تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

عنهم. وولي البلد سواه وكانت دار ابن عنبسة وبساتينه قد تغل سنة بعشرة آلاف دينار يعفرية.

ووجدت بخط القاضي سليمان بن محمد (١) النقوي ، يقول وجدت بخط أبي قرة عدّت الدور في زمان جفتم (٢) فوجدت مئة ألف وبضعة عشر ألف.

وحدث أبو الحسن علي بن عبد الوارث. قال : قال لي سلمة بن عيسى وكان سلمة سنّه مئة سنة قال : مررت وأنا صبي في يدي أبرود (٣) فخرج ابن الغطريف بن عطاء فطلبها (٤) من يدي ، وكان الغطريف نازلا في دار ابن عنبسة (يومئذ في شارع العراقيين حدثني بعض المشائخ بأن ابن عنبسة) (٥) أنفق في بناء هذه الدار خمسة وثلاثين [ألف](٦) دينار.

حكى الشيخ أبو الحسن بن مطر أن جدته زينب بنت الحسين بن محمد بن خلاد (٧) البصري حدثته قالت : كان أول ما وصل إلى صنعاء وكانت الدار التي في سوق العراقيين في ملك ابن عنبسة (٨) ـ نزلها وذلك قبل دخول ابن فضل صنعاء (٩)

__________________

(١) «بن محمد» ليست في : حد ، صف.

(٢) مهملة في الأصول كلها ، وحررناها من تاريخ الكبسي ، وفي زمباور ١٧٧ : «يفتم» وهو علي بن الحسين والي اليمن من قبل العباسيين قبل دخول الهادي يحيى بن الحسين صنعاء سنة ٢٨٦ ه‍.

(٣) كذا الأصل وس وصف. وفي حد : «أمرود». وفي مب : «اليرق» بإهمال ما قبل الياء ، ولم نهتد إلى قراءتها؟

(٤) كذا الأصل وس. وفي حد : «فأطلقها». وفي مب ، صف : «فطلقها» ولم ندر ما هي.

(٥) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٦) تكملة من بقية النسخ.

(٧) حد ، صف ، مب زيادة : «العرار».

(٨) حد ، صف ، مب : «شبة».

(٩) سقطت في مب.

١٦١

وصنعاء يومئذ (١) عامرة ، وكان ينزل هذه الدار من قدم من البصرة والعراق من أهل اليسار ، فنزل في مسكن منها فأعجبه أمرها في الوقت وما يجري من غلتها على صاحبها ، ورأى حسن عمارتها وإقبال الناس إليها فتمنى في نفسه أن يملك في هذه الدار بيتا وقال : طوبى لمن ملك في هذه الدار بيتا واحدا وهو بفرد عين. فلم يلبث إلا يسيرا حتى اشتراها وزايد في ثمنها ونافس فيها جميع من زايده في ثمنها حتى اشتراها بمال كثير ، وحصلت في ملكه.

قال أبو الحسن : حدثته جدته أنه كان يسافر بعد أن اشتراها إلى البصرة فيقيم سنة ثم يروح إلى صنعاء في الثانية ، وكان المتقبل يرفع قبالها إلى أهله بصنعاء كل يوم ثلاثة دنانير يعفرية.

ثم خربت هذه الدار في أيام ابن فضل وكان قد دفن في سطل عشرة آلاف دينار في صلول (٢) باب الدار فعثر عليه فأخذه القرامطة ثم افتجع فقذف الدم ثلاثة أيام ثم مات في ورور.

ووجدت بخط [يحيى بن](٣) حازم : حدثني أبو الحسين يحيى بن خلف أن القاضي يحيى بن عبد الله حدثه أن دور صنعاء عدّت في أيام أسعد وأخيه عبد الله للمحرس فوجدت نيفا وثلاثين [ألف](٤) دار.

__________________

(١) أي قبل سنة ٢٩٢ ه‍ حيث دخلها علي بن الفضل القرمطي.

(٢) أي تحت الأحجار التي ترصف أمام باب الدار على هيئة عتبة مرتفعة قليلا.

(٣) من : حد ، صف ، مب. وانظر ما سبق ص ١٦٠.

(٤) من : حد ، مب ، س. وأيام أسعد بن إبراهيم اليعفري كانت من سنة ٢٨٦ ـ ٢٨٨ ه‍ حيث غلب القرامطة ثم عاد للمرة الثانية فحكم من سنة ٣٠٣ ـ ٣٣٢ ه‍. الشماحي : اليمن ٩٤ ، غاية الأماني ٢١٩ باختلاف.

