ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٤

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٤

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٤٦

محمد بن عبد الرّحمن المخلّص ، قال : أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الرّبيع بن سليمان المرادي بمصر ، قال : حدثنا بشر بن بكر التّنّيسي ، عن الأوزاعي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبيد بن عمير ، عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الله تبارك وتعالى تجاوز عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما أكرهوا عليه» (١).

توفي أبو القاسم ابن القطيعي في ليلة الجمعة رابع جمادى الأولى سنة ثمان وست مئة ، ودفن يوم الجمعة بمقبرة الخلّال بباب الأزج.

٢٢٥٠ ـ عليّ (٢) بن أحمد بن عليّ ابن الصّيّاد ، أبو السّعادات بن أبي الكرم الضّرير.

من أهل واسط ، من أهل قرية تعرف بالأرحاء قريبة من البلد.

حفظ القرآن ببلده ، وقرأه على الشّيوخ ، وقدم بغداد بعد سنة خمسين وخمس مئة ، وأقام بالمدرسة النّظامية للتّفقه. وسمع بها من أبي الوقت السّجزي «صحيح البخاري» لما قرئ عليه بالنّظامية وغيره. ثم سافر إلى الموصل وأقام سنين ، وسمع بها من جماعة منهم : أبو سعيد محمد بن عليّ الحلّي ، وأبو بكر محمد بن عليّ الحيّاني ، وأبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي ، وعمر بن محمد بن الخضر ، وغيرهم.

وعاد إلى واسط وتولّى الخطابة بقريته وحدّث بها «بصحيح البخاري» وغيره وكان فيه فضل وتميّز.

__________________

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ١٠٧٨.

(٢) ترجمه ياقوت في «الأرحاء» من معجم البلدان ١ / ١٤٤ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ١٨١ ، والتقييد ٤١٩ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٤٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٢١٨ و ٢٢٠ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٦ ، والمشتبه ١٨ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ١٨٧ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٤٠.

٤٠١

مولده في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وتوفي بالأرحاء يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة سنة تسع وست مئة ، ودفن بها عند أهله.

٢٢٥١ ـ عليّ (١) بن أحمد بن أبي نصر الهاشميّ ، أبو الهيجاء ، يعرف بابن خليفان.

من أهل الجانب الشّرقي ، وسكن الجانب الغربي نحو قطفتا.

سمع من أبي الوقت السّجزي ، وكان سماعه منه صحيحا ، ومعه ثبت «بصحيح البخاري» بخطّ أبي الفضل بن شافع ، ولكن خلّط على نفسه وادّعى سماعه منه لنسخة أبي الجهم العلاء بن عطيّة الباهلي ، ورواها بقوله ، ولم يوجد سماعه بها في أصل ، وروى أيضا عن قوم مجهولين ، وما كان من أهل هذا الشأن ، ولكن اشتهى التكثير ، ولو اكتفى بما صحّ له سماعه لكان فيه غنية. سمعنا منه عوالي البخاري حسب. وفي النّفس منه وقفة.

سألته عن مولده ، فقال : ولدت ليلة الأربعاء النّصف من رجب سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.

وتوفي يوم الثلاثاء غرّة رجب سنة سبع وست مئة.

٢٢٥٢ ـ عليّ (٢) بن أحمد بن عليّ ، أبو الحسن البغداديّ ، يعرف

__________________

(١) ترجمه ابن المستوفي في تاريخ إربل ١٧٠ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٦٧ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٥٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٢١٨ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٧ ، وميزان الاعتدال ٣ / ١١٤ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٤٤٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٣ / ٣٠١ ، وابن حجر في لسان الميزان ٤ / ١٩٨.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٦ / ١٩٢ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ٣٠٢ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١١٧ ، والقفطي في إنباه الرواة ٢ / ٢٣١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٧٩ ، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء ٤٠٧ ، وابن العبري في تاريخه ٤٢٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٢٤٣ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٧ ، والمشتبه ٦٥١ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٩٥ ، والعبر ٥ / ٣٦ ، والصفدي في نكت الهميان

٤٠٢

بابن هبل الطّبيب.

ولد ببغداد ، ونشأ بها ، وقرأ الأدب ، والطّبّ ، وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي. ثم صار إلى الموصل واستوطنها إلى حين وفاته ، وحدث بها وعمّر حتى كبر وعجز عن الحركة فلزم منزله بسكة أبي نجيح قبل وفاته بسنين. وكان النّاس يتردّدون إليه ويقرؤون عليه الحديث والأدب والطّبّ. وكان فاضلا. أجاز لنا من مستقره بالموصل.

أنبأنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن هبل ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر ابن السّمرقندي قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد في شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وعشرين وخمس مئة ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتّاني لفظا ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر وأبو القاسم تمّام بن محمد الرّازي وغيرهما ، قالوا : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي العقب ، قال : حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدّمشقي ، قال : حدثنا عليّ بن عيّاش الألهاني ، قال : حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (١).

