تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

ذكر قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) الآية

حدثني الشريف محمد بن الحسين قال : حدثني أبو عصمة قال : منصور بن أيوب ، أبو يعقوب إسحاق (١) بن الصباح ، أبو سهل ، صالح بن محمد عن محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)(٢) فارتدّ بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على عهد أبي بكر بنو تميم ، وبنو حنيفة ، وأسد ، وغطفان ، وناس من كندة فيهم الأشعث بن قيس وبقي ثلاث (٣) لم ترتد (٤) مكة والمدينة والبحرين فارتد عامة الناس (٥) فأتى الله بقوم / يحبهم ويحبونه فشدّ الله بهم الدين وهم أحياء من اليمن من كندة والنّخع وبجيلة ، فكان من النّخع ألفان (٦) ومن كندة وبجيلة خمسة آلاف فذلك سبعة آلاف.

حدثني الحسين بن محمد بن عبد الأعلى قال : أخبرني أبي محمد بن عبد الأعلى قال : حدثني جدي أحمد بن إسحاق بن يوسف الحذاقي ، قال أبو محمد عبيد بن محمد الكشوري ، قال : سمعت بكر بن عبد الله بن الرصّاص يقول : سمعت

__________________

(١) ساقطة في حد.

(٢) المائدة : ٥ / ٥٤ وتمامها (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).

(٣) ساقطة في مب.

(٤) حد ، صف ، مب : «يرتدوا».

(٥) انظر في ذلك : تاريخ الطبري ٣ / ٢٤٩ ـ ٣٤٢ ، ابن الأثير : الكامل ٢ / ٣٤٢ ـ ٣٨٣ ، البداية والنهاية ٦ / ٣١١ ـ ٣٣٢ ، بروكلمان : تاريخ الشعوب الإسلامية ٨٤ ـ ٩٠

١٨١

عبد الملك الذّماري يقول (١) : كان الدينباذ لباذان (٢).

قال أبو محمد وحدثني حفص بن أبي الدّغيش قال : حدثني غير مرة أنه ليس باليمن صافية أصح ولا أحل (٣) من صافية صنعاء وذمار ، وذلك أنهما كانتا لباذان فأصفاهما عمر بن الخطاب لأنه بلغه أنه أسلم إسلام طاعة قبل أن تفرض الفرائض ولم يكن له ولد مسلم فأصفى ماله لذلك.

قال أبو محمد : وسئل عن صافية صنعاء فقال : الدينباذ وغيل عليب وأشياء كثيرة غير ذلك. قال : وأخبرني من سمع محمد بن إسماعيل الأشج (٤) يقول : كان الدّينباذ لباذان.

__________________

(١) ساقطة في مب.

(٢) ساقطة في صف.

(٣) «ولا أحل» ساقطة في س.

(٤) ساقطة في : حد ، صف.

١٨٢

ذكر ميقات أهل (١) اليمن

ابن البنا (٢) ، خلاد بن أسلم ، هشيم عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر بن عود (٣) والحجاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أين يحرم فقال : «يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة (٤) ، ويهلّ أهل الشام من الجحفة ، ويهلّ أهل اليمن من يلملم ، ويهلّ أهل نجد من قرن» (٥) قال ابن عمر : فقاس الناس ذات عرق بقرن.

أبو أمية ، محمد بن يزيد بن سنان (٦) قال أبو رزين (٧) الشامي عن أبي عبيد عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اللهم بارك لنا في مكتنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدّنا» فقال رجل : يا رسول الله العراق ومصر (٨) قال : هناك ينبت قرن الشيطان وثمة الزلازل والفتن».

__________________

(١) ساقطة في مب.

(٢) «ابن البنا» ليست في س.

(٣) كذا في با ، حد ، مب ، س. و «ابن عود» ساقطة في صف ، وما جاء في هذه الأصول تصحيف صوابه : «عبد الله بن عمر العمري» انظر الجرح والتعديل ٥ / ٣٢٦ ، وتقريب التهذيب ١ / ٥٣٧

(٤) ليست في حد.

(٥) البخاري ٢ / ١٦٦ ، مسلم ؛ باب المواقيت ١ / ٤٨٤ ، مسند أبي حنيفة ١١١ ـ ١١٢ وانظر ما سبق الحاشية رقم ٤ ص ٦٧

(٦) حد ، صف : «بن سنان يزيد».

(٧) في الأصل با : «رزن» والتصحيح من بقية النسخ.

