بقيع الغرقد

الشيخ محمّد أمين الأميني

بقيع الغرقد

المؤلف:

الشيخ محمّد أمين الأميني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٠

لزيارته عليه‌السلام ، وتلبس أطهر ثيابك ، وتقف على قبره ، وتقول :

«السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا بقية المؤمنين ، وابن أول المسلمين ، أشهد أنك سبيل الهدى ، وحليف التقوى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذتك يد الرحمة ، وتربيت في حجر الإسلام ، ورضعت من ثدي الإيمان ، فطبت حياً وميتاً ، صلى الله عليك ، أشهد أنك أديت صادقاً ، ومضيت على يقين ، لم تؤثر عمى على هدى ، ولم تمل من حق إلى باطل ، لعن الله من ظلمك ، ولعن الله من خذلك ، ولعن الله من قتلك ، أنا إلى الله منهم براء».

ثم قبّل القبر ، وضع خديك عليه ، وتحوّل إلى عند الرأس ، فقل :

«السلام عليك يا وصي أمير المؤمنين ، أتيتك زائراً ، عارفاً بحقك ، موالياً لأوليائك ، معادياً لأعدائك ، فاشفع لي عند ربك» ، وصلّ ركعين لزيارته (١).

فإذا أردت الإنصراف فقف على قبورهم وقل :

«السلام عليكم أئمة الهدى ورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام ، آمنّا بالله وبالرسول ، وبما جئتم به ، ودللتم عليه ، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين»

ثمّ ادع الله كثيراً ، واسأله أن لا يجعله آخر العهد من زيارتهم ، إن شاء الله (٢).

وزاد ابن البراج والمشهدي : «اللهم لا تجعله آخر العهد مني لزيارتهم ، وارزقنيها أبداً ما أحييتني ، فإذا توفيتني فاحشرني معهم وفي زمرتهم ، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام» (٣).

__________________

(١) المقنعة ٤٦٦ ؛ وانظر : منتهى المطلب ٢ / ٨٩١ ؛ بحار الأنوار ٩٧ / ٢٠٦.

(٢) المقنعة ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ؛ تهذيب الأحكام ٦ / ٨٠ ؛ منتهى المطلب ٢ / ٨٩٤ ؛ الحدائق الناضرة ١٧ / ٤٣٢ ؛ بحار الأنوار ٩٧ / ٢٠٦.

(٣) المهذب ١ / ٢٨٤ ؛ المزار ١٠٨.

٢٠١

وقال الشيخ المفيد في وداع زيارة الإمام الحسن عليه‌السلام : فإذا أردت الإنصراف فقف على القبر ـ كما وقفت في أول الزيارة ـ وقل :

«السلام عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله وأسترعيك ، وأقرأ عليك السلام ، آمنّا بالله وبالرسول ، وبما جئت به ، ودللت عليه ، اللهمّ اكتبنا مع الشاهدين».

ثم ادع الله أن لا يجعله آخر العهد منك ، وادع بما أحببت إن شاء الله (١).

__________________

(١) المقنعة / ٤٦٧.

٢٠٢

بعض المدفونين في البقيع

نلفت القاريء الكريم إلى نظرة قصيرة إلى بعض من دفن في البقيع ، من الصحابة والتابعين ، والشهداء والصالحين ، وسائر الناس والمؤمنين ، مع اعلامنا بأمرين :

الأول : ان البقيع اليوم قد توسع عما كان هو عليه سابقاً ، وأُلحق به كثير ، كحش كوكب وغيرها التى كانت خارجة عنه ، انّ ما نذكره يشمل ما يطلق عليه اسم البقيع حالياً.

الثاني : ان ما نذكره من اسماء المدفونين فيه ، هو ما عثرنا عليه خلال تصفّحنا الكتب التاريخية والرّوائية والتراجم (١) ، مع غمض العين عن انتمائاتهم المذهبية ، وميولهم السياسية ، ونوردها على حسب حروف المعجم (٢).

__________________

(١) يقول ابن جبير في رحلته : ومشاهد هذا البقيع أكثر من أن تحصى ، لأنه مدفن الجمهور الأعظم من الصحابة والمهاجرين. كذا في دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ٨ / ٢٦٥.

(٢) اهتمّ بعض الباحثين بجمع أسماء المدفونين بالبقيع ، منهم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري المتوفى سنة ٧٣١ ه‍ ق ، عمل كتاباً سماه : «الروضة في أسماء من دفن بالبقيع» ، ذكره الصالحي الدمشقي في سبل الهدى والرشاد ٣ / ٢٧٩ والزركلي في الأعلام ٥ / ٣٢٥ ، ولم نعثر عليه.

٢٠٣

وإليك أيها القاريء الكريم ذلك :

١ ـ إبراهيم ابن رسول الله

لم يكن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد من غير خديجة إلا إبراهيم من مارية (١) القبطية (٢) ، ولد في ذي الحجة (٣) بعالية في قبيلة مازن في مشربة أم إبراهيم (٤) بالمدينة سنة ثمان من الهجرة ، ومات بها وله سنة وستة أشهر وبعض أيام (٥) ، وقبره بالبقيع (٦).

