تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

وفي الحديث أن فروة لّما فرغ من بناء المصلّى قال : أما إن هذه أول جبانة وضعت على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفي حديث طاوس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر فروة أن يضع جبانتها في مقدمها بالحديبية منها ، فابتنى لهم هذا المصلى لعيد [فطرهم وأضحاهم](١) وكان أول مصلى اتخذ] وه على عهد الإسلام](٢) في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهذا يدل على فضله ، ولم يختلف الرواة أن فروة هو الذي [بنى](٣) الجبّانة مصلّى للعيدين ، وأن المسجد الذي خلف المصلى مسجد فروة بن مسيك المرادي جلس فيه حين استوهب الجبانة من أبي حمال الأبناوي ، ثم عمر هذا المصلى في أيام الوليد بن عبد الملك ؛ بناه أيوب بن يحيى الثقفي فلم يزل حتى ولي القاضي سليمان بن محمد (٤) رحمه‌الله القضاء بصنعاء ، فأصلح بناءه ومتشعثه وذلك في [ثمان](٥) وثمانين وثلاث مئة ، ثم عمره القاضي محمد بن حسين الأصبهاني في رمضان سنة سبع وأربع مئة عمارته هذه ، وحواه بالحجارة والجص وأصلح / متشعثه في هذا الوقت ، وعمر مسجد ابن ميسرة في هذا الوقت جمع ماله (٦) من كثير من أهل صنعاء حتى أعيد وأصلح في سنة سبع وأربع مئة ، ويقال إن أول حجر وضع على حجر وأول مدرة وضعت على مدرة باليمن غمدان بناه شراحيل بن عمرو الحميري ، وبنى القصبة بعد ذلك بألف عام اليشرح يحضب ؛ واليشرح يحضب اسم رجل ، والقصبة قصبة صنعاء.

__________________

(١) في الأصل با ، س : «لعيدهم» والتكملة من بقية النسخ.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) ساقطة سهوا.

(٤) أي النقوي.

(٥) من حد وحدها. وفي صف : «بضع وثمانين» وباقي النسخ بياض.

(٦) حد ، صف ، مب : «جمع له من كثير».

٢٦١

قال الكشوري : أول مدرة وضعت على مدرة (١) بعد الغرق ، غرق قوم نوح ، قصر غمدان صنعاء اليمن وحرّان الجزيرة.

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث ، حدثني الكشوري غير مرة قال : البئر التي في غمدان بئر السقاية حفرها سام بن نوح ، قال : هي أول بئر حفرت بعد الغرق ، وقال الكشوري غير مرة : أول بئر حفرت بعد الغرق (٢) ، غرق قوم نوح ، بئر غمدان حفرها سام بن نوح وهذه البئر التي حفرها سام بن نوح التي هي في غمدان على يمين قبلة مسجد الجامع بحذائها سواء. قال : وسألت الكشوري عن البئر التي في وسط غمدان التي هي خلف بئر سام بن نوح التي تسمى بئر الدينبادي فقال : هي البئر التي وجد فيها القتيل على عهد عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه (٣) ، قال : من روى هذا؟ قال : المشايخ خبروني بها. ووصفها لي وعرفتها القبائل. (ابن عبد الوارث يروي ذلك عن أبي محمد الكشوري.

وقال ابن عبد الوارث) (٤) قول من قال لي : بعض المشايخ أنه سمع أن اسم بئر غمدان كرامة ، فقال : ما معنى هذا؟ قال : مكرمة لمن عملها ، وقال لنا الكشوري فيما أحسب وغيره : إن ماءها شفاء للجرب يغتسل به (٥).

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «أول مدر وضع على مدر».

(٢) ليست في بقية النسخ.

(٣) تقدم الكلام عنه في ص ٨٨ وص ٢٠٩

(٤) ما بين القوسين ساقط في س.

(٥) انظر ما سبق ص ٧٦ و ٧٩ ـ ٨٠

٢٦٢

ذكر فضل التوضؤ في هذه السقاية (١)

أبو محمد حدثني إسحاق بن إبراهيم ، قال : سمعت غطريف بن يوسف بن يعقوب ، قال أشياخنا ، قال : من توضأ في سقاية المسجد الأعظم بصنعاء لصلاة فريضة كتب الله له من الحسنات بعدد من صلى في مسجدها الأعظم صلاة فريضة ، ومن توضأ فيها لصلاة نافلة كتب الله له من الحسنات بعدد من تنفل في مسجدها.

