد بن عبد الله بن أخي ميمي ، أنا الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال : قال محمّد بن الحسين ـ هو البرجلاني ـ حدثني عمّار بن عثمان الحلبي ، نا حصين الوراق ، قال : قال عبد الواحد بن زيد (٦) :

ما للعاملين وللبطنة ، إنّما العامل لله ـ عزوجل ـ يجزيه العلقة التي يقوم برمقه.

قال : وسمعته يوما يقول : عاهدت الله عهدا لا أخيس (٧) بعهدي عنده أبدا ، قلت : ما هو يا أبا عبيدة؟ قال : أقصر يا حصين ، قلت : أوما تؤمل في إخبارك إياي خيرا من قدوة؟ قال : بلى ، قلت : فأخبرني ، قال : عاهدته أن لا يراني طاعما نهارا أبدا حتى ألقاه ، قال حصين : كان

__________________

(١) الأصل وم ، وفي الحلية : لهن.

(٢) الأصل : «التي حملتني» وفي م : «للتي حملنني» والمثبت عن الحلية.

(٣) الأصل وم ، وفي الحلية : أجدها.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي الحلية : أنشطت.

وأنشط العقال : مدّ أنشوطته فانحل ، وكذلك الحبل إذا مددته حتى ينحل ، قيل : قد أنشطته.

قال ابن الأثير : وكثيرا ما يجيء في الرواية : كأنما نشط من عقال وليس بصحيح.

(٥) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٢١٣.

(٦) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٦٢ ـ ١٦٣.

(٧) خاس بالعهد يخيس خيسا وخيسانا : غدر ، ونكث (القاموس المحيط) ، وفي الحلية : «أحنس» وفي م بدون إعجام.

٢٢٧

يشتد به المرض ، فيجتهد به إخوانه أن ينال شيئا فيأبى ذلك ، حتى مضى (١) ، عليه رحمة الله.

قال : وحدثني محمّد بن الحسين ، حدثني الصّلت بن حكيم ، حدثني أبو عاصم العبّاداني ، قال : قال لي عبد الواحد بن زيد يوما :

ما بالله حاجة إلى تعذيب عباده أنفسهم بالجوع والظمأ ، ولكن الحاجة بالمؤمن إلى ذلك ليراه سيّده ظمآن ناصبا ، قد جوّع نفسه له ، وأهمل عينيه ، وأنصب بدنه ، فلعله أن ينظر إليه برحمته فيعطيه بذلك الجوع والظمأ الثمن الجزيل ، ثم قال : وهل تدري ما الثمن الجزيل؟ فكاك الرقاب من النار.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز الكتاني (٢) ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو علي الحسن بن حبيب ، نا أبو حفص القاضي الحلبي ـ يعني عمر بن الحسن ـ نا إبراهيم بن الجنيد ، نا محمّد بن الحسين ، حدثني يحيى بن بسطام الأصفر ، نا مضر القارئ ، قال :

شاهدت لعبد الواحد بن زيد دعوات مستجابات ، قال :

كان يجالسه فتية متعبدون من قريش فأتوه يوما ، فشكوا إليه الحاجة وأعلموه أن السلطان أرادهم على عمله ، فبكى ثم رفع رأسه إليهم فقال : اصبروا يا بني فإنما يهدي الفقر والضيق إلى أوليائه كرامة منهم عليه ، ثم رفع بيده إلى السماء ، فقال : اللهمّ إنّي أسألك باسمك ذاك الرفيع المرفّع الذي تكرم به من شئت من أوليائك ، وتلهمه الصفيّ من إحسانك ، أسألك أن تأتينا برزق من لدنك ، نقطع به علائق السلطان من قلوبنا ، وقلوب أصحابنا هؤلاء عن السلطان ، فأنت الحنّان المنّان ، وأنت القديم الإحسان ، اللهمّ الساعة الساعة ، قال : فسمعت والله السقف يقهقه ، ثم تناثرت علينا الدنانير والدّراهم.

