تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

والتماثيل التي ذكرنا في الأركان ، وسنذكر خبر غمدان فيما بعد هذا من الكتاب إن شاء الله تعالى.

وروي أنه لّما فرغ اليشرح من بنائه قال فيه شعرا بالحميرية لم يحفظ منه إلا هذا البيت :

إني أنا القيل ألي شرح

حسبك (١) غمدان بمبهمات

وقيل : إنه وجد في بعض زوايا غمدان : «بناه غبدان» ، وقيل إنه رجل من همدان وإن الناس زادوا فيه ميما فقالوا غمدان. وكان ظله يبلغ عيبان (٢). وكان أول حجر بني باليمن غمدان.

قال علقمة الأصغر يصف غمدان : [وافر]

مصابيح السّليط تلوح (٣) فيه

إذا يمسي كتوماض البروق

وقال امرؤ القيس ، ويروى لتبع (٤) : [الطويل]

وكان لنا غمدان أرضا نحلّها

وقاعا وفيها ربنا الخير مرثد (٥)

وقال آخر من حمير (٦) : [المتقارب]

__________________

(١) الإكليل : «حصنت» وانظر التعليق عليها فيه ٨ / ٢١ والحاشية ١٧٥.

(٢) بإزاء هذا الخبر في هامش نسخة الأمبروزيانا (مب) حاشية بخط الناسخ نصها : «لعل صاحب التاريخ لم يقف على ما قالته حمير في صنعاء وغمدان وإلا فقد أكثروا وطولوا في تواريخهم في غمدان وسقفه ، ولعله ما صحت له روايات من نقل عنهم».

(٣) الإكليل ٨ / ٢٠ : «يلحن».

(٤) حد ، صف ، مب : «وقال آخر من حمير». وكذا الإكليل ٨ / ١٣.

(٥) ما أثبتناه من : حد ، س ، والإكليل ٨ / ١٣ ، وفي با : «وقاعا ومنا الخير مرثد» وفي صف : «وقاعا وفيها ومن الخير مرثد» وفي مب : «وقاعا ومنا الخير الخير مرثد».

(٦) حد ، صف ، مب : «وقال امرؤ القيس ويروى لتبع» وفي الإكليل ٨ / ١٦ : «وقال أسعد تبع».

٨١

وغمدان قصر لنا مشرف (١)

مآجله حوله يزهر

وكان معسكرنا بأزال (٢)

لنا عسكر دونه عسكر

وقال الأعشى (٣) : [مخلع البسيط]

وأهل غمدان حيث كانوا

جمّعوا ما جمّع الخيار (٤)

/ فصبّحتهم من الدّواهي

جائحة عقبها الدّمار

(٥) قال أبو محمد : حدثني أبو عمرو حفص بن أبي الدّغيش ، قال : حدثني عبد الملك الذّماري قال : أول حجر وضع على حجر بعد الغرق غمدان ، بناه يقطن بن عابر بن سام بن نوح.

قال غسان بن أبي عبيد : حفر بئر سقاية المسجد الأعظم بصنعاء سام بن نوح ، قال غسان : ولقرية صنعاء منذ بنيت أربعة آلاف سنة.

واختلف الرواة في طول غمدان وعرضه ، فقال قوم : كل وجه غلوة

__________________

(١) حد : «مشرق».

(٢) ما أثبتناه من : صف ، مب. وفي با ، س : «وكان معسكرنا نازل» وفي حد : «وكان معسكر بأزال». والبيت في الإكليل :

«وكان معسكرنا دائما

أزال وعسكره عسكر»

(٣) صف زيادة : «في ذلك شعرا».

(٤) مب : «الجبار» وفي الإكليل : «أجمع ما يجمع الخيار» والبيت الأول في ديوان الأعشى :

وأهل غمدان جمعوا

للدهر ما يجمع الخيار

والبيتان هما الخامس والسادس ـ ديوانه ٢٨١ ـ من قصيدة في هجاء بني جحدر من ربيعة مطلعها :

ألم تروا إرما وعادا

أودى بها الليل والنهار

(٥) من هنا بداية الخرم في : صف ، وسنشير إلى نهاية هذا الخرم في موضعه.

٨٢

بالغة (١) ، وقال آخرون أكثر من ذلك ، وقالوا : كان في أعلاه (٢) بيضة رخام كالجسد فإذا أرادوا موافاة من حولهم لأمر حدث أوقدت الشماع فيها فأضاءت كالنجم فيراها من في أقصى ظواهر همدان (٣).

