الرحلة إلى مصر والسودان والحبشه - ج ٢

أوليا چلبي

الرحلة إلى مصر والسودان والحبشه - ج ٢

المؤلف:

أوليا چلبي


المحقق: الدكتور محمّد حرب
المترجم: الدكتور حسين مجيب المصري وآخرون
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

الأهالى النوم فى راحة خشية اللصوص حيث يقوم الأهالى بحراسة المنازل ليلا بالتناوب وهم مسلحون.

حتى أنه عندما كان الحقير هناك هجم اللصوص على منزل رئيس جنود العزب ودارت معركة كبيرة وسقط سبعة من اللصوص وفر الباقون ولكن بعد أن سرقت ناقة من النوق الموجودة بالفناء الخارجى للقصر ، ويقوم مائتى غفير بحماية وحراسة المدينة كل ليلة حيث يحيطون بأطراف المدينة ، ويجمع لهم سنويا من الأهالى ألفى قرش ، والحاصل أنه لو كان هناك حاكم شديد وجرىء فإن هؤلاء اللصوص لن يستطيعوا دخول المدينة ، والسلام.

فى بيان الأولياء المدفونين داخل وخارج دمنهور

أولا : بلدة الشيخ أبو الريش وتقع شرق مدينة دمنهور على مسافة سبعمائة خطوة ، وبها مائتا منزل معظم ساكنوها من أبناء وأحفاد الشيخ أبو الريش وهم من السادات الكرام وبالبلدة جامع به منارة منخفضة ذات طبقة واحدة وبفنائه شجرة سدر كبيرة وفى فناء هذا الجامع دفن بعض أعيان وأشراف البلدة وأحد أبواب الفناء يطل على القبلة والآخر يطل على جهة الشرق والجامع ليس مزينا وكبيرا إلا أن جماعته كثيرة لأنه لا يخلو من الزوار فى معظم الأوقات وبالناحية اليمنى للجامع يوجد ضريح متصل به وهو ضريح مقبب قبته متصلة بسطح الجامع مدفون فى هذا الضريح الشيخ القطب والغوث الأعظم على الإطلاق مرشد الطريقة وعين الشريعة الشيخ عطاء الله أبو الريش وهو من سلالة آل عباس قدّس سره العزيز وهو مدفون فى هذا الضريح وجميع متعلقاته موجودة معه فى هذا الضريح أيضا حول الفسقية ، وقد وصل الحقير إلى هناك فى اليوم السادس من شهر جمادى الآخرة عام ١٠٨٣ ه‍ وكان يوافق يوم مولد الشيخ أبو الريش حيث ذهبنا عند الشيخ الشناوى إلى منزل صاحب السجادة الشيخ شمس الدين الدمنهورى وهو من أبناء الشيخ أبو الريش وكان شيخا معمرا يبلغ عمره ١٣٦ سنة له وجه منير ، فقمنا بتقبيل يديه ونلنا من دعواته بالخير.

٢٢١

والشيخ شمس الدين من الزهاد عاش تلك الفترة كلها يحافظ على صيام داود ولم يتناول خلال المائة وستة وثلاثين سنة أى لحوم قط ولم يأكل خبز القمح بل كان يزرع الشعير فى فدان أرض كان يمتلكه ويحصده بيده ويطحنه بيده على مطحنة يدوية ويأكل منه ، كان من أهل الحال قضى عمره كله منزويا فى ركن من أركان الوحدة منشغلا بالتعبد والطاعة ، وكان الشيخ شمس الدين يمنح كل شخص يأتى إليه رغيف خبز من الشعير تبركا وتيمنا وكان الرغيف الواحد بعشرين درهما ، وعندما ذهب الحقير إليه أعطى له أربعة أرغفة فتناول الحقير واحدا والشيخ الشناوى ثلاثة لبقية الحاضرين بالمجلس لكل شخص واحد أو اثنين ، وقال الشيخ للحضور : يا إخوان إن لنا صلاة قضاء دين علينا لم نصلها منذ عهد طفولتنا ، إن شاء الله غدا وفى مولد جدنا الشيخ أبو الريش تأخذونى إلى المولد وليصلى معى ثلاثمائة شخص صلاة القضاء وهذه هى كل أموالى وهى حلال وهى ألف أقچة ولتكن عند الشيخ الشناوى لأنه رجل يعتمد عليه.

ثم قام الشيخ بتسليم ألف أقچة إلى الشيخ الشناوى وقال للحضور يا إخوان لتأتوا جميعا غدا صباحا ولنتجمع كلنا ثم نذهب إلى مولد جدنا ونحن نذكر الله ، فرد عليه كل الحضور بالمجلس : على الرأس والعين السمع والطاعة ، ثم ذهبوا إلى منازلهم ، وفى صباح اليوم التالى ذهب الحقير والشيخ الشناوى إلى منزل الشيخ شمس الدين ولكن الشيخ لم يخرج من الحرملك ، وأرسل لنا مع أهل البيت القهوة وخبز شعير وبينما كنا نتناول الخبز والقهوة سمعنا أصوات نحيب وعويل من الحرملك ، يا لهذا الفزع والجزع وقد خرج علينا الشيخ من الحرم بصعوبة بالغة وقد احمرت عيناه وكان العرق يتصبب منه ألقى علينا السلام فرددنا عليه‌السلام وقال : ليس هذا ما يدعو إلى الانفعال أو الحيرة فإنى لما دخلت الحمام واغتسلت قلت لهم إنى ذاهب إلى جدى ظنوا أننى سوف أتركهم وأرحل عن الدنيا إلى الآخرة لذا فزعوا وجزعوا ، أما نحن الآن فسوف نذهب إلبى جدنا ونحتفل بمولده وسوف نصلى مع كل الأحباب صلاة القضاء ثم ابتسم

٢٢٢

الشيخ ، فقال الشيخ الشناوى : يا سلطاننا إن كل مريديكم وأحبائكم ينتظرون بالخارج بالدفوف والطبول ، كما ينتظر كاشف البحيرة مع جنوده بالسلاح ، فقال : لقد استعد الجميع ويجب علىّ أنا أيضا أن أستعد بالتقوى وأمر بدخول ثلاثمائة درويش إليه ينشغلوا بالتوحيد والذكر ، وكان للشيخ شمس الدين ناموسية فى أحد أركان المنزل دخل فيها وبدأ الذكر وبعد ساعة خرج الشيخ من الناموسية ، والله أعلم أن الشيخ قد وصل إلى توجر وهو بتلك الناموسية لأنه عندما قال حى سقطت خيوط الناموسية على رأسه وعلى الفور قام الشيخ الشناوى وخليفته يرفعها من عليه فوجدوا الشيخ قد أسلم الروح لربه امتثالا لقوله : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) [الفجر : ٢٨] ومن العجب أن الشيخ توفى وهو يبتسم وجبينه ووجنته كحمرة الورد ، فصاح كل المريدين وانتقل هذا الصياح إلى الحريم وتجدد المأتم لهم من جديد وأمر بتجهيز ثلاثة مواعين من الماء الساخن والكفن وماء الورد والبخور وجهزوا له كل الأشياء الخاصة بالموتى وقد خرج أهله وعياله وكريمته إلى الخارج ، وقام الشيخ الشناوى بإعطاء ألف أقچة التى كانت أمانة عنده من الشيخ شمس الدين إلى ثلاثمائة رجل على حسب الوصية لإسقاط صلاة القضاء عنه ، وقام الشيخ الشناوى بتغسيله وكان الحقير يصب الماء عليه وقد أطلق ابن الشيخ الشناوى البخور.

