ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

المظفّر بن سوسن التّمّار ، وأبو عليّ محمد بن سعيد بن نبهان ، وأبو عليّ محمد ابن محمد ابن المهدي ، وغيرهم ، وحدّث عنهم. وأجاز لنا قبل تغيّره.

قرىء على أبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني بمنزله وأنا أسمع قيل له : قلت تمدح الإمام المسترشد بالله رضي‌الله‌عنه :

قل للإمام الذي إنعامه نعم

وسحّ كفّيه منه تخجل الدّيم

وعرضه وافر في كلّ نازلة

وماله في جميع النّاس مقتسم

وبحره الجمّ عذب ماؤه غدق

سهل الشّرائع غمر طيّب شبم

مسترشد إن بدا فالبدر غرّته

وإن يقل كلما فالدرّ منتظم

فكم ظبا فلّها عنّا وفرّقها

إذ يمتطي كفّه في طرسه القلم

وكم يراع بكفّيه يتيه على

صمّ الرّماح اللّواتي ليس تنفصم

وذكر قصيدة هذا أولها سمعناها مع غيرها منه.

بلغني أنّ مولده في سنة أربع وتسعين وأربع مئة والأظهر أنّه قبل ذلك ، والله أعلم. وتوفّي يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة ست وسبعين وخمس مئة ، ودفن بالوردية ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٦٦ ـ محمد (١) بن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عليّ بن قرطاس ، أبو السّعادات بن أبي سعد الطّحّان.

من ساكني الظّفرية ، من أبناء الشّيوخ القرّاء والمحدّثين الرّواة.

سمع بإفادة أبيه من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي صهر هبة ، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبي الفضل محمد ابن عمر الأرموي ، وغيرهم. وحدّث باليسير ، سمع منه جماعة من أصحابنا وما

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٢٠.

٤١

اتفق لي لقاؤه ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٦٧ ـ محمد بن محمد بن يحيى ابن الثّقفيّ ، أبو الحسين.

من أهل الكوفة ، من بيت مشهور بها بالعدالة والقضاء والرّواية.

ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق البيّع أنّ أبا الحسين هذا قدم عليهم من الكوفة بغداد وأنّه استجازه ، فأجاز له. ولم يذكره بسوى ذلك.

٤٦٨ ـ محمد (١) بن محمد بن أبي بكر بن عليّ بن إبراهيم اللّفتوانيّ ، أبو الطّيّب.

من أهل أصبهان ، ولفتوان : قرية من قرى أصبهان ، أحد شيوخها. سمع بها أباه ، وأبا بكر محمد بن عليّ الصّالحاني ، وأبا غالب محمد بن إبراهيم الصّيقلي ، وأبا العبّاس أحمد بن سهل الغازي ، وأبا الوفاء محمد بن محمد المديني وغيرهم.

قدم بغداد مرارا كثيرة آخرها في سنة ست وسبعين وخمس مئة حاجا ، وحدّث بها ؛ سمع منه أبو بكر بن مشّق ، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصريّ وجماعة من أصحابنا. وخرج إلى الحج وعاد فتوفّي بين الحلّة المزيديّة وزريران في أوائل صفر سنة تسع وسبعين وخمس مئة.

قال أبو بكر بن مشّق : وقال لي : مولدي في صفر سنة إحدى عشرة وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٦٩ ـ محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن عليّ بن المطّلب ، أبو جعفر بن أبي عبد الله ابن الوزير أبي المعالي بن أبي سعد.

من بيت أهل رياسة وتقدّم. سمع أبا الفوارس محمد بن عليّ ابن الكرخي ، وحدّث عنه. سمع منه جماعة من أصحابنا منهم : أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي ، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري ، وأبو الحسن عليّ بن

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٢٠.

٤٢

المبارك بن الوارث وغيرهم.

بلغني أنّه توفّي فجاءة في ليلة الثّلاثاء تاسع ذي القعدة سنة سبع وسبعين وخمس مئة ، ودفن صبيحة تلك الليلة بمقابر قريش ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٧٠ ـ محمد (١) بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الله الكشميهنيّ ، أبو عبد الرحمن الواعظ.

من أهل مرو ، والد أبي المحامد محمود بن محمد الذي يأتي ذكره.

قدم أبو عبد الرحمن بغداد قديما فيما ذكر تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في «تاريخه لبغداد» وسمع بها. وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته كما شرطنا.

