تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

ذكر رواية عثمان بن يزيدويه عن يعفر بن دوذي (١) تابعيا

وعثمان بن يزيدويه يروي عن يعفر بن دوذي تابعيا

أخبرني الحسين بن محمد قال : أخبرني محمد بن أحمد بن عبد الله (قال أبي : قال أحمد بن عبد الله) (٢) عن عروة عن عبد الملك بن الصباح عن معمر عن عثمان بن يزيدويه عن يعفر بن دوذي قال : سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول (٣) : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مثل المنافق مثل الشاة الرابضة بين الغنمين» فقام (٤) ابن عمر فقال : ويحكم! لا تكذبوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما قال : «مثل المنافق مثل الشاة [الناعرة](٥) بين الغنمين».

__________________

(١) في الجرح والتعديل ٦ / ١٧٣ «يعفر بن روزي».

(٢) ما بين القوسين ساقط في : حد ، صف.

(٣) ليست في : حد ، س.

(٤) ليست في مب.

(٥) من : حد ، صف. وفي الجامع الصغير ٢ / ١٥٥ «العائره» وتمام الحديث «... تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيهما تتبع» وانظر مسند أحمد ٢ / ٣٢ و ٦٨ و ٨٢

٤٨١

ذكر محمد بن ماجان وروايته

ومحمد بن ماجان (١) من التابعين أدرك عبد الله بن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأنس بن مالك وأم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال أبو محمد : حدثني يوسف بن أبي خليد قال : أخبرني أخي خليد قال حدثنا محمد بن ماجان أنه حج مع أبيه ماجان وهو غلام فنظر إلى أنس بن مالك وإلى عبد الله بن عمر وإلى جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : ورأيت أمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على راحلة في هودج فقال الناس : هذه زوجة رسول الله فقال : كنا ندور حولها ونحن ننظر إلى الهودج وهي فيه.

__________________

(١) انظر العلل ومعرفة الرجال ١ / ٣١١ رقم ٢٠٢٥ حيث ذكر محمد بن ماجان ضمن حديث نصه «حدثني أبي قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال لي سماك بن الفضل : تعالى نعد كل تقيل بصنعاء يا أبا عروة ، قلت : فمن عددتم ، قال : فذكر رجلا وقال سلمه (؟) عبد الرزاق مثله وذكر محمد بن ماجان».

٤٨٢

/ حديث مرثد بن شرحبيل وروايته

ومرثد بن شرحبيل (١) أدرك عائشة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودخول ابن الزبير عليها حينما أراد ابن الزبير أن يبني الكعبة فحضر القصة وكانت الكعبة قد احترقت (٢) في فتنة عبد الله بن الزبير وأحرقها ابن النمير ، واستشار ابن الزبير قريشا في ذلك (٣).

قال عبد الرزاق أخبرني همام بن نافع قال : سمعت مرثد بن شرحبيل يقول : إنه حضر ذلك. قال : أدخل (٤) ابن الزبير على عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، [سبعين رجلا من كبرة قريش فأخبرتهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٥) قال : لو لا حداثة عهد قومك بالشرك لبنيت البيت على قواعد إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما ، وهل تدرين لم قصروا عن قواعدهما؟ قلت : لا ، قال : قصرت بهم النفقة.

قال وكانت الكعبة قد ذهبت من حريق أهل الشام ، قال : فهدمها وأنا يومئذ بمكة فكشف عن ربض (٦) في الحجر آخذ بعضه ببعض كأنه خلف الإبل

__________________

(١) الجرح والتعديل ٨ / ٢٩٩ ، تاريخ البخاري ٧ / ٤١٧

(٢) كان احتراق الكعبة في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين للهجرة. انظر أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٩٦ ـ ٢٠٠

(٣) حد : «في شأن ذلك».

(٤) با ، مب : «دخل» والتصحيح من بقية النسخ.

(٥) من : حد ، صف. وانظر حديث عائشة في أخبار مكة للأزرقي ١ / ٢٠٦ و ٢١١ ، ومسند أحمد ٦ / ٥٧

(٦) الربض : أساس البناء (المحيط).