قال أبو محمد : حدثني (٢) إسحاق بن إبراهيم قال : حدثني منيع بن ماجد ، أبو مطر / قال : من صلى في مسجد صنعاء الأعظم أربعين جمعة متوالية حرم الله جسده على النار.

قال ابن عبد الوارث (٣) : حدثني الكشوري ، قال : حدثنا ابن الطبري ذكره عمن ذكره قال (٤) : من توضأ من سقاية غمدان كان له من الأجر مثل ما صلى في مسجد الجامع.

قال أبو محمد : حدثني (٥) إسحاق ، قال سمعت محمد بن داود بن قيس (٦) ، قال : بني مسجد صنعاء الجامع قبل مسجد الجند بستة أشهر بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) العنوان في حد ، صف : «ذكر فضل سقاية مسجد صنعاء وهي بئر سام بن نوح».

(٢) س : «قال أبو محمد إسحاق بن إبراهيم». حد : «قال أبو محمد حدثني منيع».

(٣) «ابن عبد الوارث» ساقط في س.

(٤) س : «ذكره عمر قال».

(٥) حد ، صف : «أخبرني».

(٦) «ابن قيس» ليست في مب.

٢٦٣

[قال فهو أفضل بقدمه عليه لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١) أمر بهما جميعا فكان هذا قبل ذلك.

وجدت بخط أبي الحسن حدثنا الكشوري قال : رأيت أبا الخصيب شيخ كان يؤذن في مسجد الصّياقل (فكان أبو الخصيب يجيء إلى هذه السقاية فيتطهر منها لكل صلاة ثم يعود إلى مسجد الصّياقل) (٢) فيؤذن فيه ، يعني البئر التي في غمدان التي حفرها سام (٣) التي عن يمين قبلة الجامع وهي البئر التي أصلح عليها عقد جديد على بابها إذا نزلت من غمدان تريد تدخل إلى مسجد الجامع ، وقد كان عمرها ابن عبّاد وكتب اسمه على حجر أبيض وهو في جدر هذه السقاية.

__________________

(١) من : حد ، صف.

(٢) ما بين القوسين ساقط في س.

(٣) حد ، صف : «سام بن نوح».

٢٦٤

ذكر فضل الصلاة في مسجد الجبانة وإجابة الدعاء (١)

وجدت بخط علي بن عبد الوارث ، قال : حدثني أبو مرة قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما وجّه فروة بن مسيك المرادي إلى صنعاء وأمره أن يبني مسجد صنعاء فابتناه ، ثم قال : اتخذوا لعيدكم مصلى فدعوه إلى ناحية الحقل [فقال : بل يكون المخرج من ناحية القبلة](٢) ، فصعد إلى غمدان فنظر إلى موضع الجبّانة فسأل عنه فقيل له [كان](٣) موضع معسكر الحبشي فقال : لأتركنّه ولأجعلنّه مصلى ما بقي ، وكان ذلك الموضع جربة لأبي حمال فطلبها أن يبيعها [منه](٤) ، وقال : أجعلها مصلى لعيد المسلمين ، فقال : هي لله ولرسوله ، قال أبو محمد : وجلس فروة بن مسيك المرادي في المسجد الذي يقال له مسجد فروة (حين استوهبها.

قال ابن عبد الوارث حدثني الكشوري قال : مسجد فروة) (٥) وهو المسجد (٦) الذي في الجبانة الذي بناه ابن الرّويّة فروة أسسه ، وكان يقعد فيه ـ أحسب الكشوري قال : ويصلي فيه ـ قال لي الكشوري / : وقبلته أثبت قبلة بصنعاء بعد قبلة المسجد الجامع.

الكشوري ، عبد الله بن محمد ، قال محمد بن يوسف الحذاقي ، قال عبد الرزاق وعبد الوهاب قال كل واحد منهما : أخبرني أبي ، قال : سمعت وهبا

__________________

(١) العنوان في حد ، صف : «ذكر فضل التوضؤ في هذه السقاية والصلاة في مسجد الجبانة وإجابة الدعاء».

