القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

١

٢

مقدمة الطبعة الثانية

في نحو عام ١٣٤٥ ه‍ زار دمشق المرحوم محمد أمين الخانجي أعلم الناس بالكتب الخطية في وقته وقد انتقى من الشام كلها عددا كبيرا من نفائس المخطوطات ومن جملتها كتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية وكتاب تنبيه الطالب وارشاد الدارس للنعيمي. وعرضهما وقتئذ على المجمع العلمي ليأخذ منهما نسختين مصورتين فرأى المجمع الاستغناء عن ذلك. وطلبت منه أن يصور لي نسخة من القلائد الجوهرية لأقوم بتحقيقها وعانيت من خطها الصعب القراءة ما عانيت حتى أخرجها عام ١٣٦٨ ه‍ / ١٩٤٩ م

والآن وقد نفدت تلك الطبعة الأولى وأصبحت الحاجة ماسة الى اعادتها رأى مجمع اللغة العربية ان يتولى امرها بما عرف عنه من تشجيع لكتب التراث القيمة فإليه أزجي شكري أخص به رئيسه الدكتور حسني سبح ونائب رئيسه الدكتور شاكر الفحام على اهتمامهما وعنايتهما.

محمد أحمد دهمان

دمشق ١ المحرم ١٤٠١ ه

٨ تشرين ٢ ١٩٨٠ م

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

المقدّمة

ضاق اهل مدينة دمشق ذرعا بعسف حاكمها حفيد الامير طغتكين بعد ان اصبح لا يعرف غير رفاهيته ولذته وبقائه على عرشه ، وبعد ان ضحى في سبيل ذلك بكل راحة لسكان دمشق ، واستسهل في سبيل ذلك تسليم حصن بعد حصن ، وارض بعد ارض للصليبيين برضائه وارادته ليحقق بقاءه على كرسي الحكم.

وضاقت مدينة دمشق ايضا بسكّانها فقد وصلت غارات الصليبيين الى ابوابها ودب الفزع في القرى والارباض المحيطة بها فالتجأ أهلها الى دمشق وتكاثفوا فيها فكان عدد سكانها ضعفي ما تستوعبه مدينة مثلها ، فضاقت الازقة ، واختفت الرحبات ، وبرزت الغرف على الطرقات ، ووضعت عليها الساباطات.

فكانت المدينة مع اهلها ترتقب فرجا من هذا الضيق ، ومخرجا من هذا العسر ، وانقلابا لهذا الوضع.

في منتصف القرن السادس الهجري ظهر بين بلاد الشام شاب تركي أظهر من الشجاعة والفتوة ما جعل أعين أهل دمشق ترنو نحوه ، وقلوبهم تخفق لذكره ، ومجالسهم تحفل بالحديث عن اخباره واعماله.

أنجد هذا الامير الباسل مدينة دمشق عدة مرات ، يحضر بجيشه السريع الحركة فيجول به في حوران والبقاع وغيرها من الاماكن التي

٥

على الحدود الصليبية فيلقي الذعر في الصليبيين ويقطع عليهم اطماعهم ويوطد الأمن والسلام لدمشق فتتمكن القوافل من السير حيث تريد ، ويقوم الفلاحون بشؤون زراعتهم وجني ثمرها ، فتشعر دمشق بالرخاء يزداد فيها حينا بعد حين.

وزاد في حب اهل دمشق لهذا الامير انه جدد لهم عهد الفتوة والمروءة والكرم فبعد ان يقطع مسافة (٣٠٥) كيلو مترات من حلب عاصمة ملكه الى دمشق ثم يجول ويصول على الحدود الصليبية ويرجع ظافرا فخورا رافع الرأس يمر على مقربة من دمشق يحييها من بعيد بقلبه وجوارحه ، فتحييه بمثل تحيته او احسن ، ثم يمر متجها نحو عاصمته حلب من غير ان يطلب على عمله جزاءا ولا شكورا ولا مالا ولا ضيافة ولا تعويضا.

كان يجري ذلك في السنة عدة مرات وامير دمشق سادر لاه ، يضيق صدره كلما ذكر هذا الامير ، لا هم له الا جمع فتيان دمشق وزعرانها يتخذ منهم بطانة وقوة لقهر بقية اهل دمشق ، ولمدافعة الامير الجديد الذي اخذ يزاحمه على حب دمشق.

