ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

فأقرّ به ، وذلك في صفر سنة ستين وخمس مئة بباب المراتب ، قال : أخبرنا أبو العلاء غياث بن محمد بن أحمد ابن العقيلي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، قال (١) : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن معاوية بن يحيى ومالك ابن أنس ، عن الزّهري ، عن أنس أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لكل دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء» (٢).

__________________

(١) المعجم الصغير ١ / ٣١.

(٢) إسناده ضعيف ، قال الطبراني بعد أن ساقه : «لم يروه عن مالك إلا عيسى بن يونس ، تفرد به ابن سهم». أما رواية معاوية بن يحيى فضعيفة لضعف معاوية ، ولذلك رويت هذه الرواية التي قرن بها مالك ، وظاهر إسنادها حسن. ورواه الخطيب في تاريخه ٨ / ٥٠٩ من طريق عيسى بن يونس عن مالك وحده ، به ، وظاهر الإسناد حسن أيضا. والذي في موطأ مالك (٢٦٣٤ رواية الليثي و ١٨٨٩ برواية الزهري و ٦٧٩ برواية سويد بن سعيد الحدثاني و ٩٥٠ برواية محمد بن الحسن الشيباني) وما نقله وكيع في الزهد (٣٨٣) عنه ، وكذلك هناد بن السري في الزهد أيضا (١٣٤٧) : عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي ، عن يزيد بن طلحة ابن ركانة يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لكل دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء» ، وقال ابن عبد البر : هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جمهور الرواة عن مالك» (التمهيد ٢١ / ١٤١) يعني مرسل ، وقد عدّه العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني عند الكلام على هذا الحديث في صحيحته (رقم ٩٤٠) إسنادا آخر ، وجعله شاهدا للحديث المتقدم ، فخلص إلى أنّ مالك بن أنس رواه بإسنادين. قال بشار : وفي هذا نظر ، فقد قال ابن عبد البر معلقا على حديث يزيد بن طلحة بن ركانة : «وقد روي عن عيسى بن يونس عن مالك عن الزهري عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : لكل دين خلق وخلق هذا الدين الحياء. وذلك عندنا خطأ وإنما هو لمالك عن سلمة بن صفوان لا عن الزهري عن أنس ، وحديث عيسى بن يونس إنما هو عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن أنس ، لا عن مالك بن أنس ، ذكره البزار ...» ثم ذكره بإسناده.

من هنا يتضح أن ابن عبد البر ، وهو الخبير بمالك وموطئه ، أنكر أن يكون عيسى بن يونس قد رواه عن مالك ، وعدّ ذلك خطأ ، ولعل الخطأ من محمد بن عبد الرحمن بن سهم

١٤١

عاد هذا إلى بلده في هذه السنة وتوفي به ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٨٥ ـ محمد (١) بن نجاح بن سعود بن عبد الله اليوسفيّ ، أبو شجاع.

أخو أبي الحسن عليّ وأبي البركات يحيى ، وسيأتي ذكرهما في هذا الكتاب ، إن شاء الله. كان أبوهم نجاح مولى لأبي منصور بن يوسف فنسبوا إليه.

سمع محمد هذا من أبي عليّ الحسن بن المظفّر ابن السّبط ، ومن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما. وحدّث عنهم.

ذكر أبو بكر عبيد الله بن عليّ ابن المارستاني أنّه سمع منه وأنّه سأله عن مولده ، فقال : في يوم الأحد ثاني عشر محرم سنة اثنتي عشرة وخمس مئة. قال : وتوفي في ثالث جماى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمس مئة.

٥٨٦ ـ محمد (٢) بن نسيم بن عبد الله العيشونيّ ، أبو عبد الله.

كان أبوه نسيم مولى لأبي الفضل بن عيشون فنسب إليه.