١٦٢

وذكر لي أنها عدت / في أيام ابن وردان (١) وقحطان (٢) فوجدت أربعة عشر ألف دار.

وذكر لي أنها عدت في أيام أبي جعفر (٣) بن الضحاك ستة آلاف دار وخمس مئة.

وفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة ، ألف وثمان مئة ؛ وخربت من الدور ودور النزول والمساجد والسقايا من سنة أربع وأربعين إلى سنة خمس وستين (٤) وثلاث مئة أربع وسبعون دارا من دور النزول بصنعاء وثلاثة عشر حماما ؛ فأما المساجد والسقايات فما لا يحصى.

وذكر لي أن صنعاء عدت في أيام أبي جعفر أحمد بن قيس [بن](٥) الضحاك وذلك في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة فكانت ألف دار وأربعين دارا منها خمس وثلاثون دارا لليهود (٦)

__________________

(١) هو علي بن وردان أحد موالي بني يعفر على صنعاء وكان غلب عليها سنة ٣٤٥ ه‍. تاريخ الكبسي مخطوط. لوحة / ٣٠ / وانظر غاية الأماني في أخبار القطر اليماني ٢٢٢.

(٢) هو الأمير عبد الله بن قحطان بن أبي يعفر الذي دخل صنعاء سنة ٣٥٣ ه‍ وتوفي في سنة ٣٨٧ ه‍. انظر غاية الأماني في أخبار القطر اليماني ٢٢٣ و ٢٢٧.

(٣) فوقها في مب : «أحمد بن قيس» وأبو جعفر بن الضحاك هو أحمد بن محمد بن الضحاك الذي ولي صنعاء سنة ٣٤٤ ه‍. انظر الشماحي : اليمن ١١٢ ، وغاية الأماني ٢٢٢.

(٤) حد : «خمس وخمسين».

(٥) من مب ، صف ، س ، والشماحي : اليمن ٢٦٥ ـ ٢٦٦.

(٦) هذا ما يرويه المؤلف عن عدد دور صنعاء واختلافه بين الكثرة والقلة ، ولعل من المفيد أن نورد في هذا المقام إحصاء حديثا لما في صنعاء من الدور لعقد مقارنة بسيطة عن تطور هذه المدينة :

بلغ عدد المساكن في مدينة صنعاء سنة ١٩٧٢ م ـ حسب عمر المباني ـ ٦٦٢ ، ١٦ مسكنا منها ٤٧٣٠ أي ٤ ، ٢٨% تجاوز عمرها الخمسين عاما و ١٤١٧ مسكنا أي ٥ ، ٨% يقع عمرها بين ٢٥ و ٤٩ سنة و ٢٥٨٣ مسكنا أي ٥ ، ١٥% يتراوح عمرها بين ١٠ و ٢٤ سنة والباقي وقدره ٧٩٣٢ أي ما يعادل ٦ ، ٤٧% من المساكن عمرها تسع سنوات فأقل ، وفي هذه الفئة وحدها ٣٤٩٢ مسكنا أي ٩ ، ٢٠%

١٦٣

وعدت الحوانيت العامرة والخربة التي كانت بصنعاء فإذا الجميع سبع مئة حانوت منها خراب كثير.

وعدت المساجد العامرة مئة مسجد وستة مساجد (١).

وعدت الحمامات العامرة اثني عشر حماما (٢).

وعدت المعاصر أربعا وخمسين معصرة يعصر بها السمسم.

وعدت مطاحن الفرض الذي يدبغ به (٣) الجلود والأدم ثلاثة وثلاثين مطحنا.

__________________

عمرها أقل من خمس سنوات. ويخلص الجهاز المركزي اليمني للتخطيط إلى أن حركة العمران والبناء في صنعاء تسارعت بشكل كبير ، ففي خلال الفترة الواقعة بين انتهاء الحرب العالمية الأولى وانتهاء الحرب الثانية كان تزايد عدد المساكن في صنعاء ضئيلا وبنسبة ٣ ، ١% ، وفي الفترة من انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى قيام الثورة سنة ١٩٦٢ م كان تزايد عددها بنسبة ٤ ، ٢% ومنذ قيام الثورة تسارع التزايد في عددها في العاصمة بشكل كبير فارتفع في خلال السنوات الخمس الأولى إلى ٦ ، ٨% وخلال السنوات الأربع الأخيرة كانت نسبة الزيادة السنوية في عدد المساكن الجديدة ١ ، ٦%. ويعتقد أن هذه النسبة أقل من الواقع بالنظر لغير المأهول من المساكن والمباني غير المكتملة والتي لم تدخل في الدراسة.

