ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

«جعفرا» وكنيته «أبو محمد» وسمعوا منه بهذا الاسم وهذه الكنية ، منهم : يوسف ابن سعيد البنّاء ، وعلي بن سلمان الكعكي ، وإسحاق بن محمد العلثي. وقال الكعكي : هكذا رأيت اسمه في سماعه على قراتكين. ونحن نذكره إن شاء الله في حرف الجيم فيمن اسمه جعفر جمعا بين القولين.

كان هذا الشيخ في سنة سبع وسبعين وخمس مئة حيّا لأنّ الكعكيّ ومن معه سمعوا منه في هذه السّنة.

٦٤١ ـ محمد بن أبي طاهر بن أبي سعد المسكيّ.

من أهل أصبهان.

قدم بغداد في سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وأجاز لنا بها في هذه السنة ، وما وقفت له على رواية بعد.

وهو والد محمد بن محمد المسكي الذي قدم مع ابن الخجندي وتولّى وقف النّظامية.

توفّي محمد بن أبي طاهر المسكي ببغداد بعد عوده من الحج في صفر سنة ثمانين وخمس مئة ، ودفن بالشّونيزي.

٦٤٢ ـ محمد (١) بن أبي اللّيث بن أبي طالب ، أبو بكر الضّرير.

من أهل راذان أحد نواحي سواد العراق.

قدم بغداد وأقام بها ، وسكن بباب الأزج. وقرأ القرآن على جماعة منهم : أبو محمد عبد الله بن عليّ سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، ودعوان بن عليّ الجبّائي ، وغيرهما. وسمع منهما ، ومن أبي سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي. ولقّن القرآن الكريم جماعة ، وأقرأ ، وروى.

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٦٧٨ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٢٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٢٥ ، والمشتبه ٥٣٨ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ٧ / ٢٦٢ ، وابن حجر في نزهة الألباب ٢ / ١٠٤.

١٨١

٦٤٣ ـ محمد (١) بن أبي المعالي بن قايد ، أبو عبد الله.

من أهل أوانا ، أحد نواحي دجيل.

شيخ صالح له هناك رباط يجتمع به جماعة من الفقراء ويخلفهم بما يحضره. أضرّ في آخر عمره وأقعد أيضا ، فكان لا يستطيع القيام.

زرته في رباطه وجلست معه. وكان خيّرا موصوفا بالصّلاح وحسن الحال.

سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المقرىء من أهل الدّور بدجيل يقول : حكى لنا محمد بن قايد أنّه ورد عليهم فقير غريب فكان عندهم إلى بعد صلاة المغرب ، وقدّم للجماعة طعام على عادة لهم بذلك ، فشرعوا في الأكل إلا الفقير الغريب الوارد عليهم فإنّه أبى ، فسألوه عن سبب تأبّيه ، فقال : إني أشتهي رطبا برنيا (٢) جنيا ولا آكل حتى يحضر ، وكان الوقت شتاء وأحد كانونين ، فضاق صدر كلّ واحد من الجماعة لتأخّره عنهم ، وأعلموني بذلك ، فقلت : كيف لنا برطب برنيّ جني في هذا الزّمان (٣)؟ وحملت كلامه على وجه الكراهية للأكل لا لطلب رطب ، لأنّه لا يوجد في مثل هذا الوقت ، وتمّم الجماعة أكلهم وصلّينا صلاة العشاء الآخرة والفقير معنا لم يذق لنا طعاما ، ودخلت منزلي ومضى من اللّيل قريب من ثلثه والفقير مع الجماعة في الرّباط ، ومنزلي بالرّباط ، وإذا باب الرّباط يدقّ ، فقيل : من ذا؟ فقال : رجل معه نذر نذره للشيخ. ففتح له ودخل وإذا معه طبق صغير فيه رطب برنيّ ، فعجب الجماعة من ذلك ، وأعلموني

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٥٨٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٢ ، وابن الساعي في أخبار الزهاد ، الورقة ٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٩٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٩٥ ، والمشتبه ٥١٦ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٥٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٧٩ و ٦ / ١٤٧ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٣ / ١٠٦٥ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٦٣.

(٢) البرني : من التمور الجيدة.

(٣) لأن الرطب ينتهي عادة في شهر تشرين الثاني.