(٨) حد : «في عراقنا ومصرنا» ، والحديث بلفظه وسنده في مسند ابن عمر ص ٤٠ وانظر ما سبق ص ٧٢

١٨٣

ذكر ما بين صنعاء ومكة من طريق اليمن

الذي بين صنعاء ومكة / على طريق نجد اثنتان وعشرون مرحلة ، ومن البرد (خمس مئة بريد يكون أربع مئة ميل وعشرين ميلا) (١) ، ويسمى قرن الميقات لأهل نجد قرن المنازل ومحجة صنعاء إلى مكة طريق تهامة على الساحل يخرج من صنعاء إلى صليب على (٢) طريق نجد ومنازلها سواء ، ويسمى المحرم يلملم.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في : حد ، صف.

(٢) حد ، صف : «على نحو طريق».

١٨٤

ذكر جنّ اليمن (١)

حدثني محمد بن الحسن الحسيني قال أبو عصمة عبد بن سالم الثوري ، قال منصور بن أيوب المازني ، أبو يعقوب إسحاق بن الصباح ، قال أبو سهل فارس بن عمر البجلي ، قال أبو محمد صالح بن محمد عن محمد بن مروان الكوفي عن (٢) الكلبي ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ)(٣) قال : إنه لّما حرست السماء (قال إبليس لجنده : إن السماء حرست) (٤) ، ولم يبق صنم إلا خرّ لوجهه ، ولم يكن هذا إلّا عند خروج نبي هو خاتم النبيين ، ففرق جنده في الطلب وبعث تسعة من جن نصيبين واليمن.

عن صالح عن عبد العزيز عن المسيّب عن أبي روق ، قال : كان تسعة من جن نصيبين واليمن (٥) وكان رأسهم شيخا يسمى عمرا ، وقال المسيّب وسمعت الكلبي يقول : كان تسعة من جن نصيبين واليمن وكان منهم حسا ونسا وشاصر وناصر ، ومسحب وابني الأريدواني. قال. قال (٦) : سمعت النضر (٧) بن عربي قال محمد بن مروان : قال : كان (٨) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلا وهو قائم يصلي بنخلة وهو يتلو القرآن ، وهو لا يعلم بهم ليلته ، فلمّا سمعوا القرآن اشتهوه ، ورقّت قلوبهم فدنا بعضهم من

__________________

(١) أثبت هذا العنوان بعد «إسحاق بن الصباح» في مب.

(٢) ساقطة في س.

(٣) الجنّ : ٧٢ / ١ ، وتمامها : (... فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً).

(٤) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٥) ساقطة في : صف ، مب.

(٦) حد : «فيما سمعت».

(٧) ما أثبتناه من مب ، وفي النسخ الأخرى : «الناصر».

(٨) ساقطة في : مب ، حد ، صف.

١٨٥

بعض حتى كادوا يكونون عليه لبدا ، يقول : كادوا يركبون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فآمنوا به وصدقوا ، ثم رجعوا إلى قومهم ولم يأتوا إبليس ، فقالوا يا قومنا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً)(١).

__________________

(١) انظر تفسير الطبري ٢٩ / ١٠٢ ـ ١٢٤ ، الطبرسي : مجمع البيان في تفسير القرآن ١٠ / ٣٦٨ ـ ٣٧٤ ، ابن هشام : الروض الأنف ٢ / ٣٠٧ ؛ والحاشية رقم (٢).

١٨٦

ذكر قتل أهل حضور نبيهم وتسليط الله تعالى عليهم

بخت نصّر

وقول الله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً)

/ صالح بن محمد ، قال محمد (١) عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال : أي (٢) قرية من قرى اليمن يقال (٣) لها : حضور ـ أرسل الله إليهم [نبيّا فكذبوه ثم قتلوه فسلّط الله عليهم بخت نصّر عبدا من عباده ومعه](٤) جنود فقيل له اغز إلى أرض يقال لها العربايا يعني العرب التي (٥) ليست لبيوتهم أبواب ولا أغلاق ، فلا تدع في أرضهم شيئا له روح من طير ولا سبع ولا غيره إلّا قتلته ، قال : فغزاهم بالجنود ، فلمّا بلغهم مسير بخت نصّر خرجوا إليهم ، وكتّبوا الكتائب [فقاتلهم قتالا شديدا حتى حوّلوه عن منزله ، ثم كتّب الكتائب](٦) من بين أيديهم ومن خلفهم فهزمهم الله تعالى وأتبعهم بخت نصّر بالجنود فقتّلهم فمرّوا على دورهم وفيها أهلوهم وذراريهم فلم يلووا على شيء من أمورهم (فردتهم الملائكة إلى دورهم) (٧) فرجعوا ودخل بخت نصّر وأصحابه فجعلوا يقتلونهم وهم يقولون (٨) يالثارات فلان النبي الذي قتلوه ، فلما رأوا أن الصوت لا يسكت (٩) عنهم وأنهم

__________________

(١) «قال محمد» ليست في س.

