تاريخ مدينة صنعاء

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي

تاريخ مدينة صنعاء

المؤلف:

أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٢٤

وبنى عبد الله بن العباس داره بالآجر والساج ، وكان يلبس الثوب بالألف. قال عثمان بن أبي سليمان : رأيت ابن عباس اشترى (١) ثوبا بألف ، وكان ينام بين جاريتين.

وقال ابن عمر : كان عمر (٢) يستنسج الحلّة لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بألف وثمان مئة درهم.

وترك أبو هريرة ألف دينار وخمسة وستين ألف درهم ونيفا وكان يلبس مطرف الخز والكتان.

أخبرني عطية (٣) الأندلسي قال : أخبرني محمد بن الحكم ، أبو عيسى (٤) قال قتيبة بن سعيد ، قال حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين ، قال : كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان (٥) ممشّقان (٦) من كتّان فتمخط في أحدهما ، ثم قال : بخ بخ ، يتمخط أبو هريرة في الكتّان! لقد رأيتني وإني لأخرّ فيما بين منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحجرة عائشة من الجوع مغشيا عليّ فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي جنوبا (٧) ، وما بي من جنون ، وما هو إلا الجوع.

قال أبو هارون : قدم أبو هريرة على عمر من البحرين فقال له عمر : ماذا

__________________

(١) صف زيادة : «يوما».

(٢) ليست في حد.

(٣) في با ، س : «عبد الله» وهو خطأ ، صححناه من : حد ، صف ، مب : فهو عطية بن سعيد الأندلسي ، انظره في كشاف الأعلام.

(٤) حد ، صف : «محمد بن الحكم عن محمد عن أبي عيسى».

(٥) ليست في مب.

(٦) الثوب الممشق كمعظم : الثوب المصبوغ باللون الأحمر. (المحيط ، مشق ، مغر).

(٧) حد ، صف : «الجنون». وانظر الخبر في المصنف لعبد الرزاق ٨ / ٢١٥. وحلية الأولياء ١ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩.

١٢١

جئت به؟ قال : جئت بثمان مئة ألف (١) ، فقال له عمر : جئت بثمانين ألفا؟ قال له أبو هريرة : جئت بثمان مئة ألف ، فما زال يكرر ذلك ثلاثة أسفار ، فلمّا كان في السّفر الثالث ، قال : ويحك! جئت بمئة ألف ومئة ألف ومئة ألف ، فما زال يكرر حتى عدّ ثماني مرات ، قال : فهل جئت لنفسك بشيء؟ قال : نعم! قال : كم؟ قال : عشرة آلاف ، فقال له عمر : أي عدوّ الله ، وعدوّ كتابه ، خنت مال الله؟ فقال : لست بعدو الله ، ولا عدو كتابه ، ولكني ولي الله ، وولي كتابه ، أوالي من والاهما ، وأعادي من عاداهما ، وما خنت من مال الله شيئا. قال : فمن أين هي لك؟ قال : من فضول أرزاقي ، وكنت أبتاع الخيل فأنتجها ، فقال له عمر : اذهب فألقها في بيت المال ، قال : فذهب أبو هريرة فألقاها في بيت المال ، وقال : اللهم اغفرها لعمر (٢).

وترك يعلى بن أمية (٣) خمس مئة ألف دينار ، وعقارا وضياعا ، وديونا على الناس بثلاث مئة ألف دينار ، ويعلى بن أمية : هو يعلى بن منية وأمه هي منية وهو من بني تميم ، من أهل مكة ، وكان حليفا لقريش ، يقال : كان حليفا لبني نوفل بن عبد مناف ، وأمه منية بنت الحارث من بني مازن بن منصور بن قيس عيلان ، وبها كان يعرف ، وكان أبوه (٤) أمية أحد / المطعمين (٥) مع المشركين يوم

__________________

(١) ساقطة في حد.

(٢) انظر الخبر في المصنف لعبد الرزاق ١١ / ٣٢٣ وقد اقتصر فيه على ذكر العشرة آلاف دون ذكر ما جاء به أبو هريرة لبيت المال وهو ثمان مئة ألف درهم ، وانظر تاريخ الإسلام ٢ / ٣٣٨. والبداية والنهاية ٨ / ١١٣.

(٣) انظر أخبار يعلى بن أمية في : أسد الغابة ٥ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، الإصابة ٣ / ٦٦٨ ، طبقات فقهاء اليمن ٢٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٦٦.

(٤) يبدو هنا أن المؤلف قد اختلط عليه الأمر فجعل من أمية بن خلف بن وهب بن حذافة الجمحي القرشي (مولى بلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وأحد المطعمين من قريش يوم بدر وحيث قتله بلال ومات كافرا ـ والدا ليعلى بن منية. وبين أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث التميمي الحنظلي والد يعلى بن منية الحقيقي. انظر الإصابة ٣ / ٦٦٨ ، أسد الغابة ٥ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٣٩٩ ، وانظر المحبر ١٤٠ ، ١٦٠ ، ١٦٢ ، ١٧٠ ، ١٧٤.