١٨٢

فخرجت إليهم ، فقدّم ذلك الرّجل القادم الرّطب بين يديّ ، وقال : إن لي نخلة تحمل ولا يدرك رطبها إلّا في الشّتاء ، وتسمّى شتوية (١) ، وإني نذرت أن أحمل من أوّل ما يدرك فيها من الرّطب إليك ، وهذا أوّل رطبها. فقلت : ادعوا إليّ هذا الفقير الذي أبى أن يتعشّى معكم ، فدعوه ، فقلت له : بسم الله هذا الذي اشتهيت قد يسّره الله في غير أوانه ، فمدّ يده وتناول منه واحدة أو ثنتين فأكلها. وكانت لي حالة مع الله سبحانه قد فقدتها منذ ست عشرة سنة ، فعادت عليّ عند تناوله لتلك الرّطبة أو الرّطبتين ، ثم شكر وقام ولم يزد على ذلك. وعدت إلى منزلي فصلّينا الصّبح ففقدناه ولم نره ، فضاق صدري لفقده ، وأرسلت من يطلبه في جميع نواحي أوانا ، فلم يروه ، فزاد ضيق صدري بذلك وبقيت مغموما ، فدخل عليّ بعض أهل البلد ممن كان رآه عندنا ورأى ما عندي من الاهتمام ، فسألني عن ذلك ، فذكرت له حال الفقير وكونه كان عندنا وما ذاق لنا طعاما ، وأنه خرج قبل صلاة الصّبح وقد طلبناه فلم نجده وهمّي لذلك ، فقال : إني رأيته قبل دخولي هذا عليكم بسوق الطعام وهو يلتقط من الأرض حبّات من الطّعام مما يسقط على الأرض ويأكلها. فقلت لبعض أصحابنا : اذهب وأدركه بالموضع المذكور وأتني به ، فذهب ذلك الرّجل وطلبه فلم يجده ، وعاد وأخبرني أنه لم يره. فعلمت أنّ الله سبحانه قدّر اجتماعنا به لتعود عليّ ببركته الحالة التي كنت فقدتها من سنين ، وشكرت الله تعالى.

دخل على محمد بن قايد رجل من الملاحدة رباطه وهو جالس وحده فقتله فتكا وهو صائم في يوم الخميس خامس عشري شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وصلّي عليه ، ودفن في رباطه بأوانا ، وأدرك قاتله ، وقتل ، وأحرقت جثّته.

__________________

(١) هكذا يسميها أهل بغداد إلى يوم الناس هذا.

١٨٣

٦٤٤ ـ محمد (١) بن أبي عليّ بن أبي نصر ، أبو عبد الله الفقيه الشّافعيّ.

من أهل نوقان (٢).

تفقه بنيسابور على أبي سعد محمد بن يحيى النّيسابوريّ وبرع في فنّه ، وأحسن الكلام في المناظرة.

ثم قدم بغداد في حال كهولته ، وأقام بمدرسة قريبة من رباط الشّيخ أبي النّجيب السّهرورديّ تعرف بالقيصريّة مدّة. وتردّد إليه جماعة من المتفقّهة من غير إقامة ، وكان يذكر لهم درسا من تعليقه وجدله ، وتجري عنه مباحثات ومناظرات ينتفع بها جماعة من المتردّدين إليه والحاضرين عنده ، وهو مقيم على ذلك ، وعنده طلب للتّدريس بالمدرسة النّظامية ورغبة فيه ، والزّمان غير مساعد ، إلى أن أنشأت الجهة الشّريفة الكريمة والدة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ورضي عنها ـ مدرسة مجاورة لتربتها الشّريفة بالجانب الغربي للفقهاء الشّافعية وتقدّمت بأن يكون مدرّسها فأحضر وخلع عليه خلعة جميلة وعمامة وطرحة ودرّس بها يوم الخميس تاسع عشري شوّال سنة تسع وثمانين وخمس مئة ، وأجري له الجراية الحسنة والمشاهرة الكثيرة ، وأعاد له درسه ابنه ، وحضر عنده الخلق

__________________

(١) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١٢ / ١٢٤ وتحرف اسمه فيه إلى محمود ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٠٩ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١٠ ، وابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال ٣٥١ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٣٨٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ٢١ / ٩٨٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٤٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٥ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٧١ ، والسبكي في طبقاته ٧ / ٢٩ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ٤٩٩ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٣ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٤ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٤٦١.

(٢) وتفتح نون «نوقان» أيضا ، فانظر تعليقي على السير ٢٤٩.

١٨٤

الكثير من المدرّسين والفقهاء والصّوفية والأعيان ، وأسكن بدار بالمدرسة المذكورة. وانتقل إليه جماعة من المتفقّهة سكنوا بها أيضا. ولم تزل حاله جارية على السّداد من التّدريس ، والمناظرة ، والفتوى ، والرّواية فإنّه حدّث عن شيخه محمد بن يحيى بأربعين حديثا جمعها ، وسمع منه جماعة ، وقد لقيته وما طلبت منه السّماع ، وقد أجاز لي ، إلى أن خرج إلى الحج في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة فحجّ وعاد ، فلما وصل الكوفة توفّي بها في يوم الخميس ثالث صفر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، ودفن بها.

٦٤٥ ـ محمد (١) بن أبي المظفّر بن محمد بن أبي عمامة ، أبو بكر البزّاز.

من أهل باب الأزج.

سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي وغيره وروى عنهم. سمع منه جماعة. وما اتفق لي لقاؤه ، وقد أجاز لي.