٤٨٣

فتركه مكشوفا ثمانية أيام ليشهد عليه الناس (١). قال : فرأيت ربضه خمسة أحجار ، وجه حجر ، ووجه حجر ، ووجه حجر ، ووجه حجر ، ووجه حجر ، قال ورأيت الرجل يأخذ العتلة فيهزها به من ناحية الركن فيهتز الركن الآخر ، قال : ثم بناه على ذلك الربض ووضع فيه بابين لاصقين بالأرض شرقيا وغربيا.

قال : فلمّا بناه ابن الزبير ، هدمه الحجاج ثم أعيد على ما كان عليه. قال : فكتب عبد الملك بن مروان : وددت أني تركت ابن الزبير وما يحمل.

قال مرثد بن شرحبيل : فسمعت ابن عباس يقول : لو وليت منه ما ولي ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت فلا يطاف بهذا إذا لم يكن في البيت.

حدثني الحسين بن محمد ؛ قال : حدثني (٢) محمد بن أحمد ، قال أبي أحمد بن عبد الله قال : حدثني يعقوب بن كثير الربعي قال : حدثني المغيرة بن إبراهيم البصري ، قال حدثني مسلمة بن علقمة إمام مسجد داود بن أبي هند. قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، قال : لما هدم ابن الزبير البيت قال : اطلبوا من العرب من يبنيه ، فلم يجدوا ، فقال ابن الزبير : استعينوا بأهل فارس فإنهم ولد إبراهيم ، ولن يرفع البيت (٣) إلّا ولد إبراهيم.

__________________

(١) بعد حريق الكعبة هدمها ابن الزبير لإعادة بنائها وكان هدمها يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة ٦٤ ه‍. أخبار مكة ١ / ٢٠٦ ـ ٢١٢

(٢) حد ، صف ، مب : «أخبرني».

(٣) ليست في س.

٤٨٤

ذكر الوليد بن السوري (١)

/ والوليد بن السوري أدرك أنس بن مالك ، وصلّى خلف عمر بن عبد العزيز.

قال أبو محمد : حدثني يوسف بن محمد الصنعاني قال : أفلح السّرّاج قال : حدثني الوليد بن السوري أنه صلّى وراء عمر بن عبد العزيز ، قال : فصلّى بنا صلاة خفيفة في عام ، فقال رجل إلى جنبي ، ما أشبه صلاته بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فأخذت بثوبه وقلت له : ومن أنت؟ أدركت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : أنا أنس بن مالك.

قال محمد بن علي عن عبد الله بن إبراهيم ، قال : أخبرني أبي إبراهيم بن عمر عن وهب بن مأنوس عن سعيد بن جبير عن أنس قال : ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من هذا الغلام ، يعني عمر بن عبد العزيز.

قال : فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات.

__________________

(١) اتفقت الأصول كلها بشكل واضح على ما أثبتناه ولم نجد ترجمة للوليد السوري هذا فيما بين أيدينا من مصادر ولدى استعراضنا لترجمة أفلح السراج الذي يروي عن الوليد السوري ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٢ / ٣٢٤ : «أفلح بن كثير بن عبد الله بن فيروز الصنعاني السراج روى عن وهب بن منبه والوليد بن سويد ...» ولعل الوليد بن سويد هو المقصود بالوليد السوري.

٤٨٥

زياد بن جيل (١) وروايته

وزياد بن جيل أدرك ابن الزّبير وروى عنه ، وهو جدّ بني أسود بصنعاء فيما ذكر [علي](٢) بن عبد الوارث قال : زياد بن جيل زعموا أنه جدّ بني أسود بصنعاء.

