تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

صنعاء ، وكانت مساكن ولاة من يرد من العراق وحاشيتهم ممن يقدم (١) مع أولئك الولاة مع من كان يسكنها من التجار / والأغنياء وأهل الثروة واليسار. فكان إذا كان يوم الأضحى أو الفطر أمروا عبيدهم وإماءهم فكنس كل رجل منهم ساحة باب داره ورشوها بالماء فيصير الموضع كله نظيفا مرشوشا بالماء ، ويبسطون حصر السامان (٢) ويجعلون على كل باب وفنائه (٣) تلك الحصر المعروفة بحصر السامان والزلالي (٤) الرومي والطرسوسي والأرمني من الأحمر وغيره (من الأرجوان ، ويطرحون الريحان وغيره) (٥) من الأزهار الطيبة والأنوار العبقة ويرشونها بالماورد الكثير (٦) والكافور ، ويجعلون المقاطر الصفر (٧) الكبيرة بين تلك الأفنية ويطرحون عليها من العود الرطب وغيره من الند المتغالي في ثمنه وصنعته فيبخرون الموضع كله مع المصلى من صلاة الفجر إلى انصراف الإمام والناس من صلاة العيد ، ويجعلون على كل باب من تلك الأبواب كيزان الماء الجدد قد برّد ليشرب الناس ، وكان ظل المصلى والجبانة ظلا ممدودا من تلك الدور الشارعة من يمين وشمال من علو سمكها (٨) وارتفاع بنيانها. وكانوا يصلون صلاة العتمة في الجماعة (٩) في الجبانة آخر من يصلي في البلد كله ، وكانوا يؤمرون بتأخير صلاة العتمة لأن يتمكن من (١٠) داخل البلد ، ويقضي من كان له حاجة من خوف سرعة

__________________

(١) بقية النسخ : «يفد».

(٢) السام : الخيزران (المحيط) ، ولعل هذه الحصر تصنع من قش الخيزران.

(٣) ليست في صف.

(٤) مفردها زلية بالكسر وهي البساط (المحيط).

(٥) ما بين القوسين ساقط في س.

(٦) ليست في حد.

(٧) المقاطر الصفر : مفردها مقطرة ، وهي الجمرة من النحاس (المحيط).

(٨) سمكها : مفردها السمك ، وهو السقف أو من أعلى البيت إلى أسفله (المحيط).

(٩) ليست في مب.

(١٠) بدلها في حد ، صف ، مب : «الناس في».

١٤١

خروج العسس (١) لأن لا يقع أحد في أيديهم مفاجأة ، وكانوا قد اتخذوا حلقا من الصفر على تمثال صورة ثور مجوف ؛ على كل باب من تلك الأبواب حلقة صفر على هذا التمثال إذا ضرب بحلقة منها كان لها صوت ودوي شديد. وكانوا إذا قضوا صلاتهم ، أعني صلاة العتمة ، ضرب كل رجل منهم باب داره ضربة واحدة فيسمع أقصى أهل البلد وأدناهم صوت تلك الحلق إذا قرعوا أبوابهم فيعلمون أن أهل الجبانة قد قضوا صلاتهم ودخلوا منازلهم فيشمر أهل البلد إلى منازلهم خوفا من العسس (٢) فكانت تلك علامة (٣) لأهل البلد.

وكانت تسمى جبانة بني جريش (٤) يعني جريش بن غزوان فيقال : إنهم كانوا من أهل خراسان وكانوا أغنياء. يقال : إنه كان في أيدي بني غزوان أربع مئة ألف دينار.

وروي أن بعض الولاة بصنعاء / كان له جارية وكانت (٥) حظية عنده وكانت من القيان ، وأنه خوطب في أمرها ؛ خاطبه بعض ولاة زبيد فكبر على ذلك الوالي مسألته فوجه بها إليه فأشخصت إلى الوالي بزبيد فأكرمت ورفعت منزلتها ، فلما كان يوم عيد إما أضحى وإما فطر ذكرت ما كانت فيه بصنعاء وذكرت يوم العيد بصنعاء وطيب (٦) جبانتها وما كان بها من الحسن والزينة فقالت في ذلك أبياتا منها (أنشدنيها رجل من أهل العشة) (٧) :

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «العاس».

(٢) صف ، حد ، س : «خوفا من خشية العاس».

(٣) حد : «عادة».

(٤) حد ، صف ، مب : «الجريش».

(٥) ليست في : حد ، صف ، مب.

(٦) سقطت في مب.

(٧) ما بين القوسين ليس في س.

١٤٢

سقى جبّانة لبني جريش

وخندقها أجشّ (١) من الغمام

لعمرك للسّقاية والمصلّى

وغزلان بها (٢) يوم التّمام

أحبّ إليّ من شطّي زبيد

ومن رمع ومن وادي سهام (٣)

وجدت في كتاب بخط أبي جعفر بن الأعجم أن بني جريش هؤلاء ـ أصحاب الجبانة ـ من الأبناء.

قال ابن عبد الوارث أنا طاهر بن راشد [إن](٤) ولدا لجريش بن غزوان ، كان يقال إن قيمة ماله خمسون ألف دينار.

وحدثني أبو (٥) طاهر قال : أخبرني أبي أنه أهدى لإبراهيم ابن أبي البصري الطبيب [ووصله](٦) بثمان مئة دينار في دواء أصلحه له.

وكان المصلى يضيق بأهله حتى يدخل الناس (٧) الدور فيصلون فيها صلاة العيد بصلاة الإمام.

