المغرب في ترتيب المعرب - ج ١

أبي الفتح ناصر الدين المطرّزي

المغرب في ترتيب المعرب - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح ناصر الدين المطرّزي


المحقق: محمود فاخوري و عبد الحميد مختار
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة اسامة بن زيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٥
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المقدمة

١ ـ المطرّزيّ (٥٣٨ ـ ٦١٠) ه :

هو أبو الفتح ، وأبو المظفر ، ناصر الدين بن عبد السيد (١) أبي المكارم بن علي بن المطرِزّ ، برهانُ الدين الخُوارزمي الحنفي ، الشهير بالمطرّزي.

و «المطرّزي» : نسبة إلى من يطرّز الثياب ويرقمها. قال ابن خلكان : «ولا أعلم هل كان يتعاطى ذلك بنفسه أم كان في آبائه».

ولد في رجب سنة ٥٣٨ ه‍ (٢) (١١٤٤ م) في «الجرجانية» قصبة إقليم «خُوارزم» (٣) وأكبر مدنه ، وفيها نشأ ودرس ، فقد قرأ على أبيه وعلى خطيب خوارزم ـ تلميذ الزمخشري ـ أبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي ، كما سمع الحديث من العلّامة المحدّث أبي عبد الله التاجر.

__________________

(١) وفى بعض المصادر كوفيات الأعيان ومفتاح السعادة : ناصر بن عبد السيد.

(٢) وفي الفوائد البهية لأبي الحسنات المولوي : ٥٣٦.

(٣) خوارزم : رقعة كبيرة على نهر جيحون ، ذات مدن وقرى كثيرة ، عرفت بخيراتها الوفيرة والأمن الشامل ، كما عرف أهلها بملازمة أسباب الشرائع والدين ، وكلهم معتزلة. وينسب إليها عدد لا يحصى من العلماء. (معجم البلدان ، ومراصد الاطلاع).

٣

ثم طاف خوارزم وغيرها من الأمصار ، وقرأ العلوم المختلفة على شيوخ عصره كالبقّالي والهرّاسي ، حيث نال فيها شهرة واسعة ولا سيما في الفقه الحنفي.

وكان معتزليّ الاعتقاد كالزمخشري ، وعندما توجه إلى الحج سنة ٦٠١ مرَّ ببغداد ، وحدّث فيها بشيء من تصانيفه ، وجرت له هناك مباحث مع جماعة من الفقهاء ، وأخذ أهل الأدب واللغة عنه ، كما قرأ عليه كثير من علماء العصر ، حتى سار ذكره وانتفع الناس به انتفاعاً عظيماً ، بعد أن وجدوا فيه إماماً حاذقاً في الفقه ، عارفاً بالحديث وحافظاً له ، جامعاً لشتات العربية وعلومها ، مطلعاً على دقائقها ، حتى قالوا : إنه لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأنواع الأدب ، وأيام الجاهلية وما يتعلق بها ، وحسبك قول ياقوت في مقدمة معجم البلدان ، وكان معاصراً له : «إمام من أهل الأدب جليل ، وشيخ يُعتمد عليه ويُرجّع في حلّ المشكلات إليه نبيل».

وقد لقّب المطرزي بخليفة الزمخشري لأنه ولد في السنة التي مات فيها الزمخشري ، وفي البلدة نفسها ، وسار على طريقته في الاعتزال والدعوة إليه ، وتأثر به كثيراً ، حتى إنه يدعوه شيخه في عدة مواضع من كتابه هذا : «المغرب» ، وأيضاً حين ينقل عن «أساس البلاغة» الذي ألفه الزمخشري.

وهذا ما جعل الوهم يتسرب إلى أذهان بعض المصنفين ، الذين زعموا أن المطرزي قرأ على الزمخشري : كالسيوطي في بغية الوعاة ، وطاش كبري في مفتاح السعادة ، وتبعهما من المتأخرين صديق حسن خان في كتابه «أبجد العلوم».