(٥) المطعمون لحرب يوم بدر من المشركين هم :

١٢٢

بدر ، و [ابن](١) أمية كان مع أبان بن سعيد بن العاص ؛ رسول (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صنعاء يدعوهم إلى الإسلام. فسار أبان بن سعيد إلى صنعاء بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه يعلى بن أمية بن عبد شمس (٣) ، حتى إذا وصلا إلى صنعاء ، دعاهم إلى الإسلام فأسلموا ، وبنى لهم مسجدا وكان موضع المسجد بستان باذان ، وزاد فيه دار الحوك ، وهي دار كانت لبني حيرد ، وقد قال بعض الرواة (٤) : إن وبر بن يحنّس الكلبي وصل إلى صنعاء مع أبان ويعلى ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمره أن يبني المسجد بصنعاء فبناه وبر بن يحنّس الأنصاري ، وقد قال بعض (٥) الرواة : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث فروة بن مسيك المرادي فأمره أن يبني مسجد صنعاء (٦).

__________________

أبو جهل : وهو عمرو بن هشام بن المغيرة نحر عشرا ، وأمية بن خلف الجمحي نحر تسعا ، وسهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي نحر عشرا ، وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس نحر تسعا ، وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس نحر عشرا ، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج السهميان نحرا عشرا ، والعباس بن عبد المطلب نحر عشرا ، فذكر محمد بن عمر المزني أن قريشا كفأت قدور العباس ولم تطعمها لعلمها بميله إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو البختري العاص بن هاشم بن الحارث بن أسد نحر عشرا ، قتلوا بأسرهم يوم بدر ، وأسلم العباس وسهيل فكانا من كبار المسلمين. المحبر لابن حبيب ١٦١ ـ ١٦٢.

(١) سقطت من الأصول.

(٢) بدلها في حد ، صف : «أمره» ولا معنى لها.

(٣) كذا الأصول كلها. ولعل «ابن عبد شمس» ألحقت بيعلى خطا من النساخ ومن المحتمل أنها كانت ملحقة بأبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس. انظر الخبر أكثر تفصيلا فيما يأتي بسطه في الكتاب.

(٤) حد : «بعضهم».

(٥) ساقطة في صف. وفي س ، مب : «وقال بعض الرواة».

(٦) انظر تعليقنا على بعث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن فيما سبق حاشية (٧) في الصفحة ١٠٦.

١٢٣

ذكر رؤيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أخبرني عطية بن سعيد الأندلسي : قال محمد بن الحكم ، بالشاس قال : أنا محمد بن جماهر. أبو عيسى ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري قال أبو اليمان عن شعيب ، وهو ابن أبي حمزة عن ابن أبي حسين عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن أبي هريرة ، قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رأيت في المنام ، كأن في يديّ سوارين من ذهب ، فهمّني شأنهما ، فأوحي إلي أن انفخهما ، فنفختهما فطارا ، فأوّلت ذلك كذابين يخرجان من بعدي ، يقال لأحدهما مسيلمة صاحب اليمامة (والعنسي صاحب صنعاء (١)». فاختلف الرواة ، فقالوا) (٢) : قتل الأسود (٣) قبل موت النبي بشيء يسير ، وقال آخرون : قتل في أيام أبي بكر. وكان المهاجر بن أبي أمية قد بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صنعاء أميرا بها ، وأن أهل صنعاء ارتدوا مع الأسود العنسي ، وهو الأسود بن كعب ، فبعث أبو بكر المهاجر إلى من ارتد من أهل صنعاء (٤) ، وقد اختلف في ذلك ، واختلف في قتل الأسود ومن قتله ، وسنذكر ذلك فيما بعد من هذا الكتاب في مواضعه إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) مختصر صحيح مسلم ٢ / ١٥٩. صحيفة همام بن منبه ٤٧. وفيهما عما ورد خلاف يسير.

(٢) ما بين القوسين ليس في مب.

(٣) با ، س ، صف ، مب : «مسيلمة» وما أثبتناه من حد وهو الصحيح ؛ فالخلاف حول مقتل الأسود العنسي وليس حول مسيلمة الذي ثبت مقتله في حروب الردة أيام أبي بكر كما هو معروف. وانظر الخلاف في مقتل الأسود : ابن هشام ٤ / ٢٤٦ ، الطبري ٣ / ١٨٥ ـ ١٨٧ ، البلاذري : الفتوح ١١٣ ـ ١١٥. والكامل لابن الأثير ٢ / ٣٢٦ ـ ٣٤١. والإكليل ٨ / ٢١.

(٤) كذا الأصل ، وفي حد ، صف ، مب : «من اليمن». وفي س : «من أهل اليمن».

١٢٤

ذكر قتل العنسي الكذاب / ومن قتله

ومبتدأ بناء مسجد صنعاء

قال الوليد بن زيد ، حدثنا (١) محمد بن يعقوب (٢) ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن هشام بن يوسف عن أبيه ، قال وذكر إبراهيم بن عمر وغيره : إن الأبناء قتلوا الأسود الكذاب ، وبعثوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإسلامهم ، فكتب (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يجعل لهم حائط باذان مسجدا ويجعل من الصخرة إلى مؤخر جدره فبناه وصلى لهم فيه.