(نشرة الجهاز المركزي للتخطيط رقم ١٢

ص ١١ ـ ١٢ ، صنعاء نيسان / إبريل ١٩٧٣ م)

(١) حصر المؤرخ اليمني المرحوم السيد محمد بن محمد زبارة مساجد صنعاء سنة ١٣٤٥ ه‍ في خمسة وسبعين مسجدا ، وجاء ذلك في رسالة مخطوطة عن خطط صنعاء حققها الأستاذ عبد الله محمد الحبشي ونشرها في مجلة (اليمن الجديد) في الأعداد ٩ و ١٠ و ١٢ صنعاء ٧٢ ـ ١٩٧٣ م. وانظر كشاف الأماكن الذي ذيلنا به هذا الكتاب في (مسجد).

(٢) وفي المرجع السابق ـ زبارة ـ عدد المؤلف أربعة عشر حماما بصنعاء على أيامه (ت سنة ١٣٨٠ ه‍) ، وهذا يعني أن الحمامات بصنعاء بعد ألف عام زيدت حمامين فقط بينما نقص عدد المساجد واحدا وثلاثين مسجدا في الفترة نفسها ، والعكس في عدد المنازل التي زادت بشكل واضح بلغ نحو خمسة عشر ضعفا كما تقدم.

(٣) حد ، صف ، مب : «التي يدبغ بها» ، والفرض : ثمر الدوم ما دام أحمر (المحيط).

١٦٤

ذكر عدد مساجد البصرة في أيام القاضي يحيى بن أكثم

وعدد الحاكة والمساكين بها

قال القاضي يحيى بن أكثم : إنه عدّ مساجد البصرة فإذا فيها مئة ألف مسجد وتسعة آلاف مسجد ؛ ستة عشر ألف مسجد منها مغلقة.

وكان بالبصرة مئة ألف (١) طراز للحاكة ، وأنه أحصي مساكين أهل البصرة فوجدوهم ألف ألف وسبع مئة ألف وستين ألف (٢). قال حماد بن إسحاق : من لم يجمع بين غداء وعشاء.

قال أبو عبد الله مؤلف كتاب (مناقب البصرة) (٣) : وجدت أنا فيه هذه الرواية عن القاضي يحيى بن أكثم في عدد المساجد وعدد الحاكة ما ذكره وعدد المساكين.

وقال أبو عبد الله هذا : إن أنهار البصرة التي عليها النخل والقرى والمساجد والمشارع ثلاث مئة ألف نهر من نهر المرأة إلى عبدان ونهر الملح.

وأنه وجد كيل التمر حين يكال سبع مئة ألف كرّ / تمر غير الصّلف ، والسمسم ، والقطن ، واللوبياء ، وغير ذلك.

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «مئة ألف وعشرون ألف».

(٢) أي كان ذلك في النصف الأول من القرن الثالث الهجري فقد توفي القاضي يحيى بن أكثم سنة ٢٤٢ للهجرة.

(٣) لعله يقصد كتاب (تاريخ البصرة) لعمر بن شبة المتوفى سنة ٢٦٢ ه‍. انظر معجم المؤلفين ٧ / ٢٨٦ والأعلام ٥ / ٢٠٦.

١٦٥

ذكر الرواية أنّ صنعاء تعمر في آخر الزمان

ما بين يكلا إلى ريدة

محمد بن ماهان عن وهب بن منبه قال : إذا كان في آخر الزمان خاف البر والبحر إلا حرّان الجزيرة وصنعاء اليمن فيأوي الناس إليهما لأمانهما فيبلغ بناء صنعاء ما بين يكلا إلى ريدة وتضايق ما بين جبليها.

* * *

١٦٦

ذكر أن بركة دار حوط كانت تسمى بركة الغماد

وأن أبا بكر قدم صنعاء

الغماد : بضم الغين ، وجدته في كتاب قديم ، وسمعنا نحن بكسر الغين ، وسمعت شيخا قديما يقول : الغماد (١).

