ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

أحد مماليك الخدمة الشّريفة الإماميّة النّاصرية ـ أعزّ الله أنصارها وضاعف اقتدارها ـ فلمّا وافاها أحسّ المخالف من نفسه بالضّعف والفشل ، فخرج عنها بمن تبعه على غيّه وفساد رأيه وبما قدر عليه من ماله وأثاثه ، قاصدا شيراز ملتجئا إلى من بها ، فدخل المعسكر المنصور تستر ، وهي قصبة هذه الولاية وبها دار مملكتها ، مظفّرين من غير إحواج إلى مجالدة. ثم أتبع المخالف ، وقد لحق شيراز ، فروسل من بها في تسليمه فسلّمه ، وعاد مؤيّد الدين والمعسكر المنصور به مظفّرين. وكان وصوله إلى مدينة السّلام في رابع عشري محرم سنة ثمان وست مئة.

وفي المحرم سنة ثلاث عشرة وست مئة خرج في خدمة الأميرين السّيّدين : الموفق أبي عبد الله الحسين والمؤيّد أبي محمد هاشم ابني الأمير السّيّد السّعيد المعظّم أبي الحسن عليّ ابن أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ إلى تستر في جمع كثير من الأمراء والأتباع ، وأقام معهما بها إلى أن خطب لهما بولاية تلك البلاد. وعاد في خدمة المؤيد منهما إلى بغداد في رابع عشري ربيع الآخر من السنة المذكورة ، وخرج إلى تلقيهما كافة الولاة والأعيان من النّاس.

ولم يزل ينصب نفسه ويبذل جهده في خدمة المواقف المقدّسة الطّاهرة الإمامية النّاصرية ـ أعزّ الله أولياءها وقهر أعداءها ـ في جميع الموارد والمصادر ويدين بنصحها وموالاتها ، والآراء الشريفة ملاحظة له ، وأمارات القبول ظاهرة عليه ، والله سبحانه يزيدها شرفا وقدسا ونورا واستبصارا ويؤيدها بحسن التّوفيق في جميع الأمور إنّه سميع قريب (١).

__________________

(١) لم يدم له ذلك إذ قبض عليه في شوال سنة تسع وعشرين وست مئة وعلى ولده أحمد ، وسجنا بدار الخلافة ، فهلك الابن أولا ، ومات أبوه بعده سنة ثلاثين. وكان ابنه هو سبب نكبته ، فقد أساء السيرة ، وتجبر ، وقطع الألسنة ، وسفك الدّم الحرام ، ولم يكفّه والده عن ذلك ، نسأل الله الستر والسلامة.

٨١

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محمود

٥١٥ ـ محمد بن محمود بن أبي عمر بن أبي جعفر ، أبو سعيد الدّيوانيّ (١).

من أهل سجستان.

واعظ شافعيّ المذهب. قدم بغداد حاجا في سنة اثنتين وستين وخمس مئة فحج وعاد إليها في سنة ثلاث وستين ، وحدّث بها عن جدّه لأمّه أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار السّجزي ، وأبي سهل عبد الملك بن سهلوية الحصري. سمع منه بها جماعة منهم : القاضي أبو الحسن عليّ بن محمد القرشي قاضي دمشق ، وغيره.

ذكر ذلك يوسف البغدادي ، ومن خطّه نقلته.

٥١٦ ـ محمد (٢) بن محمود بن عبد الله ، أبو عبد الله.

من أهل أصبهان ، يعرف بجبّوية (٣) ، ختن الحافظ أبي موسى المديني.

قدم بغداد في سنة أربع وستين وخمس مئة ، وحدّث بها عن أبي القاسم إسماعيل بن عليّ الحمّامي النّيسابوري وغيره.

ذكر عبيد الله ابن المارستاني أنّه سمع منه.

قلت : وتوفي يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وخمس مئة.

٥١٧ ـ محمد بن محمود بن خمرتاش ، أبو عبد الله التّاجر الأصبهانيّ.

__________________

(١) لعله منسوب إلى «ديوان» ، سكة بمرو.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ١٥ ، والذهبي في المشتبه ١٣٩ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٩٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٢١٦ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٢٤٢.

(٣) قيده ابن نقطة فقال : بفتح الجيم وتشديد الباء المعجمة بواحدة وضمها وسكون الواو.

٨٢

قدم بغداد في سنة سبع وستين وخمس مئة وقرىء عليه.

حكى ابن أبي القاسم الغرّاد في حلقته بجامع القصر شيئا عن أبي القاسم الحمّامي أيضا فيما ذكر ، أعني محمد بن محمود.

٥١٨ ـ محمد (١) بن محمود بن محمد بن محمد الشّيرازيّ الأصل البغداديّ المولد والمنشأ ، أبو طالب يعرف بابن العلويّة.