أما أسرة المطرزي فلا نعرف عنها شيئاً ، سوى أن له ولداً يدعى

٤

جمال الدين ، ألف له والده كتاب «المصباح» في النحو ، كما ألف كتابه «الإقناع» لمّا فرغ ولده هذا من حفظ القرآن الكريم.

وتوفي المطرزي بخوارزم في ١٠ أو ١١ أو ٢١ من جمادى الأولى سنة ٦١٠ (١٢١٣ م) وقد جاوز السبعين ، ورثاه أكثر من ثلاثمائة شاعر.

وله أشعار مبثوثة في الكتب ، يبدو فيها أحياناً تكلفه البديعي كقوله :

وإني لأستحيي من المجد أن أُرى

حليف غوانٍ ، أو أليف أغاني

ومن شعره قوله :

تعامى زماني عن حقوقي ، وإنه

قبيحٌ على الزرقاء تبدي تعاميا

فإن تنكروا فضلي فإن رغاءه

كفى لذوي الأسماع منكم مناديا

* * *

وقد ترك المطرزي مؤلفات كثيرة تدل على غزارة علمه ومزيد اطلاعه وتحقيقه. ولكن لم يطبع منها حتى اليوم سوى ثلاثة هي :

١ ـ المصباح : وهو مختصر في النحو ، طبع في لكنو (الهند) بلا تاريخ ، وعليه شروح ومختصرات وتعليقات كثيرة ، طبع بعضها.

٢ ـ المغرب في ترتيب المعرب : وهو الكتاب الذي قمنا بتحقيقه ، وسنخصه بكلمة مفردة.

٣ ـ الايضاح ، في شرح مقامات الحريري : ويرد في بعض المصادر باسم (شرح المقامات) ، وقد أثنى عليه ياقوت كثيراً في مقدمة معجم البلدان. ولكنه انتقد بعض ما جاء فيه من التعريف بأسماء الأماكن. ومنه نسخة في المكتبة المارونية بحلب. وذكر زيدان

٥

في «تاريخ آداب اللغة العربية» أن منه نسخة في دار الكتب المصرية. وقد طبع على الحجر سنة ١٢٧٢ ه‍ في ايران ويقع في ٢٢٩ صفحة.

أما كتبه التي لا تزال مخطوطة في بلاد العالم فإليك ما وقفنا عليه منها :

١ ـ الاقناع لما (١) حُوي تحت القناع : في اللغة. قال عنه زيدان : إنه «مفردات لغوية مرتبة على الأجناس ، منه نسخ في باريس ، وبرلين والأسكوريال». وأشار بروكلمان إلى أن في مكتبة فيض الله بتركيا كتاباً باسم «كشف القناع» وأنه ربما كان كتاب «الإقناع» نفسه.

٢ ـ رسالة في اعجاز القرآن : ذكرها بروكلمان ، وأشار إلى أن منها نسخة في «المدينة» ، وأن مجلة الجمعية الألمانية للدراسات المعاصرة قد تحدثت عنها في العدد التاسع ، صفحة ١٠٦.

٤ ـ رسالة في بيان الاعجاز في سورة (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) : منها نسخة في الخزانة التيمورية.

وللمطرزي ، بعد هذا ، كتب أُخر مفقودة نذكر للقارئ ما وفقنا عليه منها :

١ ـ المُعْرِب (٢) في اللغة. وهو كبير الحجم ، وكان قليل الوجود منذ

__________________

(١) كذا في كشف الظنون وهدية العارفين وبروكلمان. وفي أعلام الزركلي : بما

(٢) بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر الراء. وربما ورد في بعض المصادر بتشديد الراء وهو خطأ.

٦

عصر مؤلفه. ألفه المطرّزي أولاً ، ثم اختصره وهذّبه ورتَّبه على حروف المعجم في كتابه «المغرب» هذا ، مضيفاً إليه فوائد وزيادات استقاها من مصادر مختلفة.