(٢) ليست في مب.

(٣) مب : «تسمى».

(٤) تكملة من : حد ، صف ، مب.

(٥) ساقطة في : س ، صف.

(٤) تكملة من : حد ، صف ، مب.

(٦) ما بين القوسين ساقط في س.

(٧) ساقطة في حد.

(٨) مب : «الصوت سكت عنهم».

١٨٧

يقتلونهم عرفوا أن الله سلطهم عليهم بقتلهم النبي الذي بعثه إليهم ، فقالوا عند ذلك : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) بقتل النبي. يقول الله تعالى : (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) فلم تبق منهم عين تطرف من آدمي وذي روح فذلك قوله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) الآية (١).

__________________

(١) الأنبياء : ٢١ / ١١ ، وتمامها : (... وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ). وانظر ما سبق ص ١٧٩ الحاشية (٢).

١٨٨

ذكر من دخل صنعاء وولي عليها من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

فروة بن مسيك المرادي.

ووبر بن يحنّس الخزاعي.

والمهاجر بن أبي أميّة.

وعكرمة بن أبي جهل.

وعثمان بن عفّان الثّقفي.

والمغيرة بن شعبة.

ومعاذ بن جبل.

وأبان بن سعيد.

وأبو سفيان بن حرب.

ويعلى بن أميّة.

والنّعمان بن بشير بن سعد.

وبسر بن أرطأة.

وعبيد الله بن العباس.

فأمّا وبر فبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صنعاء فقدم (١) بعد موت باذان فأنزله داذويه في كنيسة صنعاء التي عند بابها الذي [يلي](٢) قبلتها عند امرأته أم سعيد البزرجية فقرأ عليها وبر [بن يحنّس](٣) القرآن فأسلمت وحسن إسلامها وعلّمها

__________________

(١) ليست في حد.

(٢) من بقية النسخ.

(٣) من : حد ، صف ، مب.

١٨٩

القرآن ، فكانت أول من أسلم وصلّت إلى القبلة في منزلها من أهل اليمن باليمن ، وهو ممن قدم مع (١) يعلى بن أمية إلى صنعاء ، وهو الذي لقي فنج بالدّينباذ ، [فروى](٢) فنج عنه الخبر فيما يقال ، وهو الذي أسّس / المسجد الجامع بصنعاء ، ويقال بل ألقى إليهم النعت والصفة ، وكان قدم مع رجال من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وجدت بخط ابن عبد الوارث الكشوري ، قال سفيان بن زياد عبد الرزاق قال داود بن قيس الصنعاني ، قال : حدثني عبد الله بن وهب (٣) عن أبيه عن فنج قال : كنت أعمل في الدّينباذ فلمّا قدم يعلى بن أمية أميرا على اليمن ، جاء معه رجال من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لي رجل منهم : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تطعم كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة». يقال : إن هذا الرجل هو وبر بن يحنّس وأنّ فنج أول من غرس الجوز بصنعاء (٤).

__________________

(١) الأصل با ، س : على ، والتصحيح من بقية النسخ.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

(٣) «ابن وهب عن أبيه» ساقطة في مب.

(٤) جاء هذا الخبر في مسند أحمد ٤ / ٦١ ؛ ٥ / ٣٧٤ أكثر تفصيلا ، وفيه : «عن فنج قال : كنت أعمل في الدينباذ وأعالج فيه فقدم يعلى بن أمية أميرا على اليمن وجاء معه رجال من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجاءني رجل ممن قدم معه وأنا في الزرع أصرف الماء في الزرع ومعه في كمه جوز فجلس على ساقية من الماء وهو يكسر من ذلك الجوز ويأكل ثم أشار إلى فنج فقال : يا فارسي هلم ، قال فدنوت منه ، فقال الرجل لفنج : أتضمن لي غرس هذا الجوز على هذا الماء؟ فقال له فنج : ما ينفعني ذلك ، فقال الرجل : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول بأذني هاتين : «من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله عزوجل» فقال له فنج : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : نعم ، قال فنج : فأنا أضمنها. قال : فمنها جوز الدينباذ».