سئل أبو الحسن بن هبل عن مولده ، فقال : ولدت ببغداد بباب الأزج بدرب ثمل في ثالث عشري ذي القعدة من سنة خمس عشرة وخمس مئة.

وتوفي بالموصل ليلة الأربعاء ثالث عشر محرم سنة عشر وست مئة ، ودفن بها بمقبرة المعافى بن عمران ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

٢٠٥ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٦٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٩ / ١٣٨ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٤ / ١٤٤٩ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٤٤ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٠٩ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٤٢.

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ١٥٠٨ ، وتكرر في الترجمة ١٧٨٤.

٤٠٣

٢٢٥٣ ـ عليّ (١) بن أحمد بن هلال ، أبو الحسن المستعمل.

من أهل الحربية ، يعرف بابن العريبي.

سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية ، وروى لنا عنه. وكان سافر عن بغداد مدة ، وأقام بالموصل سنين ، وعاد إليها قبل وفاته ، فكتبنا عنه.

قرأت على أبي الحسن عليّ بن أحمد بن هلال ، قلت له : أخبركم أبو العبّاس أحمد بن أبي غالب الزّاهد قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن عليّ بن أحمد الأنماطي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرّحمن بن العبّاس المخلّص ، قال : حدثنا يحيى بن محمد ابن صاعد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى القطعي فيما وقع في كتابنا وسمعه من حضر معنا وحدّثوا به ولم يتابع عليه ، قال : حدثنا عاصم بن هلال ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا طلاق قبل نكاح» (٢).

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٤١٣ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٧١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٠٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٢٤٣ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٧ ، والمشتبه ٤٥٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٦ / ٢٤٦ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٣ / ١٠٠٧.

(٢) حديث صحيح ، وهذا إسناد ضعيف لما بيّنه المؤلف ، ولأن عاصم بن هلال البارقي ضعيف ، قال ابن حبان : كان ممن يقلب الأسانيد توهما حتى بطل الاحتجاج به ، وذكر الذهبي أنّ النكارة في حديثه من قبل الأسانيد لا المتون (تهذيب الكمال ١٣ / ٥٤٦ وميزان الاعتدال ٢ / ٣٥٨) ، وقد توهم في هذا الإسناد فرواه من حديث ابن عمر ، والمحفوظ أنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه الطيالسي (٢٢٦٥) ، وعبد الرزاق (١١٤٥٦) ، وسعيد بن منصور (١٠٢٠) ، وابن أبي شيبة ٥ / ١٥ ، وأحمد ٢ / ١٨٥ و ١٨٩ و ١٩٠ و ٢٠٧ و ٢١٠ ، وأبو داود (٢١٩٠) و (٢١٩١) و (٢١٩٢) و (٣٢٧٣) ، والترمذي (١١٨١) ، وابن ماجة (٢٠٤٧) و (٢١١١) ، والنسائي في المجتبى ٧ / ٢٨٨ وغيرهم ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب ، وهو قول أكثر أهل العلم

٤٠٤

توفي أبو الحسن ابن العريبي ليلة الأحد ثالث عشري رجب سنة عشر وست مئة ، ودفن يوم الأحد بباب حرب.

٢٢٥٤ ـ عليّ (١) بن أحمد بن أبي الحسن بن ملاعب ، أبو الحسن القوّاس ، يعرف بالمشعوذ.

من ساكني الظفرية.

كان يقول : سمعت من أبي الفضل بن ناصر وأحقّ ذلك ويقتضي سنّه جواز ذلك لكن لم يظهر سماعه منه لشيء. وسمع بعد ذلك من أبي الفرج صدقة بن الحسين النّاسخ ، وأبي القاسم ذاكر بن أبي غالب الخفّاف. وروى شيئا يسيرا. سمع منه أصحابنا ، وما وقع إليّ سماعه لأكتب عنه.

بلغني أنّ مولده في محرم سنة أربع وثلاثين وخمس مئة.

وتوفي في ليلة الأربعاء ثامن عشري صفر سنة إحدى عشرة وست مئة ، ودفن يوم الأربعاء بمشهد عبيد الله قريبا من قبر السّبتي بالجانب الشّرقي.

٢٢٥٥ ـ عليّ (٢) بن أحمد بن عليّ بن محمد العنبريّ ، أبو الحسن المنجّم.

من أهل واسط ، يعرف بابن دوّاس القنا.

كان فيه فضل. وقد قرأ شيئا من الأدب ، ويقول شعرا مقاربا ، ويمدح به

__________________

من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وغيرهم ، روي ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب والحسن وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وشريح وجابر بن زيد وغير واحد من فقهاء التابعين ، وبه يقول الشافعي» ، فلم يذكر الترمذي : «عبد الله بن عمر» من بينهم ، والله أعلم.

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٤٥ وذكر أنه كان جاره بالظفرية ، وأنه كتب عنه كثيرا من الحكايات والأشعار ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٣٤.