٢ ـ الافصاح : انفرد بذكره صاحب هدية العارفين ، وقال إنه في شرح المقامات للحريري. والصواب أن الكتاب الذي شرحت فيه المقامات اسمه «الإيضاح» وقد سبق ذكره ، ولعله محرف في الهدية.

٣ ـ مختصر إصلاح المنطق : لابن السكيت ، ويذكر أحياناً باسم «تلخيص إصلاح المنطق» أو «مختصر الإصلاح».

٤ ـ مقدمة في المنطق : ولعلها هي التي اشتهرت باسم «المقدمة المطرزية» وظن بعضهم أنها للمطرزي نفسه فنسبوها إليه ، وقد ردَّ الحافظ الذهبي هذا الوهم وذكر أن مؤلفها دمشقى قديم هو أبو عبد الله السلمي المطرز ، المتوفى سنة ٤٥٦ ه‍.

٥ ـ زهر الربيع في علم البديع : ذكره صاحب مفتاح السعادة ، وأشار إليه صاحب كشف الظنون (١ / ٢٣٣).

٦ ـ رسالة المولى : لم تشر إليها المصادر ، ولكن ذكرها المطرزي نفسه في كتابه «المغرب» في مادة «ولي».

٧ ـ رسالة : ذكرها المطرزي في مادة «عقق» من المغرب ، ولم يسمّها ، قال : «وإنما قال عليه‌السلام : (قولوا : نسيكةٌ ، ولا تقولوا : عقيقة) كراهية الطِيرَة. وقد قررت هذا في رسالةٍ لي».

* * *

٧

٢ ـ كتاب المغرب :

هو معجم لغوي فقهي ، عُني فيه المطرزي بشرح غريب الألفاظ التي ترد في كتب الفقه الحنفي ، وهو من هذه الناحية بمنزلة كتابي «الزاهر» (١) للأزهري ، و «المصباح المنير» للفيومي ، في عنايتهما بألفاظ الفقه الشافعي.

على أن المطرزي تعدى ذلك إلى شرح مزيدٍ من غرائب اللغة وأعلام البلدان والرجال ، محتجاً بالآيات الكريمة ، والأحاديث الشريفة ، وأقواله أئمة العربية حتى غدا كتاب «المغرب» هذا أشبه بموسوعة ثقافية موجزة متنوعة الألوان ، وهو ـ على اختصاره واختصاصه ـ يدل على فضل المطرزي ، وسعة باعهٍ في اللغة ، وقوة تحقيقه ، ولا يغني عنه أي معجم لغوي ، ولم يؤلف قبله ولا بعده ما يماثله ، هذا إلى أنه يضم مواد لا تجدها في لسان العرب ، ولا في تاج العروس ، وهما الموسوعتان العظيمتان في لغة العرب.

ومن الغريب أن يكون حظ «المغرب» في الدراسات المعجمية الحديثة ضئيلاً ، وربما كان عيسى إسكندر المعلوف أول من أشار إلى قيمته (٢) ، وتبعه الدكتور حسين نصار في كتابه «المعجم العربي» ، ثم عمر رضا كحّالة في كتابه «اللغة العربية وعلومها».

__________________

(١) ما يزال هذا الكتاب مخطوطاً ولم يطبع بعد.

(٢) انظر مجلة «المجمع العلمي العربي» الصادرة بدمشق ، المجلد ١٦ صفحة ٥٨ ـ ٦٥ (سنة ١٩٤١).

٨

وقد أسس المطرزي كتابه هذا على جمع ألفاظ الفقهاء الحنفية في كتبهم الشهيرة المعتمدة ، ولا سيما ما يحتاج منها إلى كشف وبيان في معناه اللغوي ، فاستوفى ما تيسر له منها ، ثم شرحه وبيَّن معناه ، وضبْطه عند اللغويين ، وقد ذكر المطرزي بعض تلك الكتب الفقهية في مقدمة «المغرب» ، وبعضها الآخر في خلال الموادّ.