__________________

(١) في بقية النسخ : «حدثني».

(٢) في بقية النسخ : «عوسجة».

(٣) مب وحدها زيادة : «لهم» ، وانظر مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله ص ٢٥٨.

١٢٥

ذكر الليلة التي قتل فيها الأسود العنسي

أخبر بذلك جبريل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وجدت بخط علي بن الحسن بن عبد الوارث ، حدثني الداذوي (١) ، إبراهيم قال : لّما قتل الأسود ، وكان على بابه سبعون ألفا يحرسونه ، خرج الشيطانان اللذان كانا يأتيانه بالأخبار في صورة خنزيرين ، وطرح وبر بن يحنّس برأسه إليهم وأذّن بالصلاة من فوق قصر غمدان ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد دعا عليه بالليل (٢) فنزل عليه (٣) جبريل فقال : إنك قد كفيته ، وكان قتله بغمدان (٤).

__________________

(١) كذا الأصل ومب. وفي س : «الداوودي». وفي حد : «الدواري». وفي صف : «الداودي».

(٢) حد : «من قبل». صف ، مب ، س : «من الليل».

(٣) ليست في : حد ، صف.

(٤) «وكان قتله بغمدان» ليست في مب. وحول خروج العنسي ومقتله مع خلاف في وجهات النظر ؛ انظر : محمد أحمد نعمان : الأطراف المعنية ص ٦٧ ، زيد الوزير : محاولة لفهم المشكلة اليمنية ص ٤١ ، محمد علي الشهاري : اليمن ص ٧٢.

١٢٦

ذكر قدوم وبر بن يحنّس الأنصاري إلى صنعاء

وابتنائه لمسجدها (١) بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

عبد الرزاق قال : حمّاد بن سعيد بن رمانة قال : أخبرني بعض أشياخي (٢) أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر وبر بن يحنّس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء واليا عليها فقال : ادعهم إلى الإيمان ، فإن (٣) أطاعوا لك به (٤) فاشرع (٥) الصلاة ، فإذا أطاعوا لك بها ، فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان واستقبل به الجبل الذي يقال له «ضين».

فلمّا (٦) ألقى إليهم وبر هذه الصفة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المسجد ، وقدوم أبان بن سعيد ، فأسّ المسجد على هذه الصفة في بستان باذان ، في أصل الصخرة واستقبل (٧) به ضين.

__________________

(١) «وابتنائه لمسجدها» ليست في مب. وفي حد ، صف : «وابتنائه لمسجد صنعاء».

(٢) مب : «أخبرني بعض قال أشياخه».

(٣) حد ، صف : «فإذا» وانظر الخبر في طبقات فقهاء اليمن ص ٢٧٤.

(٤) ليست في صف.

(٥) حد : «فاشرع لهم بالصلاة». مب : «فاشرع لهم الصلاة».

(٦) مب : «قال فلما».

(٧) حد : «ليستقبل».

١٢٧

/ ذكر من قال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

بعث أبان [بن سعيد](١) إلى صنعاء

[فبنى لهم مسجد صنعاء](٢) بأمر رسول الله صلى الله [عليه وسلم

قال](٣) الوليد بن يزيد. قال لي ابن عوسجة ؛ أخبرني عبد الرحمن بن هشام بن يوسف عن أبيه قال ، وذكر إسماعيل بن زياد عن رجل من (٤) الأبناء : إن الأبناء لّما بعثوا وفدهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (بإسلامهم وقتل الكذاب بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٥) على صنعاء ومخاليفها أبان بن سعيد بن أميّة ، وأمره (٦) أن يبني حائط باذان مسجدا ، فكان أول من بناه ، ولم يزل أبان بن سعيد بصنعاء أميرا حتى توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرج إلى أبي بكر ، واستخلف يعلى بن أمية.

قال أبو محمد : حدثني يوسف بن عبد الرحيم بن حميد بن سليمان بن شروس قال : سمعت ابن رومي يقول : إن (٧) رجلا من أهل صنعاء قال : سمعت (٨) أباك عبد الرحيم يذكر أن أبان بن سعيد هو الذي أمر ببناء مسجد صنعاء ما بين غمدان إلى الحجر الململمة ، فوجدت الحجر في زقاق ابن ثمامة فكبّر الناس.

__________________

(١) التكملة من : حد ، صف ، مب.

(٢) حد ، صف : «عن ابن الأبناء».

(٣) ما بين القوسين ساقط في حد.

(٤) حد : «وأمر أبان».

(٥) «يقول إن» في الأصل با وحدها.

(٦) في بقية النسخ «حضرت» وكذلك كانت في النسخة با إلا أنه أقحمت فوقها فيها «سمعت» فرجحناها لاستقامة المعنى وأثبتناها.

