تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

[صنعاء القرية المحفوظة](١)

وجدت بخط علي بن عبد الوارث ، محمد بن شجاع ، عبد الحميد بن صبيح ، قال حدثنا صالح يعني ابن عبد الجبار ، قال : حدثني (٢) ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال (٣) ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : المحفوظات أربع : مكة ، والمدينة ، ونجران ، وأيليا. والملعونات : صنعاء ، وبرذعة. والمؤتفكات : صعدة وخيوان ودلان وضهر وأثافت [وعدن](٤). وعدن أيضا. والشحر بابان من أبواب جهنم. وقرأته (٥) على القاضي الحسين بن / محمد بن عبد الأعلى ، (قال أبي ، قال أبو الحسن ، أحمد بن يوسف الحذاقي) (٦) ، قال عبيد بن محمد الكشوري ، قال أبو يحيى عبد الحميد بن صبيح (البصري العنزي وكان مسكنه بحضر موت ، قال صالح بن عبد الجبار) (٧) الحضرمي ، قال محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : المحفوظات أربعة : مكة ، والمدينة ، ونجران ، وأيليا. والملعونات : صنعاء ، وبرذعة. والمؤتفكات : صعدة ، وخيوان ، ودلان ، وضهر ، وأثافت ، وعدن.

__________________

(١) لم يذكر هذا العنوان في النسخ كلها وأضفناه على طريقة المؤلف.

(٢) «قال حدثني» ليست في حد.

(٣) لم يرد هذا الحديث في مسند ابن عمر ، وانظر حول أحاديث المدن المحفوظة والملعونة باعتبارها من الأحاديث الغريبة تاريخ ابن عساكر ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٢ ، وتخريج أحاديث فضائل الشام لناصر الدين الألباني ص ١٤ ، وانظر هذه الأحاديث برواياتها المختلفة في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ٢ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠ ، وتنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة ٢ / ٤٨ و ٥٨ مع التعليق عليها. وانظر ما سبق ص ١٠٢ والحاشية رقم (٦) وانظر ص ٢٣٧

(٤) من : حد ، وحدها.

(٥) الأصل با وس ، كرر فيهما هذا السند مع إثبات الخبر برواية السند الذي سبقه.

(٦) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٦) ما بين القوسين ساقط في مب.

٣٠١

وفي خبر آخر لم يذكر صنعاء بذلك ولا بغيره. إيليا : بيت المقدس.

وفي خبر آخر أن صنعاء من المحفوظات وهذا حديث صحيح إن شاء الله (١).

لكثرة ما نعاينه في عصرنا ونشاهده في دهرنا من كثرة ما نراه [يغشاها](٢) في الأحيان الكثيرة ما نستدل به على صحيح الرواية التي قد رفعت إلينا من كثير من الناقلين أنهم قد عاينوا ذلك عيانا مع ما قد صح من الرواية أن وهب بن منبه قال : ما أراد أحد صنعاء بسوء في الجاهلية والإسلام إلا ردّ الله كيده في نحره ، وكان مشايخ الصنعانيين يقولون في الإسلام إنها القرية المحفوظة وأنهم سمعوا هاتفا مرة يقول [في أيام بعض من حاربهم](٣) : كل عليك يا أزال وأنا أتحنن عليك.

قال الحسن بن أحمد بن يعقوب [الهمداني](٤) قال : ذكر النخعي (٥) عن أشياخه بني يقظان من الأبناء عن رجل طلب وهب بن منبه في منزله فقيل له : هو يصلي في الحقل فتبعه ، قال : فوجدته يصلي المغرب ، فقلت : أنتظر حتى ينصرف ، فوصلها بالعشاء الآخرة ثم أحيا ليلته أجمع إلى أن انفجر عمود الصبح ، قال وإذا بطائر يصيح صياحا كأنه يقول : القرية المحفوظة [محفوظة](٦) قال : فقال لي وهب لمّا سلّم علي : أسمعت هذا الطائر؟ قلت : نعم ، قال : فإني / في هذا الموضع منذ سنين ما أكاد أفقده في كل غداة.

ووجدت بخط أبي الحسن علي بن عبد الوارث قال : حدثني أحمد بن محمد بن

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «... إن شاء الله تعالى ولا شك أن صنعاء من القرى المحفوظات لكثرة ...».

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) من : حد ، صف ، مب ، وكذا في الإكليل ٨ / ٢١

(٤) من : حد ، صف ، مب.

(٥) با ، س : «لي يحيى» وحد ، صف ، مب : «اللحى» وما أثبتناه من الإكليل ٨ / ٢٢ والحاشية ١٨٣ ، لتحقق ناشره من معرفة هذا العلم الذي هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي المتوفى سنة ٩٥ ه‍.

(٦) من الإكليل.

٣٠٢

يوسف قال : حدثني أيوب بن سالم ، قال محمد بن عمر الصنعاني قال : سمعت عبد الصمد بن معقل يقول : أخبرنا وهب بن منبه قال : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(١) قال : هي صنعاء اليمن وبسنده محمد بن عمر ، قال : سمعت هشام بن يوسف وعبد الله بن الصباح وعلي بن الحسن يذكرون : أن غلاما قرأ عند علي بن أبي طالب هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) فقال : هي هذه ورب الكعبة ـ ثلاثا ـ صنعاء اليمن (٢).