قلت : وقدم أبو عبد الرحمن بغداد مرّة أخرى في سنة ستين وخمس مئة ، وحدّث بكتاب «صحيح» مسلم بن الحجّاج عن أبي عبد الله الفراوي ، فسمع منه النّاس بمجلس الوزير يحيى بن هبيرة. وحدّثنا عنه شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي في «مشيخته».

قرأت على الشّيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد ، قلت له : أخبركم أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، وذلك في سنة ستين وخمس مئة ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور ، قال : أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر ابن محمد بن عبد الغافر الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عيسى بن عمروية ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، قال : حدثنا مسلم بن الحجاج ،

__________________

(١) ترجمه ابن الجوزي في مشيخته ، وابن نقطة في التقييد ١٠٦ ، والفتح بن علي البنداري في تاريخ بغداد ، الورقة ٦٧ ، والذهبي في وفيات سنة ٥٧٨ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٦١٩ ، ثم أعاده في وفيات سنة ٥٨٠ منه ١٢ / ٦٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٨١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٠ ، والصفدي في الوافي ١ / ١٦٥.

٤٣

قال (١) : حدثنا محمد بن حاتم ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الظّلم ظلمات يوم القيامة».

قال شيخنا ابن الجوزي : كان لهذا الشيخ سمت المشايخ ، وسمعنا منه جميع «صحيح» مسلم.

قلت : توفي أبو عبد الرحمن هذا بمرو في يوم الأحد خامس عشري محرم سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، ودفن بها.

٤٧١ ـ محمد (٢) بن محمد بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الجنيد ، أبو مسلم بن أبي الفتوح.

من أهل أصبهان. سمع بها من أبي سعد محمد بن محمد المطرّز ، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحدّاد ، وأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي ، وأبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد المقرىء ، وغيرهم.

قدم بغداد قديما حاجا مع خاله أبي غانم محمد بن الحسين بن زينة الأصبهاني فكتب عنه بها أبو بكر المبارك بن كامل الخفّاف ، وأخرج عنه حديثا في بعض تعاليقه عن أبي سعد المطرّز. وعاد أبو مسلم إلى بلده وعاش بعد أبي بكر بن كامل أكثر من ثلاثين سنة ، وكتب إلينا بإجازته لنا على يد الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي في سنة تسع وسبعين وخمس مئة.

وكان ثقة ، من بيت معروف بالتّصوّف ورواية الحديث من قبل أبويه جميعا.

كتب إليّ أبو غانم المهذّب بن الحسين بن محمد الواعظ بخطّه من أصبهان

__________________

(١) صحيح مسلم ٨ / ١٨ (٢٥٧٩) ، وهو في البخاري أيضا ٣ / ١٦٩ (٢٤٤٧).

(٢) ترجمه ابن نقطة في التقييد ١٠٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦٣٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢١ ، والصفدي في الوافي ١ / ١٥٧.

٤٤

يذكر لي أنّ مولد أبي مسلم بن الجنيد كان يوم عيد الفطر من سنة سبع وتسعين وأربع مئة. وتوفي في رجب سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، ودفن بمصلى جي عند أجداده بني زينة ، رحمهم‌الله وإيانا.

٤٧٢ ـ محمد (١) بن محمد بن خطّاب بن عبد الله بن أبي المليح ، أبو عبد الله الواعظ.

من أهل الحربية.

سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف ، وأبا الفضل بن ناصر وغيرهم. وحدّث عنهم.

توفي في ليلة الأحد ثالث رجب سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

٤٧٣ ـ محمد (٢) بن محمد بن عثمان ، أبو الفضل الدّبّاس يعرف بابن الدّبّاب.

من أهل باب البصرة.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وغيره ، وروى عنه.

ذكر أبو بكر محمد بن أبي طاهر بن مشّق أنّه سمع منه وأنّه توفي في يوم الخميس رابع عشري شعبان سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وأنّه دفن بمقبرة باب البصرة.

٤٧٤ ـ محمد (٣) بن محمد بن الحسين ، أبو الحسن الحاجب بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١ / ١٦١ ، نقلا من تاريخ ابن النجار ، وذكر أنه كان كذابا.

(٢) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٦٤ ووقع فيه : محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٨.

٤٥

وكان وظائفيا. والوظائفيّ : هو الذي يتولّى إقامات الرّسل وما يحمل إليهم من الدّيوان العزيز.