١٢٨

ذكر من قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا بعث فروة بن مسيك

المرادي أمره ببناء مسجد صنعاء ، فبنى مسجد صنعاء

وجبانة صنعاء (١) ، والمسجد خلف المصلى ، بنى ذلك كله

وقال بعض المشايخ : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث فروة بن مسيك إلى اليمن ، فتوجه إلى صنعاء فبنى لهم مسجدا ، وروي عن بعضهم قال : وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فروة بن مسيك المرادي إلى صنعاء ومخاليفها وحضر موت ، وأمره أن يبني مسجد صنعاء ما بين القلعة الململمة الخضراء إلى غمدان ، فبناه.

قال طاوس اليماني : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فروة بن مسيك المرادي إلى صنعاء ، وأمره أن يبني بها مسجدا ما بين الأكمة والقلعة الململمة (٢) ، ويضع جبانتها في مقدمها بالحديبية (٣) منها ، فابتنى المسجد ، ثم خرج فابتنى لهم هذه الجبانة ، ثم قال فروة : [أما](٤) إنّ هذه الجبانة أول جبّانة وضعت في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال فروة : أما إنه من صلّى في مسجد صنعاء عشرين جمعة ، إمّا قال : دخل الجنة ، وإمّا قال : فهو بريء من النار ، وصلاة فيه تعدل / خمس مئة صلاة في غيره.

قال أبو محمد : حدثني أيوب بن سالم ، قال حدثني محمد بن عبد الرحيم قال :

__________________

(١) «وجبانة صنعاء» ليست في حد.

(٢) ليست في حد.

(٣) مهملة في النسخ كلها سوى س. فمعجمة كما أثبتناها.

(٤) من : حد ، صف ، س.

١٢٩

سمعت أبي يقول (١) : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث فروة بن مسيك المرادي إلى اليمن ، فأمره أن يبني مسجدا بصنعاء في بستان باذان فيما بين غمدان إلى الحجر الململمة.

قال ابن عبد الوارث ـ ووجدته بخطه ـ : حدثنا (٢) الكشوري ، قال : حدثني يوسف بن عبد الرحيم (٣) ، قال : الحجر الململمة هي في زقاق بني ثمامة ، وقال ابن عبد الوارث ، قال لي الكشوري ، وحدثني غير واحد أن الحجر تحت الطاق تحت السقيفة عن يسار من استقبل الروضة ، وقال الكشوري : كان بعضهم يقول : مسجد صنعاء أفضل من مسجد الجند لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما وصفه صفة.

قال ابن عبد الوارث : وجدت أنا في كتاب أنه بني قبل مسجد الجند بسنتين ، قال : وسمعت الكشوري يقول غير مرة : مسجد صنعاء أفضل من مسجد الجند لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حدّه ووصفه ؛ ومسجد الجند إنما قال فيه : «حيث بركت الناقة فابن المسجد». قلت له : من حدثك بهذا؟ قال : أبو عبد الله. وكان من العلماء من رواة مالك ، وكان أبو عبد الله يقول : مسجد صنعاء أقدم من مسجد الجند (قال لنا الكشوري مسجد صنعاء قبل مسجد الجند) (٤) لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث وبرا في بناء مسجد صنعاء قبل الفتح وبعث معاذا بعد الفتح.

قال عبد الرزاق : داود بن قيس الصنعاني ، قال : أخبرني (٥) عبد الله بن وهب بن منبه عن أبيه عن فنج بن دحرج قال : كنت أعمل في الدّينباذ ، فلمّا

__________________

(١) انفردت بها با ، وفي النسخ الأخرى : يذكر.

(٢) حد ، صف : «حدثني».

(٣) في النسخ الأخرى زيادة : «أخو محمد بن عبد الرحيم». ولعلها إضافة من قارئ أثبتها على الأصل الذي أخذت عنه هذه النسخ.

(٤) ما بين القوسين ليس في حد.

(٥) حد : «حدثني».

١٣٠

قدم يعلى بن أمية أميرا على اليمن جاء معه رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكر الحديث (١).

قال عبد الله بن محمد القيسي : إن هذا الرجل الذي قدم مع يعلى هو وبر بن يحنّس ، وإن داذويه أنزله (٢) عند امرأته أم سعيد بنت بزرج في الكنيسة التي بباب مدينة صنعاء من نحو القبلة فقرأ عليها وبر [بن يحنّس (٣) القرآن فأسلمت وحسن إسلامها ، وعلّمها القرآن وكانت أول من أسلم من أهل اليمن باليمن ، وكانت أول من صلى إلى القبلة بصنعاء.

قال الكشوري : ذكر بعض (٤) المشائخ أن مسجد ضهر بني سنة سنة ؛ يعني في أول سنة التأريخ ، ومسجد صنعاء سنة ست من التاريخ ، وذكر لي أن جدّته أول من أسلم بصنعاء ، بمنزل في المصرع ، مصرع / الجزّارين.

