تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

ثم إن جبريل وحده احتمل أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديكتهم ، ثم قلبها عليهم ، فلم يصب قوما ما أصابهم. إن الله تعالى طمس أعينهم حتى جعلوا يدوس بعضهم بعضا عميانا يقولون : النجاء النجاء فإن في بيت لوط أسحر قوم في الأرض ، قالوا للوط : يا لوط جئتنا بقوم سحرة ، سحرونا كما أنت حتى تصبح ، فساء صباح المنذرين. قال الله تعالى : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) ثم قلبت قريتهم ، وكانت مدائن قوم لوط ثلاث بالسهل ببطن الغور ، والرابعة على الظاهر من السراة فيها أربعة آلاف ألف إنسان.

قال قتادة : ذكر لنا أن جبريل أخذ بعروتها الوسطى ثم ألوى بها إلى جو السماء حتى سمعت الملائكة ضواعي كلابهم ثم دمر بعضها على بعض ، ثم أتبع شذاذ القوم صخرا. قال : وهي ثلاث قرى يقال لها سدوم وهي بين المدينة والشام ، وذكر أنه كان فيها أربعة آلاف ألف. وذكر أن إبراهيم الخليل ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يشرف على مدائن قوم لوط بسدوم (١) كثيرا ثم يقول : سدوم (٢) أي يوم لك ، إلى أن بعث الله تعالى جبريل إليهم فانتسفها من أصولها من العروة الوسطى بجناحه حتى سمع أهل سماء الدنيا أصوات الديكة وضغاء الكلاب ، ثم أهوى بها إلى الأرض فصار أسفلها أعلاها. قال الله تعالى : (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها)(٣). وقال تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. فَغَشَّاها ما غَشَّى)(٤).

قال قتادة : بلغنا أن جبريل عليه‌السلام لّما أصبح نشر جناحيه فانتسف بهم أرضهم بما فيها من قصورها وشجرها ودوابها (٥) وجميع ما فيها وضمها في جناحه

__________________

(١) ليست في حد.

(٢) في الأصل با زيادة : «ثم يقول» ولا معنى لها.

(٣) الحجر : ١٥ / ٧٤ ، وتمامها : (... وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ).

(٤) النجم : ٥٣ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٥) حد ، صف ، زيادة : «وحجارتها».

٣٢١

فحواها وطواها في جوف جناحه ، ثم صعد بها إلى سماء الدنيا حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب وكانوا أربعة آلاف ألف ثم قلبها (فأرسلها إلى الأرض منكوسة / دمدم بعضها على بعض فجعل) (١) عاليها سافلها.

قال السدي (٢) : فمن لم يمت حين سقط الأرض (٣) أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة ، وذلك قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ، فَغَشَّاها ما غَشَّى) يعني الحجارة التي أمطرت عليهم وهو مطر السوء الذي قال الله تعالى : [(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ)(٤) وقال تعالى](٥) : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً)(٦) ، وقال عزوجل : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ)(٧) فأرسله الله على من كان منهم شاذا في الأرض فتبعتهم في القرى فكان الرجل يأتي يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله ، وذلك قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ).

قال محمد بن كعب : حديث أن الله تعالى بعث جبريل إلى المؤتفكة قرية قوم لوط التي كان (٨) لوط فيهم فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل سماء الدنيا يسمعون نباح كلابها وأصوات دجاجها ، ثم كفأها على وجهها ثم أتبعها الله

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٢) «قال السدي» ليست في : حد ، مب. وقد نبه ناسخ مب بإزائها في الهامش بقوله : «بياض في الأم».

(٣) «حين سقط الأرض» ليست في حد.

(٤) النمل ٢٧ / ٥٨.

(٥) من بقية النسخ.

(٦) الفرقان : ٢٥ / ٤٠.

(٧) الحجر : ١٥ / ٧٤ ، وبدايتها (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها ...). والآية ليست في حد.

(٨) «التي كان» ليست في حد.

٣٢٢

بالحجارة لقوله تعالى : (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات وهي خمس قريات أسماؤها (١) : صنعة وصعوة وعثرة ودوما وسدوم ؛ وهي القرية العظمى ، قال : كان إبراهيم عليه‌السلام كثيرا ما يشرف على مدائن قوم لوط بسدوم فيقول : أي يوم لك.

قال قتادة : ذكر لنا (٢) أن إبراهيم عليه‌السلام كان يشرف ثم يقول : سدوم يوما ما لك.

قال مجاهد : فلم يصب قوما ما أصابهم : إن الله طمس على أعينهم ثم قلب قريتهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك ، وما هي من الظالمين ببعيد.

قال قتادة : ما أجار الله منها ظالما بعد قوم لوط ، قال الحسن وقد تلا هذه الآية : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ). قال : ما أتى الفجرة منها أمان.