حدثني الحسين بن محمد قاضي صنعاء أن جده عبد الأعلى بن محمد قال :

__________________

(١) الخندق ـ في مدينة صنعاء ـ : معبر السيل. وأجش : أغزر.

(٢) حد ، صف : «به».

(٣) شطا زبيد ، ورمع ، ووادي سهام : وديان بتهامة من محافظة الحديدة باليمن ، انظر كشاف الأماكن.

(٤) ليست في الأصول.

(٥) حد ، صف ، مب : «ابن أبي».

(٦) من بقية النسخ.

(٧) حد : «يدخلون» بالضمير دون التصريح بالفاعل.

١٤٣

خطبت يوم العيد والأمير أسعد في دار الإمارة (١) فلم يخرج يومئذ ، فلما فرغنا من الخطبة دخلنا نهنيه فقال ما عزب عني من خطبتك شيء.

حدثني أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن الجرجاني ، قال : لما رحت من صنعاء وصرت إلى البصرة ، حضرت مجلس القاضي ـ قد سماه ذهب عني اسمه من ولد عبد الواحد ـ فسألني عن مجيئي إلى البصرة من أي بلد انتقلت؟ قلت : من صنعاء ؛ فأقبل عليّ القاضي بوجهه فسألني عن صنعاء فوصفتها شيئا شيئا وقلت له فيما قلته إنها بلدة من قدمها من غرباء (٢) ومن وطئها من أهلها ثم فرش فيها فراشا لنومه لا يحتاج أن يغيره ولا يتفقده ولا يتحول منه إلى غيره إلا أن (٣) يخشى (٤) ضرورة تلحقه ولا يرى شيئا يؤذيه ولا هواء يخرجه ويلجئه أن يتحول منه فهو على حالته ما دام قاطنا أو ساكنا إلى وقت يخرج منها إلى غيرها وهذا لم نره إلا فيها.

ومن طبخ فيها لحما أو شوى حملا [أو جديا](٥) لم يتغير / اليومين والثلاثة والأربعة والخمسة. فأما ما طبخ بالخل الحاذق فإنه يبقى أمدا (٦) إلى أن يشاء صاحبه أن يأكله في الوقت الذي يختاره ، وهذا ما لم نره إلا فيها.

ومن استسقى من بئر لهم يدعونها بئر اليناعي من شرقي البلد ، ينصب ماء

__________________

(١) أي سعد ابن أبي يعفر بن الحوالي ، حكم صنعاء مرتين أولاهما كانت بين سنتي ٢٨٦ ـ ٢٨٨ ه‍ وثانيتهما من ٣٠٣ ـ ٣٣٢ للهجرة.

(٢) حد ، صف ، مب : «الغرباء».

(٣) كذا في الأصول كلها ، وبهذا التركيب تبدو الجملة قلقة ، ولعل النساخ قد صحفوا وقدموا وأخروا في أصل هو «إذ لا» فجعلوه «إلا أن» فاضطرب المعنى.

(٤) التصحيح من حد وحدها ، وفي النسخ الأخرى : «يشا» كذا.

(٥) تكملة من : حد ، صف.

(٦) في الأصل با غير واضحة ، وفي بقية النسخ «حامدا» ولعله تصحيف صحيحه ما أثبتناه.

١٤٤

تلك البئر وينشع (١) [إليها](٢) من جبل صنعاء الذي يسمى نقم فصبه في جبه وجرته فأقام ذلك الماء في ذلك الجب أو الجرة شهرا لم يتغير طعمه. فإذا فرغ الماء من الكوز لم يجد له ثقلا كالذي يوجد في سائر مغارات الماء ، وهو ماء لذيذ طيب مروي خفيف حلو صاف لا كدر ولا ثقل فيه لا يزال باردا أي وقت شربته في الليل أو النهار والشتاء والصيف يشرب في الصيف باردا كما يشرب في الشتاء لا فرق بينهما ، يباع أربع قرب كبار بدانق من ستة دوانق من درهم قفلة وهذا ما لم نره إلا فيها (٣) لأن كل ماء ترى فيه كدرا وترى فيه ثقلا لا بد ، وإن الفرات يكون الرجل على النهر فيشرب فلا يخلو أن يبقى في الإناء له كدر أو ثقل ويحتاج أن يبرد ويعالج بالثلج وغيره ويقام عليه حتى يطيب شربه في الصيف.

ويدخل الرجل الحمام فيمكث فيه الساعة حتى يبتدئ عرقه ثم يعرق حينئذ. وليس بها شيء يؤذي من العقارب المجحفة ولا الأفاعي القاتلة.

وذكر له أنواعا كثيرة مما فيها من الطيب مما لم يجعله الله لغيرها من البلدان. فقال القاضي : ما أعلم أن تحت هذه السماء أطيب من هذه البلدة يعني صنعاء ، ولها مطر الخريف ، ويكون المطر بها في تموز وحزيران وهذا مطر لا يكون إلا بها وهو من الأشياء المستحيلة إلا بها ونواحيها (٤). كما قال الحرقي :

__________________

(١) أنشع فلانا بشربة : أغاثه بها (المحيط) ، وفي اصطلاح أهل صنعاء ، تنشع الجرة : ترشح.

(٢) من بقية النسخ.