قال الوليد : أخبرني محمد بن عوسجة ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن هشام بن يوسف عن أبيه وذكر مشايخنا عبّاد وخالد بن يزيد ، وإبراهيم بن عمر عمن أدركوا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث إلى صنعاء وبر بن يحنّس فقدم بعد وفاة باذان فأنزله داذويه في كنيسة صنعاء التي عند بابها الذي يلي قبليها.

قال أبو الحسن ، سليمان بن وهب عن النعمان بن بزرج في حديثه ، قال : كان يعلى من أصحاب أبان ، ويروى أن وبر بن يحنّس كان أيضا من أصحاب أبان ، وروي أن المهاجر لمّا تخلف عن غزوة تبوك فوجد عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان اسمه الوليد ، وإنما سماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجر ، فرأت أخته زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي أم سلمة النبي طيب النفس فأرسلت إلى أخيها المهاجر : أن

__________________

(١) انظر الحديث في مسند أحمد ٤ / ٦١ و ٥ / ٣٧٤.

(٢) في الأصل با وفي س : «ابن له» وهو تصحيف واضح ، فصححناه من بقية النسخ.

(٣) من بقية النسخ.

(٤) حد ، صف ، مب : «ذكر لي بعض».

١٣١

ادخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعتذر إليه ، ففعل (١) فرضي عنه ، واستعمله على صنعاء ، فسار حتى بلغ أدنى اليمن ثم أخبر أن الأسود العنسي الكذاب قد غلب على صنعاء فرجع إلى المدينة فلم يزل الأسود مقيما بصنعاء حتى قتله قيس بن مكشوح المرادي وداذويه بن هرمز وفيروز الدّيلمي ، فيروى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث وبر بن يحنّس الكلبي (٢) إلى صنعاء فنزل في كنيسة صنعاء عند بابها وقد مات باذان الفارسي ، واستخلف داذويه على صنعاء ، وكان ابن أخيه فلما قدم وبر بن يحنّس أنزله داذويه عند باب صنعاء الذي يلي قبليها. قال : ولمّا قتل قيس وداذويه وفيروز الأسود الكذاب (٣) بعثوا برأسه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكتب إلى وبر يبني حائط باذان مسجدا ويجعله من الصخرة إلى موضع جدره ، ويستقبل بقبلته ضينا ، وهو جبل مرمل ، فهذا ما روي ؛ فمنهم من يقول : إن وبرا ألقى إليهم هذه الصفة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأن أبانا أسس المسجد على الصفة ، ومنهم من قال : بناه المهاجر ، ومنهم من قال : بناه فروة والله أعلم بذلك ، وكل هؤلاء [دخلوا صنعاء](٤) فيما روي في أيام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

عبد الرزاق ، عبد الله بن عمرو بن مسلم عن أبيه ، قال : سمعت طاوسا يقول : بعث رسول الله / صلى‌الله‌عليه‌وسلم فروة بن مسيك المرادي يبني مسجد صنعاء ، فبناه من قبل مسجد الجند بخمسة أشهر ، وروى طاوس أن مسجد صنعاء اليمن جاء إلى بيت الله الحرام فقال : يا بيت الله اشفع لي ألا يدخلني الله النار ، فقال : فكيف أشفع لك وأنت الذي أمر بك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تبنى ما بين الصخرة الحمراء ـ أو قال : الصفراء ـ إلى غربي غمدان ، وذكر الحديث.

__________________

(١) ليست في : حد ، صف.

(٢) حد ، صف ، مب : «فقدم إلى».

(٣) ليست في مب.

(٤) من سائر النسخ.

١٣٢

خبر بناء مسجد صنعاء

في حديث بعضهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لوبر بن يحنّس : استقبل به ضينا ، وبعض الرواة يقول : ضين (١) ، قال وهب بن منبه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : واستقبل بقبلته ضين وهو جبل مرمل.

وقال ابن رمّانة : لمّا قدم أبان بن سعيد صنعاء أسّ المسجد في بستان باذان في أصل الصخرة واستقبل به ضين.

أبو الحسن ، أحمد بن داود قال : أخبرني عبد الوهاب وعبد الرزاق ابنا همّام عن أبيهما ، وأمية بن شبل قالا : لمّا بنى أيوب بن يحيى الثقفي مسجد صنعاء هذا البناء ، دعا وهب بن منبه فقال له : يا أبا عبد الله اقعد معهم حتى يؤسسوا قبلته ، فقال لهم : استقبلوا بالقبلة إلى الجبل الذي يقال له ضين ، فإنه قبلة أهل صنعاء ، فبناه (٢).

__________________

(١) كذا الأصول.

(٢) «فبناه» ليست في : حد ، مب.