وتم تكفين الشيخ ووضع فى نعشه وسار مع جنازته ما يقرب من ألف شخص من الجنود وهم ينتحبون حتى وصلوا بالجنازة إلى جامع الشيخ أبو الريش وصلى عليه هناك قرابة الأربعين ألف أو الخمسين ألف جندى ووهبوا ثواب الصلاة لروحه ، ثم دفن الشيخ الشناوى الشيخ شمس الدين فى فسقية الشيخ أبو الريش ، وحتى الآن تفوح الرائحة العطرة من تلك الفسقية فتعطر رءوس العاشقين ولم يذهب كل الزوار إلى أى مكان فى ذلك اليوم بل ظلوا فى الجامع وفنائه وقد قرأوا الختمة الشريفة ثلاثمائة مرة ووهبوا ثوابها لروح شمس الدين كما قام الأهالى وأصحاب الخيرات بطهى الحلوى والفطائر ووزعوها على الزوار وأهل المولد على روح الشيخ شمس الدين ، والحمد لله أنه قد ظهرت تلك الكرامات ورآها الحقير وأنه تقابل مع الشيخ قبل وفاته وخدمه ، وإنما هذا

٢٢٣

من فضل ربى ، وفى ذلك اليوم أيضا شرعت فى قراءة ختمة شريفة على روح الشيخ أبو الريش وانتهيت منها اليوم التالى بعد العصر وكان فى حضور كل الصادقين ووهبنا ثواب الختمة لروحه تقبل الله ، رحمة الله عليهم أجمعين.

ولا يوجد حصر ولا حد لمناقب الشيخ أبو الريش ، والروح المشتاقة لمعرفة تلك المناقب ترجع إلى طبقات الشعراوى وسترى إلى أى حد كان الشيخ أبو الريش سلطانا عظيما ، والشيخ أبو الريش والشيخ إبراهيم الدسوقى والشيخ أحمد الرفاعى من كبار سلاطين الطريق البرهانى ، كان الشيخ أبو الريش عاشقا لله مثل عمر بن الفارض لم يعمل للدنيا مقدار ذرة واحدة ، لذا فإن قبورهم ليست مزينة ويوجد بضريح الشيخ أبو الريش باب يطل على الناحية الشمالية.

وبفناء ضريح أبو الريش يوجد ضريح الشيخ عاصم بن الشيخ أبو الريش وله كرامات كثيرة فقد أصبح خليفة صاحب سجادة بعد وفاة جده وبايعه أربعون ألف رجل وكان الشيخ عاصم مرشدا للطريق ، والشيخ عاصم مثل جده قبره ليس مزيّنا دائما هو عبارة عن صندوق مغطى بقماش أخضر وباب هذا الضريح أيضا يطل ناحية الشمال.

وعلى مسافة ثلاثمائة خطوة فى الجانب الشمالى خارج ضريح أبو الريش يوجد ضريح الشيخ سيد عطية وهو أيضا سلطان عظيم على الطريقة البرهانية وهو مدفون فى ضريح عال ، حوائطه مثل حوائط القلعة ، وله كرامات كثيرة.

وتحت ظلال شجرة النخيل الموجودة بالسوق يوجد قبر الشيخ أبو هواث وهو ضريح صغير ولا توجد أى آثار أخرى بجانبه ، ولو قمنا بتحديد كل أضرحة الأولياء والصحابة الكرام كل على حدة سوف نكتب كتابا مطولا فيه.

ولكننا سنكتفى بذكر أضرحة الأولياء المشهورين وهم الذين قمنا بزيارتهم : أولا الشيخ محمد الأديب وهو سلطان كبير ، وبجامع الجبانة الموجودة بجوار ضريح الشيخ محمد الأديب يوجد ضريح الشيخ السيد أحمد أبو العباس الشاطر قدّس سره وهو مدفون فى ضريح مقبب ، وبجواره يوجد ضريح صغير للحاج محمد السيوفى وهو من الصحابة الكرام وهو رئيس صناع السيوف للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبضريح متصل به يوجد

٢٢٤

الشيخ على السقطى وهو خليفة الشيخ سرير السّقطى ، وبالقرب منه ضريح الشيخ على الطّنجى ، مسقط رأسه قلعة طنجة ويقال إنه أخبر الأهالى بطنجة أن كفار الأسبان سوف يستولون على القلعة ويقتلون كل من بها لذا جاء الشيخ إلى مصر. وبعد ذلك بعشرة أيام قام كفار أسبانيا بالهجوم على قلعة طنجة وقتلوا كل من بها.

وعلى مقربة منه يوجد ضريح الشيخ ناصر الدين الفاسى وقد أتى هذا الشيخ إلى قاهرة المعز من مدينة فاس بالمغرب ، واشترك فى فتح مصر ضد الإخشيديين ، ثم انتقل إلى دمنهور وتوفى بها وهو مدفون بجبانتها فى ضريح صغير.

ثم الشيخ الأمير محيى الدين بن السلطان ناصر الدين سلطان مصر ، ترك هذا الأمير العرش والملك وارتدى عباءة الفناء فى الله وقد عاش فى الجبل الأخضر حتى ألفته الطيور الجارحة والسباع وكل الوحوش الموجودة فى الجبل الأخضر ، حيث سكن فى وادى هامون ، بعد ذلك ثم أصبح قطبا وضريحه الآن مزار للخاص والعام ، وعلى مقربة منه ضريح الشيخ العجمى وبجانبه ضريح الشيخة السيدة أم الشيخ إسماعيل فى ضريح متصل بضريحها مدفون الشيخ خضر ، وبجوارهم ضريح الشيخ برهان الدين.

وكل الأولياء المذكورين فى أفنية الجوامع : أولا ضريح الشيخ محمد الأنصارى وهو من الصحابة الكرام وضريحه بجوار الباب الأيسر لجامع المنى وهو ضريح صغير ، وقد وفد هذا الصحابى سفيرا من سيدنا أبى بكر إلى ملوك القبط وتوفى بالمدينة ودفن فيها ويوجد تاريخ على مشهد القبر القديم.

وضريح الشيخ أبو السعود الدمنهورى ويقع داخل المدينة على يسار محراب جامع الشيخ الدمنهورى.

وضريح الشيخ مجاهد.

ثم ضريح الشيخ شعبان الواقع بالقرب من سوق الخشب وهو ضريح صغير فى الزاوية اليمنى لجامع الشيخ شعبان والجامع من آثار السلطان قايتباى ، ولأن الشيخ شعبان مدفون به سمى على اسمه ، إنه سلطان عظيم.