روي عن علي عليه‌السلام قال : «لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني فغسلته ، وكفّنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحنطه ، وقال لي : احمله يا علي ، فحملته حتى جئت به إلى البقيع فصلى عليه ، ثمّ أتى القبر فقال لي : انزل يا علي ، فنزلت ودلاه عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رآه منصبّاً بكى ، فبكى المسلمون لبكائه ، حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء ، فنهاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ النهي ، وقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، وإنا بك لمصابون ، وإنا عليك لمحزونون» (٧).

وروى أحمد بن عبد الله الطبري : أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عبد الرحمن بن عوف فأتى

__________________

(١) مارية القبطية هي التي أهداها المقوقس صاحب الاسكندرية إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسكنها في أحدالحوائط السبعة (الحائط : البستان المسيج). معالم المدرستين ٢ / ١٣٢.

(٢) انظر : الطبقات الكبرى ١ / ١٤١ ؛ الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٢٤١ ؛ مستدرك سفينة البحار ١ / ٣٤٦.

(٣) بحار الأنوار ٢١ / ٤٠٩.

(٤) مناقب آل أبي طالب ١ / ١٤٠.

(٥) وفي المناقب ١ / ١٤٠ : ومات بها وله سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام.

(٦) اعلام الورى ١ / ٢٧٦ ؛ انظر : المناقب ١ / ١٤٠ ؛ مستدرك سفينة البحار ١ / ٣٤٦ و ٨ / ٣٨١.

(٧) دعائم الاسلام ، القاضي نعمان ١ / ٢٢٤ ؛ بحار الانوار ٧٩ / ١٠٠ ، ح ٤٨ ؛ مستدرك الوسائل ٢ / ٤٦٠ ، ح ٢٤٦٤.

٢٠٤

النخل ، فإذا ابنه إبراهيم في حجر أمه ، وهو يجود بنفسه ، فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه في حجره ، ثمّ ذرفت (١) عيناه ، ثمّ قال : «يا إبراهيم ، إنا لا نغني عنك من الله شيئاً» ، ثمّ ذرفت عيناه ، ثمّ قال : «يا إبراهيم ، لولا أنه أمر حق ووعد صدق ، وأنّ آخرنا سيلحق بأولنا ، لحزنّا عليك حزناً هو أشدّ من هذا ، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون ، تبكى العين ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب» (٢).

وقال ابن سعد : توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لستةعشر شهراً ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ادفنوه في البقيع ، فإنّ له مرضعاً في الجنة (٣)» ، وقال الواقدي : مات إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة عشر ، وهو ابن ثمانية عشرشهراً (٤) ، في بني مازن بن النجار ، في دار أم برزة بنت المنذر ، ودفن بالبقيع (٥) ، وعن محمد بن مؤمل المخزومي أنه كان ابن ستة عشر شهراً وثمانية أيام (٦).

وفي الطبقات : حمل من بيت أمّ بردة على سرير صغير ، وصلى عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبقيع ، فقيل له : يا رسول الله ، أين ندفنه؟ قال : «عند فرطنا (٧) عثمان

__________________

(١) أي : سالت.

(٢) ذخائر العقبى / ١٥٥ ؛ شرح مسند أبي حنيفة / ٣٢٠.

(٣) الطبقات الكبرى ١ / ١٤١ ؛ انظر : مصنف عبد الرزاق ٧ / ٤٩٤ ؛ مسند الإمام أحمد ٤ / ٢٨٩ و ٢٧٩ ؛ العلل ومعرفة الرجال ، أحمد بن حنبل ٢ / ٤١٢ ؛ الآحاد والمثاني ٥ / ٤٥١ ؛ مسند أبي يعلى ٣ / ٢٥١ ؛ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٣٥ (وفيه : يتم رضاعه في الجنة) و ١٣٧ ؛ مسانيد أبي يحيى الكوفي / ٢٢ ؛ أسد الغابة ١ / ٣٩ ؛ اثبات عذاب القبر / ٦٩ ؛ البداية والنهاية ٥ / ٣٣١ ؛ السيرة النبوية ٤ / ٦١٢ ـ ٦١٣ ؛ الإصابة ١ / ٣٢٠ ؛ كنز العمال ١١ / ٤٧٢ و ١٢ / ٤٥٢ و ٤٥٥.

(٤) أسد الغابة ١ / ٣٩.

(٥) أسد الغابة ١ / ٣٩.

(٦) أسد الغابة ١ / ٣٩.

(٧) معنى الفرط والفارط المتقدم للقوم ، والأصل فيه المتقدم إلى الماء ليرتاد لهم ويهييء لهم الدلاءوالارشية. كذا في ذخائر العقبى / ١٥٥.

٢٠٥

ابن مظعون» (١).

وروى ابن عساكر : أنه مات يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر ودفن بالبقيع (٢).

وروى ابن سعد عن محمد بن عمر بن علي قال : أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون ، ثمّ أتبعه إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، ثمّ أشار بيده يخبرني أنّ قبر إبراهيم إذا انتهيت إلى البقيع فجزت أقصى دار عن يسارك تحت الكبا الذي خلف الدار (٤).