سمع أبا الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن

__________________

الأنطاكي ، فهو وإن كان ثقة لكنه يغرب ، كما قال ابن حبان ، والثقة يخطىء ، فلا أشك أن هذا من غلطه (ينظر تهذيب الكمال ٢٥ / ٦٠٦ والتعليق عليه). على أن ابن عبد البر قال : «وأما معناه فمتصل مستند من وجوه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

ملاحظة : حديث معاوية بن يحيى أخرجه ابن ماجة (٤١٨١) ، وأبو يعلى (٣٥٧٣) ، والبغوي في الجعديات (٢٩٨٣) ، وأبو نعيم في الحلية ٥ / ٣٦٣ ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١١٨١).

(١) ترجمه ابن الفوطي في الملقبين بقوام الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٣١٥١ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٢.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٢٢٨ و ٣٥٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٤٤ ، والعبر ٤ / ٢٢١ ، والمشتبه ٤٨٠ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١١٠ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٣٠٢ ، والفاسي في ذيل التقييد ١ / ٢٧٤ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٦ / ٤٠٠ ، وابن حجر في التبصير ٣ / ١٠٣٦ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٨٤ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٤٩.

١٤٢

بيان. وغيرهما. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشيّ ، وأبو محمد عبد العزيز بن الأخضر. وحدّثنا عنه جماعة ، وقد أجاز لنا أيضا.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن نسيم بن عبد الله الخيّاط قراءة عليه ، فأقرّ به. وأنبأناه محمد بن نسيم إجازة ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد ابن الرّزّاز ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : أخبرنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «آتي يوم القيامة باب الجنّة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت؟ فأقول : محمد ، فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك» (١).

تنكّس محمد بن نسيم من درج في بيته ليلة الخميس رابع جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وخمس مئة فمات في وقته ، وصلّي عليه يوم الخميس ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة معروف الكرخي ، رحمهما‌الله وإيانا.

٥٨٧ ـ محمد (٢) بن نزار ، ويقال : ابن أبي نزار ، أبو بكر يعرف بابن أبي البير (٣).

من أهل الجانب الغربي ، من المحلّة المعروفة بالمستجدّة.

ذكر لي أنّه قرأ القرآن الكريم بالقراءات على سعد الله ابن الدّجاجي ، وأبي الفضل بن شنيف. وسمع أبا بكر ابن المقرّب ، وأبا عليّ ابن الرّحبي وغيرهما.

__________________

(١) تقدم تخريجه في الترجمة ٢٣ ، وتقدم في الترجمة ٣٥٨.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٤٣ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٣٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٥١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١١٠ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ١ / ٦٧٧.

(٣) قيده المنذري فقال : بكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة.

١٤٣

حدّث بشيء يسير.

وتوفي يوم السّبت سادس ذي الحجة سنة خمس عشرة وست مئة.

* * *

حرف الواو في آباء من اسمه محمد

٥٨٨ ـ محمد (١) بن وهب بن سلمان بن أحمد بن عليّ السّلميّ ، أبو المعالي بن أبي القاسم يعرف بابن الزّنف (٢).

من أهل دمشق ؛ من أولاد الشيوخ المذكورين بها بالفقه والرواية.

سمع أبو المعالي هذا بدمشق من أبي الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصّيصيّ ، وأبي الدّر ياقوت بن عبد الله مولى ابن البخاريّ التّاجر ، والقاضي أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسديّ المعروف بابن البن ، وغيرهم.

وقدم بغداد حاجا في ذي القعدة من سنة خمس وست مئة ، وأقام بالمدرسة النّظامية ، وحدّث بها عن المذكورين ، وبإجازته من أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيريّ. سمعنا منه ، وكتبنا عنه.

أخبرنا أبو المعالي محمد بن وهب بن سلمان الدّمشقيّ قراءة عليه وأنا أسمع بالمدرسة النّظامية ببغداد ، قيل له : أخبركم أبو الفتح نصر الله بن محمد ابن عبد القوي الفقيه قراءة عليه وأنت تسمع بدمشق ، فأقرّ بذلك ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع بصور ،

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٥٦٥ ، وابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٦٤ وهي ترجمة مهمة ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١١٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٠٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٧٧ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٤ / ٣٠٧.

(٢) قال المنذري : والزّنف : بفتح الزاي وسكون النون وبعدها فاء.