قال : فقال لنا عبد الواحد : استغنوا بالله عن الأمراء ، قال : فأخذت وأخذ القوم ولم يأخذ عبد الواحد من ذلك شيئا ، وأصاب عبد الواحد خطرة من الفالج ، فقال يوما : من هاهنا فلم يجبه أحد ، ثم قال : من هاهنا فلم يجبه أحد ، ثم قال : اللهمّ أحللني من وثاقي هذا حتى أقضي حاجتي ، ثم أمرك فيّ ، قال : فنشط والله من دائه حتى قضى حاجته ، ثم عاد إلى فراشه ، فعاودته علّته.

__________________

(١) الأصل وم ، وفي الحلية : قضى.

(٢) في م : الكناني ، تصحيف.

٢٢٨

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي الأستاذ أبو القاسم ، أنا الشيخ أبو عبد الواحد السلمي ، نا أبو الحارث الخطابي ، نا محمّد بن الفضل ، نا علي بن مسلّم ، نا سعيد بن يحيى البصري ، قال :

كان أناس من قريش يجلسون إلى عبد الواحد بن زيد ، فأتوه يوما وقالوا : إنا نخاف من الضيعة والحاجة ، فرفع رأسه إلى السماء وقال :

اللهمّ إنّي أسألك باسمك المرتفع الذي تلزم به من شئت من أوليائك ، وتلهمه الصفيّ من أحبابك ، أن تأتينا برزق من لدنك تقطع به علائق الشيطان من قلوبنا وقلوب أصحابنا هؤلاء ، وأنت الحنّان المنّان ، القديم الإحسان ، اللهمّ الساعة الساعة ، قال : فسمعت قعقعة ـ والله ـ للسقف ، ثم تناثرت علينا دنانير ودراهم ، فقال عبد الواحد بن زيد : استغنوا بالله عن غيره ، فأخذوا ذلك ولم يأخذ عبد الواحد شيئا.

قال : وسمعت محمّد بن الحسين السّلمي يقول : نا أبو الحارث الخطابي ، نا محمّد بن الفضل ، نا علي بن مسلم ، نا سعيد بن يحيى البصري ، قال :

أتيت عبد الواحد بن زيد وهو جالس في ظلّ ، فقلت له : لو سألت الله أن يوسّع عليك الرزق لرجوت أن يفعل ، فقال : ربي أعلم بمصالح عباده ، ثم أخذ حصى من الأرض ثم قال : اللهمّ إن شئت أن تجعلها ذهبا فعلت ، فإذا هي ـ والله ـ في يده ذهب ، فألقاها إليّ وقال : أنفقها أنت ، فلا خير في الدنيا إلّا للآخرة.

آخر الجزء الثلاثين بعد الأربعمائة ، وبكماله كل المجلد الثالث والأربعين من الفرع ، وافق ذلك عشية يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة بدار الحديث بدمشق حرسها الله (١).

قرأت على أبي الحسين بن كامل ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن الحسين ، حدثني بشر بن مصلح العتكي ، حدثني زيد بن عمر قال :

شهدت مجلس عبد الواحد (٢) بن زيد بعد العصر ، فكنت أنظر إلى منكبيه ترتعد ودموعه

__________________

(١) من آخر الجزء الثلاثين إلى هنا ليس في م.

(٢) الأصل : عبد العزيز ، تصحيف ، والصواب عن م.

٢٢٩

تنحدر على لحيته وهو ساكت والناس يبكون ، فقال : ألا تستحيوا من طول ما لا تستحيون ، قال : وفي القوم فتى يقال له عتبة الغلام ، فغشي عليه ، فما أفاق حتى غربت الشمس ، فأفاق وهو يقول : ما لي ، ما لي ، كأنه يعمي على الناس أمره ، قال : ثم خرج فتوضّأ.