كان حافظا للقرآن المجيد ، حسن القراءة له. قرأ على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي بشيء من القراءات. وسمع منه ، ومن أبي المعالي عبد الملك ابن عليّ الهرّاسي. وأمّ بالنّاس في الصّلوات بمسجد ابن جردة بالجوهريين بعد وفاة العدل أبي المظفّر بن حمدي. وسمعت قراءته. وكان حسن التّلاوة.

خرج مع الوزير أبي المظفر عبيد الله بن يونس لما توجّه إلى همذان في صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، فلما تلاقى المعسكران وتفرّق النّاس فقد جماعة منهم أبو الحسن الوظائفي ، وما عرف خبره وذلك في خامس شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٧٥ ـ محمد (١) بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر بن عليّ ابن الشّهرزوريّ ، أبو حامد الملقّب محيي الدين ابن كمال الدين أبي الفضل ابن أبي محمد.

من أهل الموصل وقاضيها. من بيت مشتهر بالفضل والعلم والرّياسة والتقدّم والولاية. وأبو حامد هذا تولّى قضاء الموصل مدة ، وكان موصوفا بالفضل والإفضال والجود والنّوال ، مع جاه وافر كان له ، وحشمة ظاهرة وحال جميلة.

__________________

(١) ترجمه العماد في القسم الشامي من الخريدة ٢ / ٣٢٩ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ٥٩ ، وابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٢٧ ، وابن النجار في تاريخه (كما في المستفاد ، الترجمة ٢٨) ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ١١١ ، وأبو شامة في الروضتين ٢ / ١٨٢ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ، ٤ / ٢٤٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٢٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٦٠ ، والعبر ٤ / ٢٥٩ ، والصفدي في الوافي ١ / ٢١٠ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ١٨٥ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٣٤١ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ١٠٢ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٢٨٧ وغيرهم.

٤٦

قدم بغداد في صباه وأقام بها للتّفقه مدة وحصّل طرفا من مذهب الشّافعي ، وسمع بها شيئا من الحديث ، وعاد إلى بلده. وقدمها رسولا من أمير الموصل وأوصل إلى أهل العلم بها من ماله ما استكثر. وأكرم من الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ وخلع عليه وعاد إلى بلده.

وله شعر حسن وترسّل جيّد. ومن شعره ما أنشدني أبو الفتوح محمد بن عليّ بن المبارك البغدادي ، قال : أنشدني لنفسه ونحن جلوس بداره وكان الوفر ينزل :

ولمّا شاب رأس الدّهر غيظا

لما قاساه من فقد الكرام

أقام يميط عند الشّيب غيظا

وينثر ما أماط على الأنام

توفّي بالموصل سحرة الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمس مئة ، ودفن بداره بمحلة القلعة ثم نقل بعد ذلك إلى تربة عملت له ظاهر البلد.

وذكر أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدّمشقي أنّ وفاته كانت في ثامن عشري الشهر المذكور. والأول أشبه بالصّحيح ، والله أعلم.

«آخر الجزء العاشر من الأصل»

٤٧

٤٧٦ ـ محمد (١) بن محمد بن المبارك بن محمد بن أحمد بن مشّق ، أبو نصر بن أبي بكر بن أبي طاهر البيّع.

من أهل باب البصرة.

بكّر به أبوه وسمّعه من جماعة منهم : أبو شجاع أحمد وأبو نصر يحيى ابنا موهوب بن السّدنك ، وأبو شاكر يحيى بن يوسف صاحب ابن بالان ، وأبو محمد لا حق بن كاره ، والكاتبة شهدة بنت أحمد الإبريّ ، وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وجماعة كثيرة.

وتوفي قبل أوان الرّواية في ليلة الأربعاء ثاني عشري ذي الحجة من سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة في حياة أبيه ، ودفن يوم الأربعاء بباب حرب عن ثلاث وثلاثين سنة.

٤٧٧ ـ محمد (٢) بن محمد بن المبارك بن إسماعيل ابن الحصريّ ، أبو عبد الله بن أبي بكر ، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه ، إن شاء الله.

بغداديّ الأصل واسطيّ المنشأ. كان يسكن قرية عبد الله : ناحية قريبة من واسط.

وكان أحد الشّهود المعدّلين ؛ شهد أولا بواسط عند قضاتها. ثم قدم بغداد فشهد عند قاضي القضاة أبي طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري في ولايته الثانية يوم السبت تاسع شعبان سنة تسعين وخمس مئة وزكّاه العدلان : أبو الحسن عليّ ابن المبارك بن جابر وأبو الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي بالله. وتولّى قضاء قرية عبد الله بواسط وقضاء نهر عيسى ببغداد. وقد كان سمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي وما أعلم أنّه روى شيئا.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤١٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٠٦ ، والصفدي في الوافي ١ / ١٤٩.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٣٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢٢.