وبخطه : حدثني رجل قال : سمعت أن عثمان بن بزدويه كان يريد أن يخرج إلى الجهاد واشترى (٣) (ضيعة من رجل فخرج في السحر يطالعها فسمع هاتفا من جبل نقم يقول : اللهم احفظ القرية ومن فيها ، فقال : لا ينبغي لي أن أخرج من هذه القرية ، وذهب إلى الذي اشترى منه الضيعة يسأله أن يقيله فيها ، فأبى ؛ فقال : طلبت حاجتي من غير وجهها لو دعوت الله تعالى. فقام يصلي ودعا الله سبحانه وتعالى فإذا الذي باعه الضيعة قد أصبح يضرب عليه الباب ويعتذر إليه ويقول : قد أقلتك.

قال عبد الملك لرجل من أهل صنعاء : أما إن صنعاء محفوظة ، وإن جبل حضور شرذمة من جبل الطور حين تجلى ربه للجبل.

وقال وهب : إنه قرأ : أزال (كل عليك وأنا أتحنن عليك ، أزال) (٤) بورك فيك وفيما حولك ، تكرر (٥) ثلاث مرات ، فإن قال قائل : كيف تكون صنعاء

__________________

(١) المائدة : ٥ / ١١

(٢) انظر ما سبق ص ٩٦ ـ ٩٧

(٣) من هنا بداية خرم في نسخة (صف) هو اللوحة (٧٧ أ) ونهاية هذا الخرم في ص ٣٠٥

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٥) «أزال بورك فيك وفيما حولك تكرر» ليست في س.

٣٠٣

محفوظة كما قد روي وقد أبيحت مرارا كثيرة وشوهد ذلك ممن أراد ذلك بها مثل ابن الفضل القرمطي لمّا أباحها للقرامطة (١) وأجلى أهلها ونهب أموالها وذلك يدل على أن ليس الرواية تصح أنها محفوظة ، قيل له : قد أباح القرمطي الآخر مكة (٢) وهي إحدى القرى المحفوظة ، وكذلك المدينة أبيحت (٣) ونهبت أيضا كما أبيحت مكة وقلع الركن وحمل إلى الأحساء ، وكذلك بيت المقدس أباحه بخت نصر (٤) [و] القرمطي (٥) / ونهب المسجد وسبى أهله ونزع حليته. وهذه

__________________

(١) دخل القرامطة إلى صنعاء واستباحوها في سنة ٢٩٣ ه‍ بقيادة الداعية علي بن الفضل القرمطي وهدموا مسجدها وقتلوا كثيرا من أهلها وعاثوا فيها فسادا ، وقد توفي علي بن الفضل سنة ٣٠٣ ه‍ حيث دفن بالمذيخرة من لواء إب.

(٢) كان أول ظهور أمر القرامطة عام ٢٦٤ ه‍ وفي عام ٣١٧ ه‍ نهب أبو طاهر سليمان القرمطي أموال الحجاج في مكة وقلع الحجر الأسود من مكانه وحمله إلى هجر في البحرين ، وفي سنة ٣٣٩ ه‍ أعيد الحجر إلى مكانه على إثر تهديد المهدي أبا عبيد الله العلوي الفاطمي. انظر : تاريخ أخبار القرامطة ٥٣ ـ ٥٤ ، و ٥٧ ، و ٧١ ، تاريخ أبي الفداء ٢ / ٧٤ ، وتتمة المختصر لابن الوردي ١ / ٣٩٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٧٩ وفيه أن نهب مكة واقتلاع الحجر كان سنة ٣١٩ للهجرة.

(٣) أبيحت المدينة المنورة عام ٦٣ ه‍ في عهد الخليفة يزيد بن معاوية ، وقد قتل الناس وأخذت الأموال واستمر ذلك ثلاثة أيام بأمر القائد مسلم بن عقبة. انظر الطبري ٥ / ٤٩١ ، والكامل لابن الأثير ٤ / ١١٧ ، وتاريخ خليفة بن خياط ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٢. وفي عام ٢٥١ ه‍ حوصرت المدينة أيضا واستبيحت من قبل إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم الحسني الطالبي ، الذي نهب الكعبة ومكة بعد أن حاصر أهلها حتى ماتوا جوعا ؛ انظر : جمهرة الأنساب لابن حزم ص ٤٦ / ط ٢ ، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة للسخاوي ١ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، تاريخ ابن خلدون ٤ / ٩٨ ، الطبري حوادث سنة ٢٥١ ه‍.