وروي : أنه رش على قبره بالبقيع الماء ، وقال : «الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون» (٥).

وكسفت الشمس يوم موته ، فقال الناس : كسفت لموت إبراهيم ، فخطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال في خطبته : «انّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله عزوجل ، لا ينكسفان لموت أحد ولالحياته (٦) ، فإذار أيتموها فعليكم بالدعاء حتى تكشف» (٧).

وعن تحفة العالم : وجهة قبر إبراهيم ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في بقعة قريبة من البقيع ، وفيها قبر عثمان بن مظعون من أكابر الصحابة ، وهو أول من دفن في البقيع (٨).

__________________

(١) معنى الفرط والفارط المتقدم للقوم ، والأصل فيه المتقدم إلى الماء ليرتاد لهم ويهييء لهم الدلاء والارشية. كذا في ذخائر العقبى / ١٥٥.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٤٥ ؛ السنن الكبرى ٣ / ٣٣٦ ؛ ذخائر العقبى / ١٥٥.

(٣) انظر : مصنف ابن أبي شيبة ٨ / ٣٥٧ ؛ التاريخ الكبير ١ / ١٧٧ ؛ تاريخ مدينة دمشق ٥٤ / ٤١٧ ؛ كنزالعمال ١٤ / ١٤٠.

(٤) الطبقات الكبرى ١ / ١٤١.

(٥) عيون الأثر ٢ / ٣٦٧.

(٦) البداية والنهاية ٥ / ٣٣٢ ؛ السيرة النبوية ٤ / ٦١٥

(٧) بحار الأنوار ٢١ / ٤٠٩.

(٨) مقتبسها في بحار الأنوار ٤٨ / ٢٩٧.

٢٠٦

٢ ـ إبراهيم الكوراني الشهرزوري الشافعي

هو الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني الشهرزوري الشافعي ، من فقهاء الشافعية ، نزيل المدينة المنورة ، قيل ان كتبه تنيف عن ثمانين ، ولد في شوال سنة خمس وعشرين وألف بشهران (من أعمال شهرزور) بجبال الكرد ، وتوفي سنة إحدى ومائة وألف ، ودفن بالبقيع (١).

٣ ـ إبراهيم بن موسى

قال العلوي في المجدي : ولد موسى بن عبد الله بن موسى الجون ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وكان موسى سيداً ، وروى الحديث ، ويكنى أبا عمرو. قال ابن معية النسابة الحسني : قتل سنة ست وخمسين ومائتين .. وإبراهيم بن موسى قبره بالبقيع ، مات في حبس المهتدي ، وانقرض (٢).

وقال أبو الفرج الاصفهاني : وإبراهيم بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حبسه محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور عامل المهتدي على المدينة ، ودفن في البقيع (٣).

٤ ـ ابن البارزي

قال الزركلي : عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله الجهني ، أبو محمد ، نجم الدين ، المعروف بابن البارزي ، قاضي حماة وابن قاضيها وأبو قاضيها! ، ولد بها ، وتوفي في طريقه إلى الحج بقرب المدينة ، فحمل إليها ، ودفن بالبقيع ، قال ابن تغري

__________________

(١) عون المعبود ١ / ٦ عن نهاية الرسوخ ؛ الأعلام ، الزركلي ١ / ٣٥.

(٢) المجدي في أنساب الطالبيين / ٥٣.

(٣) مقاتل الطالبيين / ٤٣٩ ؛ أعيان الشيعة ٢ / ١٣٤.

٢٠٧

بردي : صنّف في كثير من العلوم ، وقال ابن شاكر : درّس وأفتى (١).

وفي موسوعة طبقات الفقهاء : انه كان فقيهاً ، أصولياً ، أديباً ، شاعراً (٢).

٥ ـ ابن النجيح

شرف الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الحراني المعروف بابن النجيح الفقيه الناسك المتوفى ٧٢٣ ه‍ ، توفي في وادي بني سالم ، فحمل إلى المدينة ، فغسل وصلى عليه في الروضة ، ودفن بالبقيع (٣) ، وقال ابن كثير : دفن بالبقيع شرقي قبر عقيل ، فغبطه الناس في هذه الموتة وهذا القبر (٤) ، وكان من أكبر خدام وخواص أصحاب ابن تيمية (٥).

٦ ـ ابن المراغي

اسمه محمد بن أبي بكر ، كنيته أبو الفضل ، ولد سنة ٨٠٣ ، واشتغل بالحديث والفقه ، ومات مقتولاً بالعوالي خارج المدينة سنة ٨٤٣ ، ودفن في البقيع (٦).

٧ ـ ابن مسلم ، قاضي القضاة

قال ابن كثير : قاضي القضاة ابن مسلم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع بن جعفر الصالحي الحنبلي ، ولد سنة ستين وستمائة ،

__________________

(١) الاعلام ٣ / ٣٤٣.

(٢) موسوعة طبقات الفقهاء ٧ / ١٠٦.

(٣) الغدير ٥ / ٧٤ ؛ وانظر : البداية والنهاية ١٤ / ١٢٧.

(٤) البداية والنهاية ١٤ / ١٢٧.