سمع أبا غالب محمد بن الحسن البقّال وغيره. حدّث ببغداد في سنة ست وستين وخمس مئة ، فسمع منه جماعة ، منهم : أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب ، وسعد بن عثمان المصري الزّاهد ، وأبو المعالي بن هبة ، وعبد القادر الرّهاوي ، وعبد العزيز ابن الأخضر. وحدثنا عنه جماعة.

قرأت على أبي الفتح محمد بن عيسى الرّزّاز وغيره : أخبركم أبو طالب محمد بن محمود بن محمد قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني ، قال : قرأت على أبي بكر الإسماعيلي : أخبركم يوسف القاضي ، قال : حدثنا عمرو بن مرزوق ، قال : أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ، وأن يقذف في النّار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، وأن يحبّ العبد لا يحبّه إلا لله عزوجل» (٢).

بلغني أنّ أبا طالب ابن العلويّة تولّى قضاء النّيل من البلاد المزيدية ، فخرج إليها وأقام بها مدّة يحكم بين أهلها ، ثم عزل عنها فصار إلى واسط فأقام بها إلى

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥١٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٣٤ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٥.

(٢) هو في الصحيحين من حديث شعبة عن قتادة عن أنس : البخاري ١ / ١٢ (٢١) ، و ٨ / ١٧ (٦٠٤١) ، ومسلم ١ / ٤٨ (٤٣).

٨٣

أن توفي بها في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.

ومولده في ذي القعدة سنة تسعين وأربع مئة.

٥١٩ ـ محمد (١) بن محمود بن محمد السّناباذيّ ، أبو الفتح الطّوسيّ ، الواعظ.

قدم بغداد وسكنها مدة ، وصاهر بها قاضي القضاة أبا البركات جعفر بن عبد الواحد الثّقفي على ابنته التي كانت زوجة يوسف الدّمشقي مدرس النّظامية ، وكان يعظّ بها ، وله قبول. وجرى بينه وبين الوعّاظ بها مقاولات مستندها التّحاسد والتّعصّبات ، وأجاز لنا بها في سنة أربع وسبعين وخمس مئة.

ثم خرج منها بعد ذلك إلى الشّام ، وصار إلى مصر واستوطنها إلى حين وفاته ، وحظي بها عند ملكها العزيز عثمان ابن صلاح الدّين يوسف بن أيوب ، وكان له عنده قبول ومنزلة ، وما أتحقق أيهما السابق وفاة ، والله أعلم (٢).

٥٢٠ ـ محمد (٣) بن محمود بن إسحاق بن المعز بن الحسين ابن الحرّانيّ ، أبو الفتح سبط القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن

__________________

(١) ترجمه السبط في المرآة ٨ / ٤٧٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٥١ ، وأبو شامة في الروضتين ٢ / ٢٤٠ ، وذيل الروضتين ١٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٨٧ ، والعبر ٤ / ٢٩٤ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٩ ، وابن نباتة في الاكتفاء ، الورقة ١٠٠ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٣٩٦ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٢٤ ، والإسنوي في طبقات الشافعية ٢ / ١٧٥ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية ، الورقة ٥٩ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢٤٥ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٥٩ وغيرهم.

(٢) السابق هو الملك العزيز عثمان حيث توفي في العشرين من محرم سنة ٥٩٥ ، وتوفي أبو الفتح الطوسي بعده بسنة وعشرة أشهر في الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ٥٩٦ ، وعجيب أن يخفى مثل هذا الأمر اليسير عليه.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٣٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٣٥.

٨٤

الحرّانيّ الشّاهد.

وأبو الفتح هذا كان مقبول الشّهادة عند الحكّام مدّة ، وعزل. شهد عند قاضي القضاة أبي البركات جعفر ابن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد ابن الثّقفي يوم الأحد خامس عشر ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة ، وزكّاه العدلان : أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي ، وأبو سعد محمد بن سعيد ابن الرّزّاز إلا أنه لم يكن مرضي الطّريقة ولا محمود السّيرة ؛ عزل عن الشّهادة في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة وأشهر على جمل ووراءه من ينادي عليه : «هذا جزاء من يزوّر الباطل» وذلك أنّه أقرّ على نفسه أنّه زوّر كتابا باسم الحسن الأستراباذيّ التّاجر على فاطمة بنت محمد بن حديدة بمبلغ من العين وأثبته عند قاضي القضاة العبّاسي بشهادة شاهدين أنكرا هذه الشّهادة ، فعزل العبّاسي بسبب ذلك. وقد ذكرنا هذه القصّة مستوفاة في ترجمة محمد بن جعفر العباسي فيما تقدم من هذا الكتاب.

سمع محمد بن محمود ابن الحرّاني هذا الحديث من جماعة منهم : أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السّجزي ، وأبو المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي ، وجدّه لأمّه أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحرّاني ، وجماعة بعدهم من أهل بغداد ، ومن الغرباء. وجمع لنفسه «مشيخة» خرّج فيها عن جماعة كثيرة إلا أنّه لم يرو إلا شيئا يسيرا ؛ سمع منه أولاده ، وتجنّبه النّاس لما ظهر من كذبه.