(٤) وهو نبو شادنز واسمه عند المؤرخين المسلمين بختنصر ، ولي عرش بابل عام ٦٠٥ ـ ٥٦٢ ق. م ، غزا فلسطين مرتين كانت أولاهما عام ٥٩٧ ق. م ، وثانيتهما كانت سنة ٥٨٧ ق. م حيث قضى على مملكتها. انظر دائرة المعارف الإسلامية الحاشية رقم (٢) الجزء الثالث ص ٤٢٩ ، وانظر تاريخ فلسطين القديم لظفر الإسلام خان ٥٨ ـ ٥٩. دائرة معارف وجدي ٢ / ٥٠ ـ ٥١ ، قصة الحضارة لديورنت ٢ / ٥

(٥) الأصول كلها «بخت نصر القرمطي» ورجحنا القول بخت نصر والقرمطي حيث يقول ظفر

٣٠٤

هي قرى محفوظة ومقدسة ومشرّفة فلا ينكر أن تكون صنعاء محفوظة وإن كان ينالها مما قد سبق في علم الله وقضائه لأن الله يقول : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً)(١) أي كتب وأثبت بقوله تعالى : (كانَ ذلِكَ)(٢) في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه مقادير الدنيا وجميع ما هو واقع بها مسطور في اللوح المحفوظ وهو الكتاب الذي قال الله تعالى : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) أي مكتوبا مثبتا وهو كقوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ* وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)(٣) كما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من يوم إلّا ومناد ينادي : مهلا أيها الناس مهلا إن لله سطوات وبسطات ولكم قرح داميات ولو لا رجال خشع وصبيان رضع وبهائم (٤) رتع لصب عليكم البلاء صبا ثم أرضّكم به رضا» (٥).

قال علي بن شيبان رأيت أمير المؤمنين [علي بن أبي طالب] رضي‌الله‌عنه [وسمعته](٦) يقول :

__________________

الإسلام خان في كتابه تاريخ فلسطين القديم ص ١٦٢ : «وفي سنة ٩٢٩ م اتجه كثير من المسلمين إلى القدس عقب ثورة القرامطة ، الذين دمروا كنيسة القيامة التي كان اليهود قد استولوا عليها سنة ٨٣١ للميلاد».

(١) الإسراء : ١٧ / ٥٨ ، وانظر تفسير الطبري ١٥ / ١٠٧ ، وتفسير القرطبي ١٠ / ٢٨٠

(٢) نهاية الخرم في صف الذي أشرنا إليه ص ٣٠٣ ، الحاشية رقم ٣

(٣) القمر : ٥٤ / ٥٢ ـ ٥٣

(٤) حد ، صف : «ودواب».

(٥) لم نجد هذا الحديث بنصه كاملا فيما رجعنا إليه من كتب الحديث ووجدنا قسما منه ما نصه : عن ابن عباس «لو لا عباد لله ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ثم رص رصا» الفتح الكبير ٣ / ٥٣ ، الجامع الصغير ٢ / ١٣٣ ، كشف الخفا ومزيل الإلباس ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.

(٦) من بقية النسخ.

٣٠٥

[البسيط]

لو لا الذين لهم ورد يقومونا

وآخرون لهم سرد يصومونا

لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا

لأنّكم قوم سوء ما تطيعونا

قال ابن عبد الوارث ، ابن برة ، حدثنا الحسن بن خالد قال : حدثنا أبي ، قال أحمد بن حرب قال : قال كعب : المؤمن الزاهد والمملوك الصالح آمنان من حساب الله تعالى يوم القيامة ، طوبى لهم كيف يحفظهم الله تعالى في ذريتهم.

وقال أبو سعيد الخدري قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تعالى ليحفظ العبد الصالح في نفسه وفي ولده وولد ولده وفي دويراته ودويرات جاره وفي دويرات خلفه فما يزالون في حفظ الله تعالى وكرامته» (١) ثم تلا : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً)(٢) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مئة أهل بيت من جيرانه البلاء» ثم قرأ : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ)(٣) قال بعض العلماء في قوله تعالى : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً)(٤) قال : حفظ الله ما ولد الولد لموضع صلاح الجد ، وقال عزوجل : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا

__________________

(١) الحديث نصه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله» ذكره الطبرسي في مجمع البيان في تفسير القرآن ٦ / ٤٨٨.

(٢) الآية : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) الكهف : ١٨ / ٨٢.

(٣) الآية : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج : ٢٢ / ٤٠.

(٤) انظر تفسير الطبري ١٦ / ٦.

٣٠٦

مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(١). قال بعض المتأولين : إن معنى ذلك : يا من / يريد أن يكون الله لولده الصغار الضعاف من بعده ـ كن لولد غيرك كما تريد أن يكون الله لولدك من بعدك.

أنشدني الشيخ علي بن أحمد بن الحارث الماوردي أبياتا لمحمود الوراق وهي : (٢) [الطويل]

رأيت صلاح المرء يصلح أهله

ويورثهم ذاك الفساد إذا فسد

ويعظم في الدّنيا لفضل صلاحه

ويخلف بعد الموت في المال والولد

قال وهب : إن الله ليحفظ بالولد (٣) الصالح القبيل من الناس ، قال ابن عباس : حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما ما ذكر منهما صلاحا فقال تعالى : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)(٤).

حدثني أحمد بن محمد قال محمد بن محمد ، جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي (٥) ، أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان زيد بن الحباب عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يزال فيكم شيعة ؛ بهم تنصرون وبهم ترزقون حتى تقوم الساعة ، أو قال حتى يأتي أمر الله».

