تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

الحسن علي بن عبد الوارث ، الكشوري ، قال محمد بن يوسف الحذاقي ، قال : أخبرنا عبد الرزاق عن عمر بن درّية ، قال : سمعت وهبا يقول على المنبر : (إني وجدت في كتاب الله أن الله تبارك وتعالى يقول) (١) : «إن مني الخير وأنا أقدره لخيار خلقي فطوبى لمن قدرته له ، وإن مني الشر وأنا أقدره لشرار خلقي ، فويل لمن قدرته له».

الحذاقي وإبراهيم بن خالد عن ابن دريّة ؛ مثله.

قال علي إن إبراهيم بن خالد (٢) من أصحاب معمر : أذن في مسجد صنعاء سبعين سنة.

قال علي بن عبد الوارث ، قال : حدثه إبراهيم عن معمر قال : صلى إبراهيم بن خالد العتمة ثم أخذ في الصلاة ، فما زال يصلي حتى صلى الصبح بوضوء العتمة ، فجعله رجل بالّا ، فلما أصبح أخبره ، فقال : وجعلتني بالّا وعجبت مني؟ قال : نعم ، قال : فإني رمقت ابن درّية صلى العتمة ثم أوتر فرفع يديه (٣) شاخصا ببصره نحو السماء حتى صلّى الصبح بوضوئه وهو على ذلك الحال.

قال أحمد بن حنبل : وكان بها محمد بن سميع ، قال ابن معمر : قال لي بعض أهل العلم وسألته عن محمد فقال : ما أظنه إلّا من أهل صنعاء.

وكان بها حفص بن عمر بن أبي يزيد بن كيسان وكان قد قرأ القرآن على قرّاء المدينة.

وكان بها السّلام بن يزيد بن المعلم ، وكان قد قرأ القرآن على القاسم بن

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٢) انظر تهذيب التهذيب ١ / ١١٧ ـ ١١٨

(٣) بقية النسخ زيادة : «رافعا».

٣٤١

عبد الواحد المكي ، وأبي موسى ، وقرأ القاسم وأبو موسى على مجاهد والدّاري وعبد الله بن أبي إسحاق.

وكان بها سليمان بن داود بن قيس (١) ، أخذ عن القاسم بن عبد الواحد وطلحة بن عمرو الحضرمي وقد روى عنه عبد الرزاق ؛ وكان سليمان بن داود هذا ذا فضل وعلم بالكتب ، قال سليمان بن داود عن أبيّ (٢) بن أبي نجيح عن أبيه عن رجل من بني بكر ، قال : كان أبو ذر ينزل علينا وكان يحج من / مكة ماشيا.

قال أبو سالم بن خثعم الصنعاني عن أبيه قال : كان سليمان بن داود عندنا بمنزلة وهب بن منبه أو يتقدم عليه في علم الكتب.

وكان بها أبو خليد محمد بن خالد بن ماهان صاحب معمر ، وكان معمر على أخت أبي (٣) خالد ، وكان أبو خليد قد قرأ على أبي عمرو بن العلاء شيئا من القرآن لمّا قدم أبو عمرو إلى صنعاء.

وكان بها بكر بن عبد الله بن الشرود قرأ القرآن على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين مولى بني ميسرة مولى العاص بن هشام المخزومي وأخذ عن سهيل بن عباد مولى عبد الله بن عامر الأموي ، وكانا قرأ القرآن على عبد الله بن كثير.

وكان بها رباح بن زيد (٤) ، وكان ذا فضل ودين وقراءة للقرآن ، ومعرفة بالعلم ، قال أبو محمد : حدثني أيوب بن سالم قال : سمعت أبا يزيد الرحبي يقول : إن رباح بن زيد سجن بصره ، وكان إذا دخلنا عليه فهو واضع ذقنه على ركبتيه إذا دخل إنسان فسلم فتح بصره فرد عليه‌السلام ثم أعاده.

__________________

(١) انظر لسان الميزان ٣ / ٨٩

(٢) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٣) مب : «ابن».

(٤) انظر تهذيب التهذيب ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤

٣٤٢

وكان بها من العباد وأهل القرآن عبد الرحمن بن عمرو بن يزدويه.

وكان بها محمد بن بسطام الصنعاني وكان من العباد. قال علي بن الحسن : حدثني أبو مسعود أحمد بن عمر بن محمد التعزي (١) قال : قال لي محمد بن معمر الصنعاني بصنعاء (٢) : اذهب بنا إلى إنسان هاهنا ، قال : فذهبنا إلى ناحية السيد ، فأدخلنا دارا فإذا برجل شاب عليه [جبة](٣) صوف ، زاهد يعمل الخوص ، ويصوم الدهر ، ويفطر على قرص من شعير ، يخلط معه الرماد إذا عجن فيأكل من عمل يده ذلك القرص ، ذلك اليوم ، ويتصدق بما بقي من عمل يده ، وفي يده نقش فيه هذا الكلام وأعطاناه ، فإذا فيه : لا إله إلّا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله [الطيبين](٤) الأخيار سبحان من فجر الفجر.

