الرحلة إلى مصر والسودان والحبشه - ج ٢

أوليا چلبي

الرحلة إلى مصر والسودان والحبشه - ج ٢

المؤلف:

أوليا چلبي


المحقق: الدكتور محمّد حرب
المترجم: الدكتور حسين مجيب المصري وآخرون
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

يس ، وتجاوزت مدينة ملاوى فى أرض ذات نخل ، وانطلقت جنوبا على شاطئ النيل ، وبعد ثلاث ساعات بلغت بلدة : دارود الشريف.

أوصاف قصبة دارود شريف

إنها تابعة لحكم جرجا تتألف من ثمانمائة بيت وهى بلدة صغيرة معمورة ، وناحية صنبو قضاء وغلالها مما أوقف فى مصر على الحرمين وهى فى التزام السادة الأشراف ، وفيها جامعان وست زوايا ومقهيان وثمانية دكاكين وقد حفر فيها يوسف الصديق وأمده جبريل بالمصابيح ترعة ، وذلك قبل أن تصبح هذه التى بالفيوم ترعة كانت جرفا وحوض يوسف وجميع ما فى مصر من ترع ومن خلجان تطهر فى كل عام بالجواميس والثيران ومائة ألف من الرجال ، وترعة دارود التى فى مدينة الفيوم لم تكن جرفا ولكنها شوهدت فى موضعها ، وهى تجرى نحو الغرب وتروى مئات القرى وتمر من مدينة بهنيسا كما تسقى بلدانا أخرى كثيرة ، ورأيت فى جانب الفيوم بحر يوسف ، وماؤه ملح إنه بحيرة عظيمة ، وسوف نكتب عنها فى موضعها ثم عبرنا بلدة ترعة دارود ، وتجولت ثلاث ساعات وبلغت قصبة صنبو.

أوصاف قصبة صنبو

إنها فى حكم جرجا ، وفى التزام السادات ، وفيها صوباشى تابع للوقف وبها مائة وخمسون قضاء ، وبها سبع وستون قرية ، ويتحصل لقاضيها ثلاثة أو أربعة أكياس فى العام ، ونصيب البلدة عشرون ألف أردب من القمح والغلال ، وتقع على ضفة النيل ، بها ألف بيت وثلاثة جوامع وسبعة دكاكين وليس بها حمام ، كما لا يوجد بها خان ولا حدائق إنها قصبة صغيرة ، ولكن بها دار ضيافة للغادى والرائح ، وفى قصر عظيم يقدم فيها للضيوف فطور وطعام مرتين فى اليوم ، وللمسافرين بيت للشعير فقمت منها صباحا ومضيت مدة أربع ساعات على شاطئ النيل شرقا ، ثم انعطفت على شاطئ النيل جنوبا أربع ساعات أخرى لأن النيل ينحرف فى هذا الموضع وكأنه رقبة البعير ، وهناك فى النيل جزر ذات غايات وتماسيح ولصوص يركبون القوارب ، وتجولت فى هذه المدينة ثمانى ساعات وبلغت مدينة منفلوط.

٣٢١

أوصاف بناى لوط أى مدينة منفلوط

وهى من بناء أبناء لوط بن أبى القبابط ، ومدينة منفلوط مسطورة فى دفترخانه جرجا والشائع خطأ على ألسنة العوام أن اسمها منفلوط وذلك سبب تسميتها بهذا الاسم وهى فى حكم جرجا باسم منفلوط ، وهى مدينة قديمة ذات حكومة عظيمة ، وقد منح وزير مصر حاكمها خلعة فاخرة ، حتى فى يومنا هذا مصاحب أحمد بك يقدم هذه الخلعة وبها سبعة فرق مصرية من جنود مصر يحافظون على الأمن فى سبعمائة وعشر من قراها ويحصل منها مائتا كيس من مال السلطان وعدة من الأرادب من الغلال ويتصدق بمائة كيس بعد المصاريف ، لأن من الواحات وبلاد الفونج والسودان يأتى النخاسون بمائة ألف جمل وآلاف الخصيان السود والبيض من السودان ، ويمنح كل أسير دينارا ذهبيا ويمنح كل جمل قرش واحد ، ويحصل من ذلك مال كثير ، إنها مدينة يمر بها ناس كثيرة وكان قبل الباشا يحصل غلالها أغا الغلال ، وكان يحكم البلاد ستة أشهر ، وكان يتقاضى من الكاشف كيسين فى العام وحصانين وعدد عشرة من الخصيان المماليك يوميتهم عشرة قروش ، وهؤلاء يحصلون الغلال ، ويأتى أغا كذلك يستعجل تحصيل الغلال وينال من الكاشف كيسا أجرا على مقدمه فيلح على تحصيل الغلال ، وعلى كل أردب يحصل يأخذ الباشا أغا بارتين ويورد للوالى سبعة أكياس ، ويبقى بعد ذلك فائض قدره سبعة أكياس إنها قضاء يدر ثلاثمائة كيس ، ومن ثلاثمائة قرية يحصل القاضى افندى عشرين كيسا ، وثمة قائد ونقيب وأعيان كبار ، وعلى بعد ألف خطوة غرب النيل وعلى ضفة ترعة عظيمة ثمانية آلاف وستمائة بيت وهى من طوابق وهى جميلة مزينة ، وفيها كثير من الفقراء المساكين وليس الأعيان بهذه الكثرة ، ولكن التجار كثير ، وفيها ثلاثون محلة وثمانية وثلاثون محرابا وثمانى خطب منها الجامع الفوقانى للسعيد الشهيد : محمد بك ويصعد إليه بسلم من عشرين درجة إنه جامع لم يتم بناءه ، ولكن المصلين فيه كثير وليس له مئذنة ولا حرم ، وتحت الجامع دكاكين ولكل سوق بابان ، وفى وكالة محمد بك جامعه وقد بنى على زاوية كانت من قبل وقد أقيم هذا الجامع فى وسط السوق المزدحمة ، ويصعد إليه بسلم من حجر ، وجامع عثمان بك جامع عتيق