وقال وهب بن منبه في قصة إبراهيم ، لمّا أتاه جبريل وميكائيل في صورة

__________________

(١) النساء : ٤ / ٩ ، وانظر تفسير الطبري ٤ / ٢٧٠ ـ ٢٧٣.

(٢) صف : «في هذا المعنى شعرا». مب : «شعرا».

(٣) بقية النسخ : «بالعبد».

(٤) الكهف : ١٨ / ٨٢ ، وتمامها : (... وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).

(٥) ليست في مب.

٣٠٧

الآدميين يريدون أن يقلبوا قرية سدوم الذين فيهم لوط (١) قوم سوء قد استغنوا بالرجال عن النساء ، وهي القرية التي كانت تعمل الخبائث فبعثهم الله ليجعلوا عاليها سافلها كما قال تعالى ذكره فأتوا إبراهيم فكان من أمرهم عنده ما قصّ الله تعالى في القرآن فلمّا أمنهم وذهب عنه الروع بشروه بما بشروه به من الولد قاموا وقام بعضهم (٢) يمشي فقال : أخبروني لم بعثتم وما خطبكم؟ قالوا : إنا أرسلنا إلى سدوم لندمرها فإنهم قوم (٣) سوء قد استغنوا بالرجال عن النساء ، قال إبراهيم : أرأيتم إن كان فيهم خمسون رجلا صالحا ، قالوا : إذا لا نعذبهم ، فلم يزل ينقص حتى قال : أهل البيت فإن كان فيهم بيت صالح قال : فإن فيها لوطا وأهل بيته ، قالوا : إن امرأته هواها معهم ، فلما يئس انصرفوا إلى أهل سدوم فدمروها تدميرا وهو قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(٤) إلى قوله تعالى (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ)(٥) وكان من أمرهم ما قصّ الله تعالى في القرآن.

وكذلك روي عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة يقول الله تعالى : «أهم بعذاب خلقي وعبادي ، فإذا نظرت إلى عمّار / المساجد وجلساء القرآن وولدان الإسلام سكن غضبي».

__________________

(١) من هنا يستطرد المؤلف في حديث طويل عن قوم لوط ، وسنشير إلى نهاية هذا الحديث في موضعه ، وحول الخبر انظر : مصنف عبد الرزاق ٧ / ٣٦٣ ـ ٣٦٥ ، تفسير الطبري ١٢ / ٦٨ ـ ٩٨ و ١٩ / ١٦ ، وانظر تفسير الطبرسي ٥ / ١٧٩ ـ ١٨٥ ، وتفسير القرطبي ٩ / ٧٢ ـ ٨٤ ، وانظر قصص الأنبياء ص ١٢٥ ـ ١٢٧ ، و ١٤٦ ـ ١٥٣ ، وانظر قصص القرآن ٦٤ ـ ٧٠.

(٢) حد ، صف : «معهم».

(٣) «قوم سوء» ليست في حد.

(٤) هود : ١١ / ٧٤.

(٥) العنكبوت : ٢٩ / ٣٢ ، وتمامها : (... كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ، وفي بدايتها : (قالَ ...).

٣٠٨

إني محمد بن إسحاق عن ميمون قال : قرأت في كتاب أبي أو سمعت أبي ، قال : لا يكون في قرية خمسة عشر رجلا يستغفرون الله كل يوم خمسا وعشرين مرة إلّا أمنوا من العذاب ؛ فإذا صح أن الله تعالى يحفظ القرية بالصالحين الذين يذكرونه فيها ويؤثرون رضاءه ويطلبون ما يزلفهم لديه فجائز أن تكون صنعاء محفوظة مما يريد أن يوقعه بهم إلى وقت نزوله الذي لا يرد بصلاح الصالح فيهم الذي يبيت ليله مناجيا له وسائلا (١) وداعيا ، فإن الله تعالى يرد بالدعاء ما شاء من القدر ، كما روي في الخبر أن الدعاء ينفع مما ينزل ومما لا ينزل (٢) كما روي في قوم يونس (٣) لّما أظلهم العذاب بعد ما تدلّى عليهم فقذف الله في قلوبهم التوبة فرجعوا بالندامة والتضرع والمسألة والدعاء إلى الله بالإخلاص في النية ولبسوا المسوح وفرقوا بين كل والدة وولدها ثم عجّوا إلى الله أربعين ليلة فلما علم (٤) الله تعالى الصدق من قلوبهم والتوبة على ما مضى منهم كشف عنهم العذاب بعد أن أدلاه عليهم متعهم إلى حين لمّا عجوا بالدعاء إلى الله كشف عنهم العذاب (فيقال : إن السماء مطرت دما ، ويقال غشيهم العذاب) (٥) كما يغشى النور القلب (٦).

قال علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه في الجنة ـ لما رأى قوم يونس أن العذاب قد أظل عليهم فرقوا (٧) بين كل والدة وولدها وجلسوا على الرماد وتضرعوا إلى ربهم وعجوا (٨) بالدعاء فكشف الله عنهم.

__________________

(١) «له وسائلا» ليست في حد.

(٢) في بقية النسخ : «مما نزل ومما لم ينزل».