أحمد بن عمر : بأنه لله عبد مقرّ بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، لو تلاه حجر فهو كلام الله ، والخير والشر من الله ، ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وخير هذه الأمة بعد نبيه محمد (٥) صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو بكر (٦) ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رحمهم‌الله (٧) ولعن مبغض علي. اذكر الموت وسكراته والخلود مع الحور أو النار (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ / خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(٨) من أحب النظر إلى وجه الله ما عصاه.

__________________

(١) صف : «النقوي».

(٢) مب زيادة : «أنه قال لبعض أصحابه».

(٣) من بقية النسخ.

(٤) من بقية النسخ ، وفي مب زيادة : «الطاهرين».

(٥) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٦) حد : «بعد نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي كرم الله وجهه في الجنة ثم أبو بكر».

(٧) الجملة الدعائية ليست في مب. وفي س : «رضي‌الله‌عنهم».

(٨) الزلزلة : ٩٩ / ٧ ـ ٨

٣٤٣

قال أبو مسعود (١) : إنما خلط الرماد بدقيق الشعير لأن لا يطيب له من زهده.

وكان محمد بن عمرو بن مقسم المعلم إماما في القراءة بصنعاء ، وقد أدرك أصحاب وهب بن منبه وقرأ على السلام [بن يزيد](٢) الصنعاني وكان السلام له قراءة وجلالة عند أهل صنعاء.

قال أبو محمد : أخبرني أبو مسعود أنه قرأ على حماد بن مقسم على السلام بن يزيد الصنعاني ، وكان إمام أهل صنعاء في القراءة في زمانه ، وعبد الله بن كثير المعلم ، قال : كان السلام قارئ صنعاء ، قال عبد الله بن كثير : وأتاني عبد العزيز بن شاكر فقال لي : على من قرأت؟ فقلت : على حفص بن عمر بن كيسان ، قال : لو أتيت السلام فقرأت عليه. فذهبت إليه فقرأت عليه ، قال : فما خالفه إلّا في أربعة أحرف ، قال عبد الله : وكان حفص بن كيسان قرأ على أهل المدينة.

وكان بها عبد الله بن صالح بن [أبي](٣) غسان وكان أحد القراء. قال ابن الطبيب : ما سمعت أحدا أقرأ من ابن أبي غسان ، وكانت قراءته التي يلزمها حرف حمزة بن حبيب الزيّات مولى بني أسد ، كان قرأ على خلّاد بن خالد ، وقرأ خلاد بن خالد على سليم (٤) بن عيسى الحنفي ، وقرأ سليم على حمزة ، وقرأ حمزة (٥) على الأعمش ، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب ، وقرأ يحيى على علقمة ،

__________________

(١) «أبو مسعود» ليست في مب.

(٢) من : حد ، صف ، س.

(٣) لعلها سقطت سهوا.

(٤) الأصل با ، س ، صف : «أسلم». وفي مب : «مسلم». وما أثبتناه من حد ، ومعرفة القراء للذهبي ١ / ١١٥

(٥) «وقرأ حمزة» ليست في حد.

٣٤٤

وقرأ علقمة على ابن مسعود ، وقرأ ابن مسعود على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وكان أيضا يقرأ بقراءة عاصم ، وقرأ عليه بها ، وكان عبد الله بن أبي غسان نسيج وحده بصنعاء في العبادة (١) والفضل وتعليم الخير.

حدثني محمد بن هشام أنه أقام معه بسعوان خمسة عشر ليلة وكان لا يتوضأ إلّا من ظهر إلى ظهر تلك الأيام.

قال لي أحمد بن سليمان غير مرة : ما رأيت أفضل من أربعة : محمد بن إسماعيل بن الأشج ، وزيد بن المبارك ، ومحمد بن عبد الرحيم ، وعبد الله بن أبي غسان. قال : وكان يقرأ (سنة أربع ومئتين. وأبو مسعود المقرئ (٢) كان قد قرأ) (٣) على حمّاد بن عمرو بن مقسم وعلى يعقوب بن إبراهيم النجار وكان بصنعاء نحويا.

قال أبو محمد : قرأت على أبي مسعود القرآن إمام أهل صنعاء في القراءة في زمانه ، وأخبرني أبو مسعود أنه قرأ على حمّاد بن مقسم إمام أهل صنعاء في القراءة في زمانه ، وقرأ ابن مقسم على السلام بن يزيد الصنعاني وكان إمام أهل صنعاء ، وقرأ السلام على النجم وغيره من القراء.