٤٨

توفي ببغداد في ليلة الجمعة سابع عشري شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وخمس مئة وصلّي عليه يوم الجمعة ، ودفن بمقبرة الرّزّادين بالمأمونية عند أبيه ، رحمهم‌الله وإيانا.

٤٧٨ ـ محمد (١) بن محمد بن الحسين بن عبد الباقي بن أبي الهيجاء ، أبو المظفّر.

كان يتولّى أشغال الأمراء. وجد سماعه في شيء من أبي جعفر محمد بن علي الشّروطي المعروف بابن الرّحبي. سمع منه بعض الطّلبة ، ولم يكن من أهل هذا الشأن ولا عرف به.

توفّي يوم الخميس ثامن ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمس مئة.

٤٧٩ ـ محمد (٢) بن محمد بن محمد بن بنان الأنباريّ الأصل المصريّ المولد والدّار ، أبو طاهر بن أبي الفضل.

شيخ فاضل ، له تقدّم ومكانة عند أهل بلده. قدم بغداد رسولا في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة من طغتكين بن أيوب أمير اليمن مع الحاج إلى الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ ونزل بباب الأزج على دجلة ، وحدّث بها بكتاب «السّيرة»

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٠٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٤٦ ، والصفدي في الوافي ١ / ١٤٩ ونقل الذهبي والصفدي عن ابن النجار ، وذكرا أنه كان أصبهاني الأصل.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٢٧ ، وابن الأثير في التاريخ الباهر ٨٥ ، والقفطي في إنباه الرواة ٣ / ٢٠٩ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٢٥ ، وابن خلكان في الوفيات ٣ / ٢٥٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٢٠ ، والعبر ٤ / ٢٩٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٢ ، وابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢٣٠ ، والصفدي في الوافي ١ / ٢٨١ ، وابن شاكر في الفوات ٣ / ٢٥٩ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ١ / ٦٠٠ ، والفاسي في ذيل التقييد ١ / ٢٢٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٥٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٢٧ وغيرهم.

٤٩

لعبد الملك بن هشام عن أبيه أبي الفضل محمد بن محمد ، وبكتاب «الصّحاح في اللّغة» تأليف أبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري بروايته عن أبي البركات محمد بن الحسين العرقي وسمعهما منه خلق من أهل بغداد ، ولم أكن بها يومئذ ، في بعض الأسفار. وكتب عنه النّاس شيئا من شعره. ولعلّه أجاز لنا ، والله أعلم.

أنشدني أبو الحسين محمد بن المبارك القطّان ، قال : أنشدني أبو طاهر محمد بن محمد بن بنان المصري لنفسه ببغداد ملغزا :

يا ماجدا حلّ عقد المجد سؤدده

قدما وحلّ الذّرا في المجد والشّرفا

ومن غدا بالمساعي الغرّ منفردا

وزاد تالد علياه بما اطّرفا

ما جوهر لم يكن في التّرب معدنه

قدما ولا هو ممن يسكن الصدفا

تخال حين تسمّيه ذكرت به

بعض الشياطين لمّا جاز منصرفا

وبعضه بقعة غنّاء معشبة

جاد الغمام عليها فاكتست طرفا

وإن لفظت على حال بجملته

فموضعان بأزهار قد التحفا

وقد ترى فيه ما تعطيك صبغته

التأميل إن أنت لم تترك له طرفا

وتحذف المبتدا منه وتعكسه

فيلتقي فيه شهرا قائظ شظفا

أبن معمّاي هذا وابق ما سجعت

ورق الحمام وجلّى نيّر سدفا

عاد ابن بنان إلى بلده وعاش بعد وروده بغداد سنين. وبلغنا أنّه توفي بمصر في سنة ست وتسعين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

٤٨٠ ـ محمد (١) بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن عليّ بن

__________________

(١) ترجم له الجم الغفير ، منهم : ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٦٢٣ ، وابن الأثير في وفيات سنة ٥٩٧ من الكامل ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٥٠٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٠٥ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٢٧ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٧ ، وابن واصل في مفرج الكروب ٣ / ١٢٧ ، وابن الفوطي في تلخيص

٥٠

محمود بن هبة الله بن أله ـ وهو اسم فارسي معناه بالعربية العقاب ـ أبو عبد الله بن أبي الفرج المعروف بابن أخي العزيز الملقب بالعماد الكاتب.