وقال تبّع يصف صنعاء وغمدان وما حول ذلك : [الخفيف]

دارنا الدّار ما ترام (٤) اهتضاما

من عدوّ ودارنا خير دار

إنّ قحطان مذ (٥) بناها ، بناها

بين برّيّة وبين بحار

نطّقت بالكروم والنخل والزّر

ع وأصناف طيّب الأشجار

وتسيح العيون فيها فما إن (٦)

تسمع إلا تسلسل الأنهار

ليس يؤذيهم بها وهج الحر

رولا القرّ في زمان اقترار

طاب فيها الطّعام والماء (٧) والنو

م وليل مطيّب كالنّهار

إن آثارنا تدلّ علينا

فانظروا بعدنا إلى الآثار

وقال ابن يعقوب : [الكامل]

من بعد (٨) غمدان المنيف وأهله

فهو الشّفاء لقلب من يتفكّر

يسمو إلى كبد السّماء مصعّدا

عشرين سقفا سقفها (٩) لا يقصر

__________________

(١) كذا الأصول ، وفي الإكليل ٨ / ١٢ : «ألف بألف» وانظر حواشيه : الحاشية ١٠١

(٢) با : «أعلاه غرفة رخام بيضة رخام» ، س ، مب : «في أعلاه غرفة بيضة رخام». وما أثبتناه من حد.

(٣) أي شمال غرب صنعاء.

(٤) با ، س : «تضام» وما أثبتناه من بقية النسخ ومن الإكليل ٨ / ١٧.

(٥) بقية النسخ والإكليل : «إذ».

(٦) ساقطة في بقية النسخ والإكليل ، وبدونها لا يقوم وزن البيت.

(٧) الإكليل : «والنبات».

(٨) بقية النسخ : «أم أين».

(٩) كذا الأصول ، وفي الإكليل : «سمكها».

٨٣

ومن السّحاب معصّب بغمامة

ومن الرّخام ممنطق ومؤزّر

متلاحكا بالقطر منه صخره

والجزع بين صروحه والمرمر

وبكل ركن رأس نسر طائر

أو رأس ليث من نحاس يزأر

متضمنا في صدره قطارة

لحساب أجزاء النّهار تقطّر

والطّير عاكفة (١) عليه وفودها

ومياهها قنواتها تتهدّر

ينبوع عين لا يكدّر (٢) شربها

فبرأسه من فوق ذلك منظر

برخامة مبهومة فمتى يرد

أربابه من حوله (٣) لم يعسروا

جا قضّهم (٤) بقضيضهم إذ عاينوا

نار (٥) الرّخامة في صفاها تزهر

هذاك كان صريخهم لجموعهم

من غير منبعث تعوّد يخطر

فأزاله الدّهر الخؤون وأهله

فحوتهم بعد التحارب أقبر

ويقال : لم يزل غمدان قائما حتى هدمه فروة بن مسيك المرادي بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد قيل هدم في أيام أبي بكر رضي‌الله‌عنه ، وقيل : هدم في أيام عثمان رضي‌الله‌عنه ، وقيل : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باذان فهدمه ؛ والله أعلم أيّ ذلك كان ، وسنذكر ذلك في باب أخبار غمدان بعد هذا إن شاء الله تعالى.

ويقال : إن عامة عمارة قصبة صنعاء إنما عمّرت بنقض غمدان.

__________________

(١) الإكليل : «واقفة».

(٢) في حد ، مب ، والإكليل : «يصرد». والصرد : الشديد البرودة (المحيط).

(٣) الإكليل : «مدخولة» تصحيف واضح.

(٤) مب : «حتى يجيء قضهم» والأبيات الثلاثة التالية ليست في الإكليل.

(٥) مب : «نور».

٨٤

قال أبو محمد ، عبد الله بن أحمد بن معقل بن منبه : حدثني همّام بن مسلمة قال : أخبرني ابن مطاع قال : سمعت مسلمة يقول : كان غمدان عشرة سقوف ، بين كل سقفين منه أربعون درجة.

قال أبو محمد ، وحدثني يوسف بن عبد الرحيم قال : سمعت رياح بن سالم ، قال : سمعت منصور بن سعيد عن النعمان بن بزرج ، وكان قد أدرك الجاهلية والإسلام ـ النعمان بن بزرج هذا عاش مئة وعشرين سنة ، ثلاثين في الجاهلية ، وتسعين في الإسلام ـ فقال القيصر (١) : كان يقال إن مصرع الجزارين الذي بصنعاء بني في زمان سام بن نوح ، ومصرع الجزارين هو اليوم [الموضع (٢)] الذي يباع فيه السليط ، وموضع الحدادين إذا أردت أن تنزل سوق العراقيين موضع مسجد ابن زيد ، وكانت مقبرة غمدان حيث يحدو الحدادون اليوم بصنعاء ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

__________________

(١) كذا الأصول ، ولعلّه : «المنصور» صاحب الخبر.

(٢) من : حد ، مب.

٨٥

ذكر من قال إن صنعاء كانت تسمى أزال

/ حتى دخلتها الحبشة فسميت صنعاء ، وذكر فضل اليمن

قال أبو حفص عمر بن محمد بن عمر : قال : حفر بئر غمدان [وبنى غمدان (١)] صنعة بن سام بن نوح وباسمه سميت صنعاء.