وكان بها محمد بن عمر بن أبي مسلم / السمسار ، وكان محمود القراءة عند عامة أهل صنعاء والمقدم في مسجد جماعتهم على غيره في شهر رمضان ؛ كان قرأ على بكر بن عبد الله (٤) بن الشرود. قال محمد بن عثمان : ما سمعت أن أحدا أبلغ من بكر ، وكان ابن عثمان نسيج وحده بصنعاء في البلاغة والشعر.

__________________

(١) بعدها في صف زيادة : «والعلم».

(٢) حد ، صف : «المعلم».

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) الأصل با وس : «عبد الملك» ، وهو خطأ والصحيح ما أثبتناه من : حد ، صف ، مب.

٣٤٥

وقرأ بكر على عيسى بن وردان الحذاء ، وروى عنه ، وأخذ عيسى القراءة عن أبي جعفر القارئ ، وأخذ أبو جعفر القراءة على ابن عياش ، وكانت قراءة ابن عمر باختيار بكر بن الشرود.

وكان بها مكرم بن إسماعيل بن الزبير الأبناوي ، كان أحد أئمة صنعاء في القراءة ، وكان له معرفة بالعربية وكان قرأ على محمد بن عمر البصري بقراءة أبي عمرو.

وكان بها أبو العكار بن إسماعيل بن الزبير أخو مكرم ، وكان أكبر من مكرم أخذ القراءة عن محمد بن عمر الرومي البصري وغيره ، وكان فصيحا قارئا وكان أقرأ من مكرم.

وكان بها أبو نجران كثير (١) بن كثير بن عمر ، كان آخر (٢) الأئمة الذين تؤخذ عنهم القراءة بصنعاء. قال : ختمت على ابن مقسم [القرآن](٣) خمس عشرة ختمة.

قال محمد بن إبراهيم بن عيسى : كان محمد بن عمر السمسار إذا ختم بالناس في الجامع في شهر رمضان يدعو قاعدا ، (قال : وكذلك كان أبو نجران إذا ختم بالناس فيه دعا قاعدا) (٤).

قال أبو محمد [محمد](٥) بن كثير بن عبيد بن كثير بن جرجرة ، قال : حدثني رجل يقال له مسعدة من بيت عذران أنه مر على شريق والشمس على

__________________

(١) حد : «أبو بكر بن كثير».

(٢) حد ، صف ، مب : «أحد».

(٣) من : حد ، صف ، مب.

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٥) من : حد ، صف ، مب.

٣٤٦

غروب ، فحبسه حتى صلى بعد العشاء فرآه مد يده إلى القبلة بعد ما قضى الصلاة ، فإذا هو قد حبذ عنقادا من دوالي الأعناب يقع في أول الصيف فمر عليه ثلاث ليال وذلك العنقاد كلما جاءه فصلى عند ذلك العنقاد في القبلة ، فلمّا كانت الليلة الرابعة لم يمر عنده فأغضب ذلك شريقا ولحقه فقال له : مالك لم تمر عليّ؟ فاعتذر إليه فأعطاه عنقادا من كّمه وقال له : لا تعلم به أحدا فإن أعلمت به أحدا أسخطتني.

وكان المغيرة بن حكيم الصنعاني (١) إذا أراد أن يقوم ليتهجد من الليل (٢) لبس من أحسن ثيابه ثم تناول من طيب أهله وكان من المتهجدين.

أبو محمد عن ابن إسحاق عن ميمون ، عبد الله عن أبيه قال : سافر المغيرة إلى مكة أكثر من خمسين سفرا صائما محرما (حافيا لا يترك صلاة السحر في السفر ، إذا كان السحر نزل فصلى) (٣) ومضى أصحابه ، فإذا صلى الصبح لحق متى ما لحق.

قال : وحدثني / أبي أن المغيرة كان يذهب من مكة إلى مسجد [منى](٤) فيصلي فيه فقيل له : أما تستوحش؟ فقال : إن البلاء إذا لم يرده الله تعالى لم يأت به الليل ، وإذا أراده الله تعالى لم يدفعه النهار.

وقال : دخلت على المغيرة أعوده بمكة وعنده أمير مكة إبراهيم بن هشام أو محمد بن هشام ، فقال له أمير مكة : أفطر يا أبا فلان ـ يعني المغيرة بن حكيم الصنعاني ـ وكان صائما ، فقال : ويحكم كيف أفطر ، وإنما أنا أسير ما أدري ما يفعل بي.

__________________

(١) انظر تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٥٨ ، طبقات ابن سعد ٥ / ٥٤٤

(٢) «من الليل» ليست في حد.

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) من : حد ، صف.

٣٤٧

عبد الله عن عمه عن أبيه عن رجل عن ذي مغامر ـ قيل : من رؤوس حمير ـ قال : مرّ أيوب بن يحيى الوالي بطاوس وهو يصلي فسأل : من هذا؟ فقيل : طاوس ، فألقى عليه كساء من خزّ فمر به ذو مغامر فقال : يهنئك الكسوة يا أبا عبد الرحمن ، قال : تأخذه بما فيه؟ قال : نعم ، فدفع إليه الكساء.