حدثني محمد بن الحسين ، قال القاضي محمد بن أحمد النقوي ، قال الدّبري عن عبد الرزاق عن معمّر عن الزهري عن عروة بن الزبير (٢) عن عائشة قالت : لم أعقل أبواي إلا وهما يدينان الدّين ولم يمرّ علينا يوم إلا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتينا فيه طرفي النهار بكرة وعشيّا ، فلمّا ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل أرض (٣) الحبشة حتى إذا بلغ بركة الغماد لقيه ابن الدّغنّة وهو سيد القارة فقال ابن الدغنّة : أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض ، وأعبد ربي ، فقال ابن الدّغنّة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج ، أنت تكسب المعدوم وتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار (٤) ، فارجع فاعبد ربك ببلدك. فارتحل ابن الدّغنّة ورجع أبو بكر ؛ فطاف ابن الدّغنّة في كفار قريش ، فقال : إن أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرّحم ، ويحمل الكلّ ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق؟ فأنفذت قريش جوار ابن الدّغنّة وأمن أبو

__________________

(١) الكلمة غير مقيدة بالشكل في الأصل ولا ندري الوجه الذي يريده المؤلف ، أهو ضم العين أم كسرها.

(٢) «عن عروة بن الزبير» ليست في حد.

(٣) ليست في س.

(٤) انظر جوار ابن الدغنة أبا بكر رضي‌الله‌عنه في السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ١١ ـ ١٣.

١٦٧

بكر. وقالوا لابن الدّغنّة : مر أبا بكر فيلعبد ربه في بيته ، وليصلّ فيه ما شاء وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا ولا يشتغلن بالقراءة والصلاة في غير داره ، ففعل. ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ. فيتقصف عليه نساء قريش وأبناؤهم / يتعجبون منه وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش ، فأرسلوا إلى ابن الدّغنّة ، فقدم عليهم فقالوا : إنما أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ويصلي فيها وإنه قد جاوز ذلك وابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فاسأله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر بالاستعلان. قالت عائشة : فأتى ابن الدّغنّة أبا بكر فقال : يا أبا بكر قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إليّ ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في عقد رجل عقدته له. فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله تعالى.

ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ بمكة ، فقال لأصحابه : إني قد رأيت دار هجرتكم (١) ، أريت بسبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرّنان. فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين ؛ وتجهز أبو بكر مهاجرا ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : على رسلك فإني لأرجو أن يؤذن لي ، فقال له أبو بكر : وترجو ذلك بأبي أنت وأمي ، قال : نعم ، قالت : فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لصحبته. وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السّمر أربعة أشهر.

قال الزهري : قال عروة : قالت عائشة : فبينما نحن [جلوس](٢) في بيتنا

__________________

(١) انظر خبر هجرة الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سيرة ابن هشام ٢ / ١٢٣ ـ ١٣٧.

(٢) من : حد ، صف ، مب.

١٦٨

في حر الظهيرة إذ قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مقبل متقنع (في ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر : فداه أبي وأمي إن جاء به) (١) في هذه الساعة لأمر عظيم ، قالت : فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستأذن ، فأذن له ، فدخل فقال حين دخل لأبي بكر : أخرج من عندك. فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فإنه قد أذن لي بالخروج. فقال أبو بكر : فالصحابة / يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم. فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي هاتين. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بالثمن. فقالت عائشة : فجهزناهما أحب (٢) الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب. فقطعت أسماء ابنة أبي بكر من نطاقها وأوكت به الجراب فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين (٣). ثم لحق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور ، فمكثا فيه ثلاثة أيام وثلاث ليال.

__________________

(١) ما بين قوسين ساقط في س.

(٢) ليست في مب.

(٣) حد ، صف ، مب : «النطاق».

١٦٩

ذكر ضروان وقوله تعالى (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ)(١)

حدثني العباس بن محمد قال : أخبر [ني](٢) أبي قال عمي أحمد بن يوسف الحذاقي ، قال محمد بن عبد الله بن مهل. قال : حدثنا عبد الرزاق عن هشيم عن شيخ نهم عن شيخ كلب (٣) يقال له سليمان ، قال : سمعت ابن عباس يقول في قوله تعالى (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) قال : مثل الليل الأسود.

محمد بن مهل الصنعاني : قال عبد الرزاق عن محمد (٤) عن معمر قال : أخبرني نعيم بن عبد الرحمن (٥) أنه سمع سعيد بن جبير يقول في قوله تعالى (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) قال : هي أرض باليمن يقال لها ضروان من صنعاء على ستة أميال من صنعاء (٦).

قيس عن (٧) خبّاب بن الأرتّ قال : شكونا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو متوسد برد له في ظل الكعبة ، فقلنا : يا رسول الله ألا تستنصر (٨) لنا ألا تدعو الله (٩) لنا ، قال : فجلس محمرّا لونه أو وجهه ، فقال : «قد كان قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له

__________________

(١) القلم : ٦٨ / ٢٠ ، وانظر تفسيرها في الطبري ٢٩ / ٣١.