واستمد مادة كتابه أيضاً من ينابيع كثيرة أهمها :

١ ـ الكتب اللغوية والمعجمات : ذكر أسماء بعضها في مواضع من كتابه مثل : العين ، وجمهرة اللغة ، وتهذيب اللغة ، والصحاح ، وأساس البلاغة ، وطِلبة الطلبة ، والغريبين للهروي ، ومقاييس اللغة ، وإصلاح المنطق ...

٢ ـ كتب أخر مختلفة : وهي كثيرة مثل : أدب الكاتب ، وحماسة أبي تمام ، وكتاب سيبويه وشرحه للسيرافي ، ومشكل الآثار للطحاوي ، ومعرفة الصحابة لابن منده ... وغير ذلك مما أشار إليه المطرزي نفسه أو علمناه من كتابه هذا لدى مقابلته بالمصادر المختلفة التي رجعنا إليها.

٣ ـ أسئلة مختلفة : ألقاها عليه بعض من كان يختلف إلى مجالسه ، وما كان يجيب به من شروح وإيضاحات.

* * *

هذا وقد كان كتاب المغرب نفسه مرجعاً لكثير مما أُلّف بعد المطرزي : كالمصباح المنير ، ومختار الصحاح ، والراموز لمحمد بن حسين ابن علي (ـ ٨٦٦ ه‍) وتاج العروس ، وأقرب الموارد ...

وكثيراً ما خلط المصنّفون بين «المغرب» و «المعرب» أو جعلوا

٩

أحدهما شرحاً للآخر. ولو رجعوا إلى مقدمة المغرب» لعرفوا ان المطرزي ألف أولاً كتابه المطول «المعرب» ـ بالعين المهملة ، وهو الذي لم يصل إلينا ـ ثم اختصره وهذبه ورتبه على حروف المعجم ، وسماه «المغرب في ترتيب المعرب» ـ وهو الذي بين يديك ـ مضيفاً إليه فوائد وزيادات استمدها من مصادر مختلفة ، وأوضح في المقدمة سبب تلك التسمية قائلاً :

«وترجمته بكتاب المغرب في ترتيب المعرب ، لغرابة تصنيفه ورصانة ترصيفه ، ولقرابةٍ بين الفرع والمَنْمى ، والنتيجة والمُنْتمى».

وقد نسّق المطرزي كتابه وفق الطريقة الآتية ، التي أشار إليها في المقدمة ، والتى نوضحها فيما يلي :

١ ـ رتّبه هجائياً على حسب أوائل الكلمات ، كما فعل الزمخشري في في «أساس البلاغة» ، بعد تجريدها من الزوائد ، وإعادتها إلى أصولها الثلاثية ، فتجد «الدثار» في «دثر» و «المسبار» في «سبر» و «الاشتباك» في «شبك» .. وهكذا ...

٢ ـ وأما مازاد على الثلاثي من الأصول فلم يراع فيه بعد الحرفين الأولين إلا الحرف الأخير ، فتجد «دخرص» بين «دخس» و «دخل».

إلا أنه قد يخالف عن ذلك أحياناً. ففي فصل (الشين مع الهاء) تتسلسل المواد على هذا الترتيب : (شهب ، شهبن ، شهدج ...).

٣ ـ وعلى هذا ، لم يعتدّ ـ في أوائل الكلمة ـ بالهمزة الزائدة للقطع أو للوصل ، ولا بالمبدلة في أواخرها وإن كانت من حرفٍ أصل ، ولا بالواو في «فوعل» أو «فَعْول». فكلمة : «أصقع» نجدها في «صقع» ، و «اثنين» في «ثني» ، و «القضاء» في «قضي» و «الدعاء» في «دعو» ، و «الجوشن» في «جشن» ... وهذا ما يسير عليه أصحاب المعجمات عادةً.