ابن عبد الوارث قال : كان ابن أبي غسان يقول : انووا الخير فإن عملتموه فذاك ، وإن لم تعملوه كتب لكم ما نويتم ، وانووا الحج في رأس كل سنة فإن قضي لكم فذاك ، وإن لم يقض لكم كتب لكم حجّة ، قال : وكذلك أفعل أنا ، أنوي الحج في رأس كل سنة.

قال ابن عبد الوارث : كان محمد بن يوسف الحذاقي القاضي من أحسن الناس صلاة (١) إذا صلى ، وله عن عبد الملك الذّماري وإسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد عن وهب وروى عن عبد الوهاب بن همام ـ أخي عبد الرزاق ـ رواية ، وله عن الدقاق رواية وأكثر.

وكان بها عبد الله بن محمد بن يوسف القطراني ولاه أسعد بن أبي يعفر الإمامة في مسجد الجماعة بصنعاء لمّا صار أسعد إلى صنعاء وذلك يوم الأربعاء لتسع بقيت من شهر رمضان ، وكانت صنعاء قد خلت في هذا الوقت ، وكان أسعد قد بعث علي بن الحسن الأقرعي وجماعة من الجند إلى صنعاء فأقام بصنعاء إلى أن كان يوم الخميس لثلاث خلت من شهر رمضان سنة تسع وتسعين ومئتين دخل ابن فضل القرمطي الكذاب صنعاء (٢) وبها الأقرعي ، فنزل المسجد (وذلك يوم الإثنين

__________________

(١) في الأصول : «مصليا» ، ولعل الصحيح ما أثبتناه.

(٢) لعل المؤلف يريد هنا من دخول علي بن الفضل صنعاء في سنة ٢٩٩ ه‍ استقرار أمره وتمكنه من صنعاء في هذه السنة ، أما دخوله صنعاء لأول مرة فقد كأن في العاشر من محرم سنة ٢٩٣ ه‍ ، انظر غاية الأماني ١٩٦ ، البداية والنهاية ١١ / ١٠٠ ، تاريخ الكبسي لوحة ٢١ و ٢٢

٣٤٨

لسبع من رمضان فبات في المسجد) (١) ـ مسجد الجماعة ـ وشربوا فيه الخمر وذبحوا وأظهروا تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله ثم سار ابن فضل إلى المذيخرة ، وصار أسعد إلى صنعاء فثبت القطراني إماما فيه إلى أول يوم من عشر ذي الحجة من سنة ست وعشرين وثلاث مئة ، فقال له : زدني من المؤذنين في غداة هذا اليوم نداء / التكبير (٢) بعد الصلاة فظن أنه كذلك ، فكبر بعد صلاة الصبح ، ثم عرف أنه قد غلط فراح مغموما ، فطلع أربع درجات إلى سطح يدفأ فيه فسقط وانثنت رجله فأقعد ، ولزم البيت حتى توفي يوم الجمعة يوم تسع وعشرين (٣) من رمضان سنة تسع وعشرين وثلاث مئة ، وكان من القراء الفاضلين ، وكان حصورا (٤) ، هو أخبر بذلك عن نفسه.

وولى أسعد بن أبي يعفر إمامة مسجد الجماعة بعد القطراني أبا بكر محمد بن المعان البعداني فأقام إماما في مسجد الجماعة بصنعاء حتى توفي ليلة الإثنين لثلاث بقين من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة.

وقلد لإمامة الناس بعده محمد بن أحمد بن عبد الله النقوي ولزم الإمامة إلى أن توفي وكان قد بلغ من السن ، وكانت وفاته مع صلاة الصبح (٥) من أول (٦) يوم من ذي القعدة من سنة سبع وستين وثلاث مئة ، وقبر في الحقل بعد صلاة الظهر.

وكان القطراني ، والبعداني ، وأبو عبد الله النقوي ، من أفاضل أهل زمانهم ، وأكثرهم تلاوة للقرآن الكريم ، والصلاة ، وفعل الخير إن شاء الله.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٢) مب زيادة : «يعني تكبير التشريق».

(٣) حد ، صف : «تسعة عشر».

(٤) الحصور : ضيق الصدر والعي في المنطق وأن يمتنع عن القراءة (المحيط).

(٥) بقية النسخ : «الغداة».

(٦) ليست في : حد ، صف ، مب.