ويزداد الخطر على دمشق فقد اخذ اميرها يفاوض الصليبيين ليحموه من ذلك الامير الجديد ، واخذ يقدم لهم بعض الاراضي السورية في مقابلة معاونتهم له لبقائه على عرش دمشق ، بل بلغ من ضعف تفكيره انه جعل للفرنج على دمشق قطيعة من المال كل سنة ، فيأتي عاملهم كل عام يجبيها من اهلها (١) وتشمئز نفوس اهل دمشق من هذه الحركة البغيضة فيكاتبون ذلك الامير ويبينون له مبلغ الخطر ثم لا يشعر الناس

__________________

(١) الروضتين ١ / ٩٥

٦

الا وذلك الامير يحيط بجيوشه مدينة دمشق ، وتنهزم جيوشها الى داخلها ، ولا يشعر اهلها الا وقد اقتحمت المدينة وحوصر اميرها في قصره ، واخذ بعض كبار رجالاتها يترددون في السفارة بين الامير القديم المخذول ، وبين الامير الجديد المنصور ، وتنتهي تلك السفارة بانسحاب الامير القديم باهله وماله من دمشق ليقيم في حمص فيقيم فيها مدة قصيرة يشتغل فيها باثارة اهل دمشق ، فيوعز اليه بالخروج من حمص فيخرج منها الى بغداد يسكن بها في دار قريبة من المدرسة النظامية.

* * *

وبهذا تخلصت دمشق من آخر أمير طغتكيني وهو «مجير الدين أبق بن بوري» واستقبلت اميرا آخر كان طليعة ومقدمة لدولة قوية تشمل البلاد الشامية والمصرية وهو السلطان «محمود بن زنكي الشهير بنور الدين الشهيد».

اخذت دمشق كأهلها تتنفس الصعداء منذ حلها الامير الجديد (السلطان نور الدين سنة ٥٤٩) فقد توطد الامن فيما حولها من البلاد ، وانفرج اهلها من ضيق المدن واكتظاظها بالسكان وكان ان رجعت دمشق تؤسس خارج سورها ارباضا واحياء جديدة مكان الاحياء المندثرة ، فتأسس حي العقيبة مكان «الاوزاع» ورجعت بيت لهيا وسطرا العرب ومقرى والنيرب والربوة (١) ثم تأسست الصالحية التي يحق لنا ان نسميها «دمشق الجديدة».

* * *

في سنة (٥٥١) للهجرة وصلت اول قافلة من لاجئي فلسطين لدمشق يرأسها كبير قرية جماعيل وفقيهها الشيخ احمد بن قدامة

__________________

(١) راجع موضعها في مخطط الصالحية.

٧

المقدسي (١) ثم تتابعت الهجرة بعد ذلك فكان المهاجرون يعدون بالمئات وكان نزولهم وهم عدد غير قليل بمسجد موقعه غير صحي ، سبب تفشي الامراض بينهم وموت عدد كبير منهم فتطلبوا لهم مكانا فسيحا صحيا فوقع اختيارهم على سفح قاسيون على مقربة من نهر يزيد. فبنوا لهم دارا تحوي عددا كبيرا من الحجرات دعيت بدير الحنابلة. ثم شرعوا في بناء اول مدرسة في الجبل وهي المعروفة «بالعمرية» وتتابع البناء حولها.

عضد هذه الحركة السلطان نور الدين ثم الملوك الايوبيون وخواتينهم فبنوا عدة مدارس ومساجد جعلت تلك الارض القاحلة مزدهرة بالعمران ، ناضرة بالقصور والاشجار والازهار. وبحق كان يصح ان تدعى «دمشق الجديدة» ولكنها دعيت بالصالحية نسبة لاولئك الفلسطينيين الذين عرفوا لعلمهم وتقواهم بالصالحين.

واعتبرت الصالحية في العصر المملوكي مدينة مستقلة فابن بطوطة الذي زارها سنة (٧٢٦) قال عنها : هي مدينة عظيمة لها سوق لا نظير لحسنه ، وفيها مسجد جامع ومارستان واهل الصالحية كلهم على مذهب الامام احمد بن حنبل (٢).

ويصفها القلقشندي وصفا رائعا فيقول : مدينة الصالحية مدينة ممتدة في سفح الجبل تشرف على دمشق وضواحيها. ذات بيوت ، ومدارس ، وربط ، واسواق ، وبيوت جليلة ، ولكل من دمشق والصالحية البساتين الانيقة بتسلسل جداولها ، وتغني دوحاتها ،

__________________

(١) راجع الحاشية رقم (٢) ص ٦٧ وراجع تفاصيل هجرتهم واسبابها ص ٦٦ ـ ٨٤.