١٠

٤ ـ وقد يفسر الكلمة مع قرينتها في غير ترجمتها ، إذا وردت في نصّ استشهد به ، «لئلا ينقطع الكلام ويعوجّ النظام». فإذا انتهى إلى موضع تلك الكلمة في ترجمتها أثبتها غير مفسّرة ، ثم أحال على الموضع الذي شرحها فيه (١). غير أنه أخل بذلك في عدة مواضع من كتابه أشرنا إليها (٢).

٥ ـ وجعل المطرزي لمعجمه ذيلاً يحوي كثيراً من ضوابط اللغة ، ومسائل النحو والصرف ، وحروف المعاني وما إلى ذلك مما يحتاج إليه اللغوي والفقيه. وقد تابعه على مثل هذه الخطة كثير ممن جاؤوا بعده : كالفيومي في آخر «المصباح المنير» ، والفيروز آبادي الذي ذيّل «القاموس المحيط» بباب الألف اللينة ...

* * *

وطبع «المغرب» مرة واحدة في حيدر آباد سنة ١٢٢٨ ه‍ في جزأين على ورقٍ لا يتمالك أن يعيش على الاستعمال إلا قليلاً ، وقد أصبحت هذه الطبعة نادرة الوجود.

أما نسخة المخطوطة فهي كثيرة جداً في مكتبات الشرق والغرب ، العامة والخاصة. وقد اعتمدنا في تحقيقه على النسخ الآتية :

١ ـ نسخة مصورة في معهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية في القاهرة : وأصلها المخطوط محفوظ في مكتبة شهيد علي برقم ٢٦٩٢ وتاريخ نسخها سنه ٥٩٨ ه‍ ، أي في حياة المؤلف نفسه. ولذا جعلناها «أصلاً». ثم إنها قوبلت ، وصححت بنسختين : أولاهما

__________________

(١) انظر ، على سبيل المثال ، المواد : فرتن ، فره ، نفع.

(٢) انظر ، من ذلك ، آخر مادة «فضل» وتعليقنا على كلمة «الفضول».

١١

قرئت على المطرزي نفسه ، والأخرى قرأها هو أيضاً ، ونظر فيها ، وصححها بخط يده.

وهذه النسخة مكتوبة بخط نسخ مشكول ، جيد الضبط ، وعدد لوحاتها ٤١٧ بقياس متوسط ، وفي كل صفحة ١٧ سطراً ، ولكن اختلّ ترتيب بعض أوراقها ما بين (١٩٠ / ب) و (٢٠٣ / آ) فأعدنا كلاً إلى موضعه ، معتمدين على ما بين أيدينا من أصول.

وعلى حواشي هذه النسخة تعليقات ملأت تلك الحواشي ، وقد اقتبسنا منها كثيراً حيثما دعت الحاجة ، وهي «بخط عالمٍ من أوائل القرن التاسع كما يدل عليه خطه ، ووجد في ورقةٍ سبقت الكتاب أنه ابن سيف الملّة والدين : السائلي» (١).

٢ ـ نسخة مصورة (٢) في معهد إحياء المخطوطات أيضاً : رمزنا إليها بحرف (ع). وأصلها المخطوط محفوظ في مكتبة أحمد الثالث ، برقم ٢٧٤٣ وعدد لوحاتها ٢٥٥ بقياس متوسط ، وفي كل صفحة ١٩ سطراً. وقد كتبت سنة ٦٢٢ ه‍ ، أي بعد وفاة المؤلف باثني عشر عاماً ، بخط نسخٍ جيد وجميل. وعورضت بأصل المصنف أيضاً. ووضع في حواشيها عنوانات لأصول المواد.

