ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٤

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٤

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٤٦

إلا الله ، وإقام الصّلاة ، وإيتاء الزّكاة ، وحجّ البيت ، وصيام رمضان» (١).

سألت عبد السّلام بن الأسود عن مولده ، فقال : في سنة وقوع الوفر ، فقلت له : إنها سنة خمس عشرة وخمس مئة ، فقال : فيها ولدت.

وتوفي بالموصل في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الأوّل من سنة أربع عشرة وست مئة ، عن تسع وتسعين سنة إن صح ما قال ، والله أعلم ، رحمه‌الله وإيانا.

١٩٢٠ ـ عبد السّلام (٢) بن المبارك بن عبد الجبّار بن محمد بن عبد السّلام بن أحمد ، أبو سعد ، يعرف بابن البردغولي.

من ساكني المحلّة المعروفة بالعتّابيين في الجانب الغربي ، من أهل بيت الرّواية ، هو وأبوه وعمّه الحسن.

سمع عبد السّلام من جماعة منهم : أبو منصور واثق بن تمّام بن أبي عيسى الهاشميّ ، وأبو العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية ، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وغيرهم. سمعنا منه.

قرأت على أبي سعد عبد السّلام بن أبي عبد الله ابن البردغولي ، قلت له : أخبركم أبو العباس أحمد بن أبي غالب الزّاهد قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن عليّ بن أحمد السّكّري ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرّحمن المخلّص ، قال : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي ، قال : حدثنا زيد بن سعيد ، قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أدخل

__________________

(١) حديث صحيح ، وهذا إسناد ضعيف ، وقد تقدم الكلام عليه وتخريجه في الترجمة ١٢٩١ ، وتكرر في الترجمة ١٤٥٣.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٩١٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦١٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٩١ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤١ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٥٧.

١٢١

على مؤمن سرورا فقد سرّني ، ومن سرّني فقد اتخذ عند الله عهدا ، ومن اتخذ عند الله عهدا فلن تمسّه النّار أبدا» (١).

سألت عبد السّلام ابن البردغولي عن مولده ، فقال : في سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.

وتوفي يوم الأحد سادس عشر محرم سنة عشرين وست مئة ، ودفن يوم الاثنين بباب حرب.

١٩٢١ ـ عبد السّلام (٢) بن عبد الله بن أحمد بن بكران الدّاهريّ ، أبو الفضل.

وقد تقدّم ذكر أبيه (٣).

سمع أبا القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ ، وأبا الوقت السّجزي ، والشريف أبا جعفر المكي ، وغيرهم. سمعنا منه.

أخبرنا أبو الفضل عبد السّلام بن عبد الله الدّاهري قراءة عليه من أصل سماعه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو القاسم نصر بن نصر بن عليّ الواعظ

__________________

(١) إسناده ضعيف ، وآفته زيد بن سعيد الواسطي ، وقد ذكره الدارقطني وعنه ابن الجوزي في العلل المتناهية (٨٥١) عن أبي حامد محمد بن هارون ، به. وذكره الإمام الذهبي في ترجمة زيد بن سعيد من الميزان ٢ / ١٠٣ وقال : «خبر باطل» وساقه بإسناده إلى جزء ابن الطّلّاية ، به. ورواه ابن جميع الغساني في معجم شيوخه ٣٦٥ وعنه الخطيب في تاريخه ١٥ / ٣٦٨ ثم ابن الجوزي في العلل المتناهية (٨٤٩) من طريق ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس بمعناه ، وليث ضعيف.

(٢) ترجمه ياقوت في «الداهرية» من معجم البلدان ٢ / ٤٣٥ وقال : «وهو حي في وقتنا هذا سنة ٦٢٠» ، وابن نقطة في التقييد ٣٥٣ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٣٣٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٦٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٠٤ ، والعبر ٥ / ١١٢ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤١ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٧٧ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١٢٨.

(٣) الترجمة ١٦١٨.

١٢٢

قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد ابن البسري ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرّحمن بن العباس المخلّص ، قال : حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو بن سليمان ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، وليكرم ضيفه ، وليقل خيرا أو ليسكت» (١).

١٩٢٢ ـ عبد السّلام (٢) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عليّ بن عبيد الله الأمين ، أبو الحسن بن أبي محمد بن أبي منصور المعروف بابن سكينة.

وقد تقدم ذكرنا لأبيه (٣). من بيت التّصوّف والرّواية والثّقة.