توفي في رابع ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمس مئة.

٦٤٦ ـ محمد (٢) بن أبي محمد بن أبي المعالي ابن المقرون ، أبو شجاع المقرىء.

من ساكني اللّوزيّة ، إحدى المحال الشّرقية.

شيخ صالح حافظ للقرآن المجيد ، كثير التّلاوة والتّلقين له ، ختم عليه

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٥٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٥.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٨٨ ، والنجيب عبد اللطيف الحراني في مشيخته ، الورقة ١٤ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٥٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٢٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٥ ، والمشتبه ٥٦٠ ، والعبر ٤ / ٣٠٠ ، ومعرفة القراء ٢ / ٥٦٩ ، وابن الجزري في غاية النهاية ٢ / ٢٥٩ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٧ / ٣٦٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٣٣.

١٨٥

خلق كثير ، وقرأ عليه قوم وأبناؤهم وأبناء أبنائهم. (وكان) (١) حسن الطّريقة ، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، مشتغلا بالخير. أقرأ الناس أكثر من ستين سنة.

قرأ على الشّيخ أبي محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، وعلى الشّيخ أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشّهرزوري العطّار. وسمع منهما ، ومن أبي الحسن محمد بن أحمد بن صرما ، ومن القاضي أبي الفتح عبد الله بن محمد ابن البيضاويّ ، ومن أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، ومن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرّقّي ، ومن القاضي أبي القاسم عليّ بن عبد السيّد ابن الصّبّاغ ، ومن أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، ومن أبي القاسم عبد الله بن أحمد ابن الخلّال الوكيل ، وغيرهم.

وحدّث بالكثير. قرأنا عليه القرآن الكريم بالقراءات ، وسمعنا منه ، ونعم الشيخ كان.

قرأت على شيخنا أبي شجاع محمد بن أبي محمد بن المقرون ، قلت له : أخبركم القاضي أبو الفتح عبد الله بن محمد بن محمد ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النّقّور ، قال : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدثنا خالد بن مرداس ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن محمد بن زيد ، عن ابن سيلان ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل» (٢).

توفّي شيخنا أبو شجاع في ليلة الخميس سابع عشر ربيع الآخر من سنة سبع

__________________

(١) إضافة مني لا بد منها.

(٢) إسناده ضعيف ، لجهالة ابن سيلان ، واسمه عبد ربه ، وقيل : جابر ، وليس لهذا المتن طريق صحيح عن أنس.

أخرجه أحمد ٢ / ٤٠٥ ، وأبو داود (١٢٥٨) ، والطحاوي في شرح المعاني ١ / ٢٩٩.

١٨٦

وتسعين وخمس مئة. وحضرنا الصّلاة عليه يوم الخميس بالمدرسة النّظامية ، والجمع وافر كثير ، وحمل إلى الجانب الغربي ، فدفن بمقبرة باب حرب بصفّة بشر بن الحارث ، رحمهما‌الله وإيانا.

٦٤٧ ـ محمد (١) بن أبي طاهر بن زقمير بن سنان الآجريّ ، أبو عبد الله.

من أهل الحربية ، إحدى المحال الغربية.

سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف. سمعنا منه مع أحمد بن سلمان الحربي المعروف بالسّكّر فيما خرّجه لشيوخ الحربية.

قرىء على أبي عبد الله محمد بن أبي طاهر بن زقمير بالحربية وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف ، قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النّقّور ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص قال : حدثنا رضوان بن أحمد الصّيدلاني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطارديّ ، قال : أخبرنا يونس بن بكير ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : كان أصحاب بدر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر بضع عشرة وثلاث مئة رجل وكنا نتحدّث أنّهم كانوا على عدّة أصحاب طالوت الذين عبروا معه النّهر ، فإنّه لم يعبر النّهر إلّا مؤمن (٢).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٢٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٦.

(٢) إسناده ضعيف ، زكريا بن أبي زائدة سمع من أبي إسحاق بعد تغيره ، كما بيناه في تحرير التقريب ١ / ٤١٦ ، لكن هذا من صحيح حديثه عنه ؛ فقد رواه الثقات الذين سمعوا من أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي قبل تغيره ، مثل سفيان الثوري ، وإسرائيل ، وزهير بن معاوية الجعفي وغيرهم.

أخرجه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١٩ ، وابن أبي شيبة ١٤ / ٣٨٣ ، وأحمد

١٨٧

توفّي محمد بن زقمير هذا في ليلة الجمعة مستهل ذي القعدة من سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، ودفن يوم الجمعة وقت العصر بمقبرة باب حرب.

٦٤٨ ـ محمد (١) بن أبي الحسن بن أبي نصر المقرىء ، أبو الفضل ، الضّرير ، يعرف بالخطيب ـ وهو لقب له لا أنّه كان يتولّى الخطابة في موضع.