وتوفي على حال فقر ومسكنة يوم الجمعة سادس ذي الحجة من سنة أربع وتسعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٢١ ـ محمد (١) بن محمود بن أحمد بن علي ابن المحمودي ، أبو

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٧٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٥٨ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ١٣٥ ، وجاء في هامش النسخة بخط أبي المحامد ابن

٨٥

عبد الله الصوفيّ يعرف بابن الصابونيّ.

من أهل بغداد. ولد بها ، ونشأ ، وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وغيره. وكان صوفيا. خرج مع أبيه إلى الشام ومصر ، وحدّث بمصر ، وبدمشق ، وتوفي بها في شعبان سنة ثمان وتسعين وخمس مئة فيما بلغنا.

٥٢٢ ـ محمد (١) بن محمود بن عبد الله ، أبو عبد الله.

من أهل خويّ ، أحد بلاد أذربيجان.

قدم في صباه بغداد للتفقه ، وأقام بالمدرسة النّظامية بها ، والمدرس بها يومئذ يوسف بن بندار الدّمشقي. واشتغل ولازم حتى حصل له طرف حسن من معرفة مذهب الشّافعي رضي‌الله‌عنه وتكلّم في مسائل الخلاف. وسمع بها الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره. وتولّى قضاء البصرة بعد سنة ستين وخمس مئة ، وصار إليها وأقام بها مدّة يحكم بين أهلها. وعزل عنها فقدم بغداد ، وأقام بالمدرسة النّظامية ، ورأيته بها ، ثم عاد إليها قاضيا وأقام بها إلى حين وفاته. وقد حدّث بها فيما بلغنا ، والله أعلم.

__________________

الصّابوني صاحب «تكملة إكمال الإكمال» ما نصه : «قال محمد بن علي بن محمود المحمودي ـ لطف الله به ـ : ولد عمي أبو عبد الله محمد بن محمود صاحب هذه الترجمة بمكة ـ شرّفها الله تعالى ـ ونشأ ببغداد فسمع بها من أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي وأبي الوقت السجزي وأبي الثناء محمد بن محمود ابن الزيتوني وغيرهم». وتنظر مقدمة شيخنا العلامة لتكملة إكمال الإكمال ٣٠ ـ ٣١.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٤٨ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٢٧٢ ، وابن الفوطي في الملقبين بعز الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٤٦٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٢٣ ، وفي المشتبه ١٩٣ ، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى ٨ / ١٠٠ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ٢ / ٥٤٦ ، وابن حجر في التبصير ١ / ٣٧٧.

٨٦

توفّي محمد بن محمود قاضي البصرة بها يوم الثلاثاء ثالث عشر محرم سنة خمس وست مئة ، وقد نيّف على السبعين ، ودفن بها.

«آخر الجزء الحادي عشر من الأصل»

٥٢٣ ـ محمد (١) بن محمود بن إبراهيم بن الفرج بن إبراهيم ، أبو جعفر يعرف بابن الحمّاميّ.

من أهل همذان.

سمع ببلده من جماعة ، منهم : الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد ابن العطّار ومن في طبقته. وكان يقول : سمعت من أبي الوقت السّجزي. وجماعة لا يثبّتون سماعه منه. وقد سمع الكثير ، وطلب ، وكتب ، وأفاد الطّلبة الواردين همذان.

قدم بغداد في سنة أربع وسبعين وخمس مئة ، وسمع بها من أسعد بن يلدرك ، وسعد ابن الصّيفي. ثم قدمها حاجا في سنة إحدى وست مئة ، وسمع بها من أصحاب : ابن الحصين ، وأبي غالب ابن البنّاء ، والقاضي أبي بكر الأنصاري. وحدّث بها بشيء يسير عن الحافظ أبي العلاء. سمع منه بعض الطّلبة ، وأجاز لنا. وعاد إلى بلده وروى هناك. وهو خيّر مشكور (٢).

٥٢٤ ـ محمد (٣) بن محمود بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٣٦٤ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٨١٨ ، ولقبه تقي الدين ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ١٢٥٣ ولقبه عماد الدين ، فلعله لقب آخر له ، والذهبي في كتبه مثل تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٦١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٦١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٣٥ ، وميزان الاعتدال ٤ / ٣١ وغيرها ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٩١ ، وابن حجر في اللسان ٥ / ٣٧٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٥٢.

(٢) توفي سنة ٦١٨ كما في مصادر ترجمته.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٩١ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١٢٠ ،

٨٧

الكشميهنيّ ثم المروزيّ الأصل الهمذانيّ المولد البغداديّ المنشأ والدّار ، أبو سعيد بن أبي المحامد ، ويقال : أبو البدائع بن أبي عبد الرحمن.