(٣) انظر قصص الأنبياء ٤١٩ ـ ٤٣٢ ، وقصص القرآن ٢٢٦ ـ ٢٣٠

(٤) في بقية النسخ : «عرف».

(٥) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٦) حد ، صف ، مب : «القبر».

(٧) «فرقوا بين كل» ليست في صف ، ومكانها بياض.

(٨) حد ، صف ، مب : «وتعجلوا».

٣٠٩

قالت عائشة رضي‌الله‌عنها قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ينفع حذر من قدر ، والدعاء ينفع (١) مما نزل ومما لم ينزل ، فإن الدعاء يلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة».

__________________

(١) ليست في س ، والحديث في مسند أحمد ٥ / ٢٣٤ عن طريق معاذ بن جبل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله».

٣١٠

[قصة صالح في قومه](١)

وروي في قصة صالح وقومه لمّا أمرهم [صالح](٢) أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام ، وذلك لمّا عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم خرجوا يعتذرون إليه ويقولون : يا نبي الله إنما عقرها فلان ، إنه لا ذنب لنا. فقال هل تدركون فصيلها ، فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب ، فخرجوا يطلبونه ، فلمّا رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلا يقال له القارة قصيرا فصعدوا وذهبوا ليأخذوه ، فأوحى الله تعالى إلى الجبل فطال في السماء حتى ما تناوله الطير ، ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه / ثم استقبل صالحا ورغا رغوة (٣) ثم رغا أخرى فقال صالح [لقومه](٤) لكل دعوة أجل ثم قال (٥) : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ، فلما كان اليوم الرابع أتتهم الصيحة بالحق (٦) من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت في الأرض ، فقطعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في دارهم جاثمين.

__________________

(١) لم يذكر هذا العنوان في النسخ كلها وأضفناه على طريقة المؤلف.

(٢) من بقية النسخ وانظر قصص القرآن ٢٥ ـ ٣١ ، وقصص الأنبياء ٧٨ ـ ٩٣.

(٣) حد ، مب : «دعا دعوة».

(٤) من بقية النسخ.

(٥) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٦) ليست في بقية النسخ.

٣١١

[قصة قوم لوط](١)

وروي في قصة قوم لوط لمّا أراد الله هلاكهم وجاءت رسل الله إلى إبراهيم عليه‌السلام بالبشرى (قالُوا : إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ. قالَ : إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(٢)(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(٣)(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ)(٤) يقال : إن الله تعالى لما بعث جبريل وميكائيل ومن بعث من الملائكة ليخسفوا بقرية لوط أتوا قبل ذلك (٥) إلى إبراهيم خليل الرحمن جلّ ذكره كما قال تعالى في كتابه (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ)(٦) سمين فقربه إليهم (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ) خيفة ـ في نفسه (٧)(ـ قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ. وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ)(٨) تعجبا من غفلة قوم لوط عما قد أظلهم من عذاب الله وهم في غفلتهم يتمردون فلمّا ذهب (٩) الروع ، وهو الخوف الذي كان إبراهيم قد وجده في

__________________

(١) لم يذكر هذا العنوان في النسخ كلها وأضفناه على طريقة المؤلف.

(٢) العنكبوت : ٢٩ / ٣١ ـ ٣٢ ، وبداية الآية الأولى (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى ...).

(٣) العنكبوت : ٢٩ / ٣٤.

(٤) النمل : ٢٧ / ٥٣.

(٥) «قبل ذلك» ليست في حد.

(٦) هود : ١١ / ٦٩.

(٧) «في نفسه» معترضة لا علاقة لها بالآية الكريمة.

(٨) هود : ١١ / ٧٠ ، ٧١ وتمامها : (... فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ).

(٩) مب زيادة : «عن إبراهيم».

٣١٢

نفسه من خيفته لمّا رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه وأمن أن يكون قصد في نفسه وأهله وعلم أنهم الملائكة وأن الملائكة لا تأكل الطعام وأمن منهم لأنهم كانوا إذا حضرهم (١) الضيف وأكل من طعامهم اطمأنوا إليه ، وإذا لم يأكل من طعامهم أنكروه وخافوا أن يحدّث نفسه بشر ، فلمّا أن قالوا إنا ملائكة لا ينبغي لنا أكل الطعام وإنا أرسلنا لهلاك قوم (٢) لوط وإنا نبشرك بغلام عليم ، فضحكت سارة وقالت عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة وهم لا يأكلون طعامنا ، خافتهم أيضا سارة كما خافهم إبراهيم وأصابها الروع كما أصاب إبراهيم فقال لها جبريل أبشري يا سارة بولد اسمه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، قال قائلون : ضحكت حين بشرت بإسحاق تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها ، وقال قائلون : ضحكت سرورا بالأمن منهم لما قالوا لإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا تخف وبشروه / بغلام عليم ، وذلك أنه كان خافهم وخافتهم هي أيضا ، فلما أمنت منهم ضحكت فأتبعوها البشارة ، وكان إبراهيم عليه‌السلام يقول لسدوم إذا أتاها ؛ إنّ لك يوما أما لك (٣) ، قال الله تعالى (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ)(٤) يقول : الخوف الذي أوجسه في نفسه من رسل الله حين رآى أنهم لم يصيبوا من طعامه الذي جاء به إليهم ، وأنهم أرسلوا إلى قوم لوط (٥) ليخسفوا بهم مدينتهم وأنهم ليسوا إياه يريدون ، وبشروه بإسحاق أن الله (٦) يهبه له وأنه نبي من الصالحين ، وجاءته البشرى بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب أقبل على الملائكة يجادلهم في قوم لوط قال الله تعالى (إِنَّ إِبْراهِيمَ

__________________

(١) بدلها في حد ، صف ، مب : «تضيفهم».