(٣) في شرقي صنعاء اليوم بالقرب من قصر غمدان (قصر السلاح) بئر تسمى الباشا وماؤها الباشي ، وفي سفح نقم شرقي صنعاء عين ماء أيضا ، وما زال بعض أهل صنعاء يردون البئر والعين لعذوبة مائهما وخفته فينقلونه ويطيبونه بالبخور ويشربونه في مقيل القات.

(٤) انظر بحث أمطار اليمن والظواهر الجوية فيه مبسوطا في : كحالة : جغرافية شبه جزيرة العرب ٢٧٨ ـ ٢٨٠.

١٤٥

ولو أني هممت بغسل ثوبي (١)

في حزيران ظلّ يوما مطيرا

ويلتقي أهل البادية الذين حول صنعاء في أسواق صنعاء ، يتحوجون حوائجهم في أول النهار ، فيقول بعضهم لبعض : اقض حاجتك [وعجّل رواحك](٢) قبل أن يقع المطر. فيقع (٣) المطر في آخر النهار ، وذلك إذا صارت الشمس في الأسد وسامتها ، وفي الثور في آخر نيسان وأول أيار.

وبها بساتين وفيها ثمار وفواكه حسان ، ويجود فيها التين والرمان وضروب الزهور والورود والرياحين والأنوار ، وأجناس الطير.

وفي كل منزل بئر وبئران (٤) وبستان يكون فيه ضروب / الرياحين والمردقوش (٥) والآس ، والمنثور ، والعبيثران ، والنمام ، والأدرنون ، والشاهترج والباذبونة (٦) ، والأقحوان ، والجوز ، والخوخ ، والتين ، والرمان ، والكروم يشرعونها (٧) في منازلهم حتى تكون فيئا لمقاصيرهم وحجرهم ومراحيضهم (٨) حتى إن خلاء الرجل منهم بصنعاء يسمى المستراح لما يكون فيه من المراكن التي فيها من جميع هذه الرياحين التي ذكرت لك ومن سائر المشمومات ، ولكبرها وشدة

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «ثيابي». وعجز البيت لا يستقيم وزنه في كل النسخ.

(٢) من بقية النسخ.

(٣) صف ، مب : «قبل أن يقع المطر في آخر النهار».

(٤) لا زالت الآبار المنزلية قائمة إلى الآن بصنعاء ، وتقوم الحكومة حاليا بالتعاون مع الأمم المتحدة لتنفيذ مشروع المياه للمدينة التي تعاني من نقص في مياه الشرب بسبب شح الآبار.

(٥) المردقوش : الزعفران (المحيط).

(٦) كذا الأصول ولعلها الأصل الفارسي لزهرة (البابونج). انظر عن البابونج (المحيط).

(٧) شرع الجفنة من الكرم : سمكها ورفعها عن الأرض بعمد من حجر قد ترتفع مقدار قامة الرجل.

(٨) ليست في مب.

١٤٦

فسحتها ورحبها وقضاض (١) قيعانها ومجاريها وجدرها ، وانخراق الهواء فيها والضياء الظاهر بها ، ليس كالأخلية التي تعاين وتشاهد في سواها من الضيق ورداءة الريح المتردد فيها فيكون داؤها أضر على النفوس والأجساد من كثير من البلايا التي تلحق الإنسان من سائر المكروهات والمخوفات لاحتباس هواء الأخلية المتردد فيها فيلحق الجالس لقضاء حاجته منها ضرر بيّن.

ويسمى الخلاء بصنعاء كنيفا (٢) والخلاء بصنعاء يتوارثونه قرنا بعد قرن لا يغيّرونه ، ولا يكشفونه ؛ فالخلاء بصنعاء أطيب من كثير (٣) من دساكر القرى التي حولها من بلدان التهايم وكثير من البلاد.

وصنعاء على (٤) مسيرة يوم إلى الليل من جميع نواحيها وجوانبها الأربعة من الرياح (٥) من الصبا والجنوب والدبور والشمال ، وهي أطيب بلاد الله جوا وهواء ، وماء (٦) ، ولينا ، ومرقدا ومطعما حتى إن لهم آبارا في دساكرهم كأنها الأجباب المبردة ، لا يستطاع أن يشرب [ماؤها](٧) من شدة بردها في الصيف الشديد الحر والسموم. وحدثنا محمد بن مهاجر أن حول صنعاء من الدساكر والقرى من صلاة الغداة إلى الظهر والعصر والمغرب مسافة يوم مقدار عشرة آلاف قرية من جوانبها الأربعة ، من نواحي قبليها ، وعدنيها (٨) ، وغربها وشرقها.

__________________

(١) القضاض : صخر يركب بعضه بعضا (المحيط) وفي اليمن اليوم القضاض : خليطة من الجير المطفأ الذي يسمونه النورة ومن حصى خاص يسمونه هشاش ويقضضون (يطلون) بها الحمامات وسطوح المنازل ودهاليزها وأساساتها بدلا من الإسمنت ، ولعل هذا ما قصده المؤلف.

(٢) ليست في حد.

(٣) «من كثير» ليست في حد.

(٤) ليست في مب.

(٥) «من الرياح» ليست في حد.

(٦) ليست في صف.

(٧) زيادة للإيضاح.

(٨) عدنيّها : أي الجهة الجنوبية من صنعاء.