٢٢٥

ثم ضريح الشيخ أحمد الداودى ويقع على يسار محراب جامع المحكمة بجوار سوق الخفاف إنه سلطان عظيم حتى لو كان هناك حق لشخص عند شخص آخر ولا توجد نية للوفاء بهذا الحق فيهب الاثنان إلى ضريح الشيخ داود ويحلف المدين وهو يطرق باب الضريح بيده بأنه ليس فى ذمته أى دين لهذا الشخص ، والحقيقة أنه لو كان هناك أى سارق أو مديون لا يستطيع أن يحلف اليمين ويضرب الباب بيده ، بل يعترف على الفور بجريمته ، ومشهور فى مدينة دمنهور أنه لو حلف شخص ما بالباطل وتجرأ على طرق الباب فإنه يهلك فى لحظتها ، وفى كل سنة يتم إحقاق الحق لآلاف الرجال فى هذا الضريح ، فيأتى آلاف الرجال من النواحى والقرى المجاورة لإظهار حقوقهم عند هذا الضريح إنه ضريح عظيم ،قدس‌سره.

ومزار جامع قرقلر وضريح الشيخ أبو شهبة بالمدينة وعلى مقربة منه ضريح الشيخ صاحب الأنوار الشيخ أبو يعقوب وهو على الطريقة البرهانية وخليفة للشيخ الدسوقى وأحمد الله أننى ذهبت إلى كل تلك الأضرحة ومسحت وجهى بها وقرأت الفاتحة أو حزب وختمة شريفة لكل واحد منهم ورجونا البركة منهم ، رحمة الله عليهم أجمعين ، وقد أتممنا زيارتها.

وفى اليوم الأول من شهر جمادى الآخرة عام ١٠٨٣ ه‍ ذهبنا لمشاهدة مولد الشيخ أبو الريش ولو أننا كتبنا ما شاهدنا كله فلن يكفينا هنا مجلد آخر ، وهو مولد عظيم مثل مولد البدوى والدسوقى والشيخ محمد بن زين بالنهارية ، والمولد الأقل منه من حيث التجمع فى دمنهور هو مولد الشيخ شمس الدين ، ولا تقام فى هذا المولد احتفالات كبيرة مثل الموالد الأخرى نظرا لقرب المنطقة من الصحراء ولكن يفد إليه رجال لا يحصى عددهم من البلدان المختلفة من فاس ومراكش وطرابلس والجزائر وإدفو وإسنا وأسوان والسودان ، وتحضر قبائل بعلجة وسليمانى وحنارى إلى هذا المولد كما تقوم مئات القبائل الأخرى بجلب البضائع من البلدان المذكورة للبيع في هذا المولد ويمكثون فى صحراء دمنهور بخيامهم ، ويجتمع أناس كثيرون ويكونون كالبحر لا يعجز اللسان عن وصف تجمعهم ، وتباع هناك مئات الآلاف من أحمال الزيوت والنعاج

٢٢٦

والماشية والحملان والصبيان السود وكل جنسية من تلك الأجناس المختلفة لها شكل ولون مختلف عن الآخر فقوم ماى بورنو عيونهم حمراء ، وأفنو عيونهم صفراء ولكن بشرتهم تميل إلى الحمرة ومعظم هؤلاء يحضرون تبر الذهب ويشترون قماش الأقمصة ، أما أقوام نجه نشكى فعيونهم بيضاء وبشرتهم سمراء جدا ، وكان يوجد فى خيامهم رجل كل جسده مغطى بالشعر وقد ذهب الجميع ليشاهدوه ، وقد تقدم الحقير وشاهد هذا الرجل ، وكانت أسنانه وأنفه مثل أسنان وأنف الكلب كان يبدو وكأنه كلب أصفر اللون ، عندما كنا نتكلم كان يبتسم ولم ير الحقير بنى آدم على تلك الهيئة ، فسألت عن أهله وهو يعرف لغتهم حيث كان يوجد رجال من الواحات ، فأجابوا قائلين وهم يقسمون على ذلك : أن هذا الرجل ابن أحد القرود ويقولون فى ذلك أن والدة هذا الرجل كانت تقوم بتكسير وتقطيع أشجار السندباد فى الجبل فخرج عليها قرد وجامعها وبعد عام ولد هذا الرجل بإذن الله وقد تحير الحقير جدا وقال آية : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ١٠٩] وسأل الحقير أيضا مرة أخرى أيها القوم هل يكون هناك قرد بهذا الحجم فقالوا يوجد قرود فى حجم الحمار فينزلون إلى الطريق من على الجبل ويتعاركون معنا ، يفعل الله ما يشاء بقدرته ويحكم ما يريد بعزته ولكن كل هؤلاء القوم عرايا ولا توجد عليهم أى سترة سوى سترة بسيطة عند مكان العورة ، ولكنهم لو تحركوا تظهر عورتهم إنهم مثل الحيوانات ، ومنهم رجال لم يشربوا المياه طوال حياتهم ، وكلهم يشربون لبن الإبل ويأكلون خبز الذرة ، أما قبائل بهيجة وجنادى والضعفا فيأكلون الخبز الأبيض (القمح) يشتهرون بالجمال فعيونهم مكحلة وكلامهم حسن ولكنهم اللهم عافنا يذهبون إلى سوق البغايا ، وتنصب الأسواق فى هذا المولد ويتم البيع والشراء لمدة عشرة أيام بلياليها ثم يقوم الكاشف وكل جنده بالمسير على دقات الدفوف وبذلك يكون قد انتهى المولد ويحل كل الزوار والتجار الخيام ويقومون بزيارة أبو الريش زيارة الوداع ثم يذهب كل شخص إلى قصبته وقريته ، وقد قام الحقير أيضا بزيارة الوداع وأخذ من الكاشف عشرة رجال مسلحين وسرنا بهم إلى اتجاه الغرب لمدة خمس ساعات من دمنهور فى صحراء كبيرة فوصلنا إلى مدينة حوش عيسى القديمة ويطلقون على الحوش

٢٢٧

( ) (١) لفظ حديث فى اللغة العربية ، كانت هذه المدينة قديما مدينة عظيمة ولكنها غرقت تحت بحر الإسكندرية فخربت قراها.

والمدينة حاليا ليست مدينة وفى أراضى البحيرة كاشف يطلقون عليه روم بيه ، يمنح الخلعة من كاشف البحيرة وعنده خمسمائة جندى من الخيالة وحكم هذا الكاشف يمتد حتى سبعين منزلا أى حتى خليج كبريت ويتحصل لكاشفها ثمانية عشر كيسا من الأموال المصرية ، وقضاء مائة وخمسين أقچة ولكن نظرا لعدم تحصيل أى شىء منها فى الوقت الحالى ألحقت بقضاء البحيرة ، ويتحصل منها سنويا ألف قرش ، تقع مدينة حوش عيسى فى وسط صحراء مستوية ، ففى عام ٧٢١ جاء أحد أمراء العربان ويدعى حوت عيسى إلى تلك المنطقة فأعجبه هواءها ومياهها فأسس تلك المدينة.

وكان هذا الأمير يمتلك عشرة آلاف ناقة ومئات الآلاف من الأغنام والجاموس والثيران ودائما ما كان يقوم بالاستيلاء على التبر الموجود بالمنطقة ، وكان يحج كل عام بألف ناقة وكان يبذل النعم على الحجاج ، ونظرا لهذا فقد عمرت مدينة حوش عيسى وأقبل الناس عليها نظرا لكثرة إنعام أميرها عليها ويمكن القول بأن أهل المدينة أصبحوا أثرياء ولم يبق بمنازلها أرض خراب ، فقد كانت تلك الأرض أرض الإبل والغنم.