(٥) انظر : البداية والنهاية ١٤ / ١٢٧.

(٦) الأعلام ٦ / ٥٨.

٢٠٨

ومات أبوه ـ وكان من الصالحين ـ سنة ثمان وستين ، فنشأ يتيماً فقيراً لا مال له ، ثمّ اشتغل وحصل وسمع الكثير وانتصب للافادة والإشتغال ، فطار ذكره ، فلما مات التقي سليمان سنة خمس عشرة ولي قضاء الحنابلة ، فباشره أتمّ مباشرة ، وخرجت له تخاريج كثيرة ، فلما كانت هذه السنة خرج للحج ، فمرض في الطريق ، فورد المدينة النبوية على ساكنها رسول الله أفضل الصلاة والسلام ، يوم الإثنين ، الثالث والعشرين من ذي القعدة ، فزار قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلى في مسجده ، وكان بالأشواق إلى ذلك ، وكان قد تمنى ذلك لما مات ابن نجيح ، فمات في عشية ذلك اليوم ، يوم الثلاثاء ، وصلى عليه في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالروضة ، ودفن بالبقيع ، إلى جانب قبر شرف الدين بن نجيح ، الذي كان قد غبطه بموته هناك سنة حجّ هو وهو قبل هذه الحجة ، شرقيّ قبر عقيل (١).

٨ ـ الأرقم بن أبي أرقم عبد مناف المخزومي

اسمه عبد مناف ، وكان الأرقم من السابقين إلى الاسلام ، واستخفى الرسول في بيته بأصل الصفا بمكة (٢) ، حتى كملوا أربعين رجلاً ، شهد بدراً وما بعدها ، آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين عبد الله بن أنيس (٣) ، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين ، وهو ابن خمس وثمانين سنة ، وصلى عليه سعد بن أبي وقاص (٤) ، ودفن بالبقيع (٥) ،

__________________

(١) البداية والنهاية ١٤ / ١٤٥ ؛ وانظر : موسوعة طبقات الفقهاء ٨ / ٢٢٨.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥.

(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥.

(٤) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٦.

(٥) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥ ؛ انظر : اسد الغابة ١ / ٦٠ ؛ الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال ، محمد بن علي بن حمزة الشافعي / ٢٠ ؛ أعيان الشيعة ٣ / ٢٤٤ ؛ معالم المدرستين ٢ / ١٢٩.

٢٠٩

وذكر أبو نعيم أنه توفي يوم مات أبو بكر (١).

٩ ـ أبو القاسم شيخ الاسلام

قالوا : كان الشيخ أبوالقاسم شيخ الإسلام من الأفاضل والعلماء ، دفن في جهة الباب المقابلة لرأس الأئمة عليهم‌السلام بالبقيع (٢).

١٠ ـ أبو أمامة الباهلي

قال الحموي : المشهور أنّ قبره بالبقيع (٣).

١١ ـ أبو سعيد الخدري

اسمه سعد بن مالك بن سنان ، اشتهر بكنيته ، له ولأبيه صحبة ، استصغر بأحد ، ثمّ شهد ما بعدها ، وكان من الحفاظ المكثرين ، مات سنة أربع وسبعين ، ودفن بالبقيع (٤).

وقال الشيخ الطوسي : توفي أبو سعيد في يوم الجمعة ، سنة أربع وسبعين ، ودفن بالبقيع ، وهو ابن أربع وتسعين (٥) ، وجاء في الدرجات الرفيعة : أبو سعيد الخدري ، وكان مستقيماً ، نزع ثلاثة أيام ، فغسله أهله ، ثمّ حملوه إلى مصلاه فمات ، وتوفي بالمدينة سنة إحدى أو أربع أو خمس وستين ، وقيل : أربع وسبعين ، ودفن

__________________

(١) أسد الغابة ١ / ٦٠.

(٢) البقيع / ١٠٤.

(٣) معجم البلدان ٤ / ٤٧١.

(٤) تحفة الأحوذي ٦ / ٣٥ ؛ انظر : الغدير ١ / ٤٢ ؛ أعيان الشيعة ٧ / ٢٢٧.

(٥) اختيار معرفة الرجال ١ / ٢٠١.

٢١٠

بالبقيع ، والخدري بضمّ الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة منسوب إلى خدره ، واسمه الأبجر بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح الجيم وبعدها راء مهملة ، وهو ابن عوف بن الحارث بن الخزرج ، وقيل : خدره أم الأبجر ، والأول أشهر ، وهم بطن من الأنصار (١).

وفي شرح مسند أبي حنيفة : كان من الحفاظ المكثرين ، والعلماء المعتبرين .. (٢). وفي موضع آخر : كان من الحفاظ المكثرين ، والعلماء والفضلاء والعقلاء (٣).

وروى ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال : قال لي أبي : يا بني ، إني قد كبرت سنّي ، وحان مني ، خذ بيدي ، فاتّكأ عليّ حتى جاء البقيع مكاناً لا يدفن فيه ، فقال : إذا هلكت فادفنّي هاهنا ، ولا تضربن عليّ فسطاطاً ، ولا تمشين معي بنار ، ولا تبك عليّ باكية ، ولا تؤذننّ أحداً ، وليكن مشيك بي خبباً. فجعل الناس يأتوني فيقولون : متى نخرج به؟ فأكره أن أخبرهم وقد نهاني ، فقلت : إذا فرغت من جهازه ، فخرجت به صدر يوم الجمعة ، فوجدت البقيع قد ملىء عليّ ناساً (٤).