١٤٧

وكان الوالي على صنعاء يأمرهم ـ يوم يركب إلى ميدان صنعاء في الأسبوع يوما واحدا ـ أن يحضر جميع من حواليها من هؤلاء يسعى بين يديه ، فإن تخلف منهم متخلف جرى عليه من العقوبة ما يوجبه عليه من ذلك من ضرب أو غرامة أو حبس ، ومن لبس شيئا قد لبسه الوالي يضاهيه به لحقته عقوبة شديدة ، فكان إذا لبس ثوبا تجنبه سائر عسكره.

قال الحسن بن يعقوب الهمداني : «وإذا نحس برج الثور من زحل ولا سيما إذا أشرف عليه من الدلو / قحطت صنعاء. قال : وإذا نحس الزهرة أتى بعلل من جنسه ، وإذا فسد الثور أو الزهرة بالمريخ أسرع إلى أهلها الفتن وسفك الدماء.

نحست الزّهرة من المريخ في سنة ثمان وثمانين (ومئتين فقتل من أهل صنعاء يوم الجمعة خمس مئة) (١) وفي أيام [غيرها](٢) اعتبرناها مثلا لعموم غيرها.

وكذلك إذا وقع النحسان في أوتاد الثور وصادف ذلك فسادا من الزهرة أسرع إلى أهل صنعاء الفساد (٣). فأما الذي يؤدي (٤) إليها الفوادح العظام فمصير قواصم الأصل من مطالعها إلى المواضع الردية.

قال : وصنعاء إحدى جنان الأرض عند كافة الناس ، وساعات النهار بها على الغاية اثنتا عشرة ساعة وإحدى وخمسون دقيقة من ستين من ساعة ، وظلّ رأس الحمل بها ثلاث أصابع وعشر ، وعرضها وهو ارتفاع القطب الشمالي عن أفقها أربع عشرة درجة ونصف ، وارتفاع نصف النهار برأس الحمل عليها خمس وسبعون درجة ونصف» (٥).

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط في مب. ويذكر الإكليل أن هؤلاء قتلوا في بيت بوس القرية المعروفة غربي صنعاء.

(٢) من الإكليل.

(٣) ليست في النسخ الأخرى.

(٤) ليست في مب.

(٥) انظر النص في الإكليل للهمداني ٨ / ٩ ـ ١٠.

١٤٨

قال إياس بن معاوية : مثّلت الدنيا على طائر ؛ البصرة ومصر الجناحان ، والشام الرأس ، والجزيرة الجؤجؤ ، والذنب اليمن.

* * *

١٤٩

ذكر إخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعمارة صنعاء

وما أخبر بما يكون من ذلك قبل ذلك

عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن علقمة (١) بن مرثد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لن (٢) تذهب الليالي والأيام حتى تكون صنعاء أعظم مدينة في أرض العرب» ، يعني من تبوك يعني حين جاء مقبلا (٣).

عبد الرزاق قال : سمعت مقاتل بن سليمان يحدّث عن مكحول قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تعالى تكفّل لصنعاء أن يعطيها من الخصب ما أعطى مصر وأن يكون سوقها في واديها ، وأن يملأ ما بين جبليها وأن تبتاع ظهور منازلها».

(قال أحمد بن داود : حدثني منيع بن ماجد قال : حدثنا مقاتل بن سليمان عن مكحول قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تكفل لصنعاء بأن يعطيها من الخصب ما أعطى مصر وأن يملأ ما بين جبليها وأن يكون / سوقها في واديها وأن تباع ظهور منازلها») (٤).

وجدت بخط علي بن الحسن (٥) بن عبد الوارث ، وحدثنا المسلم بن بشر قال

__________________

(١) صف : «بن يزيد عن يزيد بن مرثد».

(٢) ساقطة في مب.

(٣) كذا الأصل ، وفي حد ، صف ، مب : «من تبوك مقبلا» وفي س : «يعني من تبوك حين جاء مقبلا» وتبدو الجملة في النسخ كلها مضطربة لم نستطع إدراك ما يريد المؤلف منها وما هو وجه التصحيف أو التحريف إن وقع ذلك ، كما لم نهتد إلى هذا الحديث أو إلى طريقه.

(٤) ما بين القوسين ليس في : حد ، صف. ولم نهتد إلى تخريج هذا الحديث.

(٥) ليست في حد.

١٥٠

محمد بن إسماعيل بن الأشج ذكره عن أبي مطر رجل من أهل صنعاء قال : من باديتها أو من قرارها؟ قال : بل من قرارها. قال له ابن عباس : أقد بلغت جبليها؟ قال : لا (قال : أقد صار سوقها في بطن واديها؟ قال : لا) (١) قال : أما إذا كان فلا خير في سكناها.

قال أبو محمد : حدثني أحمد عن ميمون قال الحكم (٢) قال عبد الله بن إبراهيم عن منيع بن ماجد قال : لا تذهب الليالي والأيام حتى ينتقل ريف مصر إلى صنعاء. ومنيع بن ماجد هذا هو أبو مطر الهمداني المدري كان نازلا بصنعاء ، وكان (زقاق اللعذي اليوم وما تحته إلى مسجد الأخضر يعرف فيما مضى (٣)) (٤) بزقاق أبي مطر هذا ويسكنه وهو صاحب مسجد الأخضر الذي بناه في قديم ، قال منيع بن ماجد المدري : سمعت الأوزاعي يقول : لا تنقضي الأيام والليالي حتى تملأ صنعاء ما بين جبليها (٥) ويكون سوقها في بطن واديها ويكثر سكانها حتى تباع سطوح بيوتها من كثرة سكانها.