من أهل أصبهان ، ولد بها ونشأ ، وقدم بغداد في حداثته وتفقه بها على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه على الشيخ أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز مدرس النّظامية. وسمع بها من أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبي المكارم المبارك بن عليّ ابن السّمذي ، وأبي بكر أحمد بن عليّ بن الأشقر ، وغيرهم.

وأقام بها مدة ، ثم خرج إلى الشّام وتولّى كتابة الإنشاء لصلاح الدين أبي المظفّر يوسف بن أيوب ملك الشّام.

وكان فاضلا عالما له معرفة بالأدب والفقه وله شعر حسن في غاية الجودة. وكان سمح القريحة جيّد النّظم كثير القول. له التّرسّل المليح والكتابة البليغة.

دوّن شعره وجمع رسائله وصنّف كتبا عدّة منها : «الخريدة في ذكر شعراء العصر» (١) و «الفتح القسي في ذكر الفتح القدسي» وغير ذلك.

وحدّث ببغداد ، وسمع منه بها القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، وأثنى عليه ، ووصفه بالفضل والعلم ومعرفة الفقه والأدب وحسن النّظم. أجاز لنا رواية جميع سماعاته ومصنّفاته وما قاله ، من دمشق غير مرة وكتب إلينا خطّه بذلك.

__________________

مجمع الآداب ٤ / الترجمة ١٢٤٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢١ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٤٥ ، والعبر ٤ / ٢٩٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٢ ، والصفدي في الوافي ١ / ١٣٢ ، والسبكي في الطبقات ٦ / ١٧٨ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٣٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٦٣ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٣٢. وتنظر مقدمات أقسام الخريدة : العراقية والشامية والمصرية ، فكلّ كتب سيرة له.

(١) تم طبعه بجميع أقسامه ، فآخر ما طبع منه قسم بلاد العجم ، طبع في إيران.

٥١

أنبأنا العماد أبو عبد الله ابن أخي العزيز ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن عبد الواحد بن الأشقر الدّلّال قراءة عليه ببغداد. وقرأته على أبي الفرج محمد بن عليّ بن حمزة الكاتب وعلى أخيه حمزة جميعا ببغداد قلت لهما : أخبركم أبو بكر بن الأشقر قراءة عليه ، فأقرّا به ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عليّ ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن محمد السّكّري ، قال : حدثنا أبو عليّ الحسن بن محمد بن عبيد الوشّاء ، قال : حدثنا محمد بن عبّاد المكي ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أتى الجمعة فليغتسل» (١).

أنبأني القاضي عمر بن عليّ القرشيّ ومن خطّه نقلت ، قال : سألت أبا عبد الله ابن أخي العزيز عن مولده ، فقال : يوم الاثنين ثاني جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وخمس مئة بأصبهان.

قلت : وتوفي بدمشق يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، ودفن بها.

٤٨١ ـ محمد (٢) بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن المهتدي بالله ، أبو الغنائم بن أبي الحسن بن أبي الغنائم بن أبي عبد الله العدل الخطيب. وقد تقدّم ذكر نسبه.

أصله من الحريم الطّاهري ، وسكن الجانب الشّرقي ، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته الثانية في يوم السّبت سادس عشر شوّال سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، وزكّاه العدلان أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ وهارون بن محمد ابن المهتدي. وسمع شيئا

__________________

(١) حديث صحيح ، تقدم تخريجه في الترجمة رقم ٤٨ ، وتقدم في الترجمة ٤١٥ أيضا.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٢٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٣.

٥٢

من الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاريّ ، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السّلّال الشّروطيّ ، وأبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية ، وأبي الوقت السّجزيّ. وحدّث بشيء يسير. وتولّى الخطابة بجامع القصر الشريف في سنة خمس وثمانين وخمس مئة إلى حين وفاته.

بلغني أنّه ولد في سنة ثمان عشرة وخمس مئة. وتوفي بكرة يوم الخميس خامس عشر محرم سنة أربع وتسعين وخمس مئة. وحضرت الصّلاة عليه في هذا اليوم بالمدرسة النّظامية ، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة باب حرب.

٤٨٢ ـ محمد (١) بن محمد بن هارون بن محمد بن كوكب المقرىء ، أبو عبد الله يعرف بابن الكال (٢).