٣٤٩

حدثني أحمد بن أبي الجوشن قال : حدثني جماعة من مشايخ القطيع منهم ابن عقبة وغيره أن القطراني كان من بني حي من بني حيان ، وأنه كان يوما معه قوسه وهو صبي فرأى ميتا قد أدرج في كفنه ، فقعد ذلك الميت على النعش فقال : لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مال ميتا ، والقطراني يراه ويسمعه. فكانت عظة للقطراني ، ونزل إلى صنعاء وترك البادية وتعلم القرآن فأتقنه ، وتعلم من العلم ما يسره الله له ، وكان شديد الورع ، ظاهر الفضل وأمّ الناس في مسجد صنعاء ، وكان إذا أتاه قومه من بني حي يقولون لما يرون من كثرة صلاته ، وشدة اجتهاده يريدون مدحه : مصلي (١) شيطان!. حدثني بذلك بعض مشايخ أهل صنعاء أنه سمع من يقول ذلك.

وذكر لي ابن أبي الجوشن أن البعداني ليلة توفي فيها قال : اللهم اقبل معذرتي وتجاوز زلتي في جمع ما بين الصلاتين [يعني المغرب والعشاء ، وأنه لم يجمع بين صلاتين في عمره قط إلا هاتين الصلاتين](٢) ثم طفئ عند ذلك وتوفي رحمه‌الله.

وذكر أن ابن دحس يشيع بعيبه بالصلاة بخفيه ويقول : هو يطأ بهما الأقذار ويصلي فيهما ، فرأى في نومه كأن من بيته إلى المسجد طريقا بيضاء ما رأى شيئا يشبهها من وطي فيها وحسنها ، فقيل له : هذه طريق أبي بكر البعداني الذي أنت تعيبه ، فأصبح فأخبر بذلك ، وكان يصلي وراءه صلاة الجمعة (٣) بعد ذلك / ، وكان يأتي كل ليلة بخبز يصنع في بيته فيتصدق به.

وذكر ابن أبي الجوشن أنه رأى في نومه كأنه دخل مسجد صنعاء فرأى في صحن المسجد مزرعة حسنة (٤) قد ابتدأ فيها نبات حسن مستو فأعجبه ذلك فقال

__________________

(١) مكانها في مب بياض.

(٢) من : حد ، صف.

(٣) حد ، صف ، مب : «الجماعة» وهي أوجه.

(٤) مب : «مخصبة».

٣٥٠

لرجل يسأله : أخبرني لمن هذا الزرع الذي أراه طالعا ولمن هذا الموضع؟ فقال : لمحمد النقوي ، فأمّ بعد ذلك بأيام يسيرة وصلى بالناس الصلوات الخمس في المسجد.

ووجدت بخط محمد بن أحمد بن عبد الله النقوي رحمه‌الله قال : أول ما تقدمت في الجامع في شهر رمضان سنة ست وثلاث مئة ـ والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ـ ، وأذّنت في الجامع في شهر رمضان سنة أربع عشرة وثلاث مئة ، ـ والحمد لله رب العالمين ـ وأممت (١) في الجامع في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم ، نسأل الله تعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم ، وأن يعيننا على ذلك ، برحمته إنه منّان كريم ، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.

حدثني عبد السلام بن محمد النقوي قال : حدثني أبي أن محمدا [بن](٢) الجد وكان رجلا صالحا ، وكان صديقا له وللقاضي يحيى بن عبد الله. قال : دعوته إلى عنبي إلى سمر في وادي ضهر ، وأقام عندي أياما ، فلمّا كان ليلة من الليالي اتفق أن بات عندي خالي يحيى بن عبد الله وعبد الأعلى بن محمد البوسي ، فكان له ورد في كل ليلة لا يتركه ، فلما كانت تلك الليلة التي بات فيها الشيخان لم يقم ليلته تلك لورده (ذلك ، فلما كان يوم الثاني وراحا استقبل الليل وقام لورده) (٣) يصلي على رسمه الأول الذي كان يفعله. ويقال : «يني الجد» ولم يزل فيهم صلاح.

قال أبو محمد : كان الناس بصنعاء على أربعة أصناف (٤) عرفاء.

__________________

(١) صورتها في الأصول : «آمات» ولعلها كما أثبتناه.

(٢) من : حد ، صف.

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) ليست في : حد ، صف ، مب.

٣٥١

كان بنو ثمامة عرفاء للعرب من أهل اليمن ، وبنو ثمامة هم من حمير ومنهم قوم كانوا بمجنب ، ولهم الباب الذي يسمى باب بني ثمامة في غربي المسجد مقابل مقدمه ، ووفد جدهم ثمامة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقرأه سورة يس.

والعريف الثاني من آل شروس في المضرية ، وآل شروس موال لثقيف وهم آل محمد بن عبد الرحيم صاحب مالك.

والعريف الثالث في العامة رجل من بني زوزوة (١) ، ورجل من بني غسان.

والعريف الرابع من الأبناء رجل من آل سرع (٢) وبنو أبي الجريش أصحاب القيام / بالمسجد الجامع ، منهم أبو دجانة الإمام ، وبنو أبي السلام وقوم يقال لهم : بنو حجاج ، هم من الأزد من خراسان فطعنت فيهم الأبناء وقالوا : هم موال ، وأما بنو جريش أصحاب الجبانة فهم من الأبناء.