وفى عصر ابن عيسى المذكور قام كفار أسبانيا بهدم طريق ترعة الإسكندرية فلم يصل النيل إلى الإسكندرية ، وبالتالى مات أهل المدينة من العطش وقد وجد الكفار فى هذا إعانة لهم على إسقاط المدينة تحت وطأتهم ؛ فحاصروها. ولكن مئات الآلاف من عربان حوش عيسى هبوا لنجدة الإسكندرية ووصل المدد إلى القلعة ، وألقوا فريقا من الكفار فى البحر ، أما الباقون فقد ركبوا سفنهم وفروا هاربين وفى أثناء إصلاح الترعة كان ابن عيسى يقدم لأهالى الإسكندرية كل يوم ثلاثة جمال محملة بالمياه وبذلك أنقذ أهالى الإسكندرية من هذا العطش والهلاك المحقق ، وبذلك ازدانت مدينة حوش عيسى بالعمران بمرور الأيام لقوة حاكمها الأمير عيسى ولكنها أهملت بعد ذلك نظرا لظلم الكاشفين وكيد العربان وجورهم على الأهالى ، وعندما زرنا هذا المكان كان بالمدينة ألفا

__________________

(١) بياض فى الأصل.

٢٢٨

منزل بالطوب اللبن تقع بين أشجار النخيل وهى بيوت فلاحين ويسكن بها المغاربة ، كما يسكنها بعض من قبائل بهيجة وضارى والحضرى ، وقد كان يوجد بها قديما ألف وخمسمائة محراب للصلاة لم يبق منها الآن سوى أحد عشر محرابا فقط ولكن بوسط المدينة يوجد جامع ابن عيسى لا يوجد فى أقاليم مصر مثله لقد شيد على قدر كبير من المهارة والحرفة وتأسس هذا المسجد من الحجارة المنحوتة فى غاية الإبداع كأنها مصنوعة بأيدى أمهر صناع فى حرفة الحفر ، ولا يوجد جامع بخلاف هذا ، وللجامع مئذنة عالية من ثلاث طوابق ، وبالمدينة حمام هو حمام الأمير عيسى لا يوجد نظيره إلا حمام الأمير عثمان فى مدينة منفلوط ، وبها خمسون حانوتا ولكن كل شخص يقوم بالبيع والشراء فى منزله ، لذا فكل الحوانيت الموجودة بها ثلاثمائة وستون حانوتا وخلاصة الكلام أن معظم عمران مدينة حوش عيسى من خيرات الأمير ابن عيسى المذكور ، ولا توجد بمدينة حوش عيسى حدائق أو بساتين إلا أشجار النخيل ، وكل مياهها مياه آبار لذيذة الطعم لأن كل تلك الآبار بيضاء وتوجد ثلاثة آلاف منزل مبنية بالخوص والتراب والكليم والخيام بين غابات النخيل ، كل أهالى تلك المنازل مسلحين ولا يستطيع أشقياء قبائل بهيجة وضارى التغلب عليهم أبدا فهم قوم فى غاية الشجاعة ولا متلاكهم إبل وغنم بأعداد كبيرة فإنهم يشتغلون بمهنة نسيج الصوف والوبر ، والناحية الجنوبية والغربية لهذه المدينة لا يوجد بها عمران ولم تكن عامرة أساسا ، وامتداد تلك الأماكن حتى طرابلس وفاس ومراكش والمغرب صحراء ولكن بالجبل الأخضر توجد بعض الأراضى الموجود بها أشجار ، ومياهها وطقسها لطيف لا يمكن وصفه ، ويقيم بتلك المناطق آلاف من عربان القبائل.

مناقب المجاذيب

من المجاذيب المشهورين فى مدينة حوش عيسى الشيخ على البشبيشى والشيخة مباركة خاتون وهما شخصان لهما كرامات ويقال أنهم كانوا يشاهدون الشيخة مباركة فى الجزائر وتونس وأنه كلما يذهب الشيخ البشبيشى إلى أى مكان كانت تذهب

٢٢٩

الشيخة مباركة إليه إن الخيل لا تستطيع أن تلحق بها بل أنها كانت تذهب مع الجند فى الحملات.

فى بيان مدينة العقاب

سرنا خمس أيام بلياليها غرب مدينة حوش عيسى مع تجريدة من جند قبيلتى بهيجة وحنادى فوصلنا إلى مدينة خاوية ، إنها مدينة تثير الدهشة والحيرة بها آثار كثيرة لأقبية وقباب لا يعلم عددها إلا الله إنها حقيقة مدينة العقاب فكلها بوم وغربان وفى شدة الشتاء يقيم بها المجاذيب والضعفاء والمغاربة ، وهذه المدينة من بناء الملك خربتا بناها بعد الطوفان ، ويقال إن معز الدين من ملوك الفاطميين قام بتخريب المغرب عام ٣٤٧ ه‍ ويوجد بأطلالها حاليا آلاف الأشياء والأحجار الكريمة ، وتبتعد مدينة أو جليه التى يستخرج منها تبر الذهب بمقدار خمسة مراحل عن مدينة عقاب ، ولكن الحقير لم يصل إليها وذلك لأن عربان الحناوى انهزموا ودخلنا مصر مرة أخرى سالمين غانمين وقد شاهد الحقير هذه المدينة ورجع الحقير مع سبعة أو ثمانية من فصافة إلى دمنهور ، فى أربع ساعات ، وأقمنا فى قصر الكاشف وفى اليوم التالى اتجهنا صوب الشمال من مدينة دمنهور مع جنود الفرقة السابعة وكل أعيان المدينة وكاشف البحيرة محمد أغا فوصلنا إلى بلد جبل قاسم بك ، ومنها إلى بلدة بصطره وهى لمصطفى أغا الدمنهورى ومنها إلى بلد زرقون ، ومنها إلى بلد زاوية الغزال ، ومنها سرنا ساعتين فى قرى عامرة حتى وصلنا إلى بلد الناصرية ، وبها مائتان وخمسين منزلا وجامع ولها قرية عامرة من أوقاف السلطان الناصر ، ومكثنا فى هذا المكان مع كل الجنود ، وبدأ الجنود والرجال فى إصلاح ترعة الإسكندرية ، وقد ظل الجند وآلاف الرجال يعملون لمدة أسبوع كامل حتى تم إصلاح الترعة وبدأت مياه النيل تصل إلى مدينة الإسكندرية مرة أخرى ، وأقام الكاشف لذلك احتفالات عظيمة حيث ذبح أربعين شاة وخمسة من الإبل وذلك لأن وصول مياه النيل إلى الإسكندرية كان يعنى إحياء بندر مدينة الإسكندرية وبندر الإسكندرية يحصل سنويا ثلاثمائة كيس مصرى وإذا تعطل الجمرك فإنه يؤمر بقتل كاشف البحيرة لذا يؤمر كاشف البحيرة بتعمير تلك الترعة ، ويسجل لتلك النفقات أربعين كيسا مصريا سنويا ،