ولد ببغداد ، ونشأ بالحلّة المزيدية. ثم قدمها وأقام بها مدّة ، وأقرأ بها القرآن الكريم بالقراءات على جماعة منهم : أبو محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشّهرزوري العطّار ، وأبو محمد دعوان بن علي الجبّائي ، والحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد ابن العطّار الهمذاني. وسمع منهم ، ومن القاضي أبي القاسم عليّ بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ ، ومن أبي بكر محمد بن محمد بن عنقيش الأنباريّ.

ورحل إلى الموصل ، وقرأ بها على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي ، وسمع

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٩٧ و ٥ / ٧٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٢٥ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٧٢ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٤٨ ، والعبر ٤ / ٣٠٠ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٦٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٤ ، وابن الجزري في غاية النهاية ٢ / ٢٥٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٤٨٧ و ٢ / ٣٨٦ و ٧ / ٢٦٨ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٣٣.

(٢) قال المنذري في التكملة : والكال آخره لام ، وهو مخفف.

٥٣

منه ، وعاد إلى بلده ، وأقام به مدّة يقرىء النّاس ويحدّث ، ولقيته به لما خرجت إلى الحج في سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وسمعت منه ، وكتبت عنه. ثم لقيته بواسط بعد ذلك فقرأت عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر ، وسمعت منه بها أيضا.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن محمد بن هارون البزّاز بدكّانه بحلّة ابن مزيد ، قلت له : أخبركم أبو بكر محمد بن محمد بن عنقيش الأنباري قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الخطّاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن عليّ بن محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن أبي صابر ، قال : حدثنا العباس ابن أحمد البرتي ، قال : حدثنا الحسن بن داود ، قال : حدثنا بكر بن صدقة ، قال : حدثنا ابن عجلان (١) ، عن سميّ مولى أبي بكر (٢) ، عن أبي صالح (٣) ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما ، وحجّ مبرور ليس له ثمن إلا الجنّة» (٤).

سألت أبا عبد الله ابن الكال عن مولده ، فقال : ولدت ببغداد في يوم عرفة من سنة خمس عشرة وخمس مئة.

وتوفي يا لحلّة المزيدية في يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمس مئة.

__________________

(١) محمد بن عجلان.

(٢) سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن.

(٣) هو ذكوان السّمّان.

(٤) إسناده صحيح ، محمد بن عجلان صدوق حسن الحديث ، لكن تابعه عبيد الله بن عمر العمري وسفيان بن عيينة وسهيل بن أبي صالح فرووه عن سمي ، كما في صحيح مسلم ٤ / ١٠٧ (١٣٤٩). وأخرجه البخاري ٣ / ٢ (١٧٧٣) ، ومسلم ٤ / ١٠٧ (١٣٤٩) من حديث مالك عن سمي ، به.

٥٤

٤٨٣ ـ محمد (١) بن محمد بن المبارك الكرخيّ ، أبو منصور المقرىء المؤدّب.

كان يسكن بالجانب الشّرقي ، وله مكتب يعلّم فيه الصّبيان الخطّ. وكان حافظا للقرآن المجيد ، حسن القراءة له. قرأ بشيء من القراءات على أبي محمد الحسن بن عليّ بن عبيدة ، وبواسط على شيخنا أبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني وغيرهما. وكان ينشد الأشعار في مدح أهل البيت عليهم‌السلام في المشاهد وأوقات الزّيارات. سمع شيئا من الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره ، ولم يعن بالرّواية ولا حدّث بشيء.

توفي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرّم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٨٤ ـ محمد (٢) بن محمد بن علي بن نصر بن البلّ الدّوريّ ، أبو عبد الله بن أبي المظفّر.

وقد تقدم ذكر أبيه (٣).

وأبو عبد الله هذا كانت له معرفة حسنة بالفرائض وقسمة التّركات ، والحساب وأنواعه ، والمساحة ، وما يتعلّق بذلك. وشهد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشّهرزوري في يوم الأربعاء ثامن عشري ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمس مئة وزكّاة العدلان أبو الحسن عليّ بن المبارك ابن جابر والشريف أبو العباس أحمد بن عليّ ابن المهتدي بالله الخطيب. إلّا أنه

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٣٦ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٨٥.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٨٠ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٩٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٥٦.

(٣) الترجمة ٣٨٣.

٥٥

عزل بعد ذلك بيسير في سنة ست وتسعين وخمس مئة.

وكان قد سمع من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره. وأقرأ الحساب والفرائض.

توفي في حياة أبيه يوم الاثنين رابع عشري شوّال سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، ودفن بداره بقراح أبي الشّحم شرقي بغداد.

٤٨٥ ـ محمد بن محمد بن أحمد ابن الرّياحيّ ، أبو سعد الواعظ.