عبد الرزاق قال : أخبرني أبي أنه سمع وهبا يقول : كان اسم صنعاء في الجاهلية أزال حتى دخلها الحبشي (٢) ، وكان كلامهم يقولون : صنعت وصنعت ؛ فلزمها اسم صنعاء من يومئذ.

قال أبو محمد ، عبد الله بن أحمد بن معقل قال : حدثني زكريا بن يحيى قال : أخبرني ابن أبي الروم ، قال : كانت صنعاء امرأة وكانت ملكة وبها سميت صنعاء.

قال علي بن عبد الوارث : حدثني أبي الحسن بن عبد الوارث قال : كان رجل قد كبر وضاق عليه أمره أو نحو هذا ، فرأى في النوم قائلا يقول : اذهب إلى صنعاء فإنها صنع.

وقال أبو الحسن : وجدت في كتاب من كتب صنعاء من حديث مشايخها ، طلحة عن عطاء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تعذّر عليه الملتمس فعليه بهذا الوجه» (٣) وأشار إلى اليمن ، ثم وجدت بخط علي بن الحسن يقول : إن هذا

__________________

(١) من : حد ، مب.

(٢) كانت الحملة الحبشية الأولى على اليمن سنة ٣٤٠ للميلاد.

(٣) انظر الحديث فيما سبق ص ٦٧.

٨٦

الحديث قد صح له سماعه. قال : حدثني علي بن المبارك ، محمد بن عبيد (١) بن حساب ، بشر بن منصور عن طلحة عن عطاء ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تعذّر عليه الملتمس فعليه بهذا الوجه» وأشار إلى اليمن.

ووجدت بخطه : حدثني ابن مسلم بن إدريس ، الحميدي عن سفيان الثوري ، أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة ، الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، والجفاء [والقسوة (٢)] وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر عند أصول أذناب الإبل من ربيعة ومضر».

قال الحميدي ، قال سفيان : يعني باليمن أهل تهامة من كانوا ، لا يعني الأنساب ، لأن مكة تهامية ، ولأنه يقال : المدينة يمن.

وبخط الكشوري : حدثني سفيان بن زياد ، عبد الله بن داود ، أبو عبد الرحمن (٣) القابض الخريبي الحميري ، عن حنظلة قال : سألت طاوسا : ما تعدون اليمن؟ قال : من المدينة فاليك (٤) يمن.

ابن عبد الوارث قال : حدثني عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني إبراهيم بن عقيل عن أبيه ، عن وهب بن منبه ؛ أنه سمع جابرا يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول / «غلظ القلوب والجفاء في أهل المشرق والفدادين ، والإيمان في أهل اليمن».

__________________

(١) حد ، مب : «علي».

(٢) ليست في : با ، س. وانظر الحديث فيما سبق ص ٦٦.

(٣) مب ، س : «عبد الله».

(٤) كذا الأصول ، ولعلها : «فالعك» انظر ما سبق ص ٦٦.

٨٧

[حكم عمر رضي‌الله‌عنه في فاجرة]

ابن عبد الوارث ، الدّبري (١) عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن امرأة كانت باليمن لها ستة أخلاء فقالت : لا يستطيعون ذلك منها حتى يقتلوا ابن بعلها. فقالوا : امسكيه لنا عندك [فأمسكته (٢)] ، فقتلوه عندها ، وألقوه في بئر ، فدل عليه الذبان فاستخرجوه ، واعترفوا بقتله ، فكتب يعلى بن أمية بشأنهم هكذا (٣) إلى عمر بن الخطاب ، فكتب إليه عمر : أن اقتلهم والمرأة ، فلو قتله أهل صنعاء جميعا لقتلتهم (٤).

__________________

(١) في الأصل با : «الذي يروي» وما أثبتناه من بقية النسخ ، والدبري هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الجعدي ، طبقات فقهاء اليمن : ٦٤ ، ٧٣.

(٢) من : حد ، مب ، ومصنف عبد الرزاق.

(٣) با ، س ، مب : «هذا» والتصحيح من : حد ، والمنصنف.

(٤) انظر الخبر نصا في مصنف عبد الرزاق الحديث رقم / ١٨٠٧٦ / وبروايات أخرى ٩ / ٤٧٥ ـ ٤٧٩. والقصة وحكم عمر رضي‌الله‌عنه عليها مشهور أوردها عدد غير قليل من كتب التاريخ والتشريع ، وسيختم المؤلف بها كتابه.

٨٨

ذكر قول عيسى بن مريم في ذكر أزال

وتسمية صنعاء بأزال ، وذكر من يخرج منها آخر الزمان

[قال : عبد الرزاق ، عن المنذر بن النعمان (١)] قال : سمعت وهب بن منبه يقول : وجدت في بعض الكتب أن عيسى بن مريم قال : «يا معشر الحواريين بحق أقول لكم إنه سيخرج من المدينة التي تسمى أزال رجل من زرع يعقوب من بعد ما يهلك الله ملوك الأرض ، معه سبعة وسبعون قدوسا مباركين بالبركة التي بارك الله فيها على إسحاق ويعقوب ، يسبحون الله سبحانه وتعالى بأصوات عالية لا يفترون من التسبيح لله ربهم (٢) ، والمنصور ملكهم».