(٢) بقية النسخ : «قرى».

(٣) كذا الأصول ، وفي تفسير الطبري ١٢ / ٩٧ «أن إبراهيم عليه‌السلام كان يشرف ويقول : سدوم يوم ما لك!».

(٤) هود : ١١ / ٧٤ ، وتمامها : (... وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).

(٥) ليست في مب.

(٦) «أن الله» ليست في مب. وفي حد : «بإسحاق إن شاء الله هبة له».

٣١٣

لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(١) يقول رحيم مسبح ، وكانت مجادلة إبراهيم عليه‌السلام للملائكة كما يروى عن حذيفة بن اليمان قال : لمّا أن جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قال : كانت مجادلته إياهم إن كان فيهم خمسون رجلا مسلمين أتهلكونهم؟ قالوا : لا ، قال : فلم يزل يقول لهم حتى بلغ عشرة أو خمسة فقالوا : لا! فقال ابن عباس : لّما جاء الملائكة إلى إبراهيم عليه‌السلام قالوا : إن كان فيهم خمسة يصلون رفع أو دفع عنهم العذاب ، يعني قوم لوط.

قال قتادة : فلمّا ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط بلغنا أنه قال يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون (٢) رجلا من المسلمين ، قالوا : إن كان فيهم خمسون رجلا من المسلمين (٣) لم يعذبهم ، قال : أربعون ، فقالوا : وأربعون ، قال : ثلاثون. قالوا : وثلاثون ، حتى بلغ عشرة ، قالوا : وإن كان فيهم عشرة ، قال : ما قوم يكون فيهم عشرة فيهم خير فلا يعذبون ، وكان في قوم لوط أربعة آلاف ألف إنسان أو ما شاء الله.

قال السدي (٤) : فلمّا ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى قال : ما خطبكم أيها المرسلون قالوا : إنا أرسلنا إلى قوم لوط فجادلهم (٥) في قوم لوط فقال لهم (٦) : [أرأيتم] إن كان فيهم مئة من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا : لا ، فلم يزل [يحط](٧) حتى بلغ عشرة من المسلمين فقالوا : لا نعذبهم ، قالوا : يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه ليس فيها إلا أهل بيت من المسلمين هو لوط وأهل بيته ، ومنه

__________________

(١) هود : ١١ / ٧٥

(٢) صف : «خمسون يصلون».

(٣) «من المسلمين» ليست في : حد ، صف.

(٤) س : «السندي» ، انظر تفسير الطبري ١٢ / ٧٩.

(٥) ليست في مب.

(٦) ليست في بقية النسخ ، وما بين المعقوفين من : حد ، صف ، س.

(٧) من بقية النسخ.

٣١٤

قول الله تعالى : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(١) قال مجاهد : يخاصمنا. فقالت الملائكة يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد / جاء أمر ربك وإنه آتيهم عذاب غير مردود.

قال ابن إسحاق : يزعم أهل التوراة أن مجادلة إبراهيم (إياهم حين جادلهم في قوم لوط ليرد عنهم العذاب إنما قال للرسل فيما يكلمهم به : أرأيتم إن كان فيهم مئة مؤمن أتهلكونهم؟ قالوا : لا. [قال : فما زال يكرر ذلك إلى أن قال : واحدا قالوا : لا](٢) فلمّا لم يذكروا لإبراهيم أن فيها رجلا مؤمنا قال : إن فيها لوطا ليدفع به عنهم العذاب. قالوا : نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ، قالوا : يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود) (٣).

قال قتادة : فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين لوط وبنتيه ، ولو كان فيها أكثر من ذلك لنجاهم الله سبحانه وليعلموا أن الإيمان عند الله تعالى محفوظ لا ضيعة على أهله ، وخرج لوط ببناته ، قال بعضهم (٤) : (كان له بنتان ، وقال آخرون : ثلاث ، فلما بلغ مكانا من الشام ماتت الكبرى فدفنها فخرجت عندها عين يقال لها عين الزيت ، ثم انطلق حتى إذا بلغ مكانا آخر ماتت الصغرى فدفنها فخرجت عندها عين يقال لها : عين الزغرتية ولم يبق غير الوسطى.

فلما خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه‌السلام نحو قرية لوط فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا بنت لوط تستسقي الماء لأهلها ، وكان له

__________________

(١) هود : ١١ / ٧٤.

(٢) من : حد ، س ، مب.

(٣) ما بين القوسين سقط في صف.

(٤) بداية سقط في مب ينتهي في الصفحة التالية انظر الحاشية رقم (٦).