قال : وقال محمّد : حدثني إسحاق بن إبراهيم قال : سمعت مضر أبا سعيد يقول :

جلسنا يوما إلى عبد الرّحمن بن زيد فلم يتكلم طويلا ، فقال له بعض إخوانه : ألا تعلّم إخوانك شيئا يا أبا عبيدة ، ألا تهديهم إلى خدمة الله ، قال : فبكى بكاء شديدا ثم قال : السرور والخير الأكبر أمامكم أيها العابدون فعلى ما ذا تعرجون (١) ، وما تنتظرون ، خذوا الأهبة (٢) للرحيل ، والعدّة لسلوك السبيل ، فكأنكم بالأمر الجليل قد نزل بكم ، فأوردكم على الكرامة والسرور ، أو على مقطعات النيران ، مع طول النداء بالويل والثبور ، ألا فبادروا إليه رحمكم الله.

قال : ثم غشي عليه وتفرق الناس.

قال مضر : وقال لي عبد الواحد يوما : اقرأ عليّ : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ)(٣) (الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ)(٤) فقرأت عليه ، فجعل يشهق حتى ظننت أن نفسه ستخرج ، ثم أفاق إفاقة فقال (٥) : كيف بالقلوب إذ ذاك وقد كظمت له الحناجر ، ثم غشي عليه ، فحمل إلى أهله.

قال أبو يعقوب : وقرأ مضر يوما : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٦) فبكا حتى غشي ، ثم أفاق فقال : وعزتك ، لا عصيتك جهدي أبدا ، فأيّدني بتوفيقك على طاعتك ، فلما انصرف أتاه قوم من إخوانه فقالوا : كيف قلت الغداة؟ فبكى ثم قال : أطعه بجدك وجهدك ، وسله المعونة على ذلك يؤتك ، قال : فبكى والله أهل البيت جميعا أو شغلهم عما جاءوا له.

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء ، أنا منصور بن الحسين ، وأحمد بن محمود ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمّد ـ أظنه ابن الفضل البلخي ـ أنا عبد الله ـ نزيل

__________________

(١) الأصل : «يعرجون ... ينتظرون» وفي م : الحرف الأول في الكلمتين بدون إعجام ، والتصويب عن المختصر ١٥ / ٢٥٢.

(٢) رسمها مضطرب في الأصل وم ونميل إلى قراءتها : «الهنة» والمثبت عن المختصر.

(٣) ما بين الرقمين سقط من م.

(٤) سورة غافر ، الآية : ١٨.

(٥) ما بين الرقمين سقط من م.

(٦) سورة الجاثية ، الآية :

٢٣٠

سمرقند ـ نا محمود بن المهدي ، نا ابن السماك ، عن عبد الواحد بن زيد قال :

كان يقال : من عمل بما علم فتح له علم ما لا يعلم (١).

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني أبو محمّد علي بن الحسن ، عن العلاء الموصلي ، عن عبد الواحد بن زيد قال :

الغمّ غمّان ، فالغمّ على ما مضى من المعاصي والتفريط ، وذلك يفضي بصاحبه إلى راحة ، وغمّ إذا صار في الراحة غمّ إشفاق ألا (٢) يسلب الأمر الذي هو فيه ـ يعني من الطاعة والعبادة ـ.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد الأزهري ، نا محمّد بن زكريا ، نا محمّد بن علي ، قال : سمعت مضر أبا سعيد يقول : قال عبد الواحد بن زيد :

ما أحب أن شيئا من الأعمال يتقدم الصبر إلّا الرضا ، فلا أعلم درجة أشرف ولا أرفع من الرضا ، وهو رأس المحبة (٣).

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو سعد الأديب ، أنا أبو الحسين علي بن أحمد بن خرابحت (٤) الجيرفتى (٥) ، نا أحمد بن كامل بن خلف القاضي ، نا محمّد بن هشام المستملي ، نا ابن عائشة ، نا إسماعيل بن زكريا (٦) ، قال : قال عبد الواحد بن زيد :

قاعدوا أهل الدين ، فإن لم تقدروا عليهم فقاعدوا أهل المروءات من أهل الدنيا فإنهم في مجالسهم لا يرفثون.

أخبرنا أبو نصر بن رضوان ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّويه ، أنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان ، نا أبو بكر بن زنجويه ، نا عبيد الله بن محمّد التيمي ، أن عبد الواحد بن زيد قال (٧) :

__________________

(١) حلية الأولياء ٦ / ١٦٣ وفيها : فتح الله.

