تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

قال : ولا أعرف ما ببلد [ذي](١) رعين من الأسداد.

وفي بلاد همدان : سد [بيت](٢) كلاب في ظاهر همدان.

وآخر في ظاهر دعّان.

وأما أنهار اليمن فمما لا يحتمل هذا الموضع ذكره» (٣).

قال الحسن بن يعقوب : «وادي ضهر قريب من صنعاء منسوب إلى ضهر بن سعد ، فيه ألوان من العنب والثمار والأشجار. رسم تساقي أهله أن يشرب (٤) الأول فالأول. ولا يؤثر أحد على أحد ويوالى الشرب من أسفل إلى أعلى ، واحتلابه (٥) من جبل حضور ، نقص النصف لزلازل (٦) وقعت في اليمن ، وقال آخرون (٧) : نقص لما هدم سد ريعان ، وكان بناه ذو جهيف بن ذي مأذن (٨)». وقد تغير ترتيب هذا السقي الذي ذكره ابن يعقوب الهمداني وزال عما كان عليه وسلك به طريق الظلم والغصب ، والترتيب الذي كان عليه في هذا الأوان ، وارتفع منه بهذا الفعل كثير مما [كان](٩) فيه من الثمر ومما كانوا يعرفون من البركة بهذا الظلم ، وترك ما كان عليه من ترتيبه في القديم (١٠).

__________________

(١) من مب.

(٢) من بقية النسخ والإكليل.

(٣) انظر الإكليل ٨ / ١١٥ ـ ١١٧.

(٤) «أن يشرب» ليست في : حد ، مب.

(٥) في المحيط : «حوالب البئر والعين منابع مائها». وفي الإكليل : «اجتلابه».

(٦) حد : «من زلازل». وقد وقعت في صنعاء زلزلة شديدة في سنة ٢١٢ انهدمت منها المنازل وخربت القرى وهلك خلق لا يحصى ؛ انظر الأماني في أخبار القطر اليماني ١٥٢.

(٧) الإكليل : «وقال محمد بن أحمد الأوساني».

(٨) هنا ينتهي ما أورده المؤلف ملخصا عن الهمداني في إكليله ٨ / ١٦٢.

(٩) من حد.

(١٠) كثيرا ما يقع الخلاف بين القبائل حول تقسيم الماء حتى يومنا هذا ، ومما يؤسف له أن هذا الوادي غلبت عليه الآن زراعة شجرة القات وندرت فيه أشجار الفاكهة.

٢٨١

فأما قلعة ضهر : فحصن يسمّى / دورم ، وكان فيها قصور الملوك ، قصر منها في ساحة مربّعة يدور بها دكاكين من بلاط تكون البلاطة طول أذرع فيها قطوع لمقاعد القيول إذا طلبوا الوصول بالملك. وفي وسط (١) هذه الساحة [صفاة](٢) بلاطة طول عشرة أذرع في عرض سبعة منقولة من غير حجارة البلد. وروى أهل ضهر أنه كان لا ينتفع به إلا للمرعى ، فسمعوا هاتفا من الجن وهو يقول بالحميرية والعربية : وي لأمك بوبواد لمن تح نفح وفلح عن شرقية (٣) الكروم والنباتات العجيبة. وفلح الأرض : شقها ، ومنه قول العرب : «إن الحديد بالحديد يفلح».

وفيه بيوت منحوتة ؛ ليس في بلد مثلها وتسمى الجروف بلسانهم ، وهي تسمى نواويس لموتاهم وهم فيها إلى اليوم. وفيه قلّة جبل لا ترتقى تسمى فدة يكون (٤) فيها الجن ، نظرها لقمان بن عاد فقال : ليت لي فدة كردي ، والصّيح فحمي ، وغيل كروة خل عامي وعلمان بصل نجراني. الكردي : العجين ، كرد : عجن (٥) ، والفحم : النار ، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)(٦). يريد الملوك من جبابرة دورم (٧) ، يعني قلعة ضهر (٨) ويقال : إن لها كنوز الجبابرة الأولى (٩).

__________________

(١) ليست في س.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) كذا الأصل ، وفي باقي النسخ : «غرس فيه» وهي أوجه.

(٤) ليست في حد.

(٥) «كرد عجن» ليست في : حد ، صف.

(٦) الشعراء : ٢٦ / ١٣٠. وقبلها : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ).

(٧) بإزائها في هامش مب حاشية : «دورم يعني طيبة وهي فوق وادي ضهر فيما بين عظيم وهي الآن خراب».

(٨) «يعني قلعة ضهر» ليست في حد.

(٩) نقل المؤلف هذا الكلام واختصره من الإكليل ، قابل فيه ص ١٦ ـ ٦٥ من الجزء الثامن.