من أولاد الشيوخ المعروفين بالحديث والرّواية ، وسيأتي ذكر أبيه ، إن شاء الله.

وأبو سعيد هذا سبط أبي منصور عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ إسماعيل بن أحمد النّيسابوريّ صاحب الرّباط ببغداد. تفقه على مذهب الشافعي ، وحصّل معرفة مذهبه. وتكلّم في مسائل الخلاف. ونظر في النّحو والعربية. وله خطّ حسن. أجاز له سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ وحدّث عنه بجامع القصر الشّريف وغيره. وسمع منه جماعة من الطّلبة في وقتنا هذا.

وسألته عن مولده ، فقال : ولدت في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة بهمذان.

وتوفي ببغداد في ليلة الأحد ثالث عشري شعبان سنة ست عشرة وست مئة.

٥٢٥ ـ محمد (١) بن محمود بن أبي محمد واسمه الحسن بن هبة الله

__________________

والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٨٧ ، والصفدي في الوافي ١ / ٢١٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٩٩.

(١) هو مؤرخ العراق الكبير ومحدثه محب الدين ، وقد تأخرت وفاته إلى ما بعد وفاة المؤلف بست سنوات ، حيث توفى سنة ٦٤٣. وقد ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٦٤٤ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٦ / ٦٤ ، وابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ٣٦٠ ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ٢١٧ ، وعز الدين الحسيني في صلة التكملة ، الورقة ٣٥ ، وصاحب الكتاب المسمى بالحوادث ٢٤٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٤٧٨ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٢٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٣١ ، والعبر ٥ / ١٨٠ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٩ ، وابن شاكر في الفوات ٤ / ٣٦ ، والسبكي في الطبقات ٨ / ٩٨ ،

٨٨

ابن محاسن بن هبة الله ابن النّجّار ، أبو عبد الله.

سمع الكثير ، وطلب الحديث من صغره ، وأدرك إسنادا حسنا. ولقي أصحاب : أبي القاسم بن بيان ، وأبي عليّ بن نبهان ، وأبي طالب بن يوسف ، وأبي سعد ابن الطّيوري ، وأبي محمد ابن السّمرقندي ونحوهم ، ومن بعدهم. ورحل في طلبه إلى الحجاز ، والشّام ، وبيت المقدس ، والجزيرة ، وهمذان ، وأصبهان ، ونيسابور ، وهراة ، وطاف قطعة من بلاد خراسان. وسمع بتلك النّواحي ، وكتب عن عامّة شيوخها ، وحدّث بها وفي أكثر البلاد التي وردها. وله حفظ ومعرفة وفهم بهذا الشأن.

ذكر لي أنّ مولده في ليلة الأحد ثالث عشر من ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.

* * *

__________________

والإسنوي في طبقاته ٢ / ٥٠٢ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٦٩ ، وصاحب العسجد المسبوك ٥٣٩ ، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية ٢ / ٤٥٤ ، والفاسي في ذيل التقييد ١ / ٢٦٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٣٥٥ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٢٢٦ ، وغيرهم.

٨٩

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه المبارك

٥٢٦ ـ محمد بن المبارك بن أحمد بن علي البيّع ، أبو بكر.

سمع أبا القاسم عبد العزيز بن عليّ الأنماطي ، وحدّث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفّاف ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه» ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٢٧ ـ محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس ، أبو بكر بن أبي العز ، والد أبي العبّاس أحمد وأبي الحسن عليّ اللّذين يأتي ذكرهما ، إن شاء الله.

ذكره الشيخ أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» ، فقال : شيخ صالح كثير الحج ، سمع على كبر سنّه من أبي طالب عبد القادر بن محمد ابن يوسف ، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء وغيرهما. توفي يوم الجمعة غرّة شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب يوم السّبت.

٥٢٨ ـ محمد (١) بن المبارك بن أحمد ، أبو عبد الله بن أبي القاسم الوكيل يعرف بابن جارية (٢) القصّار.

كان فيه فضل وتميّز ، وله معرفة بالأدب. قرأ على الشّيخ أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي. وسمع من أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن عبد الله سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، ومن أبي الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري ، ومن أبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر البغدادي. وله شعر حسن.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٣.

(٢) قال الصفدي : «كانت أمه من الجواري المقيّنات الموصوفات بالإحسان في الغناء» ، ولعله نقل ذلك من تاريخ ابن النجار.

٩٠

توفي شابا. وما أظنه روى شيئا ؛ لأنّ الرواية لم تنتشر عنه ، والله أعلم.

٥٢٩ ـ محمد (١) بن المبارك بن إسماعيل ، أبو بكر بن أبي البركات يعرف بابن الحصريّ ، أخو أبي حفص عمر الذي يأتي ذكره.