__________________

(١) الأصل با : «دورة». س : «رورة». مب : «ردرة» ، وما أثبتناه من : حد ، صف.

(٢) صف ، مب ، س : «شرع» بالمعجمة. وفي مب وحدها : «آل شرع وهو من بنو أبي الجريش».

٣٥٢

ذكر فضل مقبرة غربي (١) صنعاء وحديث محمد التنوخي

لما بات هنالك وذكر رؤياه (٢) هنالك

إبراهيم بن يزيد [النعامي](٣) قال : سمعت رجلا قال لرباح بن زيد حين تحرك صبيح في المغرب : أما نبقي على هذه القرية ـ يعني صنعاء ـ؟ فقال له رباح : كلا ، سمعت ابن جريج أو معمرا قال إبراهيم ، وقد أسنده بسنده (٤) فنسيته ، قال : إن لصنعاء لحمى من نحو مغربها كحمى الحرم وليبعثن من مقبرة غربيها سبعون ألف شهيد لا يحاسبون ولا يعذبون يساقون إلى الجنة سوقا ؛ قال : ومن أراد انتقامها جاءها من شرقيها (٥) وذلك بعد حين.

وسمعت أبا علي (٦) الحسن بن علي الطوسي (٧) المقرئ يقول : سمعت شيخا بالشام وهو يقول : ويل لصنعاء من ناحية شرقيها ، يقول ذلك ثلاث مرات ، أحسبه قال لي : سمعته في مسجد بيت المقدس ، أو بدمشق.

قال عبد الله بن مسلم بن سليمان الصنعاني : خرجت في آخر الليل أريد صنعاء فلما خرجت من صنعاء إذا حول المقبرة (التي في غربيها نور فسرت فيه حتى خرجت من المقبرة) (٨). قال : والنور محيط بها وذلك بعد أذان الصبح.

__________________

(١) ليست في : حد ، صف.

(٢) ما أثبتناه من : حد ، صف ، مب. وفي بقية النسخ : «روايات».

(٣) من : حد ، صف ، مب ، وانظر الخبر فيما سبق ص ١٠١

(٤) ليست في بقية النسخ.

(٥) يشرف على صنعاء من الجهة الشرقية «جبل نقم» الحصين فمن تمكن ـ عادة ـ من احتلاله سهل عليه السيطرة على المدينة.

(٦) س ، مب : «أبا علي بن الحسن». وفي حد : «الطوسي».

(٧) ما بين القوسين ساقط في مب.

٣٥٣

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث ، حدثني محمد بن جعفر التنوخي ، قال حدثني أبي قال : جئت من ضيعتي وعلي ثياب وسخة ، وجئت مساء فاستحييت أن أدخل القرية حتى المساء ، فأويت إلى قبر واضطجعت عليه فغلبتني عيني فنمت ، فإذا كل قبر فتح فيه باب وإذا وصفاء مع كل جارية منهن طبق مغطّى ، فيه هدية يدخلونها إلى كل قبر ما خلا القبر الذي أنا عليه ، فنظرت إلى صاحب القبر فقلت له : لا أرى يدخل إليك شيء من هذه الهدايا فقال لي : هؤلاء أهاليهم يدعون لهم ، وقد كانت هدايا تأتيني من قبل والدي ثم انقطعت عني وذلك أنه شغل بتزويج أختي فلم يدع لي. قلت : ومن أبوك؟ فقال : هو فلان (١) في موضع كذا وكذا من صنعاء. قلت أفتحب أن أكلمه في ذلك؟ قال : نعم وأحسن. ولم يكن لي معرفة بالرجل [ثم انتبهت فبت ليلة](٢) ، فلمّا كان السحر خرجت حتى أتيت المنزل وإذا بالباب مفتوح ورجال / يدخلون المنزل للوليمة فقلت للخادم : قل لفلان إني على الباب. فخرج إليّ ، فقال : ادخل مع القوم حتى تصيب معهم من طعامنا ؛ فقلت له : إني لم آتك لهذا ؛ وقصصت عليه القصة فبكى وكثر بكاؤه وقال : أما إنه قد كان ذلك ، قال : ودعا بغلام له فأعتقه لابنه على المكان.

وقبر معمر بن راشد في الحقل ، قال لي القاضي الحسين بن محمد : إن أول من قبر بالحقل معمر بن راشد.

قال ابن عبد الوارث : حدثني الكشوري قال : كان محمد بن بسطام من أفاضل الناس ، وحدثني أنه رأى معمرا ، وشهد جنازته ، وأنا أعرف الناس بقبره

__________________

(١) حد : «فلان بن فلان».

(٢) من : حد ، صف ، مب.

٣٥٤

في مقبرة الحقل من صنعاء (١).