٢٣٠

ويتم تسجيل ذلك فى محكمة قصبة فوّه ، وأول من حفر هذه الترعة الناصرية هو الملك القبطى فلبطر فى عهد إبراهيم عليه‌السلام وقد تعرض هذا الملك للسيدة سارة مرتين فشلّت يده وتاب واستغفر وآمن بسيدنا إبراهيم ، وهذه الترعة من إنشاء هذا الملك ، وقد شقت تلك الترعة من قرية دراور بأرض البحيرة بالقرب من قصبة فوه الموجودة على ضفاف النيل وتسير الترعة لمسافة منزلين ثم تصل إلى الإسكندرية وهو عمل شاق ليس فى مقدور البشر وتسير السفن فيها منذ ستة أشهر ، وبمرور الأيام تعطلت الترعة وردمت فقام السلطان الناصر بجرف ما ردم منها وسير فيها المياه من جديد ، لذا يطلقون عليها ترعة الناصرية. وعلى جانبى تلك الترعة يوجد بحر البحيرة ، ويجرى النيل المبارك من بينهما وفى بعض الأماكن يزيد تلاطم البحر فتفسد جسور تلك الترعة الأمر الذى يجعلها تحتاج إلى خلق كثيرة لترميمها وتعميرها ، عندما قام الملك «فلبطير» بإنشاء تلك الترعة فرشها كلها أولا عن آخر بالمرمر الخام ، ويظهر هذا المرمر حاليا فى بعض الأماكن. حقا إن همة الرجال تقلع الجبال ، ويوجد خليج يطلقون عليه خليج الإسكندرية ، لو لم يتم حفر هذا الخليج كل عام تقوم الأمواج المتلاطمة للبحيرات المرة الموجودة على جانبيه بقطع الجسور وبالتالى تغرق مئات القرى فى ولاية البحيرة ، لذا تتم محاسبة كاشف البحيرة عن تطهير هذا الخليج كل عام ، وبعد ترميم الترعة قام كاشف البحيرة بمنحنا عشرة آلاف پاره وبراءة نظير خدماتنا ، وأرفق معنا عشرة رجال مسلحين ، ومنحنا سفينة وجميع اللوازم ، وسرنا فى تلك الترعة قاصدين مدينة الإسكندرية. وحاصل القرى والمنازل التى مررنا بها حتى مدينة الإسكندرية ، بلد سنتاو وتقع على ضفاف تلك الترعة وبها مائتا منزل وجامع وهى قرى عامرة ، ويوجد بها ملتزم فى أراضى البحيرة ، وبهذا البلد ضريح الشيخ أبو بكر الشنتاوى وهو ضريح صغير فى فناء الجامع الموجود على ضفاف هذه الترعة ، وهو من كبار الأولياء المشهورين ، واستكملنا سيرنا فى الترعة فوصلنا إلى بلد برسيق ، وهى قرى عامرة بها مائة منزل وجامع وحدائق النخيل ومنها إلى بلد نخل وهى قرى عامرة بها مائتا منزل وبتلك الناحية توجد ترعة الأشرفية. وهى ترعة كبيرة انفصلت عن قرى الرحمانية

٢٣١

الموجودة على ضفاف نهر النيل ، وهى من خيرات السلطان الأشرف من سلاطين مصر لذا يطلق عليها الترعة الأشرفية وتروى تلك الترعة مئات القرى فى أراضى البحيرة وتمر بمدينة دمنهور ، عبرنا تلك الترعة وسرنا إلى الأمام وتختلط تلك الترعة بترعة الناصرية عند بلد أبو خضر وتسير الترعتان حتى تصلان إلى الإسكندرية ، وهما أيضا من الخيرات العظيمة.

وعلى مقربة من بلد أبو خضر توجد بلد القراوى وهى عامرة للغاية وبها جامع ومن هناك إلى بلد القافلة وهى عبارة عن قرى عامرة بها خمسمائة منزل وجامع وأسفل منها بلد وسوس. وبها أيضا جامع وثلاثمائة منزل وهى بلدة عامرة وأسفل منها بلد بركه وهى قرى عامرة تضم خمسمائة منزل وجامع. وبها ضريح يعد مزارا لم نعلم عنه شيئا ولكننا قرأنا الفاتحة لروحه وعبرنا تلك البلدة وسرنا مع مياه النيل حتى وصلنا إلى البلدة الكبيرة روهب وتقع فى أراضى البحيرة وبها ألف وسبعمائة منزل وجامع سلطانى ومساجد وخان وأسواق ومقهى ، ويقيم على ترعة الناصرية أمين للجمرك يعين من قبل أمين الخوردة وتكون مدة إقامته ستة أشهر وبعدها تجف الترعة وتظل أعمال الجمرك معطلة ستة أشهر أخرى وتأتى كل سنة ألف مركب وسفينة لشراء البضائع من قرية الرويهب.

أوصاف بضاعة بلدة الرويهب

إنها بضاعة من صنع الله القادر على كل شىء الذى لا نظير لصنعه والتى يبقى العقل حيرانا أمام صنعته عزوجل ، من ذلك نبات الغاسول الذى ينطق خطأ قاسول وهو نبات قصير أصفر اللون ينبت فى صحارى قرية الرويصب وهو نبات ذو مشرط مثل نبات أم غيلان ينبت فى شهر يوليو فيقوم الأهالى بالخروج إلى هذا الوادى ، لهذا النبات أوراق مثل مخالب الطيور الجارحة فيقومون بقطف الغاسول من تلك الأوراق ، ويستخدمونه فى الاغتسال كالصابون ويقوم الأهالى بصب هذا الغاسول فى أوانى ثم يقطعونه أجزاء صغيرة ، ويوجد تراب خاص بتلك القرية يقوم الأهالى بعجن هذا التراب ويقومون بوضع الغاسول فيه ويجعلونه كالخميرة ، ثم يصنعونه على أشكال دائرية ويتركونه فى الشمس حتى يجف ثم بعد ذلك يأتى التجار ويشترون منه آلاف من

٢٣٢

أحمال الإبل ويؤخذ منه إلى إسنا وأسوان وبلاد العرب بالسفن حيث يستعمله معظم الأهالى فى الاغتسال فإذا ما وضع هذا الغاسول فى إناء وأضيف إليه الماء يصبح كالصابون لذا يطلقون عليه غاسول من لفظ الاغتسال.

وللغاسول خاصية أخرى كبرى بخلاف الاغتسال وهى تنظيف الثياب.

والميزة الثانية للغاسول هى : أنه يمكن حرقه وأخذ الرماد الذى يخرج منه ويتم بيعه أيضا حيث يقوم الأهالى بأخذ العشب إلى مكان مثل الجبل وينثرونه عليه ثم يحرقونه بالنار ويأخذون الرماد الذى ينتج منه ويجمعونه على بعضه البعض مثل الكرة ثم يقومون بنثره أكوام أكوام إما فى المخازن أو على الأرض ثم يأتى التجار ويشترون منه بالقنطار حيث يباع منه مئات الآلاف من القناطير ويذهبون به إلى كل ديار مصر حيث يقوم التجار بطحنه فى المطاحن ثم يشعلون النار عليه مع وضع مادة النطرون عليه ويصنعون منه الزجاج والقناديل والزجاجات ، وزجاج نبات الغاسول من أجود أنواع الزجاج من حيث الشفافية والجودة.