١٣٣

ذكر ما روي في جبل ضين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

يقال : جبل ضين من الجبال المقدسة ، وحوله بركة دائمة ، وعلى رأسه مسجد مبارك من دعا فيه أجيب ، وبينه وبين مسجد صنعاء من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر (١) وهو جبل عظيم مبارك. وروي أنه من كان عليه دين ولو كان مثل جبل ضين قضاه الله عنه ؛ إذا قال : اللهم أغنني بحلالك عن حرامك ، وأغنني بفضلك عمن سواك [فإنه جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لرجل وامرأة بهذا الدعاء : «لو كان عليك مثل جبل ضين قضاه الله عنك» أخبرني أبو حاتم محمد بن أحمد بن علي السّجستاني ، أحمد بن محمد بن إسحاق ، أنا محمد بن عبد الله الحضرمي بالكوفة. قال عبد الله بن عمر بن أبان. أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل ، قال : أتى رجل عليا رضوان الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعنّي ، فقال : ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لو كان عليك مثل جبل ضين دنانير لأدّاه الله عنك. فقال : بلى. قال : قل : اللهم أغنني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك](٢). وأخبرني محمد بن أحمد قال : وحدثني محمد بن الحسين قال ابن خزيمة قال يوسف بن موسى / القطان. قال أبو معاوية بإسناده ومعناه ، وقد قال فيه : مثل جبل ضين.

والجبال المقدسة فيما يذكر أهل اليمن [أنها في اليمن](٣) جبل حضور وهو جبل لم ير [جبل](٤) أعظم منه ، وضين وهو دونه في العظم.

__________________

(١) «إلى صلاة الظهر» ليست في حد.

(٢) تكملة من : حد ، صف ، ومسند أحمد بن حنبل ١ / ١٥٣.

(٣) من : حد ، صف.

(٣) من : حد ، صف.

١٣٤

ذكر من زاد في مسجد صنعاء من الولاة

وذكر الزيادة فيه ومن بوّب أبوابه القديمة

ونصب قبلته إلى [جبل](١) ضين والرواية في ذلك

قال : ولما أفضت الخلافة إلى الوليد (٢) بن عبد الملك بن مروان ؛ كتب إلى أيوب بن يحيى الثقفي بالولاية على صنعاء واليمن وأمره أن يزيد في مسجد صنعاء ويبنيه بناء جيدا محكما ، فبناه أيوب بن يحيى وزاد فيه من نحو قبلته الأولى إلى موضع قبلته اليوم ، وحضر وهب بن منبه ذلك فقال لهم : إن أردتم أن تنصبوا قبلته فاستقبلوا به ضينا.

وجدت بخط علي بن عبد الوارث ، حدثني الكشوري ، قال : حدثني محمد بن عمر ، قال : حدثني (٣) هشام قال : أنا همّام بن نافع أن أيوب بن يحيى حين بنى المسجد مسجد صنعاء فقال لهم وهب : إن أردتم أن تنصبوا قبلته فاستقبلوا به ضينا.

قال أبو الحسن : وإنما زاد فيه الوليد من قبلته الأولى إلى قبلته اليوم.

قال عبد الرزاق : أخبرني أبي وغيره ؛ إن في قبلة مسجد صنعاء ميلا قدر ذراع ونصف (٤) ميامنا ؛ ولما بني المحراب وزيد في المسجد هذه الزيادة من موضع

__________________

(١) من : حد ، صف.

(٢) كان ذلك في سنة ٨٦ للهجرة.

(٣) حد ، صف ، مب : «حدثنا».

(٤) ساقطة في س.

١٣٥

قبلته الأولى إلى موضع قبلته (١) اليوم كان في المحراب نقوش ورقات (٢) وصنعة عجيبة حسنة بالجص ؛ عملا معجزا ، وخلّق بالخلوق والمسك والطيب ، وكان يطلى به المحراب كل عام لشهر رمضان ، فلما ولي القضاء يحيى بن عبد الله بن كليب أمر بهدم تلك النقوش التي كانت في المحراب ، وأعاده إلى ما هو عليه الآن من العمل ، وجصصه بهذا الجص الساذج الذي هو فيه ، وقال : إن ذلك لم يكن جائزا لأنه مكروه وهو يشغل (٣) المصلي بالنظر إليه ، وقد نهى عن تزويق المساجد (٤).

__________________

(١) حد ، صف : «موضعها».

(٢) كذا الأصول ولم نهتد إلى قراءتها. ولعلها : «وتزويقات».

(٣) صف : «لأنه يشغل قلب المصلي».

(٤) زاد ناسخ صف بين كلمة «المساجد» و «قال أبو نواس» بابا استغرق ورقة كاملة في ذكر عمارة المنارتين في المسجد الجامع بصنعاء نصه :