(٢) من : حد ، صف ، مب. وفي س : «أخبرني عمي».

(٣) حد ، صف ، مب : «شيخ لهم عن شيخ من كلب».

(٤) «عن محمد» ليست في : حد ، صف ، مب.

(٥) مب : «نعيم بن عبد الرزاق».

(٦) مب : ضروان من صنعاء ستة أميال».

(٧) بدلها في حد ، صف ، مب : «بن» ، وهو تصحيف.

(٨) حد ، صف ، مب زيادة : «الله».

(٩) ليست في : حد ، صف.

١٧٠

في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل فريقين ما يصده ذلك (١) عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصده ذلك عن دينه ؛ والله ليتّمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم إلى حضر موت من صنعاء لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه» (٢).

(٣) أخبرني العباس بن محمد بن إسحاق قال أبو محمد : قال أبو حجر البجلي ، قال عمر بن الحر ، قال : أخبرني عطاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ)(٤) قال : كان يجلس ساعة يقضي فيها فقال : قبل أن تقوم من مجلسك وقال : قوله (أَنَا آتِيكَ / بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)(٥) قال : أنظر في كتاب ربي ، فنظر فخرج العرش من تحته ومن بين يديه ، ثم جاءت الملكة في ألف قيل ، والقيل : الملك ، قال : أظنه ألف ملك مع كل ملك مئة ألف ، قال : وهي أول من جعل لها النورة من شعر كان في ساقيها.

حدثني الحسين بن محمد ، محمد أبي قال : حدثنا عبد الله بن عبد الصمد قال الحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي ، قال سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي سنان بن بشر (٦) وإسماعيل بن أبي خالد قالا : سمعنا قيسا يقول : سمعت

__________________

(١) ليست في مب.

(٢) مسند أحمد ٥ / ١٠٩ ـ ١١١ ، ٦ / ٣٩٥ بسنده ومعناه واختلاف يسير في اللفظ.

(٣) من هنا يبدأ سقط كبير في مب ، ذهب به خبران ؛ أولهما خبر النبي سليمان وعرش بلقيس ، وثانيهما الرواية الثانية لحديث شدة المشركين على المسلمين ، وآخره : «أو الذئب على غنمة».

(٤) النمل : ٢٧ / ٣٩ ، والآية : (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ).

(٥) تمامها : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ). النمل ٢٧ / ٤٠. وانظر تفسير الآيتين في الطبري ١٩ / ١٦٣ ـ ١٦٥.

(٦) نلمح اضطرابا في ترتيب أسماء السند ولم نهتد إلى تقويمه ويبدو أن هذا الاضطراب دفع ناسخ حد

١٧١

خبابا يقول : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو متوسد برده في ظل الكعبة ، ولقد لقينا من المشركين شدة شديدة فقلت : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ؛ فقعد وهو محمّر الوجه فقال : «إنّ من كان قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه ، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق نصفين ما يصرفه ذلك عن دينه ؛ وليتّمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله [تعالى](١) أو الذئب على غنمه» (٢).

حدثني محمد (٣) بن عمر بن عطاء عن مالك بن إدريس بن الحرّ بأن قال : ذكر عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه يوما الفيء فقال : «ما لكم أيها الناس لا تتكلمون فو الله ما أنا بأحق بهذا الفيء منكم ، ما أحد منا (٤) بأحق به من أحد إلا أنّا على منازلنا في كتاب الله ، وقسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الرجل وقدمه ، والرجل وبلائه ، والرجل وعياله ، والرجل وحاجته ، والله ما أحد من المسلمين إلا وله في هذا (٥) الفيء حق أعطيه لو منعه إلا عبد مملوك ، ولئن بقيت ليبلغن الراعي حقه وهو في جبال صنعاء من فيء الله».

__________________

إلى تجاوز بعض رجال السند وترك مكانهم بياضا.

(١) من : حد ، صف.

(٢) آخر السقط في مب الذي أشرنا إليه في الحاشية رقم (٣) في الصفحة السابقة. وانظر من أجل الحديث مسند أحمد ٥ / ١٠٩ ، ١١١ ، ٦ / ٣٩٥ باختلاف في رجال السند ، واختلاف يسير باللفظ.