تفقه أبو بكر على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وحفظ القرآن الكريم. وسمع الحديث من جماعة منهم : أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي ، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن ابن البنّاء ، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزّاز ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون. وصحب القاضي أبا يعلى محمد بن محمد ابن الفرّاء ، وانحدر معه إلى واسط لما تولّى القضاء بها ، أعني ابن الفرّاء ، وقبل شهادته بها ، وولّاه قضاء قرية عبد الله ، ناحية قريبة من واسط ، وأقام هناك مدة ، وعاد إلى بغداد بعد عزل القاضي أبي يعلى عن قضاء واسط ، وأقام بها إلى حين وفاته.

كان عنده كبر وتيه ؛ ذكر صدقة بن الحسين النّاسخ في «تاريخه» أنّه كان مقيما في مسجد بباب الأزج ويؤم فيه في أوقات الصّلوات ، فأذّن مؤذن المسجد لبعض الصّلوات وقعد ينتظر حضوره ليقيم الصّلاة ، فأبطأ ، فقال له بعض الحاضرين : أقم الصّلاة. فقال : كيف أقيم الصّلاة والإمام ما حضر؟ فوافق ذكر الإمام حضوره ، فلما سمعه حرد (٢) على المؤذّن ، وقال : ألمثلي يقال الإمام! فاعتذر إليه المؤذّن والحاضرون وهو لا يقبل العذر ولا يزداد إلا غضبا. وانتقل من ذلك الموضع إلى غيره ، فمضى الجماعة إليه وسألوه العود ، فأبى ، فاستقرّ أنهم يبعدون المؤذّن ويؤذّن في المسجد غيره ، فعاد بعد الشّدّة ، وهو يكرّر لفظة

__________________

(١) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢٩ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨١ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٠٥ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢١٤ ، ونسبه في جميع المصادر المذكورة : «محمد بن المبارك بن الحسين بن إسماعيل» ، فكأن المؤلف نسبه إلى جد أبيه ، وكذلك فعل في ترجمة أخيه عمر الآتية.

(٢) حرد : غضب.

٩١

«ألمثلي يقال الإمام!». ثم إنّ المؤذّن صار يؤذّن في مسجد قريب من هذا المسجد الذي يؤم فيه ابن الحصري وفيه منارة فكان يصعد المنارة في وقت السّحر ويذكر الله ـ عزوجل ـ ويقول في آخر كلامه : أنت المولى من هولى (١) ، ألمثلي يقال الإمام! ويكرّر ذلك ، فعاد غضب ابن الحصري بسماعه قول المؤذن ، وتأهّب للنّقلة مرّة ثانية فثبّته الجماعة وسكّنوه ، وضمنوا أنّهم يمنعون المؤذّن من ذلك القول الذي يكرهه ، وفعلوا ذلك فاطمأنّ وسكن. كلّ ذلك حكاه صدقة بعبارة أطول من هذه.

ثم قال : توفي ، يعني أبا بكر ابن الحصري ، فجاءة ؛ وذلك أنّه كان في صلاة العصر من يوم الخميس سابع عشر رجب سنة أربع وستين وخمس مئة ، فصلّى ثلاث ركعات وقام في الرّابعة فسقط ، فحمل إلى حجرة كان يسكنها فبقي ومات من وقته ، وصلّي عليه يوم الجمعة ثامن عشر بجامع القصر الشّريف ، ودفن بمقبرة الزّرادين تحت المنظرة. قال غيره : عن أربع وخمسين سنة.

٥٣٠ ـ محمد (٢) بن المبارك بن محمد بن جابر بن الحسن بن محموية ، أبو نصر بن أبي المظفّر بن أبي العز بن أبي الحسن.

أخو شيخنا أبي الحسن عليّ. وكلاهما كان مقبول الشّهادة عند القضاة.

شهد أبو نصر هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الضرير ويلقّب بالبهجة قراءة عليه ونحن نسمع ، قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءة عليه وأنت تسمع في كتاب «تاريخ الحكّام بمدينة السّلام» جمعه ، فأقرّ به ، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته وأثبت تزكيته : أبو نصر محمد بن المبارك بن محمد بن جابر يوم السّبت ثاني عشري رجب سنة ثلاث

__________________

(١) التقييد من النسخة المنذرية ، فكأنها تسهيل من قوله : من هؤلاء ، والله أعلم.

(٢) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٤٤٥ واختاره في المختصر المحتاج ١ / ١٣٨.

٩٢

وثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه أبو القاسم عليّ بن عبد السيّد ابن الصّبّاغ وأبو يعلى محمد بن محمد بن محمد ابن الفرّاء ، إلا أنّه عزل عن ذلك بعد يسير.