(٢) رحلة ابن بطوطه ١ / ٥٨ مطبعة وادي النيل.

٨

والجواسق العلية ، والبرك العميقة ، والبحيرات الممتدة ، والحور الممشوق القد ، والرياحين المتأرجة الطيب ، والفواكه الجنية ، والثمرات الشهية ، والاشياء البديعة التي تغني شهرتها عن الوصف ويقوم الايجاز فيها مقام الاطناب (١).

ومن الظاهر ان القلقشندي يساوي بينها وبين دمشق في الوصف وخطارة الشأن. وان المرء ليعجب حين تغدو الصالحية مدينة عظيمة في نحو ثلث قرن. وهذا يرجع الى امرين :

اولا ـ رقي الجماعة المهاجرة.

ثانيا ـ رقي الحكومة التي كانت في ذلك العصر.

فقد شاهدنا في عصرنا هذا عدة هجرات الى دمشق لم تؤثر فيها اي اثر يستحق الذكر. فكانت هجرة الاكراد ثم الكريديين الى الصالحية. والالبان والشركس والارمن والحجازيين اهل المدينة الى دمشق وكل هؤلاء لم يؤثروا اي اثر في تاريخ دمشق او عمرانها او حياتها الاجتماعية.

اما بنو قدامه فقد كان لهجرتهم الى دمشق اثر مدني عظيم. اسسوا مدينة كبيرة الى جانب مدينة دمشق ما تزال تحتفظ باسم مؤسسيها الصالحين «الصالحية».

ثم نشروا مذهب الامام احمد بن حنبل وكان اتباعه قلة في الشام فانتشرت مدارس هذا المذهب لا في الصالحية فقط بل في مدينة دمشق ، وركزوا لهم محرابا رسميا في مسجدها الاعظم وكثر اتباع هذا المذهب

__________________

(١) صبح الاعشى ٤ / ٩٤.

٩

في ضواحيها كدومة والرحيبة وضمير وبعلبك. واسسوا في الاخيرة عدة مدارس للحنابلة ولا يزال مسجد في بعلبك حتى عصرنا هذا يعرف بمسجد الحنابلة.

واثرت هجرتهم هذه في مذهب الامام احمد ايضا فقد استطاعوا بدراساتهم وتآليفهم الفقهية ان يوجدوا كتبا قيمة في مذهب هذا الامام اصبحت عمدة المذهب الحنبلي حتى يومنا هذا ، وقد قاموا يؤدون رسالة هذا المذهب في دمشق وضواحيها حتى انتقل منها الى البلاد النجدية منذ اكثر من مئة عام. واذا كان الحنابلة انقرضوا من جميع البلدان الاسلامية عدا نجد فانهم لا يزالون يؤلفون كتلة صغيرة في دمشق وبعض القرى حولها ، وفي جبل نابلس موطن هؤلاء المقادسة الصالحيين.

واثروا ايضا في علم الحديث وظلوا نحو مئة عام يعدون من فطاحل علماء الحديث وانتشرت في عصرهم دور الحديث في الصالحية ودمشق ، وادخلوا على هذا العلم اتجاهات جديدة كان لها اثر كبير في تنسيق علوم الحديث وتصنيف ابحاثه المتعددة ، ومن مشاهيرهم الحافظ ضياء الدين المقدسي الذي انشأ دارا للحديث في الصالحية وجعل لها مكتبة من اعظم مكتبات عصره ومن مؤلفاته «المختارة» التي فضلها العلماء على «مستدرك الحاكم» (١).

* * *

واثروا ايضا في نهضة المرأة العلمية ، فقد احضروها حلقات العلم ، ومجالس الحديث فنشأ في الصالحية ثم بدمشق حركة نسائية ثقافية كان جل العالمات من الحنابلة.

وكما استأثر العلماء في ذلك العصر بالقاب الدين : كزين الدين ،

__________________

(١) راجع ص ١٣٠ ـ ١٣٩.

١٠

وتاج الدين ومحيي الدين ، استأثرت العالمات بالسيادة المطلقة فلقبن : ست الناس ، ست العرب ، ست الكل ، ست الاهل ، كما استأثرت بسيادة العلماء ايضا كست الفقهاء ، وست العلماء ، وست القضاة ، وست العمائم (١).