قرأ بالقراءات على أبي الحسن سعد الله بن نصر ابن الدّجاجيّ ، وعلى أبي الحسن عليّ بن عساكر البطائحيّ ، وغيرهما. وسمع منهما ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان.

وأقرأ النّاس ، وروى. سمعنا منه.

قرأت على أبي الفضل محمد بن أبي الحسن المقرىء ، قلت له : أخبركم أبو الحسن سعد الله بن نصر بن سعيد الواعظ ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فقال : نعم ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن عليّ المقرىء قال : أخبرنا أبو سعد المظفّر بن الحسن بن المظفّر الهمذاني ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن عبد الله بن خراش الكاتب ، قال : حدثنا أبو العباس الكندي ، قال : حدثنا أبو الحسن (٢) محمد بن جعفر الخوارزميّ ببغداد ، قال : أخبرنا

__________________

٤ / ٢٩٠ ، والبخاري ٥ / ٩٣ (٣٩٥٨) و ٩٤ (٣٩٥٩) ، والترمذي (١٥٩٨) ، وابن ماجة (٢٨٢٨) ، والطبري في تاريخه ٢ / ٤٣١ و ٤٣٢ و ٤٣٣ ، وفي التفسير (٥٧٢٤) و (٥٧٢٥) و (٥٧٢٦) و (٥٧٢٧) و (٥٧٢٨) و (٥٧٢٩) وابن حبان (٤٧٩٦) ، والبيهقي في دلائل النبوة ٣ / ٣٦ من طرق عن أبي إسحاق ، به.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٩١٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦٢٢ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٦٠٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٧ ، وابن الجزري في غاية النهاية ٢ / ١٢٧.

(٢) هكذا في النسختين وصوابه «الحسين» ، فانظر ترجمته في تاريخ الخطيب ٢ / ٥٠٥ ، والمنتظم لابن الجوزي ٦ / ٢٠٤ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ٧ / ٢٨٤.

١٨٨

ميمون بن الأصبغ (١) ، قال : حدثنا سيّار بن حاتم (٢) قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد (٣) ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق (٤) ، عن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم (٥) ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مررت

__________________

(١) هو ابن الفرات النصيبي ، ثقة ، توفي سنة ٢٥٦ ، (تهذيب الكمال ٢٩ / ٢٠٠ ، وتاريخ الإسلام ٦ / ٢٢١).

(٢) هو العنزي أبو سلمة البصري ، توفي سنة ٢٠٠ ، ضعيف عند التفرد ، وذكر العقيلي أن أحاديثه مناكير ، وذكر ابن حبان أنه كان جمّاعا للرقائق ، كما في تحرير التقريب ٢ / ٩٩.

(٣) هو العبدي ، مولاهم ، البصري ، من رجال الشيخين (تهذيب الكمال ١٨ / ٤٥٠ ، وسير أعلام النبلاء ٩ / ٧).

(٤) أبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ، ضعيف (تهذيب الكمال ١٦ / ٥١٥).

(٥) هكذا في النسختين ، وهو غلط محض ، صوابه : «القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله» ، أبقيته كذلك لضعف هذا الإسناد ، فالاحتمال كبير أن يكون كل هذا من أغلاط الرواة. والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن الكوفي من رجال البخاري ثقة معروف ، مترجم في تهذيب الكمال ٢٣ / ٣٧٩ ـ ٣٨٣ ، وروايته عن أبيه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود نصّ عليها المزي ، ورواية عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عنه ثابتة أيضا ، وهو إسناد أخرجه الترمذي لهذا الحديث فقال : «حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، قال : حدثنا سيّار ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ...» فذكره ، وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود (٣٤٦٢) ، وصححه العلامة الألباني ـ يرحمه‌الله ـ بشاهدين ضعيفين (الصحيحة ١٠٥).

وهذا الحديث ضعيف لضعف أبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ، كما في تهذيب الكمال والتقريب وغيرهما ، وقد تفرد به ، وفيه علّة أخرى لم يشر إليها العلامة الألباني ولا محققو المسند الأحمدي عند تعليقهم على حديث أبي أيوب الأنصاري المماثل لهذا ٣٨ / ٥٣٥ ، فقد سأل ابن أبي حاتم في العلل (٢٠٠٥) أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث ، فقالا : «هكذا رواه سيّار ، وغيره يقول : عن القاسم عن أبيه ، هذا الصحيح مرسل (ظاهره ليس فيه ابن مسعود). قلت لهما : الوهم ممن تراه؟ قال أبي : من سيّار ، وقال أبو زرعة : لا أدري إما من سيار وإما من عبد الواحد ، رواه جماعة عن عبد الواحد فلم يقولوا

١٨٩

ليلة أسري بي بإبراهيم عليه‌السلام فقال : يا محمد أقرأ أمّتك مني السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبة التّربة عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأنّ غراسها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله».