أبو الحسن أحمد بن سليمان قال : زيد بن المبارك قال : عبد العزيز بن خالد قال : حدثني زياد بن جيل أنه كان بمكة وابن الزبير يومئذ واليها ، فقال : سمعت ابن الزبير يقول : إن خالتي عائشة أمّ المؤمنين قالت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لو لا حديث [عهد](٣) قومك بالشرك لرددت الكعبة على أساس (٤) إبراهيم عليه‌السلام فإن الحجر من الكعبة أذرعا» (٥) فحفر ابن الزبير فوجد ربض الكعبة صخرا مثل البخت فحركوا منها صخرة ، فبرقت بارقة ، فقال : دعوها كما هي ، فوجدوا فيها لوحا فبعث إلى أحبار اليهود واستحلفهم بالتوراة ألّا يكتموه ما فيه ، فوجدوا فيه (٦) : «أنا الله ذو بكّة صنعتها بيدي يوم صنعت الشمس والقمر حففتها بسبعة أملاك حفا ، جعلت رزقها يأتيها من طرق شتى. باركت لهم في الماء واللحم. أنا الله ربّ (٧) بكّة ، خلقت الرحم فجعلت

__________________

(١) بالياء المثناة من تحت ، انظر الجرح والتعديل ٣ / ٥٢٧ وتاريخ البخاري ٣ / ٣٤٧

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) حد : «قواعد».

(٤) ورد الحديث في مسند أحمد ٦ / ٥٧ عن عائشة «لو لا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ثم جعلتها على أس إبراهيم عليه‌السلام فإن قريشا يوم بنتها استقصرت ، ولجعلت لها خلقا».

(٥) «فوجدوا فيه» ليست في س.

(٦) بقية النسخ : «ذو». وانظر مثله في الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ص ٦٠

٤٨٦

فيها شعبة من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها أبنته (١). أنا الله ذو بكّة خلقت الشر والخير فطوبى / لمن خلقت الخير على يديه وويل لمن خلقت الشر على يديه».

فبناها ابن الزبير وجعل لها بابين حتى قاتله الحجاج وأحرقها حتى أحرق الركن (٢).

عبد الرزاق قال : معمر عن زياد بن جيل قال : سمعت ابن الزبير يقرأ : صراط من أنعمت عليهم (٣).

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث عن الدّبري عن عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني زياد بن جيل عمّن ذكر له ذلك قال : كانت امرأة بصنعاء يقال لها زينب فغاب زوجها وكان لها ربيبها عندها ، وكان لها خليل فقالت : إن هذا الغلام فاضحنا فانظر كيف تعمل به؟ فتمالؤوا عليه وهم سبعة مع المرأة ، قال : فقلت له : كيف تمالؤوا عليه؟ فقال : لا أدري ، غير أن أحدهم أعطاه شفرة فقتلوه وألقوه في بئر غمدان.

قال : ففقد الغلام ، فخرجت امرأة أبيه تطوف على حمار وهي التي قتلته مع القوم وهي تقول : اللهم لا تخف دم أصيل (٤) ، قال : فخطب يعلى بن أمية الناس فقال : انظروا هل تحسون بهذا الغلام أو يذكر لكم؟ قال : فمر رجل ببئر غمدان بعد أيام فإذا هو بذباب أخضر ينزل مرة ويطلع أخرى ، فأشرف على البئر فوجد ريحا فأنكرها ، فأتى يعلى فقال : ما أظن أني إلا قدرت لكم على

__________________

(١) حد : «قطعته».

(٢) كان ذلك سنة ٧٣ للهجرة.

(٣) الفاتحة : ١ / ٧. وما عليه الجمهور : «صراط الذين أنعمت عليهم».

(٤) هو اسم الغلام المقتول ، وقد سبق الخبر في ص ٨٨

٤٨٧

صاحبكم ، قال : وأخبره الخبر. قال : فخرج يعلى حتى وقف على البئر والناس معه قال : فقال الرجل الذي قتله صديق المرأة : أدلوني بحبل ، قال : فأدلوه ، فأخذ الغلام فغيبه في سرب في البئر ، ثم قال : ارفعوني ، فرفعوه ، فقال : لم أقدر على شيء ، فقال القوم : الريح الآن أشد منها حين جئتنا. فقال رجل آخر : أدلوني (١) ، فلمّا أرادوا أن يدلوه أخذت الآخر رعدة ، فاستوثقوا منه ، وأدلوا صاحبهم فلمّا هبط استخرج (٢) المقتول ورفعوه إليهم ثم أخرج الرجل ، واعترف الرجل خليل المرأة والمرأة فاعترفوا كلهم بقتله ، فكتب فيهم يعلى بن أمية إلى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، فكتب إليه : أن اقتلهم جميعا فلو تمالأ فيه أهل صنعاء كلهم قتلتهم ، فقتل السبعة.