١٢ ـ أبو سفيان

هو صخر بن حرب بن عبد شمس ، من رؤوس الكفر وأعمدة النفاق ، وهو صاحب هذه المقالة السخيفة لبني أمية ـ والتي تدل بكلّ وضوح على استمرار

__________________

(١) الدرجات الرفيعة / ٣٩٩.

(٢) شرح مسند أبي حنيفة / ٢٠٥.

(٣) شرح مسند أبي حنيفة / ٥٥٣.

(٤) تاريخ مدينة دمشق ٢٠ / ٣٩٧ ؛ انظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٦٤.

٢١١

كفره ـ : «تلقفوها (١) تلقف الكرة ، والذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ، ولا جنة ولا نار ، ولا بعث ولا قيامة» (٢).

قال الضحاك : مات وهو ابن ثمان وثمانين سنة ، وولد قبل الفيل بعشر سنين ، وتوفي سنة ثنتين وثلاثين بالمدينة ، ودفن بالبقيع ، وقالوا : سنة إحدى وثلاثين ، وكان رجلاً ربعة دحداحاً عظيم الهامة أعمى ، أصيب بإحدى عينيه يوم الطائف .. (٣).

وذكر ابن عساكر عن أبي عبد الله مندة قال : صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس أبو سفيان الأموي القرشي ، توفي سنة أربع وثلاثين ، وصلى عليه عثمان بن عفان ، ودفن بالبقيع ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة ، وقيل : ابن ثلاث وتسعين ، وصلى عليه عثمان بن عفان (٤).

١٣ ـ أبو سفيان بن الحارث

هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، قال ابن قتيبة : كان أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الرضاعة ، أرضعته حليمة بلبنها أياماً ، وكان يألف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما بُعث عاداه وهجاه ، ثمّ أسلم عام الفتح ، وشهد يوم حنين .. وكانت وفاته سنة عشرين ، ودفن بالبقيع ، ولم يبق له عقب (٥).

__________________

(١) أي الحكومة والإمارة.

(٢) شرح نهج البلاغة ٩ / ٥٣ ؛ وانظر : السقيفة وفدك / ٣٩ ؛ مروج الذهب ١ / ٤٤٠ ؛ اخبار الدولة العباسية ، لمؤلف من القرن الثالث الهجري / ٤٨ ؛ شرح الأخبار ٢ / ١٤٧ ؛ النزاع والتخاصم ، المقريزي / ٥٩ ؛ تاريخ الطبري ٨ / ١٨٥ ؛ النصائح الكافية / ٢٦١ ؛ بحار الانوار ٣١ / ١٩٧ و ٣٣ / ٢٠٨ ؛ الغدير ٨ / ٢٧٨ ؛ الايام الشامية / ٢٦.

(٣) الآحاد والمثاني ١ / ٣٦٣.

(٤) تاريخ مدينة دمشق ٢٣ / ٤٣٧.

(٥) المعارف ، ابن قتيبة / ١٢٦.

٢١٢

وقال ابن سعد : ومات أبو سفيان بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث (١) بأربعة أشهر إلا ثلاث عشرة ليلة ، ويقال : بل مات سنة عشرين ، وصلى عليه عمر بن الخطاب ، وقبره في ركن دار عقيل بن أبي طالب بالبقيع ، وهو الذي ولي حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام ، ثمّ قال عند ذلك : اللهمّ لا أبقى بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا بعد أخي ، واتبعني اياهما ، فلم تغب الشمس من يومه ذلك حتى توفي (٢).

وجاء في الدرجات الرفيعة : مات أبو سفيان بن الحرث بالمدينة ، بعد أن استخلف عمر بستة أشهر ، ويقال : بل مات سنة عشرين ، وقيل : توفي سنة ستة عشر ، ودفن بالبقيع ، قاله : ابن قتيبة ، وقال أبو عمرو : دفن في دار عقيل ، وكان هو الذي حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام (٣).

وقال المحدث القمي : كان أبو سفيان ممن ثبت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يفرّ ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انصرف الناس ، وكان أحد السبعة الذين يشبهون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومات في خلافة عمر بن الخطاب سنة عشرين ، وصلى عليه عمر ، ودفن بالبقيع ، وقيل : دفن في دار عقيل بن أبي طالب ، وكان هو الذي حفر قبره بنفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام (٤).

١٤ ـ أبو القاسم التنوخي

قال الحموي : القاضي أبو القاسم الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو .. التنوخي المعري الحنفي العاجي ، ولد لثمان وعشرين ليلة خلت من شهر ربيع

__________________

(١) يأتى ذكره.

(٢) الطبقات الكبرى ٤ / ٥٣ ؛ وانظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٥٤ ؛ المنتخب من ذيل المذيل / ١١.