٢٨٢

وقال الحسن بن يعقوب : «ذكر بعض حمير عن أسلافه عن كعب الأحبار أنه أدرك من لقي (١) من عشيرته سطيحا ، وأخبره أعقاب من لقي شقّا أنهما سئلا عن كثير من أخبار اليمن فأخبرا بأحداث كثيرة تكون فيها. منها أن قالا : باليمن ثماني بقاع منها أربع مقدسة ، أو قال مرحومة ، وأربع محرومة ، أو قال مشؤومة ، وثمانية كنوز.

فالبقاع المرحومة : مراء معين وبه الكثيب الأبيض وهو رباط يخرج إليه الناس إلى هذا اليوم ، والجند ، ومأرب ، وزبيد.

والبقاع المحرومة أو المشؤومة : ختا (٢) الجبل الأشيب ، سيد جبال النار ، قطب اليمن. إذا سكن سكنت اليمن ، يكون فيه وفيما دار فيه ست عشرة وقعة ؛ إن ذلك الجبل لجبل تظهر به النار والخراب وتعوي فيه الذئاب ، ثم تعمر فيه الدور وتشيّد فيه القصور وتعمر (٣) فتكون من أوطان المنصور ويسير بين يديه رجل (٤) [من أهله](٥) كأني به راجلا بين يديه حافيا متذللا له مسارعا إلى طاعته نافذا في أمره وتذال به الجبال من السهول ويكون أشهر ما باليمن ولا أعلم أنه أتى على زنة ختا من أسماء المواضع إلا ذرا وحذا (٦) وهذه مواضع باليمن وذو الدباد [وه ..] و (٧) كانون الآخر / فهذه الأربعة الأسماء لا خامس لها على هذه البنية (٨) ، ومما يقاربها خاو وهو من منازل التراخم. وفي بلد خولان خاوي

__________________

(١) «من لقي» ليست في مب.

(٢) الإكليل : «ختا في الجبل».

(٣) حد ، صف ، مب : «تؤهل».

(٤) الأصل با ، س : «راجلا» والتصحيح من بقية النسخ.

(٥) من : حد ، صف ، مب.

(٦) كذا وردت هذه الكلمات بميم في آخرها وجاءت رابعة هذه الكلمات وهي : «ذو الدبا» دون ميم ، وجاءت هذه الكلمات الأربع في الإكليل بإسقاط الميم ولعله أصح لما يتفق مع السياق.

(٧) من الإكليل.

(٨) ليست في مب. وفي حد : «الثلاثة» تصحيف واضح.

٢٨٣

بالياء وهو أشبه بالأسماء العربية. وقد ذكر [اللحيي](١) أن الجبل الأشيب تعكر (٢) ولم أر هذه الصفة إلا في جبل تخلى.

قال إبراهيم بن عبد الحميد المسوري أن أباه قال : إن اسمه وقيت يروي ذلك عن أسلافه.

والثانية من المحرومة أزال.

والثالثة تهامة.

والرابعة المعافر.

قال ابن يعقوب : «وأما الذي كنت أسمعه من مشايخ الصنعانيين وعلمائهم أن الملعونات : نجران ، وصعدة ، وأثافت ، وضهر ، ويكلا» (٣).

وأما الكنوز :

فأولها إرم ، (مدينة شداد بن عاد. واليمانية تقول وأكثر العلماء أن إرم في برية) (٤) أبين وهي جانب بين حضر موت وبين أبين ، وما سمعت أن أحدا ذكر أنه عاينها إلا ما يذكر من خبر الرجل الذي أضل إبله في برية أبين فوجدها ووصف بناءها وعجائبها في زمن معاوية.

والعجم تذكر أن إرم ذات العماد بدمشق وأن جيرون بن سعد بن عاد بنى مدينتها وسماها جيرون ذات العماد لكثرة أعمدة الحجارة فيها (٥).

__________________

(١) من : حد ، صف ، مب ، والإكليل.

(٢) الأصل با ، س : «دعكر» والتصحيح من بقية النسخ.

(٣) «أثافت وضهر» ليستا في الإكليل. وقارن فيه ص ١١٨ ـ ١١٩ من الجزء الثامن.

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٥) انظر حول خبر «إرم» تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ـ ١٧٧ ، تفسير الخازن ٧ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ، مروج الذهب ١ / ٤١٠ ، ٢ / ١٣ ، وياقوت ١ / ١٥٥ ـ ١٥٧ ، دائرة المعارف الإسلامية ١ / ٦٣٣ ـ ٦٣٤ ، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس ١ / ٧٦.

٢٨٤

والثاني جبل ذخر وهو ذخر الله في أرضه ، جبل بأرض المعافر.

