ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

٨١٥ ـ أحمد بن محمد بن محمد ، أبو العبّاس العطّار.

سمع أبا منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري ، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهّاب التّميمي وغيرهما ، وروى عنهم.

سمع منه أبو بكر بن كامل ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه» الذين كتب عنهم.

٨١٦ ـ أحمد (١) بن محمد بن الحسين ، أبو الحسين البزّاز المعروف بابن البابائي (٢).

من أهل واسط.

شيخ صالح من أهل القرآن ، هو ابن أخت أبي القاسم عليّ بن عليّ بن شيران المقرىء الواسطي.

قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته ، وحدّث بها عن أبي الحسن عليّ بن محمد ابن المغازلي الخطيب الواسطيّ ، وكان سمع منه بواسط ومن غيره.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه مرّتين ؛ الأوّلة قال : أحمد بن محمد بن الحسين الواسطي ، أبو الحسين ، قدم بغداد وحدّث بها عن أبي الحسن علي بن محمد ابن المغازلي ، روى لنا عنه أبو بكر بن كامل. ولم

__________________

(١) ترجمه السمعاني في الذيل كما قال المؤلف (الورقة ١٨٠ من مختصره لابن منظور بخطه) ، وابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٨٦ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٤٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٦٠٧ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٩٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ١١٨.

(٢) قيّده الحافظ ابن نقطة في إكمال الإكمال فقال : «بالباء المكررة المفتوحة وفي آخره ياءان». ووقع في بعض المصادر «الباباني» وهو تحريف ، فقد فرّق ابن نقطة بين النسبتين. أما ابن ناصر الدين فقد ضبطها : «البايائي» بالياء آخر الحروف بدل الباء الموحدة الثانية ، فقال بعد أن ذكر «الباباني» : «وبمثناتين تحت ، إحداهما بدل الموحدة الثانية ، والأخرى بدل النون : أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن علي ابن البايائي ...».

٣٤١

يذكر وفاته في هذه المرّة. ثم ذكره مرة ثانية بعد هذه التّرجمة فقال : أحمد بن محمد بن الحسين ابن البابائي ، أبو الحسين البزّاز ، من أهل واسط. شيخ صالح ، ولد بواسط وانتقل إلى بغداد فنزلها إلى أن توفي بها في شعبان من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة. فجعلهما اثنين وهما واحد تكرّر عليه ذكره بذلك على ذلك اشتراكهما في الاسم والنّسب والكنية والبلد ، ولعل ابن كامل لم يقل في روايته عنه ابن البابائي فظنّ تاج الإسلام أنّ الأوّل غير الثاني ، والله أعلم.

٨١٧ ـ أحمد (١) بن محمد بن عليّ بن حمدي ، أبو جعفر ، والد أبي المظفر أحمد بن أحمد الذي قدّمنا ذكره (٢).

كان أحد الشّهود المعدّلين ، ومن بيت موصوفين بالصّلاح والدّين.

شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الفزراني قراءة عليه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته ، وذكر جماعة ثم قال : وأبو عبد الله الحسين وأبو جعفر أحمد ابنا محمد بن عليّ ابن حمدي يوم الثلاثاء سادس عشري رجب سنة خمس عشرة وخمس مئة.

ولم يزل مقبولا إلى أن توفي في ليلة الخميس حادي عشري ذي القعدة من سنة ست وثلاثين وخمس مئة ، ودفن يوم الخميس بداره ، بخربة الهرّاس ، ثم نقل بعد ذلك إلى باب حرب ، ذكر ذلك سبطه أبو الفضل بن شافع في تاريخه ، ومن خطّه نقلت.

٨١٨ ـ أحمد بن محمد بن بكري ، أبو نصر.

من أهل الحريم الطّاهري ، من بيت معروف روى عنهم جماعة.

__________________

(١) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٩٧ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ١٢٩.

(٢) الترجمة (٦٦٣).

٣٤٢

سمع نقيب النّقباء أبا الفوارس طراد بن محمد الزّينبيّ ، وروى عنه. سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج له حديثا في «معجمه».

٨١٩ ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن شقشق ، أبو البقاء الدّلّال.

كان يسكن المأمونية.

روى عن أبي محمد الحسن بن عبد الملك بن يوسف. سمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد الخشّاب النّحوي في سنة خمس وأربعين وخمس مئة فيما قرأت بخطّه.

٨٢٠ ـ أحمد بن محمد بن الحسين ابن الصّفّار ، أبو الحسين.

من أهل الأنبار ، وتولّى القضاء بها.

شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزّينبي فيما ذكر القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في كتاب «تاريخ الحكّام بمدينة السّلام» تأليفه ، وأخبرنا به عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد النّحوي ، قال : وممن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ابن الصّفّار يوم الثّلاثاء ثالث عشر من ربيع الأوّل سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه القاضي أبو القاسم علي بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ ، وأبو نصر أحمد بن محمد ابن الحديثي.

وتوفي في سنة خمس وأربعين وخمس مئة بطريق مكة.

٨٢١ ـ أحمد بن محمد بن ورقة السّامرّيّ.