وهذه البئر في طرف شرقي غمدان على طرف ركن (٣) غمدان العدني (٤) ما بين عدن والمشرق.

عرفني بذلك القاضي سليمان بن محمد ووقف عليها وقال (٥) : هذه البئر / التي ألقي فيها (٦) القتيل في خلافة عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه (٧) ، وكتب إلى واليه يعلى بن أمية يأمره بقتل [جميع](٨) من شارك (٩) في قتله (١٠).

__________________

(١) بقية النسخ : «أدخلوني» وهو تصحيف بين.

(٢) بقية النسخ : «استخرجوا» تصحيف واضح.

(٣) س : «شرقي» زلة قلم.

(٤) با ، س : «الغربي» مصحفة ، ولا يستقيم بها تحديد الجهة. إذ العدني معناه باصطلاح أهل صنعاء : الجنوبي.

(٥) في صف وحدها : «وقال لي».

(٦) حد : «التي قتل فيها» دون ذكر «القتيل».

(٧) الجملة الدعائية ليست في : صف ، مب ، س.

(٨) من بقية النسخ.

(٩) رسمها في با : «شرك».

(١٠) آخر الكتاب في النسخ كلها. بعده في نسخة حيدرآباد (حد) خاتمة نصها :

٤٨٨

__________________

«تمّ الكتاب بمنّ الله الكريم الوهاب ، فله الحمد كثيرا بكرة وأصيلا ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».

وفي نسخة أياصوفيا (صف) خاتمة نصها :

«تمّ الكتاب بعون الله الكريم الوهاب العظيم التواب. وكان الفراغ من تحصيله في اليوم السابع من شهر جمادى الأولى من شهور سنة سبع وستين وتسع مئة. برسم سيدنا ومولانا القاضي الهمام علم الأعلام الفاصل بين الحلال والحرام سيد القضاة الحكام أقضى قضاة الإسلام شهاب الدين أحمد بن علي الحيفي قاضي مدينة صنعاء اليمن».

وفي نسخة الإسكندرية (س) خاتمة نصها :

«تمّ الكتاب بمنّ الملك الوهاب ... وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وكان الفراغ من زبره نهار الأربعاء وقت صلاة العصر تاسع شهر صفر الحرام أحد شهور سنة ٩٩٣ من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم».

وفي نسخة الأمبروزيانا (مب) خاتمة نصها :

«تمّ الكتاب بمنّ الله العزيز الوهاب ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ، حرر بمحروسة مدينة تعز في تاريخ شهر ربيع الأول سنة ١١٢٢ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».

وفي نسخة الأستاذ السيد أحمد عقبات خاتمة نصها :

«تمّ الكتاب بحمد الله تعالى وعونه وتوفيقه وتيسيره ، فله الحمد كثيرا بكرة وأصيلا في منتصف شهر صفر من شهور سنة سبع وسبعين وست مئة. غفر الله لمالكه وناسخه وقارئه ولوالديهم ولمن دعا لهم بالرحمة والمغفرة وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي الطاهر المكي وعلى آله وصحبه وعترته وسلم تسليما كثيرا».

وفي نسخة مكتبة البادليان ـ بأكسفورد خاتمة نصها :

«تمّ الكتاب بمنّ الملك الوهاب وذلك بعد صلاة الظهر تاسع شهر ربيع الآخر من شهور سنة ٩٨٠ ه‍».