(٢) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١١٩ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٧٩ ، والقفطي في تاريخ الحكماء ٢٤٠.

٤٠٥

النّاس. وله يد جيدة في معرفة تقويم الكواكب وكتبة التّقاويم.

قدم بغداد مرارا ، وقرأ بها على جماعة ، فلقيته بها وسمعت منه أناشيد ، وبها كانت وفاته. وسمعته يقول : مولدي في سنة أربع وأربعين وخمس مئة ، أظنّه في ذي القعدة ، الشّكّ مني.

وبلغني أنّه توفي ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وست مئة وكنت مسافرا عنها ، والله أعلم.

٢٢٥٦ ـ عليّ (١) بن أحمد بن عليّ بن محمد بن الحسين ، أبو الحسن التّاني ، يعرف بابن بطوشا.

كان يسكن بسوق الغزل بباب الأزج.

وقد سمع من أبي الفضل محمد بن ناصر ، ويكون أكثر الوقت بالسّواد ، ويقيم بقرية تعرف ببيت عبدة ، ويقدم بغداد. كتبت عنه.

قرأت على أبي الحسن عليّ بن أحمد بن بطوشا من أصل سماعه ، قلت له : قرئ على أبي الفضل محمد بن ناصر بن محمد السّلامي وأنت تسمع ، فأقرّ به وعرف ذلك ، قال : أخبرنا أبو القاسم حمزة بن محمد الزّبيري قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله الحرفي ، قال : حدثنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عيسى المدائني ، قال : حدثنا محمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن واسع ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يحرم على النّار كلّ هيّن ليّن سهل قريب» (٢).

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٢١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٤٤ ، والذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ١١٧ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٣٤٦.

(٢) إسناده تالف ، محمد بن الفضل هو ابن عطية بن عمر العبسي ، مولاهم ، الكوفي ، نزيل بخارى ، كذبوه.

٤٠٦

سألت أبا الحسن بن بطوشا عن مولده ، فقال : في يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة.

وتوفي في شوّال سنة اثنتي عشرة وست مئة أو ذي القعدة بسواد بغداد ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٢٥٧ ـ عليّ (١) ابن سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافّة الأنام القائم لله في خلقه أحسن القيام النّاصر لدين الله أبي العبّاس أحمد أمير المؤمنين ابن الإمام السّعيد الطّاهر الشّهيد المستضيء بأمر الله أبي محمد الحسن ابن الإمام الزّكي الطّاهر النّقي أبي المظفّر يوسف المستنجد بالله ابن الإمام الطّاهر المهدي المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أبي العباس أحمد ابن الإمام المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله رضي‌الله‌عنهم ، أبو الحسن الملقّب بالملك المعظّم.

من السّلالة الطّاهرة والعترة الزّاهرة وفرع الخلافة المعظّمة ونجل الإمامة المكرّمة ، ومن حوى شرف الأبوّة واستولى على أمد السّبق إلى كل مكرمة وبرّ وتصدّق وجبر حال أولي الحاجات ، وأفضل بالكثير على ذوي الفاقات ، وعاش في ظلّه وبرّه وصدقته خلق كثير جريا على عادة إنعام الخلافة المعظّمة ، وسلوكا لمنهاج الإمامة المكرّمة النّاصرية ، خلّد الله ملكها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها. ولم يزل إنعامه وبرّه متتاليا ، وفضله وخيره متواليا إلى أن نقله الله سبحانه إلى روح الجنان واستأثره بشرف الإكرام والرّضوان ، فتوفي ضحوة يوم

__________________

أخرجه ابن عدي في الكامل ٦ / ٢١٧٣.

(١) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١٢ / ٣٠٨ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٤٦ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٥٧٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٣٩ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٩١ ـ ٩٢ ، وأبو الفدا في المختصر ٣ / ١٢٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٤٦ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٨ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٦٩ ، والمقريزي في السلوك ج ١ ق ١ ص ١٨١ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢١٣.

٤٠٧

الجمعة العشرين من ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وست مئة ، وأذن للنّاس بالدّخول إلى الدّار العزيزة للصّلاة عليه بعد الصّلاة من اليوم المذكور ، فدخل الولاة وأرباب المناصب والفقهاء والعلماء والأماثل واجتمعوا بصحن السّلام ، وصلّي عليه بعد صلاة العصر بداره ، وحمل جنازته الخدم والخواص إلى دجلة وعبر إلى الجانب الغربي والخلق في السّفن قيام إلى مشرعة الرّقّة ، ومشى النّاس كافة بين يدي الجنازة إلى التّربة الشّريفة عند قبر معروف الكرخي على ساكنها أعظم الرّحمة والرّضوان ، فدفن بالقبّة التي في وسطها مجاورا لضريح الجهة الشّريفة الرّحيمة والدة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ، خلّد الله ملكه ورضي عنها ، قبل صلاة المغرب بيسير ، وتردّد أرباب الدّولة القاهرة والنّاس إلى التّربة الشّريفة ثلاثة أيام يختمون في بكرة كلّ يوم ، ويتكلّم الوعّاظ ، وينشد المراثي الشّعراء. وعظم المصاب على النّاس بهذا الملك المعظّم ، وكثر البكاء والنّوح عليه في سائر المحال بمدينة السّلام إلى أن تقدّم إليهم بعد الثالث بالكفّ عما كانوا عليه ، والله يجعل لأمير المؤمنين أطول الأعمار ويسعد الزّمان وأهله بدوام أيامه على مرور الدّهور والأعصار ، ويرفع درجته في أخراه كما رفعها في دنياه إنه سميع مجيب.