٣١٥

بنتان تسمى الكبرى ريثا (١) والأخرى زغرتا. فقالوا لها : يا جارية هل من منزل؟ قالت : نعم مكانكم لا تدخلوا (٢) حتى آتيكم ، فرقا عليهم من قومها؟ فأتت أباها فقالت يا أبتاه أرادوك فتيانا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم هي أحسن من وجوههم فلا يأخذهم قومك فيفضحونهم ، وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فقالوا له : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) ، قال : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ، فلما جاء بهم لوط إلى منزله لم يعلم بهم إلا أهل بيت لوط فخرجت امرأة لوط فأخبرت قومها فقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثلهم قط ، فجاءه قومه يهرعون إليه ـ والهرع بين الهرولة والجري ـ فقالوا : أو لم ننهك عن العالمين ، قال : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين. قال الله تبارك وتعالى : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ)(٣)(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ)(٤) يوم سوء من قومي ، وضاق ذرعا بأضيافه وساء ظنا بقومه وكان لوط قد أخذ على امرأته / ألا تذيع شيئا من سر أضيافه ، فلمّا دخل عليه جبريل إلى منزله رآه في صورة لم ير مثلها ، فانطلقت تسعى إلى قومها فأتت النادي ، فقالت بيدها هكذا ، فأقبلوا يهرعون إليه كما قال تعالى : (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ)(٥) قال الحسن يهرعون إليه أي) (٦) يبتدرون إليه أي يرعدون من سرعة المشي مما بهم من طلب الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين وهي السيئات التي كانوا يعملون من

__________________

(١) في تفسير القرطبي ٩ / ٧٦ زيتا ، والأخرى زعوراء.

(٢) «لا تدخلوا» ليست في حد.

(٣) حد ، صف ، س : زيادة : «ساءه مكانهم لما رأى منهم من الجمال» وهو تفسير أقحم في الآية الكريمة.

(٤) هود : ١١ / ٧٧.

(٥) الآية : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) هود : ١١ / ٧٨.

(٦) نهاية السقط في مب. الذي ابتدأ في الصفحة السابقة.

٣١٦

قبل ينكحون الرجال فأخرج [لوط](١) بناته في الطريق. فقال : هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ، أليس منكم رجل رشيد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فردوا عليه : ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ، إنما نريد الرجال ، فقال عند ذلك : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد» (٢) يعني ربه فلأي شيء استكان ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه» والثروة الكثرة والنعمة (٣) ، قال وهب بن منبه : لما قال لوط : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد وحدث عليه الرسل فقالوا : إن ركنك لشديد. قال ابن إسحاق : لما جاءت الرسل لوطا عليه‌السلام أقبل قومه إليه حين أخبروا بهم يهرعون إليه. قال غير ابن إسحاق يسيحون (٤) إليه ويرعدون مع سرعة المشي مما بهم من طلب الفاحشة ، يقال : هرع الرجل إذا غضب أو حمي أو برد ، فيزعمون أن امرأة لوط هي التي خبّرتهم بمكانهم وقالت : إن عند لوط لضيفا ما رأيت أحسن منهم ولا أجمل قط. وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فاشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين ، فلمّا جاؤوا قالوا : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) ، أي ألم نقل لك لا يقريك أحد. فإنا لا نجد عندك أحدا إلا فعلنا به الفاحشة ، قال : يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم (٥) فأنا أفدي ضيفي منكم بهن ولم يدعهم إلا للحلال من النكاح.

قال سعيد بن جبير في قوله تعالى (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ)

__________________

(١) من حد.

(٢) مسند أحمد ٢ / ٣٣٢ و ٣٥٠ ، فيض القدير ٤ / ٢٠ ، سنن ابن ماجه ٢ / ١٣٣٦ ، صحيح البخاري ٦ / ٩٧ بطريق مختلف ، وانظر تفسير الطبري ١٢ / ٨٨.

(٣) بقية النسخ : «والمنعة» وهي أوجه لهذا المقام.

(٤) حد ، صف : «يسحبون» ، وفي المحيط : المسياح : من يسيح بالنميمة والشر في الأرض.

(٥) مب زيادة : «ولا تخزوني في ضيفي».

٣١٧

قال عليكم بنسائكم لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو أبو أمته وقد قال تعالى في بعض الآيات (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)(١) وهو أب لهم ، قال قتادة : أمرهم أن يتزوجوا / النساء ، وأراد نبي الله أن يفدي أضيافه ببناته ، قال سعيد : نساؤهم من بناته ، قال مجاهد : هؤلاء بناتي ، النساء. فلما لم ينهوا ولم يزدهم قوله إلا عتوا واستكبارا عما دعاهم إليه وإعراضهم عما عرض عليهم من أمر بناته ، قال عند ذلك : لو أن لي بكم قوة ، أو آوي إلى ركن شديد ، قال : عشيرة ينصرونني عليكم ويعينونني (٢) ويمنعونني منكم لحلت بينكم وبين ما تريدون في أضيافي. فلمّا رأت الرسل ما قد لقيه لوط في شأنهم وما قد لحقه بسببهم قالوا : يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب (أي إنما ينزل بهم العذاب من صبح ليلتك هذه فامض لما تؤمر به وأعرض عن المشركين. قال قتادة : أراد نبي الله ما هو أعجل من ذلك فقالوا له : أليس الصبح بقريب) (٣).