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) ما بين القوسين ليس في مب.

(٤) «وهو المسجد» ساقطة في حد.

٢٦٥

يقول : يوم بني مسجد صنعاء أمّوا به ضين فإنه قبلة صنعاء. قال عبد الرزاق : فحدثت به إبراهيم بن عمر قال : أخبرني أبي أنه سمع وهبا يقوله.

قال ابن عبد الوارث : أجمعوا أن وهب بن منبه سيد الحكماء.

قال علي : حدثني محمد بن أحمد الشّعوبي (١) ، قال : ما صليت في مسجد فروة قط ودعوت إلّا رأيت الإجابة.

وغيره قد أخبرني أيضا أنه إذا صلى في مسجد فروة ودعا استجيب له فيما دعاه.

وقرأت أنا في كتاب قديم قال : ولمّا أمرهم فروة بن مسيك ببناء الجبّانة تقدم فصلى أربع ركعات ووضع أحجار المصلى ـ يصلي فيه القائل أحمد بن عبد الله الرازي ـ فقيل لعبد الله بن إبراهيم : أي موضع هو ، قال : على رأس الخندق وأراه إياه أبوه. وأرانيه ـ الموضع وأنا أحمد (٢) ـ وهو الموضع الذي ابتناه ابن الرويّة مسجدا وهو الذي جدّد وبني له جداران جديدان أحدهما من قبل قبلته والآخر من ناحية غربيّه ، وجدت (٣) هذا الباب الغربي لم يكن له فيما قبل ذلك ، وزيد فيه المحراب الذي في صوحه العدني (٤) وذلك بعد عمارة ابن الرويّة ، وبقي الجداران الشرقي والغربي (٥) من بناء ابن الرويّة ، وبنى هذا البناء المجدد وأصلح مشعثه وردد سقفه بخشبه الأول وزاد فيه ما احتاج إليه من شيء ، وقصصه (٦) محمد بن الحسين الأصفهاني ومن أعانه في ذلك وكان سبب عمارته له فيما

__________________

(١) نسبة إلى (شعوب) موضع في شمال سور صنعاء القديم ، وشرقيّه مسجد فروة بن مسيك.

(٢) هنا يتحدث المؤلف عن نفسه.

(٣) حد ، صف ، مب : «وأحدث».

(٤) في بقية النسخ : «الغربي».

(٥) صف ، مب : «العدني» ولعله الصحيح إذ العدني معناه الجنوبي.

(٦) أي جصصه.

٢٦٦

حدثني أبو سالم محمد بن حميد بن معاذ بن الغطريف الخياط ، قال : رأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول لي : عاون محمد الأصفهاني في [عمارة](١) أربعة مساجد. فانتبهت فأخبرت محمد بن الحسين الأصفهاني فقال لي : على بركة الله ، فعمر مسجد معن بن زائدة وكان قد عمره بعد معن بن زائدة فكان متشعثا فرمّه وأصلحه ، ومسجد [منيع](٢) وهو يعرف اليوم بمسجد الأخضر ، وهذا المسجد يعني (٣) مسجد فروة بن مسيك المرادي (وذلك كله في سنة سبع وأربع مئة فعاونه أبو سالم في ذلك كله مع من أعانهم فيه ، وهذا المسجد ـ أعني مسجد فروة بن مسيك ـ) (٤) مسجد شريف فاضل والدعاء فيه مستجاب وقد جرّبت أنا / ذلك فوجدت (٥) فيه الإجابة مرارا كثيرة ، ولقد ذهب لي شيء فأيست منه فسعيت إليه وصليت ركعتين ودعوت الله تعالى فيه أن يرده علي وخرجت فما وصلت البلد وأمرت (٦) النشيد حتى هتك الله ستر آخذ ذلك واسترجعته منه وهو من أطمع الخلق وأرذلهم وأخبثهم مما لا يطمع فيه شيء إذا استرجع أنه يكون يخرج من يده. ودعوت الله تعالى في غير ذلك فرأيت الإجابة بحمد الله ومنّه والشكر له لا شريك له. وكنت أسمع ذلك فرأيته كذلك وأرجو أن الله يجيب ما نسأله إياه من صلاح ديننا ودنيانا فيما نستقبله إن شاء الله. وإنما عرفتك بذلك لأن الرواية فيما يروى من جهته صحيحة ؛ لتزداد بصيرة وبينة في الرغبة ، وإن لم أكن أحب أن أذكر ذلك عن نفسي بل أردت أن أزيد وأؤكد الإجابة لأن تعظيم رغبة السائلين إلى الله تعالى (فيه إذا قصدوه بالإخلاص في النية والابتهال في