سمع منه أبو بكر بن كامل ، وروى عنه في «معجمه» وقال : أنشدني أبو عبد الله بن أبي الصّقر السّامرّي :

ألا لن تنال العلم إلا بستة

سأنبيك عن مكنونها ببيان

ذكاء وحرص واصطبار وثروة

عناية أستاذ وطول زمان

٨٢٢ ـ أحمد بن محمد ابن المعّاز ، أبو نصر.

سمع النّقيب طراد بن محمد الزّينبي وحدّث عنه. سمع منه المبارك بن

٣٤٣

كامل وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

٨٢٣ ـ أحمد بن محمد بن الحسين البصرويّ.

من أهل بصرى المدينة القديمة القريبة من عكبرا.

سمع الحسين بن الحسين الهاشمي الفانيذي. وروى عنه.

ذكره ابن كامل في «معجمه» ، وروى عنه حديثا.

٨٢٤ ـ أحمد بن محمد بن الحسين المؤدّب.

روى عن أبي القاسم علي بن الحسين الرّبعي. سمع منه ابن كامل أيضا ، وأورد عنه حديثا في «معجم شيوخه» الذين كتب عنهم.

٨٢٥ ـ أحمد (١) بن محمد بن محمد بن سليمان العباسيّ ، أبو العباس الحويزيّ ، منسوب إلى الحويزة بلدة ببطائح البصرة (٢).

كان فيه فضل وتميّز ، وله معرفة بالأدب. خدم الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ في عدّة أشغال منها النّظر بديوان واسط وغيره. وآخر ما تولّاه النّظر بنهر الملك. وكان فيه تحيّف واستقصاء مع زهد كان يظهره وتنمّس كان يأخذ نفسه به (٣). وكان إذا بطل من شغل يلزم منزله ويديم الاطلاع في الكتب ، ويعمل الشّعر فهجاه أبو الحكم عبد الله بن المظفّر الباهلي الأندلسي لما قدم بغداد بقوله فيه :

__________________

(١) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ١٦١ ، وياقوت في معجم البلدان ٢ / ٣٢٧ ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٢٢٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٩٨١ ، والصفدي في الوافي ٨ / ١٢٠ ، وابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ ١٢ / ٤٨٧ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٥٥. وإنما قيل له العباسي لأنه كان من نهر يقال له نهر العباس ، ذكر ذلك الصفدي في الوافي ، ولعله نقله من تاريخ ابن النجار.

(٢) معروفة إلى اليوم ، وإليها ينسب «هور الحويزة» والهور هو البطيحة.

(٣) قال ابن الجوزي : «كان يؤذي الناس ويعلق الرجال في السواد ويعذبهم ويستخرج الأموال فلا يتلبس بها إظهارا للزهد».

٣٤٤

رأيت الحويزيّ يهوى الخمول

ويلزم زاوية المنزل

لعمري لقد صار حلسا له

كما كان في الزّمن الأوّل

يدافع بالشّعر أوقاته

وإن جاع طالع في «المجمل»

يعني «مجمل اللّغة» تأليف أبي الحسين بن فارس ، لأنّه كان يكثر مطالعته.

كان الحويزي بنهر الملك في شعبان سنة خمسين وخمس مئة ناظرا به نائما ليلا على سطح دار ببعض القرى ، فصعد إليه قوم فجرحوه جراحات عدّة ، ثم نزلوا وتركوه فلم يمت في وقته ، وتلاحقه أصحابه ، وحمل إلى بغداد فمات بها بعد جرحه بأيام يسيرة ، ودفن بمقبرة الصّوفية المجاورة لرباط الزّوزني مقابل جامع المنصور ، رحمه‌الله وإيانا (١).

٨٢٦ ـ أحمد بن محمد بن دحروج ، يعرف بابن السّت.

من أهل الجانب الغربي ، انتقل إلى الجانب الشّرقي وسكن بباب النّوبي المحروس بدرب النّخلة ، ذكر ذلك القاضي عمر بن عليّ القرشي وقال : أجاز لي مشافهة ، وكان يذكر أنه سمع من أبي الحسين ابن المهتدي وأبي الحسين ابن النّقّور ، ولم أجد سماعه إلا في جزء واحد من قاضي المارستان ، يعني أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وكان مسنّا.

توفي بعد سنة خمسين وخمس مئة وقد جاوز التسعين.

٨٢٧ ـ أحمد (٢) بن محمد بن عليّ بن صالح الورّاق ، أبو المظفّر.

__________________

(١) قال الصفدي ـ نقلا عن ابن النجار فيما أظن ـ : «ولما أخرج الحويزي ليدفن ضرب الناس تابوته بالآجر ، ولو لم يكن الأستاذ دار معه أحرق تابوته» (الوافي ٨ / ١٢٢) ، وقال ابن الجوزي : «وحفظ قبره حتى لا تنبشه العوام ... فظهر بعده من لعنه وسبه ما لا يكون لذمي» (المنتظم ١٠ / ١٦٢).