من أهل البصرة ، أحد عدولها وشيوخها.

قدم بغداد غير مرّة ، وسمع بها من أبي الوقت السّجزي. وآخر مرّة وردها في سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وحضر عزاء الجهة السّلجقية (١) ، وجلس للوعظ بتربتها بالجانب الغربي ، وعاد إلى بلده ، ولقيته في هذه السّنة بواسط واستجزته رواية جميع مسموعاته فأجاز لي وكتب خطّه بذلك.

أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد البصري إذنا ، قال : قرىء على أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصّوفي ونحن نسمع ببغداد في رباط الشّيخ أبي النّجيب السّهروردي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة ، قيل له : أخبركم أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفّر الدّاودي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السّرخسي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه ، قال (٢) : حدثنا محمد بن منهال ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا عمر بن محمد (٣) ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : قال

__________________

(١) هي سلجوقي خاتون بنت قليج رسلان بن مسعود الرومية ، وتعرف بالخلاطية ، زوجة الخليفة الناصر لدين الله ، وكان يحبها (تنظر تكملة المنذري ١ / الترجمة ٤٢ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ١٢ / ٧٧٧).

(٢) البخاري ٨ / ١٢ (٦٠١٥).

(٣) هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر.

٥٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه».

٤٨٦ ـ محمد (١) بن محمد بن ياسين بن عبد الملك ، أبو البركات بن أبي نصر التّاجر.

قرأ القرآن وحفظه. وقرأ بشيء من القراءات على أبي الحسن عليّ بن أحمد اليزدي وغيره. وسمع من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشّهرزوري ، وأبي الوقت السّجزي. وترك الاشتغال وأقبل على التّجارة ففاته العلم ، ولم يحصل على شيء منها. سمعنا منه أحاديث.

قرأت على أبي البركات محمد بن محمد بن ياسين : أخبركم القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن عليّ بن محمد ابن المأمون ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر الدّارقطني ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغويّ ، قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان أبو شيبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ على الجنائز بفاتحة الكتاب (٢).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٢٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٢٢٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٤.

(٢) إسناده ضعيف جدا ، إبراهيم بن عثمان أبو شيبة الواسطي متروك ، والحكم هو ابن عتيبة ، ومقسم هو ابن بجرة مولى ابن عباس ، وهو بعد ذلك منقطع فإن الحكم لم يسمع من مقسم سوى خمسة أحاديث ، وهذا ليس منها. وقال الترمذي بعد أن ساق الحديث عن أحمد بن منيع عن زيد بن حبان ، عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان : «حديث ابن عباس حديث ليس إسناده بذاك القوي ؛ إبراهيم بن عثمان هو أبو شيبة الواسطي منكر الحديث ، والصحيح عن ابن عباس قوله : من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب».

أخرجه الترمذي (١٠٢٦) ، وابن ماجة (١٤٩٥) ، والخطيب في تاريخه ٣ / ٦٨٥.

٥٧

سألت أبا البركات بن ياسين عن مولده ، فقال : ولدت في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة.

وتوفي ليلة الخميس ثالث شوّال سنة ست مئة ، ودفن يوم الخميس بمقبرة الورديّة.

٤٨٧ ـ محمد (١) بن محمد بن أحمد بن بختيار بن عليّ ابن المندائيّ ، أبو حامد ابن شيخنا القاضي أبي الفتح.

من أهل واسط. قدم بغداد وأقام بها للتّفقه مدة عند جمال الدين أبي القاسم بن فضلان ، وحصّل جملة حسنة من مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه. وسمع بها من أبي الفضل منوجهر بن محمد بن تركانشاه ، وقرأ عليه «مقامات» أبي محمد ابن الحريري ، عنه ، ومن أبي الفتح بن شاتيل ، وأبي السّعادات بن زريق ، وشيخ الشيوخ أبي القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل الصّوفي ، وغيرهم. وعاد إلى بلده. وكان يفتي ، ويشتغل بالعلم إلى أن توفي بها.

سمعت منه مناما رآه ، قال : بتّ ليلة مع أبي حامد محمد بن محمد ابن المندائي ببغداد في حجرة بدرب السّيّدة بالمأمونية ، فانتبه في السّحر ، فقال لي : قد رأيت في النّوم في هذه الليلة كأني أقول شعرا وما حفظت منه إلا هذا البيت ، وأنشدني :

__________________

أما قول ابن عباس فقد أخرجه الشافعي في مسنده ١ / ٢١٥ ، والبخاري ٢ / ١١٢ (١٣٣٥) ، وأبو داود (٣١٩٨) ، والترمذي (١٠٢٧) ، والنسائي ٤ / ٧٤ و ٧٥ ، وابن الجارود (٢٦٣) ، والحاكم ١ / ٣٥٨ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٤ / ٣٨.