سمع عبد السّلام هذا من أبي الوقت السّجزي ، وأبي القاسم ابن العكبري ، والشّريف أبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التّريكي وغيرهم. كتبنا عنه.

قرأت على أبي الحسن عبد السّلام بن عبد الرّحمن بن عليّ الصّوفي من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو المظفّر محمد بن أحمد بن عليّ الهاشمي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عليّ الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن زنبور الورّاق ، قال : حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن زياد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ، قال : حدثنا حبيب بن مزيد الشّنّي ، قال :

__________________

(١) حديث صحيح ، وهذا إسناد ضعيف تقدم الكلام عليه وتخريجه في الترجمة ٥٤٧ من هذا الكتاب.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢٧٨ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ١٥٢١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٣٣ ، والعبر ٥ / ١٠٩ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٧٥ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١٢٤.

(٣) الترجمة ١٨٢٥.

١٢٣

حدثنا ربيعة بن مرداس ، قال : سمعت عمرو بن يزيد يقول : سمعت أبا بكر الصّدّيق يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عليكم بالصّدق فإنّه باب من أبواب الجنّة ، وإياكم والكذب فإنّه باب من أبواب النّار» (١).

سألت عبد السلام بن سكينة عن مولده ، فقال : في ثامن عشر صفر سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

١٩٢٣ ـ عبد السّلام (٢) بن أبي نزار بن أبي نصر الحصريّ ، أبو محمد.

من أهل واسط.

شيخ من أهل القرآن ، سمع بواسط من القاضي أبي عليّ الحسن بن إبراهيم ابن برهون الفارقي وغيره.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه وقال : سمع معي بواسط وببغداد ، وكتبت عنه أبياتا من الشّعر. وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته ، ولقيته أنا بواسط وعلّقت عنه شيئا.

سمعت أبا محمد عبد السّلام بن أبي نزار الحصري يقول : وردت إلى

__________________

(١) إسناده تالف ، عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة متهم (الميزان ٢ / ٥٨٠) ، وربيعة بن مرداس وعمرو بن يزيد لا أعرفهما ولم أجد لهما ذكرا في كتب الرجال.

أخرجه الخطيب في تاريخه ١٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ عن شيخه عبد الكريم بن علي المعروف بابن السني القصري ، عن محمد بن عمر الوراق ، به ، وقال : كذا رأيته في أصل ابن خلف الوراق مضبوطا ، وهكذا رواه ابن شاهين ، عن ابن صاعد.

على أن معنى الحديث صحيح من غير هذا الوجه عن أبي بكر وبلفظ مختلف ، من طريق أوسط بن إسماعيل البجلي أنه سمع أبا بكر حين قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مقامي هذا عام أول ، ثم بكى أبو بكر ، ثم قال : «عليكم بالصدق فإنه مع البر ، وهما في الجنة ، وإياكم والكذب ، فإنه مع الفجور ، وهما في النار ، وسلوا الله المعافاة ...» إلخ. وقد تقدمت قطعة منه في الترجمة ٨٦٥ من هذا الكتاب وخرجناه هناك فراجعه.

(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ٤٣.

١٢٤

الشيخ أبي العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسي المقرئ بواسط رقعة فيها سؤال بيتين من الشّعر يقال : إنها نفّذت من بلاد الغرب ، ووقف عليها قرّاء البلاد ، فما أجاب فيها أحد ، فلما قرأها كتب الجواب ؛ والبيتان :

سألتكم يا مقرئي النّاس كلّكم

سؤالا وما للحبر عن علمه بدّ

عن اسمين ذا مدّوا وما المدّ أصله

وذا لم يمدّوه ومن أصله المدّ

فكتب : أما الاسم الذي مدّوه وما أصله المدّ «مدائن» وأما الذي لم يمدّوه ومن أصله المدّ «فمعايش».

هكذا قال لنا عبد السّلام لم يزد على ذلك ، وفي المسألة كلام يحتاج إليه من قبل الإعراب لم يتعرّض له القلانسي ، لأنّ النّحو لم يكن فنّه ، والله أعلم.

سمعت عبد السّلام الحصريّ يقول : مولدي في سنة ست وتسعين وأربع مئة. وصلّى صلاة العصر يوم سادس ذي القعدة سنة ثمانين وخمس مئة بجامع واسط ، وعاد إلى منزله فجلس ببابه ، فتوفي فجاءة ، وصلّي عليه ، ودفن في اليوم السّابع من الشّهر المذكور برأس درب الحوض بواسط.