والميزة الثالثة للغاسول هى : استخدامه فى استخراج الذهب حيث يقوم التجار القادمون من بلاد الفرنجة بالذهاب إلى الرويصب ويشترون رماد نبات الغاسول ويذهبون به إلى بلادهم وعندما كان الحقير فى ألمانيا سأل مارجلين أمين دار سكّ الذهب بمدينة انكروس عن هذا الغبار فأجاب مارجلين : إنه غبار نبات يسمى الغاسول ينبت فى أراضى البحيرة من ديار مصر نحضره إلى هنا ونستخرج منه المياه الصافية ونستخرج منها الذهب ، بعد ذلك نصفيه ونحصل منه على مياه الذهب الخالصة ، حقا إنه غبار ثقيل مثل الذهب.

والميزة الرابعة للغاسول : إنك لو أطعمت تلك النباتات للأغنام فإن أسنانها تصبح مثل الذهب.

والميزة الخامسة : أن تجار الفرنجة يأتون إلى الإسكندرية عندما يكون هذا النبات أخضر ويشترونه ويرسلونه إلى بلاد الفرنجة حيث يبيعونه إلى الساعاتى وصانع الأشياء الثمينة حيث يقومون بغلى الأشياء التى يستخدمونها فى صناعاتهم فى الكوكورد (الكبريت) ونبات الغاسول يطلون به الذهب وتزين به الساعات والتحف التى تصنع من الذهب والفضة.

٢٣٣

الميزة السادسة وهى : خاصية تخص قرية الرويصب الموجود بها الشيخ الشاذلى باليمن وقد سمع الشيخ سيد عيسى أن الله قد منح الشيخ الشاذلى باليمن نبات القهوة فدعا الشيخ سيد الله بأن يمنحه هو الآخر نباتا يدفع عنه الجوع ويقويه على العبادة وقد استجاب الله لدعائه حيث أنبت فى تلك الصحراء نبات الغاسول وملأ النبات كلّ الأراضى الصحراوية هناك وكانت رائحته تفوح فتعطر الرأس ، وقد عاش الشيخ عيسى بعد ذلك مائة سنة كان يعيش فيها على نبات الغاسول ، وكان قد عاش قبل ذلك مائة وخمس سنوات وبذلك يكون الشيخ قد عمّر مائتين وخمس سنوات ، وقد فتح الشيخ عيسى طرابلس الشام مع السلطان برقوق ثم عاد إلى الرويصب مسقط رأسه وتوفى بها وقد أنشأ السلطان برقوق على قبره ضريحا وتكية ويوجد الآن فى تكيته ما يزيد على مائتى مريد ، كلهم يتعيشون على نبات الغاسول حيث يقومون بتخفيفه وطحنه ثم يصنعون منه الخبز وقد تناول الحقير منه قطعة خبز تبركا ، إنه خبز لذيذ الطعم يمنع الجوع.

والميزة السابعة : وهى خاصة ببذور الغاسول إذا ما أكلت فإنها تمنع الرشح والدم كما أنها مفيدة لمرض الذخير ، ولكن خبزه أسمر وله طعم القصرة ، ولم يتناول الشيخ عيسى طوال مائة سنة غير هذا النبات وله العديد من الكرامات إنه سلطان عظيم ، كما يأكل أغلب أهالى هذه القرية هذا النبات حين الضرورة.

وحاصل الكلام أنه يتحصل لمصر جمرك كبير من هذا النبات ، ولا يوجد هذا النبات فى أى مكان على وجه الأرض سوى فى البحيرة ، وقد سرنا فى تلك المنطقة وشاهدنا فيها كل عجيب وغريب ، وسرنا مع الترعة فوصلنا إلى لوقون وبركة وهما قرى عامرة بهما مائة منزل وجامع ، ومنها إلى كربون ومنها إلى معلق ومنها إلى عكريش البستلقون البيضة وقد كانت هذه البلدة مدينة عظيمة فى عهد القبابطة وآثارهم باقية بها حاليا لا يمكن التعبير عنها باللسان ، خرجنا منها وسرنا مع الترعة فوصلنا إلى الجنان وقد سميت ببلد الجنان لكثرة وجود الحدائق والبساتين بها قديما ، وحاليا هى عبارة عن قرى عامرة بها ثلاثمائة منزل وحدائق النخيل تزينها ، وكل القرى التى ذكرت تقع فى أراضى البحيرة على ضفتى ترعة الناصرية لمسافة عشر ساعات.

٢٣٤

أوصاف البلد القديم دار الكهنة والحصن الحصين

وسد الإسكندر المتين الخاتم المجوهر

قلعة الإسكندرية

مدينة عظيمة وقيمة وقد حرر آلاف المؤرخون أوصاف قلعة الإسكندرية التى تشبه سد يأجوج ، ولكن تواريخ القبابطة هى أوثق ما كتب فيها ، فقد منح الله العلم لإدريس بعد هبوط آدم إلى الأرض ، والقبط من ذلك الوقت وحتى يومنا هذا يحررون الوقائع والأحداث ، وبالرغم من أنهم كفار إلا أنهم لم يصدر عنهم أكاذيب أو إرهاصات فى كل الأزمنة لذا فإن كتب تاريخهم هى أوثق التواريخ التى يعتمد عليها ، وقد أتى الخليفة المأمون العباسى إلى مصر لشغفه بالتاريخ ، ونقب فى جبال الأهرام وأخرج منها آلاف القطع من كتاب إدريس وكتاب دانيال وترجمها إلى العربية ، كما قام بترجمة مئات التواريخ القبطية إلى اللغة العربية ، وتذكر معظم تلك التواريخ أن مدينة الإسكندرية هذه أول الأمر بنيت بعد الطوفان حيث كان سيدنا نوح يميل إلى بيظر بن حام من أبنائه فدعا له بالكثرة والملك فتقبل الله دعاء نوح وأنعم على بيظر بالذرية الكثيرة وملكه ملك مصر ، وقام ببناء مدينة الإسكندرية ، واتخذ مدينة منوف عاصمة له ، وكانت الإسكندرية فى تلك الأوقات تسمى رقودة ، والألمان حتى الآن يقولون على الإسكندرية رقودة أما فى اللغة اليونانية فيطلقون عليها الكساندره ويقولون على بيظر أبو القبابطة لأن معظم القبط من نسله ، فقد كان له ثلاثون ولدا أكبرهم مصرايم ، كان مصرايم هذا ملكا على مصر من العريش وحتى أسوان والسودان ، ثم توفى بيظر وهو أول من توفى فى مصر بعد الطوفان ودفنوه فى الهرم بجوار الملك هرمس وهو أيشا أول من دفن فى مصر بعد الطوفان وقد استقل مصرايم بملك مصر بعد وفاة والده وزاد من عمران مدينة الإسكندرية التى كانت من منشآت والده لحبه لطقسها ومائها وعندما أصبحت زلتاسنيث مأموم ملكة على مصر ، قدم العمالقة إلى مصر واستولوا عليها والعمالقة من أولاد حام بن نوح ولكنهم نسل بليد ، قاموا بتخريب مملكة القبط وعلى النقيض قاموا بتوسعة وإعمار مدينة الإسكندرية ، وهم الذين أنشأوا الأحجار الكبيرة فى الإسكندرية