٣٢٢

كبير ، وطوله وعرضه خمسون خطوة وله سقف منقوش وله باب للقبلة وبابان فى ناحيته وله منارة وخطبة ويسمى الشيخ جمال الدين ويقولون إنه من أولياء الله ، وقد صام صوما داوديا وقد تلقيت منه الدعاء لى ، وفى وسط السوق الجامع اليتيم ، والجامع العتيق وجامع الكاشف محمد أغا ، وهو جامع معلق يصعد إليه بسلم حجرى من ثمان درجات ، ولذلك يسمونه الجامع المعلق إنه جامع صغير ، وليس به منبر ولا مدرسة ولكن زواياه كثيرة ، وله ستون سبيلا وسبعة وأربعون مكتبا للصبيان ، ودار للحديث وثمانية خانات ، وفى داخل السوق حمام إمام خان وفى السوق كذلك حمام ويوجد مثله فى ديار مصر ، وعلى نهر النيل فى دمياط حمام ، وهو جميل البناء إلى أبعد غاية وفى المدينة ألف دكان ، وكلها مغطاة ، وهذا خاص بديار العجم ولا وجود لسوق وإنما لخان تباع فيه السلع النادرة ، وثمة سوق للغلال وسوق للغنم وخارج المدينة أحد عشر سوقا ، وعلاوة عليها سوق للنساء ، وأسواق هذه البلد كلها تقع على ربوة ، لأنها مرتفعة من نظر منها إلى أسفل دار رأسه وقد كتب على معظم الأبواب وأعلاها الآية الكريمة : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧]. وسألت ما أصل هذه النقوش فقيل لى بعد إيتاء الزكاة من يخرجون لأداء فريضة الحج ثم يعودون فينقش النقاشون على بابه هذه النقوش والآيات ، وكثير من هذه الأبواب يوضع عليها جلد التمساح خوفا من اللصوص ، وهذه الأبواب مثل أبواب القلعة عجيبة وغريبة ، وجو هذه المدينة جميل ويبدو الشبان بوسامتهم هنا وهناك وحدائقها وبساتينها لا تحصى كثرة وعندما يفيض ماء النيل وتجرى مياهه فى الترعة يجتمع على ضفتها جموع من الشباب للهو والمتعة فى العصر حتى مغيب الشمس ، ووجوه أهلها وردية اللون ، وهم يتاجرون فى الحرير والمناشف كما يباع على شاطئ النيل حرير القمصان وأشياء أخرى ويتعيشون من ذلك ، وفيها سبعون طاحونة زيت ومائة وعشرون طاحونة قمح وعشرون مقهى وحانة ، وبها محلة لليهود وأخرى للقبط وللمسيحيين واليهود ثلاثمائة بيت ، وللأرمن وللأوربيين بيوت فيها وهم يأكلون الخبز فيه الينسون ، والجبن القريش والزبد الأبيض والكعك وفطائر البوريك ، والعسل الأبيض المصفى والليمون والسفرجل والرمان والنبق وغير ذلك كثير ، ولكن ليس هناك جميز ولا موز وهم يكرمون الضيف.

٣٢٣

بيان بالضرائح فيها

ضريح الشيخ محمد زعفران ، وهو إلى جوار الأسواق السلطانية ، وضريح الشيخ محمد أنفاس المغربى ، وهو بالقرب من المسجد ، وضريح الشيخ محمد القبيح وهو بالقرب من جامع اليتيم ، وبالقرب منه ضريح الشيخ عبد الكريم وفى الجانب الغربى ضريح الشيخ عباس وفى الجهة القبلية ضريح الشيخ سليمان سلمانى ، وبالقرب من قصر الكاشف مدفن الشيخ عثمان ، وفى وسط المدينة الشيخ أبو الحسن ، وعلاوة على ذلك توجد آلاف القبور وقد مرغت وجهى على هذه الضرائح وسألتهم البركات والعون ، قدسنا الله بسرهم العزيز ، ومن صلحاء الأمة أصحاب الكرامات الشيخ على سنارى ، والشيخ محمد المنفلوطى كما وجدت قبور للطرارين والعيارين والمضحكين ، ولكننا عرفنا الحافظين وأصحاب الكرامات ومن هؤلاء الذى حدد ميقات فتح القلعة بالساعة والدقيقة ، وقبل أن تفتح بثمانية وخمسين يوما ، وقد رؤى فى الطريق يبشر به وهو من المجاذيب ، وغادرت هذه المدينة بعد ثلاثة أيام ، ومضيت جنوبا ست ساعات حتى بلغت مدينة أسيوط القديمة.

أوصاف مدينة أسيوط القديمة

أسيوط فى اللسان القبطى اسم كاهن عمّر طويلا وكان له حظّ من جميع العلوم لأنه أدرك نبى الله إدريس ـ عليه‌السلام ـ وهذا الاسم فى أفواه العوام هو سيوط وفى الزمان الماضى كانت أسيوط قلعة قديمة ضرب عمرو عليها الحصار سبعة أشهر ثم فتحها فتحطمت أسوارها وبرجها ، وآثارها ظاهرة للعيان كأنها شمس الضحى وهى مدينة حول جهاتها الأربعة أرض منخفضة ، وهى كاشفية تتبع جرجا ، وفيها ثلاثمائة جندى وثلاثمائة جندى مصرى من أربع فرق ، ويتحصل من أربعمائة وعشرين قرية خمسة وثمانون كيسا وألف أردب من الغلال ، ويحاسب عليها فى ديوان مصر ولها موظفان لاستعجالها وتحصيلها ، وتجمع الغلال فى فترة تتراوح بين ستة وسبعة أشهر ، وترسل إلى مصر فى السفن ، كما أن الموظفين يحصل كل منهم على ثلاثة أكياس ، وما يفيض من ذلك لا يرسل إلى الباشا ، وهى قضاء يدرّ مائة وخمسين أقجه ، وحواليها مائة قرية

٣٢٤

وخمسة ، ويحصل منها ثمانية أو تسعة أكياس ، وفيها مفتى على المذاهب الأربعة وشيخ إسلام ، وسبع طوائف للقواد والأعيان الكبار ، وهى مدينة قديمة تقع على بعد ألفى قدم من شاطئ النيل وعلى ربوة عالية فى حدائق ونخيل وفيها ستة وعشرون محرابا وتسعة جوامع يخطب لصلاة الجمعة فيها علاوة على المساجد ، ولها جامع جديد بناه مير يوسف بك وطوله وعرضه خمسون خطوة ، وفيه ستة وعشرون عمودا ، وعليه سقف غير منقوش ومنارته من ثلاثة طوابق ، وجامع أمية وهو جامع عتيق فى جانبه الأيسر باب ينزل منه بسلم من الحجر وطوله وعرضه ثمانون خطوة ، وفى داخل الجامع ثمانون عمودا من الرخام وفى حرمه أربع شجرات نبق وأربع نخلات ، ومنبره من الخشب المزين وعلى بابه كتب عليه بالخط الكوفى البسملة وآية الكرسى ، وصاحب الخيرات الخليفة عمر وقت الفتح.

وقد عمر عام خمسمائة ، وهو جامع عتيق ويقول البعض إن عمر لم يبنيه إن بانيه عمر من الخلفاء الفاطميين الذى كان له الملك على مصر عام خمسمائة ، والعهدة على الراوى ، وفى السوق جامع الحمصى وهو يقوم على ثمانى عشرة قاعدة من الرخام وله سقف منقوش وبابان جانبيان ومنارة جميلة من طابقين وجامع القاضى صدر الدين يقوم على اثنى عشر عمودا وهو جامع جديد مسقوف ، وله بابان ومنارة وليس له حرم ، وثمة زوايا إضافة إلى هذه الجوامع ، توجد كذلك تكية وست مدارس ، وسبعون سبيلا وأربعون مكتبا للصبيان ، ودار للقرآن وداران للحديث ، وستة وكالات وحمام وهو حمام جميل معتدل الجو كما يوجد ثلاثمائة وستون دكانا ، ولا وجود لمحال للقماش فيها والصاغة فيها كثير ، وفيها سبع عشرة مقهى ، وأربعون طاحونة وخمسمائة طاحونة تديرها الخيل ولا وجود لطواحين فى خارج المدينة لأن فى هذه المدينة خلقا كثيرا ، والقرى التى خارج المدينة فى حاجة إلى الطواحين ، وكل هذه الطواحين تيمارات وزعامات ، وفى سجلات شيخ البلد أن عدد سكان هذه المدينة مائة وستة وأربعون ألف شخص ، وشوارعها وأزقّتها مزدحمة بالناس ، وقديما كان بها قلعة ما زالت آثارها باقية ، وقبل مجىء العثمانيين إلى مصر ، كان حكام جرجا يحكمون هذا الإقليم مع وزيرهم