__________________

(١) من بقية النسخ.

(٢) ليست في س.

٨٩

ذكر دخول عيسى بن مريم إلى صنعاء (١)

قال أبو محمد : (حدثني إسحاق بن إبراهيم ، قال) (٢) : حدثني غسان بن أبي عبيد البصري قال : دخل عيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ صنعاء ، وصلى في موضع الكنيسة فاتخذ النصارى الكنيسة بصنعاء على إثر مصلاه ؛ وهذه الكنيسة في وقتنا هذا (خربة) (٣) وهي أسفل زقاق المبيضين من صنعاء في الجانب العدني محاذية لبيعة اليهود (التي) (٤) هي اليوم باقية بصنعاء ، وقد بقي من هذه الكنيسة ضبر شبه أسطوان على حرف الطريق إلى سوق العطارين ، وإلى درب دمشق ، وقد أدركت عقودا كثيرة كانت باقية إلى سنة تسعين وثلاث مئة.

__________________

(١) مب : «صنعاء اليمن» ولم نقف على هذا الخبر أو قريب منه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٢) ما بين القوسين ساقط في حد.

٩٠

ذكر الرواية أن صنعاء محفوظة في الجاهلية والإسلام

/ أحمد بن إسماعيل بن يعقوب (١) ، حدثني أبو راشد خلف بن راشد (٢) ، قال : أخبرني عبد الوهاب بن همّام ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن شروس (٣) ، قال : سمعت وهبا يقول : اجتمع أهل اليمن بالجاهلية بتعود يريدون أن يغزوا صنعاء فبينا هم على ذلك (٤) إذ أقبل طائر (٥) في منقاره كتاب فألقاه بين أظهرهم ، فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من الله تعالى لا من أحد [سواه (٦)] من أراد صنعاء بسوء كبه الله على وجهه». ثم سنح لهم ظبي من بعض شعابها فرماه بعضهم بسهم فقتله فقال هؤلاء : نحن قتلناه ، وقال هؤلاء : نحن قتلناه ، فتجالدوا بالسيوف حتى تفانوا.

قال عبد الوهاب : ثم قدم علينا بجير بن أبرهة فأتيناه نسلّم عليه بتعود ، فإذا بهم وإجل (٧) رابضة على أكمة ، فقال (٨) : يا بني إن لم تتركوا البهم (٩) والإجل على قبور آبائكم ، قال : فقلت يا أبا كريب ، وما قصة هذا الموضع؟ فحدثني بهذا الحديث ، فعلمت أنه حق.

__________________

(١) حد : أيوب.

(٢) «خلف بن راشد» ساقطة في : حد.

(٣) من : حد ، وفي مب : سردس. وفي بقية النسخ مهملة.

(٤) حد : كذلك.

(٥) هاهنا ينتهي الخرم في : صف ؛ الذي أشرنا إليه في الحاشية (٥) ص ٨٢.

(٦) من : حد ، مب.

(٧) الإجل : بالكسر ، القطيع من بقر الوحش (المحيط).

(٨) حد : فقالوا.

(٩) ساقطة في مب. ويلاحظ أن في العبارة نقصا لخلوها من جواب الشرط ، ولم نهتد إلى تصويبها.

٩١

قال : وإنما سميت تعود لأنهم عادوا منها مرة بعد مرة.

قال أحمد : تعود بالبون.

وقال وهب : إن صنعاء لمحفوظة من كل سوء ، ما أرادها أحد بسوء إلا كفي في الجاهلية والإسلام ، ورد الله كيده في نحره.

ولقد بلغني أن همدان أرادت أن (١) تغزوا صنعاء في الجاهلية فبينا (٢) هم بتعود من البون (٣) إذ أقبل ظبي فأخذه بعضهم فقال آخرون نحن أخذناه وقال الآخرون نحن أخذناه ، فاقتتلوا فوقع بينهم مقتلة عظيمة ثم تفرقوا وانصرفوا.

وروى أفلح بن كثير السراج (٤) قال : أخبرني الوليد بن سويد ، وأخبرناه الضحاك بن زمل ممن يسكن الشام وأصله من اليمن : قدم علينا واليا لبعض بني أمية ، فلقيه من لقيه (٥) من أهل اليمن فقالوا (٦) : إن أهل صنعاء قد خالفوا وتمالؤوا حين بلغتهم ولايتك ؛ أن لا تدخل صنعاء عليهم. يريدون أن يغضبوه ويجهلوه عليهم (٧) فوقع ذلك في نفسه ، وخافهم حين قالوا ذلك. فسار حتى أتى إلى الرحبة فعسكر فيها ثم خرج إليه أهل صنعاء فدخل معهم ، ودواب أهل صنعاء وخيلهم فيها ترعى ، ويروحونها دار الغرامة ، فقام في بعض الليل من كان يقوم عليها ففتح الباب ونسي الدواب فخرجت تصهل وتعدو في القرية ؛ فظنّ أنه قد أتي ، وأنه يراد على ما كان (٨) كذب عليهم عنده ، فخرج هو

__________________

(١) ليست في : حد ، مب.