٢٢٥٨ ـ عليّ (١) بن أحمد بن أبي العز ابن الشّبّاك ، أبو الحسن الصّوفيّ.

من ساكني درب نصير.

صحب الصّوفية مدة ، وسمع شيئا من الحديث من أصحاب أبي عبد الله ابن طلحة النّعالي ، وطراد الزّينبي ، وأبي عبد الله ابن البسري. وحدّث بشيء

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ١٤٥ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٩٠ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٨٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٧٨ ، والمشتبه ١ / ٣٤٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٥ / ١٤ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٢ / ٧١٣.

٤٠٨

يسير ، وترك التّصوف ، وأقبل على التّجارة.

توفي في سنة ست عشرة وست مئة.

٢٢٥٩ ـ عليّ بن أحمد بن سعد بن الأعين ، أبو الحسن.

شابّ من أهل باب البصرة ، يعرف بابن الفتوّتي.

شهد عند القاضي محمود الزّنجاني يوم الأحد عاشر شعبان سنة أربع عشرة وست مئة ، وزكّاه الحسين ابن المهتدي ويحيى بن غالية.

٢٢٦٠ ـ عليّ (١) بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن الحسن ، أبو الحسن.

من أهل واسط. ولد بها ، ونشأ ، وانتقل إلى بغداد واستوطنها إلى حين وفاته ، وسكن بقراح أبي الشّحم. وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي ، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء ، وأخيه أبي عبد الله يحيى بن الحسن وغيرهم ، وحدّث عنهم.

سمع منه جماعة منهم : القاضي عمر بن عليّ القرشي ومن بعده ، كأبي بكر محمد بن المبارك البيّع ، وعبد الله بن أحمد الخبّاز ، وقريش بن السّبيع العلوي (٢) وغيرهم.

أنبأنا أبو المحاسن الدّمشقي قال : سألت عليّ بن إبراهيم الواسطي عن مولده فقال : ولدت في جمادى الآخرة من سنة سبع وثمانين وأربع مئة بواسط ، وقدمت بغداد في سنة إحدى وخمس مئة.

وقال لي عبد الله بن أحمد الخبّاز : توفي ، يعني الواسطي ، في أواخر سنة سبع وستين وخمس مئة ببغداد.

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٥.

(٢) توفي قريش بن السّبيع في ذي الحجة من سنة ٦٢٠ ، وهو مترجم في التكملة ٣ / الترجمة ١٩٥٨.

٤٠٩

٢٢٦١ ـ عليّ (١) بن إبراهيم بن نجا بن غانم الأنصاريّ ، أبو الحسن الواعظ.

من أهل دمشق ، سبط أبي الفرج ابن الحنبلي.

ولد بدمشق ونشأ بها ، وقدم بغداد مرارا ، وصاهر سعد الخير الأنصاريّ على ابنته بها ، وسمع منه ، ومن أبي صابر عبد الصّبور بن عبد السّلام الهروي ، ومن أبي الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف وغيرهم. وأول سماعه بها في سنة أربعين وخمس مئة. وعاد إلى بلده ثم قدمها في سنة أربع وستين وخمس مئة رسولا إلى الدّيوان العزيز مجّده الله من نور الدين محمود بن زنكي أمير الشّام وروى بها ؛ فأنشدنا أبو العباس أحمد بن أحمد البزّاز ، قال : أنشدنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن نجا الدّمشقي ببغداد قدمها علينا في سنة أربع وستين وخمس مئة ، قال : أنشدني الوزير طلائع بن رزّيك لنفسه بمصر :

مشيبك قد نضا صبغ الشّباب

وحلّ الباز في وكر الغراب

تنام ومقلة الحدثان يقظى

وما ناب النّوائب عنك نابي

وكيف بقاء عمرك وهو كنز

وقد أنفقت منه بلا حساب

بلغني أنّ مولد عليّ بن نجا الدّمشقي في سنة ثمان وخمس مئة ، وسكن

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٤٥٦ و ٦ / ٢٠ ، والتقييد ٤٠٢ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٢ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٥١٥ ، والتكملة للمنذري ١ / الترجمة ٧٤٢ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٣٤ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ١١٠ ، وابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال ٣٣٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٧٥ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٩٣ ، والعبر ٤ / ٣٠٧ ، والمشتبه ١١٢ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٣٤ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٤٣٦ ، والأشرف الغساني في العسجد المسبوك ٢٧٩ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٣٣ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ١٩٦ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٨٣ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٤٠.