«باب في ذكر عمارة المنارتين في المسجد الجامع بصنعاء. وقد تقدم الحديث في ذكر فضل المسجد الجامع بصنعاء وأنه بني على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأما عمارته هذه وسقوفه المتقنة وصنعته المحكمة فإنه عمل ذلك كله بأمر الأمير إبراهيم بن محمد بن يعفر بن عبد الرحمن بن كريب الحوالي في سنة خمس وستين ومئتين من الهجرة الطاهرة النبوية صلوات الله على صاحبها وسلامه ، وجميع أخشابه التي في الجانب الشرقي من الساج ، وأكثر أخشابه التي في الجانب القبلي والعدني ، وأما الغربي فهو أيضا من الساج ، وذكر أن سبب تغير بعض سقوفه وكونها أغيرت أن علي بن فضل القرمطي سدّ موازيب المسجد في الخريف حتى امتلأت ماء فغيرت السقوف ، وله حديث ليس الغرض ذكره لأنه كان مارقا من الدين ، ثم عمل جدار به شيء من الحجارة بعد الحوالي في مدة قريبة ، وحمي من السقوف ما كان قد دهمت بداهيته وبقي في المسجد اسم الحوالي مكتوبا وتأريخ السنة التي عمر فيها المسجد هذه العمارة الحسنة ، والكتابة في ألواح قريبة من السقف منقوشة من عمل النجار حتى أن من حسده ذكر اسمه ، نجره فلم ينتجر ، وأيضا فإنه مشهور أنه بناه الحوالي برواية خلف أهل صنعاء عن سلفهم في ذكر أحداث البركة المباركة والمطاهر في غريبها وعدنيها وقبليها وذلك كله في غرب المسجد الجامع لصنعاء اليمن ، وذكر النهر الذي يسقى منها الماء إلى هذه البركة ، وذكر صنعة هذه النهر المعروفة بعد إحداثها ، وذكر الوقت الذي أحدث ذلك فيه ، ولم يكن الغرض من ذكر ذلك ورسمه في هذا المصدور بطلب ذاك ، ولا ليقال هذا فلان فاعرفوه واعرفوا عمله فإن هذا هو المهلك لكونه رياء محضا ، وعمل أهل الرياء يذهب هباء منثورا ، وكذلك الأعمال التي يقصد بها الافتخار هي من هذا المعنى (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) وإنما القصد منه المعنيين ؛ أما أحدهما

١٣٦

قال (أبو نواس الحسن بن هانئ في قصيدة مشهورة) (١) يصف تطييب المسجد الجامع بصنعاء (٢) :

نحن أرباب ناعط ولنا

صنعاء والمسك في محرابها (٣)

وكان في أيام بني أمية يخضبون محاريب المساجد وأساطينها بالخلوق والطيب فلم يزل ذلك في أيامهم ، ثم انقطع ذلك الطيب من المساجد لما قدم عمر بن عبد الحميد وكان أول من ولي صنعاء لبني العباس وبوّب أبواب مسجد صنعاء ، وكان لا بأس به.

قال الكشوري : حدثني أحمد بن دامرد قال : عمر بن عبد الحميد أول من ولي صنعاء لبني العباس وهو أول من بوّب (٤) المسجد الجامع وكان لا بأس به ، وكان أيوب (٥) بن يحيى على صنعاء بعثه إليها الوليد ، والوليد قبل هشام.

قال ابن عبد الوارث : يوسف بن عمر كان أميرا على صنعاء بعثه هشام بن

__________________

فلما جرت به عادة أهل التواريخ ، ولو لا ما فعلوه لما كان الآخر يعلم ما كان عليه الأول من خير فربما يميل إليه ويقتدي به ، أو من شر فربما ندمه ويعمل بخلافه ، وأن من وفقه الله تعالى للخير يحله غيره لطلب السعادة الباقية التي لا تفنى في الدار الآخرة ، وإذا قفا أثر من قبله علته الغيرة والحمية الإسلامية ليسلم نفسه من النار ، ويرغب لها في الجنة فيعمل كما عمل من قبله فيحصل الثواب للعامل والمعمول له» ا ه.

انفردت (صف) بهذا الباب ، ونظن أنه مقحم ، فلسنا نجد فيه طريقة المؤلف ولغته في بسط الأخبار ، ولا استطراداته إلى فنون من الترغيب والترهيب كما نجده في هذا الباب.

(١) ما بين القوسين ليس في : حد ، صف ، مب.

(٢) «بصنعاء» ليست في صف ، وفيها زيادة : «في ذلك شعرا». وفي حد : «مسجد صنعاء».

(٣) كذا الأصول ، والبيت في ديوان أبي نواس (ط صادر ، ص ٨٦) :

بل نحن أرباب ناعط ولنا

صنعاء والمسك من محاربها

وهو البيت الرابع من قصيدة مطلعها :

لست بدار عفت وغيرها

ضربان من قطرها وحاصبها

(٤) حد ، صف ، مب : «بوّب أبواب المسجد».

(٥) كذا الأصل ، وفي سائر النسخ : «وكانت عمارة أيوب».

١٣٧

عبد الملك سنة أربع ومئة ، وولي صنعاء ثلاث عشرة سنة ، وأيوب بن يحيى كان واليا على صنعاء بعثه الوليد فولي أيوب صنعاء (١) خمس سنين وهو الذي بنى مسجد صنعاء بأمر الوليد بن عبد الملك حين بعثه واليا ، وذلك أن ولاية الوليد من سنة ست وتسعين.

أخبرني عطية بن سعيد بن عبد الله عن محمد بن الحكم قال : أبو محمد كانت خلافته ثماني سنين (٢) وذلك من نصف شوال سنة سبع وثمانين وتوفي في النصف من جمادى سنة ست وتسعين.