* * *

١٢٥

ذكر من اسمه عبد المؤمن

١٩٢٤ ـ عبد المؤمن (١) بن عبد الغالب بن محمد بن طاهر بن حمدان الشيباني ، أبو محمد الورّاق.

من أهل الجانب الغربي ، وسكن الجانب الشّرقي.

سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ببغداد وأبا الخير محمد بن أحمد الباغبان الأصبهاني بهمذان. سمعنا منه.

أخبرنا أبو محمد عبد المؤمن بن عبد الغالب الورّاق قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الفرضي قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : قرئ على أبي إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي وأنا حاضر أسمع ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي البزّاز ، قال : أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثني حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قال : قلت : يا رسول الله ، أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال : «تمنعه من الظّلم ، فذاك نصرك إياه» (٢).

سألت عبد المؤمن الورّاق عن مولده ، فقال : ولدت في سنة سبع عشرة وخمس مئة.

وتوفي يوم الاثنين ثامن ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة.

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في تاريخه ١ / ١٨٣ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٩٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٦٤ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٤ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٨٣ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٠٧.

(٢) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ١٣٧ ، وتكرر في الترجمة ٧٨٤.

١٢٦

١٩٢٥ ـ عبد المؤمن (١) بن محمد بن المبارك بن محمد بن محمد ابن الخطيب ، أبو الفضل القاضي.

من أهل المدائن ، من بيت القضاء والخطابة ببلده هو وأبوه وجده. تولّى القضاء به بعد وفاة أخيه عبد الحميد الأكبر وسيأتي ذكره. كتبت عنه أناشيد من شعر أبيه ببغداد.

أنشدنا عبد المؤمن بن محمد قاضي مدائن كسرى ببغداد من حفظه لأبيه القاضي أبي المعالي محمد في الشّكر :

لو عشت ما عاش نوح كلّ جارحة

منّي بألف لسان تشكر النّعما

عجزت عن شكر ما أوليتني كرما

والرّوض أعجز من أن يشكر الدّيما

توفي عبد المؤمن ابن الخطيب في محرم سنة ثمان وست مئة فيما بلغنا ، رحمه‌الله وإيانا.

* * *

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في تاريخه ١ / ١٨٤ نقلا من تاريخ ابن الدبيثي هذا ، وكذلك المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٨٣ ، وعنه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٩٣ ، واختاره في المختصر المحتاج ٣ / ٤٤.

١٢٧

ذكر من اسمه عبد العزيز

١٩٢٦ ـ عبد العزيز بن أحمد بن منصور ، أبو ياسر القاضي.

سمع أبا طالب محمد بن محمد بن غيلان ، وحدّث عنه. سمع منه أبو البركات هبة الله بن المبارك السّقطي ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

أنبأنا بذلك عمر بن عليّ القاضي ، عن وجيه بن هبة الله ، عن أبيه.

١٩٢٧ ـ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز ، أبو القاسم الواعظ.

من أهل أصبهان.

قدم بغداد ، وسمع بها من أبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ، وعاد إلى بلده. ثم قدمها مرة ثانية في سنة إحدى عشرة وخمس مئة ، وحدّث عن أبي بكر محمد بن أحمد بن ماجة ، فسمع منه أبو طالب المبارك بن عليّ بن خضير الصّيرفي ؛ ذكر ذلك القاضي عمر القرشي فيما قرأت بخطّه.

١٩٢٨ ـ عبد العزيز بن هبة الله بن القاسم بن منصور ابن البندار ، أبو القاسم بن أبي البقاء.

من أهل الحريم الطّاهري ، والد شيوخنا : عبد الرحيم وعبد الغني وعبد الملك. من بيت الرّواية والثّقة.

كان مقرئا حسن القراءة مليح الصّوت والأداء. سمع من جماعة مثل أبي القاسم بن الحصين ، وأبي غالب ابن البنّاء وطبقتهما. واشتغل بالتّجارة ، وسافر عن بغداد في شبيبته ، ونزل أردبيل من بلاد أذربيجان واستوطنها إلى حين وفاته ، وولد أولاده المذكورون بها ، وما أعلم أنّه روى شيئا ، والله أعلم.