١٩٠

رواية فروة بن مسيك المرادي

وأمّا فروة بن مسيك (١) فبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مراد ومذحج كلّها (٢) يقبض منهم (٣) الزكاة ، وروي أن فروة قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إني امرؤ شريف ، وإني في بيت قومي وعددهم أفأقاتل من أدبر عنّي؟ قال : نعم ، وخرج فروة من المدينة يريد اليمن ، حتى إذا سار يوما وليلة نزل جبريل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمره ونهاه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما فعل المرادي؟ قالوا : همس (٤) يومه وليلته ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمر بن الخطاب في طلبه فأدركه ، فقال له (٥) : إني رسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليك ، قال (٦) فروة : أنا عائذ بالله من غضبه وغضب رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورجع مع عمر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : إنه لا سخط عليك ، إنك أتيتني ، وزعمت أنك شريف قومك وأنك في بيت قومك وعددهم ، وسألتني أن تقاتل بإجابة من معك من أدبر عنك ، وأتاني جبريل فأمرني ونهاني ، فكان فيما أمرني الرأفة بأولاد سبأ واللطف بهم والتحنن عليهم ، وأعلمني أنه يحسن إسلامهم ، وأن تدعو قومك إلى الإسلام ، فمن أسلم فاقبل منه ، ومن كفر فقاتله ، فقال فروة : يا رسول الله ، ألا تخبرني شيئا ، وذكر الحديث.

أخبرني عطية بن سعيد الأندلسي قال محمد / بن الحكم ، قال محمد بن جماهر ،

__________________

(١) ليست في بقية النسخ. وانظر الإصابة ٣ / ٢٠٥

(٢) ليست في حد.

(٣) ليست في مب.

(٤) الهمس : السير بالليل بلا فتور (المحيط).

(٥) ساقطة في : حد ، س ، مب.

(٦) صف : «فقال : أعوذ بالله».

١٩١

أبو عيسى الدهان ، قال أبو كريب وعبد [الرحمن](١) بن حميد ، قال أبو أسامة عن الحسن بن الحكم ، قال أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك المرادي ، قال : «أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم (٢) فأذن لي في قتالهم ، وأمرني ، فلمّا خرجت من عنده سأل عني : ما فعل الغطيفي؟ فأخبر أني قد سرت ، فأرسل في أثري فردني فأتيته وهو في نفر من أصحابه ، فقال : ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك.

قال : وأنزل الله تعالى في سبأ ما أنزل (٣) ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما سبأ أرض أم امرأة؟ قال : ليس بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشآم [منهم](٤) أربعة.

فأمّا الذين تشآموا فلخم وجذام وغسان وعاملة. وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما أنمار؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة».

أخبرني علي بن محمد المكي ، قال البجلي ؛ قال محمد بن إبراهيم بن المنذر قال محمد بن أحمد ، نصر بن سيار ، عبد [الرحمن](٥) بن حميد أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي ، قال أبو سبرة النخعي ، عن فروة بن مسيك المرادي ، قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكر الحديث كالذي قبله سواء.

__________________

(١) من مب وحدها. وانظر طبقات خليفة ٢ / ٦٥١ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ١٦٤

(٢) «بمن أقبل منهم» ليست في حد.

(٣) انظر القرآن الكريم سورة سبأ : ٣٤ / ١٥ وما بعدها. وانظر نص الخبر في : الطبرسي : مجمع البيان في تفسير القرآن ٧ / ٣٨٩

(٤) من : حد ، صف ، س ، والطبرسي.

(٥) من مب وحدها ، وانظر ما سبق.

١٩٢

عبد الرزاق عن معمر ، قال : أخبرني يحيى بن عبد الله بن بحير قال : أخبرني من سمع فروة بن مسيك المرادي ، قال : قلت : يا رسول الله إن أرضا عندنا يقال لها أبين هي أرض ميرتنا وريفنا وهي وبئة شديدة الوباء. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دعها فإن من القرف التّلف» (١).

__________________

(١) مصنف عبد الرزاق ١١ / ١٤٨ ـ ١٤٩. والقرف : ملابسة الداء ومداناة المرض. وانظر ابن الأثير : النهاية في غريب الحديث (قرف).