__________________

(١) من : حد ، صف ، مب.

(٢) تكملة من مساجد صنعاء للحجري ص ٩

(٣) حد ، صف ، مب : «أعني».

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٥) حد ، صف ، مب : «فرأيت».

(٦) كذا الأصول ، ولم نهتد إلى ما يريد بهذا التركيب.

٢٦٧

الطلبة وإن كان الله تعالى) (١) مجيبا لمن دعاه ورجاه في الأماكن كلها فإن الله جعل هذه البقعة يجيب فيها دعوة الداعي ليكون الداعي يعلم أن لله تعالى مواضع وخصها بما شاء فيأتيها الراجي ويقصدها الداعي فيجاب دعاؤه ، وليرغب الداعي إلى الله تعالى في الإجابة فجعل ذلك منّة لخلقه وتفضلا على عباده حتى يكون يقصد إليه في هذا البلد كما جعل غيره إذا دعا الله فيه رأى الداعي سرعة الإجابة ، وقد تعالم أهل صنعاء قديما وحديثا هذا الذي ذكرته لك من سرعة الإجابة.

قال الكشوري : «مسجد فروة بن مسيك مسجد مبارك بناه فروة رسول (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) وكان يقعد فيه ، وهو أثبت قبلة بصنعاء بعد قبلة جامعها الكبير وأنا أذكر أساسه ، وبناؤه الأول بالحجارة ، ثم عمّره ابن الرويّة بعد».

هذا قول الكشوري.

وبلغني أن النور لا يكاد يبرح في هذا المسجد ، وهذا ببركة فروة وبركة من بركات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبقية أثر من آثار صحابته ، وجعل الله لهم نورا يهدي به من يشاء من خلقه (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)(٤).

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث حدثني محمد بن أحمد الشّعوبي ، قال : حدثت أن رجلا ذهبت له راحلة فذهب يطلبها ويعرفها في المشرق والمغرب ، فقال له رجل : اذهب إلى صنعاء فإذا / كان في آخر الليل فصلّ في مسجد فروة

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في حد.

(٢) بدلها في س : «بأمر».

(٣) حد ، صف زيادة : «أسه».

(٤) سورة النور : ٢٤ / ٤٠. والآية : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ).

٢٦٨

هذا الذي في جبّانة صنعاء ، ووصفه له. ففعل الرجل (١) ، فبينا هو يدعو إذ بالراحلة خلفه (٢) وعليها حمل عنب ، فقال لي محمد بن أحمد (٣) الشّعوبي : ما صليت فيه قط ودعوت إلا رأيت الإجابة.

قال ابن عبد الوارث : وقد أخبرني غير واحد أنه من صلى في مسجد فروة ودعا استجيب له فيما دعا.

حدثني محمد بن أحمد (٤) أيضا قال : كنت أنا وابن الحساس دائما نرى فيه النور في الليل ، وقد ذكر ذلك جماعة كثيرون أيضا ـ أحمد بن عبد الله القائل ذلك ـ منهم رجاء بن فياض عن أبيه وغيره من الناس.

__________________

(١) ليست في مب.

(٢) ليست في حد.

(٣) الأصول كلها أحمد بن محمد والتصحيح من الصفحة السابقة وص ٢٦٦ حيث ورد فيها «قال علي حدثني محمد بن أحمد ...».

(٤) الأصل با «أحمد بن محمد» والتصحيح من بقية النسخ.

٢٦٩

ذكر فضل المساجد القديمة

وبخط أبي الحسن بن عبد الوارث (١) قال محمد بن يوسف الحذاقي قال عبد الرزاق قال لي معمر : خطوت فيما بين هذا المسجد وبين المسجد الآخر فوجدته أقرب فأنا أصلي فيه وكان أحدثهما.