أما نسخة «كامبردج» الناقصة التي تنتهي بالعبارة : «وأما بنو جريش أصحاب الجبانة فهم من الأبناء». (انظرها في آخر صفحة ٣٥٢ من المطبوع) فخاتمتها :

«تمّ الكتاب والحمد لله على كل حال من الأحوال والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله خير آل. كان الفراغ من رقمه يوم الربوع المبارك سلخ شهر شعبان سنة ١٠٩٥ من هجرته صلى‌الله‌عليه‌وسلم». وأما نسخة (صنعاء) لمالكها العلامة السيد عبد القادر بن عبد الله فليس لها خاتمة. (انظر كلامنا عنها في المقدمة).

٤٨٩

تم الكتاب بعون الملك الوهاب في صدر نهار الأحد الثالث من شهر

المحرم الحرام أول شهور سنة خمس وتسعين وتسع مئة. برسم

المقر الكريم السامي المحترمي الأوحدي الأمجدي الأرشدي ،

عين الأعيان وأوحد الزمان وكاتب الديوان حسين شلبي ،

يازجي الديوان السلطاني وأمين حضرة الوزير الخاقاني

لا برح سعده جديدا وجده على مر الزمان سعيدا ،

ما جرى قلم بمقدار ، ودار على قطبه فلك دوّار.

بخط أفقر العباد إلى الملك الجواد عبد الله ابن

صلاح بن داود بن علي بن داعر ، تجاوز

الله عن فرطاته ورحمه في حياته وبعد

مماته بمنه وكرمه وجوده ولطفه آمين

وصلى الله على محمد وعلى آله

وصحبه وسلم».

٤٩٠

كتاب الاختصاص

«ذيل تاريخ مدينة صنعاء للرّازي»

تأليف

نظام الدين سريّ بن فضيل العرشاني

«المتوفى سنة ٦٢٦ ه‍ ـ ١٢٢٩ م»

حققه وعلق عليه :

حسين بن عبد الله العمري

٤٩١
٤٩٢

المقدمة

توطئة :

منذ أن أصدرنا (تاريخ مدينة صنعاء) للرازي عام ١٣٩٤ ه‍ ١٩٧٤ م وأنا أبحث عن الذيل الذي ذكره الجندي (١) لكتاب الرازي.

وقد عدت إلى بروكلمان (٢) في حينه فوجدته يشير إلى نسخة وحيدة في مكتبة أياصوفيا بتركية برقم ٣٠٤٧ ، ولم أكن أعلم أن لها مصورة بالقاهرة حتى كان صيف العام الماضي حينما زارنا في كمبردج أخي الأستاذ أحمد بن عبد الله العمري ـ حفظه الله ـ وأحضر لي معه نسخة من كتاب الصديق الأستاذ أيمن فؤاد السيد (مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلامي) (٣) فلفت نظري لدى قراءتها ما ذكره (ص ١٢٣) عن وجود نسخة مصورة لمخطوطة أياصوفيا في : (دار الكتب المصرية برقم ٢٨٠٣ تاريخ ، وبمعهد المخطوطات برقم ١٨) ، وبالرغم من أنني كنت قد انشغلت بأمور أخرى كثيرة صرفتني عن موضوع هذا الذيل ، فإنني طلبت من أخي ـ عند عوده إلى القاهرة ـ أن يتكرم بإرسال نسخة من المصورة ، فقام مشكورا بذلك ؛ ولم يكتف بإرسال ميكروفيلم لها بل قام ـ وله الفضل ـ بإعادة نسخ الأصل ، وتكرم فأرسل ما نسخه بخطه مع الأصل (المصور) حيث قمت في الحال بمراجعته والشروع في تحقيقه وضبطه ليرى النور مع هذه الطبعة الثانية لتاريخ صنعاء.

__________________

(١) بهاء الدين الجندي (السلوك في طبقات العلماء والملوك) ـ نسخة باريس.

(٢) ٥٧٠.GAL ,SI

(٣) المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة (نصوص وترجمات ، المجلد ٧ ، ١٩٧٤ م).