والثالث جبا : وهو حصن الفراعنة.

والرابع ظفار : موضع التبابعة.

والخامس مأرب.

والسادس شبام.

والسابع غمدان.

والثامن [الخضراء من](١) حضر موت.

وذكر بعض عنس عن أسلافه أن أعظم كنوز حمير بذي رعين الحصن (٢) من بينون فأول ما يظهر منها كنز شبام تظهره الدواب والنار.

وكنز مأرب تظهره الجن وهو كنز كنزته الفتاة ، يعني بلقيس.

والثالث تظهره الزلزلة من غمدان.

والرابع يظهره الماء في ظفار.

والخامس تظهره الراجفة من ذخر وصبر جبلي المعافر.

والسادس يظهر من جبا على يد رجل من أهله.

والسابع يخرج من الحمراء بنسف الرياح ودعق (٣) الدواب.

والثامن يخرجه الله سبحانه وتعالى من إرم عند ذهاب الجبابرة وانقراض العتاة فتكثر الغنائم منه في أيدي الناس ويقع فيما بين ذلك في ماهط مسخ ناس قردة وماهط في طمام ، وهذا حديث مرسل لم يقع بإسناد والله أعلم (٤).

وقلعة ضهر تسمى دورم وهي منسوبة إلى ظهر بن سعد ، وقد نقص غيلها

__________________

(١) من : حد ، صف ، مب ، وفي الإكليل «الحمراء».

(٢) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٣) دعق الطريق : وطئه وطئا شديدا (المحيط).

(٤) انظر نص الخبر مع بعض الاختلاف في الإكليل ٨ / ٣٣ ، ١١٨ ـ ١٢١

٢٨٥

الذي يصب في واديها النصف لّما هدم سد ريعان وكان / الذي بنى سدّ ريعان ذو جهنف ليحبس المياه ، وهو جهنف بن ذي مأزن (١). وقال بعض الرواة : نقص ماؤه النصف لزلازل (٢) وقعت باليمن فقطعت بعض مائه ، واحتلابه من جبل حضور ومخرجه من ريعان.

قال أبو الحسن بن عبد الوارث : ذكر لي بعض المشايخ أن مسجد قلعة (٣) ضهر بني سنة سنة ، يعني في أول سنة التأريخ ، وهو المسجد الذي في قلعة ضهر له منارة إلى عصرنا هذا وقد خرب اليوم ، وقد عمر مرة بعد أخرى ، وأمّا الآن فإنه خراب فيه آثار البناء وبقايا جدر منارة (٤) ، ويقال إنها من بناء هشام وهو بنى منارة مسجد الصرار ومنارة [في](٥) قرية شبام ، وكان هشام صانعا حاذقا وكابناؤه جيدا محكما.

وسمعت القاضي سليمان بن محمد النقوي يقول : سمعت من المشايخ أن مسجد ضلع (بني أيضا في سنة سنة من التأريخ وأرانيه بضلع) (٦) ، وقد صير هذا المسجد حرّا (٧) ، وكان قبل هذا قد اتخذ سجنا ، وهو اليوم في الدار التي في يد إبراهيم بن أبي محجر يجعل فيه التبن.

وروي في التفسير عن الضحاك وابن جريج وغيرهما أن الجن الذين صرفهم الله تعالى إلى نبيه حيث يقول عز من قائل (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ

__________________

(١) في الإكليل ٨ / ٦٢ «جهنف بن ذي مأذن».

(٢) انظر الخبر فيما سبق ص ٢٧٩ وص ٢٨١ وانظر فيها الحاشية رقم (٦).

(٣) ليست في : حد ، صف.

(٤) حد ، صف ، مب : «بقايا جدره ومنارة».

(٥) من بقية النسخ.

(٦) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٧) حد : «خراب». «والحر» : عند أهل صنعاء حظيرة الحيوانات.

٢٨٦

يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)(١) وقوله تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ)(٢) أنهم كانوا سبعة من جن نصيبين وهم أشراف الجن وساداتهم فبعثهم إلى تهامة وما يلي اليمن فمضى أولئك النفر فأتوا على الوادي ـ وادي نخلة ـ وهو من الوادي مسيرة ليلتين.

قال الضحاك : نصيبين هي أرض باليمن ، وقال ابن عباس : إن الجن الذين أتوا نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم جن (٣) نصيبين أتوه وهو بنخلة (٤).