بلغني أنّه ولد في ليلة السّبت عاشر جمادى الأولى سنة ست وتسعين وأربع مئة ببغداد.

وتوفي بأردبيل في سنة خمسين وخمس مئة أو نحوها ، والله أعلم.

١٢٨

١٩٢٩ ـ عبد العزيز بن المعوّذ بن هبة الله ، ويقال : عبد العزيز بن هبة الله بن المعوّذ بن المعراض ، أبو محمد بن أبي الغنائم ، التّاجر الحرّانيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار.

سمع أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وحدّث عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدّمشقي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن المعوّذ بن المعراض قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد بن بيان قراءة عليه وأنا أسمع.

وأخبرناه عاليا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدّبّاس بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ بذلك ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي ، عن الأوزاعي ، عن حسّان بن عطيّة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «غفر الله لك يا عثمان ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما أبديت ، وما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة» (١).

هكذا هذا الحديث في نسخة الحسن بن عرفة بهذا الإسناد ، وهو مرسل لأنّ حسّان بن عطيّة تابعي لم يدرك النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأخبرنا القاضي عمر بن عليّ القرشيّ في كتابه قال : توفي عبد العزيز بن المعراض ليلة السّبت حادي عشر شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وخمس

__________________

(١) موضوع ، وآفته محمد بن القاسم الأسدي فهو كذاب ، وهو إلى ذلك مرسل.

أخرجه ابن محرز في سؤالاته (الترجمة ٣) ، وينظر تعليقي على ترجمة محمد بن القاسم هذا في تهذيب الكمال ٢٦ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

١٢٩

مئة. قلت : ودفن بمقبرة باب حرب.

١٩٣٠ ـ عبد العزيز (١) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن محمد ابن الجوزي ، أبو بكر ابن الشيخ أبي الفرج الواعظ ، وكان أسن أولاده الذكور.

شابّ متميز ، تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه‌الله.

وسمع بإفادة والده من جماعة منهم : أبو الحسن أحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ ، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي ، ومحمد بن ناصر السّلامي ، وأبو الوقت السّجزي ، وغيرهم. وما بلغ أوان الرّواية.

توفي بالموصل في سنة أربع وخمسين وخمس مئة فيما قيل ، والله أعلم.

١٩٣١ ـ عبد العزيز (٢) بن عليّ بن محمد بن سلمة بن عبد العزيز ، أبو الأصبغ ، وقيل : أبو حميد ، الأندلسيّ المعروف بابن الطّحّان المقرئ.

من أهل المغرب.

مقرئ فاضل له معرفة حسنة بتجويد القراءة ووجوه القراءات وتعليلها ؛ قرأ على جماعة من شيوخ بلده ، وسمع ببلده من أبي الحسين شريح بن محمد الرّعيني ، وبقرطبة من أبي بكر يحيى بن سعادة وغيرهما.

قدم بغداد صادرا من مكة في صفر سنة تسع وخمسين وخمس مئة ، وحدّث بها ، فسمع منه القاضي أبو المحاسن الدّمشقي فيما ذكر ، وقال : سمعت جماعة من أهل الفضل يقولون : ليس بالمغرب أحد أعلم بالقراءات من ابن الطّحّان هذا.

قلت : وصار ابن الطّحّان هذا من بغداد في هذه السنة إلى واسط ، وأقام بها

__________________

(١) ترجمه ابن أخته السبط في مرآة الزمان ٨ / ٥٠٢ ، والذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ٤٤.

(٢) ترجمه ابن الأبار في التكملة ٣ / ٩٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٦٣ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٥ ، والصفدي في الوافي ١٨ / ٥٢٩ ، وابن الجزري في غاية النهاية ١ / ٣٩٥ ، والمقري في نفح الطيب ٢ / ٦٣٤.

١٣٠

في دار أبي الحسن ابن أبي العلاء الوزير ، وقرأ عليه بها جماعة القرآن الكريم بالقراءات السّبعة والعشرة لا غير ، وسمعت القرّاء بها يثنون عليه ويصفونه بالحذق والمعرفة والفضل والصّلاح. فممن قرأ عليه بواسط : الأمير أبو الحسن محمد بن الحسن بن أبي العلاء ، والشريف أبو طالب عبد الرّحمن بن محمد بن عبد السّميع الهاشميّ ، وأبو الفضل نعمة الله بن أحمد الأنصاري ويعرف بابن أبي الهندباء (١) ، وغيرهم ، وسمعوا منه. وحدثنا عنه ابن عبد السّميع والأنصاريّ.