الكشوري ، قال محمد بن يوسف ، عبد الرزاق ، عن التيمي عن مجاهد قال : عليك بالمسجد العتيق. قال (٢) ابن عبد الوارث : قول فبني هنا في حديث معمر : خطوت ما بين هذا المسجد يعني مسجد السماق والآخر مسجد حوذان أو مسجد ابن زيد حتى أنظره للداذوي إن شاء الله تعالى. حدثني به قال ابن عبد الوارث لأنه حدثني به.

__________________

(١) حد ، صف ، مب زيادة : «الكشوري».

(٢) من هنا إلى آخر الخبر مضطرب قلق المعنى.

٢٧٠

ذكر فضل المسجد الذي في نقم

وأنه اتخذ على آثار الخضر عليه‌السلام

علي [بن الحسن](١) بن عبد الوارث ، قال : حدثني محمد بن محمود القاضي ، أبو اليسع : أن رجلا من الغرباء اشترى ضيعة في المشرق فخرج يطالعها في وقت غيث وأيام حسنة ، فخرج على حمار حتى صار في بعض جبل نقم فإذا برجل حسن الهيئة عليه ثياب خضر وهو يصلي فأعجبه فقال : لو نزلت من دابتي فأتيت هذا الرجل وسألته. فانتظره حتى فرغ من صلاته ، فلمّا فرغ قال له بعد أن سلم عليه : ابلغ إلى الجامع فادخل من باب بني ثمامة فاترك أول أسطوانة وائت الثانية تجد شريفا عندها فقل له : أخوك الخضر يقرئك السلام. فذهبت آتي شريفا فوجدته حيث / قال لي ، فكلمته بصوت مرتفع فأومأ إلي الشريف : اسكت ، وسمعه رجل فقام مسرعا وأخبر الأمير بذلك فأرسل للغريب حتى أراه ذلك الموضع فبنى هنالك مسجدا وأقام فيه ثلاثة أيام معتكفا صائما. وهذا المسجد في مساقط جبل نقم معروف هنالك عند مسيل الماء ، وفيه الآن محاريب كانت مصلى للصالحين (٢) ، وكان سلف أهل صنعاء يذهبون إلى هنالك كل يوم اثنين وخميس فيصلون صلاة الإشراق هنالك ويتباركون حتى إن الطريق إلى هذا المسجد رأيتها كأنها أحد طرقات الأسواق من كثرة الوطء ومشي الناس إلى هذا المسجد ، ثم اتخذ الناس فيه بعد ذلك مساجد من تحته تعرف بالزّبيري وأبي عبد الله الصوفي والبغداني وغيرهم من الصالحين ، وكانوا إذا اجتمعوا لم يفترقوا إلّا

__________________

(١) من : حد ، صف.

(٢) لا زال هذا المكان معروفا إلى الآن.

٢٧١

عن دعاء وثناء لله إلى أن حصرت صنعاء سنة وخاف أهل صنعاء فانقطع ذلك إلى هذا الوقت وكان من قبل ذلك العباد بصنعاء (١) يصلون فيه قيام الليل ويسمعون فيه : «اللهم احفظ القرية ومن فيها» ثلاث مرات ، يقال : هذا القول سمعه غير واحد منهم ومن غيرهم.

__________________

(١) «العباد بصنعاء» ليست في : حد ، صف.

٢٧٢

ذكر فضل المساجد التي يذكر لها فضل من مساجد اليمن

وأسداد اليمن

وجدت بخطه (١) ، حدثني الكشوري قال أبو الوليد ، قال : حدثني جدي والشافعي ويوسف بن محمد عن مسلم بن خالد الزّنجي عن ابن جريج ، قال : سئل عطاء متى يجب الركوع؟ قال : إذا أشرقت الشمس على جبل عمر فحينئذ تجب الصلاة ، قال الكشوري : [جبل](٢) عمر بمكة من قبل المشرق ، قال الكشوري : يعني صلاة الضحى.