(٣) كذا في الأصل با ، وقد سبق محمدا هذا في النسخ الأخرى سلسلة من رجال السند أسقطها ناسخ با واكتفى ب «حدثني» التي أثبتناها ، وبين النسخ الأخرى بعض الخلاف في إيراد رجال السند فاتفقت ؛ حد ، صف ، مب ، بما صورته : «أبي قال ، أبو أمية محمد بن إبراهيم ، عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني ، محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو ..» ومن هنا تتفق النسخ الثلاث مع با. وجاء في س : «حدثني محمد بن إبراهيم» ومن هنا تتفق مع النسخ الثلاث الأخرى. وانظر وجوه صرف الفيء : الأموال لأبي عبيد ٢٧ ، والأحكام السلطانية للماوردي ١٢٦.

(٤) ليست في حد.

(٥) في حد : «أهل».

١٧٢

خلاد بن أسلم المروزي [قال](١) : حدثنا النضر يعني ابن شميل ، أبو قرة الصيداوي ثم الأسدي رجل من أهل البادية قال : سمعت سعيد (٢) بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنه أوحي إليه أنه [من](٣) قال : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(٤) كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة.

/ أخبرني عبد الله قال أبو حفص الصيرفي ، عمرو بن علي ، قال عارم عن حماد بن زيد عن يحيى عن سعيد : أن أبا الدرداء استعمل على القضاء فأتوه يهنئونه فقال : تهنئوني بالقضاء وقد جعلت على رأس مهواة مزلتها أبعد (٥) من عدن أبين ولو يعلم الناس ما في القضاء لادرؤوه (٦) بالدول رغبة عنه وكراهة له ؛ ولو يعلمون ما في الأذان لأخذوه بالدول رغبة فيه وحرصا عليه.

حدثني الحسين بن محمد ، ابن أبي أحمد بن حميد ، أبو زرعة إسحاق بن راهويه ، عبد الصمد بن عبد الوارث ، حماد بن سلمة ، ثابت عن أنس بن مالك قال : شاور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر الناس ، فأشار عليه أبو بكر رضي‌الله‌عنه فأعرض عنه ؛ ثم أشار عليه عمر رضي‌الله‌عنه فأعرض عنه ، فقالت (٧) الأنصار

__________________

(١) من بقية النسخ.

(٢) ليست في : حد ، س.

(٣) من مب.

(٤) الكهف ١٨ / ١١٠ ، والآية : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).

(٥) ما أثبتناه من صف. وفي بقية النسخ بما فيها الأصل با : «مولها لمبعد». ولعله تصحيف صوابه ما رجحناه.

(٦) ما أثبتناه أيضا من صف وحدها ، واتفقت النسخ الأخرى على «لأخذوه» ولعله أيضا تصحيف لا يقوم به المعنى.

(٧) كذا الأصول كلها ، ولعلها : «فقامت» حتى يستقيم المعنى.

١٧٣

فقال (١) المقداد بن الأسود : والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر هذا لأخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا. وقال سعد بن معاذ الأنصاري : يا رسول الله! فو الله لو سرت إلى عدن (٢) يا رسول الله ما تخلف عنك أحد من الأنصار (٣). فاستبشر أهل اليمن لما قال سعد (٤).

الحسن حدثني محمد بن (٥) إبراهيم ، يحيى بن داود ، أبو السفر ، قال حسين بن محمد ، شيبان عن يحيى عن أبي قلابة عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ستخرج نار من حضر موت أو من نحو حضر موت قبل يوم القيامة. قلنا : يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال : عليكم بالشام» (٦).

(محمد بن البنا ، أني أبو أمية البزاز ، هشام بن عمار بن نصير الدمشقي ، يحيى بن حمزة ، الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة الجرمي عن سالم بن عبد الله عن عثمان (٧) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه سمعه أنه يقول : «ستخرج نار من حضر موت أو من نحو حضر موت فقلنا : يا رسول الله فما تأمرنا؟ فقال : عليكم بالشام») (٨).

ابن البنا ، خلّاد بن أسلم أبو بكر المروزي ، النّضر بن شميل ، أبو نعامة ، أبو هنيدة البراء بن نوفل عن والان العدوي عن حذيفة عن أبي بكر قال : أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك

__________________

(١) ليست في مب.

(٢) حد ، صف : «عدن أبين» وعبارة : «يا رسول الله» الثانية ليست في بقية النسخ.

(٣) حد ، صف ، مب : «ما تخلف عنك من الأنصار رجل واحد».

(٤) انظر سيرة ابن هشام ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧. طبقات ابن سعد ٢ / ١٤.

(٥) «محمد بن» ساقطة في مب.

(٦) سنن الترمذي ٤ / ٤٩٨ وباختلاف يسير في مسند أحمد ٢ / ٨.