قال الربيع : كل ظالم فيما سمعنا جعل بحذائه حجر ينتظر متى يؤمر فيقع (٣) فيه فخوف الظلمة فقال : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) ، وقوله : حجارة من سجيل. يقول : حجارة من طين. [وقد وصفها في موضع آخر فقال تعالى : (حِجارَةً مِنْ طِينٍ] (٤). مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ)(٥) والتسويم (٦) بياض في حمرة ، ويقال سواد في حمرة ، ويقال عليها سيما خطوط غبر.

قال ابن عباس : وقد رأيت العلم الذي فيها ليست كحجارتكم ، قيل المسومة

__________________

(١) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٢) «ذكر لنا» ساقطة في حد.

(٣) حد : «أن يقع».

(٤) من : س ، صف.

(٥) الذاريات : ٥١ / ٣٣ ـ ٣٤ ، وبداية الآية الأولى : (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ ...).

(٦) حد : «والمسومة بياض وحمرة».

٣٢٣

المحمّة ، وقوله منضود يتبع بعضه بعضا ، ويقال : قد نضد بعضها على بعض ، وما هي من الظالمين ببعيد ، قال : ظالمي هذه الأمة ، ثم قال : والله ما أجار منها ظالما بعد.

قال أبو بكر الهذلي : وما هي من ظلمة أمتك ببعيد / فلا يأمنها ظالم (١) وقال الله تعالى في الترهيب لهذه الأمة إذا عتا طغيانهم ، وعتا تجبرهم ، وأكثروا الفساد في الأرض : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ. أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)(٢). وقال تعالى : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ـ يعني بالخسف والرجم بالحجارة (٣) ـ (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) ـ وهي الأهواء المختلفة ـ (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(٤) بالسيف والعداوة فيما بينهم والبغضاء ، وقد جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يكون في هذه الأمة خسف ، ومسخ وقذف وريح حمراء» (٥) وذلك إذا ظهرت هذه العلامات في أمته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ من ذلك ما حدثني علي بن محمد المكي. قال القاضي : قال ابن جوصاء محمد [بن](٦) يحيى بن بكر عن حمزة عن أبي محمد عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا عطلت أمتي خمس عشرة خصلة (٧) حلت بهم النقمات ، إذا اتخذوا الفيء دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، والتفقه في الدين لغير الله ، وأطاع

__________________

(١) حد ، صف : «يأمنها منهم ظالم».

(٢) الملك : ٦٧ / ١٦ ـ ١٧.

(٣) «يعني بالخسف والرجم بالحجارة» ليست في حد.

(٤) الأنعام : ٦ / ٦٥ ، وتمامها (... انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).

(٥) الفتح الكبير : «يكون في آخر الزمان الخسف والقذف والمسخ» ، وانظر سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٤٩ ـ ١٣٥٠.

(٦) من الترمذي.

(٧) ليست في : حد ، صف.

٣٢٤

الرجل زوجته ، وعقّ أمه ، وآذى صديقه ، وأقصى (١) أباه ، وكان الصبيان هم الأمراء ، ورفعت الأصوات في المساجد ، وساد القبيل فاسقه ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وشربت الخمر ، واتخذت القينات والمعازف ، ولبس الحرير ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فعند ذلك توقعوا ريحا وزلزلة وخسفا وأمورا تتابع كنظام بال انقطع» (٢).

وروي عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : («إذا عملت أمتي بخمس عشرة خصلة فقد حلّ بها البلاء ، قالوا : وما هي يا رسول الله ، قال :) (٣) إذا كان الفيء دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وعق أمه ، وآذى صديقه ، وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، ولبس الحرير ، وشربت الخمور ، واتخذت المعازف والبرابط ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ؛ فترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو قذفا» (٤).

حدثني أحمد بن محمد ، قال محمد بن أحمد بن النضر ، قال بشر بن الوليد ، قال سليمان بن داود ـ يعني اليماني / ـ ، عن يحيى وهو ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال «والذي بعثني بالحق (٥) لا تنقضي هذه الدنيا حتى [يقع](٦) بهم الخسف والمسخ والقذف ، قالوا : فمتى ذلك يا نبي الله؟ قال : إذا ركبت النساء السروج ، وكثرت القينات ، وشهد شهادة الزور ، وشرب

__________________

(١) حد : «جافى».

(٢) سنن الترمذي ٤ / ٤٩٥ ، والنهاية والفتن والملاحم ١ / ٢١ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ٧ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

(٣) ما بين القوسين ساقط في حد.

(٤) الترغيب والترهيب للمنذري ٣ / ٢٥١ باختلاف يسير باللفظ ، وفيض القدير ١ / ٤٠٩ ، وسنن الترمذي ٤ / ٤٩٤ ، والنهاية والفتن والملاحم لابن كثير ١ / ٢٠.

(٥) حد : «بالحق نبيا».

(٦) من : حد ، صف ، مب.

٣٢٥

المصلون في آنية أهل الشرك ؛ الذهب والفضة ، واستغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، واستدبروا ، واستعدوا» وقال بيده هكذا فوضعها على جبهته يستر وجهه (١).

وحدثني القاضي صالح بن محمد الموصلي ، أحمد بن القصر عن ثوبان ، معمر بن سهل عن (٢) عبد الله بن تمام ، محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تقوم القيامة (٣) حتى يبعث علماء سوء (٤) يتسافدون كما تسافد البهائم».