(٢) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٩٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٠٣ ، والعبر ٥ / ١٦٥ ، وذكر وفاته في السير ٢٠ / ٤٧٤ و ٤٧٩ ، وترجمه ابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٧٩.

٣٤٥

من أهل محلة دار القز.

سمع أبا العباس أحمد بن عليّ بن قريش ، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان وغيرهما ، وحدّث عنهم.

سمع منه أبو منصور محمد بن أحمد ابن الطّيّان ، والقاضي أبو المحاسن الدّمشقيّ ، وأحمد بن طارق ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن سوار وغيرهم ، وحدّثنا عنه أبو محمد بن الأخضر.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز ، قلت له : أخبركم أبو المظفّر أحمد بن محمد بن صالح الورّاق قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان. وأخبرنا به أبو السّعادات نصر الله بن عبد الرحمن ابن محمد القزّاز في آخرين بقراءتي عليهم ، قلت لهم : أخبركم أبو القاسم عليّ ابن أحمد بن محمد بن بيان قراءة عليه ، فأقرّوا به ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد ابن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : حدّثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدّثنا ابن عليّة (١) ، عن يزيد (٢) ، عن مطرّف ابن عبد الله ابن الشّخّير ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رجل : يا رسول الله أعلم أهل الجنّة من أهل النّار؟ قال : نعم. قال ففيم يعمل العاملون؟ قال : اعملوا فكلّ ميسّر ، أو كما قال (٣).

أنبأنا القاضي عمر بن عليّ القرشيّ ، قال : توفي أبو المظفّر بن صالح الورّاق في العشر الأخر من جمادى الآخرة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة.

وقال أبو بكر بن مشّق : توفي أبو المظفّر بن صالح في رجب من السنة.

__________________

(١) هو إسماعيل بن علية.

(٢) هو يزيد الرشك.

(٣) حديث يزيد الرشك في الصحيحين : البخاري ٨ / ١٥٢ (٦٥٩٦) ، و ٩ / ١٩٥ (٧٥٥١) ، ومسلم ٨ / ٤٨ (٢٦٤٩).

٣٤٦

٨٢٨ ـ أحمد بن محمد بن أحمد ، أبو العباس المهّاد.

من أهل أصبهان.

قدم بغداد ، وسمع بها من أبي القاسم بن بيان الرّزّاز ، وعاد إلى بلده ، وحدّث عنه به. سمع منه هناك الحافظ أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي ، وروى عنه في «الأربعين» التي عملها على البلدان ، رحمه‌الله وإيانا.

٨٢٩ ـ أحمد (١) بن محمد بن عليّ بن قضاعة ، أبو العباس.

من بيت معروف قد سبق لهم أرباب ولاية وتقدّم.

سمع أبا القاسم عليّ بن الحسين الرّبعيّ ، وأبا القاسم بن بيان ، وغيرهما.

سمع منه أبو منصور ابن الطّيّان ، وأبو المحاسن ابن الدّمشقي ، وروى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر.

أخبرنا عبد العزيز بن محمود بن المبارك بقراءتي عليه : أخبركم أبو العباس أحمد بن محمد بن قضاعة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان. وأخبرناه أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهّاب بن صدقة التّاجر فيما قرأته عليه ، قلت له : أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدّثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدّثنا إسماعيل بن عيّاش ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن نتف الشّيب وقال : هو نور الإسلام (٢).

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٣٥ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٠٣ ، والصفدي في الوافي ٨ / ٦٢.

(٢) حديث صحيح ، وهذا إسناد حسن.

أخرجه ابن أبي شيبة ٨ / ٦٧٧ ، وأحمد ٢ / ١٧٩ و ٢٠٦ و ٢٠٧ و ٢١٠ و ٢١٢ ، وأبو داود (٤٢٠٢) ، والترمذي (٢٨٢١) ، وقال : حسن ، وابن ماجة (٣٧٢١) ، والنسائي ٨ / ١٣٦ ، والبيهقي في السنن ٧ / ٣١١ ، وفي شعب الإيمان (٦٣٨٦) و (٦٣٨٧) من طرق

٣٤٧

أنبأنا القاضي عمر بن عليّ الدّمشقي ، قال : توفي أبو العباس بن قضاعة ودفن يوم عيد الأضحى من سنة خمس وستين وخمس مئة.

٨٣٠ ـ أحمد (١) بن محمد بن سعيد بن إبراهيم البلديّ التّميميّ ، أبو جعفر بن أبي الفتح بن أبي منصور الكاتب.

تولّى النّظر في ديوان واسط في أيام الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله ـ قدّس الله روحهما ـ وتقدّم عنده ، وحظي لديه ، فكاتبه بالوزارة وهو بواسط في المحرم من سنة ثلاث وستين وخمس مئة ، فجلس هناك ووقّع وأمضى ، وكتب الكتب إلى الأطراف باسمه ، وختم على الكتب. ثم توجّه منها مصعدا إلى بغداد في سابع عشري محرم المذكور.