٤١٠

مصر قبل وفاته ، وحدّث بها ، وبدمشق كثيرا.

وتوفي يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان سنة تسع وتسعين وخمس مئة بمصر على ما بلغنا ، والله أعلم.

٢٢٦٢ ـ عليّ (١) بن إبراهيم بن عبد الوهّاب بن سعد بن صدقة بن الخضر بن كليب ، أبو الحسن التّاجر البغدادي.

من ساكني دار الخلافة المعظّمة ، شيّد الله قواعدها بالعز ، وهو ابن أخي شيخنا أبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهّاب بن كليب الذي قدّمنا ذكره (٢).

سافر الكثير من العراق إلى الشّام وديار مصر وبلاد الرّوم وخراسان والغور وغيرها ، وخرج عن بغداد قبل وفاته بمدة.

وقال لي بعض أصحابنا : إنّه قال لي : سمعت من أبي الوقت ببغداد ، وكان إذا طلب أحد منه الرّواية والسّماع يمتنع ويقول : لست أهلا لذلك ، وما أعلم أنّه حدّث بشيء ، والله أعلم.

توفي في صفر نحو سنة عشر وست مئة تقريبا.

٢٢٦٣ ـ عليّ (٣) بن إسماعيل الدّيلميّ ، أبو الحسن التّككيّ المؤيّديّ.

هكذا نسبه أبو بكر بن كامل في «معجم شيوخه» وروى عنه حديثا أخرجه عنه حدّثه به عن زوجته ولم يسمّها فيما ذكر ابن كامل ، والله الموفق للصواب.

٢٢٦٤ ـ عليّ (٤) بن أسعد ، أبو الحسن المقرئ ، يعرف بابن الأقراصيّ.

سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف وغيره ، وما أعلم أنّه حدّث.

__________________

(١) ذكره الذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ١١٩.

(٢) الترجمة ٢١٠٩.

(٣) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد بأحسن مما هنا ٣ / ٢٠٢.

(٤) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٨٧٨.

٤١١

ذكره أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع وأبو الفرج صدقة بن الحسين الحنبلي في «تاريخيهما» وقالا : توفي يوم الثلاثاء حادي عشري شهر ربيع الأوّل سنة خمس وأربعين وخمس مئة ، زاد صدقة فقال : وكان من الصّالحين ممن لا يؤبه له ، يعني يفطن له ويعرف ، وصلّي عليه بجامع القصر ، ودفن بمقبرة أحمد ، وهي مقبرة باب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٢٦٥ ـ عليّ (١) بن أسعد بن رمضان ، أبو الحسن الخيّاط ، يعرف بالأستاني.

والأستان : قرية قريبة من بغداد. كان يسكن بباب الأزج ، وله مسجد يقرئ فيه القرآن الكريم ويخيط فيه.

حدّث بشيء يسير عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي ، فسمع منه محمد بن النّفيس الرّزّاز ، وعبد العزيز بن عليّ القطّان ، وأبو بكر بن معمر.

وقال لي محمد بن محمود الأزجي : توفي يوم الجمعة سادس ربيع الأول سنة اثنتين وست مئة ، ودفن بباب حرب.

٢٢٦٦ ـ عليّ (٢) بن أنشتكين بن عبد الله ، أبو الحسن الجوهريّ.

كان يسكن بدار الخلافة المعظّمة ، شيّد الله قواعدها بالعزّ ، بباب الحريم.

سمع أبا الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون النّرسي ، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي ، وروى عنه حديثا في «معجم شيوخه». وقصدناه

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «الأستان» من معجم البلدان ١ / ١٧٤ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ١٩٢ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ١٩٦ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٩١٧ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٤٥ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٤٨.

(٢) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢١٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦١٦ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٩.

٤١٢

للسّماع منه في سنة ستّ وسبعين وخمس مئة في جماعة من أصحاب الحديث فلم نصادفه في منزله ، وشغلنا عنه فلم أسمع منه.

أنبأنا عمر بن عليّ بن الخضر القرشي ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أنشتكين الجوهري ، قال : أخبرنا أبو الغنائم محمد بن عليّ النّرسي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن فدّوية ، قال : حدثنا عليّ بن عبد الرّحمن البكّائي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، قال : حدثنا حسين بن محمد بن شنبة (١) ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن هارون الغسّاني ، قال : حدثنا فائد بن عبد الرّحمن ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي أوفى ، قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «من كانت له حاجة إلى الله عزوجل أو إلى أحد من بني آدم فليتوضّأ ثم ليحسن وضوءه ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله ربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، اللهم إني أسألك رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل برّ ، والسّلامة من كلّ ذنب ، لا تدع ذنبا إلا غفرته ، ولا همّا إلا فرّجته ، ولا غمّا إلا كشفته ، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين». قال : ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليطلب الدّنيا والآخرة ، فإنّها عند الله تعالى» (٢).