٣٢٥

وفى هذا الزمان كان بها سبعة وعشرون ألف بيت وأربعة عشر حماما ، وقد رأيت زواياها ، وحماماتها القديمة ، وحول هذه المدينة رأيت سورا له أبواب كأبواب القلاع ، وكان لهذه الأبواب حراس ليلا ونهارا لأن حولها فى الجانب الغربى كان يسكن مجرمون من العرب وكان هؤلاء العربان يسكنون فى المغارات ، ولهم حظائر لخيولهم وكان فيها يسكن قوم لوط وفى هذه المدينة كهوف دفن فيها بعض الموتى ، وفى هذه المدينة محلة للقبط ولا وجود لأحد من أديان أخرى إن هؤلاء يغدون ويروحون للتجارة ليس إلا ، وتوجد فيها كنيستان ، وجو هذه المدينة معتدل وفيها فتيان وفتيات يتسمون بالجمال ، إنهم جميعا يكرمون الغرباء ويحبونهم وهم من أهل التقوى ، والدكاكين فى هذه المدينة تقع فى شارع واسع ، ولا وجود لدكاكين فى طريق إلا فى الطريق العام ، وفيها سوق سلطانية مغطاة لدفع شدة الحر ، ولها الشهرة بالحرير الأبيض والمناشف والبن والغلات ومعظم الحرفيين فيها نساجون ، ويأتى إليها كثير من أهل المغرب ، ويحملون معهم أحمالا من الحرير والكتان ، ويحملونها إلى بلاد المغرب معهم.

بيان الضرائح التى فى هذه المدينة

فى الناحية الجنوبية لهذه المدينة ، مقبرتان كبيرتان منهما ما يسمونها الجبانة الكبرى ويصنع أهل هذه المدينة لموتاهم توابيت من الجص الأبيض ، ويكتبون عليها التاريخ ، ويزرعون حولها الأشجار ويبيت كثير من الفقراء فى هذه الجبانة ليدفعوا عنها الحيوانات ، وعلى الطريق العام يوجد كثير من السبل ، وآلاف القبور للصحابة الكرام ، ويشهد أهل المدينة على أنه عند محاصرتها استشهد سبعمائة من الصحابة الكرام وأبنائهم ذوى الاحترام وقبورهم معلومة للجميع ، وإذا ما كتبنا فى هذا طال بنا الكلام ، إنها قبور عظيمة وهى لهم ، وفى داخل المدينة قبر الشيخ اسكندر ، وجانب الجسر قبر الشيخ محمد المجذوب وبجواره الشيخ رودى ، وهم من السادات الكرام رحمة الله عليهم أجمعين ، ثم غادرنا أسيوط مع رفقائنا وعبرنا الجسر السلطانى الواقع فى الجهة الجنوبية ، ومضينا فى الصحراء.

٣٢٦

بلدة شطب

وهى على حد قضاء أسيوط ، وفيها ثلاثمائة بيت للمسلمين وقرى للأقباط ، إنها بلدة قديمة تقع على جبل أحمر ، وكان على قمة هذا الجبل فى ماضى الزمان قلعة وتبدو آثارها ، وإلى الجانب الشرقى من الجبل مغارات وأرض خربة إذا بلغها الإنسان اعتراه الخوف الشديد ، ويسمون تلك البلدة التى على رأس الجبل وادى طير.

أوصاف جبل الطير

ويسمونه كذلك جبل طيليمون ، إنه عجيب وغريب جدير بالمشاهدة إنه جبل عظيم يحار فيه الوصف ، ويأتى إليه أنواع من الطيور من الروم فى فصل الربيع ، ومكثنا على هذا الجبل ، ونزلنا ضيوفا على أهله ولكن ليس فيه طيور اللقلق والبجع ، وتحت الجبل أرض صحراوية ، وكانت الطيور تصيح طوال الليل إلى حد أنه يتأذى بأصواتها المستمعون إليها ، ويعرف ذلك أهل تلك المدينة ، وثمة مقبرة فوق هذا الجبل ، وفى كل قبر طيور مدفونة فى كفن ، وأكثرها طيور اللقلق المكفنة ، وتأتى جميع الطيور إلى هذه المقبرة وهى ترفع أصواتها بالنواح ، وتحوم حول هذه المقبرة وتزورها ، كما أنها تمكث فى هذا الجبل ، ومعظم هذه الطيور التى فى الأكفان تبدو من القبور وأجسامها لا تبلى فى أكفانها ، ولا يعرف أحد شيئا عن هذه الطيور المدفونة ، وقد حملت طائرين مكفنين حديثا إلى الكتخدا إبراهيم باشا فرآهما ، وعند الفجر ارتفع صوتهما بالصياح ، وكان صياحهما يثير الفزع ويتوهم من يسمعهما أن الوقت وقت السحر.

وفى هذا الجبل غار عظيم ، وتصيح الطيور عنده ، وبعد أن تصيح سبع صيحات تحوم حول الغار ثم تمكث فى هذا الغار كأنها تتشاور فيما بينها ، ثم يدخل طائر من كل جنس من الطيور هذا الغار ولا تخرج من هذا الغار المظلم بل تموت فيه وإذا لم تمت هذه الطيور فى الغار امتنعت بقية الطيور عن الطيران ، وإذا خرجت بعض الطيور من الغار فإنّ الطيور الأخرى تنقرها وتقتلها ، ويضعون غيرها فى الغار ، وبعد أن تطلع الشمس ، تغادر جميع الطيور هذا الجبل ، وتصعد صيحة حزينة وتدور حول قمة هذا الجبل حتى مغيب الشمس ، ثم تعبر النيل إلى بلاد الفونج ، وتخرج من جزيرة مصر