وفي يوم السبت ثالث صفر من السنة خرج النّاس إلى تلقيه. وفي سحرة الأحد رابعه خرج صاحب المخزن المعمور أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن جعفر ومشرفه أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن شبيب ومشرف الدّيوان العزيز أبو المظفّر هبة الله بن محمد ابن البخاري للتّلقي أيضا. وفي بكرة الأحد المذكور خرج الموكب الشريف إليه وصدره قاضي القضاة أبو البركات جعفر بن عبد الواحد ابن الثّقفي والنّقيب الطاهر أبو عبد الله بن المعمّر وحاجب الباب والعدول وعبروا الجانب الغربي ، ولقوه عند عتيق الساجة (٢). ثم خرج في ضحوة اليوم المذكور أستاذ الدّار العزيزة أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس

__________________

عن عمرو بن شعيب ، به ، والروايات مطولة ومختصرة.

(١) ترجمته وأخباره في التواريخ المستوعبة لعصره ، وله ترجمة في المنتظم ١٠ / ٢٢٢ و ٢٣٣ ، والكامل لابن الأثير ١١ / ٣٦١ ، والمرآة للسبط ٨ / ١٧٨ ، والفخري لابن طباطبا ٣١٧ ، وتواريخ الذهبي : تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٤٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٨٧ ، والعبر ٤ / ١٩٢ وغيرها.

(٢) ينظر معجم البلدان ٣ / ٨٣ وفيه : «قرية بين أذربيجان وبغداد» ، والصواب : «بين درزيجان وبغداد» ، ودرزيجان قبالة المدائن. وفي كتاب الفخري أنهم تلقوه عند «صرصر» ، وصرصر على ضفة نهر عيسى ، بينها وبين بغداد نحو فرسخين.

٣٤٨

الرّؤساء فلقيه بموضع يحاذي بستان ابن الشّمّحل (١) ، فاعتنقا على ظهر خيولهما وانفصل أستاذ الدّار راجعا. وجاء الوزير في الموكب إلى محاذي التّاج وعبر في الماء إلى دار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ ودخلها من باب السّرداب راكبا. ثم نزل ودخل على الإمام المستنجد بالله ، وحضر أستاذ الدّار العزيزة أبو الفرج المذكور وصاحب المخزن وقاضي القضاة وحاجب الباب وكاتب الإنشاء أبو الفرج الأنباري ، فخدم (٢) وتكلّم بكلام حسن ، وأنشد ثلاثة أبيات من الشّعر ، وأحضرت الخلع المعدّة له ، فكانت جبّة وعمامة وسيفا ومركبا وفرسا ، فخلع عليه ، وسلّم إليه عهده ، وركب إلى الديوان العزيز ـ مجّده الله ـ وبين يديه الخلق مشاة ودخل راكبا ، ونزل على طرف الإيوان به ، وجلس في الدّست ، وقرأ عهده كاتب الإنشاء. وأقام هناك إلى أن صلّى العصر ، وبرز جواب إنهاء كتبه ، وركب إلى باب العامّة فنزل بالدّار التي كان يسكنها الوزير يحيى بن هبيرة.

ولم يزل على وزارته آمرا وناهيا والأمور تصدر عن رأيه وتدبيره أخذا وعطاء وولاية وعزلا إلى أن توفي الإمام المستنجد بالله رضي‌الله‌عنه يوم السّبت تاسع شهر ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمس مئة وبويع ولده الإمام المستضيء بأمر الله أبي محمد الحسن يوم عاشره. وكان القائم بأمر بيعته والمتولّي لها أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرّؤساء ، وردّ إليه أمر وزارته في ذلك اليوم فاستدعى أبا جعفر ابن البلدي للمبايعة ، فلما حضر دار الخلافة المعظّمة قتل ورمي بجسده إلى دجلة ، وكان ذلك بأمر الوزير ابن رئيس الرؤساء لسوء صنيع كان يعامله به أيام وزارته ومكروه ناله منه ومن أقارب له ، فلما ظفر به قاصصه ، فكانت مدة وزارته من حيث خلع عليه إلى أن قتل ثلاث

__________________

(١) الضبط مجود في النسخ.

(٢) أي : قدّم احتراماته وخضوعه ، وهي من مصطلحات العصر.

٣٤٩

سنين وشهرين وخمسة أيام.

٨٣١ ـ أحمد (١) بن محمد بن أحمد بن محمد ، أبو عبد الله.

من أهل أصبهان ، يعرف بقلا ، كان أحد عدولها.

سمع أبا منصور بن مندوية ، وغانما البرجي ، وأبا عليّ الحدّاد ، وجماعة.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه وقال : دخل بغداد مرارا كثيرة ولم يقدّر لي السّماع منه ، وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته.

وقد حدّث أحمد هذا ببغداد وأجاز لجماعة في سنة اثنتين وستين وخمس مئة.

وقد ذكره القاضي عمر بن عليّ القرشيّ في «معجم شيوخه» وقد كان حيا في سنة سبع وستين أيضا ، لأنّ الحافظ أبا طاهر بن سلفة أجاز له ولجماعة من أهل أصبهان في هذه السّنة.