سمع الحديث من أبي عليّ محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب ، والشّريف أبي طالب الحسن بن محمد الزّينبي ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وحدّث عنهم. سمع منه جماعة ، منهم : أبو القاسم تميم بن أحمد البندنيجي ، وذكر أنّ مولده في صفر سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وخالفه في ذلك أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني ، فقال : في النّصف من ذي القعدة من السنة المذكورة ليلة الجمعة.

قال تميم : وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشر ذي الحجة سنة سبعين وخمس مئة. وقال المارستاني : رابع عشر بعد ما أضر ، ودفن بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٣١ ـ محمد بن المبارك بن محمد ، أبو غالب يعرف بابن الماصرانيّ (١).

كان صاحبا للقاضي أبي غالب بن غيلان ، ووكيلا بباب القضاة وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزّينبيّ.

أخبرنا محمد بن أحمد البهجة ، قال : أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار في «تاريخه» ، قال فيمن شهد عند قاضي القضاة الزّينبي : وأبو غالب محمد بن المبارك بن محمد يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه أبو طاهر محمد بن أحمد الكرخي ، وأبو بكر أحمد بن محمد الدّينوريّ ، وعزل بعد ذلك بمديدة يسيرة.

__________________

(١) لعله منسوب إلى الماصر ، وهو الحبل الذي يلقى في الماء ليمنع السفن عن السير في دجلة والفرات حتى يؤدي صاحبها ما عليه من حق السلطان ، فالظاهر أن «الماصري» أو «الماصراني» هو المسؤول عن هذا الحاجز ، والله أعلم.

٩٣

سمع الشّريف أبا عليّ محمد بن محمد ابن المهدي ، وروى شيئا يسيرا. سمع منه القرشي.

مولده في سنة تسعين وأربع مئة فيما ذكر أبو بكر بن عليّ المارستاني.

وتوفي يوم الثلاثاء تاسع شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ، ودفن بباب أبرز ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٣٢ ـ محمد بن المبارك بن عبد الملك الإسكافيّ الأصل البغداديّ وإسكاف المنسوب إليها بلد قديم كان بالنّهروان خرب يومئذ ـ ، أبو المعالي بن أبي البركات.

سمع من جماعة منهم : أبو محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد المقرىء سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، وأبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الهرويّ الكروخي ، وأبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي ، وجماعة كثيرون. وحدّث بشيء من مسموعاته.

ذكر أبو بكر عبد الله بن أبي بكر الخبّاز أنّه سمع منه ، والله الموفق.

٥٣٣ ـ محمد (١) بن المبارك بن محمد بن محمد ابن الخطيب ، أبو المعالي قاضي المدائن ابن القاضي بها أبي منصور.

عزل أبو منصور نفسه عن القضاء بها عند كبره وولّى ابنه أبا المعالي هذا. وكان فاضلا متميزا ، تفقه ببغداد بالمدرسة النّظامية على مذهب الشافعي رحمه‌الله مدة.

ذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي فيما رسمه من «التاريخ» ، وقد أجاز لنا ، قال : أبو المعالي قاضي المدائن سمع معنا من أبي الوقت وتفقه على مذهب الشّافعي ، وله خاطر جيّد ، وقد نظم الشّعر ، كتبت عنه بالمدائن

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ، الورقة ١٢ (من القطعة غير المنشورة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٥ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٢.

٩٤

شيئا من شعره.

قلت : وقد روى لنا عنه ابناه : أبو منصور عبد الحميد وأبو الفضل عبد المؤمن شيئا من شعره.

أنشدني أبو منصور عبد الحميد بن محمد بن المبارك ابن الخطيب قاضي المدائن بمنزله بها من حفظه لوالده القاضي أبي المعالي محمد :

إذا لم يكن خير القريب مقرّبا

إليك ولا تحنو عليك أواصره

فأجود من ذي المال من كان معدما

وخير من الأحياء من أنت قابره

وأنشدنا القاضي أبو الفضل عبد المؤمن بن محمد ابن الخطيب ببغداد لوالده القاضي أبي المعالي في الشّكر :

لو عشت أشكر عمري ما مننت به

وكان في كلّ عضو ألف مداح

ما كنت إلا أسير العجز عن نعم

مننت فيها بأجساد وأرواح

حدّثني أبو الحسن بن هبة الله بن محمد بن أبي الحديد المدائني ، قال : توفي القاضي أبو المعالي محمد بن المبارك قاضي المدائن ببغداد في صفر من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، وحمل إلى المدائن فدفن بها.

٥٣٤ ـ محمد بن المبارك بن فوارس بن سنبلة ، أبو بكر بن أبي القاسم التاجر.

من أهل الحريم الطّاهري. أخو شيخنا أبي المعالي أحمد الذي يأتي ذكره ، وأبو بكر الأسن.

سمع أبا عليّ أحمد بن أحمد ابن الخرّاز المستعمل ، وغيره. واشتغل بالتجارة. وخرج عن بغداد قبل وفاته بسنين ، وجال في الأقطار حتى استقرّ بسمرقند ، فأقام بها إلى أن توفي بها بعد الثمانين وخمس مئة. وما روى ببغداد شيئا.