٣٢٧

هذه وتمضى نحو البحر المحيط جنوبا ، وقد رآها البرتغاليون والهنود فى سفنهم ولا يعلم إلى أين تمضى بعد عبورها البحر المحيط ، ولا يخرج من جزيرة مصر طائر اللقلق ، ولكنها لا تفرخ على الساحل ، لأن بيضها ينضج فى الحر ، ولقد شهدت فى طريقى إلى مكة بيضة نعامة ذات مرة ، وقد ثقبتها وأفرغت ما فيها لإحضارها إلى بلاد الروم إلا أن هذا الفرخ الذى خرج من البيضة طار من شدة الحر وقد زرت مقبرة الطيور ذات الأكفان ، ومضيت إلى الغار المذكور ، وكان غارا عظيما ولم يكن ظلامه دامسا ، ولكن من جثث الطيور تصاعدت رائحة تفقد الإنسان وعيه ، ورأيت جميع أنواع الطيور فى هذا الغار ، وفى كل عام تأتى الطيور من جميع الأجناس إلى هذا الغار وتمضى هذه الطيور إلى أسوان والسودان وتعبر البحر المحيط ، وتعود إلى السواحل فى الربيع وتحوم حول هذا الجبل سبع مرات وهذه الطيور لا تنام ليلا بل تمضى وتتهافت على هذا الغار ، والله يعلم عدد هذه الطيور ، وفى كل عام تبدى منظرا عجيبا ويأتى أهل هذا الإقليم ، ويمضون إلى هذا الغار ويذبحون كل طائر وهم يصنعون فى ذلك مثلما كان عليه آباؤهم بحيث لا يبقى فى الغار طائر ، وهم يعلمون أن الطائر منها إذا وقع فتلك أمارة على القحط ، وكل إنسان يخزن متاعه على أن قحطا عظيما سوف يقع ، وإذا صلب طائر سهل صيده وإذا صلب طائران أخذوا بيضهما ، وإذا صلب ثلاثة طيور كانوا غنيمة ، وإذا اقتربت من النيل بمقدار ستة عشر ذراعا تحصل مال للدولة وإذا صلب أربعة طيور أثرى جميع الملتزمين ، وإذا صلب خمسة طيور أصبحت أفراد الرعية جميعها أمراء ، وإذا صلب ستة طيور ارتفع النيل ستة وعشرين ذراعا وكان فى كل سنبلة مائة حبة ، ويعجز الفلاحون عن حمل محصولاتهم من بيادرهم وهذا معتقد الفلاحين فى الصعيد ويعجز الرعايا والأمناء والكاشفون أيضا عن حمل محصولاتهم من البيادر ، وتلك حكمة عجيبة وطلاسم قديمة وسحر ، والحمد لله أننا رأينا هذا المنظر العجيب فى سياحتنا وتجاوزنا هذه المحلة وانطلقنا جنوبا وبعد ست ساعات بلغنا قصبة أبو تيج.

أوصاف قصبة أبو تيج

إنها كاشفية تابعة لحكم جرجا ، وبها مائتا قرية يتحصل منها سبعون كيسا وعشرون ألف أردب من الغلال ، ويحاسب عليها فى ديوان جرجا ، ويقيم أغا استعجال الغلال

٣٢٨

فى جرجا ، وليس فيها عسكر ولا مفتى ولا نقيب ، وهى قضاء يغل مائة وخمسين أقجه ، وفى ناحيتها ثمانون قرية ، وهذه القرى تلحق بقاضيها ويتحصل منها على خمسة أكياس فى العام ، وبها ألف بيت وسبعة محاريب وثلاثة جوامع وستة مكاتب للصبيان وخمسون سوقا صغيرة إنها قصبة صغيرة اقتضت حكمة الله أن أنزل ضيفا على دار ضيافة كاشفها ، وفى الضفة المقابلة للنيل قبيلة أبى يحيى بها ستة آلاف فارس وجند يركبون الجمال وقد حاصروا دار الضيافة التى كنت بها ونشب القتال وبدأوا فى إطلاق رصاص بنادقهم وفى دار ضيافتنا هذه وقف عشرة من الجند التابعون لإبراهيم باشا وثلاثة وعشرون من جند الكاشف وسبعة جنود ممن معنا ووقفوا جميعا وراء ثقوب المزاغل وأطلق الرصاص عليهم فقتل ستة عشر من العرب وسبعة جياد وقدم فرسانهم إلى قصبتنا ، وكان معنا سبعون فارسا فخرجنا من دار الضيافة ووقعت مناوشات بين الطرفين وقد قتل من العرب ستة وعشرون كما قتل فى دار الضيافة اثنان وأربعون من العرب وقد تدحرجت رءوسهم ، وتعلق بقيتهم بأذيال الفرار وكثير منهم غرقوا فى النيل وغنمنا منهم سبعين جوادا وسبعة حجور (١) وأحد عشر هجينا ووقع فى الأسر ثلاثة عشر عربيا واستشهد منا سبعة من العرب ونفق جوادان وقتل جندى من جنود الباشا وثلاثة من رجال الكاشف وأمام دار الضيافة وضع اثنان من العرب على الخازوق ووضعت رأسهما على رمح وحشى جلدهما بالقش وبعث بهما فى موكب إلى جرجا ، وقد وهبنى الكاشف ثلاثة حجور وهجينا ، وقد مضيت مع الجند إلى جرجا فى الموكب وتجاوزناها إلى :

بلدة شيخ ابن عابد

وهو من المشايخ المطيعين للسلطان سليم ، وتسمى هذه القبيلة قبيلة الهوارة وخيول مصر فى هذه القبائل إنهم عشرة عشائر وقبائل ، ورجالها شجعان ولهم ثمانية آلاف جندى وأرضهم كثيرة المحاصيل ولهم خمسمائة بيت وجامع ودار ضيافة ، وللشيخ عابد بها قصر عظيم ، وثمة ضريح للشيخ ابن منجا وفى كل ليلة جمعة يزور الشيخ ابن عابد ضريح الشيخ ابن منجا ويقيم له المولد الشريف ، ويضيف الفقراء والمساكين ومنحتنى

__________________

(١) الحجر : أنثى الخيل ، والجمع : حجور وأحجار انظر : المعجم الوجيز ص ١٣٦.

٣٢٩

قبيلة الهوارة مهرا ومضيت إلى شاطئ النيل ثانية ، والنيل فى تلك الناحية واسع وفيه جزر ، وفى كل جزيرة غابة وهناك فى النيل تماسيح وأفراس النهر ، وإذا فاض النيل انشعب من النيل ترعة فى الرمل وهى ترعة عظيمة ، وفيها تجرى مياه النيل ، وبهذا الماء ترتوى آلاف القرى وفى هذه الترعة عمود عليه طلسم ضد التماسيح ولذلك تخاف التماسيح دخول هذه الترعة. فإذا دخلها تمساح نفق وانقلب على ظهره على وجه الماء ، وهناك التماسيح تأكل الجثث التى فى الطين وصغار الأحجار وتصعد من قاع النيل جثث التماسيح بين الجزر بعد أربعين يوما ويمضى أهل تلك القرى وأولادهم إلى شاطئ النيل وهم آمنون لا يخافون شيئا ، ويشربون من مائه ، ويمضى الرجال والنساء إلى ساحل النيل ، ويضربون ماء النيل بعصىّ غلاظ.

والتماسيح تخطف خيولهم وجمالهم وتصعد الجزر وتأكلها ، إنه حيوان لعين ويداه وقدماه ضعيفة وهو يبتلع الرجال والأطفال ، أما إذا دخل التمساح ترعة الرمل نفق فى التو من أثر الطلاسم التى فى الترعة ، والفلاحون يخلون جسمه من جلده ويصنعون من جلده قوارب يعبرون بها الترعة ومضينا سبع ساعات جنوبا وعلى بعد من النيل قصبة تمه.

أوصاف قصبة تمه (طما)

إنها التزام تابع لجرجا ، وبها خمسمائة بيت وجامعان ومقهى وبها سوق عظيمة ودار ضيافتها قصر كبير ، وفيها حدائق هنا وهناك وبها ساقية وزاوية ، وتجاوزناها إلى أرض ذات نخيل وبعد خمس ساعات بلغنا قصبة تحته (طهطا).