وتوفي ليلة الاثنين سابع عشر محرّم سنة عشرين وست مئة ، ودفن بباب حرب.

٦٤٩ ـ محمد (١) بن أبي نصر بن أبي بكر الكتّانيّ (٢) ، أبو بكر المقرىء الخيّاط يعرف بابن البصريّ.

سمع أبا عبد الله محمد بن نسيم بن عبد الله العيشونيّ ، وغيره. كتبنا عنه أحاديث يسيرة.

قرىء على أبي بكر محمد بن أبي نصر الخيّاط من أصل سماعه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن نسيم الخيّاط ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به. قلت : وأخبرنيه محمد بن نسيم فيما أجاز لنا في سنة أربع وسبعين وخمس مئة ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد ابن العلّاف ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجريّ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الكشّي ، قال : حدثنا سليمان ابن داود الشّاذكوني ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا معمر ، عن الزّهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من

__________________

عن أبيه». قال بشار : وقول أبي زرعة يشير إلى أن القاسم رواه عن عبد الله بن مسعود مباشرة ، وهي رواية مرسلة (منقطعة) ، كما نص على ذلك المزي في تهذيب الكمال ٢٣ / ٣٨٠ ، ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت : إن إشارة أبي حاتم بقوله : «القاسم عن أبيه» المراد بها : القاسم عن جده ابن مسعود ، فيتفق عندئذ هو وأبو زرعة ، والله أعلم.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦١١ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٦٧.

(٢) قال المنذري : هو بفتح الكاف وبعدها تاء ثالث الحروف مشددة وبعد الألف نون.

١٩٠

يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» (١).

سئل أبو بكر هذا عن مولده وأنا شاهد ، فقال : في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة السّبت خامس شعبان سنة خمس عشرة وست مئة ، ودفن يوم السّبت.

٦٥٠ ـ محمد (٢) بن أبي الفرج بن معالي ، أبو المعالي.

__________________

(١) حديث صحيح ، وفي إسناده اضطرب.

أخرجه أبو يعلى (٥٨٥٥) ، والطحاوي في شرح المشكل (١٦٩١) ، والطبراني في الصغير (٨١٠) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١ / ١٩ من طريق عبد الواحد بن زياد ، به.

وأخرجه أحمد ٢ / ٢٣٤ ، وابن ماجة (٢٢٠) ، من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن معمر ، به.

وقد اختلف فيه على الزهري فرواه النسائي في الكبرى (٥٨٣٩) من حديث شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، وقال النسائي : خالفه يونس ، فرواه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، كما في تحفة الأشراف ١٠ / ٤١٩ حديث (١٥١٨٥). وحديث يونس عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن معاوية في الصحيحين ١ / ٢٧ (٧١) و ٤ / ١٠٣ (٣١١٦) و ٩ / ١٢٥ (٧٣١٢) ، ومسلم ٣ / ٩٥ (١٠٣٧) ، وذكره الدارقطني في العلل ٧ / ٥٩ ـ ٦٠ وصوّب حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن ، عن معاوية ، وتعقبه العلامة الشيخ شعيب الأرنؤوط بقوله : الزهري حافظ مكثر ، فلا يبعد أن يكون عنده الإسنادان جميعا (مسند أحمد ١٢ / ١٢١ من طبعته). قال بشار : قد أشار الإمام النسائي إلى أن ذلك من المخالفة ، وكذا قال الدارقطني ، فيترجح قول الدارقطني ، والله أعلم.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٩٩٥ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٤٠٦ نقلا من تاريخ ابن الساعي ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦٨٢ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٦١٣ ، والعبر ٥ / ٨٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٨ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣١٩ ، والسبكي في طبقاته الكبرى ٨ / ١١٤ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ٤٤٦ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٠٥ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٧٢ ، وابن الجزري في غاية النهاية ٢ / ٢٤٨ ، وابن تغري بردي في

١٩١

من أهل الموصل ؛ ولد بها ونشأ ، وقرأ بها القرآن الكريم على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي. وسمع الحديث من أبي الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطّوسي الخطيب ، وغيرهما.

ثم قدم بغداد في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، وأقام بها ، وتفقّه على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه ، وقرأ الأدب على أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري ، وحصل له طرف من الفقه. وأعاد بالمدرسة النّظامية. وأقرأ القرآن بالقراءات. وحدّث.

مولده فيما قرأت بخطه في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة بالموصل. وتوفي ببغداد ليلة السّبت سادس شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وست مئة ، ودفن يوم السبت.

٦٥١ ـ محمد (١) بن أبي البركات بن أبي السعادات ، أبو السعادات ، يعرف بابن صعنين (٢).

من أهل الحريم الطّاهري.

رجل خيّر ، موصوف بالصّلاح. سمع من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان ، وغيره. كتبنا عنه.