وجدت بخط أبي الحسن علي بن عبد الوارث ، حدثنا الكشوري ، أبو قدامة قال : أخبرني عبد الله بن أبي حلوان قال : سمعت مسلمة بن عقبة يقول : استنكر يوما من الأيام عبد الملك بن مروان في مجلسه رجلا فقال له : ممن أنت؟ قال : من أهل صنعاء ، قال : من قصبتها؟ قال : نعم ، قال عبد الملك : أما إن تلك قصبة محفوظة ، ما بعد سناع منكم؟ قال : فأخبره ، قال عبد الملك : أما إن تلك قرية مسخوط عليها ، ما بعد حضور منكم ، قال : فأخبره ، قال عبد الملك : ذلك شرذمة من جبل الطور حين تجلى ربه للجبل.

ووجدت بخط أبي الحسن ، الكشوري ، قال عبد الرحمن بن العاقب الهمداني قال : أخبرنا مشايخنا أن أبي كان إذا دخل / أثافت لم ير الصلاة في مسجدها وكان يخرج حتى يصلي أعلى رماح فقيل له يا أبا عبد الرحمن لا نراك ترى الصلاة في مسجدنا قال : أحد الملعونات.

__________________

(١) الأحقاف : ٤٦ / ٢٩ ، تمامها : (... فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) ، وانظر تفسير الخازن ٦ / ١٦٦ ـ ١٦٧. وتفسير القرطبي ١٦ / ٢١١ ـ ٢١٢. وتفسير الطبري ٢٦ / ٣٠ ـ ٣١

(٢) سورة الجن : ٧٢ / ١ ، تمامها (... فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً). وانظر تفسير الطبري ٢٩ / ١٠٢ ـ ١٠٣. وتفسير الخازن ٧ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وتفسير الطبرسي ١٠ / ٣٦٧ ـ ٣٦٩

(٣) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٤) انظر ما سبق ص ١٨٥ ـ ١٨٦

٢٨٧

ذكر جبل نقم وعيبان وصبر وحضور وأنها من جبال الطور

وجدت بخطه : حدثنا (١) الكشوري قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال حدثنا (٢) أبي ، أن الله عزوجل رفع موسى عليه‌السلام إلى السماء ، فقال له جبريل يا موسى سل ربك كلمات تقربك إليه ، فقال : يا رب علمني كلمات تقربني إليك (٣) ، فقال : «شهادة ألا إله إلا الله» ـ فاستقلها موسى عليه‌السلام ـ فقال له الرب تبارك وتعالى ـ : لو لا شهادة ألا إله إلا الله يا موسى ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبتّ من الأرض بقلة ، ولا رزقت أحدا لقمة ـ قال يا رب أرني وجهك [الكريم](٤) ، فقال : لن تقدر يا موسى ولكن انظر إلى الجبل (فإن استقر مكانه فسوف تراني) (٥) ، فأرى الرب الجبل ما أراد أن يريه (٦) فطارت جبال من الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى الشام من خشية الله تعالى منها نقم وعيبان ، ومنها جبل صبر ومنها حضور.

وحدثني الكشوري أيضا ، قال : حدثني ـ أبو قدامة ـ قال : حدثني عبد الله بن أبي حلوان ، قال : سمعت مسلمة بن عقبة يقول : استنكر يوما من الأيام عبد الملك بن مروان في مجلسه رجلا فقال له : ممن أنت ، قال : من أهل صنعاء ، قال : أمن قصبتها؟ قال : نعم ، قال عبد الملك : أما إن تلك قصبة

__________________

(١) حد ، صف : «حدثني».

(١) حد ، صف : «حدثني».

(٢) حد : «أتقرب بها إليك».

(٣) من حد.

(٤) ما بين القوسين ليس في بقية النسخ.

(٥) «فأرى الرب الجبل ما أراد أن يريه» ليست في حد. و «فأرى الرب الجبل» ليست في صف.

٢٨٨

محفوظة. ما بعد سناع منكم؟ قال : فأخبره ، قال عبد الملك : أما إن تلك قرية مسخوط عليها. ما بعد حضور منكم؟ قال : فأخبره ، قال عبد الملك : ذلك شرذمة من جبل الطور لما تجلى ربه للجبل.

تاريخ صنعاء (١٩)

٢٨٩

ذكر سفينة نوح عليه‌السلام وأنها أتت إلى اليمن ثم رجعت (١)

قال : حدثني الحجاج عن ابن جريج ، قال : كانت السفينة أعلاها للطير ، وأوسطها للناس ، وأسفلها للسباع ، وكان طولها في السماء ثلاثين ذراعا ، ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر ليال مضين من رجب ، وأرست على الجودي يوم عاشوراء ، ومرت بالبيت / فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق ، ثم جاءت اليمن ثم رجعت الجودي فيما ذكر وهو جبل بناحية الموصل والجزيرة ، تشامخت الجبال من الغرق (وتواضع هو لله تعالى فلم يغرق) (٢) وأرست عليه ، قال مجاهد (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ)(٣) قال : الجودي جبل بالجزيرة ، قال : تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت وتواضع هو لله تعالى فلم يغرق ، وأرست سفينة نوح عليه‌السلام عليه ، قال الضّحاك : الجودي : جبل بالموصل ، وعين الوردة موضع (٤) فار منه الماء ، وهي عين بالجزيرة ، قال قتادة في قوله تبارك وتعالى (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا ، وَفارَ التَّنُّورُ)(٥) كان ذلك (٦) علامة بين نوح وبين ربه ، والتنور أشرف الأرض وأعلاها.