٨٣٢ ـ أحمد (٢) بن محمد بن شنيف بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن عليّ بن فصيح بن عون بن سليمان بن الأسوار بن بجير بن الديلم

__________________

(١) ترجمه الذهبي في وفيات سنة (٥٦٢) من تاريخه ، وقال : توفي في سادس شوال بأصبهان (١٢ / ٢٧١) ولا أدري من أين نقل هذه الترجمة ، ثم أعاده في وفيات سنة (٥٦٧) نقلا من تاريخ ابن الدبيثي ، لأنه قال : كان حيا في هذا العام (١٢ / ٣٦١) ولم يفطن إلى هذا التكرار. واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٢٤٠ وتحرف فيه «قلا» إلى «علاء». وقلا ، ذكره الحافظ ابن حجر في كتابه نزهة الألباب في الألقاب ، وقال : بتخفيف اللام (١ / ٩٨) ، وذكره في تبصير المنتبه أيضا ٣ / ١١٤١.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٤٤٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٨٧ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٣ ، والعبر ٤ / ٢٠٢ ، ومعرفة القراء ٢ / ٥٢٥ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٠٤ ، والصفدي في الوافي ٧ / ٤٠٤ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٢٢٣ ، وابن الجزري في غاية النهاية ١ / ١١٧ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٢٦.

٣٥٠

ابن عبيد بن جونة بن طخفة بن ربيعة بن حزن بن عبلاه بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان ، أبو الفضل.

من أهل دار القز. هكذا نقلت نسبه من خط نسيبه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن شنيف.

كان شيخا من أهل القرآن المجيد ، قد قرأ بالقراءات على جماعة منهم : أبو طاهر أحمد بن عليّ بن سوار ، وأبو منصور محمد بن أحمد الخيّاط ، وأبو المعالي ثابت بن بندار. وسمع منهم ، ومن أبي زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة الأصبهاني لمّا قدم بغداد ، وروى عنهم.

وأقرأ الناس ؛ قرأ عليه جماعة ، وسمعوا منه ، منهم : الشّريف أبو الحسن الزّيدي ، ورفيقه صبيح العطّاري ، والقاضي عمر بن علي القرشي. وحدّثنا عنه غير واحد.

قرأت على أبي الفضل محمد بن أبي البركات الهاشميّ ، قلت له : أخبركم أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن محمد بن مندة الأصبهاني إملاء علينا بعد عوده من الحج في صفر سنة تسع وتسعين وأربع مئة بجامع المنصور ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيّان الورّاق ، قال : حدّثنا عليّ بن جبلة ، قال : قرأ علينا الحسين بن حفص ، قال : حدّثنا سفيان الثّوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن بيع الولاء وعن هبته (١).

أنبأنا القاضي عمر القرشي ، قال : توفي أبو الفضل بن شنيف يوم الأربعاء ثالث عشري محرم سنة ثمان وستين وخمس مئة.

__________________

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ١٢٥.

٣٥١

وقرأت بخط محمد بن مشّق : توفي في ليلة الجمعة تاسع عشري محرم المذكور.

قال لي أبو عبد الله بن شنيف : توفي ابن عمّ والدي أبو الفضل بن شنيف عن ست وتسعين سنة ، ودفن بباب حرب.

٨٣٣ ـ أحمد (١) بن محمد بن أحمد ابن الرّحبيّ ، أبو عليّ العطّار.

من أهل الحريم الطّاهري ، وصار بوّابا بباب الحريم المذكور.

سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النّعالي ، وأبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش ، وأبا الحسن بن أبي عمر ابن الخلّ ، وأبا سعد بن شاكر البزّاز ، وأبا غالب ابن البنّاء ، وغيرهم ، وحدّث عنهم.

سمع منه أبو الحسن الزّيديّ ، وأبو المحاسن الدّمشقيّ ، وأبو بكر بن سوار ، ومحمد بن مشّق. وحدّثنا عنه عبد العزيز بن الأخضر وجماعة.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن أبي القاسم ، قلت له : أخبركم أبو عليّ أحمد بن محمد ابن الرّحبي قراءة منك عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش. وقرأته على أبي طالب محمد ابن عليّ بن أحمد الواسطي بها ، وعلى أبي السّعادات نصر الله بن عبد الرحمن ابن محمد في آخرين : أخبركم أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليه ، فأقرّوا به ، قالا : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : حدّثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدّثنا سلم بن سالم البلخي ، عن نوح بن أبي مريم ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن هذه الآية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٦١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥١١ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٠٤ ، والعبر ٤ / ١٩٦ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٦٦ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٢٠.

٣٥٢

وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] قال : للذين أحسنوا العمل في الدّنيا الحسنى ، وهي الجنّة ، قال : والزّيادة النّظر إلى وجه الله الكريم (١).

أنبأنا القاضي عمر بن عليّ القرشي ، قال : سألت أبا عليّ ابن الرّحبي عن مولده فقال : في سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيّع إذنا ، قال : توفي أبو علي ابن الرّحبي يوم الجمعة سادس عشري صفر سنة سبع وستين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

٨٣٤ ـ أحمد (٢) بن محمد بن أحمد ابن البسريّ ، أبو الفرج البزّاز ، سبط أبي منصور محمد بن أحمد ابن النّقّور.