(٢) كذا بالأصل وم ، والمعنى على هذه الرواية غير مستقيم ، والأشبه «أن» وبها يستقيم السياق.

(٣) حلية الأولياء ٦ / ١٦٣.

(٤) كذا رسمها بالأصل وم.

(٥) كذا رسمها بالأصل ، وبدون إعجام في م.

(٦) في الحلية : إسماعيل بن ذكوان.

(٧) حلية الأولياء ٦ / ١٦٠.

٢٣١

جالسوا أهل الدين ، فإن لم تقدروا عليهم فجالسوا أهل المروءات في الدنيا (١) ، فإنهم لا يرفثون في مجالسهم.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمّد بن الحسن الفرغولي ، نا أبو القاسم إبراهيم بن عثمان الخلّال الجرجاني ، أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي ، أنا الحسين بن جعفر الجرجاني ، نا حسان بن محمّد الفقيه ، حدثني أحمد بن داود بن موسى البصري ، نا عبيد الله بن محمّد بن عائشة ، قال : قال عبد الواحد بن زيد لأهل مجلسه :

جالسوا أهل الدين من أهل الدنيا ، وإن كنتم لا بد فاعلين فجالسوا أهل المروءات ، فإنهم لا يرفثون.

أنبأنا أبو علي بن نبهان.

ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو طاهر الباقلاني ، وأبو الحسن محمّد بن إسحاق بن إبراهيم ، وأبو علي بن نبهان.

ح (٢) وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر.

قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن مقسم ، نا أبو العباس ، قال : قال عبد الواحد بن زيد العابد لأصحابه :

جالسوا أهل الدين ، فإن لم تقدروا عليهم فجالسوا الأشراف ، فإن الفحش لا يجري في مجالسهم (٣).

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٤) ، نا عثمان بن محمّد العثماني ، نا أبو الحسن الواعظ البغدادي ، قال : ذكر لي عن أحمد بن أبي الحواري ، قال : قال أبو سليمان : ذكر لي عن عبد الواحد بن زيد قال :

نمت عن وردي ليلة ، فإذا أنا بجارية لم أر أحسن وجها منها عليها ثياب حرير خضر ، وفي رجليها نعلان تقدس بأطراف أزمتها ، فالنعلان يسبحان والزمامان يقدسان ، وهي تقول : يا ابن زيد جدّ في طلبي فإنّي في طلبك ، ثم جعلت تقول برخيم صوتها :

__________________

(١) «في الدنيا» ليس في الحلية.

(٢) «ح» حرف التحويل سقط من م.

(٣) «في مجالسهم» استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.

(٤) الخبر والأبيات في حلية الأولياء ٦ / ١٥٧ ـ ١٥٨.

٢٣٢

من يشتريني ومن يكن سكني

يأمن في ربحه من الغبن

فقلت : يا جارية ما ثمنك فأنشأت تقول :

تودد (١) الله مع محبّته

وطول فكر (٢) يشاب بالحزن

فقلت : لمن أنت يا جارية؟ فقالت :

لما لك لا يرد لي ثمنا

من خاطب قد أتاه بالثمن

فانتبه وآلى على نفسه أن لا ينام الليل.

قال (٣) : ونا عثمان بن محمّد العثماني ، نا أبو الحسن محمّد بن أحمد ، نا عمر بن محمّد بن يوسف ، قال : سمعت أبا جعفر الصفّار يقول : سمعت الفيض بن إسحاق الرّقّي يقول : سمعت الفضيل بن عياض يقول : قال عبد الواحد بن زيد :