أحمد بن داود قال : أخبرني سليمان بن حجر وعبد الله بن أبي يزيد قال : سمعت (٦) وهب بن منبه يقول : وجدت في بعض الكتب أنها لن تنقضي الليالي والأيام حتى تملأ ما بين جبليها ـ يعني صنعاء ـ ويكون سوقها في واديها ، ويقال إنه وادي تغلب.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في مب. ويبدو قلق هذا الخبر واضحا ، لعل سقطا ذهب ببعضه فأخلّ بتركيبه ، ويفيد المؤلف رواية الخبر من طريق آخر فبدا أكثر وضوحا وبه يبين ما اضطرب.

(٢) حد ، صف ، مب : «بن ميمون بن الحكم».

(٣) «فيما مضى» ليست في صف.

(٤) ما بين القوسين ليس في مب.

(٥) حد ، صف ، مب : «حتى تملأ ما بين جبليها يعني صنعاء».

(٦) س : «قالا سمعنا». حد ، صف : «قال سمعنا».

١٥١

قال : وأخبرنا عبد الرزاق عن أبيه ، قال : سمعت وهبا يقول : لا تنقضي الليالي والأيام حتى يبنى على جدة مكة سور (١) ولا تنقضي الليالي والأيام حتى يرد سد مأرب رجل من العرب ، ولا تنقضي الليالي والأيام حتى يرى أهل الطواف أهل المسعى ، وأهل المسعى أهل الطواف ولا تنقضي الليالي والأيام حتى تخرب الرحبة وتدخلها السباع وتعمر بعد ذلك ما بين أبيضيها يعني جبليها الأيمن والأسود (٢) ، ولا تنقضي الليالي والأيام حتى تعود الخلافة في صنعاء. قال عبد الرزاق : فحدثت به معمرا (٣) فضحك وقال : ما من بلد إلا وقد أخذت حظها من الخلافة / إلا صنعاء ، ولا بد لها من دولة ، ثم عدد البلاد معمر فقال : كان (٤) فلان خليفة في موضع كذا ، وفلان في موضع كذا فعدد بلادا. قلت : ممن يذكر هذا؟ فضحك وسكت.

واختلفوا في وادي معد فقال بعضهم : وادي معد أصل نقم مما يلي القبلة ، وقال بعضهم : يقال له وادي تغلب ، وقال بعضهم : غدير بالحقل (٥) يقال له المخوف عند الهدفين ، وقال بعضهم : هو سوق العراقيين ؛ ذكر من قال ذلك عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء البجلي عن شعيب عمن سمع عطاء بن أبي رباح يحدث عن ابن عباس أن رجلا أتى إليه فقال له : ممن أنت؟ قال له : من أهل

__________________

(١) بعد كلمة «سور» في الأصل با وس أقحمت العبارة التالية : «وقد كان ذلك على يد حسين التركي بأمر قانصوه الغوري» ونرجح بغير قليل من الاطمئنان بأن هذه العبارة تعليقة وضعها قارئ بإزاء خبر تسوير مدينة جدة ـ الذي تم في عام ١٥١١ ـ ١٥١٢ على يد أمير جدة حسين الكردي (كذا ورد في المصادر) من قبل الغوري المقتول سنة ١٥١٦ م ـ على الأصل الذي نقلنا عنه فظناها خطأ أنها من المتن وجعلاها فيه. انظر البرق اليماني ١٩ ، وبلاد الشام ومصر للدكتور رافق ١٦٩.

(٢) كذا الأصل. وفي صف ، حد ، مب : «الأيمن والأيسر» وفي س : «الأبيض والأسود».

(٣) ساقطة في حد.

(٣) ساقطة في حد.

(٤) بعد كلمة «بالحقل» كرر ناسخ با سهوا العبارة : «مما يلي القبلة وقال بعضهم : يقال له وادي تغلب وقال بعضهم» فحذفناها.

١٥٢

صنعاء ، قال : أقد بلغت جبليها (١)؟ قال : لا ، قال : أقد بلغت واديها؟ قال : لا ، فقال : إذا بلغت جبليها ووادي معد فلا خير في سكناها لأهلها ، قلت : وأين وادي معد؟ قال : أصل نقم مما يلي القبلة.

قال أبو محمد عن المعمر : وادي معد غدير بالحقل يقال له المحرق عند الخندقين (٢) فالقول الأول إنه في شرقي صنعاء ، والقول الثاني إنه في غربيها وفي حديث وهب أنه واد يقال له وادي تغلب.

__________________

(١) من هنا إلى آخر هذا الفصل انفردت مب عن أخواتها باختلاف كبير أطال فيه ناسخها وينبئ ما أثبت في مب عن أن ثمة حاشية أو تعليقة خلطت بالمتن ، وعن تكرار للخبر جعل النص مضطربا مشوشا ، ونحن نثبت صورته فيما يلي : «... جبليها وادي معد فلا خير في سكناها لأهلها. قلت : وأين معد غدير بالحقل (أ) لعله ترك نزار لأن المعنى إلى عدني ذلك يسمى جبل عيبان (ب) يقال المحرق عند الهدافين ، فالقول الأول إنه في شرقي صنعاء والقول الثاني إنه في غربي البلد من صنعاء ، وفي حديث وهب أنه وادي يقال له وادي تغلب ، وقال بعضهم : غربي الحقل يقال له المخوف عند الهدفين ، وقال بعضهم : هو سوق العراقيين (ج) ، ذكر من قال ذلك عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء البجيلي عن شعيب عمن سمع عن عطاء بن أبي رباح يحدث عن ابن عباس أن رجلا أتى إليه فقال له : ممن أنت؟ قال : من أهل صنعاء. قال : أقد بلغت جبلها ووادي معد فلا خير في سكناها لأهلها. قلت : ووادي معد غديرها بالحقل لعله (د) ترك نزار لأن المعنى إلى عدني ذلك يسمى جبل عيبان (ه) يقال له المحرق عند الهدافين فالأول القول إنه في شرقي صنعاء والقول الثاني إنه في غربي صنعاء ، وفي حديث وهب أنه واد يقال له وادي تغلب».