سمع جدّه لأمّه أبا منصور المذكور وحدّث عنه. سمع منه الشّريف أبو الحسن الزّيدي ، وإبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، وصبيح الحبشيّ ، والقاضي عمر القرشي ، وجماعة سواهم.

وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في «تاريخه» ، وقال : أحمد بن محمد بن أحمد البزّاز ، من أهل بغداد ، سمع منه أبو المظفّر منصور بن محمد المسعودي سنة أربع وأربعين وخمس مئة ، وما لقيته.

ونحن ذكرناه لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته.

أخبرنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدّمشقيّ في كتابه وخطّه ، قال : سألت أبا الفرج ابن البسري سبط ابن النّقّور عن مولده ، فقال : أظن سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

وتوفي في سنة سبعين وخمس مئة.

__________________

(١) إسناده تالف ، فإن نوح بن أبي مريم كذاب أشر ، وقد تكلمنا عليه وخرجناه في الترجمة (١٧١) من هذا الكتاب.

(٢) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٤٣٨ ، واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٢٠٥.

٣٥٣

٨٣٥ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد العزيز بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو الحسن بن أبي المظفّر الهاشمي المعروف بابن التّريكي الخطيب.

من بيت الخطابة.

كان أبو الحسن هذا يتولّى الخطابة بالجامع المعروف بجامع السّلطان ، وكان فيه فضل وتميّز وله شعر.

سمع من أبيه ، ومن أبي المظفّر ابن الشّبلي القصّار ، وأبي محمد ابن المادح ، وأبي الفتح ابن البطّي ، وغيرهم.

ولم يبلغ أوان الرّواية لأنّه توفي شابا. وقد كان فيه تسامح وقرض لأعراض النّاس وتسبّب في أذاهم على ما بلغنا.

خرج عن بغداد في أول أيام الإمام المستضيء بأمر الله رضي‌الله‌عنه وسكن إربل إلى أن توفي بها ، ووصل نعيه إلى بغداد يوم عيد الأضحى سنة سبعين وخمس مئة ، ودفن بها ، ثم نقل إلى بغداد بعد ذلك ودفن عند أبيه بتربة معروف.

٨٣٦ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الأصبهانيّ الأصل ، أبو حامد البلخيّ الصّوفيّ.

قدم بغداد وأقام برباط الشّونيزي بالجانب الغربي ، وحدّث به عن أبي عبد الله الحسن بن العباس الرّستمي الأصفهاني.

سمع منه أبو بكر أحمد بن عبد الرّحمن شيخ رباط الزّوزني ، والحافظ يوسف بن أحمد البغدادي ، وأبو العلاء محمد بن علي ابن الرّأس ، وغيرهم. ووقف كتبه برباط الشّونيزي.

وكان في سنة سبعين وخمس مئة حيّا ، وفيها حدّث.

٣٥٤

٨٣٧ ـ أحمد (١) بن محمد بن هبة الله ، أبو منصور يعرف بابن سركيل (٢).

سمع أبا الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلّاف وغيره ، وحدّث عنهم.

سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي ، وأحمد بن طارق. وحدّثنا عنه عبد العزيز بن الأخضر.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز : أخبركم أبو منصور أحمد بن محمد بن سركيل بقراءتك عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ ابن محمد ابن العلّاف ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري بمكة ، قال : حدّثنا أبو بكر محمد ابن هارون العسكري ، قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، قال : حدّثنا موسى بن أيوب النّصيبي ، قال : حدّثنا اليمان بن عدي الحضرمي ، عن زرعة بن الوضّاح ، عن محمد بن زياد ، عن أبي عنبة الخولاني ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أحبّ الله عبدا ابتلاه ، وإذا أحبّه الحبّ البالغ اقتناه». قالوا : وما اقتناه؟ قال : «لا يترك له مالا ولا ولدا» (٣).

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٠٨ ، واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٢٠٥.

(٢) الضبط من «ش» و «ج».

(٣) إسناده ضعيف ، اليمان بن عدي الحضرمي ضعيف ، وشيخه زرعة بن الوضاح مجهول. وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (١٥٩٧) وقال : «هذا حديث لا يصح ، واليمان قد نسبه أحمد إلى أنه يضع الحديث ، ومحمد بن زياد ليس بشيء».

قال بشار : في قول ابن الجوزي هذا مجازفة ظاهرة ، فلم نقف على قول للإمام أحمد يتهم فيه اليمان بوضع الحديث ، فالمعروف عن أحمد أنه ضعّفه حسب ، كما في تهذيب التهذيب ١١ / ٤٠٦ ، والرجل لا يبلغ حد الترك ، بل هو ضعيف كما بيناه في «تحرير التقريب» ، وقد قال الحافظ ابن حجر «لين الحديث» حسب (وتنظر ترجمته في تهذيب الكمال وتعليقنا الموسع عليها ٣٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦). أما قوله أن محمد بن زياد ليس بشيء ، فالظاهر أنّه ظنه محمد بن زياد اليشكري الطحان الكوفي المعروف بالميموني (تهذيب

٣٥٥

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسين الدّمشقي ، قال : سألت أبا منصور ابن سركيل عن مولده ، فقال : في سنة تسع وثمانين وأربع مئة.

وتوفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٨٣٨ ـ أحمد (١) بن محمد بن عبد الرّحمن الصّوفيّ ، أبو العباس بن أبي منصور يعرف بابن الدّينوريّ.

أظنه من أهل الجانب الغربي.

سمع أبا عليّ محمد بن محمد ابن المهدي ، وحدّث عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي ، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق.

أخبرنا أبو المحاسن عمر بن عليّ الحافظ ، قال : قرأت على أبي العبّاس أحمد بن محمد ابن الدّينوري الصّوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، قلت له : أخبركم الشّريف أبو عليّ محمد بن محمد بن عبد العزيز ابن المهدي ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر ابن القزويني الزّاهد ، قال : أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن الزّهري ، قال : حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدّثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي ، قال : حدّثنا يحيى بن آدم ، قال : حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر رجلا فنادى أيام منى : إنّ هذه أيام أكل وشرب (٢).

__________________

الكمال ٢٥ / ٢٢٢ ـ ٢٢٦) ، وهو ظن فاسد ، فمحمد بن زياد اليشكري هذا لا تعرف له رواية عن أبي عنبة الخولاني ، وإنما الراوي عن أبي عنبة الخولاني هو محمد بن زياد الألهاني ، أبو سفيان الحمصي الثقة ، وروايته عن أبي عنبة الخولاني منصوص عليها في تهذيب الكمال ٢٥ / ٢٢٠ ، والله الموفق للصواب إليه المرجع والمآب.

(١) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٥٧٥ من تاريخه ، وذكر أنه توفي في رمضان من السنة (تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٤٧) ، واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٢٠٥.

(٢) إسناده صحيح رجاله ثقات ، والحديث معروف عن عدد من الصحابة ، منهم : علي ، وابن

٣٥٦

قال القرشي : سألت أحمد ابن الدّينوريّ عن مولده في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، فقال : لي من العمر في هذه السنة أربع وثمانون سنة.

قلت : فيكون مولده في سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.

٨٣٩ ـ أحمد (١) بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس ، أبو العبّاس بن أبي بكر بن أبي العز الفقيه الحنبليّ.

من ساكني درب القيّار.

تفقه على القاضي أبي خازم محمد بن محمد ابن الفرّاء. وعلى أبي بكر أحمد بن محمد الدّينوري ، وحصّل معرفة المذهب ، ودرّس بمدرسة أنشأها مجاورة لمنزله ، وكان صالحا.

قرأ القرآن بالقراءات على أبي عبد الله الحسين بن محمد الدّبّاس ، وعلى أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي ، وغيرهما.

وسمع من نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزّينبي ، ومن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطّيوري ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي وجماعة.

ذكره القاضي عمر بن عليّ القرشي ، فقال : فقيه زاهد اعتزل النّاس ، واشتغلّ بالزّهد والمجاهدة ، وتردّد النّاس إليه ، فأقرأ جماعة ، وتفقه به جماعة.

__________________

عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وعقبة بن عامر ، وبشر بن سحيم ، وعبد الله بن حذافة ، وكعب ابن مالك ، وحمزة الأسلمي ، ويونس بن شداد ، وعمرو بن العاص ، ونبيشة الهذلي وغيرهم.

(١) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٧٦ ، وسبطه في المرآة ٨ / ٣٤٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٢١ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٠٦ ، والصفدي في الوافي ٨ / ١١٣ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٣٨ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ٦٠٨ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٤٤.

٣٥٧

كتبت عنه شيئا يسيرا. وسمعت شيخنا أبا محمد عبد العزيز بن الأخضر يذكره ويثني عليه ثناء حسنا ، ويصفه بالعبادة وكثرة الأوراد ، وقال : لقّنني القرآن الكريم. وروى لنا عنه ، وغيره.

قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزّاز من كتابه ، قلت له : أخبركم أبو العباس أحمد بن محمد بن بكروس بقراءتك عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين المقرىء ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب ، قال : أخبرنا عليّ بن أحمد بن بكران ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد ابن عثمان ، قال : حدّثنا يعقوب بن سفيان ، قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال : حدّثنا موسى بن يعقوب ، عن عمر بن سعيد أنّ عبد الرحمن بن حميد حدّثه عن أبيه أنّ سعيد بن زيد حدّثه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «عشرة في الجنّة : أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والزّبير وطلحة وعبد الرّحمن وأبو عبيدة وسعد» ، وسكت فقال القوم : ناشدناك الله أنت العاشر؟ فقال : ناشدتموني ، أبو الأعور في الجنّة (١).

قلت : أبو الأعور كنية سعيد بن زيد راوي الحديث.

أنبأنا عمر بن عليّ القرشي الحافظ ، قال : سألت أحمد بن بكروس عن مولده ، فقال : إمّا في سنة إحدى أو اثنتين وخمس مئة.