سألت الله ثلاث ليال (٤) أن يريني (٥) رفيقي في الجنة ، فرأيت كأن قائلا يقول : يا عبد الواحد رفيقك في الجنة ميمونة السوداء ، فقلت : وأين هي؟ قال : في آل فلان بالكوفة ، قال : وخرجت إلى الكوفة ، فسألت عنها ، فقيل : هي مجنونة بين ظهر انينا ترعى غنيمات ، فقلت : أريد [أن](٦) أراها ، قالوا : اخرج إلى الجنان (٧) ، فخرجت وإذا بها قائمة تصلّي ، وإذا بين يديها عكازة لها ، فإذا عليها جبّة من صوف عليها مكتوب : لا تباع ولا تشترى ، وإذا الغنم مع الذئاب ، لا الذئاب تأكل الغنم ، ولا الغنم تفزع من الذئاب ، فلمّا رأتني أوجزت في صلاتها ثم قالت : ارجع يا ابن زيد ، ليس الموعد هاهنا إنّما الموعد ثمّ ، فقلت لها : رحمك الله ، وما يعلمك أنّي ابن زيد؟ فقالت : أما علمت أن الأرواح جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، فقلت لها : عظيني ، فقالت : وا عجبا لواعظ يوعظ ، ثم قالت : يا ابن زيد إنّك لو وضعت معايير القسط على جوارحك لخبرتك بمكتوم مكنون ما فيها : يا ابن زيد إنّه بلغني ما من عبد أعطي من الدنيا شيئا فابتغى إليه ثانيا إلّا سلبه الله حبّ الخلوة معه ، وبدّله بعد

__________________

(١) في م : «بورث» الحرف الأول بدون إعجام.

(٢) في م : «قلب» وفي الحلية : شكر.

(٣) القائل : أبو نعيم الحافظ ، والخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٤) الأصل : «ليالي» والمثبت عن م والحلية.

(٥) الأصل : «يرني ، والمثبت عن م والحلية.

(٦) الزيادة عن الحلية وم.

(٧) رسمها بالأصل : «الحبان» والمثبت عن م ، وفي الحلية : «الخان» وفي المختصر ١٥ / ٢٥٣ الجبّان.

٢٣٣

القرب البعد ، وبعد الأنس الوحشة ، ثم أنشأت تقول :

يا واعظا قام لاحتساب

يزجر قوما عن الذنوب

تنهى وأنت السقيم حقا

هذا من المنكر العجيب

لو كنت أصلحت قبل هذا

غيّك أو تبت من قريب

كان لما قلت يا حبيبي

موضع صدق من القلوب

ينهى عن الغي والتمادي

وأنت في النهي كالمريب

فقلت (١) لها : إني أرى هذه الذئاب مع الغنم ، لا الغنم تفزع من الذئاب ، ولا الذئاب تأكل الغنم ، فأيش هذا؟ قالت : إليك عني ، فإنّي أصلحت ما بيني وبين سيّدي ، فأصلح بين الذئاب والغنم.

قال (٢) : ونا أبو محمّد بن حيان (٣) ، نا أحمد بن روح ، نا أحمد بن غالب ، نا محمّد بن عبد الله الخزاعي ، قال :

صلّى عبد الواحد بن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، أنا زكريا بن يحيى المنقري ، أنا الأصمعي ، نا عبد الوارث بن سعيد قال :

خطب عبد الواحد بن زيد رابعة ، فحجبته أياما ثم أذنت له ، فلما دخل قالت له : يا شهواني ، أي شيء رأيت من آلة الشهوة فيّ ألا خطبت شهوانية مثلك.

أخبرنا أبو الفتوح عبد الخلّاق بن عبد الواسع بن عبد الهادي بن عبد الله (٤) بن محمّد الأنصاري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن علي بن محمّد بن علي بن عمير العميري (٥) ، نا أبو زكريا يحيى بن عمّار بن يحيى بن عمّار الشيباني ـ إملاء ـ قال : سمعت أبا بكر هبة الله بن

__________________

(١) عن الحلية ، وبالأصل وم : فقال.

(٢) القائل : أبو نعيم ، والخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٦٣.

(٣) «بن حيان» ليس في الحلية.

(٤) «بن محمد الأنصاري» مكرر بالأصل. قارن مع م والمشيخة ١٠٥ / أ.

(٥) قارن مع المشيخة ١٠٥ / أ، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٦٩.