حدثنا أبو طالب عبد الرّحمن بن محمد الهاشميّ لفظا ، قال : حدثنا أبو حميد عبد العزيز بن عليّ بن محمد السّماتي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرّزّاق ، قال : حدثنا عليّ بن مشرّف ، قال : حدثنا طاهر بن بابشاذ النّحوي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الماليني ، قال : حدثنا عبد الله بن عدي الجرجاني ، قال (٢) : حدثنا القاسم بن عبد الله بن مهدي ، قال : حدثنا أبو مصعب (٣) ، قال : حدثنا ابن أبي حازم (٤) ، عن أبيه (٥) ، عن سهل بن سعد السّاعدي ، عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ لكم في كلّ جمعة حجة وعمرة ؛ الحجة (٦) التّهجير إلى الجمعة ، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة» (٧).

تفرّد به القاسم ، عن أبي مصعب.

__________________

(١) توفي سنة ٥٩٣ ، وهو مترجم في تكملة المنذري ١ / الترجمة ٣٩٣.

(٢) الكامل في ضعفاء المحدثين ٦ / ٢٠٦٢.

(٣) هو أبو مصعب الزهري راوي الموطأ عن مالك.

(٤) هو عبد العزيز بن أبي حازم.

(٥) اسم أبي حازم سلمة بن دينار.

(٦) في الأصل : «وعمرة الحجّ التهجير إلى الجمعة» وما أثبتناه من كامل ابن عدي وميزان الذهبي ، وهو الصّواب.

(٧) موضوع ، كما قال الإمام الذهبي في الميزان ٣ / ٣٧٢ ، وآفته القاسم بن عبد الله بن مهدي الإخميمي.

١٣١

أنشدني أبو الفضل نعمة الله بن أحمد بن يوسف المعدّل ، قال : أنشدنا أبو محمد عبد العزيز بن علي الطّحّان المغربي بواسط لبعض أهل المغرب :

بيني وبينك ما لو شئت لم يضع

سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع

حسبي بأنّك لو كلّفت قلبي ما

لا تستطيع قلوب النّاس يستطع

ته احتمل واستطل اصبر وعزّ أهن

وولّ أقبل وقل أسمع ومر أطع

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن عليّ القاضي ومن خطّه نقلت ، قال : سألت عبد العزيز بن الطّحّان عن مولده ، فقال : في سنة ثمان وتسعين ، يعني وأربع مئة ، بإشبيلية.

قلت : وخرج بعد سنة ستين وخمس مئة إلى الشّام فتوفي بحلب ، رحمه‌الله وإيانا.

١٩٣٢ ـ عبد العزيز (١) بن محمد بن محمد البزّاز ، أبو القاسم بن أبي عبد الله.

سمع أبا الحسن عليّ بن أحمد بن فتحان الشّهرزوري ، وأبا عليّ محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب ، وأبا طالب الحسين بن محمد الزّينبي ، وأبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف وغيرهم ، وحدث عنهم. وكانت له معرفة بفقه أبي حنيفة رحمه‌الله.

سمع منه القاضي أبو المحاسن الدّمشقي ، وروى لنا عنه عبد العزيز بن الأخضر ، وسألته عنه فقال : كان فقيها ، وكان شريكا لوالدي ، وقال لي والدي : سمّيتك باسمه لمحبتي له.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز من كتابه ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن محمد الفقيه قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، قال : أخبرنا أبو محمد

__________________

(١) ترجمه القرشي في الجواهر المضيئة ١ / ٣٢١.

١٣٢

الحسن بن عليّ الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيّوية ، قال : أخبرنا أبو الحسن بن معروف ، قال : أخبرنا الحسين بن فهم ، قال : أخبرنا محمد بن سعد ، قال (١) : أخبرنا عتّاب (٢) بن زياد ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن عبّاد بن حمزة بن الزّبير ، قال : نزلت الملائكة يوم بدر عليهم العمائم الصّفر (٣).

١٩٣٣ ـ عبد العزيز (٤) بن شجاع الكلوذانيّ ، أبو محمد المقرئ.

من أهل باب الأزج وساكني دار البساسيري ، منسوب إلى كلواذى ، بلدة قديمة تحت بغداد بيسير ، كذا ينسب إليها كلوذاني على غير قياس.