(٢) س ، مب ، صف : فلما.

(٣) بعدها في حد ، س ، مب الزيادة : «فبينماهم كذلك».

(٤) حد زيادة : «أنه».

(٥) ساقطة في حد.

(٦) حد : فقال.

(٧) «يجهلوه عليهم» ساقطة في حد. و «عليهم» وحدها ساقطة في صف.

(٨) حد : «قد كذب». س : «ما كان ذكر».

٩٢

وأصحابه / في ظلمة الليل فقتل بعضهم بعضا حتى فنوا ، وهم يظنون أنهم أهل صنعاء ، ومضت الدواب إلى مراعيها.

[عبد الرزاق قال](١) أخبرني أبي وداود بن قيس ، قال : قدم علينا الضحاك بن زمل وهو رجل ممن يسكن الشام وأصله من اليمن [فقدم علينا واليا لبعض بني أمية فلقيه من لقيه من أهل اليمن فقالوا له : إن أهل صنعاء قد خالفوا حين بلغتهم ولايتك لئلا تدخل عليهم صنعاء. يريدون بذلك يغضبوه فوقع في نفسه ، وخافهم حين قالوا ذلك. فسار حتى أتى الرحبة ، فعسكر فيها ثم خرج إليه أهل صنعاء فدخل معهم ، ودواب أهل صنعاء وخيلهم فيها ترعى ، ويروحونها إلى دار الغرامة ، فقام في بعض الليل بعض من كان يقوم عليها ففتح الباب ونسي الدواب فخرجت تصهل وتعدو في القرية ؛ فظن أنه قد أتي ، وأنه يراد على ما كان كذب عليهم ، فخرج هو وأصحابه في ظلمة الليل فقتل بعضهم بعضا حتى فنوا ، وهم يظنون أنهم أهل صنعاء ، ومضت الدواب إلى مراعيها](٢).

__________________

(١) التكملة من : حد ، صف ؛ وحدهما.

(٢) ما بين المعقوفين من : حد ، صف. وأسقط في الأصل المعتمد. ولعل الناسخ اكتفى بإيراد طريق آخر للخبر دون تكرار الخبر ، كما فعل ناسخ س أيضا ، إلا أن الأخير أشار إلى ذلك بقوله في هامش الصفحة : «ثم ذكر مثل ما ذكر فصحّ أصله» أما ناسخ مب فقد ذكر أيضا وجه رواية الخبر وقسما من الخبر أيضا حيث بلغ فيه إلى العبارة : «فقالوا إن أهل صنعاء» ثم أعرض عن الاستمرار في تكراره معللا بقوله بإزائه في الهامش : «ثم ذكر مثل الحديث هذا بصفته إلى محالفة همدان».

٩٣

ذكر محالفة همدان وأبناء فارس في عهد باذان بن ساسان

في زمن (١) كسرى بن هرمز

وذلك أنه اجتمع جماعة من الرؤساء فتشاوروا وأجمعوا (٢) على حرب باذان بن ساسان في زمن كسرى بن هرمز ، وكان اجتماعهم بمذاب من الجوف. وكان فيهم عمرو بن معدي كرب الزبيدي (٣) ، وعنبسة بن زيد الخولاني ، والحصين بن قنان بن يزيد الحارثي ، ويزيد بن عبد المدان ، وشهاب (٤) بن الحصين مع جماعة من الفرسان والأشراف ؛ فعسكروا عسكرا عظيما ، وجمعوا جمعا كثيفا ، وحلوا في أرض (٥) طمعا أن يكون معهم فلم يجبهم إلى ذلك. وبلغ ذلك باذان فخرج إليهم في خيل الأساورة من صنعاء ، وخرجت همدان في لقائه في زهاء عشرة آلاف مقاتل ما بين فارس وراجل في عدة كاملة ، وكانوا إذ ذاك أعز أهل اليمن وأكثرهم عددا وسلاحا وأظهرهم نجدة وجلدا ، وكان عمرو بن الحارث بن الحصين الشاكري وعمرو بن يزيد بن الربيع الحاشدي رئيسي القوم ، فعرضوا على باذان النّصرة والحلف ، فسرّه ذلك وسارع إليه فحالفهم وعاقدهم ، فاجتمعت ذلك اليوم رؤساء همدان جميعا ووجوههم وفرسانهم ، وكان ذلك اليوم يوما عظيم الخطر باقي الأثر كريم المشهد كثير الحاضر. فلما اجتمعوا للحلف قامت خطباؤهم فتكلم كل خطيب

__________________

(١) صف ، س : عهد.