٩٥

٥٣٥ ـ محمد (١) بن المبارك بن محمد بن الحسين السّلميّ ، أبو السعادات بن أبي سعد الجّبّيّ.

منسوب إلى قرية تعرف بجبّة من نواحي طريق خراسان ، والده شيخها وعالمها وزاهدها ، وسيأتي ذكره فيمن اسمه المبارك ، إن شاء الله.

وأبو السعادات دخل بغداد وأقام بها ، وطلب العلم ، وسمع الكثير من الشيوخ مثل أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، وأبي السّعادات نصر الله ابن عبد الرحمن القزّاز ، وأبي محمد يوسف بن الحسن العاقولي ، وأمثالهم. ولازم الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي ، وقرأ عليه ، وكتب مصنفاته ، ولازمه حتى مات.

وكان صديقنا ورفيقنا في السّماع ، وكان ساكنا خيّرا حسن الطريقة.

توفي في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وخمس مئة. بجبّة ، ودفن بها. وكان شابا لم يبلغ أوان الرواية ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٣٦ ـ محمد (٢) بن المبارك بن الحسين بن طالب المقرىء ، أبو عبد الله يعرف بابن الحلاويّ.

من أهل الحربية.

شيخ مسنّ ، كبر وعبر التّسعين ، ولم يوجد له سماع ولا إجازة ، ثم إنّ أحمد بن سلمان بن أبي شريك المعروف بالسّكّر الحربي ذكر أنّه وجد له إجازات من جماعة قدماء منهم : أبو محمد جعفر بن أحمد ابن السّرّاج ، وأبو الحسين

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ١٦٦ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٩٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٠٨ ، والمشتبه ١٤٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٢٢٣ ، وابن حجر في التبصير ١ / ٣٠٢.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٢٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٢٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٣١ ، والعبر ٤ / ٢٥٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٣٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٨٧.

٩٦

المبارك بن عبد الجبار الصّيرفي المعروف بابن الطّيوري ، وأبو يعلى حمزة بن محمد الزّينبي ، وجماعة آخرون ، وسمع عليه بها لأنّ الرواية كانت قد انقطعت عن هؤلاء في الزّمان الذي وجدت هذه الإجازات فيه ، ثم أعلم النّاس به فازدحموا عليه وقرأوا عليه الشيء الكثير في الزّمن اليسير ، ولم يلبث بعد وجود الإجازات إلا نحو أربعين يوما حتى توفي.

كتب إليّ أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي يذكر هذا الشيخ ووفاته ، وقال : وجدت سماعه بعد وفاته في شيء من أبي محمد ابن السّرّاج في سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، ومن القاضي أبي منصور عليّ بن محمد ابن الأنباري في سنة ست وخمس مئة ، ولم يحدّث بشيء من ذلك ، وإنما روى بالإجازات ، وقال : مولده بمكة يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وأربع مئة. وتوفّي ليلة السّبت تاسع عشري ذي القعدة سنة ست وثمانين وخمس مئة ، ودفن من الغد عند بشر بن الحارث بباب حرب.

٥٣٧ ـ محمد (١) بن المبارك بن محمد بن محمد بن ميمون ، أبو غالب الكاتب.

شيخ متصرّف ، قد قرأ شيئا من الأدب ، وقال الشّعر ، وسمع الحديث من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، والشريف أبي المعمر المبارك بن عبد العزيز الأنصاري ، وأبي الفضل بن ناصر ، وأبي بكر ابن الزّاغوني. وحدّث بشيء من مسموعاته. ورأيته ولم أسمع منه.

بلغني أنّ مولده في سابع عشري محرم سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة. وتوفي في يوم الجمعة تاسع عشري جمادى الآخرة من سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، ودفن بالمشهد ، مقابر قريش ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٩٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٣٩ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٢.

٩٧

محمد (١) بن المبارك بن محمد بن محمد بن الحسين بن مشّق ، أبو بكر بن أبي طاهر.

من أهل باب البصرة.

سمع الكثير في صباه بإفادة أبيه ، ثم بنفسه ، وحصّل الأصول ، وجمع الكتب. وكان سماعه بعد الأربعين وخمس مئة من جماعة منهم : الشّريف أبو السعادات هبة الله بن عليّ ابن الشّجري ، وأبو بكر أحمد بن عليّ ابن الأشقر ، وأبو محمد المبارك بن أحمد الكندي ، وأبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبو الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري ، وخلق كثير من أصحاب : أبي الفضل بن خيرون وطراد الزّينبي ، وأبي الخطّاب ابن البطر ، وأبي الحسين ابن الطّيوري. وجمع الشيوخ ، وعمل لنفسه «معجما».