قال القرشيّ : سألت علي بن أنشتكين عن مولده في سنة ست وخمسين وخمس مئة ، فقال : لي إحدى وستون سنة.

وقال غيره : توفي في ليلة الأحد تاسع عشري رجب سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

__________________

(١) بفتح الشين المعجمة وبعدها نون ثم باء موحدة مفتوحتان ، هكذا وجدته مجوّدا بخط ابن المهندس في نسخة تهذيب الكمال ٦ / ٤٧٩ ، وكذا قيّده الحافظ ابن حجر في التقريب. وانظر بلا بد تعليقي على تحرير التقريب ١ / ٢٩٢.

(٢) إسناده ضعيف لضعف فائد بن عبد الرحمن ، كما قال الإمام الترمذي.

أخرجه هو في الجامع (٤٧٩) ، وابن ماجة (١٣٨٤) ، والحاكم ١ / ٣٢٠.

٤١٣

٢٢٦٧ ـ عليّ (١) بن الأنجب بن أبي البقاء ابن التّقي ، أبو الحسن العلويّ الحسنيّ.

من أهل واسط.

حفظ القرآن المجيد ببلده وقرأه بالقراءات العشر على شيخنا أبي بكر ابن الباقلّاني المقرئ. وسمع بها منه ، ومن القاضي أبي الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي ، وغيرهما.

وقدم بغداد وتفقّه بها على مذهب الشّافعي رضي‌الله‌عنه بالمدرسة النّظامية وغيرها ، وأمّ بالنّاس في الصّلاة بالمسجد الجديد الذي أمر ببنائه سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على سائر الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ، خلّد الله ملكه ، بسوق السّلطان مقابل سوق العميد. وسمع بها من شيخنا أبي الفرج بن كليب ، وأمثاله ، وحدّث بالمسجد المذكور بإجازته الشّريفة من الخدمة الشّريفة النّاصرية ، ثبّت الله دعوتها ، وهو الآن قاطن بها مصلّ بالمسجد المذكور ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٢٦٨ ـ عليّ بن بركة بن أبي الحمراء ، أبو الحسن الدّمشقيّ.

سمع أبا طاهر بن الحسن الباقلّاني ، وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك ابن كامل الخفّاف فيما قرأت بخطّه.

٢٢٦٩ ـ عليّ (٢) بن بركة بن طاهر ، أبو الحسن المقرئ.

سمع أبا سهل محمد بن إبراهيم بن سعدوية الأصبهاني فيما قال أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني ، وروى له عنه ، والله أعلم.

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٠٨ ولم يذكر وفاته أيضا.

(٢) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢١٥ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٣٠٢.

٤١٤

٢٢٧٠ ـ عليّ (١) بن بختيار بن عبد الله ، أبو الحسن البغدادي ، أخو محمد بن بختيار الذي تقدّم ذكره (٢).

كان كاتبا يخدم في أشغال الأمراء ، ويتولّى لهم أسبابهم مع الدّيوان العزيز ، مجّده الله تعالى ، وله قبول وفيه فضل ومعرفة بالكتابة ، وله ميل إلى أهل الصّلاح والدّين ، وتردّد إلى الشّيخ أبي السّعود ابن الشّبل العطّار الزّاهد بالحريم الطّاهري وأمثاله من الصّوفية وأصحاب الأحوال ، وينفق عليهم. وبنى رباطا للمتصوّفة قريبا من الجعفرية ، ووقف عليه وقفا من أملاكه.

وفي يوم السّبت خامس عشري شوّال سنة أربع وثمانين وخمس مئة ولي أستاذية الدّار العزيزة ، شيّد الله قواعدها بالعزّ ، فكان على ذلك إلى أن عزل في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وخمس مئة ، فلزم منزله ، ولم يخدم بعد ذلك إلى أن توفي في ليلة الخميس خامس عشري شوّال سنة تسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الخميس ، ودفن بتربة له مجاورة لرباطه المذكور قريبا من الجعفرية.

٢٢٧١ ـ عليّ (٣) بن أبي سعد ، واسمه ثابت وقيل : محمد ، ابن إبراهيم ابن شستان ، أبو الحسن الخبّاز.

من أهل باب الأزج.

أحد من عني بطلب الحديث وكثرة السّماع له ، وملازمة الشّيوخ ،

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢١٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩١٢.

(٢) الترجمة ٩٣.

(٣) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢١ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ١٦٩ و ٣٩٨ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٢٧١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٨٠ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١١٩ ، والمشتبه ٣٥٩ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٥ / ٩٣ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٢ / ٦٨١ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ٤٠٠.