ولكن أخطاء هذه النسخة في الضبط كثيرة ، وقد فقدت منها عشر لوحات في مواضع متفرقة ، كما أنها لا تخلو أيضاً من نقصٍ يسيرٍ في بعض مواد الكتاب (٣). وقد تداركنا أكثر هذا النقص

__________________

(١) من بطاقة التعريف بالمصورة المذكورة.

(٢) حصلنا على هذه المصورة والتي قبلها بمساعي العلامة الاستاذ محمد علي المراد ، الذي أبدى كثيراً من الاهتمام بهذا الكتاب ، جزاه الله خيراً.

(٣) لعل السبب في هذا النقص اليسير يعود إلى أن ناسخها اعتمد على أصل متقادم العهد ، وأن المؤلف قد أعاد النظر في كتابه وصححه فيما بعد وزاد عليه ، وهو ما توحى به المصورة الأولى «الأم».

١٢

بالرجوع إلى نسخة خطية أخرى ـ بالإضافة إلى النسخة الأم ـ محفوظة في المكتبة الوقفية بحلب ، رقمها (٨٧٢ أحمدية) ، كتبت سنة ٦٤٦ ه‍ (١) ، ورمزنا إليها في تلك المواضع الناقصة بحرف (ق) وقد أتى القِدم على لون الحبر فجاء ناسخ آخر وأمرَّ قلمه ثانية على النسخة كلها ، فوقع في كثيرٍ من أخطاء التحريف والتصحيف والشكل ، وهذا ما حال بيننا وبين أن نعتمد عليها اعتماداً كاملاً (٢) ، على الرغم من قدمها.

٣ ـ طبعة حيدر آباد : رمزنا إليها بحرف (ط). وهذه الطبعة زاخرة بالتحريف والتصحيف والنقص ، ولا يمكن الوثوق بها ولا الاطمئنان إليها ، وكثيراً ما أقحم ناشروها شروح المتأخرين في متن الكتاب ، كما غُمَّ عليهم وجه الصواب في مواضع كثيرة ، مع أن بعض تعليقاتهم تفيد أنهم اعتمدوا على أربع نسخ خطية ، ولهذا كان اعتمادنا على هذه الطبعة لا يتعدى الضرورة أو الحاجة الملحّة.

ومن الجدير بالذكر أن النسخ الثلاث (ع ، ق ، ط) تكاد تتقارب فيما بينها ، ما عدا الجملة الدعائية بعد اسم النبي ، فهي في نسخة الأصل : «عليه‌السلام» ، وفي ع : «صلى الله عليه» ، وفي ط : «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». كما زيد في ط وصف الحروف

__________________

(١) هذا هو الصواب ، خلافاً لما جاء في سجل المكتبة الوقفية من أنه (٦٤٠) ه. وإليك ما جاء في آخر تلك النسخة بخط كاتبها علي بن أيوب بن إسرائيل الكنجي : «وكان الفراغ منه ليلة الخميس بثلاث وعشرين من شهر رجب المبارك ، وذلك في سنة ستة أربعين وستمائة ...» وقدسها الناسخ عن إثبات الواو العاطفة بين «ستة» و «أربعين».

(٢) وفي المكتبة الوقفية بحلب نسخة أخرى بلا تاريخ (خالية من الذيل) كتبها محمد بن إسحاق البغدادي ورقمها (٨٧٣ أحمدية) وقد استغنينا عنها بالاصلين المصورين لتأخر عهدها.

١٣

بما هي عليه من إعجام أو إهمال ، في عنوانات الأبواب والفصول. وقد جهدنا في أن نقدم النص للقراء صحيحاً مشكولاً ، ورجعنا من أجل ذلك إلى أهم المعجمات والكتب اللغوية ، ولا سيما التي نقل منها المطرزي ، وسرنا في عملنا هذا وفق الأمور التالية :

١ ـ وضعنا بين مربعين [ ] ما زدناه من (ع) أو (ط) أو من كليهما ، أو من المصدر الذي نقل عنه المطرزي ، وأوضحنا ذلك في الغالب.