وكان مكثرا : سماعا وشيوخا ؛ بلغني أن أثبات مسموعاته بلغت ست مجلدات. ومع ذلك لم يرو إلا اليسير. والختلط قبل موته بنحو ثلاث سنين حتى كان لا يأتي شيئا على وجه الصّحة فتركه النّاس بعد أن سمع منه جماعة.

بلغني أنّ مولده في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة. وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر شعبان سنة خمس وست مئة ، وصلّي عليه يوم الخميس ثاني عشر بجامع المنصور ، وحمل إلى مقبرة باب حرب فدفن هناك.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٦٧ ، والنجيب عبد اللطيف الحراني في مشيخته ، الورقة ٩٦ ، وهو الشيخ الثاني والخمسون فيها ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٢٧٩ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٥ / الترجمة ٧٠٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٢٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٤٠ ، والعبر ٥ / ١٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٠ ، وميزان الاعتدال ٤ / ٢٣ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ١٧٥ ، وابن حجر في التبصير ٤ / ١٢٩٢ ، ولسان الميزان ٥ / ٣٥٧ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٩٦ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١٨.

٩٨

٥٣٩ ـ محمد (١) بن المبارك بن أبي بكر ، أبو بكر بن أبي القاسم يعرف بابن الدّلّال ، أخو أبي منصور المبارك الذي يأتي ذكره.

من أهل الحريم الطّاهري.

سمع أبو بكر هذا من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، وغيره. وحدّث بشيء يسير ؛ سمع منه الطّلبة ، وما لقيته.

توفي (٢) ...

٥٤٠ ـ محمد (٣) بن المبارك بن صدقة بن الحسين بن يوسف الباخرزيّ ، أبو الحسين ، ابن شيخنا أبي بكر.

من أهل باب الأزج.

لم يكن محمود الطريقة ولا مرضي السّيرة ، وينسب إلى أذيّة النّاس والوقيعة فيهم. سمع شيئا من المتأخرين. كتبت عنه أنا شيد عن أبي طاهر بن بنان المصري ، وله.

سألته عن مولده ، فقال : ولدت في اليوم الذي توفي فيه الإمام المقتفي لأمر الله رضي‌الله‌عنه وهو يوم الأحد ثاني ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمس مئة.

وتوفي بواسط في مارستانها يوم الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وست مئة ، ودفن هناك.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢١٩٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٠٣.

(٢) لم يذكر وفاته لتأخرها عن نشرة كتابه الأخيرة ، فقد توفي في شهر ربيع الآخر من سنة ٦٢٥ ، كما في تكملة المنذري وتاريخ الذهبي.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٤٦ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٢.

٩٩

٥٤١ ـ محمد (١) بن المبارك بن عبد الرحمن بن عصيّة (٢) ، أبو الرّضا.

من أهل الحربية.

سمع أبا الوقت السّجزي ، وغيره. كتبنا عنه.

قرأت على أبي الرّضا محمد بن المبارك بن عبد الرحمن ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصّوفي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفّر الدّاودي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية ، قال : أخبرنا إبراهيم بن خزيمة الشّاشي ، قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال (٣) : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا الحجاج بن أرطاة ، عن مكحول ، قال : قال أبو أيوب الأنصاري ؛ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أربع من سنن المرسلين : التّعطّر ، والنّكاح ، والسّواك ، والحنّاء» (٤).

__________________

(١) توفي سنة ٦٢٨ ، وترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ١٧٦ ، وفي التقييد ١١٤ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٣٢٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٦٩ ، والعبر ٥ / ١١٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٠ ، والمشتبه ٤٦٣ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ٦ / ٢٨٩ ، وابن حجر في التبصير ٣ / ٩٥٦ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٧٧ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١٢٩.

(٢) عصية : مختلف في تقييده ، فقد قيده بعضهم بضم العين المهملة ، وقيده آخرون بفتحها ، وهو الراجح ، وقد غلّط الحافظ ابن نقطة من قيده بالضم.

(٣) المنتخب من مسند عبد بن حميد (٢٢٠).

(٤) إسناده ضعيف ، ففي إسناده علتان ، الأولى الحجاج بن أرطاة ، وقد اختلف فيه عليه في إسناده ومتنه كما سيأتي بيانه ، وحاله لا تتحمل مثل هذا الاختلاف ، والثانية : انقطاعه ، فإن مكحولا لم يسمع من أبي أيوب ، بينهما أبو الشمال بن ضباب ، وهو مجهول.

أخرجه ابن أبي شيبة ١ / ١٧٠ وعبد بن حميد ، كما تقدم ، عن يزيد بن هارون ، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد عن يزيد بن هارون ، به ، لكن قال فيه «الحياء» بدلا من «الحناء». وأخرجه عبد الرزاق (١٠٣٩٠) عن يحيى بن العلاء ، عن الحجاج بن أرطاة ، ولكن قال فيه :

١٠٠