(١) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١٢ / ٢٤٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٩٣٣ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ١٩١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦٩ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ١٢٥ ، والمشتبه ٦٢٤ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ٣١٨ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ٦٤ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية ، الورقة ٥٢.

٥٨

والسّحر في الشرع محظور إباحته

عندي وسحر المعاني غير محظور

سمعته يقولّ : مولدي في سنة سبع وخمسين وخمس مئة. وقال مرّة : إنه في شهر ربيع الأول.

وتوفي بواسط في ليلة الأحد ثامن عشر شوّال سنة اثنتين وست مئة ، وصلّى عليه والده يوم الأحد بجامع واسط ، ودفن بدارهم بدرب الدّيوان ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٨٨ ـ محمد (١) بن محمد بن أبي غالب بن أحمد الباقداريّ ، أبو عبد الله ابن الحافظ أبي بكر.

كان والده من الحفّاظ المشار إليهم في معرفة هذا الشأن ـ وسيأتي ذكره إن شاء الله ـ وعني بإفادة ولده أبي عبد الله هذا ، وأحضره مجالس السّماع ، وأكثر من تحصيل المسموعات له وإثباتها ؛ حتى سمعت بعض أصحاب الحديث يقول : بلغت أثبات مسموعات محمد ابن الباقداري أربعا وعشرين جزءا (٢). وكان سماعه من أبي بكر ابن المقرّب ، وأبي الفتح ابن البطّي ، وأبي بكر ابن النّقّور ، وأبي محمد ابن الخشّاب ، ويحيى بن ثابت البقّال ، وأبي زرعة المقدسي ، وخلق كثير.

ومات والده وهو صبيّ فترك الطّلب وأقبل على المعيشة ، وكان خيّاطا يسكن القريّة بدار الخلافة المعظّمة فلم يرزق الرّواية ولا بلغ أوان الحاجة إليه مع قلّة علم كان فيه.

وتوفي في جمادى الأولى سنة أربع وست مئة.

__________________

(١) ترجمه ياقوت في معجم البلدان ١ / ٣٢٧ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠١٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٠٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٥.

(٢) الذي في معجم البلدان : «أربعة عشر جزءا» ، وما هنا هو الذي نقله الذهبي في تاريخ الإسلام.

٥٩

٤٨٩ ـ محمد (١) بن محمد بن أحمد ابن اليعسوب ، أبو طالب بن أبي الغنائم.

من أهل الحريم الطّاهري.

شيخ مقلّ ؛ روى اليسير عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، وأبي عليّ الحسن بن جعفر المتوكّلي. سمع منه نفر قليل.

وتوفي يوم الأربعاء غرّة جمادى الأولى سنة خمس وست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٤٩٠ ـ محمد بن محمد ابن الباباي ، أبو الحسين.

من أهل البصرة ، أحد تنّائها ، تولى النّظر في الأعمال السّلطانية بها.

وقدم بغداد مرارا كثيرة. وفي يوم الخميس النّصف من شهر رمضان سنة أربع وست مئة ولّي ديوان الزّمام المعمور ؛ ولّاه ذلك نائب الوزارة يومئذ فخر الدّين أبو البدر ابن أمسينا ، وخلع عليه ، وأسكن الدّار المقابلة لباب الحريم المعروفة بقطب الدّين قيماز المستنجدي ، وذلك مضاف إلى ما كان في نظره من أعمال البصرة. ولم يزل على ذلك إلى أن توجّه إليها من بغداد في صفر سنة ست وست مئة ، فعزل عما كان يتولّاه أجمع في شهر ربيع الآخر من السّنة.

٤٩١ ـ محمد بن محمد بن الحسين ، أبو عبد الله المورّق يعرف بابن الخراسانيّ.

من أهل باب المراتب.

رجل خيّر ، سمع الحديث من جماعة منهم : أبو منصور عبد الله بن محمد ابن حمديّة ، وأبو المكارم الأعز بن عليّ ابن الظّهيري ، وأبو القاسم هبة الله بن الحسن ابن السّبط ، وغيرهم. وكتب الكثير لنفسه ولغيره ، وكان حسن الخطّ ،

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٥٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٢٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٢٦

٦٠