٢٣٤

الحسن القاضي ـ بفارس ـ قال : قرأت على الحارث بن عبيد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم ، قال :

وقف عبد الواحد بن زيد على قبر فقال :

وبينا تراه في سرور وغبطة

إذا هاتف من هاجس الموت قد هتف

فتلقاه مكروبا كثيرا غمومه

أخا أسف ، لو كان ينفعه الأسف

فيا عجبا ممن يسّر (١) بدهره

وقد بصر الأنباء فيه وقد عرف

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن الخبّازي المقرئ ، أنا أبو الحسن المزكّي ـ يعني عبد الرّحمن بن إبراهيم (٢) ـ أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا الغلّابي ، نا أحمد بن غسان ، حدثني أحمد بن عطاء ، قال :

وقف عبد الواحد بن زيد على قبر يتمثل :

فبينا تراه ناعما في سروره (٣)

إذا هاجس من هاجس الموت قد هتف

فتلقاه مكروبا كثيرا همومه

أخا أسف لو كان ينفعه الأسف

فيا عجبا ممن يسرّ بدهره

وقد أبصر الأنباء فيه وقد عرف

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ، نا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن الحسين ، حدثني عمّار بن عثمان الحلبي ، حدثني حصين بن القاسم الورّاق (٤) ، قال (٥) :

كنا عند عبد الواحد بن زيد وهو يعظ ، فناداه رجل من ناحية السجد : كفّ يا أبا عبيدة لقد كشفت قناع قلبي ، فلم يلتفت عبد الواحد إلى ذلك ، فمرّ في الموعظة ، فلم يزل الرجل يقول : كفّ يا أبا عبيدة لقد كشفت قناع قلبي ، وعبد الواحد يعظ لا يقطع موعظته حتى والله حشرج الرجل حشرجة الموت ، وخرجت نفسه ، قال : وأنا والله شهدت جنازته يومئذ ، ما رأيت بالبصرة يوما أكثر باكيا من يومئذ.

__________________

(١) الأصل : «بسر» والمثبت لتقويم الوزن عن م.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٩٧.

(٣) في م : سريره.

(٤) في الحلية وتاريخ الإسلام : الوزان.

(٥) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٩ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٥١٠).

٢٣٥

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو شعيب عبد الرّحمن بن محمّد المكتب ، وأبو محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن المصريان ، قالا : أنا الحسن بن رشيق ، أنا أبو بشر الدولابي ، حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني روح بن عبد المؤمن ، قال :

مات عبد الواحد بن زيد سنة سبع وسبعين ومائة (١).

٤٣١٩ ـ عبد الواحد بن سعيد بن عبد الملك

ابن عبد الوهاب بن حسّان

أبو بكر

حدّث بدمياط عن : موسى بن عامر.

روى عنه : أبو أحمد بن عدي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا أبو القاسم الجرجاني ، نا عبد الله بن عدي ، نا عبد الواحد بن سعيد بن عبد الملك بن عبد الوهاب بن حسّان ، أبو بكر الدمشقي بدمياط ، نا موسى بن عامر ، نا الوليد بن مسلم ، نا عمر بن محمّد ، عن نافع ، عن ابن عمر.

أن رجلا سأل ابن عمر عن الوتر أواجب هو؟ فقال ابن عمر :

أوتر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمون بعد ، ولم يزده على ذلك.

٤٣٢٠ ـ عبد الواحد بن سعيد

روى عن عمر بن عبد العزيز فعله.

روى عنه معمر بن راشد.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد ، قالت : أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون ، نا أبو كريب ، نا ابن المبارك ، عن عبد الواحد بن سعيد قال :

__________________

(١) عقب الذهبي على قول من قال أنه مات في هذا التاريخ :

وهذا بعيد جدا ، ما بقي الرجل إلى هذا الوقت ، وإنما هو بعد الخمسين ومائة. (راجع تاريخ الإسلام ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٥١٣) وسير أعلام النبلاء ٧ / ١٨٠.

٢٣٦

خاصمت إلى عمر بن عبد العزيز في جوار غصبتهن (١) ، وولدن في الشام ، فردّهن علينا وأولادهن.

كذا قال ، وأسقط منه معمرا (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا داود بن عمرو ، نا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الواحد بن سعيد قال :

خاصمت إلى عمر بن الخطاب (٣) في جوار اغتصبناهن وقد ولدن ، قال : فردّهن عمر وأولادهن.