(٣) الدرجات الرفيعة / ١٦٦.

(٤) الكنى والألقاب ١ / ٨٧.

٢١٣

الأول سنة ٣٤٩ ، وحدّث وروي عنه ، وحجّ في سنة ٤١٩ على طريق دمشق ، فمات بوادي مر لعشرين ليلة خلت من ذي القعدة من السنة ، وحمل إلى مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودفن بالبقيع ، وله مصنفات ووصايا وأشعار (١).

ترجمه ابن عساكر باسم المحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو .. أبو القاسم التنوخي المعري الحنفي القاضي (٢).

١٥ ـ أبو هريرة

قال ابن حجر : اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو ثلاثين قولاً .. ذكر له خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثاً! (٣) ، وهو أكثر الصحابة حديثاً .. مات في المدينة سنة تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، ودفن بالبقيع (٤). وقيل : مات بالعقيق ، وصلى عليه الوليد بن عقبة بن أبي سفيان (٥).

وقال ابن سعد : لما مات أبو هريرة كان ولد عثمان يحملون سريره حتى بلغوا البقيع ، حفظاً بما كان من رأيه في عثمان (٦).

وقال النووي : وكان أبو هريرة ينزل المدينة بذي الحليفة ، وله بها دار ، مات بالمدينة سنة تسع وخمسين ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، ودفن بالبقيع (٧).

__________________

(١) معجم البلدان ٥ / ١٥٦ ؛ وانظر : الأعلام ٥ / ٢٨٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٥٧ / ٩٠.

(٣) وكانت أم المؤمنين عائشة تتهمه لإكثاره الرواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. كذا في عبد الله بن سبأ ١ / ١٩٦ (الهامش).

(٤) سبل السلام ١ / ١٤ ؛ وانظر : المجموع ١ / ٢٦٦ ؛ شرح مسلم ١ / ٦٨ ؛ سير أعلام النبلاء ٢ / ٦٢٧.

(٥) سبل السلام ١ / ١٤ ؛ وانظر : البداية والنهاية ٨ / ١٢٢.

(٦) الطبقات الكبرى ٤ / ٣٤٠.

(٧) شرح مسلم ١ / ٦٨.

٢١٤

وقال الشيخ محمود أبو رية : مات أبو هريرة سنة ٥٩ ه‍ عن ثمانين سنة بقصره بالعقيق ، وحمل إلى المدينة ، ودفن بالبقيع (١).

وقال الحموي : وفي لحف جبل طبرية قبر يقولون : انه قبر أبي هريرة ، وله قبر بالبقيع ، وبالعقيق ، وبطبرية (٢).

١٦ ـ أحمد الأحسائي

الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم بن صفر بن إبراهيم بن داغر الأحسائي ، تنسب إليه الطائفة الشيخية والكشفية ، ولد بالأحساء في رجب ١١٦٦ ه‍ ، وتوفي في ٢٢ من ذي القعدة سنة ١٢٤١ ه‍ بمنزل هدية قريباً من المدينة المنورة ، وحمل إلى المدينة ، ودفن بالبقيع (٣).

١٧ ـ أحمد الخسروشاهي

قال الشيخ الطهراني : كان من أجلاء العلماء ، ودفن بالبقيع سنة ١٣٢٦ (٤).

١٨ ـ أحمد بن محمد البناء

قال الزركلي : أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الدمياطي ، شهاب الدين ، الشهير بالبناء ، عالم بالقراآت ، من فضلاء النقشبنديين ، ولد ونشأ بدمياط ، وأخذ

__________________

(١) أضواء على السنة المحمدية ، محمود أبو ريه / ٢١٨.

(٢) معجم البلدان ٤ / ١٩.

(٣) انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٣ / ٣٠٥ ؛ أعيان الشيعة ٢ / ٥٨٩ ؛ معجم المؤلفين ، عمر رضا كحالة ١ / ٢٢٨ ؛ مرآة الكتب / ٢٦٠ و ٢٦٥ ؛ منتخب التواريخ / ١٠٤ ؛ كشاف الفهارس / ٢١٩.

(٤) الذريعة ٢ / ٤٨٣ ؛ أعيان الشيعة ٣ / ٢٢١.

٢١٥

من علماء القاهرة والحجاز واليمن ، وأقام بدمياط ، وتوفي بالمدينة حاجاً سنة ١١١٧ ه‍ ، ودفن في البقيع (١).

١٩ ـ أحمد بن محمد الدجاني القشاشي

قال عمر رضا كحالة : أحمد بن محمد بن يونس الدجاني البدري الحسيني الأنصاري المدني اليمني المالكي ، الشهير بالقشاشي ، صفي الدين ، صوفي مشارك في أنواع من العلوم ، ولد بالمدينة في ١٢ ربيع الأول ، وتوفي بها آخر سنة ١٠٧١ ه‍ ، ودفن بالبقيع ، من مؤلفاته الكثيرة : حاشية على الشفاء ، حاشية على المواهب اللدنية ، شرح الحكم العطائية ، حاشية على الإنسان الكامل للجيلي ، بستان العارفين ، السمط المجيد في تلقين الذكر لأهل التوحيد ، وله شعر (٢).