أوصاف قصبة تحته (طهطا)

بنيت فى عهد العباسيين إنها تابعة لجرجا ويتحصل منها ثلاثون كيسا وثلاثة آلاف أردب من الغلال وفيها من الجند ثلاثمائة. إنها كاشفية وليس فيها طوائف عسكرية ولا شيخ إسلام ولا نقيب أشراف ولا قواد ، وهى قضاء يدر مائة وخمسين أقجه ، وسبق أن تحصل من مائة وخمسين قرية فيها عشرة أكياس ، وأغا استعجال الغلال بها مقيم فى جرجا.

وهى تقع على ربوة بالقرب من شاطئ النيل ، وهى ليست قصبة كثيرة السكان أما

٣٣٠

قديما فكانت معمورة وآثار مبانيها ظاهرة ، وفيها الآن ألفى بيت وعشرون محلة وسبعون محرابا وتسع خطب وتكيتان وحمام مظلم قذر ومائة سوق صغيرة وثلاث وكالات وثلاث مقاه ، وعشرون سبيلا ، وفيها ثلاث منارات ظاهرة إضافة إلى الزوايا التى ليس لها منارات ، وهذه البلدة ثقيل وخم جوها ، وأهلها فقراء ، وبالقرب من البلدة فى النيل جزر ، ويضلّ الإنسان فى شوارعها كما أن فيها كثير من التماسيح ، وبعض الفتيان يقتلون هذه التماسيح وينصبون جلودها على الأبواب دفعا للصوص ، وأكثر الأبواب فيها عليها جلود التماسيح ، وقد دفن فى أرضها أولياء.

الأولياء المدفونون فى أرض تلك البلدة

فى خارج المدينة قدوة الرجال ونقطة الكمال الشيخ أحمد الفرغل ولقد أظهر من كراماته الكثير ، إنه قطب عظيم ، كما زرت الضرائح التى فى المقبرة التى تجاوز ضريحه ومضيت فى البستان القريب منه ، وهو كثير النخيل ، وكان الجو شديد الحرارة.

أوصاف حكومة بلدة الجزيرة

إنها فى جرجا ولها ثلاثمائة تابع ، تغل مائتى كيس ، ويتحصل من قراها عشرون كيسا وعشرة آلاف أردب من الغلال ، وحسابها فى ديوان جرجا ، وهى قضاء يدر مائة وخمسين أقجه فى كل مدة ثلاثمائة كيس يحصلها وليس لها عسكر من سبع فرق ، ولا يوجد بها أغا للغلال ولا نقيب ولا مفتى إنها قصبة يسكنها الكاشف ، وليس فيها إلا جامع ومقهى ومبرة وسوق ولكن فيها كثير من الضرائح ، وأسماء أصحابها لا ترد على خاطرى ، ولقد قرأت لأرواحهم سورة يس ، ووهبت ثوابها لأرواحهم الطاهرة ، تقبلها الله تعالى ، ثم ركنت إلى الراحة ساعتين وبعد زوال الحر فى وقت الزوال قمنا ومضينا لمدة ثلاث ساعات وبلغنا سوهاج.

أوصاف قصبة سوهاج

إنها فى حكم جرجا ، ويتحصل منها خمسون كيسا وألف أردب من الغلال ، وتضم ثلاثمائة قرية ، وهى تمد جرجا بالغلال وأغا غلالها يقيم فى جرجا ، ولقراها الستين

٣٣١

قاض شرعى ، ويتحصل منها عشرة أكياس فى العام ، ولقربها من جرجا ليس لها عسكر من سبع فرق ولا مفتى ولا نقيب إنها قصبة جميلة قائمة على ربوة رملية بها بيوت ذات أسوار كأنها أسوار القلاع ، وبيوتها ألفان ومائة وستون بيتا من كبير وصغير وهى بيوت متعددة الطوابق وبها ست عشرة محلة ، وستة جوامع ، وخارج هذه البلدة من الناحية القبلية جامع السلطان أكراد وطوله وعرضه خمسون خطوة ، وبه اثنان وثلاثون عمودا وعلى يسرة هذا الجامع على بعد عشرة خطى منارة عالية جميلة ، وللجامع بابان جانبيان وباب للقبلة ، وبالقرب من قصر الكاشف جامع السلطان أيبك التركمانى ، وفيه سبعة أعمدة منقوشة تحمل سقفا منقوشا ومنارة منهدمة ، إنه جامع قديم ، وهى عجيبة الشكل ، ولم نشاهد جوامع أخرى ، وبها خمسون محرابا مع الزوايا وثلاث تكايا بدوية وسبعة علويّة وثمانية برهانية ، وفى سبع زوايا مدارس ، وبها عشرون سبيلا عذبة الماء واثنا عشر مكتبا للصبيان وست وكالات وستة خانات منها خان سليم الكاشف وخان كشك أوغلى ، كما أن فيها حمام ومائة دكان ولا وجود فيها لسوق للحرير ، وبيوتها بهذا القدر وهى قليلة العمران وليس بها قصور عظيمة ، والفقراء فيها كثير ، ومئات النخيل ، والحدائق فيها قليلة وإذا ما اشتدت بها الريح ثار الغبار ، وخبزها جيد كما أن شمامها طيب وبساتينها كثيرة وأرضها خصبة وإن الكيلة تغل خمسين كيلة من الغلال وفولها وفير.

بيان زيارتنا لقطبها العظيم

هو الفاضل العالم أبو القاسم ، وقبره يزوره الناس ليل نهار ، وخرجنا من هذه البلدة وعبرنا النيل ومضينا شرقا وغربا وجنوبا وشمالا ، وذلك لأن تخطى التّرع والخلجان كان مستحيلا ، لذلك اتجهنا فى الطريق يمينا وشمالا ، وتحملنا مشقة شديدة طوال سبع ساعات وبلغنا قصبة المنشية.

أوصاف قصبة المنشية

يحكمها كاشف وبها مائتا قرية ويتحصل منها ستون كيسا وأحد عشر أردبا من الغلال ، ولها من التوابع مائة ، وليس بها عسكر من فرق أربع ولا مفتى ولا نقيب

٣٣٢

وأعيان أشراف وأغا الغلال يسكن جرجا ، وهى تضم سبعا وستين قرية ، وعلى بعد خمسمائة خطوة من النيل ألفا بيت وسبعة عشر محرابا وثلاثة خطب إنها قصبة جميلة ، وفى سوقها جامع السلطان محمد أكراد وطوله وعرضه أربعون خطوة ، وفى أركان حرمه الأربعة أعمدة وفى داخل الجامع اثنان وثلاثون عمودا تحمل سقفا مزخرفا وبه ثلاثة محاريب وعلى باب منبره الخشبى كتب تاريخ هو :

(أمر بإنشاء هذا المنبر المبارك محمد بن أبى بكر فى شهر رجب سنة أربع وثلاثين وسبعمائة)

هذا هو محمد أكراد الذى أقام على قبر الإمام الشافعى فى مصر قبّة وهو مدفون إلى جانب الإمام الشافعى ، وليس فى هذه البلدة جامع كبير سوى هذا الجامع علاوة على المساجد المعمورة فيها كما أن فيها حماما وخانين وسبعة أسبلة ، وثلاثة مكاتب للصبيان ومائتى دكان وسبعة مقاه ، وجمال جوها يشبه جو حدائق أرض الروم ، وأهلها يحبون الغرباء ويكرمونهم ، وغادرناها وانطلقنا جنوبا على ضفة النيل واجتزنا مزارع وبساتين الشمام ، وبعيدا عن النيل أرض ذات نخيل ، وقرى وحدائق وساقية ، وعبرنا زوايا بها أشجار وارفة.