ابن جماهر أبو عيسى ، محمد بن عيسى (٣) الترمذي ، عبد الله بن عبد الرحمن. أنا يحيى بن حسان أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سيار عن أبي وائل عن علي عليه‌السلام أن مكاتبا جاءه فقال : إني قد عجزت عن مكاتبتي فأعنّي قال (٤) : ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لو كان عليك مثل جبل ضين دينا أداه الله عنك ؛ قال : قل : «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك» (٥) ، وهذا حديث حسن غريب. جبل ضين باليمن إليه قبلة مسجد صنعاء.

وقيل : حشوش الدنيا ثلاث : عمان وهيت وأردبيل (٦).

__________________

(١) ليست في : حد ، صف ، مب. وفي صف ، مب : «فولي أيوب بن يحيى خمس سنين». وفي حد وحدها : «فولي أيوب بن يحيى خمسين سنة» وهو خطأ واضح وانظر تعليقنا على هذا الخبر حيث يرد مرة ثانية في الصفحة ٣٦١.

(٢) ليست في سائر النسخ.

(٣) ساقطة في مب.

(٤) الأصل با ، س : «أنا» وما أثبتناه من : حد ، صف ، مب.

(٥) أخرجه الترمذي ٥ / ٥٦٠ وفيه بدلا من جبل ضين ، جبل ثبير وانظره في مسند أحمد ١ / ١٥٣. وفيما سبق ص ١٣٤.

(٦) كذا في الأصول كلها ، ولعل العبارة مقحمة إذ لا علاقة لها بالموضوع.

١٣٨

ذكر عمارة مسجد صنعاء قبل مسجد الجند

قال محمد بن داود بن قيس : بني مسجد صنعاء الجامع قبل مسجد الجند بستة أشهر بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهو أفضل لقدمه عليه.

قال مطرف بن أيوب : في مسجد صنعاء / قبر نبي.

حدثني القاضي الحسين بن محمد قال : ذكر لي جدي أن أحل الصوافي ما أصفاه (١) عمر بن الخطاب من أرض (٢) باذان (ومنها عليب ومنها ضيعة بالمنشر وسوق باذان) (٣) قال القاضي : يعني سوق ذمار. وحكي لي أن جده قال : كان بين عمارة مسجد صنعاء وبين مسجد (٤) ذمار أربعون يوما ، وهو المسجد [الثاني](٥) ثم مسجد الجند ومسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبلها.

حدثني عبد السلام بن محمد النقوي ، قال : سمعت عبد الرحمن بن إسماعيل بن كليب ، قال : قال لي القاضي عبد الأعلى بن محمد : إذا شهدت الصلاة في مسجد صنعاء في الجماعة فكأنما غنمت غنيمة (أو قال : فكأنني إنما غنمت غنيمة) (٦).

__________________

(١) أصفى فلانا : آثره (المحيط للفيروز آبادي).

(٢) «من أرض» ذهبت في مب.

(٣) ما بين القوسين ساقط في مب.

(٤) ليست في حد.

(٥) من : حد ، صف ، مب.

١٣٩

ذكر جبانة صنعاء وإحداثها على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

حدثني (١) القاضي سليمان بن محمد النقوي قال : حدثني (٢) يحيى القاضي قاضي صنعاء ، قال أبو إسحاق إبراهيم (٣) بن برة قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر فروة بن مسيك [المرادي](٤) أو أبان بن سعيد أن يتخذ مسجدا بصنعاء في بستان باذان فيما بين غمدان والحجر الململمة. قال فابتناه ، ثم قال : اتخذوا لعيدكم مصلى فدعوه إلى ناحية الحقل. فقال : بل يكون المخرج من ناحية القبلة ، فصعد على غمدان فنظر إلى موضع الجبانة فسأل عنه فقيل : موضع معسكر الحبشي ، فقال : لأنزلنه ولأجعلنه مصلى ما بقي. وكان ذلك الموضع جربة (٥) لأبي حمال ، فطلب إليه أن يبتاعها منه فقال : أنا أجعلها مصلى لعيد المسلمين ، فقال : هي لله تعالى ولرسوله.

قال (٦) وهب بن منبه اليماني : إن أيسر مسجد صنعاء أفضل من أيمنه ، وإن أيسر جبانة صنعاء أفضل من أيمنها.

حدثني بعض أهل صنعاء عن أبيه أن أباه أخبره أنه [قال](٧) : كانت جبانة صنعاء بباب واحد وكانت الدور شارعة عن يمين وشمال باسقة في الهوى ، عليها مساكن وغرف عالية من أبهى العمارة وأحسنها صنعة ، وكانت أجل منازل

__________________

(١) حد : «حدثنا».

(٢) سقطت في حد.

(٣) تكملة من حد.

(٤) الجربة : المزرعة والقراح من الأرض أو المصلحة لزرع أو غرس (المحيط).

(٥) حد ، صف : «قال بعض العلماء وهو وهب».

(٦) من بقية النسخ.

١٤٠