وقال يوسف اليان سركيس : له مؤلفات كثيرة ، الموجود منها نحو خمسين مؤلفاً ، وكانت وفاته آخر سنة ١٠٧١ ، ودفن بالبقيع ، شرقي قبة السيدة حليمة السعدية (٣).

٢٠ ـ أحمد مغلباي

قال عمر رضا كحالة : أحمد مغلباي (١٠٧٠ ـ ١١٣٤ ه‍) أحمد بن أبي الغيث الشهير بمغلباي الحنفي ، متكلّم ، أديب ، خطيب ، ولد بالمدينة ، ونشأ بها ، وأمّ بالمسجد النبوي ، ودرس وخطب به ، وتوفي بها ، ودفن بالبقيع ، من تصانيفه : نظم عقيدة السنوسي الصغرى وشرحها (٤).

__________________

(١) الأعلام ١ / ٢٤٠.

(٢) معجم المؤلفين ٢ / ١٧٠ ؛ وانظر : معجم المطبوعات العربية ، يوسف اليان سركيس ٢ / ١٥١٣.

(٣) معجم المطبوعات العربية ٢ / ١٥١٣.

(٤) معجم المؤلفين ٢ / ٤٠.

٢١٦

٢١ ـ أسعد بن زرارة

قالوا في شأنه : أسعد بن زرارة الأنصاري الخزرجي ، أحد النقباء ليلة العقبة ، وأول من بايع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلتئذ ، وقد شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة ، وكان نقيب بني النجار ، وهو أول من صلى الجمعة بالمدينة (١).

قال ابن سعد : لما توفي أسعد بن زرارة حضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غسله وكفنه في ثلاثة أثواب ، منها برد ، وصلى عليه ، ورئي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي أمام الجنازة ، ودفنه بالبقيع (٢).

روى الحاكم باسناده عن عبدالله بن أبي بكر قال : أول من دفن بالبقيع أسعد ابن زرارة (٣).

وقال ابن حبان : ومات أسعد بن زرارة والمسجد يبنى ، أخذته الشهقة ، ودفن بالبقيع ، وهو أول من دفن بالبقيع من المسلمين (٤).

وقالوا : مات قبل بدر سنة إحدى من الهجرة في شوال (٥) ، وكان موته بمرض يقال له الذبحة (٦).

وفي كنز العمال : مات أسعد بن زرارة على رأس تسعة أشهر من الهجرة ، قال البغوي : بلغني أنه أول من مات من الصحابة بعد الهجرة ، وأول ميت صلى عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأول من دفن بالبقيع ، وذلك قبل بدر (٧).

__________________

(١) تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة ، ابن حجر / ٣٢.

(٢) الطبقات الكبرى ٣ / ٦١١.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٨٦.

(٤) كتاب الثقات ١ / ١٣٥ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٨٦.

(٥) الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال / ٢٥ ؛ تعجيل المنفعة / ٣٢.

(٦) الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال / ٢٥.

(٧) كنز العمال ٦ / ٢١٩.

٢١٧

قال الصالحي : مات أسعد بن زرارة والمسجد يبنى ، وقال ابن الجوزي في الثانية : فكان أول من مات من المسلمين ، ودفن بالبقيع ، وكان أحد النقباء الاثني عشر (١) ، وقيل : أنه جمع لأسعد بن زرارة الأولين : فهو أول من صلي على جنازته ، وهو أول من دفن بالبقيع (٢).

لقد بسطنا الكلام في شأنه في أول الكتاب ، في بحث «أول من دفن بالبقيع» (٣) ، فراجع.

٢٢ ـ اسماعيل بن جعفر الصادق عليه‌السلام

ويكنى أبامحمد ، وأمه فاطمة بنت الحسين الأثرم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ويعرف باسماعيل الأعرج ، وكان أكبر ولد أبيه (٤) ، وكان أبو عليه‌السلام شديد المحبة له والبر به والاشفاق عليه ، وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده ، إذ كان أكبر اخوته سناً ، ولميل أبيه إليه واكرامه له (٥) ، (ولما كان عليه من الجمال والكمال الصوري والمعنوي (٦)) ، مات في حياة أبيه بالعريض ، وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة ، حتى دفن بالبقيع (٧) ، توفي سنة ثلاث

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٥٢.

(٢) موسوعة التاريخ الإسلامي ٢ / ٢٨.

(٣) انظر : صفحة ٣٧ من هذا الكتاب.

(٤) عمدة الطالب / ٢٣٣ ؛ انظر : بحار الأنوار ٤٧ / ٢٤١.

(٥) كشف الغمة ٢ / ٣٩٤.

(٦) تحفة العالم ، المطبوع في بحار الأنوار ٤٨ / ٢٩٥.