الكشوري قال : حدثني إبراهيم بن إسحاق (٣) العضداني قال : حدثني عبيد بن محمد بن برّة ، قال : أخبرني شيخ من مأرب يقال له : أبو إسحاق ، قال : أخبرني قتيبة ، قال : قال عطاء الخراساني : أتدري أي حين صلاة الهجر (٤)؟ حين تزول الشمس تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) خمسين مرة وآية الكرسي خمس مرات (٥) فمن فعل ذلك انصرف كل يوم بعمل نبي من الأنبياء.

ومن المساجد المشرفة بالثواب للمصلين فيها من اليمن ونواحي صنعاء فيما

__________________

(١) أي بخط علي بن الحسن بن عبد الوارث.

(٢) من بقية النسخ.

(٣) س : «إبراهيم العضداني».

(٤) الأصول كلها : «الحضر» ولعلها تصحيف صوابه ما أثبتناه لاتفاقه مع مقام الخبر في صلاة الضحى وزوال الشمس وما جاء في مصنف عبد الرزاق ٣ / ٧٧ ، والهجر : نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر (المحيط).

(٥) حد : «خمسين مرة».

٢٧٣

يذكرون في الجبال / التي هي نحو صنعاء وحواليها من الجبال المقدسة : جبل نقم ومسجده هذا الذي ذكرناه تحته ، وصلاة الأبرار فيه.

ومسجد جبل حضور الذي هو مبني في أعلاه.

ومسجد جبل ضين مبني في أعلاه.

ورأس جبل بيت فائش في رأس تخلى.

ورأس هنوم.

ورأس تعكر.

ورأس صبر.

فأما رأس (١) نقم فقد تقدم ذكر سبب بنائه.

وأما المسجد الذي على رأس جبل حضور ، وهو مسجد شعيب بن مهدم بن ذي مهدم (٢) وهو في رأس جبل حده (٣) حضور.

ومسجد فائش بن مسور (٤) وهو في رأس جبل تخلى.

ومسجد في رأس ضين.

وكان في رأس جبل تعكر آخر.

ومسجد في رأس جبل هنوم.

وفي رأس جبل صبر (٥) مسجد (٦).

__________________

(١) بدلها في مب ، حد ، صف : «مسجد». وانظر أسماء بعض هذه الأماكن في الإكليل ٨ / ٦٨

(٢) مب : «النبي شعيب بن ذي مهدم عليه‌السلام ابن ذي مهدم».

(٣) ليست في حد.

(٤) با ، س ، مب : «منصور» ، والتصحيح من : حد ، صف ، والإكليل.

(٥) ليست في حد ، ولا في الإكليل.

(٦) ليست في مب.

٢٧٤

فيقال : إن هذه الجبال وهذه المساجد مشرفة من قديم الدهر إلا هذا الذي في أسفل نقم فإنه إسلامي ، وإنها جبال ومساجد مقدسة.

وإن المساجد التي بنيت في الإسلام على أثر ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : مسجد الجند.

ويقال : ومسجد صنعاء.

ومسجد صعدة القديم.

ومسجد في رأس جبل صيد يعرف بمسجد معاذ كان محويا بالحجارة إلى أن بناه أبو أيوب رجل من أهل صنعاء يسكن الحمراء.

وجدّد معه مساجد كثيرة بصنعاء في وقت متقدم قبل هذا الزمان بمدة يسيرة منها المسجد الذي كان يعرف بالصّياقل وهو مسجد سوق الحطب اليوم بناه ، وكان له منارة ولم يردها فيه.

ومسجد عزيز الذي في سوق ابن ماعز (١) بصنعاء.

ومسجد في زقاق غمدان إلى المصرع ، وجدد في زمان (٢) يزيد بن منصور الحميري وقد كان ابن يزيد (٣) عمره من بعد القرامطة وسقفه بهذا السقف الذي هو فيه اليوم ، وكانت هذه العمارة قريبا من سنة ثمانين وثلاث مئة إلى تسعين وثلاث مئة.

قال الحسن بن يعقوب الهمداني وذكر أن هذه المساجد [يذكر أهل اليمن أنها من المساجد](٤) المقدسة ـ أعني المساجد التي في رؤوس هذه الجبال ـ وأن المساجد

__________________

(١) مب : «ابن عامر».

(٢) بقية النسخ «مسجد».