حدثني أحمد بن محمد ، أبو إسحاق الهجيمي ، محمد بن الحسين الكوفي ، أبو غسان ، قيس عن أبي إسحاق عن جليس له من أهل الطائف ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تقوم الساعة حتى لا يصدق الحديث ، ولا يصدقن النساء المهور ، وحتى يتهارجون في الطرق تهارج الحمير ، فإذا فعلوا ذلك ظهر لهم إبليس فدعاهم إلى عبادة الأوثان».

حدثني أحمد بن محمد ، قال أبو الحسن اليمان ، قال أبو الفضل ، قال إبراهيم ، قال معن عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث (٥) المحرزي عن مالك بن أنس عن مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (قال : بينما نتذاكر الطّلى فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٦) يقول «ليشربنّ أناس من أمتي الخمر يسمّونها بغير اسمها ، تعزف على رؤوسهم المعازف

__________________

(١) مجمع الزوائد للهيثمي ٨ / ١٠ باختلاف يسير باللفظ.

(٢) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٣) حد ، صف ، مب : «الساعة».

(٤) ليست في : حد ، صف ، مب. ولم نتمكن من تخريج هذا الحديث.

(٥) مب : «بن حارث».

(٦) ما بين القوسين ساقط في مب.

٣٢٦

والقيان ، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» (١).

حدثني أحمد بن محمد ، قال محمد بن أحمد العسكري ، قال العباس بن محمد ، قال : حدثنا (٢) مسدد ، قال أبو الأحوص عن فرات القزاز عن عامر بن وائلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : كنا قعودا نتحدث في ظل غرفة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرنا الساعة فارتفعت أصواتنا فأشرف علينا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غرفته ، فقال : «عمّ تتساءلون أو عمّ تتحدثون ، قلنا : ذكرنا الساعة فارتفعت أصواتنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لن تقوم ولن تكون حتى يكون قبلها عشر آيات ؛ طلوع الشمس من مغربها ، [وخروج الدابة](٣) وخروج يأجوج ومأجوج والدجال (٤) / وعيسى بن مريم ، والدخان ، وثلاثة خسوف ؛ خسف بالمغرب ؛ وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر» (٥).

قال عبد الرزاق : جزيرة العرب مكة.

قال معاذ بن جبل : اخرجوا من اليمن قبل ثلاث ؛ قبل خروج النار ، وقبل انقطاع الجبل ، وقبل أن لا يكون لأهلها زاد إلا الجراد. قيل لعبد الرزاق : (وما انقطاع الجبل؟ قال : الحج والسبيل) (٦).

قال أبو جعفر محمد بن علي عن رافع بن بشر السلمي عن أبيه أن رسول الله

__________________

(١) انظر مسند أحمد ٥ / ٣٤٢ باختلاف ، وانظر مجمع الزوائد ٨ / ١١.

(٢) مب : «حدثني».

(٣) من : حد ، صف ، س.

(٤) حد : «وخروج الدجال».

(٥) انظره برواياته المتعددة في مسند أحمد ٤ / ٦ ـ ٧ ، وصحيح مسلم ٢ / ٥٥٨ ـ ٥٥٩.

(٦) ما بين القوسين ساقط في مب.

٣٢٧

صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «تخرج نار (١) من جسر عدن (٢) سيل ، تسير سيرا بطيئا ، لا بل تكمن بالليل وتسير بالنهار ، وتغدو وتروح ، يقال غدت النار أيها الناس فاغدوا ، قالت النار أيها الناس فقيّلوا ، راحت النار أيها الناس فروحوا من أدركته أكلته».

حدثني الفرضي الهجيمي ، يوسف بن موسى ، أحمد بن صالح ابن (٣) أبي فديك موسى بن يعقوب ، عن عمر بن سعيد عن ابن شهاب عن أبي بكر بن حزم عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «تخرج نار من أرض (٤) الحجاز تضاهي أعناق الإبل ببصرى» (٥) قال عمر بن عبد العزيز : إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة ، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم.

قال ابن خلاد : إذا كان في البيت من ينسى الصلاة أو يتهاون (٦) بها انتقص من رزقهم ففقروا.

حدثني العباس عن محمد بن إسحاق عن ميمون عن عبد الله بن (٧) أبيه إبراهيم بن عمر عن ذي مغامر قال : شهدت عيدا بالشام في ولاية بني أمية فلمّا أن كان الناس بالمصلى إذ (٨) نزل طائران من السماء كأنهما التجأا فبادر (٩) الناس إليهما ، فقال الطائران : «على رسلكم! ويل للعرب من شر قد اقترب يستغني الرجال بالرجال والنساء بالنساء» ثم طارا.

__________________

(١) ليست في صف.

(٢) ليست في بقية النسخ.

(٣) حد ، صف ، مب : «بن».

(٤) ليست في مب.

(٥) البخاري ٩ / ٧٣ ، مسلم ٢ / ٥٥٩.