(٢) حد ، صف : اجتمعوا.

(٣) حد : الأسدي.

(٤) ورد في الأصل با ، وفي س : شهاب الدين : ولعله طفرة قلم من ناسخيهما ، فاعتمدنا بذلك : صف ، حد ، مب.

(٥) كذا الأصل ، وفي مب : الأرض.

٩٤

من الفريقين بما حضره من حرّ الكلام وجوهره يحث على الحلف والإلفة وينهى عن الافتراق والخلفة ، ورغب القوم كلهم في ذلك وسروا به جميعا وأجمعوا عليه بطيب من نفوسهم وانشراح من صدورهم على اجتماع أمورهم ، وذلك أن همدان لم تزل تميل ميل الأساورة وتنصرهم ، وكانت العرب إذا كتبت بدأت في كتبها : «باسمك اللهم» ، وكانت فارس إذا كتبت (١) [تبتدئ] «باسم ولي الرحمة والهدى (٢)» (فلما أرادوا الكتاب جمعوا الابتداءين جميعا وكتبوا نسخة بالعربية ونسخة بالفارسية. فكتبوا / باسمك اللهم ولي الرحمة والهدى) (٣) هذا كتاب ما أجمعت عليه همدان وفارس باليمن بمحضر المرزبان باذان (بن ساسان ومشاهدة الرئيسين عمرو بن الحارث وعمرو بن يزيد من بكيل وحاشد) (٤) ورضا من حضر وكفالة بعضهم لبعض عمن غاب من الحيّين جميعا. أنّا تحالفنا (٥) على عهد الله تعالى وميثاقه ، واجتماع الهوى واتفاقه ، وقتال المخالف وفراقه ، وعلى أن كل واحد منا من الحيين جميعا فيما عقد وحالف إن نكث أو (٦) خالف عما عقد وشد أو كد ؛ فعليه العهد من الله تعالى المكرر (٧) الوثيق المؤكد الشديد [أبد](٨) الأبد [الأبيد](٩) مادام والد وولد أبدا عهدا مؤكدا ما أظلت السماء ، وأقلت الغبراء ، وجرى الماء ، ونزل المطر واخضرّ الشجر ، وأكل الثمر ، وبقي البشر (١٠) ، وما بقي

__________________

(١) «إذا كتبت» في با وحدها ، والتكملة من باقي النسخ.

(٢) الأصل با : «الهداية» والتصحيح من بقية النسخ ومن سياق الخبر ؛ انظر ذلك في السطر التالي.

(٣) ما بين القوسين سقط في حد وحدها.

(٣) ما بين القوسين سقط في حد وحدها.

(٤) في حد زيادة : «جميعا».

(٥) في الأصل : وخالف. والتصحيح من بقية النسخ.

(٦) «المكرر» ليست في حد.

(٧) التكملة من : حد ، صف ، مب.

(٨) التكملة من : حد ، س.

(٩) «وبقي البشر» ليست في حد.

٩٥

في البحار رنق ، وفي الأشجار ورق ، وفي الأيام رمق ، وما بقيت الرواسي الشامخات في مواضعها ، وظهرت النجوم السابحات (١) في مطالعها ، وسرحت الأنعام المسخرة إلى مراتعها. عهدا تؤكده العهود ، وحلفا تشدده العقود ، بعقد مبرم محكم شديد لا يضمحل أمره ولا يبيد خبره.

ثم بعث الله تعالى نبيه في عقب (٢) هذا الشرط وظهر دين الله وعلت كلمته ، وأنزل (٣) على من آمن بالله ورسوله يذكرهم نعمته ويعرفهم حفظه وحفظ هذه القرية المباركة ، كما حدثني أبو المؤمل عبد الله بن محمد بن عبد الله (٤) بن خلف وقرأته عليه في المسجد الجامع بصنعاء.

قال : حدثنا (٥) علي بن أحمد بن جعفر ، قال أبي : قال علي بن الحسن بن عبد الوارث : قال أحمد بن محمد بن أبي يوسف ، قال : حدثني أيوب بن سالم ، قال : حدثني محمد بن عمر الصنعاني ، قال : سمعت عبد الصمد بن معقل (٦) قال (٧) : أخبرنا وهب بن منبه ، قال : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(٨) قال : هي صنعاء اليمن ، وعلي قال وأحمد ، قال (٩) : وحدثني أيوب ، قال : حدثني أحمد بن

__________________

(١) صف : «الطالعات».

(٢) حد ، مب : «عقيب».

(٣) س ، صف : «أنزل الله».

(٤) «بن عبد الله» سقطت من صف.

(٥) حد : «حدثني».

(٦) «قال سمعت عبد الصمد بن معقل» ساقطة في س.

(٧) حد ، صف : «يقول».

(٨) المائدة ٥ / ١١.

(٩) «قال» ليست في حد.