__________________

(١) انظر قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار ٥٢ ـ ٦٧

(٢) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٣) الآية : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ، وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هود : ١١ / ٤٤

(٤) ليست في مب.

(٥) هود : ١١ / ٤٠ ، وتمامها (... قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ، وانظر تفسير الطبرسي ٥ / ١٦٠ ـ ١٦٥ ، وتفسير الخازن ٣ / ٢٣١ ـ ٢٣٢

(٦) «كان ذلك» ليست في مب. و «ذلك» وحدها ليست في : حد ، صف.

٢٩٠

ذكر حديث معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس رسول (١)

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن (٢)

(وكان توجيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن) (٣) في شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد آخى بينه وبين (عبد الله بن مسعود ، وقيل بل كان آخى بينه وبين) (٤) جعفر بن أبي طالب فكان عامة أصحاب عبد الله بن مسعود الذين يعرفون به من أهل الكوفة وبالائتمام والاقتداء بمذاهبه في قراءة القرآن والفتيا والأحكام من أهل اليمن ، كان أصحاب معاذ بن جبل الذين كانوا تعلموا منه باليمن قبل تحولهم عنها إلى الكوفة وبه كانوا يتفقهون ، ثم لزموا عبد الله بن مسعود ، وبعد ما وجهه عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه إلى الكوفة معلما لأهلها فكانوا هم المقدمين بها في الفقه والعلم بالأحكام والحلال والحرام كالأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، وشريح بن الحارث القاضي ، ومسروق بن الأجدع ، وعمرو بن ميمون الأودي ،

__________________

(١) بدلها في مب : «بعثه».

(٢) انظر حول خبر (معاذ بن جبل) وبعثه إلى اليمن ، ووصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم له برواياتها العديدة ، وما روي من الحديث وغير ذلك مما يرد في هذا الفصل وغيره من الكتاب : مصنف عبد الرزاق ٥ / ٢١٥ ، ٨ / ٢٦٨ ، ١٠ / ٢٥٦ ، ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، ١١ / ٣٧٦ ، وسيرة ابن هشام ٣ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٢١ ، ٢٢٨ ـ ٢٣٦ ، ٢٤٢ ، ٣١٨ ، ٤ / ٦٠ ـ ٦٢. سير أعلام النبلاء ١ / ٣١٨ ـ ٣٣٣ ، ٢ / ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ، ٢٧٩ ، ٢٨٤ ، المعارف ٦٠١ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٨٣ ، ٥ / ٥٣٠ ، ٦ / ٧٠ ، البداية والنهاية ٥ / ١٠٠ ، أسد الغابة ٤ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، تاريخ خليفة بن خياط ١ / ٧٢ ـ ٧٣ ، ١٣٠ ، طبقات فقهاء اليمن ١٦ ـ ١٨ ، ٢٣ ، ٤٤ ـ ٤٥ ، الإصابة ٣ / ٤٢٦ ـ ٤٤٧ ، وحلية الأولياء ١ / ٢٢٨ ـ ٢٤٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٨٦ ـ ١٨٨ ، الاستيعاب لابن عبد البر ٣ / ١٤٠٢ ـ ١٤٠٧

(٣) ما بين القوسين ساقط في س.

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

٢٩١

وعمرو بن شرحبيل ، قال عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي : قدم علينا معاذ بن جبل اليمن من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الشحر رافعا صوته بالتكبير ، رجل حسن الصوت ، فألقيت إليه محبتي فما فارقته حتى حثوت عليه التراب بالشام ميتا ، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت عبد الله بن مسعود فلزمته ؛ وكان عبد الله بن مسعود يقول : إني لأعرف سمت معاذ في أذواء النخع ، وقال عبد الله : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم / يك من المشركين ، فقال له رجل : نسيت. قال : لا ولكنه شبيه إبراهيم ، والأمة : معلم الخير ، والقانت : المطيع. وخطب عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه بالناس فقال : من أراد أن يسأل شيئا من القرآن فليأت أبيّ بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن (الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن) (١) الفقه فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد المال فليأتني ، وكانت خطبته [يومئذ](٢) بالجابية من الشام (٣).