١٤٤

قال : أخبرنا الحسن (١) بن أبي بكر ، أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي ، قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب ، قال : حدثنا عبد الوهّاب بن عطاء ، قال : أخبرنا سعيد (٢) ، عن قتادة ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلغه موت النّجاشي ، فقال : «صلّوا على أخ لكم مات بغير بلادكم» قال : فصلّى عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصفّنا صفوفا. قال جابر : فكنت في الصّفّ الثاني أو الثالث. وكان اسم النجاشي أصحمة (٣).

سألت أبا المعالي ابن الزّنف عن مولده ، فقال : ولدت ليلة الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.

حج هذا الشّيخ في هذه السنة وعاد إلى دمشق فتوفّي بها يوم الأربعاء العشرين من شعبان من سنة ست وست مئة.

__________________

(١) هو الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، أبو علي البزاز المعروف بابن شاذان.

(٢) هو ابن أبي عروبة.

(٣) حديث صحيح ، أخرجه من حديث عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بهذا اللفظ : أحمد ٣ / ٢٩٥ و ٣٦٩ ، والبيهقي ٤ / ٥٠.

وأخرجه البخاري ٥ / ٦٤ (٣٨٧٨) ، وأبو يعلى (٢١٨٥) ، من طريق يزيد بن زريع ، عن سعيد ، مقتصرا على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى على النجاشي فصفنا وراءه ، فكنت في الصف الثاني أو الثالث.

وأخرجه الطيالسي (١٦٨١) ، والبخاري ٢ / ١٠٨ (١٣١٧) ، وأبو يعلى (١٧٧٣) ، والبيهقي ٤ / ٢٩ من طرق عن قتادة مثل حديث يزيد بن زريع.

قلت : وقد رواه روح بن عبادة وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، عن سعيد بن أبي عروبة ـ وهما ممن سمعا منه قبل اختلاطه ـ عن قتادة ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، ولفظه : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أخبر بموت النجاشي قال : صلوا على أخ لكم مات بغير بلادكم : أخرجه أحمد ٤ / ٧ ، والخطيب في تاريخه ١٦ / ٦٣٥. وأخرجه الطيالسي (١٠٦٨) ، وأحمد ٤ / ٧ ، والبخاري في تاريخه ٨ / الترجمة ٣٦٠٦ ، وابن ماجة (١٥٣٧) ، والطبراني في الكبير (٣٠٤٦) من طرق عن المثنى بن سعيد الضبعي عن قتادة ، به. فظهر أن قتادة يرويه عن عطاء عن جابر ، وعن أبي الطفيل عن حذيفة.

١٤٥

حرف الهاء في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه هبة الله

٥٨٩ ـ محمد (١) بن هبة الله بن عليّ بن إبراهيم بن القاسم بن زهموية ، أبو الدّلف الكاتب.

من أهل باب الأزج. هو أخو أبي الحسن عليّ بن هبة الله المحدّث المذكور بالرّواية.

كان فيه فضل وله معرفة بالأدب ويقول الشّعر. تولّى خدمة الدّيوان العزيز مجده الله ـ وعمل ناظرا في السّواد كدجيل وغيره. وخرج إلى الحلّة السّيفية وأميرها يومئذ دبيس بن صدقة بن مزيد الأسدي فأقام عنده ، فاتفق أنّه توفي المستظهر بالله وبويع لولي عهده وولده أبي منصور الفضل ولقّب بالمسترشد بالله وذلك في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمس مئة ، فخرج الأمير أبو الحسن عبد الله أخو المسترشد مختفيا في الليلة التي تولّى فيها أخوه ، وكان أبوهما قد جعله ولي عهده بعد أخيه ، وقصد حلّة دبيس بن صدقة ونزل عليه ، فأكرمه وأقام عنده ، وله قصة نشرحها عند ذكره فيمن اسمه عبد الله طويلة. وخدم أبو الدّلف هذا معه وكان مدبّر أموره. وخرج معه إلى واسط فلما أخذ الأمير أبو الحسن وانحلّ أمره في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة أخذ معه وحمل إلى بغداد ، وأشهر على جمل وطيف به الأسواق والمحال وردّ إلى السّجن فهلك به (٢) في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمس مئة ، ودفن بمقبرة درب

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٤ ، وترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ١٥٣ ، نقلا عن غير المؤلف ، لعله من تاريخ ابن النجار. وله ذكر في حوادث سنة ٥١٣ من المنتظم ٩ / ٢٠٥.