واثروا في دمشق في الثقافة العامة بواسطة المكتبات التي انشؤوها ، فمكتبات اوروبا اليوم تحتوي عددا كبيرا منها. ولا تزال المكتبة الظاهرية في دمشق مدينة الى مكتبات مدارس بني قدامة.

* * *

واثروا ايضا في الشؤون العامة في البلاد الشامية والمصرية فقد تولى كثير منهم الوظائف الكبيرة في الدولة كالقضاء وقضاء القضاة

__________________

(١) في دار الكتب الظاهرية رقم (٢٤٨) من علم الحديث ورقة رقم (٣٩) الجزء العاشر من «اسنى المقاصد واعذب الموارد» من مشيخة الشيخ الامام العالم العامل الزاهد فخر الدين ابي الحسن علي بن احمد ابن عبد الواحد تخريج العبد الفقير علي بن بلبان المقدسي المولد المعظمي الوالد. واوله بعد البسملة : ذكر ما تيسر جمعه من مشيخة النساء سماعا واجازة. الشيخة الاولى : اخبرتنا الشيخة الصالحة ست الكتبة نعمة بنت ابي الحسن علي بن ابي محمد يحيى بن علي بن محمد بن الطراح قراءة عليها وانا اسمع ... الشيخة الثانية : اخبرتنا ام الفضل زينب بنت ابراهيم بن محمد بن احمد بن اسماعيل القيسي بقراءة عمي الحافظ ضياء الدين ـ ابي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي رحمه‌الله ـ عليها وانا اسمع في شعبان سنة اثنين وستمائة

الشيخة الثالثة : اخبرتنا ام احمد رقية بنت احمد بن محمد بن قدامة المقدسي قراءة عليها وانا اسمع في يوم الثلاثاء خامس شعبان من سنة اربع عشرة وستمائة ...

الشيخة الرابعة : اخبرتنا خالة ابي الشيخة الصالحة الزاهدة العابدة ام محمد رابعة بنت الشيخ الزاهد ابي العباس احمد بن محمد بن قدامة قراءة عليها وانا اسمع ... الى تمام الخامسة والعشرين شيخة.

١١

وتداخلوا في الحكم والسياسة وسافروا الى مصر لمقابلة السلاطين وتولوا فيها اعظم الوظائف.

* * *

هذه نواح كلها عظيمة جديرة بالبحث والدراسة. ترجع في مجموعها الى تاريخنا وصميم حياتنا الاجتماعية ، خصوصا وان التاريخ يعيد نفسه بعد ان لجأ العدد الكثير من اهل فلسطين الى دمشق في عصرنا الحاضر.

وهذه هي النواحي التي يوحي اليها كتاب «القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية».

تاريخ الصالحية

قلنا ان هؤلاء المقدسيين اثروا اثرا كبيرا في حياة دمشق العلمية والاجتماعية ، لذلك كان من البديهي ان يؤرخوا لانفسهم ولبلدتهم الصالحية ، ومن اولى منهم بذلك؟

ضياء الدين المقدسي

من اشهر أولئك الرجال الضياء المقدسي. وهو محمد بن عبد الواحد المقدسي السعدي. ولد سنة (٥٦٧) بدير الحنابلة في صالحية دمشق وتوفي سنة (٦٤٣) واذا كان المقادسة ابتدأوا هجرتهم الى دمشق سنة (٥٥١) (١) واقاموا في دمشق ثلاث سنين وصعدوا الى الجبل في الرابعة (٢) بعد ان بنوا ديرهم فيه في سنتين (٣) فيكون انتقالهم الى

__________________

(١) راجع ص ٦٩.

(٢) راجع ص ٧٦ ـ ٧٧.

(٣) ص ٨٠ ـ ٨١.

١٢

الجبل وتمكنهم من سكناه سنة (٥٥٥) تقريبا ويكون الضياء المقدسي ولد في هذا الدير بعد مضي (١٢) سنة على وجودهم في الصالحية. وهو الرجل الوحيد الذي نعرفه منهم ارخ لقومه وعشيرته ، اما مصدره في هذه التواريخ فهم قومه وعشيرته ايضا. فأمه بنت الشيخ احمد بن قدامه زعيم المهاجرين واخت الشيخ ابي عمر الذي تولى زعامتهم بعد وفاة ابيه ، وقام باعظم جهد من التأسيس والانشاء للصالحية.