قال لي الكشوري فقلت له : فاذهب معي حتى تريني قبر معمر فأرانيه فقلت أنا للكشوري : فأحب أن تريني قبر معمر فذهبت معه حتى أوقفني في مكان دارس قريب من مسجد علي بن أبي بكر الذي يصلى فيه على الموتى. وإنما أردت بهذا لأن أهل العراق يزعمون أن [قبر](٢) معمرا مفقود ، وكان موت معمر في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومئة (وهو ابن ثمان وخمسين سنة) (٣) وكان أصله من البصرة انتقل إلى صنعاء وأقام بها (إلى أن توفي بها) (٤).

قال سفيان : ذهبت إلى هنالك ـ يعني إلى اليمن ـ سنة خمسين وسنة ستين ومعمر حي ، وقدم معمر (٥) قبلي بعام ، القائل سفيان بن عيينة وكان ابن شبرمة القاضي ومعمر بن راشد بصنعاء في وقت واحد ، وخرج ابن شبرمة القاضي (٦) من صنعاء ومعمر بن راشد بصنعاء (٧) وكان قد ولي القضاء بصنعاء ، ولاه يوسف بن عمر ، فلما خرج يوسف بن عمر من صنعاء خرج معه ابن شبرمة ، قال معمر : خرجت معه (٨) أشيّعه ، فلمّا أفردني وإياه المسير ولم يكن معنا أحد نظر إلي فقال لي : يا أبا عروة أحمد الله ، أما إني لم أستبدل بقميصي هذا منذ دخلتها ـ يعني صنعاء ـ. قال : ثم سكت ساعة وقال لي : يا أبا عروة إنما أقول لك حلالا ، وأمّا الحرام فما إليه سبيل. ومات ابن شبرمة سنة أربع وأربعين ومئة.

__________________

(١) حد : «وأنا أعرف قبره في الحقل من صنعاء». صف ، مب : «وأنا أعرف قبره في مقبرة الحقل من صنعاء». وكلمة «مقبرة» ليست في س.

(٢) لاستقامة المعنى.

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) ما بين القوسين ساقط في س.

(٥) الأصول : «سفيان» ولعله زلة قلم وسياق الخبر يقتضي ما أثبتناه.

(٦) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٧) «ومعمر بن راشد بصنعاء» ليست في : حد ، صف ، مب.

٣٥٥

قال عبد الرزاق : قال لي معمر بن راشد : من كسب مالا حلالا وأراد أن يهنيه العيش فليأكله بصنعاء ، وكان معمر في صنعاء سنة دخل الحضرمي الأعور (١) صنعاء.

__________________

(١) ليست في مب. والحضرمي الأعور : هو عبد الله بن يحيى (طالب الحق) ، إمام أباضي من أهل اليمن كان قاضيا بحضر موت خلع طاعة مروان بن محمد وبويع له بالخلافة فاستولى على صنعاء سنة ١٢٩ ه‍ وأخذ الخزائن والأموال واستولى على مكة والمدينة ، هزم وقتل سنة ١٣٠ ه‍ قرب صنعاء. انظر تاريخ خليفة ٢ / ٥٨٢ ـ ٥٩٦ ، غاية الأماني ١٢٤.

٣٥٦

ذكر الطبقة الأولى من العلماء والزهاد وعلماء

/ أهل صنعاء واليمن ومن كان بها منهم

أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان ، وكان فقيها ، محدثا ، زاهدا ، عابدا ناسكا ، فاضلا يروي عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة الدوسي ، وابن عمر ، وعلى ، وزيد بن ثابت ، وغير هؤلاء من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال أبو جعفر (١) محمد بن حبيب في كتاب المحبر ، وذكر فقهاء أهل مكة (٢). فذكر طاوس اليماني مولى همدان.

وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : حدثني عبد الرزاق قال : أخبرني عبد الله بن عيسى بن بحير ، قال : قلت لعبد الله بن طاوس : ممن أنتم فإنه بلغني أنكم إلى همدان. فقال : لا ؛ ولكن إلى خولان ، وقال أحمد بن حنبل ، وحدثني عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري قال : كان طاوس من الجند ، قال : وأخبرني هشام بن يوسف ، قال : أخبرني ابن (٣) عبد الله بن طاوس أنه قال : نحن قوم من فارس ليس لأحد علينا عقد ولاء ، إلا أن كيسان نكح مولاة لآل هود الحميريين فهي أم طاوس.

ووجدت بخط أبي الحسن علي بن الحسن بن عبد الوارث ، حدثنا الكشوري

__________________

(١) الأصول كلها «أبو بكر» ولعله خطأ من النساخ والصحيح ما أثبتناه. ولدى استعراضنا لكتابي المحبر والمنمق لمحمد بن حبيب طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد لم نجد فيهما ذكرا لطاوس اليماني.

(٢) مب : «اليمن».

(٣) ليست في س.