قال شهر بن حوشب : كان أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له ، وكان معاذ جميل الوجه براق الثنايا شهد بدرا وهو ابن عشرين سنة ومات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا وأحدا والخندق وجميع المشاهد كلها. ثم بعثه إلى اليمن فوقف به (٤) إلى أن توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بالجند. فقدم الموسم وعمر بن الخطاب يومئذ أمير على الموسم بعثه أبو بكر رضي‌الله‌عنه يحج بالناس ، ثم قدم معاذ إلى أبي بكر رضي‌الله‌عنه بالمدينة فأقام ثم

__________________

(١) ما بين القوسين مسقط في حد.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) قدم عمر بن الخطاب إلى الشام في سنة ١٥ ه‍.

(٤) حد ، صف ، مب : «فأقام بها».

٢٩٢

خرج إلى الشام فتوفي بناحية الأردن وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وكان يكنى أبا عبد الرحمن.

قال معاذ : لما بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن خرج معي يشيعني يمشي على رجليه وأنا أمشي معه فقال : «إذا قدمت عليهم فزين الإسلام بعدلك وحلمك وصفحك ، وعفوك وحسن خلقك فإن الناس ناظرون إليك وقائلون : حبر (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلا تر لك سقطة يستريب بها أحد في حلمك وعدلك فإن الرسول من المرسل.

ولما ودع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذا بكى ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما يبكيك؟ قال : أبكي لفراقك يا رسول الله ، فقال له : لا تبك فإن البكاء فتنة.

حدثني الحسين بن محمد ، محمد بن أحمد عن أبيه ، أبو حفص محمد بن أبي عدي ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، قال سعيد بن أبي عرّوبة قال : سمعت شهر بن حوشب يقول : قال عمر : لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فإن سألني ربي قلت : سمعت نبيك محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : هذا أمين هذه الأمة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته فإن سألني ربي / قلت : سمعت نبيك صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنه يحب الله ورسوله ، ولو كان معاذ بن جبل حيا لاستخلفته فإن سألني ربي قلت : سمعت نبيك صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إن الله يبعثه يوم القيامة رنوة بين أيدي العلماء.

عبد الله بن عبد الصمد النحوي ، عبد الله بن الصباح عن ضمرة ، عن محمد بن يحيى المأربي عن حنظلة بن أبي سفيان ، قال : سمعت عطاء يقول : قال

__________________

(١) بدلها في حد : «جهزك».

٢٩٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تعلموا القرآن من سالم مولى أبي حذيفة ومن عبد الله بن أم عبد ومن أبيّ بن كعب (١) ، ومن معاذ بن جبل.

حدثني القاضي الحسين بن محمد ، قال أخبرني محمد بن أحمد بن عبد الله عن أبيه ، قال عبد الله بن أبي غسان ، قال محمد بن ثور عن معمر عن أبان عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل قال : إن الشيطان ذئب ابن آدم كذئب الغنم يأخذ الناجية والقاصية ، فعليكم بالجماعة والمساجد.

وروي عن معاذ بن جبل قال : صلّ ونم ، وصم واطعم ، واكسب ولا تأثم ، ولا تمت إلا وأنت مسلم ، وإياك ودعوة المظلوم (٢).

وجدت بخط شيخ من [علية](٣) مشايخ صنعاء في قصة معاذ ، قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيد معاذ ومشى معه ميلا ثم قال له : يا معاذ أوصيك بتقوى الله عزوجل ، وصدق الحديث ، ووفاء العهد ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، ورحمة اليتيم ، وحفظ الجار ، وكظم الغيظ ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، ولزوم الإمام ، والتفقه في القرآن ، وحب الآخرة ، والجزع من الحساب ، وقصر الأمل ، وحسن العمل ، وأنهاك أن تشتم مسلما ، أو تصدّق كاذبا ، أو تكذب صادقا أو تعصي إماما عادلا ، أو أن تفسد في الأرض. يا معاذ! اذكر الله عند كل شجر وحجر ، وأحدث لكل ذنب توبة ، السر بالسر والعلانية بالعلانية.

ابن عبد الوارث ، علي بن المبارك ، زيد بن المبارك ، أبو نعيم ، أبان قال : حدثني إبراهيم بن جرير عن جرير ، قال : بعث إليّ علي رضي‌الله‌عنه ابن عباس والأشعث بن قيس ، قال فأتياني فقالا : إن أمير المؤمنين يقرئك السلام

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «ومن أبيّ بن كعب» وهو الصحيح ، انظر في كشاف الأعلام.