ونرى محمد ابن طولون ينقل عن الضياء المقدسي ما يتعلق بتاريخ هجرتهم وتأسيسهم الصالحية. والضياء يرجع في احاديثه الى والدته وعمته وخاله ابي عمر ، وخاله الآخر موفق الدين وغيرهم من اقاربه وعشيرته (١).

اما تآليفه في هذا الموضوع فهي ما ذكره ابن العماد في شذرات الذهب (٥ / ٦) كتاب سبب هجرة المقادسة الى دمشق وكرامات مشايخهم نحو عشرة اجزاء (٢) وفي المكتبة الظاهرية بدمشق ثلاثة اجزاء منه.

١ ـ في المجموع رقم (٩) والورقة عدد (١٢) الوجه الثاني : ذكر طرف من احوال الشيخ الامام الزاهد ابي عمر محمد بن احمد بن قدامه المقدسي جمع الحافظ الضياء. وهذه الرسالة في ثمان ورقات.

٢ ـ في المجموع رقم (٨٣) والورقة عدد (٣٩). جزء فيه ذكر الامام العالم الزاهد ابي عمر محمد بن احمد بن محمد بن قدامة بن نصر

__________________

(١) راجع ص ٦٤ ـ ٦٦.

(٢) ويذكر ايضا ابن العماد في الشذرات (٤ / ٣٤٥) انه الف جزئين في سيرة الحافظ عبد الغني المقدسي.

١٣

المقدسي وما كان عليه وكراماته ومارتي به بعد موته وغير ذلك. جمع محمد بن عبد الواحد بن احمد بن عبد الرحمن المقدسي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين وهذه الرسالة أربع ورقات سقط عدة اوراق من وسطها وهي تختلف عن الرسالة الاولى. والظاهر انها في الاصل اكبر منها.

٣ ـ في المجموع رقم (١٣) والورقة عدد (٨٩) قطعة من مناقب الشيخ موفق الدين وهي ناقصه من اولها وآخرها وعددها تسع ورقات.

٤ ـ وفي علم الحديث مجموع رقم (٢٤٨) في الورقة عدد (٨٩) ورقة من رق غزال عليها خط لاتيني كتب في اعلى الصفحة ما يلي : الثالث من الحكايات المقتبسة في كرامات مشايخ الارض المقدسة للحافظ ضياء الدين. وعلى الورقتين رقم (٩٠ و ٩١) سماعات. والوجه الثاني من (٩١) اوله : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم (الراء) ريعان ويترجمه. واول ورقة (٩٢) (السين) سالم بن عبد الله. ويترجمه. وتنتهي هذه الرسالة في الوجه الاول من الورقة (٩٩) وفيها مناقب عبد الله بن حسين البادرائي. وهذه الرسالة جديرة بالنشر لان حوادثها وقعت في فلسطين ايام استيلاء الصليبيين عليها.

ولا شك عندي بان هذه الرسائل التي الفها الضياء المقدسي كانت النواة الاولى لتاريخ الصالحية.

ابن عبد الهادي

في القرن التاسع الهجري نشأ بالصالحية مؤرخ حنبلي مقدسي الاصل الف عدة رسائل تاريخية عن دمشق والصالحية افادت كثيرا

١٤

في بيان تاريخ دمشق رغم صغرها وسذاجتها وكان مما الفه «تاريخ الصالحية» ولا نعرف اسم هذا الكتاب المسجوع ، وهو الذي اختصره محمد ابن كنان في كتابه «المروج السندسية الفسيحة (١) في تاريخ الصالحية».

اما ابن طولون فقد اشار في القلائد الجوهرية (٨٥ : ٢٠) ان له كتاب فضائل الصالحية ، كما انه نقل عن ابن عبد الهادي وسماه تارة بالجمال ابن عبد الهادي واخرى بالجمال ابن المبرد ، ويلقبه تارة بشيخنا واخرى بدونها.