٤١٥

وتحصيل النّسخ بالمسموعات ، وإفادة الطّلبة حتى عرف بالمفيد. وهو خال وكيع بن إبراهيم المشاهر. والضّحاك بن رهزاذ ويحيى بن بوش بإفادته سمعوا كتبا عن أبي القاسم بن بيان ، وأبي الخطّاب الكلوذاني ، وأبي عليّ بن نبهان ، وأبي عليّ ابن المهدي ، وأبي طالب بن يوسف ، وأبي سعد ابن الطّيوري ، وأبي الغنائم ابن المهتدي ، وأبي نصر ابن النّرسي ، وأبي البركات ابن البخاري ، وأبي البقاء ابن البيضاوي ، وأبي القاسم بن الحصين ، وخلق يطول شرحهم. ومن الغرباء : عن أبي المظفّر ابن القشيري ، وعبد الرحمن بن سهل السّرّاج ، وأبي الفتح المضري ، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذّن ، وزاهر الشّحّامي ، وجماعة آخرين.

وحدّث بالكثير. وكان ثقة صدوقا ، كثير السّماع ، وافر الرّواية ، حدثنا عنه جماعة ومنهم : أبو طالب عبد الرحمن بن محمد الهاشمي بواسط ، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، وابن أخيه أبو القاسم بن بوش ، وغيرهم.

قرأت على أبي القاسم يحيى بن أسعد ، قلت له : أخبركم خالك أبو الحسن عليّ بن أبي سعد الخبّاز قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن بيان.

قال شيخنا يحيى بن أسعد : وأخبرنيه أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد ابن بيان إجازة.

قلت : وأخبرنيه أيضا أبو طالب محمد بن عليّ بن أحمد ابن الكتّاني بواسط وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن عليّ السّرّاج وأبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدّبّاس ببغداد بقراءتي على كلّ واحد منهم ، قلت له : أخبركم أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن عليّ بن يعقوب الواسطي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المعروف بابن السّقّاء ، قال : قرئ على أبي

٤١٦

عمر (١) محمد بن يوسف القاضي وأنا أسمع ، قال : حدثنا محمد بن الوليد البسري ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي التّيّاح (٢) ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لمّا أهبط الله آدم من الجنّة إلى الأرض حزن عليه كلّ شيء جاوره إلا الذّهب والفضّة ، فأوحى الله إليهما : جاورتكما بعبد من عبيدي ثم أهبطته من جوار كما فحزن عليه كلّ شيء جاوره إلا أنتما ، فقالا : إلهنا وسيّدنا أنت تعلم أنّك جاورتنا به وهو لك مطيع ، فلما أن عصاك لم نحب أن نحزن عليه ، فأوحى الله إليهما : كذا كان بدو شأنكما ، فوعزّتي وجلالي لأعزّنّكما حتى لا ينال شيء إلا بكما» (٣).

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، قال : سألت أبا الحسن الخبّاز عن مولده فقال : في سنة خمس وثمانين وأربع مئة. وتوفي يوم الأربعاء عاشر شعبان سنة اثنتين وستين وخمس مئة. وقال صدقة النّاسخ مثل ذلك وزاد : وصلّي عليه صبيحة الخميس حادي عشر في مصلّى الحلبة ، ودفن بمقبرة باب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٢٧٢ ـ عليّ (٤) بن ثابت ، أبو الحسين.

من أهل الحربية.

سمع أبا نصر محمد بن محمد الزّينبي ، وأبا الغنائم محمد بن عليّ بن أبي عثمان الدّقّاق ، وأبا الحسن عليّ بن الحسين بن قريش ، وأبا الحسين عاصم بن الحسن المقرئ ، وغيرهم.

__________________

(١) في الأصلين : «أبو عمرو» ولا يصح ، فترجمته مشهورة ، فينظر تاريخ الخطيب ٤ / ٦٣٥ ، والمنتظم لابن الجوزي ٦ / ٢٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٥٥٥.

(٢) اسمه يزيد بن حميد الضبعي.

(٣) إسناده صحيح ، رجاله ثقات.

(٤) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٢٦.

٤١٧

توفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وخمس مئة ، ودفن من الغد بباب حرب ، وكان كهلا ، ولم يرو شيئا.

٢٢٧٣ ـ عليّ (١) بن ثابت بن طاهر الحذّاء ، أبو الحسن.

أخو عبد العزيز بن ثابت الذي سبق ذكره (٢) ، وهذا الأصغر.

سمع من أبي المكارم المبارك بن محمد الزّاهد مع أخيه ، ومن غيره ، وروى لنا عنه. وكان شيخا ساكنا خيّرا.