٤٩٣

مؤلف الذيل

ينتسب المؤلف (سريّ بن فضيل العرشاني) إلى أسرة يمنية عرفت بالعلم والفضل وتولي القضاء. وقد ترجم الجندي لبعض من اشتهر من هذه الأسرة ـ ومنهم من كان له مؤلفات في التاريخ (١) ـ غير صاحب ذيل صنعاء الذي لا نعرف عنه ـ في واقع الأمر ـ أكثر مما ذكره الجندي في ترجمته له والتي هذا نصها (٢) :

«... ومنهم سريّ بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن معاذ بن مبارك بن تبّع بن يوسف بن فضيل العرشاني ، يجتمع مع الحافظ العرشاني في (تبّع بن يوسف). كان المذكور فقيها ، فاضلا ، أصوليا ؛ وله مصنفات في الأصول على طريق الأشعري (٣).

ولي قضاء صنعاء ، وفي أيامه بنى (وردسار) المنارتين بالجامع وأصلحه ، وبنى الجبّانة أيضا. وسريّ هو الذي بنى المطاهر والبركة بجامع صنعاء ولم يكونا قبل ذلك ؛ وكان مبتدأ بنائه لذلك في شهر شعبان سنة ست وست مئة. وذكر

__________________

(١) أمثال أحمد بن علي بن أبي بكر العرشاني (٥٤٢ ـ ٦٠٧ ه‍ / ١١٣٠ ـ ١٢١٠ م) ، الذي ذكر له ـ الجندي (ق ٩٦) ـ : تأريخا لليمن وآخر لمن قدمها من الصحابة ، وذيلا لتاريخ الطبري وثانيا لتاريخ القضاعي ، بالإضافة إلى كتاب في (طبقات النحاة). راجع أيضا : ابن سمرة الجندي : طبقات فقهاء اليمن ٢٣٦ ، هدية العارفين ١ / ٨٨ ، ياقوت (عرشان).

(٢) السلوك (مخطوط باريس) ورقة ٩٧

(٣) الأشعري (أبو الحسن علي): (٢٦٠ ـ ٣٢٤ ه‍ / ٨٧٤ ـ ٩٣٦ م) متكلم من الأئمة ، أسس مذهب الأشاعرة ، كان معتزليا ثم خالفهم ، له عشرات الكتب من أشهرها (الإبانة عن أصول الديانة) ، (اللّمع في الرد على أهل الزيغ والبدع) ، (مقالات الإسلاميين) ، توفي ببغداد.

٤٩٤

أنه قد أعانه على ذلك (وردسار) ، وأنه الذي حفر البئر وعمل المجاري منها إلى مطاهر [جامع] صنعاء من ماله لا من مال المسجد ، وأن عمارة المطاهر من وقف المسجد بشاهرة ، وأنها فرغت العمارة في جمادى الآخرة سنة سبع وست مئة.

وهو أحد عدول القضاة ، ذكر العارف بأيامه أن سيرته فيه كانت محمودة ، وأنه كان عادلا في أحكامه. وله تذييل على (تاريخ الرازي) ونقلت منه عدة فوائد ، ورأيت شيئا من مصنفاته مع أهله ، ومن كتبه عدة كتب موقوفة هنالك. وذكر أنه اشترى أرضا فيها شجر عنب ، ثم حضر عنده خصمان اتجه على أحدهما حقّ حكم به عليه ؛ ثم إن المحكوم عليه وصل إلى بيت القاضي ليلا وناداه فأجابه فقال : يا سيّدنا! أنا فلان ومعي شريم له كذا وكذا سنّة ، وأريد أن أتقدم به إلى حضيرتك أقطعها مكافأة لحكمك عليّ! فدعاه القاضي ولاطفه ـ وربما غرم له ما حكم به عليه ـ ثم لما أصبح باع الحضيرة وقال : لا يصلح لحاكم أن يملك مزرعة!

وكانت وفاته على القضاء بصنعاء سنة ست وعشرين وست مئة [١٢٢٩ م]».