أوصاف مدينة عظيمة هى عاصمة الصعيد القديمة وهى مدينة جرجا

اسمها مدينة دهليز حبش وبانيها هو طوطش بن أبى القبابطة بعد الطوفان وهى مدينة عامرة عظيمة ، ثم آل الحكم بعده إلى ابنه جرجيس وقد أنشأ مدينة جرجا وكأن شداد هو بانيها لقد كانت حديقة إرم ، ولذلك وقع الخطأ فى اسم هذه المدينة فقالوا جرجا والصواب أن يقال جرجيس وهى تغل ستة أحمال من المال للسلطان وهى ملحقة بالخدمة السلطانية مع مكة والمدينة وآستانة ، ومنها أمير الحاج ، وله منصب عظيم وكل قرى جرجا عامرة ولكن ألفا وخمسة وسبعين من قراها خاصة بغلال الدولة ، وهذه القرى تغل فى العام ثمانين ألف أردب من الغلال ، ولكن جرجا تدر مائة وستة وثلاثين ألف أردب من الغلال ، ويفيض لوالى مصر مائة وثمانون ألف أردب علاوة على ما يدخل تحت حكم جرجا ، أما من القرى التى فى الإقليم فيحصل منها مائة وأربعون باره

٣٣٣

إنها بلدة وفيرة الغلال ، ويحصلها ضابط الحاكم وهى وقف ، ويجرى منها الرواتب على جامع الأزهر وغيره من السلاطين ، وأمير ميران جرجا يضع يده على هذه الأوقاف أما إذا ما ظلم ففى اليوم الثالث يعترض على ظلمه علماء مصر ليمنعوا الظلم ، وليس فى إقليم جرجا تيمارات ولا زعامات ، إنها قرى سلطانية وأوقاف ، ويبقى لحاكم جرجا بعد المصروفات ثلاثمائة كيس ولكن حاكم جرجا المغفور له على بك تحصل لنفسه على مئات الآلاف من القروش لنفسه فرضها على الأهالى ، وهذا صحيح لأننا نظرنا فى دفتر خانه جرجا وفى الإيرادات والمصروفات ، لأن فى إقليم جرجا سبعة وثلاثون كاشفا وفى إقليم جرجا واحد وثلاثون قضاء ، وبها ستة آلاف ومائة وسبعون قرية عامرة ، ولكن حسب حساب قرى الأوقاف ، ويأتى مشايخ العرب إلى ديوان جرجا مرة فى العام ويجددون بيعتهم لحاكم جرجا ، ويلبسون الخلع والثياب الحريرية ، ويحصلون المال السلطانى الخاص بالعسكر ، وينال شيوخ العرب هؤلاء من هذه القرى أحد عشر ألف رأس من الغنم ومائة ألف أردب من الشعير وخمسين ألف أردب من القمح وأربعين ألف أردب من البقلة ، كما يقدمون إلى الحاكم الهدايا.

وقد تجمع للحاكم عشرون ألف أردب من القمح وأربعون ألف أردب من الشعير وزعها على الجند ، أما ما تبقى من هذه الغلال فقد باعها ، وطبق قانون السلف يقدم خمسمائة جواد من إقليمه ، ويرسل كذلك من الهدايا ألف وخمسمائة جواد وسبعمائة أو ثمانمائة قافلة من الجمال ولتحصيل هذه الغلال يأتى فى كل عام خمسة آلاف حمار ، ولجرف الترع والخلجان يأتى ألفا ثور ، ومائتان من الخصيان وألف من المماليك غير السود كما ترد هدايا لا حصر لها ، ورؤساء القبائل وشيوخ العرب وشيوخ البلدان ، وجميع الكاشفين وبقية الأعيان يأخذون هذه الهدايا ، وفى كل عام يأتى مال وفير بلا حساب ، أما المصروفات فهى خارجة عن الحساب ويتسلم باشا مصر كل عام سبعين كيسا وأربعين من الخيل ومن هذه الخيول ما هو محلّى بالذهب وذهبى السلاسل وأربعين مملوكا أسود وعشرة من الأحباش وهؤلاء المماليك جميعا فى ثياب فاخرة ، ويأتى مع هؤلاء الهدايا من ماء الورد والمسك والعنبر والكافور وسن الفيل وجلد التمساح ، وآلة

٣٣٤

الحرب ، هذا كله ما يأتى على الترتيب لهؤلاء الغلمان السود ولهم كذلك عشرون جارية من بلاد الفونج إنهم يأتون فقراء خالين الوفاض ولكنهم يثرون بتلك الهدايا ومائة جمل بلدى وألف أردب من القمح ، وألف أردب من عدس وألف أردب من قريك ، وألف أردب من شعير ، ويسلم هذا كله إلى باشا الغلال ، وألف رأس من الغنم ، وألف رأس من الحملان تصل إلى وكيل الخراج ، ولوكيل الباشا فى كل عام عشرون كيسا ، وعشرة خيول ، وعشرة من العرب ، وخمسة من الطواشى ، وخمسة جمال ، وكلها تحمل السكر والعدس والبنّ ، كما تصل هدايا لا حصر لها إلى افندى الديوان ووزير مصر وسبعة عشر قائدا ، والحكام باشى والمشعل باشى ، هؤلاء ينالون هدايا لا تدخل تحت حصر ، وفضلا عن هذه الهدايا يتسلمون العيدية ، كما تصرف رواتب وتعيينات إلى أصحاب المناصب ورجال الديوان والقواد وطوائف الجند المصريين فى جرجا ومن يتبعهم من جند الحراسة والأئمة والخطباء والمشايخ وتصل فى كل عام إليهم أربعة آلاف رأس من الغنم وعشرون ألف أردب من حنطة وأربعون ألف أردب من شعير ، وفى كل يوم لهم عشرون ألف رغيف ، يزن كل رغيف تسعة دراهم ، وألف قنطار من الزيت وسبعون قنطارا من العسل ومائتا حقيبة من البن ومائة سفينة خشبية ، وآلاف من أحمال الجمال وهذه القرى هى التى تقدم هذه التعيينات وينال الجندى ثلاثمائة كيس علوفة ، والجندى ينال مرتبا شهريا قدره مائة قرش وحامل البندقية خمسة قروش مرتبا شهريا ، ورئيس الفرقة يتقاضى ألفى قرش وخمسة جياد فى العام ، وعشرون من رؤساء الفرق ينالون ألف قرش وجوادين ، أما الأوده باشية فيصرف لهم خمسمائة قرش وجواد واحد ، كما يبذل العطاء للخدم وبناء على ذلك فإن نفقات وزير مصر ربما زاد عليها نفقات حاكم من الحكام ، وهذا مقيد فى دهليز جرجا ، وهو ديوان عظيم ، وكل ما فى مصر من أرباب الديوان قدرهم فى ديوان جرجا وفيه أصحاب المناصب ولكن جميع كتاب الديوان من القبط لأن لهم عقل أرسطو ، إنهم يشقون الشعرة دقة منهم ويحسبون أصغر الجزئيات فى الحساب فى قدرة ومهارة ، وخلاصة القول طبق قانون السلطان سليم فلحاكم جرجا هذه الكيفية فى تدبير الأمور ، ويكون الحساب قيراطا قيراطا ولكن هذا