(٢) حد ، مب الزيادة : «أو دعوات المظلوم».

(٣) من : حد ، مب.

٢٩٤

ويخبرك أنه نعم ما أراك الله من مفارقتك معاوية فإني أنزلك منزلة نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي أنزلكها ، فقال لهما جرير : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثني إلى اليمن (١) أقاتلهم وأدعوهم فإذا قالوا لا إله إلا الله / حرمت أموالهم ودماؤهم ولا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله فرجعا على ذلك.

رباح عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن معاذ بن جبل قال : كنت رديف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : هل تدري يا معاذ ما حق الله على الناس وما حق الناس على الله تعالى ، فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وأن حق الناس على الله تعالى ألّا يعذبهم ، قال : قلت : يا رسول الله ألا أبشر الناس ، قال : لا.

حدثني محمد بن الحسين الأصفهاني قال : حدثني أبو عثمان سعيد بن محمد بن سعيد بن بلبل الموصلي قال أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة الأزدي ، بكر بن أحمد بن مقبل ، إسماعيل بن إبراهيم ، قال أبي قال شعبة عن سليمان التيمي عن أنس : سمعته ذكر أن معاذ بن جبل كان رديف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «بشّر الناس أنه من مات وهو لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، قال فقال معاذ : إني أخشى أن يتكلوا عليها ، قال : فلا إذا!».

عن معمر والثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال : لما بعثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة (٢).

عن ابن جريج قال : قال لي عمرو بن شعيب : إن معاذ بن جبل لم يزل بالجند مذ بعثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن حتى قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه.

__________________

(١) «بعثني إلى اليمن» ليست في حد.

(٢) انظر مصنف عبد الرزاق ٤ / ٢١ ـ ٢٢

٢٩٥

ذكر أن أبا موسى بعث مع معاذ إلى اليمن (١)

حدثني محمد بن الحسين الأصبهاني قال القاضي محمد بن أحمد النقوي قال إسحاق بن إبراهيم الدبري قال عبد الرزاق عن رجل عن شعبة عن سعيد (٢) بن أبي بردة قال : سمعت أبي يحدث عن أبي موسى قال : لّما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى إلى اليمن (٣) قال لهما : يسّرا ولا تعسّرا ولا تنفرا ولا تفترقا وتطاوعا. فقال أبو موسى : إن شرابا يصنع بأرضنا من العسل (٤) يقال له البتع (٥) ومن الشعير يقال له المزر (٦) ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلّ مسكر حرام» (٧) فقال معاذ لأبي موسى : كيف تقرأ القرآن ، قال : أقرؤه في صلاتي وعلى راحلتي ومضطجعا وقائما وقاعدا / أتقوته تقوتا ، قال معاذ : ولكني أنام ثم أقوم فأقرؤه ، يعني حزبه ، وأحتسب نومي كما أحتسب قومتي ـ فكان معاذ فضل عليه.

أنس بن مالك قال : أتينا معاذ بن جبل فقلنا : حدثنا من غرائب حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : نعم ، كنت رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حمار فقال لي : يا معاذ! قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : هل تدري ما حق الله تعالى على

__________________

(١) انظر خبر بعث أبو موسى ومعاذ إلى اليمن في صحيح البخاري ٥ / ٢٠٤

(٢) «عن سعيد» ليست في حد.

(٣) «إلى اليمن» ليست في حد.

(٤) «من العسل» ليست في حد.

(٥) البتع : بالكسر ، كعنب ، نبيذ العسل المشتد (المحيط).

(٦) نبيذ الذرة أو الشعير (المحيط).

(٧) انظر الحديث في مصنف عبد الرزاق ٩ / ٢٢٠ ـ ٢٢٤

٢٩٦

العباد ، قلت : الله ورسوله أعلم! قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ثم قال : يا معاذ! قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : فهل تدري ما حق [العباد](١) على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حقهم على الله تعالى ألّا يعذبهم.

وأتي عمر رضي‌الله‌عنه بامرأة وقد غاب [عنها](٢) زوجها سنتين وهي حامل فاستشار الناس في رجمها فقال له معاذ : يا أمير المؤمنين إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل ، دعها تضع. فولدت غلاما له ثنيتان فعرف الرجل بشبهه ، فقال : ابني ورب الكعبة فقال عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ ؛ لو لا معاذ لهلك عمر (٣).

أبو ظبيان عن معاذ أنه لّما رجع من اليمن قال : يا رسول الله إني رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك؟ قال : لو كنت آمر بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد (٤) لزوجها.