(٢) ذكر ابن الجوزي أنه قتل به ، والمؤلف يحب العافية!

١٤٦

الخبّازين (١) ، ثم نقل إلى مقبرة باب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٩٠ ـ محمد بن هبة الله بن الحسن ، أبو المعافى الأديب البردانيّ.

وبردان المنسوب إليها : قرية قريبة من بغداد.

روى عنه الشّيخ أبو محمد عبد الله بن عليّ المقرىء سبط الشيخ أبي منصور الخيّاط أبياتا من شعره يمدح بها «مختصر» الخرقي في مذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وغير ذلك. وذكر أنه أنشده ذلك في سنة أربع وعشرين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

٥٩١ ـ محمد بن هبة الله بن محمد بن عليّ بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ ، أبو البركات.

أحد الشهود المعدّلين ، ومن بيت منهم جماعة فقهاء وعدول ورواة.

شهد أبو البركات هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النّحوي ، قال : أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءة عليه في «تاريخ الحكّام» له ، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته : وأبو البركات محمد بن هبة الله ابن الصّبّاغ يوم ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وخمس مئة ، وزكّاه أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي وأبو الحسين محمد ابن محمد ابن الفرّاء.

قال ابن المندائي : وتوفي أبو البركات ابن الصّبّاغ يوم عاشر رجب سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.

٥٩٢ ـ محمد بن هبة الله بن إبراهيم بن عبد الواحد العطّار ، أبو الحسن الوكيل.

__________________

(١) سماها الصفدي عمّن نقل : «مقبرة الشامي» فلعل هذا اسم آخر لها.

١٤٧

حدّث عن أبي نصر محمد بن محمد الزّينبي. سمع منه أبو محمد ابن الخشّاب النّحوي في شعبان سنة سبع وعشرين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٩٣ ـ محمد بن هبة الله بن عبد الله ، أبو شجاع الواعظ.

ذكر أبو بكر المبارك بن كامل الخفّاف في «معجم شيوخه» أنّه أنشده شيئا من شعره.

وذكره القاضي عمر بن عليّ القرشي أيضا في شيوخه الذين سمع منهم ، رحمهم‌الله وإيانا.

٥٩٤ ـ محمد (١) بن هبة الله بن محمد بن الحسن ابن الصّاحب ، أبو المعالي بن أبي الفضل ، أخو أبي القاسم عليّ حاجب باب النّوبي المحروس الذي يأتي ذكره.

سمع أبا بكر أحمد بن بدران الحلوانيّ ، وحدّث عنه. سمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشي وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر الدّمشقي ، قال : أخبرنا أبو المعالي محمد بن هبة الله ابن الصّاحب ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن بدران الحلواني ، قال : أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطّبري. وأخبرناه عاليا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى التّاجر ، قال : أخبرنا أبو البركات هبة الله بن محمد بن عليّ ابن البخاري وأبو البقاء هبة الله بن محمد ابن إبراهيم ابن البيضاوي وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وأبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قراءة عليهم منفردين وأنا أسمع ، قالوا : أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطّبريّ ، قال : أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ابن الغطريف الجرجانيّ ، قال : أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحيّ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، عن جويرية ، عن مالك ،

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٥.

١٤٨

عن الزّهري ، عن مالك بن أوس ، عن عمر بن الخطاب ، عن أبي بكر الصّدّيق رضي‌الله‌عنهما ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا نورث ، ما تركناه صدقة» (١).

قال القرشيّ : سألت أبا المعالي ابن الصّاحب عن مولده فقال : في سنة ست وثمانين وأربع مئة. وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.

٥٩٥ ـ محمد (٢) بن هبة الله بن عبد الله ، أبو عبد الله الفقيه الشافعيّ.

من أهل سلماس أحد بلاد أذربيجان.