رجل صالح يعرف بالمميّز ، سكن واسطا ، ونزل منها بباب الزّاب ، وانعكف على تلقين القرآن الكريم وإقرائه ، فختم به القرآن الكريم جماعة ، ولزم طريقة واحدة في العفّة والنّزاهة والتّورّع والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، مع سرده الصّوم وكثرة عبادته ، فانصرفت وجوه النّاس إليه ، وصغت (٥) قلوبهم عاكفة عليه ، وحمدت سيرته وأعجبت الخلق طريقته.

وكان قد قرأ بشيء من القراءات ببغداد على أصحاب الشّيخ أبي محمد سبط أبي منصور الخيّاط ، وبواسط على أصحاب القلانسي وابن شيران. ورأيته واجتمعت به ، ونعم الرّجل كان.

توفّي بواسط في ليلة الجمعة سادس ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وحضرت الصّلاة عليه يوم الجمعة قبل الصّلاة بجامع واسط

__________________

(١) الطبقات ٢ / ٢٦.

(٢) في الأصلين : «غياث» وهو تصحيف ، وهو عتاب بن زياد الخراساني شيخ ابن سعد ، وهو من رجال التهذيب.

(٣) هذا خبر مرسل.

(٤) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ٤٦.

(٥) هكذا بالغين المعجمة مجودة التقييد.

١٣٣

والخلق كثير ، وشيّعنا جنازته حتى دفن بمقبرة مسجد زنبور.

١٩٣٤ ـ عبد العزيز (١) بن مسعود بن عبد العزيز ، أبو طاهر اللّنبانيّ.

من أهل أصبهان.

أديب فاضل له شعر حسن ، قدم بغداد حاجا في صحبة صدر الدين عبد اللّطيف ابن الخجندي في سنة سبع وسبعين وخمس مئة ، فكتب عنه جماعة شيئا من شعره.

أنشدني أبو محمد عبد الرّحمن بن عمر المقرئ ، قال : أنشدني أبو طاهر اللّنباني ببغداد لنفسه من جملة أبيات :

إن كنت تعرف أنّ الرّوح في الياس

فاقطع رجاءك عمّا في يد النّاس

أما تراني لا ألوي على طمع

ولا لما فات أستعدي على النّاس

حجّ هذا الشّيخ في هذه السنة وعاد في سنة ثمانين وخمس مئة إلى بلده وتوفي هناك.

١٩٣٥ ـ عبد العزيز (٢) بن محمد بن عيسى ، أبو أحمد الخردليّ.

من أهل الحربية.

سمع أبا بكر محمد بن منصور القصري المفسّر ، وروى عنه. سمع منه أبو العباس أحمد بن سلمان الحربي وغيره.

قال أحمد : وتوفي يوم السّبت رابع عشري صفر من سنة أربع وثمانين وخمس مئة.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١٨ / ٥٦١ ووفاته فيه سنة ٥٨٤. وذكر أبو العلاء الفرضي ولده رفيع الدين مسعود بن عبد الله بن مسعود كما أشار ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٧ / ٣٦٤ ، ولم يذكره ابن نقطة في «إكمال الإكمال» مع أنه من شرطه.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٧.

١٣٤

١٩٣٦ ـ عبد العزيز (١) بن عبد القادر بن أبي صالح الجيليّ ، أبو محمد.

وقد تقدّم ذكر جماعة من إخوته.

سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن صرما الدّقّاق ، وأبا الفضل الأرموي ، وسعيد ابن البنّاء ، وأبا الوقت السّجزي.

ذكر عبد الله بن أحمد الخبّاز أنّه سمع منه.

ذكر أخوه عبد الرّزاق أنه ولد في شوّال سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة (٢).

١٩٣٧ ـ عبد العزيز (٣) بن ثابت بن طاهر الخيّاط ، أبو منصور المقرئ.

من ساكني المأمونية ، كان يؤم في مسجد بالشّمعية ، ويقرئ في القرآن على طريقة سليمة.

سمع أبا المكارم المبارك بن محمد البادرائي الزّاهد ، وأبا محمد عبد الله ابن أحمد ابن الخشّاب النّحوي وطبقتهما ، وروى شيئا يسيرا.

توفي يوم الأربعاء لليلة بقيت من شعبان سنة ست وتسعين وخمس مئة ، ودفن في اليوم المذكور.