وابن عبد الهادي هو جمال الدين يوسف بن حسن بن احمد بن عبد الهادي الشهير بابن المبرد الصالحي الحنبلي. ولد سنة (٨٤٠ ه‍) وتوفي سنة (٩٠٩) واسرة عبد الهادي اسرة نبيلة مشهورة في فلسطين لا تزال تحتفظ بكيانها الى هذا العصر وقد رحل قسم منها الى دمشق ، كان جمال الدين احد افرادها ، وهو مؤلف مكثر افرد لمؤلفاته تلميذه محمد ابن طولون الحنفي جزءا خاصا به ، ونشر في مجلة المشرق بضع من رسائله التاريخية. وكتب الدكتور اسعد طلس ترجمة مفصلة له ولتآليفه في مقدمة «ثمار المقاصد في ذكر المساجد» لابن عبد الهادي المذكور وقد نشره المعهد الفرنسي بدمشق عام (١٩٤٣).

ابن طولون

هو محمد بن علي بن احمد ابن طولون الصالحي الحنفي ولد

__________________

(١) كذا في الاصل المحفوظ في مكتبة المجمع العلمي العربي الذي نشرنا عنه هذا الكتاب بنفقة مديرية الآثار العامة بدمشق. ولا يخفى ما في السجعة الاولى من الثقل. والذي تراءى لي اخيرا انها مصحفة وان الصواب فيها «المروج السندسية الفيحية في تاريخ الصالحية».

١٥

بالصالحية سنة (٨٨٠) ه وتوفي فيها سنة (٩٥٣) وهو ذو شخصية ولغوي وادبي ورياضي واليك احصاءها :

(١) التجويد والقراءات (٢) التفسير وعلوم القرآن (٣) الحديث (٤) اصول الحديث (٥) الفقه (٦) الفرائض (٧) اصول الفقه (٨) الكلام (٩) الالهي (١٠) التصوف (١١) النحو (١٢) اصول النحو (١٣) التصريف (١٤) اللغة (١٥) المنطق (١٦) العروض (١٧) القوافي (١٨) المعاني (١٩) البيان (٢٠) البديع (٢١) التاريخ (٢٢) الحساب (٢٣) الهندسة (٢٤) الطبيعي (٢٥) الفلك (٢٦) الميقات (٢٧) البنكام (٢٨) الطب.

وهذا قدر كبير من العلوم يضيء لنا السبيل عن العلوم التي كانت تقرأ في ذلك العصر وتتثقف فيها العقول وقد ادرج في كتابه الذي ترجم به نفسه ذكر شيوخه وما قرأ عليهم من العلوم والفنون وأسماء الكتب التي قرأها في هذا العلوم وبها نعرف أسماء الكتب الدراسية التي كانت مستعملة في ذلك العصر وأسماء مؤلفيها والمتخصصين بها من العلماء (١).

اما مؤلفاته فقد ذكر اسماءها في كتابه المذكور وقد احصيناها عدا فبلغت (٧٤٦) مؤلفا في انواع العلوم المتقدمة وغيرها من الابحاث الدينية والادبية والاجتماعية وهو قدر عظيم لا يستهان به رغم ان كثيرا منها عبارة عن رسائل صغيرة كما ان منها ما يبلغ المجلد أو عدة مجلدات وهو عدد كثير ايضا.

__________________

(١) راجع كتاب (الفلك المشحون في احوال محمد بن طولون) للمؤلف نفسه (طبع بدمشق سنة ١٣٤٨).

١٦

وفي مكتبة المرحوم احمد تيمور باشا عدد كبير من مؤلفات ابن طولون قد تبلغ نحو نصف مؤلفاته أو اكثر. وقد الف كتبا تاريخية متعددة اكثرها يتعلق بدمشق نرى من الفائدة بيان اسمائها.

(١) القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية وهو هذا الكتاب الذي نقدمه.

(٢) ارج النسيم في ترجمة سيدي تميم (أي تميم الداري احد الصحابة).

(٣) اعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين (نشر بدمشق سنة ١٣٤٨ ه‍).

(٤) الاحاديث المروية في البساتين النيربية.

(٥) اعلام الورى بمن ولي نائبا من الاتراك بدمشق الشام الكبرى.

(٦) الاحاديث المسموعة في دور القرآن بدمشق وضواحيها.

(٧) الاحاديث المسموعة في جوامع دمشق وضواحيها.

(٨) الاحاديث المسموعة في احدى مدارس الحنفية أو الشافعية أو المالكية أو الحنابلة بدمشق وضواحيها.

(٩) الاربعين حديثا عن اربعين شيخا مذيلة بالكلام على الاحاديث وتراجم الشيوخ.

(١٠) الاربعين من مرويات اربعين قرية.

(١١) بهجة الانام في فضل دمشق الشام.