قدم بغداد واستوطنها إلى أن توفّي بها ، وكان أحد المعيدين بالمدرسة النّظامية ، وله معرفة حسنة بالفقه ؛ مذهبا وخلافا وأصولا. تفقه عليه جماعة وانتفعوا به. وكان حسن الكلام ، سديد الفتوى.

توفي ليلة الاثنين رابع شعبان سنة أربع وسبعين وخمس مئة ، ودفن بالمقبرة المعروفة بالعطّافية بالجانب الشرقي.

٥٩٦ ـ محمد (٣) بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله ، أبو بكر.

من أهل أوانا أحد نواحي دجيل. تولّى القضاء ببلده ، والنّظر في ديوان التّركات الحشرية ببغداد في أيام الإمام المستضيء بأمر الله ، ولم يكن محمودا في أمره.

توفّي في محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة فيما ذكر لي ابنه أبو

__________________

(١) هو في الصحيحين : البخاري ٤ / ٩٦ (٣٠٩٤) و ٥ / ١١٣ (٤٠٣٣) و ٧ / ٨١ (٥٣٥٨) و ٨ / ١٨٥ (٦٧٢٨) و ٩ / ١٢١ (٧٣٠٥) ، ومسلم ٥ / ١٥١ (١٧٥٧).

(٢) ترجمه ابن خلكان في وفيات الأعيان ٤ / ٢٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٠٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٥ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥٦ ، والسبكي في طبقاته ٧ / ٢٣ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ٥٦ ، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية ١ / ٣٥٠.

(٣) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ١٥٠.

١٤٩

الفتح محمد.

٥٩٧ ـ محمد (١) بن هبة الله بن محمد بن أحمد ابن الثّقفيّ ، أبو منصور.

من أهل الكوفة. أحد عدولها ؛ من بيت معروف بالعدالة والقضاء ببغداد والكوفة ، وأهل رواية وتحديث.

قدم أبو منصور بغداد مرارا كثيرة ، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وبالكوفة من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي وغيرهما. وروى اليسير ؛ سمع منه بالكوفة صديقنا أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي وغيره. وكتب لنا إجازة في سنة خمس وثمانين وخمس مئة من الكوفة.

أنبأنا أبو منصور محمد بن هبة الله ابن الثّقفي ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد في رجب سنة إحدى وعشرين وخمس مئة ، قال : أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطّبري. وأخبرنيه أبو محمد عبد الغني بن الحسن ابن العطّار الهمذاني بقراءتي عليه ببغداد في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، قلت له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد في صفر سنة خمس وعشرين وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطّبري ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن القاسم العبدي بجرجان ، قال : أخبرنا أبو خليفة القاضي ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا شعبة ، عن زبيد ومنصور والأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (٢).

__________________

(١) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٥.

(٢) حديث زبيد بن الحارث اليامي عن أبي وائل شقيق بن سلمة في الصحيحين : البخاري

١٥٠

توفي أبو منصور بالكوفة بعد أن أجاز لنا بيسير ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٩٨ ـ محمد (١) بن هبة الله بن يحيى بن الحسن بن أحمد بن عبد الباقي ، أبو العلاء بن أبي جعفر بن أبي نصر يعرف بابن البوقيّ.

من أهل واسط ، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه هبة الله ، إن شاء الله.

تفقه أبو العلاء هذا بواسط على مذهب الشّافعي رحمه‌الله على أبيه ، وتكلّم في مسائل الخلاف ، وأفتى ، وشهد عند القضاة.

وقدم بغداد مرارا كثيرة ، وناظر فقهاءها ، وسمع بها شيئا من الحديث. ورأيت في جزء بخط أبي بكر عبيد الله بن نصر المارستاني طبقة سماع له من أبي الفضل الأرموي في سنة سبع وأربعين وخمس مئة وما أظنه دخل بغداد في هذا التاريخ بل بعده. والطبقة بخطه ، أعني ابن البوقي ، وما أظن ذلك إلا من فعل ابن المارستاني وكتابته على خطّ أبي العلاء وتشبيهه به ، وأبو العلاء من ذلك بريء.