قرأت على القاضي الحسين بن محمد ، أخبره أبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله قال : حدثنا أبي قال : حدثنا زياد بن أيوب ، أبو هاشم الطوسي ، قال : هشيم بن بشير ، منصور عن الحسن قال : لّما قدم معاذ بن جبل إلى اليمن قال لهم : «إنكم توشكوا أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار»؟ قالوا : وكيف ذلك؟ قال : يموت منكم الميت فيثنى عليه خير فهو من أهل الجنة ، ويموت منكم الميت فيثنى عليه شر فهو من أهل النار.

__________________

(١) من بقية النسخ ، ولعلها سقطت سهوا.

(٢) انظر مصنف عبد الرزاق ٧ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ باختلاف يسير في اللفظ.

(٣) حد ، صف ، مب : «فسجدت». وانظر الحديث في سنن ابن ماجه ١ / ٥٩٥ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٦٥ ، الفتح الكبير للسيوطي ٣ / ٤٧ ، كشف الخفا ٢ / ٢٢٨ ، والخبر بنصه في سنن أبي داود ١ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ، وفيض القدير ٥ / ٣٢٩

٢٩٧

أحمد ، جرير عن ليث عن طاوس قال : لّما قدم معاذ أرضنا قال : فقيل له : لو أمرت فجمع من هذا الصخر والخشب فبني لك مسجد ومنبر (١) ، قال : إني أخاف أن أكلف حمله على ظهري يوم القيامة.

مرحوم بن عبد العزيز العطار عن سهل الأعرابي عن أبي وليد مولى قريش قال : كنت مع مولاي عند بلال بن أبي بردة فجاءه رجل فقال : إن أهل الطائف / لا يؤدون زكاة أموالهم ، قال : وما علمك؟ قال : قد علمت ذلك ، قال : سننظر في ذلك. وبعث إلى صاحب شرطته (٢) أبي يعلى بن عروة : اسأل عن فلان ، فسأل عنه ، فوجد يطعن في نسبه. فقال بلال : الله أكبر حدثني أبي عن جدّي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يبغي على الناس إلا ولد بغيّ أو فيه عرق» (٣).

__________________

(١) في بقية النسخ : «فتبني لك مسجدا ومنبرا».

(٢) «صاحب شرطته» ليست في مب.

(٣) فيض القدير ٦ / ٤٤٢ مع اختلاف بالسند.

٢٩٨

ذكر صفة [تمر](١) الجنة وقول عبد الله بن عمر في ذلك

ابن مسعود قال : «الجنة نخلها نضيد من أصلها إلى فرعها ، وتمرها أمثال القلال كلما نزعت تمرة عادت مكانها أخرى ، وأنهارها تجري من عين أخدود ، والعنقود اثنا عشر ذراعا».

قال عبد الله بن أبي الهذيل عن عبد الله بن عمر قال ، وهو بالشام : «العنقاد [أبعد](٢) من صنعاء».

حدثني القاضي عبد السلام بن محمد النقوي ، أحمد بن يحيى بن عبد الله قال أبو محمد عبيد الله بن محمد الكشوري ، قال يحيى بن أيوب بن مطرف بن سليمان الصنعاني ، محمد بن يحيى المأربي ، حرام بن عثمان السلمي ، قال : حدثني عبد الرحمن الأعرج عن أسامة بن زيد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى يبغي حمزة بن عبد المطلب وتحته امرأة من بني النجار بنت فهد ، فسلم ووقف على الباب وقال : أثم أبو عمارة؟ فعرفت صوته وقالت : بأبي أنت وأمي ، لا والله ما هو ها هنا ، ألا تدخل؟ فقال : وهل عندكم شيء؟ قالت : نعم ؛ ادخل بأبي أنت ، فدخل عليها فقربت حساء في قعبة (٣) لها فأكل ، ثم قالت : بأبي أنت أخبرت أنك أعطيت نهرا في الجنة يقال له الكوثر هنيئا مريئا؟ فقال : أجل ورضراضه (٤) اللؤلؤ والمرجان والياقوت والزبرجد ، قالت : بأبي أنت أخبرت أنك وصفت

__________________

(١) من بقية النسخ.

(١) من بقية النسخ.

(٢) القعب : القدح المقعر (اللسان).

(٣) الرضراض : الحصا أو الصغير منه.

٢٩٩

حوضك صفة أحب أن أعلم (١) بيانها [منك كما بلغني](٢) قال : نعم ؛ قد وصفته أنه قدر ما بين صنعاء إلى أيلة ، آنيته عدد الكواكب ، أحب وارده إلي يوم القيامة قومك يا بنت فهد.

__________________

(١) «أن أعلم» ليست في مب.

(٢) من : حد ، صف ، مب. وانظر حول الحوض ما سبق ص ٢٢٠ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ٢٣٥

٣٠٠