٢ ـ عرّفنا ببعض الأعلام أو الكتب التي ورد ذكرها في الكتاب ، ولا سيما تلك التي لم تؤت حظاً كافياً من الشهرة.

٣ ـ خرّجنا ما ورد من الآيات القرآنية وأتممناها في حواشي الكتاب حين تدعو الحاجة إلى ذلك ، كما خرّجنا الشواهد الشعرية والأمثال العربية وما إليها ، ما خلا بعضاً منها لم نعثر عليه في مظانّه ، وهو قليل ، ولم نعرّج على النصوص الفقهية والأحاديث النبوية التي استشهد بها المؤلف إلا نادراً ، لئلا يزداد حجم الكتاب ، فيخرج عن كونه معجماً لغوياً.

٤ ـ لم نعوّل كثيراً على ذكر الاختلاف بين النسخ في التقديم والتأخير بين المتعاطفين ، والجملة الدعائية بعد أسماء الصحابة والأنبياء ، لوفرة ذلك ، ولخلوّه من الفائدة العلمية التي ألف لها الكتاب.

٥ ـ استخدمنا مصطلح «الأصل» في الاشارة إلى النسخة الأم «الأولى» واستعملنا لفظة «الأصلين» في الإشارة إلى كلتا المصورتين إذا اتفقتا في أحد المواضع ، وقصدنا بكلمة «النسخ» الإشارة إلى النسخ الأربع التي اعتمدنا عليها.

٦ ـ جرت عادة المؤلف في أول كل باب أن يسمي حرفه مع الحرف التالي ـ أي الفاء والعين ـ في المرة الأولى فقط ، ثم يستغني عن

١٤

ذكر حرف الباب ، كأن يقول أولاً في (باب الهاء) : «الهاء مع الهمزة» ، ثم يقول : «مع التاء» ، «مع الجيم» ... فآثرنا تكرار ذكر حرف الباب لزيادة التوضيح ، ومتابعةً لطبعة حيدر آباد.

٧ ـ قد يقتصر المؤلف في ضبط الكلمة على لغة واحدة أو مذهب واحد ، فكنّا نضيف أحياناً في الحواشي ما نراه ضرورياً من اللغات الأخرى.

٨ ـ أشرنا آنفاً إلى أن المطرزي كثيراً ما يحيل في شرح الكلمة على مادة أخرى ، ويكتفي في ذلك بالحرفين الأولين من الباب ، فرأينا أن نتبع إحالته بذكر الأصل المحال عليه كاملاً بين مربعين [ ] ليسهل الرجوع إليه ، مثل : «الأضاميم : في (صق) : [صقع]» فاذا لم نعثر على ما أحال عليه أشرنا إلى ذلك في الحاشية.

* * *

وبعد :

فهذا عملنا نضعه بين يدي القارىء ، بعد أن بذلنا ما وسعنا من جهدٍ ووقت ، والشكر يزجى لكل من نبَّهنا ، مخلصاً ، إلى هفوةٍ ندّت ، ونسأله تعالى أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يجزل به النفع ، إنه أكرم مسئول.

حلب : ٢٦ من رمضان ١٣٩٩

١٩ من آب ١٩٧٩

عبد الحميد مختار ـ محمود فاخوري

١٥
١٦

١٧
١٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وأحمده (١) على أن خوّل جزيلَ الطّوْل ، وسدَّد للاصابة في الفعل والقول ، وأرشد إلى مناهج الهدَى ، وأنقَذ من مدارج الرّدى ، حَمْدَ من وُفِّق لإصلاح ما فَسد ، وتنفيق ما كسَد ، ورَقْعِ ما خرَقت أيدي التحريف ورَتْق ما فتقت ألسُن التصحيف.