١٩٣

ذكر المهاجر بن أبي أميّة

وأمّا المهاجر بن أبي أمية ، وهو أخو أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان قد تخلف (١) عن غزوة تبوك ، فوجد [عليه](٢) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان اسمه الوليد وإنما سماه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجر ، وذلك أن أخته أمّ سلمة رأت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [يوما](٣) طيب النفس ، فأرسلت إلى أخيها الوليد أن ادخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعتذر إليه ؛ ففعل فرضي عنه واستعمله على صنعاء ، وذكر الحديث.

قال الوليد / حدثني ابن عوسجة ، قال النعمان ، حدثني عبد الرحمن بن هشام عن أبيه ، قال : قال النعمان بن الزبير عن غير واحد ممن أدرك ، وذكر ابن جريج وغيره ، أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث المهاجر (٤) بن أبي أمية لقتال كندة وحضر موت فلم يزل بها حتى توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستخلف أبو بكر رضي‌الله‌عنه ، فكتب إلى أبي بكر يستمدّه ، فبعث إليه عكرمة بن أبي جهل في خيل وأبا سفيان بن حرب (٥) فحاصروهم حتى افتتحوها فقتل منهم بشرا كثيرا ، وسبى ، فبعث أبو بكر رضي‌الله‌عنه إلى المهاجر المغيرة بن شعبة ألا يقاتلهم إن نزلوا على الحكم ؛ فوجدهم في دمائهم ، فانصرف عكرمة وأبو سفيان والمغيرة ، وذكر الحديث.

قال : وكتب أبو بكر رضي‌الله‌عنه إلى المهاجر أن يصير إلى صنعاء ، قال إبراهيم بن محمد : فصار المهاجر بن أبي أميّة إلى صنعاء.

__________________

(١) مب : «تأخر».

(٢) من : مب ، صف.

(٣) من : حد ، صف.

(٤) انظر المحبر لابن حبيب ص ٩٥.

(٥) زيادة في حد ، صف : «في خيل».

١٩٤

[ذكر عكرمة بن أبي جهل](١)

قال أبو الحسن [أحمد](٢) بن سليمان ، زيد بن المبارك ، عبد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص ، قال : إن عكرمة لمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة قال : لا أساكن قوما قتلوا أبا الحكم ؛ فتحمّل ليركب البحر وحمل ثقله في سفينة ، فلمّا رأى ذلك آمر (٣) أخته فقالت : أنت سيد أهل الوادي بأي بلد تصير لا تعرف بها ، فأبى ، فلما انتهى إلى السفينة قال له صاحب السفينة : أخلص. قال : ما أخلص؟ قال : لا يصلح لأحد أن يركب

__________________

(١) لم يذكر هذا العنوان في النسخ كلها وأضفناه على طريقة المؤلف. وانظر عن عكرمة ما جاء في الطبري ٣ / ٣٣٠ ـ ٣٤٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٥٧ ، وصفة الصفوة ٢ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧. وقد جاء هذا الخبر في الأصول مصحّفا مضطربا بشكل لم نهتد فيه إلى وجه. فاستفتينا الدكتور إحسان عباس في ذلك ، فتتبع الخبر بعناية جزاه الله عنا كل خير وانتهى إلى قراءته بالشكل الذي أثبتناه معتمدا على ما جاء في الإصابة لابن حجر ٤ / ٢٥٨ ، ط الخانجي / ١٩٠٧ م. والمستدرك للحاكم ٣ / ٢٤١ ، ط حيدر آباد. ومغازي الواقدي ٢ / ٨٥١ ط أكسفورد / ١٩٦٦ م ، ومعجم Wenrimch مادة (خلص).

و (أخلص) : من الإخلاص وهي كلمة التوحيد ، صحفت في النص إلى (أحاص).

وصورة النص كما جاء مصحّفا مضطربا في الأصول :

«قال أبو الحسن أحمد بن سليمان ، زيد بن المبارك ، عبد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : إن عكرمة لما قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة قال : لا أساكن قوما قتلوا أبا الحكم ، فتحمل ليركب البحر وحمل ثقله في سفينة ، فلما رأى ذلك آمر أخته فقالت : أنت سيد أهل الوادي بأي بلد تصير لا تعرف بها فأبى فلما انتهى إلى السفينة قال له صاحب السفينة : أحاص. قال : ما أحاص؟ قال : لا يصلح لأحد أن يركب السفينة حتى يحاص. قال : يصلح في البر ولا يصلح في البحر. قال : فأخرج متاعه ....».