(٦) حد ، صف : «أو من يتهاون».

(٧) حد ، صف : «عن». وفي مب : «عبد الله عن إبراهيم».

(٨) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٩) حد ، مب : «فثار».

٣٢٨

ذكر الأبدال (١) وأن الله يدفع بهم الوبال

عن عبد الله بن مسعود قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث مئة قلوبهم على قلب آدم ، وأربعون قلوبهم على قلب موسى ، وسبعة قلوبهم على قلب إبراهيم ، وخمسة قلوبهم على قلب جبريل / وثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل ، وواحد قلبه على قلب إسرافيل ، فإذا مات الواحد أبدل الله تعالى مكانه من الثلاثة ، وإذا مات (٢) من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة ، وإذا مات (٣) من الخمسة أبدل الله مكانه (٤) من [السبعة ، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين ، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من](٥) الثلاث مئة ، وإذا مات (٦) من الثلاث مئة أبدل الله مكانه من العامة فيهم يحيي وبهم (٧) يميت ويمطر وينبت ويدفع أنواع البلاء. فقيل لعبد الله بن مسعود : كيف بهم يحيي ويميت؟ قال : لأنهم يسألون إكثار الأمة فيكثرون ، ويدعون على الجبابرة فينقصمون ، ويستسقون فيسقون فتنبت بهم الأرض ، ويدعون فيدفع الله بهم أنواع البلاء» (٨). وقال عبد الملك : انقطع خبر الأبدال.

الذماري : يأخذ الله اليمن في كل عشرين سنة أخذة. حدثني الفرضي

__________________

(١) مفردها بدل : رجال من الأولياء في معتقد أهل التصوف ، يذهب المتصوفة إلى أن هؤلاء عددهم أربعون سمّوا بالأبدال لأنهم يتناوبون رعاية الدين فإذا ما قضى أحدهم أبدل بآخر حتى آخر الحياة الدنيا (التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون).

(٢) مب زيادة : «واحد».

(٣) من بقية النسخ.

(٤) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٥) انظره في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ٢ / ٣٣١ باختلاف يسير باللفظ.

٣٢٩

الهجيمي ، قال محمد بن الحسين بن أبي الحسن ، أبو غسان ، قيس عن أبي إسحاق عن جليس له من أهل الطائف عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تقوم الساعة حتى لا يصدق الحديث ، ولا يأمن الناس المؤمن ، وحتى يتهارج الناس في الطريق تهارج الحمير».

حدثني القاضي عبد السلام النقوي ، قال أبو جعفر بن محمد بن مالك ، أحمد بن عبد الله عن عبد الحكم بن ميسرة عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس قال : إذا ركب الذكر الذكر اهتز العرش خوفا من الله العظيم.

ما يأتى (١) الوليد بن سهل قال : سيكون في آخر الزمان قوم يقال لهم اللواطون على ثلاثة أصناف ؛ صنف ينظرون ، وصنف يتصافحون ، وصنف يعملون في ذلك العمل.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» (٢).

قال أبو رباح الحوري : سمعت أبا أمامة الباهلي (٣) غير مرة يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن أخوف ما أخاف على أمتي من عمل عمل قوم لوط فلترتقب أمتي العذاب إذا تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء».

قال بعض أهل التفسير : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً) يعني على قوم لوط (مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٤) ، يقال : [من](٥) من ظالمي أمتك يا محمد ، قال (٦) : من يعمل عمل قوم لوط.

__________________

(١) كذا الأصل وهي غير بينة.

(٢) ورد هذا الحديث في مسند أحمد ١ / ٣٠٩ ، ٣١٧ وهو جزء من حديث طويل ، وانظر الحديث في الجامع الصغير ص ٨٧

(٣) ليست في حد.

(٤) هود : ١١ / ٨٢ ـ ٨٣

(٥) زيادة لاستقامة التركيب.

(٦) ليست في بقية النسخ.

٣٣٠

وروي أن سليمان بن داود عليه‌السلام قال للشياطين : إذا رأيتم إبليس يجلس على عرشه على الماء فأخبروني ، فأخبروه ، فقال لهم : احملوا عرشي فضعوه على عرشه ، ففزع إبليس وظن أنها الساعة قد قامت ، فقال : يا نبي الله أقامت القيامة؟ قال : لا ، لكن جئت أسألك / عن خصلتين ، قال : وما هما ، قال : أي شيء أحب إلى الله وأبغض إليك ، وأي شيء أبغض إلى الله وأحب إليك (١) ، قال : ليس شيء أحب إلى الله من الصلاة ولا أبغض عليّ منها ، وليس شيء أبغض إلى الله من ذكر يعلو ذكرا ولا أحب إليّ منه ، فإذا رأيتم ذكرا يعلو ذكرا ففروا إلى الله منهما مخافة أن ينزل الله بهما العذاب فتهلكوا معهما ، وقال طاوس : يخسف آخر الزمان بصنعاء وعدن (٢).