عمر بن سعد ، قال إسحاق ، قال إبراهيم بن خالد الصنعاني ، قال خرجت أنا وداود بن قيس الصنعاني إلى المصلى والاستسقاء فإذا رجل يقرأ سورة هود فلمّا بلغ (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ)(٤) (قال داود : ما سمعت فيها؟ قلت : ما أحفظ فيها شيئا ، قال : بلغني أنه لّما أوحى الله تعالى إلى لوط أن موعدهم الصبح) (٥) ، قال لوط : أوقبل ذلك؟! قال الله تعالى : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣ / ٦ ، وتمامها (... وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً).

(٢) ليست في مب.

(٣) ما بين القوسين سقط في حد.

(٤) انظر الآية فى الصفحة ٣٢٠.

(٥) ما بين القوسين سقط في مب.

٣١٨

وروي أن إبراهيم خليل الله كان يأتي قوم لوط فيقول : ويحكم أنهاكم عن الله أن تعرضوا لعقوبته فلم تنتهوا. فلما بلغ الكتاب أجله لمحل عذابهم وسطوات الرب عليهم انتهت الملائكة إلى لوط وهو يعمل في أرض له فدعاهم إلى الضيافة ، فقالوا : إنا مضيفوك الليلة ، وكان الله تبارك اسمه عهد إلى جبريل ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات ؛ فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ذكر ما يعمل قومه من الشر والدواهي العظام ، فمشى معهم ساعة ثم التفت إليهم فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشرّ منهم ، إني أذهب بكم إلى قومي وهم أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى ميكائيل فقال : احفظ هذه واحدة ، ثم مشى ساعة فلمّا توسط القرية وأشفق عليهم واستحيى منهم ، وقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشر منهم ، إن قومي أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى ميكائيل فقال : احفظ هاتان اثنتان! / فلمّا انتهى إلى باب الدار بكى حياء منهم وشفقة عليهم ، وقال : إن قومي أشر خلق الله أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ، ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية أشر منهم! فقال جبريل لميكائيل ، والملائكة معه : احفظوا هذه ثلاث ؛ قد حق العذاب ، فلما دخلوا ذهبت عجوز السوء فصعدت ولوحت بثوبها فأتاها الفساق يهرعون سراعا ، قالوا : ما عندك؟ قالت : ضيف لوط الليلة ما رأيت قوما أحسن وجوها قط منهم ولا أطيب ريحا. فهرعوا يسارعون إلى الباب فعاجلهم لوط إلى الباب فدافعهم طويلا ، هو داخل وهم خارج يناشدهم الله ويقول : هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ، فردوا عليه فقالوا : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد. قال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد. والرسل تسمع ما يقول وما يقال له ويرون ما قد لحقه من الكرب في ذلك ، فلمّا رأوا ما بلغه قالوا : يا لوط إنا رسل ربك إنا ملائكة لن يصلوا إليك بشيء تكرهه. فيقال إن الرسل عند ذلك سفعوا الذين جاؤوا لوطا من قومه يراودونه

٣١٩

عن ضيفه فرجعوا عميانا ، قال الله (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ)(١) والطمس ذهاب الأعين فباتوا بشر ليلة عميانا وجعلوا يطلبونه يلتمسون الحيطان وهم لا يبصرون. فقالوا : يا لوط جئتنا بقوم سحرة سحرونا كما أنت تصنع ، وقام الملك فسد الباب واستأذن جبريل ربه تعالى في هلاكهم ، فخرج عليهم فضرب وجوههم بجناحه ضربة طمس أعينهم وأذن الله تعالى له في عقوبتهم فقام في الصورة التي يكون في السماء فنشر جناحيه ، وله جناحان ، وعليه وشاح من در منظوم وهو برّاق الثنايا أجلى الجبين ورأسه حبك حبك مثل المرجان ، وهو لؤلؤ كأنه الثلج ، وقدماه إلى الخضرة ، وقال : يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، امض يا لوط من الباب (٢) ودعني وإياهم فتنحى لوط عن الباب وخرج عليهم فنشر جناحه فضرب به وجوههم ضربة فشدخ أعينهم فصاروا عميانا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم ثم أمر لوط فاحتمل بأهله من ليلته فقال : فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد ، فقال لوط : أهلكوهم الساعة ، فقالوا : إنا لم نؤمر إلا بالصبح ، أليس الصبح بقريب ، فلما أن / كان السحر خرج لوط وأهله معه (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) ، أي قدر الله أنها من الهالكين ، وذلك قوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)(٣) فيقال : إنها سمعت صوتا فالتفتت فأصابها حجر وهي شاذة من القوم معلوم مكانها قال الله تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)(٤).

__________________

(١) القمر : ٥٤ / ٣٧ ، وتمامها : (... فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ).

(٢) «من الباب» ليست في مب.

(٣) القمر : ٥٤ / ٣٥ ـ ٣٦ ، وبداية الآية الأولى : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ...).

(٤) هود : ١١ / ٨١ (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).

٣٢٠