٣٣٥

المال الوفير يحصله الجند بالعنف ، لأن الإقليم الكبير قد يكون أهله متمردين ، والأموال التى فى ذمة العرب يحصلها منهم جيوش جرجا ، والجند يطلعون على شأن كل بيت من بيوت القرى ، وهم يحصلون منهم الغلال دون خوف منهم ، ولا خشية ولا اكتراث بهم فبين هؤلاء العرب فتيان شجعان أولو بأس شديد ويسمون هؤلاء العرب الصبيان ، وفى ديارهم مال كثير لأن بلادهم على حدود بلاد الفونج وعلى الجانب الشرقى من هذه البلاد يكون المسير على شاطئ النيل إلى بلاد الحبشة وعلى مسيرة شهرين جنوبا بلاد البربر إن آخر قلعة على حدود مصر على مسيرة ثلاثة أشهر فى الصحراء بلاد الفونج ، وثمة ولاية قرمانقه ومنها وعلى مسيرة شهر بلاد السودان ، وفى الجانب الغربى على مسيرة ثلاثة أشهر بلاد فاس ومرانكوش وهذه البلاد خاضعة لحكم جرجا وأرض ملاصقة لحدود المغرب وطرابلس ، والحاصل أن ولاية جرجا فى الإقليم الأول وله علاقة بالإقليم الثانى ، إنها واسعة متراخية الأرجاء وغلاتها وفيرة وأهلها محبوبون وخيراتها وبركاتها كثيرة ، ونهر النيل فى جرجا يجرى فى ترعها ماؤه عذب فرات ، إنها أرض ملكية ما يسميه الغرب دهليز الحبش ، ومعناه العرش الصغير لبلاد الحبشة ، والعرب يملكون هذه الأرض الصحراوية ، وقد حررنا هذا فى قضاء بنى سيف وسنحرر الباقى عند سياحتنا فى بلاد أخرى ، ولوزير جرجا أغا عالى المنصب ، وهو يأتى لتحصيل الغلال ، ويسكن قصرا شامخا فى جرجا ، وهو يلح فى طلب هذه الغلال ، ثم تخزن هذه الغلال بعد تحصيلها فى مخازن على شاطئ النيل ، ويأتى من مصر أغا المخزن ليحصلها فى ألف سفينة ، وفى مصر العتيقة توضع فى مخزن يسمى مخزن يوسف ، وأكوامها كأنها الجبال وينال منها جميع الجند جرايتهم وطوال ثلاثة أشهر ، ومخزن يوسف هذا سر إلهى وللأغا محصل الغلال حمام وجوادان والأغا ينال على كل أردب بارتين ويأخذ عشرين كيسا فى السنة ويسلم الباقى للباشا وهو خمسة أكياس ويمنح الكتخدا ويأخذ الكتخدا ثلاثمائة قرش ويأخذ الكتخدا من الباشا جوادا على كل ثلاثة جياد وخصيا على كل ثلاثة من الخصيان ، وهذا الأغا يأتى كذلك لاستعجال تحصيل الغلال ، ويأخذ على ذلك كيسا من المال وغلاما أسود ؛ وذلك لتحصيله للغلال ولا يأتى

٣٣٦

جنود من استانبول إلى جرجا ولكن يأتى إليها من مصر الجند المعروفون بقبوقولو أى جند الباب وقائد الانكشارية وقائد العزب وجند من الخمس فرق لحراستها وتنظيمها ، ولا وجود فيها لقائد انكشارية استانبول ولا نائبه ، بل يرسلون جنديا غير مرضىّ عنه من استانبول إلى مصر وفيها شيخ الإسلام على المذاهب الأربعة ونقيب الأشراف ، ومحصولها فى العام عشرة أكياس ويتبعها مائة وثمانون قرية وفيها كثير من الأعيان والأشراف والتجار والملاحين والتجاريين.

وثمة مرفق يسمونه مرفق القصير خلف الجبال على أنه ميناء مكة والمدينة فى السفن ولذلك كان معظم أهل جرجا من التجار والفلاحين.

وبما أن جرجا تقع فى وسط الإقليم الثانى فأرضها على عشرين درجة وسبعة وعشرين دقيقة وطول نهارها ثلاث عشرة ساعة وخمس عشرة دقيقة ، وثمة أرض واسعة خالية بين جرجا وبين قلعة طولها ألف خطوة بعيدة عن غرب النيل وفى جوانبها الأربعة عشرون بابا من خشب ولا خندق لها وعلى كل باب حارس ويوصد كل باب ليلا ، وبها قصور مكسوة بالجص وحدائق وساقية وحوض وشاذروان وجدران القصور مزينة وبها عشرة آلاف وثمانية وسبعون بيتا بين كبير وصغير ، وبها تسع محلات وثلاثة وخمسون محرابا وأحد عشر جامعا تؤدى فيه صلاة الجمعة إضافة إلى جوامع السلاطين جامع الميرميران ، وفى السوق جامع طوله وعرضه ستون خطوة وهو يسمى جقور جامع ، وبه ثمانية عشر عمودا فى أطراف حرمه ، عليها سقف منقوش وليس له قبّة وعلى باب منبره وهو من الخشب كتبت الآية الكريمة : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ....) [الأحزاب : ٥٦].

وفى السوق جامع السلطان ، وطوله وعرضه ستون خطوة ويصعد إليه بسلم من ثلاث درجات ، وبه خمسون عمودا منقوشا وسقفه منقوش ومزين ومذهب وله ثلاثة محاريب وثلاثة أبواب ويصعد إليه وينزل منه بثلاثة سلالم ، وتحته ستون دكانا ، وفى حرمه دكاكين للحرير والأقمشة وفى هذه المدينة تباع سلع قيّمة ، ومحلات بيع الأقمشة

٣٣٧

لها أبواب متينة ، وتوصد فى كل ليلة وعلى يمين هذا الجامع منارة ذات ثلاثة طوابق ولا يستطيع أن يصعد المنارة كل أحد لأنّها منحرفة ولوجود هذا الجامع فى السوق ، والسوق مزدحمة فإذا انهارت ـ لا قدر الله ـ هذه المنارة هلك خلق كثير ، إن الذى بناها ماهر ، وحرم هذا الجامع مرصوف بالرخام وجدار القبلة من الرخام ومكسو بأحجار مختلفة جميلة ، ومنبره من خشب مزخرف.

وفى السوق أيضا جامع الأمير عثمان طوله وعرضه أربعون خطوة وليس له حرم ، وله بابان جانبيان.