(٧) حد ، صف ، مب : «عن سالم عن عبد الله بن عمر عن النبي».

(٨) ما بين القوسين ساقط في صف.

١٧٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب كل ذلك ولا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله ، فقال الناس لأبي بكر : اسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما شأنه؟ صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط ، فسأله ، فقال : «نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر (١) الآخرة فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ففظع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم والعرق يكاد يلجمهم ، فقالوا : يا آدم! أنت أبو البشر ، وأنت اصطفاك الله فاشفع لنا إلى ربك ، قال : قد (٢) لقيت مثل الذي لقيتم فانطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم ؛ نوح (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(٣) قال : فينطلقون إلى نوح فيقولون : اشفع لنا إلى ربك فأنت اصطفاك الله واستجاب دعاءك ولم يدع على الأرض من الكافرين ديّارا. فيقول : ليس ذلك عندي فانطلقوا إلى إبراهيم فإن الله اتخذه خليلا ؛ فيأتون إبراهيم فيقول : ليس ذلك عندي ، انطلقوا إلى موسى فإن الله كلّمه تكليما. فيقول موسى : ليس ذلك عندي ولكن انطلقوا إلى عيسى بن مريم فإنه (٤) يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ، فيأتون إلى عيسى (٥) فيقول : ليس ذلك عندي انطلقوا إلى سيد ولد آدم فإنه أول من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة ، انطلقوا إلى محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فليشفع لكم إلى ربكم ، فينطلقون فيأتي جبريل ربه تعالى فيقول الرّب تعالى ائذن له وبشره بالجنة (٦). فينطلق به جبريل عليه‌السلام فيخر ساجدا له قدر جمعة. ثم يقول الله تبارك وتعالى : يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع (٧) واشفع تشفّع ، قال : فيرفع رأسه فإذا نظر إلى (٨)

__________________

(١) ليست في مب.

(٢) آل عمران : ٣ / ٣٣.

(٣) س : «فإن حكمته».

(٤) مب : «فيأتون عيسى عليه‌السلام فيقولون اشفع لنا فيقول». صف : «الموتى فيقول عيسى». حد : «الموتى فيقول».

(٥) حد ، صف زيادة : «قال».

(٦) س : «يسمع لك».

(٧) مب : «إلى ملكوت ربه».

١٧٥

ربه خرّ ساجدا قدر جمعة أخرى. فيقول الله تبارك وتعالى : ارفع رأسك يا محمد وقل تسمع واشفع تشفّع. قال : فيذهب ليقع ساجدا. (١) فيأخذ جبريل بضبعيه فيفتح الله [عليه](٢) من الدعاء شيئا لم يفتح (٣) على أحد قط قال : فيقول : أي ربّ جعلتني سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (٤) ولا فخر حتى إنه / ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة. ثم قال : ادع الصديقين ، قال فيشفعون. ثم يقال : ادع الأنبياء. قال : فيجيء النبي ـ عليه‌السلام ـ معه العصابة ، والنبي معه الخمسة والستة ، والنبي ليس معه أحد. ثم يقال : ادع الشهداء. (قال : فيشفعون لمن أرادوا. فإذا فعلت الشهداء ذلك) (٥) قال : يقول الله تعالى : أنا أرحم الراحمين أدخلوا جنتي من [كان](٦) لا يشرك بي شيئا. قال : فيدخلون الجنة. قال ثم يقول الله تبارك وتعالى : انظروا في أهل النار هل من أحد عمل خيرا قط؟ قال : فيجدون في النار رجلا فيقال له : هل عملت خيرا قط؟ فيقول : لا ، غير أني كنت أسامح الناس في البيع والشراء. قال : فيقول الله تبارك وتعالى : أسمح لعبدي كما سمح لعبيدي. ثم يخرجون من النار رجلا آخر فيقال له : هل عملت خيرا قط؟ فيقول : لا ، غير أني قد أمرت ولدي إذا أنا مت أن يحرقوني بالنار ثم يطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي إلى البحر فأذروني في الريح. قال : فيقول الله تعالى : لم فعلت ذلك؟ قال : من مخافتك ، قال : فيقول : انظروا إلى ملك أعظم ملك فإن له مثله وعشرة أمثاله. قال : فذلك الذي ضحكت منه من الضحى» (٧).

__________________

(١) حد ، صف ، مب زيادة : «قال».

(٢) من بقية النسخ.

(٣) حد ، صف ، مب : «يفتحه».