قرأت على أبي الحسن عليّ بن ثابت بن طاهر : أخبركم أبو المكارم المبارك بن محمد بن المعمّر البادرائي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد البقّال ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجرّي ، قال : حدثنا الفيريابي ، يعني جعفر بن محمد ، قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عيّاش ، قال : حدثني أسيد بن عبد الرّحمن الخثعمي ، عن قرّة ، عن مجاهد ، عن عقبة بن عامر ، قال : لقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا عقبة بن عامر ، أمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك وليسعك بيتك» (٣).

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٢٥ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢٤١ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٢١٨ نقلا من هذا الكتاب ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨١٦.

(٢) الترجمة ١٩٣٧.

(٣) إسناده ضعيف ، إسماعيل بن عياش الحمصي مخلّط في روايته عن غير أهل بلده ، وأسيد بن عبد الرحمن الرملي ليس منهم ، ولا أعرف رواية لمجاهد عن عقبة بن عامر.

وهذا الحديث معروف من رواية أبي أمامة عن عقبة بن عامر ، وإسناده ضعيف ، أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٣٤) ، وأحمد ٤ / ١٤٨ و ٥ / ٢٥٩ ، والترمذي (٢٤٠٦) ، وابن عدي في الكامل ٤ / ١٦٣٢ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ٩ ، والخطيب في

٤١٨

٢٢٧٤ ـ عليّ (١) بن ثروان بن زيد بن الحسن الكنديّ ، أبو الحسن ، ابن عمّ أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي.

كان له معرفة حسنة بالأدب ، ويقول الشّعر. قدم بغداد وأقام بها ، وقرأ الأدب على أبي منصور ابن الجواليقي اللّغوي بها ، وعلى غيره. وسمع الحديث من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي وجماعة. وسكن قبل موته دمشق ، وحظي عند أميرها نور الدين محمود بن زنكي.

وذكره محمد بن محمد الأصبهاني الكاتب في كتابه المسمى «بخريدة القصر في ذكر شعراء العصر» وذكر شيئا من شعره ، وقال : توفي بدمشق بعد سنة خمس وستين وخمس مئة.

٢٢٧٥ ـ عليّ (٢) بن جعفر بن محمد بن مهدوية ، أبو الحسن.

من أهل الأنبار ، من بيت قديم مشهور بالولاية قد حدّث منهم جماعة.

وعليّ هذا سمع أبا عبد الله محمد بن عليّ الصّوري ، وروى عنه. سمع منه أبو البركات هبة الله بن المبارك السّقطي وكتب عنه حديثا في «معجم شيوخه» ؛ ذكر ذلك أبو المحاسن عمر بن عليّ الدّمشقي الحافظ فيما قرأت بخطّه.

__________________

تاريخه ٩ / ١٩٠ بتحقيقنا.

(١) ترجمه العماد في القسم الشامي من الخريدة ١ / ٣١٠ ، وياقوت في معجم الأدباء ٤ / ١٦٦٧ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٣٠ ، والقفطي في إنباه الرواة ٢ / ٢٣٥ ، وابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال ٦٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٤٠ ، والمختصر المحتاج ٣ / ١٢٠ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣١٣ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٩٦ ، والسيوطي في بغية الوعاة ٢ / ١٥٢ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢١٦.

(٢) ترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٤١.

٤١٩

٢٢٧٦ ـ عليّ (١) بن جابر بن زهير بن عليّ ، أبو الحسن بن أبي الفضل القاضي.

من أهل البطائح ، من قرية تعرف بساقية سليمان ، كان عليّ هذا وأبوه قبله قاضيا بها.

قدم عليّ بغداد وأقام بها للتفقه على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه مدة. وسمع بها من أبي الحسن عليّ بن عبد العزيز ابن السّمّاك ، وأبي الفضل محمد بن ناصر البغدادي ، وأبي الوقت السّجزي. وخرج إلى رحبة مالك بن طوق ، وأقام بها مشتغلا بالفقه والأدب على أبي عبد الله ابن المتقنة ، وعاد إلى بلده وقد حصّل طرفا صالحا من الفقه والأدب.

وتولّى القضاء ببلده ، ثم بالغرّاف وأعمالها. ولقيته بواسط ، وكتبت عنه نوادر وأناشيد ، واستجزته. ثم رأيته ببغداد بعد سنة تسعين وخمس مئة ولم أظفر بشيء من مسموعاته في ذلك الوقت ، ثم وقع إليّ جزء سمعه من أبي الفضل بن ناصر بعد ذلك.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن جابر بن زهير البطائحيّ فيما أجازه لنا ، وقد سمعت منه ، قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السّلامي من لفظه في ذي القعدة من سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة ببغداد.

قلت : وأخبرنيه أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ بن محمد التّاني بقراءتي عليه من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد قراءة عليه في شوّال سنة أربع وأربعين وخمس مئة وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال :

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «ساقية سليمان» من معجم البلدان ٣ / ١٧٢ ، وابن النجار في التاريخ المجدد ٣ / ٢٣٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٦٠ ، وأبو شامة في الذيل على الروضتين ١٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠١٨ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٣ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢٢٣.

٤٢٠