(أ) فوقها بين السطرين كلمة : «حاشية».

(ب) فوقها كلمة : «غيرها فيه».

(ج) من هنا يبدأ التكرار.

(د) فوقها كلمة : «حاشية».

(ه) بين كلمتي «عيبان ـ يقال» بخط دقيق كلمة : «تمت».

(٢) كذا الأصل ، وفي النسخ الأخرى : «الهدفين».

١٥٣

ذكر من قال إن واديها سوق العراقيين

وأن ذلك قد كان

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث ، حدثنا المسلم بن بشر أن واديها هو (١) سوق العراقيين ، وهذا الموضع هو قريب من نصف البلد.

قال مسلم : فواديها هذا هو السوق يعني سوق العراقيين اليوم ، يصب فيه سيل قصبة صنعاء ، يخرج ماء القصبة إلى سوق العراقيين (٢) ، فهو الوادي وإنما معناه أنه [إذا](٣) كان السوق في الوادي فلا خير في سكناها يعني صنعاء.

وقد كانت هذه العمارة بصنعاء والخصب والريف (٤) الذي جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن الله تعالى تكفل لصنعاء أن يعطيها من الخصب ما أعطى مصر وأن يملأ ما بين جبليها وأن يكون سوقها في واديها» على ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عيانا.

واستكملت عمارة صنعاء ، وكثر ريفها وكثر الخير فيها والإتيان من جميع النواحي إليها (٥) ، حتى بلغ عدد دورها مئة ألف دار وعشرين ألف دار ، وعدد مساجدها عشرة آلاف مسجد وسقايا جمة.

__________________

(١) ساقطة في س.

(٢) العبارة في حد ، صف ، مب : «ليس مخرج ماء القصبة إلا سوق العراقيين».

(٣) من : حد ، صف ، مب.

(٤) الأصل با ، س ، مب : «الخريف» والتصحيح من : حد ، صف. وقد رجحناه لأن الريف : الأرض فيها زرع وخصب ، وهو ما يناسب المقام (المحيط).

(٥) العبارة في صف ، مب : «وكثر الجلب إليها والإتيان من جميع النواحي» ، وفي حد : «وكثر الجلب إليها من جميع النواحي».

١٥٤

وعدوا مساكين ربع / صنعاء فبلغوا (١) سبعين ألف مسكين وذلك في خلافة هارون الرشيد أمير المؤمنين (٢) سنة سبعين ومئة ، وكانت مدة دولته ثلاثا وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوما (٣) فوجه إلى صنعاء ولاة فكان فيمن وجه من الأمراء إلى صنعاء محمد بن خالد البرمكي وذلك سنة ثلاث وثمانين ومئة ، فبنى بصنعاء دار البرامكة التي كانت تعرف بعد (٤) بدار الضرب بصنعاء ، وكانت هذه الدار في الموضع الذي يقال له سوق التبانين ، وكانت لها أبواب بالعقود الكبار وكانت دارا واسعة (٥) وكانت الناحية كلها دورا له ، وقد بقي من عقود دار الضرب عقدان إلى سنة سبع وأربع مئة ، وأحدث مسجدا بناه أرحب الخراز ، وكانت قبل ذلك مدقّا يدقّ فيها الجص ، ثم عاد مسجدا وضع جنبه سقاية ، وصارت الدار صافية يأخذها الولاة ؛ وذلك أن فيها دارا (٦) وحوانيت ، فلمّا تعطلت صنعاء من ذلك أحدث هذا المسجد والسقاية في دار محمد بن خالد هذا ، وهو الذي أحدث الغيل الذي بصنعاء اليوم ويعرف بغيل البرمكي وهو نهر بصنعاء منفعته ظاهرة بها ، لا يستغنون عنها لغسل ثيابهم ، وكانت صدقته يتأدى بها إليهم ويصلح بها سبلهم إلى مكة.

قال ابن عبد الوارث الصنعاني : إن محمد بن خالد هذا أخ ليحيى بن خالد وكان محمد بن خالد هذا أعرج وهو (٧) محمد ويحيى ابنا برمك ، وكان محمد بن خالد

__________________

(١) ليست في حد.

(٢) «أمير المؤمنين» ليست في : حد ، صف.

(٣) الأصل با ، س : «شهرا وسبعة أيام» ، حد : «شهرين وسبعة أيام» وما أثبتناه من صف ، مب ، وهو الصحيح فقد كانت خلافة الرشيد من ١٦ ربيع الأول سنة ١٧٠ ه‍ حتى توفي في ٣ جمادى الآخرة سنة ١٩٣ ه‍.

(٤) ليست في : حد ، صف.

(٥) «وكانت دارا واسعة» ساقطة في حد.

(٦) حد ، صف : «دورا».

(٧) كذا الأصول.