وقال صدقة بن الحسين النّاسخ في «تاريخه» : وفي عشيّة الثلاثاء خامس

__________________

(١) حديث صحيح.

أخرجه الترمذي (٣٧٤٨) ، وابن أبي عاصم في السنة (١٤٣٦) ، والنسائي في الكبرى (٨١٩٥) ، والشاشي (٢٢٥) ، والدارقطني في العلل ٤ / س ٦٦٦ ، والحاكم ٣ / ٤٤٠.

وأخرجه الطيالسي (٢٣٥) ، والحميدي (٨٤) ، وأحمد ١ / ١٨٨ و ١٨٩ ، وأبو داود (٤٦٤٨) ، وابن ماجة (١٣٤) ، وابن أبي عاصم في السنة (١٤٢٥) و (١٤٢٦) و (١٤٢٧) ، والترمذي (٣٧٥٧) وغيرهم من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن سعيد بن زيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٣٥٨

عشر صفر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة توفي أحمد بن بكروس وصلّي عليه يوم الأربعاء بجامع القصر ، ودفن بباب حرب.

٨٤٠ ـ أحمد (١) بن محمد بن عليّ بن الحسين الطّائيّ ، أبو العباس ، من أهل واسط يعرف بابن ظلامي.

من أهل قرية تعرف بداوردان بينها وبين واسط فرسخ.

شيخ صالح من أهل القرآن. تفقّه على القاضي أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي قاضي واسط ، وسمع منه ، ومن أبي محمد أحمد بن عبيد الله ابن الآمدي وغيرهما.

قدم بغداد غير مرّة ، وسمع بها في سنة تسع وعشرين وخمس مئة من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبي حفص عمر بن محمد بن عمّوية السّهروردي ، وغيرهما. وعاد إلى بلده.

ولقيته بواسط ، وجالسته ، وسمعت منه حكايات وأناشيد ، ولم أعلّق عنه شيئا. وكان الغالب عليه الاشتغال بالرّياضة والمجاهدة والانقطاع ، وأمارات الصّلاح لائحة عليه.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في الزّيادات على تاريخه ، فقال : أحمد بن ظلامي الدّاورداني ، أبو العباس كان فقيها صالحا. روى عنه يوسف بن مقلّد الدّمشقي.

ولم ينسبه ، وإنما ذكره بما يعرف به ، ولا ذكر وفاته. ونحن ذكرناه بنسبه ومشايخه ووفاته.

توفي أحمد بن محمد الدّاوردانيّ بها في ليلة السّبت سابع شهر رمضان سنة أربع وسبعين وخمس مئة ، ونودي بواسط بالصّلاة عليه يوم السبت ، فخرج خلق

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «داوردان» من معجم البلدان ٢ / ٤٣٥ ووقع فيه «طلامي» بالطاء المهملة ، وتحرفت وفاته إلى سنة (٥٥٤).

٣٥٩

كثير إلى قريته وخرجنا معهم وصلّينا عليه بالمشهد الذي بها ، وشيّعنا جنازته حتى دفن بمقبرة المشهد المذكور ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

٨٤١ ـ أحمد (١) بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أبو طاهر المعروف بابن سلفة.

من أهل أصبهان.

حافظ ، عالم ، متقن ، مشهور بالعلم والمعرفة والرّحلة.

قدم بغداد ، وأقام بها ، وسمع الكثير ، وكتب عن عامّة شيوخها. وخرج منها في سنة خمس مئة ، وجال في البلاد ، وطاف الأقاليم والأمصار حتى ألقى عصا التّسيار بالإسكندرية فسكنها إلى حين وفاته.

وعمّر ، وحدّث بالكثير في أسفاره وبالإسكندرية ، ورحل إليه الطّلبة من الآفاق ، وألحق الصّغار بالكبار ، والأحفاد بالأجداد ، وكان ثقة ، ورعا صدوقا.

روى لنا عنه جماعة بمكة حرسها الله ، وبواسط ، وببغداد.

وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في «تاريخه» (٢) ووصفه بالثّقة والصّدق والورع. وروى عن واحد عنه ، وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته.

__________________

(١) قد استوعبنا الكثير من مصادر ترجمته في تعليقنا على سير أعلام النبلاء فهو أول المترجمين في المجلد الحادي والعشرين بتحقيقنا ، ونذكر هنا بعض هذه الموارد ، فقد ترجمه السمعاني في «السلفي» من الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب ، وترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥ / ٢٠٩ وكلاهما مات قبله ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٤٦٩ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٣٣٩ ، والتقييد ١٧٦ ، وابن النجار في التاريخ المجدد كما دل عليه المستفاد ١٧١ ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٣٦٢ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ١ / ١٠٥ ، والذهبي في كتبه ، ومنها : تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٧٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٥ ، والعبر ٤ / ٢٢٧ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٩٨ ، وأهل المئة فصاعدا ١٣٤ ، والصفدي في الوافي ٧ / ٣٥١ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٣٢ وغيرهم.

(٢) كما دل عليه اختصار ابن منظور ، الورقة ٩٩.

٣٦٠