أخبرنا أبو الحسين الأبرقوهي ، وأبو عبد الله الخلال ـ إذنا ـ قالا : أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٤)

عبد الواحد بن سعيد قال : خاصمت إلى عمر بن عبد العزيز ، روى عنه معتمر (٥) ، سمعت (٦) أبي يقول ذلك.

٤٣٢١ ـ عبد الواحد بن سليمان بن جمعة

له ذكر.

كان يسكن كسملين (٧) خارج باب السلامة.

ذكره أبو الحسن أحمد بن حميد بن أبي العجائز الأزدي.

__________________

(١) ما بين الرقمين سقط من م.

(٢) يعني بين المبارك وبين عبد الواحد بن سعيد.

(٣) قبلها بالأصل : العزيز ، ثم شطبت الكلمة بخطين أفقيين ، وكتب بعدها «الخطاب» وهو تصحيف ، وقد مرّ في الرواية السابقة : عمر بن عبد العزيز ، وانظر ما سيأتي عن الجرح والتعديل.

(٤) الجرح والتعديل ٦ / ٢١.

(٥) كذا بالأصل والجرح والتعديل ، وهو تصحيف ، والصواب «معمر» وقد مرّ ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ٧ / ٥ وتهذيب الكمال ١٨ / ٢٦٨.

(٦) ما بين الرقمين سقط من م.

(٧) كذا بالأصل ، وفي م : «سليمان» وفي غوطة دمشق كمحمد كردعلي ص ١٧٨ : كمشتكين ، قال : وكشملين : تحريف.

٢٣٧

٤٣٢٢ ـ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية

أبو عثمان ، ويقال : أبو خالد ـ الأموي (١)

وأمّه (٢) بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية.

حدّث عن أبيه ، وعبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس.

روى عنه الوليد بن محمّد الموقّري ، وكانت داره بدمشق في سوق الصفارين القديم المعروفة اليوم بدار ابن عوف.

وولي الموسم لمروان بن محمّد ، وكان عامله على المدينة.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا سهل بن بشر ، أنا علي بن منير ، أنا الحسن بن رشيق ، أنا أحمد بن يحيى بن زكير.

ح (٣) ونا أبو العباس أحمد بن أبي القاسم بن أحمد النسائي السهمي ، أنا أبو شجاع عبد الرزاق بن سهلب بن عمر الخياط ـ قراءة عليه ـ أنا أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى بن منده الحافظ ، أنا الحسين بن أبي الحسن العسكري ـ بمصر ـ نا أحمد بن يحيى بن زكير المصري ، نا عبد الرّحمن بن خالد بن نجيح ، حدّثني أبي خالد بن نجيح ـ وفي حديث نصر : نا أبي ـ نا الوليد بن محمّد ، نا عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن عبد الملك ، عن أبيه ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان بن عفّان.

أنه لما بنى المسجد وأكثر الناس فيه ، فقال : أما إكثاركم سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».

وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة» ، فلقيت عروة بن الزبير ، فحدّثني أنه لما زاد عثمان في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفي حديث ابن رشيق : في المسجد ـ

__________________

(١) انظر أخباره في :

نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٦٦ وانظر الأغاني (الجزء الثاني والجزء السادس : الفهارس) ، تاريخ خليفة بن خيّاط (الفهارس).

(٢) هي : «أم عمرو وبنت عبد الله ...» كما في نسب قريش.

(٣) «ح» حرف التحويل سقط من م.

٢٣٨

أكثر الناس ، فقال علي بن أبي طالب : ما إكثاركم؟ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة» [٧٤٦٨].

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن (١) بكّار.