وناب عن الوزير أبي جعفر أحمد بن محمد ابن البلدي في أيام وزارته بديوان المجلس. وبعد هلاك ابن البلدي عاد إلى واسط. وقد كان سمع بها من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي ، وأبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي ، وأبي الحسن عبد السلام لمّا قدمها ، وأبي الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني ، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عليّ ابن المغازلي وغيرهم.

__________________

١ / ١٩ (٤٨) ، ومسلم ١ / ٥٧ (٦٤) (١١٦). وحديث منصور بن المعتمر عن أبي وائل في الصحيحين أيضا : البخاري ٨ / ١٨ (٦٠٤٤) ، ومسلم ١ / ٥٧ (٦٤) (١١٧) ، وحديث سليمان بن مهران الأعمش عن أبي وائل في الصحيحين أيضا : البخاري ٩ / ٦٣ (٧٠٧٦) ، ومسلم ١ / ٥٨ (٦٤) (١١٧).

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٤٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩١٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٦ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥٥ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٤٦٥. وذكر ابن نقطة أباه وأخاه أبا علي الحسن في إكمال الإكمال ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

١٥١

وكان مؤثرا طلب الدّنيا وخدمة السّلطان ؛ ترك الاشتغال بالعلم والاتّسام به ، وأذهب عمره بالتّنقل من بلد إلى بلد رغبة في خدمة أرباب الدّنيا حتى استقرت به الدّار بالحلة المزيدية ناظرا في سوادها إلى أن توفي بها.

لقيته بواسط ، وبالحلّة عند اجتيازي بها للحج ، وقرأت عليه جزءا واحدا من «حديث يحيى بن معين» بسماعه من أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السلام. وسألته عن مولده ، فقال : قال لي والدي : ولدت في شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وخمس مئة.

قلت : وتوفي بقرية من سواد الحلّة يوم الأربعاء ثاني عشر شهر رمضان سنة تسعين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة مشهد الحسين بن علي ، رضي‌الله‌عنهم.

٥٩٩ ـ محمد (١) بن هبة الله بن نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد الأزديّ ، أبو المفضّل ابن شيخنا أبي العبّاس بن أبي الكرم بن أبي الحسن يعرف بابن الجلخت.

أحد العدول بواسط هو وأبوه ، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه هبة الله إن شاء الله. وهما من أهل بيت منه عدول ورواة ومحدثون ثقات صالحون.

سمع أبو المفضّل جده أبا الكرم نصر الله وغيره ، وقدم بغداد حاجا في سنة أربع وتسعين وخمس مئة فحج وعاد ، وحدّث بها في سنة خمس وتسعين عن جده المذكور ، ورأيته بها. سمع منه جماعة من أصحابنا. وسمعت منه بواسط ، ونعم الشيخ كان.

سألته عن مولده ، فقال : ولدت في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وبلغنا أنّه توفي بواسط في ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمس مئة ، ودفن بتربة مسجد زنبور عند أبيه وأهله ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٥٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٦.

١٥٢

٦٠٠ ـ محمد (١) بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسن ، أبو البركات ابن شيخنا القاضي أبي الحسين بن أبي المعالي يعرف بابن أبي الحديد.

من أهل المدائن. كان أبوه أبو الحسين يتولّى القضاء بها ، وسيأتي ذكره إن شاء الله فيمن اسمه هبة الله.

وأبو البركات هذا كان كاتبا ذكيا فهما ، تولّى عدّة أشغال تتعلق بخدمة المخزن المعمور وغيره. وكان معنا بالمدرسة النّظامية أيام نظرنا في أوقافها. علّقت عنه أناشيد واستشهادات كانت تقع بيننا حال المذاكرة منها ما أنشدني بقرية من قرى دجيل لبعض المغاربة من حفظه :

ومهفهف صبغ الحياء بخدّه

دمه فظلّ دمي بذاك طليقا

هذا يروق وذا يراق وإنّما

هذا يروق صفاؤه ليريقا

توفي أبو البركات بن أبي الحديد ببغداد ليلة الثلاثاء حادي عشري صفر سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، وصلّينا عليه يوم الثلاثاء ، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام بالجانب الغربي.