قرأت على أبي السّعادات محمد بن أبي البركات بن صعنين ، قلت له :

__________________

النجوم ٦ / ٢٥٩ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية ، الورقة ٦٩ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٩٦.

(١) ترجمه المنذري في وفيات سنة ٦٢٨ من التكملة ٣ / الترجمة ٢٣٥٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٧٠ نقلا من المنذري ، ثم أعاده في وفيات سنة ٦٢٩ (١٣ / ٩٠٥) نقلا عن ابن النجار ، مع أن ابن النجار ذكر أنه توفي في ذي الحجة من سنة ٦٢٨! واختاره في المختصر المحتاج ١ / ١٦٩.

(٢) قال المنذري : بفتح الصاد وسكون العين المهملتين ، وكسر النون وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة ونون.

١٩٢

أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون إجازة ، قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله المحامليّ ، قال : أخبرنا أبو القاسم عمر بن جعفر بن سلم الختّلي ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة ، عن إسماعيل بن عيّاش ، عن يحيى بن يزيد ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عبد الوهّاب المكي ، عن عبد الواحد النّصريّ ، عن واثلة بن الأسقع ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «المسلم على المسلم حرام : عرضه ، ودمه ، وماله» (١).

٦٥٢ ـ محمد (٢) بن أبي العز بن جميل ، أبو عبد الله.

__________________

(١) إسناده ضعيف ومتنه صحيح ، إسماعيل بن عياش الحمصي ضعيف في روايته عن غير أهل بلده ، ويحيى بن يزيد رهاوي من أهل الجزيرة ، قال فيه البخاري : لم يصح حديثه.

أخرجه أحمد ٣ / ٤٩١ وليس فيه «زيد بن أبي أنيسة» فهو منقطع كما بيناه في تعليقنا على المسند الجامع ١٥ / ٦٦٦ ، وأبو داود في كتاب الأدب من سننه في رواية أبي الحسن ابن العبد ، كما ذكره المزي في تحفة الأشراف ٨ / ٣٢٢ حديث رقم (١١٧٤٦) ، والطبراني في الكبير ٢٢ / حديث رقم (١٨٣) ، وابن عدي في الكامل ٧ / ٢٦٨٨.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة (٢٥٦٤) وفي آخره : «كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه».

(٢) ترجمه ياقوت في «جبّى» من معجم البلدان ٢ / ٩٧ نقلا صريحا من هذا الكتاب ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ١٣٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٨٧ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١٢٠ وذكر أنه قدم عليهم دمشق مع ابنته وأنه يلقب فخر الدين ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ١٤٣. ولم يذكره ابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين ، لكنه ذكره في ترجمة عفيف الدين منصور بن عقبة قاضي هيت ، فقال : «روى لنا عن والده وعن مجد الدين بن جميل» ، فتبين أن ما جاء في ذيل الروضتين محرف. وترجمه الذهبي في وفيات سنة (٦١٦) من تاريخه ١٣ / ٤٨٨ نقلا عن ابن النجار وسماه : «محمد بن منصور بن جميل ، أبو عبد الله البغدادي الهيتي الكاتب». وترجمه الصفدي في الوافي بأحسن مما ترجمه الذهبي ، وقال : «محمد بن منصور بن جميل بن محفوظ ، أبو عبد الله بن

١٩٣

ولد بقرية تعرف بجبّى ، من نواحي هيت ، وقدم بغداد صبيا ، واستوطنها ، وقرأ بها القرآن الكريم والأدب والفرائض والحساب. وسمع الحديث من جماعة منهم : أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهّاب بن كليب ، والقاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائيّ الواسطيّ لما قدمها. وقال الشّعر. ومدح سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين خلّد الله ملكه ـ بقصائد كثيرة كان يوردها في المواسم والهناءات.

وخدم في أشغال الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ ونظر في ديوان التّركات الحشرية ، وتولّى كتابة المخزن المعمور ، ثم ولي صدرية المخزن بعد عزل أبي الفتوح بن المظفّر في ليلة عاشر ذي القعدة سنة خمس وست مئة مضافا إلى النّظر بدجيل ، وطريق خراسان ، والخالص ، والخزانة ، والعقار ، وغير ذلك من أعمال الحضرة. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم السّبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وست مئة.

وتوفّي يوم السّبت النّصف من شعبان سنة ست عشرة وست مئة ، ودفن بمقابر قريش.

٦٥٣ ـ محمد بن أبي منصور بن أبي طاهر بن مرزوق ، أبو عبد الله المقرىء الخيّاط.

من أهل الموصل. لقيته بها ، وكتبت عنه ، وذكر لي أنّه قدم بغداد وسمع بها من الشّيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ، ومن شيخنا عبد المغيث بن زهير الحربي ، أظن في سنة تسع وخمسين وخمس مئة ، وعاد إلى بلده ، وسمع هناك من جماعة.