(١٢) تبييض القراطيس فيمن دفن بباب الفراديس.

القلائد الجوهرية م ـ ٢

١٧

(١٣) التاج الثمين في اسماء المدلسين (يتعلق برجال الحديث).

(١٤) تحفة الامجد في اصل ابجد.

(١٥) التبيان المحرر فيمن له اسمان وكنيتان فاكثر.

(١٦) تفريج الهم في زيارة مغارة الدم.

(١٧) التمتع بالاقران بين تراجم الشيوخ والاقران (وفيه بحث خطير عن حارات دمشق نشر في الخزانة الشرقية).

(١٨) الثغر البسام في ذكر من ولي قضاء الشام.

(١٩) جزء فيه ذكر دور الحديث بدمشق.

(٢٠) حور العيون في تاريخ احمد بن طولون.

(٢١) الدرة النفيسة في ترجمة الست نفيسة.

(٢٢) الذيل على كتاب تحفة ذوي الالباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك والنواب.

(٢٣) الذيل على طبقات الحنفيه لعبد القادر القرشي في ثلاث مجلدات.

(٢٤) راية النصر في ترجمة سيدي نصر.

(٢٥) الرفعة لتراجم بني منعة.

(٢٦) سلك الجمان فيما وقع لي من تراجم بني عثمان.

(٢٧) السفينة في تراجم الفقهاء السبعة بالمدينة.

(٢٨) الشذرات الذهبية في تراجم الائمة الاثنى عشر عند الامامية.

١٨

(٢٩) شرح اعلام الورى الاعلام بمن ولي قضاء الشام.

(٣٠) ضوء السراج فيما قيل في النساج (يتكلم فيه عن انواع المنسوجات بدمشق في عصره).

(٣١) ضرب الحوطة على جميع الغوطة ، (نشر في مجلة المشرق ، والمجمع العلمي العربي).

(٣٢) العقود اللؤلؤية في الدولة الطولونية.

(٣٣) عجب الدهر في تذييل من ملك مصر.

(٣٤) العرف العنبري في ترجمة العلامة ابي القاسم الزمخشري.

(٣٥) العون على ترجمة فرعون.

(٣٦) الفتح العزّي في معجم المجيزين لشيخنا ابي الفتح المزي.

(٣٧) الفلك المشحون في احوال محمد ابن طولون (يعني نفسه).

(٣٨) قرة العيون في اخبار باب جيرون.

(٣٩) قيد الشريد من اخبار يزيد.

(٤٠) الكواكب الدراري في ترجمة سيدي تميم الداري.

(٤١) اللمعات البرقية في النكت التاريخية (نشر بدمشق سنة ١٣٤٨ ه‍).

(٤٢) مفاكهة الخلان في حوادث الزمان ، (يصلح ان يكون ذيلا على تاريخ البقاعي).

(٤٣) المأمونية في الواقعة الطولونية.

١٩

(٤٤) ملجأ الخائفين في ترجمة سيدي ابي الرجال وسيدي جندل بمنين.

(٤٥) المعزة فيما قيل بالمزة (نشر بدمشق سنة ١٣٤٨).

(٤٦) المقصد الجليل في كهف جبريل.

(٤٧) محن الزمن بين قيس واليمن.

(٤٨) ملخص تنبيه الطالب وارشاد الدارس لاحوال مواضع الفائدة كدور القرآن والحديث والمدارس مع تهذيبه وبعض زيادات عليه.

(٤٩) نزهة الافكار فيما قيل في دمشق من الاشعار.

(٥٠) نشوة الصبوة فيما روي في الربوة.

(٥١) نهاية العبر في نفوذ القضاء والقدر بمدرسة شيخ الاسلام ابي عمر.

(٥٢) النطق المنبي عن ترجمة الشيخي المحيوي ابن العربي.

فهذه اثنان وخمسون مؤلفا تاريخيا نحو نصفها مما يتعلق بدمشق أو رجالات دمشق اخترناها من (٧٤٦) كتابا من مؤلفاته لنبين مبلغ عنايته بالتاريخ.

اما مشايخه وما قرأ عليهم من الكتب فنحيل القاريء الى كتاب «الفلك المشحون» للمؤلف ونرى ان نعرض بين يدي القاريء الوظائف التي قام بها في حياته لطرافتها وللاطلاع على انواع من الوظائف التي كانت شائعة في عصره مقدمين على ذلك معلومات في

٢٠