٦٠١ ـ محمد (٢) بن هبة الله بن محمد بن عبد السّميع الهاشمي (٣) ، أبو المظفّر بن أبي الفخار الخطيب ، أخو أبي تمّام عليّ الذي يأتي ذكره.

كان أحد الخطباء بجامع المنصور في الجمع ، ويسكن بباب البصرة. وقد سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي وغيره إلا أنّه لم يرو

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٥٢ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٨٨.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٩٣٠.

(٣) حدث هنا التباس وإشكال في تجليد النسخة ، فإن بقية الوجه الثاني من الورقة ١٣٧ المصورة وقع في الوجه الثاني من الورقة ١٤٧ المصورة ويستمر هذا إلى اللوحة ١٥٧ ونعود بعد ذلك إلى الوجه الثاني للورقة ١٣٧ فيتم بذلك التسلسل في هذا الموضع.

١٥٣

شيئا لأنّه توفي شابا في سابع شوال سنة اثنتين وست مئة.

٦٠٢ ـ محمد (١) بن هبة الله بن الحسين التّميميّ ، أبو منصور يعرف بابن جزنا.

من أهل الكوفة. شيخ صالح حافظ للقرآن الكريم ، له معرفة بمذهب الزّيدية. سمع بالكوفة من أبي الحسن محمد بن محمد بن غبرة الحارثي ، ومن أبي العباس أحمد بن يحيى بن ناقة المسلي. وجالس أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ المعروف بابن يلمش وأخذ عنه شيئا من الفقه والأصول.

قدم بغداد ، وسكنها إلى حين وفاته ، وكان ينزل بالمأمونية. كتبنا عنه بها.

قرأت على أبي منصور محمد بن هبة الله بن جزنا الكوفي ببغداد من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الحارثيّ قراءة عليه وأنت تسمع بالكوفة ، فأقرّ بذلك ، قال : أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن سلمان قراءة عليه وأنا أسمع في سنة خمس وسبعين وأربع مئة ، قال : أخبرنا أبو طالب أحمد بن عليّ الجعفريّ ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، قال : حدثنا بشر بن موسى الأسدي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان الثّوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذرّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اتّق الله حيثما كنت ، وأتبع السّيئة الحسنة تمحها ، وخالق النّاس بالخلق الحسن» (٢).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٨٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٧ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥١.

(٢) إسناده ضعيف لانقطاعه ، فإن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع من أبي ذر ، كما قال أبو حاتم وغيره ، وكما بيناه في ترجمته من «تحرير التقريب». وقد اختلف فيه على سفيان الثوري فروي كما هنا ، وروي عنه وعن ليث بن أبي سليم عن حبيب ، عن ميمون عن معاذ ، ولكن الترمذي قال : حسن صحيح ، فمتنه صحيح.

أخرجه من حديث أبي ذر : أحمد ٥ / ١٥٣ و ١٥٨ و ١٧٧ ، والدارمي (٢٧٩٤) ،

١٥٤

سألت أبا منصور هذا عن مولده ، فقال : ولدت في صفر سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة. وتوفّي ببغداد في ليلة الخميس خامس صفر سنة سبع وست مئة ، ودفن يوم الخميس بالمقبرة المعروفة بالوردية بشرقي بغداد ، رحمه‌الله وإيانا.

٦٠٣ ـ محمد (١) بن هبة الله بن كامل بن إسماعيل ، أبو الفرج بن أبي القاسم الوكيل بباب القضاة هو ، وأبوه ، ومن متميزي هذه الصّناعة ، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.

سمع أبو الفرج هذا من أبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء ، وأبي النّجم بدر بن عبد الله مولى عبد المحسن الشّيحيّ ، وأبي القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطيّ الشّروطيّ ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطيّ ، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبي منصور سعيد بن محمد الرّزّاز الفقيه ، وأبيه أبي القاسم هبة الله بن كامل وغيرهم. وكانت له إجازة من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ وغيرهما.

وحدّث بالكثير ، وعمّر حتى انفرد برواية كتب لم تكن عند غيره. سمعنا منه الكثير ، وكان صحيح السّماع.