__________________

أبي العز الكاتب» (الوافي ٥ / ٦٨) ، فعرف أن اسم أبيه أبي العز هو منصور. وترجمه السيوطي في البغية ١ / ٢٥٠.

١٩٤

وهو شيخ صالح صاحب مسجد وصلاة متشاغل بالخير.

٦٥٤ ـ محمد (١) بن أبي الوفاء بن أحمد بن أبي طاهر العدويّ ، أبو عبد الله النّحوي يعرف بابن القبيصيّ.

من أهل الموصل أيضا ، منسوب إلى قرية من قرى الموصل (٢).

حافظ للقرآن المجيد ؛ قد قرأ بالقراءات على جماعة من الشيوخ. وقرأ النّحو على أبي الحرم مكّي بن ريّان الماكسينيّ الساكن بالموصل ، وحصل له معرفة جيّدة به.

قدم بغداد بعد سنة ثمانين وخمس مئة ، وقرأ بها القرآن بالقراءات على شيخنا القاضي أبي الفتح نصر الله بن علي ابن الكيّال الواسطيّ لما قدمها ، وسمع منه. وتفقه على جمال الدين أبي القاسم يحيى بن عليّ بن فضلان ، وأقام عنده مديدة. وعاد إلى بلده ثم قدمها مرّة ثانية في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة. وسمع بها من أبي سعد بن حمّوية الصّوفي لما وردها صادرا من الحج (٣).

لقيته بإربل وكان بها مقيما يقرىء النّحو بدار الحديث. وكتبت عنه لفضله ولصلاحه.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي الوفاء النّحوي ، قلت له : أخبركم الشّيخ أبو سعد عبد الواحد بن عليّ بن محمد بن حمّوية الصّوفي النّيسابوريّ قدم عليكم بغداد قافلا من الحج في رباط شيخ الشيوخ ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٦٩ ، وترجمه السيوطي في البغية ١ / ٢٦٠ نقلا من تاريخ إربل لابن المستوفي.

(٢) لا أشك أنه منسوب إلى قبيصة : قرية من أعمال شرقي مدينة الموصل ، بينهما مقدار فرسخين ، ذكرها ياقوت في معجم البلدان ٤ / ٣٠٨.

(٣) إلى هنا ينتهي غلط التجليد في نسخة الشهيد علي باشا الإستانبولية ، فنعود إلى الوجه الثاني من اللوحة ١٣٧ لإكمال الترجمة.

١٩٥

به ، قال : أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشّحّامي ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن عبد الغافر الفارسي ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السّلمي ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرّازي ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن داود البلخي ، قال : حدثنا مكّي ، قال : حدثنا أيمن ، عن قدامة ، قال : صلّيت وراء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فما رأيت أحدا أخفّ صلاة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أوجز ولا أتمّ منه (١).

* * *

__________________

(١) في إسناده الحسن بن داود البلخي لا أعرفه ، مكي هو ابن إبراهيم بن بشير التميمي البلخي ثقة ثبت من رجال الشيخين ، وشيخه أيمن هو ابن نابل صدوق حسن الحديث ، والصحابي هو قدامة بن عبد الله بن عمار ، تفرد أيمن بالرواية عنه ، وليس له في الكتب الستة ومسند أحمد سوى حديث واحد : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يرمي الجمار على ناقة ... الحديث ، صححه الترمذي (٩٠٣). على أن في إسناد الحديث أبو عبد الرحمن السلمي ، متكلّم فيه ، قال الذهبي : «وفي القلب مما يتفرد به» (ميزان الاعتدال ٣ / ٥٢٤).

١٩٦

ذكر من اسمه محمد ولم نقف على نسبه

٦٥٥ ـ محمد (١) البشيليّ.

شيخ صالح ، من أهل قرية تعرف ببشيلة من قرى بغداد قريبة من الجانب الغربي.

صحب الشّيخ عبد القادر الجيلي ، والفقراء والصّالحين بعده. سليم الباطن. كنت أراه بجامع القصر الشّريف في وقت الاعتكاف في شهر رمضان مشغولا بنفسه والنّاس يتبركون به ويسألونه الدّعاء.

توفّي يوم السبت ثاني عشر شعبان سنة أربع وتسعين وخمس مئة ، وصلّى عليه خلق كثير ، ودفن بباب حرب فيما أحسب.

٦٥٦ ـ محمد (٢) البلخيّ.

أحد الزّهّاد وأصحاب العزلة والانفراد. كان لا يخالط النّاس ، ولا يأوي إلى أحد ، ويسكن الخراب مثل جامع براثا والمواضع الخالية ، وإذا قصده إنسان تباعد منه ، وإذا تبعه رماه بالأحجار حتى يعود عنه ، لبث على ذلك زمانا لا يعلم من أين قوته إلى أن كبر وعجز فكان يدخل إلى مسجد بقطفتا ، المحلة المجاورة لقبر معروف الكرخي فيكون فيه في بعض الأحايين من غير أن يشعر به أحد حتى مرض بهذا الموضع ، وتوفي به ، وعرف بموته فتبادر النّاس إليه وإلى الصّلاة عليه ، فعبرنا وجماعة من أصحابنا إلى الموضع المذكور ، وتولّى تجهيزه وتكفينه

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «بشيلة» من معجم البلدان ١ / ٤٢٩ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٤٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٥ / ٣٠٣ ووقع فيه اسمه «عمر»!