١٩٣٨ ـ عبد العزيز (٤) بن أزهر بن عبد الوهّاب بن أحمد بن حمزة السّبّاك ، أبو محمد بن أبي جعفر.

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ٣ / ٤٦ ، وترجمه الشطنوفي في بهجة الأسرار ١١٤ ، والتادفي في قلائد الجواهر ٤٣.

(٢) ذكر التادفي أنّه توفي بالجبال سنة ٦٠٢.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٤٣ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٩٨ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٢٧.

(٤) ترجم له ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ١١٠ و ١٤٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٥٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٤٨ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٦٢٣ و ٥ / ٦.

١٣٥

وقد تقدّم ذكرنا لأبيه (١) وأخيه أحمد (٢).

سمع عبد العزيز هذا من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وأمثالهما. سمعنا منه.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أزهر الوكيل ، قلت له : أخبركم أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : حدثنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد البسري إملاء ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصّلت ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصّمد الهاشمي ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : حدثنا الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا ، ولن تؤمنوا حتى تحابّوا ، ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السّلام بينكم» (٣).

سألت عبد العزيز هذا عن مولده ، فقال : في سنة أربع وعشرين وخمس مئة.

وتوفي يوم الخميس ثامن عشري شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

١٩٣٩ ـ عبد العزيز (٤) بن محمد بن أبي القاسم ، أبو بكر المقرئ الضّرير ، يعرف بابن الرّزّاز.

سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وروى عنه. سمع منه

__________________

(١) الترجمة ١٠٧٠.

(٢) الترجمة ٦٧٩.

(٣) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ٥٠٧ ، وتكرر في الترجمة ٨٩١.

(٤) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٥٤.

١٣٦

بعض أصحابنا ، وما سمعت منه ، وأظنّه أجاز لنا.

توفي في سنة ست مئة أو بعدها بقليل ، والله أعلم.

١٩٤٠ ـ عبد العزيز (١) بن محمود ابن المبارك بن محمود الجنابذيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو محمد بن أبي نصر بن أبي القاسم بن أبي نصر المعروف بابن الأخضر البزّاز.

شيخ ثقة مكثر ، سمع في صباه بإفادة أبيه وإفادة عليّ بن المبارك بن بكروس ثم بنفسه. وقرأ على الشّيوخ ، وكتب بخطّه له ولغيره حتى لم يكن في أقرانه أكثر سماعا منه ، وحصّل الأصول وغالى في شرائها ، وبورك له في سنّه وروايته ، فحدّث نحو ستين سنة ، وجمع الأبواب والشّيوخ والفضائل ، وخرّج التّخاريج الكثيرة في فنون. وكان ثقة صدوقا له معرفة بهذا الشأن وفهم فيه.

أوّل سماعه في سنة ثلاثين وخمس مئة وما بعدها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن الهروي ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وأبي محمد عبد الجبّار بن أحمد بن توبة ، وأبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبي منصور محمد بن عبد الملك ابن خيرون ، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي ، وأبي الحسن سعد الخير

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «جنابذ» من معجم البلدان ٢ / ١٦٥ (ط. صادر) ، وابن نقطة في التقييد ٣٦٤ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ٣٠٥ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٧٢ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٨٨ ، وأبو الفدا في المختصر ٣ / ١٢٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣١٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣١ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٧٣ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٨٣ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٦ ، والصفدي في الوافي ١٨ / ٥٥٨ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ٢ / ٧٩ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٥٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢١١ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٤٦ وغيرهم.

١٣٧

ابن محمد الأنصاري ، وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبي القاسم سعيد ابن أحمد ابن البنّاء ، وأبي الفضل محمد بن ناصر البغدادي ، وخلق يطول شرحهم ويكثر ذكرهم.

ولم أر في شيوخنا أوفر مشيخة منه ، ولا أغزر سماعا ، مع معرفة بحديثه وشيوخه ، وفهم لما يرويه ؛ حدّث بالكثير. وكانت له حلقة بجامع القصر الشّريف يقرأ فيها الحديث ، ويقرأ عليه. سمع منه النّاس بها سنين كثيرة. سمعنا منه ، وكتبنا عنه وانتفعنا بمجالسته وكتبه ، ونعم الشّيخ كان.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من أصله ، قلت له : أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله البزّاز قراءة عليه وأنت تسمع في عاشر رجب سنة أربع وثلاثين وخمس مئة ، فأقرّ بذلك وعرفه ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه وأنا حاضر أسمع ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي البزّاز ، قال : أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، أنّ الرّبيّع بنت النّضر عمّته لطمت جارية فكسرت سنّها ، فعرضوا عليهم الأرش ، فأبوا فطلبوا العفو ، فأبوا ، فأتوا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمرهم بالقصاص ، فجاء أخوها أنس بن النّضر ، فقال : يا رسول الله أتكسر سنّ الرّبيّع؟ والذي بعثك بالحقّ لا يكسر سنّها.