٢٣٥

نظرا لأنهم كانوا ضخام الجثة ، وقد خلفهم فى بناء الإسكندرية يعمر بن شداد وقد أنشأ يعمر المبانى بالأحجار القوية الكبيرة لذا يقولون بناء شدادى على المبانى القوية ، ثم بعد أن أتى جارود المؤتفكى وهو بعد عهد سليمان عليه‌السلام أنشأ أعمدة كثيرة فى كل طرقات الإسكندرية ولا تزال آثار تلك الأعمدة والمغارات ظاهرة للعيان ، وقد حكمت مصر بعد ذلك الملكة دلوكة بنت زيباك وكانت قبل فرعون موسى بعشرين عاما ، وقد اتخذت تلك الملكة منوف عاصمة لها ، وقد عمرت مدينة الإسكندرية أيضا لأنها كانت تنتقل إليها لتغير الجو ، وآثارها من على بعد مائة ميل فى البحر.

وطبقا لما ذكره المؤرخ العالم محمد بن إسحاق فإن الإسكندر الأكبر قام بتعمير مدينة الإسكندرية ووسع فيها وعمرها وزينها بالعلامات والطلاسم قبل ميلاد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثمانمائة واثنين وثمانين سنة ، وقد أصبحت الإسكندرية فى عهده مدينة عظيمة لم ير مثلها على وجه الأرض ، ويتفق هذا الرأى مع رأى كل الأمم وأن الإسكندر الأكبر المذكور هو الإسكندر ذو القرنين ونسبه هو الإسكندر بن بنطى بن نعمان بن تارخ بن يافث بن نوح عليه‌السلام وعلى قول آخر هو الإسكندر بن داراب بن بهمن بن اسفنديار ، ويقال والله أعلم أن الخضر عليه‌السلام كان من جند الإسكندر حتى إنه ذهب معه ليأجوج ومأجوج ثم ذهب معه إلى الإسكندرية والمكان الذى التقى فيه الخضر مع سيدنا موسى هو مكان التقاء النيل المبارك بالبحر المتوسط بالقرب من الإسكندرية والآية الشريفة : (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [الكهف : ٧٨] خير دليل على المكان الذى افترق فيه الخضر عن موسى ، ويطلقون على المكان الذى افترق فيه موسى عن الخضر محلة مرج البحرين وهى مضيق بندر رشيد وهو مكان اختلاط النيل بالبحر ، والمسافة بين هذا المكان والإسكندرية برا اثنا عشر ساعة وبحرا ( ) (١) ميل ، أما الإسكندرية فكان ملك على اليونانيين وقد عمر ألف سنة وعلى قول ستمائة سنة وإنه حكم من القاف إلى القاف وأقام سد يأجوج ومأجوج ،

__________________

(١) بياض فى الأصل.

٢٣٦

وقيل إنه نبى وهو ابن الملك مرزبا من أبناء يافث اسمه مرزبا ولقبه الإسكندر ، وعلى قول آخر أنه بنى الإسكندرية بعد أن قام بخت النصر بتخريب مدينة منوف بمائة وعشرين سنة وكان اسمه الإسكندر بن فيش المخزونى ، وقد سميت الإسكندرية على اسمه ونظرا لوجود أربعة أشخاص باسم الإسكندر فتوجد اختلافات كثيرة بسبب ذلك ، كما أن الأربعة عمروا الإسكندرية ومرقوم على أبراج الإسكندرية تاريخ تعمير كل واحد منهم ويقال أن الإسكندر توفى عام ٨٨١ قبل ميلاد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عائد من بناء سد يأجوج ومأجوج وكانت وفاته فى ديار العجم ، ونقل نعشه إلى الإسكندرية وهو الآن مدفون بدير مرقاب ، والتواريخ اليونانية أيضا من التواريخ المعتمدة ، وذلك لأنهم دائما ما يهتمون بأمور الدنيا ، وعلى قول اليونانيين أن الإسكندر هو بن الحكيم فيقلوس وقد ولد فى مدينة قوله بالقرب من سلانيك قبل هجرة النبى بثلاثمائة وخمس سنوات ، وأنه أصبح ملكا على الروم واستطاع أن يسخر لسلطانه الروم والعجم والعرب والهند والسند وقد استطاع أن يستولى أيضا على إيران بعد هزيمة شاه العجم دارا على يديه فى منطقة قره دره بالقرب من قلعة نصيبين المجاورة لبغداد ، وأمر الإسكندر بإسكان الشاه دارا وأهله وعياله فى سهول داراهيه بسنجق منتشه ، وقد توجه الإسكندر بعد ذلك بألفى سفينة إلى الإسكندرية واستطاع الإستيلاء عليها من يد الملك سوريد من ملوك القبابطة وسار إلى مصر واستولى عليها أيضا ، وخضع القبط لطائفة العربان الأشرار لسلطانه وكان العربان يميلون له عن القبط ، وقد أوقف الإسكندر مصر لدير ياصومنيه الموجود بالقسطنطينية ، فقد كان يتم جمع ستة عشر مليون قطعة ذهبية سنويا من مصر وذهب إلى الرهبان فى أيا صوفيا فى عهد عمر بن الخطاب كانت القدس وطرابلس وصيدا وبيروت وعكا والرملة وغزة وتيه ودمياط ورشيد والإسكندرية وكل مصر تحت قبضة كفار الروم الإفرنج ، بعد ذلك قام الملك الضال نقلديانوس أوتقيانوس بالقضاء على كل المسيحيين الموجودين فى مصر والشام وحلب وإنطاكية وخرب آلاف الكنائس وهذا الملك الضال الجبار هو آخر شخص من عباد الأصنام من قياصر الروم.