(٣) مب : «ابن عم بن يزيد بن منصور الحميري».

(٤) من : حد ، صف ، مب.

٢٧٥

المحدثة في الإسلام التي بنيت على مبارك الناقة مسجد جامع صنعاء ، والجند ، وصعدة القديم ، ومسجد (١) فروة بن مسيك المرادي وهو مسجد الجبانة ، وهو مسجد (٢) ما دعا الله فيه مكروب إلا أجيبت دعوته.

ومتعالم عند علماء (٣) صنعاء / أنه من تطهر (٤) من بئر سام وهي البئر الموازية لأول باب من أبواب المسجد من قبل المشرق ، وصلى بطهوره ذلك في مسجد فروة بن مسيك ، ودعا الله تعالى أنه يجاب دعاؤه ، ويروى ذلك في غير حديث.

ومسجد نجران القديم الذي يسمى مسجد الأخدود ، وذكر قصر غيمان واسمه المقلاب وكان عجيبا وكان فيه [حائط](٥) مدور فيه خروق أو كوى على جنبات المشارق والمغارب ، أي على درج الميل لتقع الشمس كل يوم في كوة منها ، وفيها مقبرة عظماء حمير ، قال أسعد تبّع :

[المتقارب]

وغيمان محفوفة بالكروم

لها بهجة ولها منظر

بها كان يقبر من قد مضى

من آبائنا وبها نقبر

إذا ما مقابرنا بعثرت

فحشو مقابرنا الجوهر

فإن يك قومي أفنتهم (٦)

حتوف المنايا فلا تسخروا

__________________

(١) صف : «وأن القديم مسجد فروة». حد : «وأن القديم فروة» تحريف واضح.

(٢) «وهو مسجد» ليست في صف.

(٣) حد ، مب : «أهل».

(٤) «من تطهر» ليست في حد.

(٥) من : حد ، صف ، مب ، والإكليل.

(٦) الأصل با ومب وس : «فإن يك قومي قد أفنتهم» ولا يستقيم بها الوزن ، والتصحيح من : حد ، صف.

٢٧٦

فكلّ يموت كذاك العباد

ومن بعد ذلكم المحشر

فما النّاس إن عمّروا خالدين

فيها ولا الموت يستنكر (١)

وجدت بخط [ابن](٢) عبد الوارث ، الكشوري ، حدثنا أبو قدامة همام بن مسلمة عن عقبة بن همام بن منبه قال عبد الرزاق ، قال أخبرني عبد الصمد أنه سمع همام بن منبه يقول في قوله تعالى : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ)(٣) قال : [قال](٤) الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سلهم يا محمد (٥) أعني قريشا «أهم خير أم قوم تبع» وقد أهلكتهم.

__________________

(١) انظر الخبر كله في الإكليل ٨ / ٦٩ وقد سقط فيه البيت الأخير من هذه المقطعة.

(٢) من : حد ، صف ، مب ، والإكليل.

(٣) سورة الدخان : ٤٤ / ٣٧ ، والآية : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ).

(٢) من : حد ، صف ، مب ، والإكليل.

(٤) «يا محمد» ليست في حد.

٢٧٧

ذكر أسداد اليمن

وهي الأسداد الآتي ذكرها (١) منها :

سدّ مأرب وهو على منخنق المأزمين (٢) من مأرب ، قال الأعشى (٣) :

[المتقارب]

ففي (٤) ذاك للمؤتسي أسوة

ومأرب عفّى (٥) عليها العرم (٦)

رخام بناها (٧) لهم حمير

إذا جاءه ماؤهم لم يرم

فأروى الحروث وأعنابهم

على سعة ماؤهم ينقسم

فأضحوا (٨) أيادي لا يقدرو

ن منه على شرب طفل فطم

/ وسدّ الخانق بصعدة بناه نوال بن عتيك غلام سيف بن ذي يزن ومظهره من الخنفرين (٩) من رحبان ، وفيه يقول ابن أبان :

__________________

(١) «الآتي ذكرها» ليست في : حد ، صف ، مب. وفي س : «التي ذكرها».

(٢) المأزمان : المضيقان ، الواحد مأزم (ياقوت ، المحيط).