٩٦

عمر ، قال : سمعت هشام بن يوسف (١) وعبد الملك بن الصباح وعلي بن الحسين يذكرون أن غلاما قرأ عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه هذه الآية / فقال : هي ورب الكعبة (٢) صنعاء اليمن. وكان وهب يقول : إن صنعاء لمحفوظة من كل سوء ؛ ما أرادها أحد بسوء إلا كفي. وقال محمد بن عبد الرحيم (٣) قال : أخبرني أبي أن أباه أخبره أنه سمع وهب بن منبه قال : ما أراد أحد صنعاء بسوء إلا كفي في الجاهلية والإسلام ، ورد الله كيده في نحره. وقال أبو المقدام إسماعيل بن سليمان بن شروس : سمعت وهبا يقول : ما أراد صنعاء أحد بسوء في الجاهلية والإسلام إلا ردّ الله كيده في نحره.

ولأبي المقدام إسماعيل بن شروس هذا مسجد (٤) في صنعاء باق إلى اليوم معروف.

وروى محمد بن يحيى المأربي ، قال موسى بن عقبة (٥) عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خمس قرى محفوظات» وذكر صنعاء.

عبد الرزاق عن محمد (٦) بن داود أن أبا يزيد أخبره أن ابن أقنونة أخبره ، قال : خرجت إلى مسجد صنعاء في آخر الليل وأنا أظن قد أشرق فدخلت المسجد فأصابتني وحشة فانضمت إلى بعض زواياه فسمعت على المنارة رجلا وهو يقول : اللهم احفظ القرية وأهلها ؛ ثلاث مرات ، ثم قال : لو لا صبيان رضّع وقوم ركّع

__________________

(١) «بن يوسف» سقطت في صف.

(٢) العبارة «هي ورب الكعبة» مكررة ثلاث مرات في بقية النسخ.

(٣) حد ، صف : «عبد الرحمن».

(٤) س : «مسجد وهب» وهذا المسجد غير معروف اليوم في صنعاء ، انظر (مساجد صنعاء) للحجري.

(٥) س : «قال عقبة عن نافع» وانظر الحديث ص ١٠٢

(٦) الأصل با ، س : «عبد الرزاق بن محمد بن داود» وما أثبتناه من : حد ، صف ، مب. لأن المحدث هو عبد الرزاق بن همام وليس ابن محمد.

٩٧

وبهائم رتّع لصببت البلاء عليكم (١) صبا حتى أرضكم به رضا ؛ ولكني رحيم. عبد الرزاق قال : سمعت رجلا قال لأبي رفيق بن أبي العطاء ـ وكان رجلا صالحا مصليا ـ : تركت المدينة وقبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسجد والمنبر وأقمت هاهنا ، قال أبو رفيق : إني أصلي كل ليلة في هذا الجبل ـ يعني نقما ـ فأسمع في أول الليل وفي وسطه وفي آخره قائلا يقول : اللهم احفظ القرية وأهلها ، يعني صنعاء. قال : ثم أتى أبو رفيق والرجل إلى وهب ، فأخبر أبو رفيق وهبا ما قال الرجل ، فقال له وهب (٢) : أو ما علمت أنها من المحفوظات ؛ صنعاء أجدها في كتاب الله تعالى : أزال يا أزال كل عليك ، وأنا أتحنن عليك ، أزال (٣) ويحك من وطء النعال. فقال له رجل (٤) : وأين قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً)(٥)؟ فقال وهب : قد عذّبت بالحبشي إحدى وسبعين سنة (٦).

__________________

(١) حد : «لصببت عليكم العذاب صبا».

(٢) ليست في صف.

(٣) ليست في : حد ، صف.

(٤) مب : «الرجل».

(٥) تمامها : (... كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) الإسراء : ١٧ / ٥٨

(٦) كانت الحملة الحبشية الأولى على اليمن سنة ٣٤٠ للميلاد واستمر الحكم الحبشي حتى سنة ٣٧٨ م ، وكانت الحملة الثانية سنة ٥٢٥ م واستمرت حتى سنة ٥٩٥ م لما استعان اليمنيون بالساسانيين عليهم فأنجدهم كسرى أنوشروان بقوة أبحرت من الخليج العربي ونزلت جنوب اليمن واستطاعت أن تطرد الأحباش منها ، واستقر سيف بن ذي يزن (التبع) حاكما على اليمن من قبل كسرى حتى قتل ، وهذه الفترة هي المقصودة من حديث وهب ؛ وحولها بعض الخلاف. انظر الطبري ٢ / ١٠٥ ـ ١٥٤ ، التيجان لوهب ٣٠٦ ، ابن الأثير ١ / ٤٤٢ ، تاريخ العرب لفؤاد حسنين ٣٦٥ ، المعارف لابن قتيبة ٦٣٨ ـ ٦٣٩ ، اليمن الكبرى للويسي ٢٢٠ ، تاريخ العرب القديم وعصر الرسول لنبيه عاقل ١٠٥ ، الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ١٩ / ٦٦٢٠ ـ ٦٦٤٩

٩٨

قال عبد الرزاق : سمعت بكر (١) بن عبد الله يقول : سمعت وهبا يقول : وجدت (٢) في كتاب الله تعالى (٣) صنعاء المحفوظة : «أزال / يا أزال كل عليك وأنا أتحنن عليك ويح (٤) أزال من وطء النعال».