(٢) من : مب ، صف ، حد.

(٣) المؤامرة : المشاورة (المحيط).

١٩٥

السفينة حتى يخلص. قال : يصلح في البحر ولا يصلح في البر ، قال : فأخرج متاعه ثم أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : مرحبا بالراكب المهاجر لا تسأل اليوم شيئا إلا أعطيناك (١) ، قال : يا رسول الله أنا والله اليوم من أكثر قريش مالا ، ولكن أسألك أن تستغفر لي كل قتال قاتلته (٢) لأصد به عن سبيل الله (وكل نفقة أنفقتها لأصد بها عن سبيل الله) (٣) فو الله لئن طالت بي حياة لأضعّفنّ ذلك.

قال أبو الحسن موسى (٤) بن سعيد بن النعمان ، قال موسى بن مسعود ، قال سفيان عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد عن عكرمة بن أبي جهل ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم جئته : مرحبا بالراكب المهاجر كرتين (٥). فقلت : والله يا رسول الله (٦) لا أدع / نفقة أنفقتها عليك إلا أنفقت مثلها في سبيل الله ، وكان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر المصحف غشي عليه وهو يقول : كلام ربي ، كلام ربي.

__________________

(١) حد ، صف : «أعطيتك».

(٢) بقية النسخ : «قاتلتك».

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) ليست في حد.

(٥) حد : «مرتين».

(٦) «يا رسول الله» ليست في مب.

١٩٦

ذكر رواية أبان بن سعيد

[وأمّا أبان بن سعيد](١) بن العاص فبعثه (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صنعاء. وكان يعد من فصحاء الإسلام السبعة (٣) أبان بن سعيد بن العاص بن أمية [بن عبد شمس وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخاه خالد بن سعيد بن العاص بن أمية](٤) إلى خولان فأبوا أن يسلموا (فقاتلهم فقتلهم ، وسبى [منهم](٥) وسار خالد إلى حضر موت فأسلموا) (٦) وبنوا (٧) لهم مسجدا.

حدثني القاضي الحسين [بن محمد](٨) قال : أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الله ، قال أبي : قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد إبراهيم بن ناصح عن (٩) محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني ، قال : حدثني سليمان بن وهب عن النعمان بن بزرج قال : لما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث أبو بكر رضي‌الله‌عنه

__________________

(١) تكملة من بقية النسخ.

(٢) الأصل با : «بعثه» ، والتصحيح من بقية النسخ.

(٣) ما أثبتناه من س وحدها وفي بقية النسخ : «سبعة» وفصحاء الإسلام السبعة هم : أبان بن عثمان بن عفان ، أبان بن سعيد بن العاص ، عبد الملك بن عمير الليثي ، أبو الأسود الدؤلي ، محمد بن سعد بن أبي وقاص ، الحسن البصري ، قبيصة بن جابر الأسدي (انظر المحبر لابن حبيب ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦).

(٤) تكملة من : حد ، صف ، مب.

(٥) تكملة من : حد ، مب ، س.

(٦) ما بين القوسين ساقط في صف.

(٧) حد ، صف ، مب : «وبنى».

(٨) تكملة من : حد ، صف.

(٩) ساقطة في : حد ، مب.

١٩٧

أبان بن سعيد القرشي إلى صنعاء (١) فأرسل أبان لقيس يعلى بن أمية إلى باب. وكان يعلى من أصحاب أبان ، فلمّا لقيهم قال له قيس : أدخلني على حين غفلة من أهل صنعاء حتى تدخلني على الأمير فيمكنني منه أربع كلمات ، وذكر الحديث بطوله (٢).

سليمان بن وهب عن النعمان قال : بعث أبو بكر أبان بن سعيد إلى صنعاء وكلمه فيروز في دم داذويه ، ولأبان صحبة ورواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أبو الحسن الوليد بن عبد الرحمن ، الوليد بن مسلم ، سعيد بن عبد العزيز أنه سمع الزهري يحدّث عن سعيد بن المسيب أن أبان بن سعيد بن العاص قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خيل وكانت حزمها الليف (٣) ، فسأله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقسم له ولأصحابه فلم يفعل.

__________________

(١) بقية النسخ : «اليمن».

(٢) الخبر ههنا غامض ولعله سبقه سقط ذهب بالحديث الطويل الذي يشير إليه بهذه العبارة (وذكر الحديث بطوله) ، ولم نستطع الاهتداء إليه في المصادر التي بين أيدينا.