__________________

(١) حد ، صف ، س : «وأي شيء أبغض إليك وأحب إلى الله تعالى» وهو تحريف واضح أفسد العبارة.

(٢) لاحظنا أن القسم الأكبر من هذا الفصل المتعلق بخبر قوم لوط والذي ابتدأ من ص ٣٠٨ ؛ موجود بنصه في تفسير الطبري ١٢ / ٦٨ ـ ٩٨ ، و ١٩ / ١٦

٣٣١

ذكر قراء أهل صنعاء وعبادهم وأخيارهم وزهادهم

وأول من وصل بسورة يس

يقال : إن ثمامة وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسورة يس ، فكان ثمامة أول من وصل إلى صنعاء بسورة يس ، وكان من ولده مؤذنون يقومون بعمارة مسجد جامع صنعاء ، وهم قوم من حمير ، وكان منزله ثمامة بحذاء باب مسجد الجامع بصنعاء ، والباب إلى يومنا هذا يعرف بباب بني ثمامة وهو أول باب في ناحية الغربي من ناحية أول صف في المسجد مما يلي المحراب.

قال يوسف بن أبي خليد ، حدثني ثمامة السيباني أنه لقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمع سورة يس من فمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

* * *

٣٣٢

ذكر إمام أهل صنعاء في القراءة والصلاة في أول الإسلام

كان عبد الرحمن بن بزرج إمام أهل صنعاء في خلافة أبي بكر رضي‌الله‌عنه ، وولي القضاء حشك عبد الحميد فكانا فاضلين في وقتهما ، يقرآن القرآن ، وكان حشك الأبناوي أول من قرأ القرآن بمدينة صنعاء من الرجال. وكانت أم سعيد ابنة بزرج أول من صلى القبلة وقرأ القرآن بصنعاء ، وذلك أن وبر بن يحنّس الكلبي (١) ، وهو أول من قدم إلى اليمن ، لّما قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه إلى اليمن فنزل عند داذويه ، وكانت أم سعيد زوجته (٢) فقرأ عليها وبر القرآن فأسلمت وحسن إسلامها وتعلمت منه القرآن ، فكانت أول من أسلم باليمن من أهل اليمن ، وكان أخوها عبد الرحمن بن بزرج قد أدرك الجاهلية ثم أسلم وحسن إسلامه وكان أقرأهم للقرآن (٣) ، وكان / حشك فاضلا قارئا للقرآن ، وكان قاضيا لأبي بكر رضي‌الله‌عنه ، فيقال : إنه لّما حضرته الوفاة قال لبنته : كم عندك لي [حشك عبد الحميد] نقدا؟ قالت : درهمان ، قال : فهل من شيء غيرهما؟ قالت : لا! قال : فهلمي بهما ، فجاءت بهما ، فقال : اشتري لي بهذا (٤) سليطا تستصبحون به هذه الأيام التي أنا عندكم فيها ، وأمّا الدرهم الآخر فهو صدقة.

قال : وكان بها النعمان بن بزرج (٥) ، قال : صلى سعيد بن أبان بن العاص

__________________

(٥) في الأصول : الخزاعي ، صوابه ما أثبتناه ، انظر الإصابة ٣ / ٦٣٠ برقم ٩١٠٤

(١) بقية النسخ : «امرأته» ، انظر الإصابة ٣ / ٥٨٥ ، وانظر ما سبق ص ١٣١

(٢) حد ، صف ، مب زيادة : «قال».

(٣) في الأصل با وحد : «بهما» وهو تصحيف واضح.

(٤) انظر الإصابة ٣ / ٥٨٥

٣٣٣

رسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صنعاء بالناس صلاة خفيفة ثم خطب فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد وضع كل دم كان في الجاهلية ، فمن أحدث في الإسلام حدثا أخذناه به (١). وكان النعمان قد عاش مئة وعشرين سنة ؛ ثلاثين سنة في الجاهلية وتسعين سنة في الإسلام.

وكان بها عبد الله بن فيروز الديلمي وروى عن أبيه فيروز ، ولفيروز رواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (وكان قد قدم على رسول الله) (٢) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لفيروز وكانت له زوجتان أختان : اختر إحداهما.

وكان بها الضحّاك بن فيروز (٣) له رواية عن أبيه أيضا وكان فاضلا ، قال بكر بن الشّرود أخبرني راشد بن أبي الجريش قال : ما أتيت الضّحاك بن فيروز أؤذنه بالصلاة قط إلّا وجدته.

وكان بها أبو خليفة القارئ ، له رواية عن علي رضي‌الله‌عنه ، وقرأ عليه القرآن ، قال : سمعت عليا رضي‌الله‌عنه (يقول : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٤) : «إن [الله](٥) رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» (٦).

وقرأ عليه القرآن عبد الله بن وهب بن منبه ؛ ولعبد الله بن وهب عنه رواية إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) انظر خبر أبان فيما سبق ص ١٢٧ ـ ١٢٨ و ١٤٠ و ١٨٩ و ١٩٧ و ٢٠٦ و ٢٠٧

(٢) ما بين القوسين ساقط في س.