قال أبو محمد : حدثني محمد بن كثير بن عبيد بن كثير قال : حدثني أبي كثير بن عبيد أنه كان جالسا عند وهب ، فقال وهب لأبي رفيق : لقد أسليناك الليلة ، فقال أبو رفيق : قد كان بعض ذلك يا أبا عبد الله ، قال : أفلا أحدثك يا أبا عبد الله ، قال : عمّاذا؟ قال : سرت إلى الموضع الذي كنا فيه (٥) فلم ألقك فيه (٦) فبت في الموضع وحدي فسمعت بعد ما رقد الناس هدّة فخررت ساجدا أذكر الله تعالى حتى سكنت فسمعت (٧) قائلا يقول : دمروها بما فيها على من فيها ، فقال آخر : فكيف ندمرها (٨) بما فيها على من فيها (وفيها وهب وأبو رفيق وابن هنابل ، فقال لهم الذي قال دمروها بما فيها على من فيها) (٩) : انصرفوا إلى المتقدمين (١٠) ؛ قال : فلحقهم أبو رفيق يسألهم من أين هم ، فرأى منهم رمقة ؛ فرأى خيلا لها أجنحة وركبانا لهم أجنحة ، ثم حال بينهم وبينه ظلام فلم يدر أين سلكوا ، فلما حدّث وهبا بذلك الحديث قال : يا جارية أعطني ذلك الكتاب ،

__________________

(١) كذا في با ، س ، مب. وفي حد ، صف : «بكار» وهو الصحيح ، انظر الجرح والتعديل ٢ / ٤٠٨

(٢) ليست في حد.

(٢) ليست في حد.

(٣) حد : ويحك.

(٤) حد ، صف : «الموضع الذي تعرف كنا نصلي فيه».

(٥) «فيه» ليست في : حد ، صف. وفي صف وحدها : «فلم نلقك».

(٦) حد ، صف : «فأسمع».

(٧) س ، مب : «تدمروها».

(٨) ما بين القوسين ساقط في حد.

(٩) حد : «متقدمين». صف : «منقدتين» ولا معنى لها.

٩٩

فقرأ فيه : «أزال كل عليك ، وأنا أتحنن عليك ، أزال بورك فيك وفيما حواليك» يكرر (١) ذلك ثلاث مرات.

قال عبد الرزاق : سمعت أبا رفيق يقول : خرجت إلى نقم في وقت (٢) السحر أصلي ، فسمعت قائلا يقول ـ ولا أراه ـ : «اللهم احفظ القرية وأهلها صنعاء». قال أبو رفيق ابن أبي العطاء : ولا أظنه إلا ملك.

وجدت بخط علي بن الحسن بن عبد الوارث ، حدثني أبو محمد عبيد بن محمد ، قال : حدثني أبي ، قال : خرج رجل إلى البون فمكث بها وقتا ثم قال : لأمضينّ إلى صنعاء فأنظر ما حدث على أهلي ، فأتى صنعاء فمكث بها أياما ثم قال : أعود إلى موضعي ، فركب دابته في بضع (٣) من الليل ثم خرج فأتى رأس الحصبة فقال : ماذا عملت بنفسي لا أنا خرجت بحين حتى أبيت في موضع ولا أنا شرقت حتى أخرج مع الناس ، فنام في الحصبة في مسجد هنالك وإذا قد سمع هاتفا يهتف : «اللهم احفظ القرية وأهلها ، اللهم احفظ القرية ومن فيها» قال : فقمت مذعورا أنظر فلم أجد أحدا (٤). فعاد إلى موضعه (٥) فنام إذ سمع هاتفا يهتف : «اللهم احفظ القرية وأهلها ، اللهم احفظ القرية ومن فيها» فما لبث إلى أن نادى ، فقال (٦) : ما أخرج من قرية محفوظة. قال : فأتيت وهبا / فقلت (٧) : يا أبا عبد الله إني سمعت هاتفا يهتف : «اللهم احفظ القرية وأهلها

__________________

(١) مب : «وجعل يكرر». وفي حد : «يكرر ذلك ثلاثا».

(٢) حد ، صف : «وجه».

(٣) حد ، صف : «بعض».

(٤) الأصل با : «أنظر أحدا أبدا» فاعتمدنا بقية النسخ.

(٥) في صف ، أسند الأفعال إلى ياء المتكلم.

(٦) حد ، صف : «فقلت».

(٧) صف ، س ، مب زيادة : «لوهب».

١٠٠