٣٥٧

قال : حدثنا محمد بن عمر ، قال حدثنا عبد الملك الذماري ، قال : حدثني هشام بن يوسف عن ابن (١) عبد الله بن طاوس ، قال : كان جدي فارسيا ليس لأحد علينا عقد ولاء ، ولكنه تزوج مولاة لآل هود الحميريين فسمينا موال لهم ، ولسنا (٢) بموال.

__________________

(١) ليست في س.

(٢) حد ، صف ، مب : «وليسوا».

٣٥٨

ذكر زهد طاوس وورعه (١) من أخذ جوائز السلطان

حدثني القاضي الحسين بن محمد (بن عبد الأعلى قال : حدثني جدي عبد الأعلى بن محمد قال : حدثنا الدبري) (٢) عن عبد الرزاق قال : «سمعت النعمان بن الزبير الصنعاني يحدث أن محمد بن يوسف ـ أو أيوب بن يحيى ـ بعث إلى طاوس بسبع مئة دينار ـ أو خمس مئة دينار ـ ، وقيل للرسول : إن أخذها منك فإن الأمير سيكسوك ويحسن إليك ، قال : فخرج حتى قدم على طاوس الجند فقال : يا أبا عبد الرحمن نفقة بعث بها الأمير إليك. فقال : ما لي بها حاجة. فداراه (٣) على أخذها فأبى ، فغفل طاوس فرمى بها في الكوة التي في البيت ثم ذهب ، فقال لهم : قد أخذها ، فلبثوا حينا ثم بلغهم من طاوس شيئا يكرهونه فقالوا : ابعثوا إليه فليأتنا بمالنا ، فجاءه الرسول فقال : المال الذي بعث به الأمير إليك. قال : ما قبضت منه شيئا ، فرجع الرسول / فأخبرهم فعرفوا أنه صادق. فقيل : انظروا الرجل الذي ذهب به (٤) إليه ، فقال : المال الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن. قال : هل قبضت منك شيئا؟ قال : لا ، فقال (٥) له : تدري حيث وضعته؟ (قال : نعم في تلك الكوة قال : فأبصره حيث وضعته) (٦) ، قال : فمد يده فإذا هو بالصرة قد بنت عليها العنكبوت ، قال : فأخذها فذهب بها إليه وأخبره الخبر» (٧).

__________________

(١) بقية النسخ : «تورعه».

(٢) ما بين القوسين سقط في حد.

(٣) في المصنف «فأراده» ، وفي حلية الأولياء «فأداره».

(٤) بقية النسخ : «فابعثوا» ، والمصنف.

(٥) حد ، صف : «فقيل» ، والمصنف.

(٦) ما بين القوسين ساقط في س.

(٧) «إليه وأخبره الخبر» ليست في : حد ، صف ، مب ، والمصنف. وانظر نصه في مصنف عبد الرزاق ١١ / ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، وحلية الأولياء ٤ / ١٤.

٣٥٩

ذكر إعادة طاوس الصلاة لما صلى خلف أيوب بن يحيى

الأمير لما صلى بهم في الحصبة ـ موضع من صنعاء ـ

علي بن عبد الوارث ، الكشوري ، محمد بن عمر ، عبد الملك الذمّاري قال : حدثني يزيد بن محمد بن بنت عمر بن أبي يزيد عن جده عمر بن أبي يزيد قال : صليت مع طاوس ووهب خلف أيوب بن يحيى أو يوسف بن عمر ثم انصرفنا فلما أتينا الحصبة نزل طاوس فأعاد الصلاة ولم يعد وهب.

حدثنا (١) ابن البنا ، الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، محمد بن سلمة ، محمد بن إسحاق عن الزهري عن طاوس ، قال : سمعت رجلا يسأل ابن عمر قبل موته بعام عن امرأة حاضت في أيام منى أترحل إلى بلادها وقد كانت زارت البيت؟ قال : لقد كانت عائشة تروي رخصة في ذلك (٢).

حدثنا الكشوري ، محمد الذّماري ، حدثني هشام بن يوسف عن عقيل بن معقل ، قال : صليت مع وهب الجمعة ثم انصرفنا فلقينا طاوس في مصرع النوبة فقال له وهب : أما جمعت معنا يا أبا عبد الرحمن ، فقال طاوس : أومع هؤلاء جمعة!

قال أبو الحسن : سألت الكشوري عن مصرع النوبة فقال هو مصرع ابن أرامر وكان جاهليا ، وبناؤه هذا اليوم بناء محدث ليس هو بناؤه الأول ، وقد خرب هذا الموضع في هذا الوقت ولم يبق له أثر وذلك بعد ما رآه ابن عبد الوارث

__________________

(١) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٢) عن ابن عباس قال : «أمر الناس أن يكون الطواف آخر عهدهم بالبيت إلا أنه رخص للمرأة الحائض» تفسير الخازن ٥ / ١٥.

٣٦٠