٢٣٧

بعد ذلك أتى إلى الإسكندرية بالمال الذى غنمه من النصارى وقتله وزيره ويدعى جيلة وبذلك أصبحت الإسكندرية فى يديه ثم استولى على مصر وسار منها إلى بلاد العجم حيث تحارب مع شاه العجم شابور حربا عظيمة انهزم فيها شابور وانتقلت كل خزائنه وأمواله إلى تيقانوس الذى نقلها إلى الإسكندرية وعمرها ، استمر حكم تيقانوس عشرين عاما ، وقد رأى جزاء ما اقترفه من مظالم ، فقد تناثر لحمه وأسنانه بدون سبب ، ولما هلك تولى بعده ابنه دانيال ، وعند ما هلك هو الآخر تولى الملك قسطنطين الأكبر وشاء المولى القدير أن يعلو شأن دين الله فقد فتح النبى مكة سنة ٨ هجرية وقد سير خالد بن الوليد فى عشرين ألف جندى من الصحابة الكرام إلى الشام إبان حكم القيصر حزقيل وبأمر الله استطاع أن يسخر الشام له ، وقد ذهبت البشرى إلى رسول الله فقام بإرسال عشرة آلاف جندى إليهم وساروا إلى القدس وكانت حينئذ فى يد الكفار والروم ، وعندما وصلت الجنود إلى الشام كان عمرو بن العاص فى القدس يشتغل بالتجارة ، وبينما كان عمرو يستريح تحت ظل شجرة ظهر ثعبان فجأة وكان ثعبانا ضخما وكان هناك رجل ينام بجانب عمرو هجم الثعبان عليه فقام عمرو فقتل الثعبان بفرع شجرة ، فقال له الرجل لماذا قتلت الثعبان؟ فقال عمرو : لقد كاد أن يقتلك وأنت نائم وعندما رأيته قتلته وأيقظتك من النوم ، فهمّ الرجل بتقبيل يد وقدم عمرو بن العاص ، وسأله الرجل : من أى البلاد أنت؟ فقال له : أنا مكّى أتيت للقدس للتجارة ، وجميع أوقاتى مع ناقتى الصغيرة ، فقال له الرجل : أنا أسكن فى الإسكندرية فى ديار مصر وقد أتيت للقدس للزيارة مع الخواجة شماس والحمد لله أنك أنقذتنى من شر هذا الثعبان سوف أمنحك أموالا وفيرة لذلك ، لتذهب معى إلى الإسكندرية وسوف أمنحك ألفين عملة ذهبية وخيام كبيرة وصغيرة وسوف تعود إلى بلادك من مصر.

وقد ذهب عمرو إلى الإسكندرية بعد عشرة أيام ونزل ضيفا عند الخواجة شماس ولم يخلف الخواجة وعده مع عمرو فقد منحه عدة لبدات فاخرة ، وشاهد عمرو المدينة مع الخواجة شماس وبينما كان يسير فى شوارع المدينة معه كان بعض الأهالى يلعبون لعبة

٢٣٨

الكرة وقد جرت حكمة الخالق أن تسقط الكرة على رأس عمرو وتستقر عليه ، وقد تعجب كل الحاضرين من ذلك جدا ، فقد كان أهالى الإسكندرية يؤمنون بتقليد قديم عندهم وهو أنه أثناء لعب تلك اللعبة من تستقر على رأسه تلك الكرة يصبح ملكا على الإسكندرية ، فابتسم الأهالى وقالوا : هل يكون هذا العربى المكى ملكا على الإسكندرية ، وعلى الفور قام شماس بأخذ عمرو إلى منزله وبدأ يبحث عن طالع عمرو بعلم الإسطرلاب فوجد أن عمرو سيكون ملكا على مصر ، وفى النهاية أكرمه بأن أعطى له الأموال الكثيرة ومنحه عشرة من الإبل محملة بالمتاع وودعه إلى الحجاز ، وصل عمرو إلى مكة بعد أن قطع المنازل وطوى المراحل والتقى بأهله هناك وأعطى رسول الله الهدايا التى معه وأعلن إسلامه وقد ذهب عمرو إلى رسول الله وقد بشره الرسول بأنه سيكون أحد العمرين الذين سيفتحوا مصر والإسكندرية ، وأخذ عمرو يذكر للرسول والصحابة مدح مدينة الإسكندرية وجمال مائها وهوائها ، وقد ذكر الرسول فى عدة أحاديث له ترغيبا للصحابة فى فتح مصر والقدس والإسكندرية ، وقد قام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإرسال الرسائل إلى المقوقس ملك مصر مع الصحابى أبو حاطب بن أبى بلتعة وذلك بعد غزوة الحديبية عام ٦ ه‍ ، ودعا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم المقوقس إلى دين الإسلام ، ويقال إن المقوقس امتثل للدعوة وأعلن إسلامه ، وقد أرسل المقوقس رسالة إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع ذى النون المصرى وأرسل مع الرسالة البغلة دلدل ، والسيف ذو الفقار ، والجارية مارية ، وثلاث جوار من القبط ، وعندما ذهب ذو النون إلى مكة وشاهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعلن إسلامه وأصبح طبيب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فى بيان فتح قلعة الإسكندرية

بناء على قول المؤرخين أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قام بفتح القدس الشريف من يد الروم الكفار فى سنة ١٨ هجرية ، ثم قام بعد ذلك بإرسال أربعة آلاف وخمسمائة فارس وأربعة آلاف جندى مشاة بقيادة عمرو بن العاص لفتح مصر ، فقطع ذلك الجيش المنازل وطووا المراحل حتى وصلوا إلى المنطقة الواقعة بين رفح والعريش

٢٣٩

فوصلهم هناك رسالة من عمر بن الخطاب يقول لهم فيها : «إذا كنتم قد دخلتم أرض مصر فسيروا على بركة الله وإن لم تكونوا قد وصلتم بعد فعودوا حتى تلاقوا الخوارج فى عمان» وعلى الفور قام عمرو بن العاص بسؤال الأهالى هل هذه المدينة ـ يقصد العريش ـ من أرض مصر ، فقالوا نعم ، فأرسل عمرو رسالة إلى ابن الخطاب يقول له فيها أنهم وصلوا أرض مصر وأنهم يعتزمون فتحها ، وقام عمرو بن العاص بفتح عدة قلاع ثم حاصر قلعة الإسكندرية واستمر الحصار تسعة أشهر كانت حربا عظيمة ، وعندما توفى الملك حزقيل فى عام ١٩ ه‍ وجد الكفار أنفسهم محاصرون فى القلعة من ناحية البحر فأرسلوا الرسائل إلى الروم يستنجدون بهم فى تلك اللحظة كان جنود الإسلام يدخلون القلعة من الأماكن التى تهدمت من أسوارها بفعل المنجنيق ، وتم فتح تلك القلعة الحصينة يوم الجمعة من شهر المحرم عام ٢٠ ه‍ وكانت الغنائم تنقل بالإبل فقد كان نصيب كل جندى أربعين ألف عملة ذهبية أما الأسرى وسائر الغنائم الأخرى فلم يكن يعلم حسابها إلا الله ، وقد أرسل عمرو بن العاص الرسائل إلى عمر بن الخطاب بالمدينة يبشره بهذا الفتح العظيم ، فقام عمر بن الخطاب بإرسال عشرين ألف جندى إلى عمرو مددا له وقام عمرو بحصار مصر القديمة وقد ذكر ذلك بالتفصيل قبل ذلك.

فى بيان سبب دمار منارة الإسكندرية

دخلت الإسكندرية تحت حكم ملوك كثيرين ، ثم دخلت الحكم الإسلامى فى عهد عمر بن الخطاب وآلت من بعد الخلفاء الراشدين إلى الأمويين وكانت الإسكندرية فى عهدهم فى غاية العمران فقد أصبحت كل الأمم المسيحية فى ذلك الوقت ضعيفة لضعف ملوكهم وتكالبهم على الدنيا وحرصهم عليها ، لذا فتح الأمويون بلدانا كثيرة ، حتى أنهم أرسلوا الجيوش للقسطنطينية وأسبانيا وتسنى لهم فتح غالاطة فى استانبول ورومانيا وأسبانيا ، إلا أن آخر ملوك الكفار سلك طريق الحيلة ضد عبد الملك بن مروان فقد أرسل هذا الملك رسالة إلى الشام إلى عبد الملك مع سفير من سفرائه ، وبينما كان

٢٤٠