(٣) انظر تهذيب التهذيب ٤ / ٤٤٨ ، وطبقات فقهاء اليمن ٥٢ ـ ٥٣ ، ثغر عدن ١ / ٩٩

(٤) ما بين القوسين سقط في حد.

(٥) من بقية النسخ.

(٦) رواه مسلم عن عائشة ٢ / ٤٣٣ بزيادة «وما لا يعطي على ما سواه» ، ورواه أبو داود عن عبد الله بن مغفل ٢ / ٥٥٢ ، مسند أحمد ١ / ١١٢ ؛ ٤ / ٨٧ ؛ ٦ / ٣٧ و ٨٥ و ١٩٩ ، الترمذي ٥ / ٦٠ ، ابن ماجه ٢ / ١٢١٦ ، فيض القدير ٢ / ٢٣٧

٣٣٤

وكان بها سعد بن عبد الله بن عاقل ، وهو سعد الأعرج ، كان عاملا مع يعلى بن أمية بأمر عمر رضي‌الله‌عنه له بذلك ، قال عمر رضي‌الله‌عنه [لسعد](١) وقد لقيه : أين تريد؟ قال : أغزو ، قال له عمر : ارجع إلى صاحبك يعلى فإن عملكما بحق جهاد وحسن فإذا صدقتم الماشية فلا تقسموا الحسنة ولا تنسوها صاحبها ، ثم اقسموا ثلاثة أثلاث فيختار صاحب الغنم ثلثا ، ثم اختاروا من الثلثين الباقيين. قال : فكنا نخرج نصدق ثم نرجع ما معنا إلا سياطنا (٢) ؛ قال : يعني أنهم يقسمونها.

وكان بها هانئ (٣) مولى عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه وله عن عثمان رواية.

وكان بها منبه بن كامل / وهو أبو وهب بن منبه ، لقي معاذ بن جبل وروى عنه وكان له من الولد همّام بن منبه لقي أبا هريرة وكتب عنه العلم.

وكان بها أخوه وهب [وهو](٤) الذي جاء فيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يكون في أمتي رجل يقال له وهب يهب الله له الحكمة». وله صحبة مع ابن عباس وله عنه رواية وعن غيره من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وروي أن الحجاج بن يوسف أمر أخاه محمد بن يوسف (٥) وهو وال باليمن أن يقرأ على أفضل من يقدم عليه فقرأ على وهب بن منبه ، وكان يؤم الناس في شهر

__________________

(١) من بقية النسخ.

(٢) الكلمة غير بينة في الأصول صورتها «أنباطنا» ، وهي : «سياطنا» كما نقلناها من تاريخ البخاري ٤ / ٥٣

(٣) انظر تهذيب التهذيب ١١ / ٢٣ ، وانظر طبقات فقهاء اليمن ٦١

(٤) من : حد ، صف ، مب. وعن وهب انظر : طبقات ابن سعد ٥ / ٥٤٣ ، حلية الأولياء ٤ / ٢٣ ـ ٨١ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٦٦ ـ ١٦٨ ، المعارف لابن قتيبة ٤٥٩ ، تهذيب الأسماء واللغات للنووي القسم الأول الجزء الثاني / ١٤٩. وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام أورده ابن سعد في الطبقات ٥ / ٥٤٣ : «يكون في أمتي رجلان أحدهما وهب يهب الله له الحكمة ...».

(٥) انظر طبقات فقهاء اليمن ٥٤ ، والمعارف ٣٩٦

٣٣٥

رمضان ويوتر بهم ويختم (١) بالدعاء ، وكان إمام أهل صنعاء في زمانه وولي قضاء صنعاء في أيام عمر بن عبد العزيز (٢).

قال أمية بن شبل لهشام بن يوسف (٣) قاضي صنعاء : يا هشام لو رأيت القراء إذا صلّوا العصر يخرجون من مسجد الأمير في مصرع النوبة أرسالا عليهم الثياب البيض فرأيت تشميرهم وأثر السجود على وجوههم ، ورأيت خشوعهم وسكينتهم حتى يأتوا باب وهب فيسلمون عليه ويجلسون لديه (٤).

قال أمية : لقد رأيت القراء إذا صلوا العصر يخرجون من مسجد الأمير إلى وهب أرسالا في مصرع النوبة عليهم ثياب بيض مشمرة.

وقال بسطام عن رجل من أهل صنعاء قال : ذكر أصحاب عبد الله أن وهبا قد شهد الموسم فأرسل إليه عبد الله بن عباس أن يحضر إليه في بيته ، فقال : تكلم يا أبا عبد الله ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ثم تكلّم في فن واحد من تحميد الله تعالى وتعظيمه ، فلمّا فرغ من ذلك ناذى المنادي بالصبح على أبي قبيس ، قال : فقال ابن عباس : وهب أعلم الناس.

وكان بها طاوس اليماني (٥) رضي‌الله‌عنه وكان من الفضل والعلم بمكان ، قال عبد الله بن عباس : طاوس عالم أهل اليمن.