* * *

٤٩٥

الكتاب ومخطوطته

كان تصوري وبالتالي أملي أن أرى في ذيل تاريخ صنعاء كتابا كبيرا حاويا أخبارا وحوادث وأمورا كثيرة ، مما كان قد فات الرازي ذكره وما حدث بعد وفاته (سنة ٤٦٠ ه‍ ١٠٦٨ م) حتى زمن العرشاني ـ صاحب الذيل ـ أي في فترة تزيد عن قرن ونصف القرن. لكن العرشاني ـ رحمه‌الله ـ لم يكن اهتمامه وهدفه في الواقع ـ وكما صرح هو بذلك ـ إلّا : «تسجيل تجديد الأمير الأيوبي وردسار [ت ٦١٠ ه‍] لعمارة الجبانة وعمارة المنارتين في المسجد الجامع بصنعاء وما يتخلل ذلك من الأخبار ..» ، ولهذا فقد سمى ذيله ب (الاختصاص) لاختصاصه بذكر ذينك الأمرين.

ومع ذلك فكتاب (الاختصاص) هذا ـ على صغر حجمه ـ لا يخلو من فائدة جليلة لما جمعه فيه المؤلف من الوثائق اليمنية في عهد الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن (البعوث اليمنية التي ذهبت إليه أو بعوثه ورسله التي أرسلها إلى اليمن ..) وبعض ذلك ـ في الواقع ـ لم يذكره الرازي في (تاريخ مدينة صنعاء) كما أن المصنف اعتمد في نقله على أوثق المصادر وأقدمها كما أشرنا إلى ذلك في مكانه من الكتاب.

وبالإضافة إلى تلك الوثائق فقد سجل حوادث وذكر ملاحظات جرت في زمنه تهم الباحثين في تاريخ اليمن الأدبي والسياسي والحضاري في القرن السادس ومطلع القرن السابع.

أما مخطوطة الذيل فهي يتيمة فريدة ـ فيما أعلم ـ فاعتمدتها واستعنت في ضبط النص بالمصادر الأساسية التي نقل منها المؤلف كسيرة ابن هشام (الطبعة الأوربية التي حققها ونشرها عام ١٨٥٩ م Dr.WustenfiID) والطبري (دار

٤٩٦

المعارف) وكتب الهمداني المعروفة (الإكليل) و (صفة الجزيرة) طبعة (حمد الجاسر) بالإضافة إلى (كتاب تاريخ مدينة صنعاء) وغيره مما أشير إليه في هوامش الكتاب.

وقد جنبنا صغر الكتاب مواجهة صعوبات هامة تذكر ؛ ذلك أن عدد أوراق مخطوطته لم يزد على ٢٥ ورقة ؛ في كل ورقة نحو ٢٨ سطرا كتبت بخط نسخ واضح قليل الأخطاء والتصحيفات.

وقد فرغ ناسخها منها : «نهار الأحد ثامن وعشرين شهر جمادى الأولى من شهور سنة سبع وستين وتسع مئة للهجرة ـ [١٥٦٠ م]» ، وكتبها لقاضي صنعاء «.. شمس الدين ، عمدة الحكام المبرزين ، أحمد بن علي الحنفي القاضي بمحروس مدينة صنعاء ...».

* * *

٤٩٧

شكر وتقدير :

بقي أن أشير إلى أنه بالإضافة إلى الشكر السابق لأخي أحمد العمري لما قام به ، فإنني مدين بالشكر أيضا لصديقي العالم الدكتور عدنان درويش (مدير إدارة التراث) بوزارة الثقافة بالقطر العربي السوري ، لأنه اضطلع هو نفسه ـ كما قام به عني من قبل في تاريخ صنعاء ـ بمراجعة هذا العمل المتواضع والإشراف على التصحيح حال الطبع (لوجودي بعيدا في بريطانيا) وذلك عمل شاق يستحق عليه خالص شكري وتقديري ، لكنني وحدي أتحمل أي قصور أو خطأ فلله وحده العصمة وهو من وراء القصد.

انجلترا ـ (جامعة دورم).

١١ شعبان سنة ١٤٠٠ ه‍.

٢٥ يونيو (حزيران) ١٩٨٠ م.

حسين بن عبد الله العمري

* * *

٤٩٨

٤٩٩

٥٠٠