(٤) «يوم القيامة» ليست في مب.

(٥) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٦) من : حد ، صف.

(٧) مسند أحمد : ٤ / ٦١ و ٥ / ٣٧٤ بمعناه من وجه آخر. ومسند أبي بكر ، للمروزي ٥٥ ـ ٦٠ بسنده ولفظه.

١٧٦

ابن الجنيد قال : سمعت (١) يحيى بن معين يقول : ولان بن قرفة العدوي صاحب حديث أبي بكر ، والذي روى عنه إسماعيل بن سميع (٢) عن والان قال : دبج أهل شاة (٣) غير هذا.

__________________

(١) ليست في حد.

(٢) «ابن سميع» ليست في مب.

(٣) كذا الأصول.

١٧٧

ذكر معرفة الجبال التي تطايرت لما تجلى الله للجبل فأرست (١)

في مواضع أخر وإن منها حضور

الحسين بن محمد قال : أخبرني محمد بن أحمد. قال أبي : قال أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي ، أبو مسهر (٢) الغساني سالم عن يزيد بن صالح بن صبيح (٣) قال طلحة بن عمرو الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن من الجبال التي تطايرت يوم موسى عليه‌السلام سبعة [جبال](٤) ألحقت بالحجاز واليمن. منها بالمدينة أحد وورقان ، وبمكة ثور وثبير وحراء ، وباليمن صبر (٥) وحضور.

علي بن معبد بن شداد العبدي قال حدثنا إسحاق بن أبي يحيى عمن حدثه قال : لما فرغ / بخت نصّر من بيت المقدس ألقي في فكره أن يأتي قرية باليمن يقال لها حضور كانوا قتلوا نبيّا لهم فلما جاءهم بخت نصّر هربوا من القرية. قال الله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا) قيل (٦) بخت نصّر (إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «فرست».

(٢) حد ، صف ، مب : «مسهر».

(٣) «بن صبيح» ساقطة في حد.

(٤) من بقية النسخ. ولم تسعفنا المصادر المعتمدة في تخريج هذا الحديث.

(٥) حد : «ضين».

(٦) حد ، مب : «يعنى» ، صف : «يعني قيل».

١٧٨

فلقيتهم الملائكة فردتهم إلى القرية وقالوا (١) يا ثارات فلان النبي المقتول (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) إلى قوله تعالى : (خامِدِينَ)(٢) يعني بالسيف.

__________________

(١) ساقطة في حد.

(٢) الأنبياء : ٢١ / ١٢ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥. وتمام الآية الأخيرة : (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ). وانظر تفسير الطبري ١٧ / ٧ ـ ٩

وحول حرب بختنصر أهل قرية حضور في اليمن يذهب الأستاذ جبر ضومط في فصل عنوانه (قيدار وممالك حضور) في كتابه (فلسفة اللغة العربية وتطورها) ص ٦٥ إلى أن ممالك حاصور التي قال أرميا في التوراة أن بختنصر حاربها لما حارب القيداريين من بني إسماعيل هي أرض حضور هذه في اليمن ، واليهود يبدلون في لغتهم العبرية ضاد العرب المعجمة صادا مهملة فيقولون عن الأرض أرص لأن لسانهم لا يعرف الضاد والعربية هي لغة الضاد.

انظر الإكليل ١٠ / حاشية ص ٩٩

١٧٩

ذكر أن من قرأ سورة الكهف

أضاءت له من موضعه (١) إلى مكة

وكانت له نورا فمن قرأها من صنعاء كانت له نورا إلى مكة

ابن البناء محمد بن منصور الجواز يحيى بن أبي الحجاج ، أبو أيوب البصري ، عبد الله بن مسلم عن حميدة حاضنة ولد عمر بن عبد العزيز قالت : كان عمر يأمر بناته بقراءة سورة الكهف في كل جمعة. وقال : إنها كفّارة من الجمعة إلى الجمعة وزيادة يومين. قالت (٢) : وقال عمر بن عبد العزيز : من قرأ سورة آل عمران كانت له نورا ما بينه وبين عدن أبين ، وقالت : قال لي يا حميدة لا تدعي لي ابنة تنام على قفاها مستلقية فإن الشيطان مطل عليها يطمع فيها حتى تحول.

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «مع موضع يقرؤها» : انظر الطبرسي : مجمع البيان في تفسير القرآن ٦ / ٤٤٧ ، وانظر تفسير القرطبي ١٠ / ٣٤٦ ؛ حول فضل قراءة سورة الكهف.

(٢) ليست في س.

١٨٠