قال حفص : كان طاوس أعلمهم بالحلال والحرام.

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «ويجهر».

(٢) تولى عمر بن عبد العزيز خلافة المسلمين في سنة ٩٩ ه‍ وكانت مدة خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام ، وقيل أربعة عشر يوما ، وقيل سنتان ونصف.

(٣) انظر تهذيب التهذيب ١١ / ٥٧ ـ ٥٨ ، وطبقات فقهاء اليمن ٦٧

(٤) بقية النسخ : «إليه».

(٥) انظر المعارف ٤٥٥ ، حلية الأولياء ٤ / ٤ ـ ٢٣ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٨ ، طبقات فقهاء اليمن ٦٦ ، ابن خلكان ١ / ٢٣٣

٣٣٦

قال ليث : قال طاوس لسعيد بن جبير : كنت آتي ابن عباس إذ لا يأتيه إلا البريد.

قال حبيب بن الشّهيد (١) : كنت جالسا إلى عمرو بن دينار وأيوب إلى جنبه فذكر عمرو طاوسا فقال : ما رأيت رجلا مثل طاوس ، فقال أيوب : لو أن عمرا رأى محمدا ـ يعني ابن سيرين ـ ما قال هذا.

وكان بها عطاء بن مركيود من أبناء فارس الذين كان كسرى وجههم لحرب الحبشة مع سيف بن ذي يزن ، وكان أول من جمع القرآن بصنعاء فيما يقال (٢) : وكان بها عبد الله بن كثير (مولى عمرو بن علقمة الكناني ، / قرأ عبد الله بن كثير) (٣) على مجاهد بن جبر أبي الحجاج (٤) مولى عبد الله بن السائب المخزومي ، وأخبره أنه قرأ على ابن عباس ، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب ، وروى بعض أهل العلم أن مجاهدا قرأ على ابن عباس ثلاثين مرة ختم عليه ، ومات ابن عباس وهو في إحدى وثلاثين بلغ الطواسين ، وقرأ مجاهد على عبد الله بن عمر أيضا ، وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب وزيد بن ثابت.

والغالب على قراءة أهل مكة وأهل المدينة قراءة زيد بن ثابت لأنه [هو](٥) وعثمان رضي‌الله‌عنه ألفا المصاحف ، ذكر [ذلك](٦) محمد بن عمر الرومي. وقرأ عبد الله بن عمر القرآن أيضا على أبي بن كعب ، فقرأ عليهما مجاهد فنزل عن حروف ، ولزم عبد الله بن كثير السماع الأول.

__________________

(١) حد : «شهيد».

(٢) انظر طبقات ابن سعد ٥ / ٥٣٣

(٣) ما بين القوسين سقط في حد. وانظر معرفة القراء للذهبي ٧١ ـ ٧٢

(٤) مب : «مجاهد بن جبير بن مجاهد أبي الحجاج» انظر حلية الأولياء ٣ / ٢٧٩ ـ ٣١٠

(٥) من بقية النسخ.

(٦) من : حد ، صف.

٣٣٧

قال أبو حاتم السجستاني : إن عبد الله بن كثير من أبناء فارس الذين قدموا اليمن ، وكان موت مجاهد سنة ثلاث ومئة وهو ابن ثلاث وثمانين ، مات قبل طاوس بسنتين ، وذكر أن موت ابن كثير سنة ست عشرة ومئة وقد قيل إنه مات بعد العشرين ، وكانت وفاة طاوس اليماني بمكة ، صلى عليه هشام [بن عبد الملك](١) ، ويقال إن أول من جمع القرآن بصنعاء عبد الله بن مرثد بن يزيد ، وعبد الله بن مرثد هو أبو شريق العابد.

قال أبو محمد : حدثني شريق بن عبد الله العابد ، قال : حدثني أبي ، وكان لشريق عبادة ؛ كان أعبد أهل صنعاء في زمانه ، وكان فيما يقال مجابا في دعوته.

قال أبو محمد : حدثني محمد بن المنتصر ، قال : سمعت شريقا يقول : رأيت ليلة القدر في مسجد صنعاء ليلة ، وفي مكة ليلة ، فقلت له (٢) : في أي ليلة رأيتها بصنعاء؟ وأي ليلة رأيتها بمكة؟ قال : رأيتها بصنعاء ليلة ثلاث وعشرين في عام ، والعام الثاني ليلة أربع وعشرين ، قال : وأخرج إلى حوض صنعاء فشربت منه ماء عذبا ، فقلنا له : في أي ساعة من الليل رأيتها (٣)؟ قال : في الثلث الأوسط ، قلنا : كيف رأيتها؟ قال : كانت السماء تنفرج.

قال أبو محمد : سمعت محمد بن عبد الرحيم بن شروس صاحب مالك بن أنس يقول : أخبرني سامك قال ، ولم يكن بدون شريق في العبادة ، قال : دخلت على شريق في مرضه الذي مات منه فقال : أخبرك بشيء إن قمت من مرضي هذا فلا أحب أن تذكره ، وإن مت فاذكره ، خطر ببالي الحور العين فسألت الله تعالى أن يزوجني من الحور العين وكنت مغطيا / رأسي فكشفت (٤) فإذا عند وسادتي منهن واحدة فكلمتني وكلمتها.