وفى غرب قصر البك وفى ميدان واسع جامع الشهيد سعيد محمد بك وهو جامع فوقانى وله ثلاثة أبواب ويصعد إلى كل باب منها بسلم يتألف من عشرين درجة إنه جامع جميل ، إنه يشبه جامع رستم باشا فى استانبول وداخله مكسو بالقيشانى ومنقوش بنقوش مذهبة ، وفى جوانبه الأربعة نوافذ من بللور ، وله ثلاثة محاريب مزينة ومنبره ودكة مؤذنه من الخشب ، وفى داخله أعمدة رقيقة ، وفى الجانب الأيمن منه دهليز يفضى إلى دار ضيافة ، فيها يستريح البعض كما يشتغل البعض بالعبادة وبما أنه جامع علوى فليس له حرم وصحنه مكشوف وفى داخله ثلاثون عمودا منقوشا مصنوعة من شجر الدلب ، فهى ليست حجرية وعلى يمنة المحراب كتب على لوحة من القيشانى :

(إن هذه حجرة الانكشارى محمد أوده باشى والسلطان مراد الرابع وقد صنعه عام ألف وثلاثة وأربعون).

وفى السقف كتب بالخط الجلى آية :

(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة : ١٨].

وكتبت أيضا أربعون آية تحيط بأركان الجامع الأربعة وعلى يسرة الجامع منارة جميلة وفى أسفله حوض وبه صنابير مذهبة وفى الجامع ستة مخازن ، يضع فيها التجار سلعهم ودهاليز الجامع الستة تفضى إلى الطريق العام ، وإن اللسان ليقصر عن وصف هذا الجامع ولا وجود فى مصر ولا فى الصعيد لمثله ، وهناك أيضا جامع اليوسفية وجامع

٣٣٨

الفقراء وجامع الشيخ عبد السلام وجامع القائم مقام وحمد بك وجامع المقدم عبد الرحمن وهذه الجوامع قليلة الزينة إنها لا تعدو أن تكون على الطرز القديم وهذه الجوامع يؤمها كثير من المصلين وفى وسط المدينة ، جامع على بك الجرجى طوله وعرضه ، خمسة وأربعون خطوة ، وفى داخله ثلاثون عمودا من الرخام على يسرة المحراب المزخرف كتب على لوحة من الورق المقوى تاريخا هو :

(ولأن حاكم جرجا أسد الله أهل الكرم ( ) (١) زلفقار الأمير العالى صاحب الطبل والعلم ، وقال كاتبه أن هذا البناء تم فى عام ألف وستمائة).

ومنبره من خشب مزين ، وعلى الباب الأيمن للجامع كتب تاريخ بالخط الجلى هو سنة إحدى وستين وألف ، وعلى الجامع منارة من ثلاثة طوابق ، وفيه خمس منارات أخرى وإلى جانب الجوامع المذكورة مدارس وثلاثة دور لتحفيظ القرآن وداران للحديث وثمانية عشر مكتبا للصبيان وسبعة أسبلة وتسع تكايا وألف ومائتا ساقية وألفا بئر وحمامان وأحدهما للفلاحين ، وهو وبيل الجو ، وضيق ، وحمام غير ضيق ، وفى السوق حمام على بك الميرميران وهو حمام ينشرح له الصدر لما فيه من مناشف وطاساته المذهبة وكل ما فيه نظيف وأرضه مفروشة بالرخام وفى قبته زجاج وخدامه صباح الوجوه يخفون لخدمة كل أحد فيه ولهم نواظر وكأنها الخناجر ، وفى هذه المدينة عدة خانات وضيفان هذه الخانات من التجار والمسافرين ، وهى خان على بك وخان يازجى وخان موسى چاووش ، وخان ممى كتخدا وخان السكرى ، وفيها أكثر من عشرين ربعا وهذه الربوع مساكن للأسر وفى المدينة ثمانمائة وستون دكانا ولكن ليس فيها من يبيع الأقمشة بالجملة وفيها سلع هندية وعجمية ورومية وكل الدكاكين التى أمام قصر على بك الجرجى مزينة وفى سوق على بك طريق رئيسىّ على جانبيه مائة دكان مبنية بالحجارة ومسقوفة وفيها سراجون (٢) ولا وجود لسراجين فى غيرها ، وللسوق بابان من حديد كأنهما بابا قلعة يغلقهما البوابون فى كل ليلة وليس فيها سوق للبز ولأن هذه السوق

__________________

(١) بياض بالأصل.

(٢) صانعو السروج. واحده سرج ، وهو رحل الدابة. انظر : المعجم الوجيز ، ص ٣٠٨.

٣٣٩

واسعة ففى سقفها منافذ للهواء ، ويرش فيها الماء فى شدة القيظ وفيها استراحات ويستريح فيها الأعيان وهم يزجون الفراغ بلعب النرد والشطرنج ، وعلى بك وهو فاعل خير يسقى دواب الرائحين والغادين من التجار والزوار ولذلك أنشأ أربعين ساقية ، وهى تدور كما يدور الفلك. كما تروى هذه السواقى الرياض والبساتين ، وهذه السواقى تأتى بالماء من الآبار وإلى جانب هذه الآبار فى جوانب المدينة الأربعة ثلاثة آلاف بئر ، وفى جوانب المدينة الأربع حدائق وبساتين ، كأنها إرم ذات العماد.

وفى أرض جرجا كنوز ودفائن وخبايا كثيرة ، وفيها الخبز الأسمر الأقّة منه بباره واحدة ، والأردب من القمح بقرش واحد ، وأردب الشعير بعشر بارات وثمن الخروف بخمس بارات وفى رمضان بعشرين باره ، وغنم جرجا مشهورة وكل خروف يزن من أربعين إلى خمسين أقّة ، وثمن العجل مائة بارة ، وثمن الحصان مائتا باره وثمن الجمل ثلاثمائة بارة ، أما المماليك البيض والأوانى النحاسية فغالية الثمن ، أما فى تركيا فثمن العبد الحبشى بخمسة عشر قرشا أو خمسة وعشرون قرشا ، وكبار أعيان هذه المدينة وأرباب الديوان يلبسون فيها السمور والأقمشة الفاخرة والجوخ ، أما متوسطى الحال فيلبسون ثيابا قصارا مبطنة ، والفقراء يلبسون بز أسيوط ، وأهل هذه المدينة مسنون معمرون ، ومنهم من تجاوز مائة وسبعين عاما وهم فصحاء بلغاء ، كما أن شبابها يتميزون برجاحة العقل وفتيانها وفتياتها يتميزون بالجمال لاعتدال جوها ولهم لهجة خاصة بهم ، أما النساء يتميزن بصحة العقل ولهن أسنان كأنها الدر وغدائرهن منتشرات وكأن وجوههن بدر التمام ، وكل من شاهدهن تعلق قلبه بهن ، كما أنّهن رشيقات القوام وإن وجد كذلك عجائز دميمات وساحرات خبيثات يستوجبن القتل وهن يسحرن الغرباء ويؤذينهن بسحرهن ، وذلك أن السحر كان شائعا فى هذه الديار منذ عهد الفراعين.

منتجات ومصنوعات هذا الإقليم

يوجد بها الخبز الأبيض كالورد الأبيض وفطائر والكعك واللبن والقشدة ، وفريك القمح والسمن والعسل والتمر والليمون والسفرجل والعنب والرّمان والخوخ ، والتين

٣٤٠