(٣) «قال الأعشى» ليست في : حد ، صف ، مب. والأبيات الأربعة التالية هي : ٦٧ و ٦٨ و ٦٩ و ٧٢ من مطولة للأعشى يمدح بها قيس بن معديكرب مطلعها :

أتهجر غانية أم تلم

أم الحبل واه بها منجذم

(٤) الإكليل : «كفى».

(٥) الإكليل والديوان : «قفى».

(٦) الأصل : «الكرم» تصحيف واضح ، والتصحيح من بقية النسخ والديوان.

(٧) الديوان : «بنته».

(٨) البيت ساقط في : حد ، صف ، مب ، والإكليل ٨ / ١١٥. وهو في الديوان :

فطاروا سراعا وما يقدرو

ن منه لشرب صبي فطم

(٩) كذا الأصول ، وفي الإكليل ٨ / ١١٥ ، وصفة الجزيرة ٥٣ ، وياقوت : «الخنفر» مفردة.

٢٧٨

[المتقارب]

غرسنا الكروم على الخنفرين

بمنيا بسهل وماء معين (١)

وخربه إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد الصادق (٢) يوم هدم صعدة.

وسدّ ريعان : وهو سد [ابن](٣) ذي مأذن ولما خرب نقص غيل ضهر (٤) النصف.

وسد سيّان (٥).

وأسداد بلاد عنس منها : سد جيرة.

وأسداد يحصب ، وهي على ما كنت أسمع (٦) ثلاثون سدا.

ثم أخبرني أبو العباس بن أبي غالب السفلي أنها ثمانون سدا. فروينا عدتها في هذا الموضع في شعر أسعد تبّع عنه إذ كان من أهل البلد أنها ثمانون سدا [فقال](٧) شعرا :

وفي البقعة الخضراء من أرض يحصب

ثمانون سدا تنفذ (٨) الماء سائلا

__________________

(١) الشطر الثاني في الإكليل : «ماء بسهل وماء بعدها نصبا» وهو خطأ.

(٢) بدلها في حد ، صف ، مب ، والإكليل : «العلوي». انظر اليمن للشماحي ٨٨ ـ ٨٩ ، وانظر ما سبق ص ٢٥٥ الحاشية رقم (٥).

(٣) من حد والإكليل ، وفي مب : «ابن ذي يزن».

(٤) ليست في مب.

(٥) حد : «يسار» وبازاء «سد سيان» ، في صف في الهامش تعليقة صورتها «سد سيان خرب في صيف سنة ٧٩؟» ولعلها للناسخ فهي بخطه.

(٦) الأصل با وس «على ما ذكره أسعد تبع» وهو لا يستقيم ، والتصحيح من : حد ، صف ، مب ، والإكليل ٨ / ١١٦ ؛ ويتفق مع سياق الخبر.

(٧) من حد ، وفي صف «وفيها يقول».

(٨) حد ، مب ، والإكليل : «تقذف». صف : «تغدق».

٢٧٩

ومن كبارها : قصعان (١).

وريواب : وهو سد قتاب.

وشحرار.

وطمحان.

وسد عباد (٢).

وسد لحج (٣) : وهو سد عراس.

وسد سجن (٤).

وسد ذي شهل (٥).

وسد ذي رعين.

وسد مفاضة (٦) ، عند قرية ذي ربيع.

وسد نضار (٧) ، بفتح النون في الشعر.

وهرّان.

وسد الشّعباني.

وسد المليكي.

وسد النّواسي.

وسد الميهاد.

وباقيها لطاف.

__________________

(١) صفة الجزيرة ١١٤ ، ٢٤٧ : «قضان».

(٢) س : «عمان». مب والإكليل : «عاد».

(٣) با ، س : «سلحج». مب : «يسلح». صف : «حج». والتصحيح من حد والإكليل.

(٤) رسمها في النسخ كلها : «سحى» ، وحررناها من الإكليل ٨ / ١١٦ ، وصفة الجزيرة ١٠٨.

(٥) كذا في الأصول كلها ، وفي الإكليل : «ذي سهل».

(٦) الأصول : «معاطه» مهملة ، والتصحيح من الإكليل.

(٧) الإكليل : «نظار».

٢٨٠