(٧) الارشاد ٢ / ٢٠٩ ؛ المستجاد من الارشاد (المطبوع بالمجموعة النفيسة) / ١٨٠ ؛ بحار الأنوار ٤٧ / ٢٤١ و ٤٨ / ٢٩٥ ؛ انظر : شرح الأخبار ٣ / ٣٠٩ ؛ اعلام الورى ١ / ٥٤٦ ؛ عمدة الطالب / ٢٣٣ ؛ كشف الغمة ٢ / ٣٩٤ ؛ سر السلسلة العلوية / ٣٤ ؛ مجمع البحرين ٢ / ٤٢٠ ؛ ينابيع المودة ٣ / ١٦٣ ؛ مستدرك سفينة البحار ٨ / ٣٨٨ ؛ تهذيب المقال ، السيد محمد علي الموحد الأبطحي ١ / ٤٥٦.

٢١٨

وثلاثين ومائة ، قبل وفاة الصادق عليه‌السلام بعشرين سنة ، كذا قال أبوالقاسم بن خداع نسابة المصريين (١) ، وروي : أن أبا عبد الله عليه‌السلام جزع عليه جزعاً شديداً ، وحزن عليه حزناً عظيماً ، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء (٢) ، وكان يأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مراراً كثيرة ، ويكشف عن وجهه ، وينظر إليه ، يريد عليه‌السلام إزالة الشبهة عن الذين ظنوا خلافته له من بعده ، وتحقيق أمر وفاته عندهم (٣).

وفي المجدي : اسماعيل بن جعفر الصادق عليهما‌السلام ، مات في حياة أبيه ، وقبره بالبقيع ، وكان أبوه يحبه حباً شديداً ، وفيه روت الشيعة خبر البداء (٤) .. ، وفي رواية أبي الغنائم الحسيني عن أبي القاسم ابن خداع نسابة المصريين : إنّ اسماعيل بن جعفر أكبر ولد أبيه ، مات بالعريض ، ودفن بالبقيع سنة ثمان وثلاثين ومائة ، قبل وفاة أبيه بعشر سنة (٥).

وعلق عليه السيد محسن الأمين بقوله : قبره الآن خارج البقيع ، بينهما الطريق بجانب سور المدينة المنورة ، ولعلّه كان داخلاً فيه قبل جعل هذا الطريق ، وهو مشيد معظم عليه قبة عظيمة ، هدمها الوهابيون في هذا العصر ، بعد استيلائهم على الحجاز (٦)

وقال السيد جعفر آل بحر العلوم : وقبر اسماعيل ليس في البقيع نفسه ، بل هو في الطرف الغربيّ من قبة العباس في خارج البقيع ، وتلك البقعة ركن سور المدينة

__________________

(١) عمدة الطالب / ٢٣٣.

(٢) تحفة العالم ، المطبوع في البحار ٤٨ / ٢٩٥ ؛ انظر : المستجاد من الإرشاد / ١٨٠ ؛ اعلام الورى ١ / ٥٤٦ ؛ مجمع البحرين ٢ / ٤٢٠ ؛ أعيان الشيعة ٣ / ٣١٦.

(٣) اعلام الورى ١ / ٥٤٦.

(٤) المجدي في أنساب الطالبيين / ٩٩.

(٥) المجدي في أنساب الطالبيين / ١٠٠.

(٦) أعيان الشيعة ٣ / ٣١٦.

٢١٩

من جهة القبلة والمشرق وبابه من داخل المدينة ، وبناء تلك البقعة قبل بناء السور ، فاتصل السور به ، وهو من بناء بعض الفاطميين من ملوك مصر (١).

قال الصالحي الشامي : ويختم الزائر إذا رجع بمشهد اسماعيل بن جعفر الصادق ، لأنه صار داخل سور المدينة ، ومشاهد البقيع كلها خارج السور (٢).

ولقد سمعنا أنه كان قبره خارج البقيع ، فلما أرادوا انشاء شارع أبي ذر أرادوا تحويل القبر ، فشوهد جسده الشريف باقياً سالماً طرياً ، ثمّ نقلوه إلى البقيع ، ودفن قرب قبور شهداء حرة شرقها.

٢٣ ـ أسيد بن حضير الأشهلي

أسيد بن حضير بن سماك الأشهلي (٣) من سادات الأنصار ، وكان نقيباً (٤) ممن شهد العقبتين (٥) وبدراً (٦) وجوامع المشاهد ، كنيته : أبو يحيى ، وقد قيل : أبو عتيق ، ويقال : أبو حضير (٧) ، وكان أبوه رئيس الأوس يوم بعاث ، وكان قبل الهجرة بست سنين ، وكان يقال له حضير الكتائب ، يقال : انه أسلم على يدي مصعب بن عمير ،

__________________

(١) تحفة العالم ، المطبوع في البحار ٤٨ / ٢٩٥.

(٢) سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٤٠١.

(٣) قال السمعاني في الأنساب ١ / ١٧٢ : أسيد بن سماك بن عبيد بن رافع بن امريء القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأشهلي.

(٤) كتاب الثقات ٣ / ٦ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٨٧.

(٥) قال الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٨٧ : وقد شهد العقبة ، ثم كان نقيباً.

(٦) قال ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ١١٦ : ولم يشهد بدراً ، ولكنه روى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ٩ / ٩٦ أنه كان عقبياً بدرياً.

(٧) قال الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٨٧ : وله كنيتان : أبو يحيى ، وأبو حضير ، وأبوه حضير الكاتب ، ولم يعقب أسيد.

٢٢٠