(٣) ترك مكان عبارة «حزمها الليف» في حد بياضا ، وعلق إزاءها في الهامش : «بياض في الأم».

١٩٨

ذكر الرواية عن أبي سفيان بن حرب (١)

قال أبو محمد بن إبراهيم بن أحمد بن حفص اليماني ، عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (٢) عن ابن عباس أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه ، قال : انطلقت في / المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [فبينما أنا في الشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هرقل ، قال : وكان دحية الكلبي بعث](٣) إلى هرقل فقال هرقل : أهنا من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي أحد؟ قالوا : نعم ، فدعيت في نفر من قريش فدخلنا عليه فجلسنا (٤) بين يديه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان : أنا ، فأجلسوني (٥) بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم قال لترجمانه : اسأله كيف حسبه فيهم (٦) ، قال : قلت : هو فينا ذو حسب ، قال : فهل كان من آبائه ملك؟ قال : قلت : لا ، قال : فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت : لا ، وذكر الحديث إلى آخره (٧).

__________________

(١) العنوان في حد ، صف ، مب : «ذكر رواية أبي سفيان بن حرب».

(٢) «بن عتبة بن مسعود» ساقطة في : حد ، صف ، مب.

(٣) تكملة من : حد ، صف. وعبارة : «قال وكان دحية الكلبي بعث» ساقطة في مب.

(٤) حد ، صف ، مب : «فأجلسنا».

(٥) صف : «فقال أبو سفيان فأجلسني».

(٦) بقية النسخ : «فيكم».

(٧) الخبر في مصنف عبد الرزاق ٥ / ٣٤٤ ـ ٣٤٧ كما يلي :

[عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : أخبرني عبيد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال : حدثني أبو سفيان من فيه إلى فيّ قال : انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هرقل ، قال :

١٩٩

__________________

وكان دحية الكلبي جاء به ، فدفعه إلى عظيم بصرى ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل ، فقال هرقل : أهاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا : نعم ، قال : فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فجلسنا إليه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان : قلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه ، فقال : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه ، قال أبو سفيان : وايم الله لو لا أن يؤثر علي الكذب لكذبت ، ثم قال لترجمانه : سله ، كيف حسبه فيكم؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب ، قال : فهل كان من آبائه ملك؟ قال : قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقوله؟ قال : قلت : لا ، قال : فمن اتبعه؟ أشرافكم أم ضعفاؤكم؟ قلت : بل ضعفاؤنا ، قال : هل يزيدون أم ينقصون؟ قال : قلت : لا بل يزيدون ، قال : هل يرتد أحد عن دينه بعد أن يدخل فيه ، سخطة له؟ قلت : لا ، قال : فهل قاتلتموه؟ قلت : نعم ، قال : فكيف يكون قتالكم إياه؟ قال : قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا ، يصيب منا ، ونصيب منه ، قال : فهل يغدر؟ قلت : لا ، ونحن منه في هدنة لا ندري ما هو صانع فيها ، قال : فو الله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه ، قال : فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت : لا ، قال لترجمانه : قل له : إني سألتكم عن حسبه ، فقلت : إنه فينا ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ، وسألتك : هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن : لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك آبائه. وسألتك عن أتباعه : أضعفاؤهم ، أم أشداؤهم؟ قال : فقلت : بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن : لا ، فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله. وسألتك : هل يرتد أحد منهم عن دينه ، بعد أن يدخل فيه ، سخطة له؟ فزعمت أن : لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب ، وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت : أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان ، لا يزال إلى أن يتم ، وسألتك : هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ، فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا ، ينال منكم ، وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة ، وسألتك : هل يغدر؟ فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك : هل قال أحد هذا القول قبله؟ فزعمت أن : لا ، فقلت : لو كان هذا القول قاله أحد قبله ، قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله. قال : بم يأمركم؟ قلت : يأمرنا بالصلاة ، والزكاة ، والعفاف والصلة ، قال : إن يك ما تقوله حقا ، فإنه نبي ، وإني كنت أعلم أنه لخارج ، ولم أكن أظنه منكم ، ولو كنت أعلم أني أخلص إليه ، لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدميّ ، قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقرأه ، فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى هرقل عظيم الروم ، سلام

٢٠٠