قال في تسمية ولد سليمان : وعبد الواحد بن سليمان قتله صالح بن علي ، كان واليا لمروان بن محمّد على المدينة ومكة ، أظنه قال : وولي الحج عام الحرورية ، أصحاب عبد الله بن يحيى ، لم يدر بهم عبد الواحد وهو واقف بعرفة حتى تدلّوا عليه من جبال عرفة من طريق الطائف ، فوجّه إليهم رجالا من قريش فيهم : عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ، وأمية بن عبد الله بن عمرو (٢) بن عثمان بن عفّان ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فكلموهم وسألوهم أن يكفّوا حتى يفرغ الناس من حجّهم ، ففعلوا ، فلما كان يوم النفر الأول ، خرج عبد الواحد كأنه يفيض ، ثم مضى على وجهه إلى المدينة ، ونزل فساطيطه وثقله بمنى.

وأم عبد الواحد أم عمرو بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس ، وكان جوادا ممدحا ، له يقول إبراهيم بن علي بن هرمة أنشدني ذلك أبو عمير نوفل بن ميمون ، قال : أنشدنيه أبو مالك محمّد بن مالك بن علي بن هرمة (٣) :

إذا قيل من خير من يرتجى (٤)

لمعترّ (٥) فهر ومحتاجها

ومن يقرع (٦) الخيل يوم الوغا

بإلجامها ثم إسراجها

أشارت نساء بني مالك (٧)

إليك به قبل أزواجها

وقال ابن ميّادة يمدحه (٨) :

__________________

(١) الخبر في نسب قريش للمصعب ص ١٦٦ فكثيرا ما أخذ الزبير بن بكار عن عمه المصعب.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي نسب قريش : عمر.

(٣) الأبيات في الأغاني ٦ / ١١١ وفيها أنه قالها لعبد الواحد بن سليمان.

(٤) رسمها بالأصل : «يعنتمرى» واللفظة غير واضحة في م لسوء التصوير ، والمثبت عن الأغاني.

(٥) معتر : الفقير والمتعرض للمعروف من غير أن يسأل.

(٦) الأغاني : «يعجل» وفي م : يفرع.

(٧) الأصل وم ، وفي الأغاني : بني غالب.

(٨) بعض الأبيات في الأغاني ٢ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧.

٢٣٩

من كان أخطأه الربيع فإنّه

نصر (١) الحجاز بغيث عبد الواحد

إنّ المدينة أصبحت معمورة

بمتوّج حلو الشمائل ماجد

كالغيث من عرض الفرات تهافتت

سبل إليه بصادرين ووارد

وملكت غير معنّف في ملكه

ما دون مكة من حصا ومساجد

وملكت ما بين العراق ويثرب

ملكا أجار لمسلم ومعاهد

مليكهما (٢) ودميهما من بعد ما

غشّى الضعيف شعاع سيف المارد

ولقد رمت قيس وراءك بالحصا

من رام ظلمك من عدوّ جاهد

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٣) :

ولّى مروان بن محمّد عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان المدينة ، ثم عزل عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ـ يعني عن مكة ـ وولّى عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان ، ثم انحاز من أبي حمزة ودخل أبو حمزة ـ يعني الخارجي المدينة ـ فوجّه مروان عبد الملك بن محمّد بن عطية من سعد بن بكر ، فقتل أبا حمزة ، وضمّ إليه مكة.

وأقام (٤) الحج ـ يعني سنة تسع وعشرين ومائة ـ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطّبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان (٥) ، قال :

وفيها ـ يعني سنة ثمان وعشرين ومائة ـ نزع عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز من المدينة حين خرج أميرا على الحاج ، وهو حجّ عامئذ بالناس ، فخالفه عبد الواحد بن سليمان أميرا على المدينة ، وفيها ـ يعني سنة تسع وعشرين ـ نزلت الخوارج مكة مع الحاجّ ، وحجّ بالناس عامئذ عبد الواحد بن سليمان.

__________________

(١) نصر : سقي ، يقال : نصر الغيث الأرض نصرا : غاثها وسقاها وأعانها على الخصب والنبات (اللسان : نصر ، والبيت من شواهده).

(٢) الأغاني : ماليهما.

(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط (تحت عنوان : تسمية عمال مروان بن محمد) ص ٤٠٦ و ٤٠٧.

(٤) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٨٩.

(٥) الخبر التالي سقط من كتاب المعرفة والتاريخ المطبوع للفسوي.

٢٤٠