وأصلي على من ذَرَّت له حَلوبة البلاغة ، وغزُرت في عهده أخلافُ الفصاحة ، حتى استَصفَى بعد مَخْضها الزُّبَدَ (٢). ونَفَى عن مَحْضها الزَّبد ، محمدٍ الموصوفِ بالبهجة ، المخصوصِ بخُلوص اللهجة ، وعلى آله وأصحابه ذَوي الأوجُه الصّبِاح ، والألسُن الفِصاح ، وأسلم تسليماً كثيراً ، وقبل (٣) وبعد :

فهذا ما سَبق به الوعدُ من تهذيب مصنَّفي المترجَم «بالمُعْرِب» (٤) وتنميقه ، وترتيبه على حروف المعجم وتلفيقه. اختصرتُه لأهل المعرفة ، من ذوي الحميّة والأنفَة من ارتكاب الكَلِم (٥) المحرَّفة ، بعد ما سرّحت الطَّرف في كُتبٍ لم يتعهَّدها في تلك النَّوْبة نظَري ، فتقصَّيتُها

__________________

(١) معطوف على متعلق البسملة ، كأنه قيل : بسم الله أفتتح وأحمده.

(٢) جمع زبدة ، بضم الزاي.

(٣) ط : الآن وقبل.

(٤) ع : بالمغرب ، بالمغرب.

(٥) ط : الكلمة.

١٩

حتى قضَيتُ منها وَطري ، كالجامع (١) بشرح أبي بكرٍ الرازي ، والزيادات (٢) بكَشْف الحَلْوائيّ ، ومختَصر الكَرْخيّ بفَسْر (٣) أبي الحسين القُدوري ، والمنتقَى للحاكم الشهيد الشهير (٤) ، وجمع التفاريق (٥) لشيخنا الكبير ، وغيرِها من مصنَّفات فقهاء الأمصار ، ومؤلّفات الأخبار والآثار.

وقد اندّرج في أثناء ذلك ما سألني عنه بعضُ المختلِفة إليّ ، وما أُلقِيَ في المجالس المختلِفة عليّ (٢ / ب) ثم فرّقتُ ما اجتمع لديّ وارتفع إليّ ، من تلك الكلمات المُشْكِلة ، والتركيبات المُعْضِلة ، على أخواتٍ لها وأشكال ، خالعاً عنها ربْقة الإشكال ، حتى انضوى كلٌّ إلى مَأرِزه (٦) واستقرّ في مركزه ، ناهجاً فيه طريقاً لا يَضِلّ سالِكه ، ولا تَجهَل (٧) عليه مَسالِكه ، بل يهجُم بالطالب على الطَلَب (٨) ، عفواً من غير ما تَعب.

والذي اتَّجه لتلفيقه اختياري من البين ترتيبُ كتاب الغريبين (٩) ،

__________________

(١) في فروع الحفية ، وهما كتابان : الجامع الصغير والجامع الكبير ، لمحمد بن الحسن الشيباني المتوفى ١٨٧ ه‍. وقد شرحهما أبو بكر الجصاص الرازي المتوفى ٣٧٠ ه‍.

(٢) في فروع الحنفية ، ألفه محمد بن الحسن الشيباني ، وممن شرحه شمس الأئمة عبد العزيز الحلوائي (ـ ٤٤٨ ه‍).

(٣) الفسر : الشرح والتفسير. والكرخي هو عبد الله بن الحسين (ـ ٣٤٠ ه‍) ومختصره في فروع الحنفية ، شرحه جماعة منهم أحمد القدوري (ـ ٤٢٨ ه‍).

(٤) قتله الأتراك في مرو (٣٣٤ ه‍) وكتابه (المنتقى) في فروع المسائل.

(٥) في الفروع ، لمحمد البقالي الخوارزمي الحنفي (ـ ٥٨٦ ه‍).

(٦) المأرز ، كمجلس : الملجأ.

(٧) أي لا تشق ولا تصعب.

(٨) ط : المطلب.

(٩) يعني غريب القرآن والحديث لأبي عبيد الهروي (ـ ٤٠١ ه‍).

٢٠