١٥٥

هذا فيما بلغني لا بأس به هو أحدث غيل صنعاء وسبله وجمع الناس حتى أشهد فيه وحلف بالله تعالى أنه ما أنفق فيه من مال السلطان شيئا وما أنفق فيه إلا شيئا حلالا ، وكان إذا خرج إلى صلاة الجمعة أخذ معه من الدراهم القفلة فيضعها (١) في كمه فلا يزال يتصدق بتلك الدراهم حتى يبلغ المسجد ، وبلغني أنه خرج يوما يطلب النزهة إلى بعض بادية صنعاء فتلقاه أهل البادية ، فلمّا رآهم وعليهم (٢) السّمال قال : ما أكثر هؤلاء السؤال ؛ أطعموهم وتصدقوا عليهم حسبهم سؤالا ، فقيل له إن هؤلاء الذين يأخذ الجباية منهم أهل (٣) الضياع ، فقال : لا يحل لأحد أن يأخذ من هؤلاء (٤) شيئا ، فلم يأخذ منهم وتركهم ، ثم خرج من صنعاء (ونزل على يحصب فأقام سنة ثم عزل وكانت إقامته وهو يجبي / المخلافين جميعا صنعاء) (٥) والجند وبنى (٦) محمد بن خالد بن برمك بصنعاء (٧) مسجدا عند دار الضرب وهو المسجد الذي يعرف اليوم (٨) بمسجد سوق اللساسين ، ثم عزل محمد بن خالد بن برمك وولي حماد البربري ، وكان القاضي يومئذ ، هشام بن يوسف الصنعاني الأبناوي (٩) ؛ وكانت ولاية محمد بن خالد (١٠) وعمله الغيل بصنعاء في سنة ثلاث وثمانين ومئة ، ثم عزل وولي حماد المذكور (١١) مولى أمير المؤمنين (١٢) هارون

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «فوضعها».

(٢) حد ، صف ، مب : «ورأى عليهم».

(٣) حد ، صف : «أصحاب».

(٤) مب : «منهم».

(٥) ما بين القوسين ساقط في حد.

(٦) كلمتا : «بنى» و «بصنعاء» ليستا في حد.

(٧) سقطت في حد. وانظر أخبار محمد بن خالد البرمكي في تاريخ ثغر عدن ٢ / ٢١٤ ، والويسي اليمن الكبرى ٢٥٧ ، وغاية الأماني ١٤١ ـ ١٤٢.

(٨) ليست في حد.

(٩) حد ، صف ، مب زيادة : «هذا».

(١٠) بدلها في حد ، صف ، مب : «البربري».

(١١) «أمير المؤمنين» ليست في : حد ، صف.

١٥٦

الرشيد صنعاء فقدمها سنة أربع وثمانين ومئة ، ولم يكن حماد البربري يدع الحج ، وكان يحج معه أهل صنعاء ، وصنعاء أعمر ما كانت يومئذ وأحسنها وأكثرها خيرا وأخصبها ، وكان يحارب حماد يومئذ الهيصم بن عبد المجيد ، وكان الهيصم هذا قد امتنع في جبال العضد واستولى عليها ، ولم يزل حماد يحاربه ويجمع (١) عليه جميع (٢) أهل اليمن. وبعث حماد بأخيه إلى العراق إلى حضرة (أمير المؤمنين فوجه إليه) (٣) هارون (الرشيد) (٤) عدة من الخيل والرجال ، ثم استأمن فحاربه حماد على الطاعة ، فاستأمن أخوه إبراهيم بن عبد المجيد إلى حماد البربري مولى أمير المؤمنين (٥) ، وأقام بصنعاء حتى ظفر حماد بالجبل وهرب الهيصم إلى بيش من تهامة ، فأتى به إلى صنعاء حتى شخص به حماد وبأخيه وأهل بيته ورؤساء أهل اليمن حتى صار بهم إلى هارون الرشيد وهو بالرقة ، فقتل الهيصم (٦) وصرف سائر من كان معه.

قال علي بن عبد الوارث : حدثني محمد (٧) بن محمود القاضي ، قال : حدثنا أبو اليسع ، قال : كتب محمد بن خالد بن برمك (٨) إلى الخليفة هارون أن أهل اليمن خالفوا ، قال : فمكث هارون سنة يجهز إليهم ، ثم بعث إلى (٩) حماد البربري ، ونحن عنده قيام على رأسه معشر [الشيعة](١٠) ، فلمّا جاءه حماد قال له : قف مكانك ولا تلتفت ، تطيرا منه ، ثم قال لغلامه : أعطني الكتاب ، كتاب محمد بن

__________________

(١) حد ، صف ، مب : «ويجلب».

(٢) ليست في حد.

(٣) ما بين القوسين ساقط في حد. و «أمير المؤمنين» وحدها ساقطة في صف.

(٤) «أمير المؤمنين» ليست في : حد ، صف. وبدلها فيهما : «هارون الرشيد».

(٥) حيث قتل مصلوبا وابنه وابن أخيه. انظر المحبر لابن حبيب ٤٨٨.

(٦) «محمد بن» ساقطة في س.

(٧) «بن برمك» ليست في حد.

(٨) ساقطة في : صف ، مب.

(٩) تكملة من بقية النسخ.

١٥٧

برمك الذي أمرتك أن تحتفظ به منذ سنة ؛ فجاءه الغلام بالكتاب وقال له : ادفع الكتاب إلى حماد ، وقال لحماد : قد بعثتك على أهل اليمن فأسمعني أصواتهم إلى هاهنا.