قال : «يا أنس ، كتاب الله القصاص». فعفا القوم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من عباد الله من لو أقسم على الله عزوجل لأبرّه». أخرجه البخاري هكذا عن الأنصاري (١).

__________________

(١) البخاري في الصلح ٣ / ٢٤٣ (٢٧٠٣) ، وفي التفسير ٦ / ٢٩ (٤٤٩٩) ، وفي الديات ٩ / ١٠ (٦٨٩٤) تارة مطولا وتارة مختصرا.

١٣٨

أنشدنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، قال : أنشدنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد ، قال : أنشدنا أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون النّرسي ، قال : أنشدني أبو القاسم موهوب بن عليّ الرّقّي الشّعيري رحمه‌الله :

لئن نزحت دار بنا وتباعدت

وشطّ مزار بيننا وتعذّرا

فإني على صفو المودّة لم أحل

وحاشا لذاك الصّفو أن يتكدّرا

وما غبت عن عين امرئ ذي حفيظة

يراك مكان القلب منه مصوّرا

وأنشدنا أبو محمد أيضا ، قال : أنشدنا أبو منصور المظفر بن أردشير العبّادي الواعظ ببغداد في مجلس وعظه وأنا أكتب عنه :

ألا هل لأيام الصّبا من يعيدها

فيطرب صبّ بالغضا يستعيدها

وهل عذبات الدّوح من رمل حاجر

يميل إلى نحوي مع الورق عودها

سقى الله أيامي بها كل مزنة

يصوب ثراها بالحيا ويجودها

وردّ ليالينا بجرعاء مالك

فقد طال ما ابيضّت من العيش سودها

أرى الأرض والأوطان فيها فسيحة

وما يستميل القلب إلا زرودها

كان شيخنا عبد العزيز بن الأخضر يكره أن يسأل عن مولده ولا يخبر به أحدا ، فلم أسأله عن ذلك لما رأيت من كراهيته له ، فلمّا توفي رئي مولده بخطّ أبي بكر المزرفي المقرئ : في يوم الخميس ثامن عشر رجب سنة أربع وعشرين وخمس مئة.

وتوفي يوم السّبت سادس شوّال سنة إحدى عشرة وست مئة ، وحضرنا الصّلاة عليه بجامع القصر الشّريف يوم الأحد سابع الشّهر المذكور والجمع كثير ، وشيّعنا جنازته إلى الجانب الغربي حتى دفن بمقبرة باب حرب عند قبر أبي بكر المزرفي ، رحمهما‌الله وإيانا.

١٣٩

١٩٤١ ـ عبد العزيز (١) بن معالي بن غنيمة (٢) بن الحسن المقرئ ، أبو محمد ، المعروف بابن منينا (٣).

من أهل باب البصرة ، ينزل بالطّاقات.

سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز ، وأبا البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وأبا البدر إبراهيم بن محمد الكرخي ، وأبا محمد المبارك بن أحمد الكندي ، وغيرهم ، وحدّث عنهم. وكان خيّرا صحيح السّماع. سمعنا منه.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن معالي بن منينا ، قلت له : أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الفرضي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه قراءة عليه وأنا حاضر أسمع ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب ، قال : أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا سليمان التّيمي ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ١٩٠ و ٤ / ١٢٦ و ٥ / ٣٥٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٤٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٤٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٣ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٤٨ ، والمشتبه ٤٤٨ و ٥٩١ ، والعبر ٥ / ٤١ ، وابن كثير في البداية والنهاية ١٣ / ٧٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٦ / ١٩٥ و ٨ / ١٦٣ ، وابن حجر في التبصير ٤ / ١٢٩٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢١٥ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٥٠.

(٢) قيده المنذري فقال : بفتح الغين وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها ميم مفتوحة وتاء تأنيث.

(٣) قيده المنذري أيضا ، قال : بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها نون مفتوحة.

١٤٠