__________________

(١) من : حد ، صف.

(٢) حد ، صف ، مب : «فسألته».

(٣) «من الليل رأيتها» ليست في مب ، وانظر الخبر فيما سبق ص ٢٣٨

(٤) بقية النسخ : «فكشفت عند رأسي فإذا ...».

٣٣٨

وكان بها إسماعيل بن شروس (١) لقي أصحاب ابن عباس عكرمة وعطاء بن أبي رباح ووهب بن منبه ، وقرأ القرآن على عبد الله بن كثير الداري (٢) ، قال : وحدثني فليح بن إسماعيل بن شروس عن أبيه إسماعيل ، وكان إسماعيل من الفقهاء ، قال : قرأت القرآن على الداري فقال لي الدّاري : إنما تقرأ القرآن بالسنة. وقد روى معمر عن إسماعيل غير حديث.

وكان حنش بن عبد الله الصنعاني (٣) من الأبناء له رواية عن ابن عباس ثم انتقل إلى مصر فمات بها.

وكان شراحيل بن شرحبيل بن كليب بن أزدشير من الأبناء وهو أبو الأشعث الصنعاني ، نزل أخيرا دمشق وتوفي بها.

وكان بها أبو عبد الله يوسف بن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن داذوي من الأبناء وكان قاضيا بصنعاء لأبي جعفر المنصور وكان فقيها فيها توفي بها سنة ثلاث وخمسين ومئة (وقيل توفي سنة إحدى وخمسين ومئة) (٤).

وكان بها سماك بن الفضل (٥) ، يقال إن سماك بن الفضل ، وإسماعيل بن شروس الصنعاني ، وعبد الله بن طاوس اليماني ، وخلّاد بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن سعيد كانوا فقهاء أهل اليمن.

روي أن الوليد قال لابنة خالد زوجته (٦) : ما رأيت مثلك حسنا. فقالت :

__________________

(١) انظر لسان الميزان ١ / ٤١١

(٢) الأصل با : «كثير بن عبد الله». وفي مب : «كثير بن عباس» ، وما أثبتناه من : حد ، صف ، وطبقات خليفة ٢ / ٧٠٩

(٣) انظر طبقات فقهاء اليمن ٥٣ ـ ٥٨ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٥٧ ـ ٥٨

(٤) ما بين قوسين سقط في : حد ، مب.

(٥) انظر طبقات ابن سعد ٥ / ٥٤٥ ، طبقات فقهاء اليمن ٧٢

(٦) ليست في : حد ، صف ، مب.

٣٣٩

كيف لو رأيت أختي ، فقال لها : أرنيها ، قالت : أخشى أن تتركني وتتزوجها.

فقال : إن تزوجتها فهي طالق! فلمّا رآها أعجبته فطلق الأولى. فبعث الوليد بن عبد الملك إلى الفقهاء يسأل عن يمينه التي حلف بها ، وجاء كتابه إلى صنعاء فجمع مروان بن محمد هؤلاء الفقهاء وكانوا يومئذ فقهاء اليمن ، فسألهم ، فأجمعوا أنه لا طلاق قبل نكاح ، فقال سماك بن الفضل : إنما النكاح عقد يعقد ثم يطلق فإن هذا طلق قبل أن يعقد فليس بشيء ، فأعجب مروان بن محمد قوله فولاه القضاء وكتب إلى الوليد بن عبد الملك أن القاضي قبلي قال كذا وكذا.

وكان بها من صلحائها وأئمتها ومؤذنيها عمرو بن عبيد بن حيرد وكان إمام أهل صنعاء في مسجد نقم والمؤذن فيه ، وكان من أصحاب وهب وزياد بن الشّيخ ؛ وكان زياد قد صلّى / صلاة الصبح خلف ابن الزبير فسمعه يقرأ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(١).

وروى ابن جريج لّما قدم صنعاء عن ابن الشيخ.

وكان بها عمر بن درّية يروي عن وهب ، قال أبو محمد [محمد](٢) بن يوسف الحذاقي ، قال إبراهيم بن خالد ، قال : حدثني عمر بن عبد الرحمن وعمر بن عبيد عمي (٣) أنهما سمعا وهبا يقول : إن في الإنجيل مكتوبا ، إن الله تعالى يقول (٤) : «إن مني الخير وأنا أقدره لخيار عبادي ، فطوبى لمن قدرته له ، إن مني الشر وأنا أقدره لشر عبادي فويل لمن قدرته له».

حدثني القاضي عبد السّلام بن محمد النّقوي ، قال : أخبرني أبي ، قال أبو

__________________

(١) الحجرات : ٤٩ / ١٠ ، وتمامها : (... وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

(٢) من بقية النسخ.

(٣) ليست في : حد ، صف.

(٤) «إن الله تعالى يقول» ليست في : حد ، صف.

٣٤٠