ووجدت بخط علي بن عبد الوارث حدثني أبو عبد الله محمد السراج (١) ، قال : حدثني أبو سعيد بن وجه السلمة (٢) ، قال : لمّا ظفر حماد البربري بالهيصم (٣) وقد كان قال : لئن ظفرت به لأتصدّقن. فظفر به ، فأراد أن يتصدق على / مساكين صنعاء ، فقال : اكتبوا مساكين صنعاء ؛ فكنت أنا فيمن وقع مساكين (٤) القليس. فلما صرنا إلى الديوان حسبنا مساكين صنعاء فوجدناهم خمسة وثمانين (٥) ألفا ، علما أن زمان حماد البربري كان خصبا وريفا ، كان حمل فرسك (٦) بنحو أربعة دراهم والعنب كذلك.

ووجدت بخطه قال : لم يسمع بصنعاء بريف وخصب ولم يلحق من (٧) زمان حماد بريف وخصب إلى زماننا (٨) هذا في جميع الأشياء.

أخبرت أن حمادا تتبع الأعراب وأمّن الطرق حتى كان في الأيام اليسيرة يقدم من اليمامة القطيع من الغنم فيها الخمس مئة الشاه وأربع مئة (٩) على كل شاة مخلاتان في كل مخلاة ستة أمداد تمر من تمر اليمامة فيباع بغاية الرخص.

__________________

(١) صف : «أبو عبد الله السراج». س ، مب : «محمد بن السراج».

(٢) صف : «السملة». حد : «الشملة».

(٣) صف زيادة : «بن عبد الحميد».

(٤) ساقطة في : س ، مب ، حد.

(٥) صف وحدها : «ثلاثين» ، ولعلها أقرب إلى الصحة.

(٦) الخوخ أو ما شابهه (المحيط). وهي كلمة دارجة شائعة في اليمن.

(٧) ساقطة في : حد ، مب.

(٨) في بقية النسخ : «يومنا».

(٩) مب الزيادة : «شاة».

١٥٨

وبخطه أيضا حدثني ابن كثير قال : أمرنا أن نحصي مساكين صنعاء فوجدناهم اثنين وخمسين ألفا أو نحو هذا (١) ، وما أظنهم يبلغون ذلك.

قال ابن عبد الوارث : هذا يدلنا على أن الناس اليوم أقل منهم في الزمان الأول. وكان حديث ابن كثير والسراج في آخر سنة ثمان وتسعين (٢) في وقت شديد كان ابن كثير يقسم القسمة لابن (٣) يعفر إبراهيم بن محمد ، ودخل حماد [صنعاء](٤) سنة أربع وثمانين ومئة (٥).

__________________

(١) في الأصل با وس : «ونحو ذلك» ورجحنا ما في بقية النسخ فأثبتناه.

(٢) أي ثمان وتسعين ومئتين ، إذ كان حكم إبراهيم بن محمد بن يعفر الذي كان ابن كثير يقسم له القسمة من سنة ٢٧٩ ـ ٢٨٥ ه‍. الويسي : اليمن الكبرى ٢٦٦ ، والشماحي : اليمن ٩٤.

(٣) بدلها في مب : «كان» وهو تصحيف واضح.

(٤) تكملة من بقية النسخ.

(٥) ليست في مب. وانظر ابن الأثير : الكامل ٦ / ١٦٦ و ٢٠٥ ، تاريخ ثغر عدن ٢ / ٦٤ ـ ٦٥ ، الويسي : اليمن الكبرى ٢٥٧ ـ ٢٥٨

١٥٩

ذكر عدد منازل صنعاء أيام عمارتها

وكم بلغ مبلغ عددها

قال القاضي يحيى بن عبد الله بن كليب : قال بعض قضاة صنعاء : عددت دور صنعاء في أيام (١) عمارتها وقبل خرابها مئة ألف دار وعشرين ألف دار ، وأن مساكين القطيع عدوا فكانوا سبعين ألف مسكين ، والقطيع ربع صنعاء.

ووجدت بخط (٢) يحيى بن حازم (٣) حدثني (٤) أبو محمد يحيى بن عبد الله القاضي رحمه‌الله أن منازل صنعاء عدت في أيام عمارتها وقبل خرابها مئة ألف دار وعشرين ألف دار وأن مساكين القطيع عدوا (٥) فكانوا سبعين ألف مسكين ، والقطيع ربع صنعاء وكانت هذه المنازل من المنازل (٦) الرفيعة البنيان عظيمة الشأن ؛ كانت فيها (٧) دور كثيرة تبلغ إلى الألف الدار (٨) ؛ ولقد بلغني أن بعض ولاتها بلغه أن بعض شوارعها (٩) قيمة دوره خمسون ألف دينار فهمّ ذلك الوالي أن يجعل على / الدور بصنعاء خراجا يؤديه أهل صنعاء إليه في السنة فصرفه الله

__________________

(١) بدل «في أيام» في صف : «مدة».

(٢) ليست في مب.

(٣) حد : حماد.

(٤) مب : حدثنا.

(٥) ليست في حد.

(٦) «من المنازل» سقطت في حد.

(٧) في بقية النسخ : «تبلغ الألف الدينار» ، ولعل المقصود كما نراه في تركيب نسخة با أن قيمة الدار من هذه الدور تبلغ ألف دينار.

(٨) حد ، مب : «شوارع صنعاء».

١٦٠