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٧٠ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٥٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٦٩.

١٩٧

وكيل الجهة الشّريفة الرّحيمة والدة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على سائر الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين وخدمها وذلك في يوم الأحد الرّابع من محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، وصلّينا عليه ظاهر المحلّة عصر اليوم المذكور ، ودفن بمقبرة معروف والخلق كثير ، رحمنا الله وإياه.

هذا ما انتهى إليه ذكرنا ممن اسمه محمد ، فلنبدأ الآن بذكر الأسماء بعده مرتّبة على حروف المعجم ، والله الموفق.

* * *

١٩٨

ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه أحمد

٦٥٧ ـ أحمد بن أحمد بن عبد السّلام ابن المزارع القصّار ، أبو القاسم ابن أبي الكرم المقرىء ، يعرف بابن صبوخا (١).

من ساكني الظّفريّة ، أحد المحالّ بالجانب الشّرقي.

شيخ من أهل القرآن والرواية هو وأبوه ، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه إن شاء الله.

سمع أبو القاسم هذا من أبي غالب محمد بن الحسن البقّال ، وروى عنه.

سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفّاف وذكره في «معجم شيوخه» ، وأخرج عنه فيه حديثا.

وقد ذكر تاج الإسلام أبو سعد السّمعانيّ : أحمد بن أبي الكرم بن عبد السّلام القصّار في كتابه في الكنى في آباء من اسمه أحمد ، ولم يقف على اسم أبيه. وذكرناه نحن على الصّواب في موضعه اعتمادا على ما ذكره أبو بكر بن كامل في «معجمه» لأنّه سمع منه ومن أبيه جميعا.

٦٥٨ ـ أحمد بن أحمد بن الحسن ، أبو السّعادات بن أبي الفضل ، يعرف بابن العالمة.

من أولاد الشّيوخ والمحدّثين. سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النّعالي ، وروى عنه.

سمع منه أيضا المبارك بن كامل ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

٦٥٩ ـ أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد السّلام الأنصاريّ ، أبو

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٦ / ٢٢٥ وذكر أنه يسمى المبارك أيضا ، وأنه توفي سنة (٥٣٧) ودفن بالجديدة من باب أبرز ، وقيد «صبوخا» بالحروف.

١٩٩

السّعادات بن أبي القاسم ، يعرف بابن الفأفاء السّقلاطونيّ ، من أهل بغداد.

هكذا ذكره أبو الخطاب عمر بن محمد العليميّ الدّمشقيّ ، ومن خطّه نقلت ، قال : أنشدنا أبو السعادات ، وسمّاه ونسبه كما ذكرنا ، بنيسابور من حفظه ، قال : أنشدنا أبو الفضل بن أبي سعد الواعظ ببغداد لنفسه :

لعمرك ما يشين المرء إلا

خلائقه إذا كانت قباحا

وليس يشينه خلق ضئيل

وقد أضحت خلائقه ملاحا

ولست أبارز البطل اختلاسا

ولكنّي أكافحه كفاحا

إذا ما الحرب أبدت ناجذيها

لطالبها وأشهرت السّلاحا

كررت على الكماة بمشرفيّ

يكاد البرق من غربيّه لاحا

يمان مثل لون الملح صاف

يقدّ جماجما ويبيد راحا

كتب العليميّ عن هذا الشّيخ بنيسابور في سنة خمس وأربعين وخمس مئة ، فوفاته بعدها ، والله أعلم.

٦٦٠ ـ أحمد (١) بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى الشّيرازيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو جعفر بن أبي نصر المعروف بابن القاص الصّوفي.

والقاص هو أبو يعلى جد أبيه. من أهل الحريم الطّاهري ، سكن قطفتا وكان بها إلى أن مات.

مقرىء ، صاحب عبادة ورياضة ورواية ، منقطع فيها. قرأ بالقراءات على أبي بكر أحمد بن عليّ بن بدران الحلواني المعروف بخالوه ، وعلى أبي الخير المبارك بن الحسين الغسّال (٢) ، وغيرهما. وسمع الحديث منهما ، ومن أبي

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٢١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٧٠ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٥٠ ، والصفدي في الوافي ٦ / ٢٢٦ ، وابن الجزري في غاية النهاية ١ / ٣٨.

(٢) بالغين المعجمة ، قيدته كتب المشتبه ، فانظر توضيح ابن ناصر الدين ٦ / ٢٦٣.

٢٠٠