__________________

والترمذي (١٩٨٧) ، والحاكم ١ / ٥٤ ، وأبو نعيم في الحلية ٤ / ٣٧٨ ، والبيهقي في الشعب (٨٠٢٦) ، وفي الزهد ، له (٨٦٩).

أما حديث معاذ فهو عند أحمد ٥ / ٢٢٨ و ٢٣٦ ، والترمذي (١٩٨٧ م ٢) ، والطبراني في الأوسط (٣٧٩١) ، والصغير له (٥٣٠) ، وأبو نعيم في الحلية ٤ / ٣٧٦.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٥٦ ، والنجيب عبد اللطيف في مشيخته ، الورقة ١٠٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٨٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٠ ، والعبر ٥ / ٢٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٧ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥٤ وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٠٢ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٣٠.

١٥٥

قرأت على أبي الفرج محمد بن هبة الله بن كامل الوكيل من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو النّجم بدر بن عبد الله الشّيحيّ ، مولاهم ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة وأبو الحسين أحمد بن محمد ابن النّقّور البزّاز ، قالا : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى بن الجرّاح ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغويّ ، قال : حدثنا عيسى بن سالم الشّاشي ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرّة أنه سمع خيثمة (١) يحدّث عن عدي بن حاتم عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيّبة» (٢).

سألت أبا الفرج بن كامل عن مولده ، فقال : في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وتوفّي يوم الجمعة بعد الصّلاة لخمس خلون من رجب سنة سبع وست مئة ، وحضرت الصّلاة عليه يوم السبت سادسه بالمدرسة النّظامية ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشّونيزي.

٦٠٤ ـ محمد (٣) بن هبة الله بن عبد العزيز بن عليّ بن محمد بن عمر ابن محمد بن الحسين بن عمر بن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن نجا بن موسى بن سعد بن أبي وقّاص الزّهريّ صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أبو المحاسن بن أبي الفرج بن أبي حامد البيّع.

من باب المراتب. من البيوت القديمة ذوي اليسار والرّواية ، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.

__________________

(١) هو خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي.

(٢) أخرجه الشيخان من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، به : البخاري ٨ / ١٤ (٦٠٢٣) و ٨ / ١٤٤ (٦٥٦٣) ، ومسلم ٣ / ٨٦ (١٠١٦).

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢١٢١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٧٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٦٢ ، والعبر ٢٢ / ٢٦٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٨ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥٢ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١١٠.

١٥٦

سمع أبو المحاسن هذا نقيب النّقباء أبا الحسن محمد بن طراد الزّينبي ، وعمّه أبا بكر محمد بن عبد العزيز ، وأبا الوقت السّجزي وغيرهم. وأضرّ في آخر عمره. سمعنا منه قبل ذلك.

قرأت على أبي المحاسن محمد بن هبة الله بن أبي حامد ، قلت له : أخبركم عمّك أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن عليّ ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن بن قريش ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النّرسيّ ، قال : حدثنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد الزّاهد صاحب ثعلب ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الحميد بن صالح ، قال : حدثنا محمد بن أبان ، قال : حدثنا علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل السّوق قال : «اللهمّ إني أسألك من خيرها وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما فيها. اللهم إني أسألك أن لا أصب فيها يمينا فاجرة أو صفقة خاسرة» (١).

سألت أبا المحاسن هذا عن مولده ، فقال : في ذي الحجة سنة ثلاثين وخمس مئة ، أظنّه يوم عرفة (٢).

٦٠٥ ـ محمد (٣) بن هبة الله بن المكرّم (٤) بن عبد الله ، أبو جعفر

__________________

(١) إسناده ضعيف ، لضعف محمد بن أبان ، وهو ابن صالح الكوفي (الجرح والتعديل ٨ / الترجمة ١١١٩ ، والكامل لابن عدي ٦ / ٢١٣٩ ، وميزان الاعتدال ٣ / ٤٥٣).

أخرجه الطبراني في الكبير ٢ / ٢٢.

(٢) توفي في ليلة السادس عشر من شوال سنة ٦٢٣ ، كما ذكر المنذري.

(٣) ترجمه ابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ٣٤٤ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٩٦١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦٨١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٤٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٨ ، والعبر ٥ / ٨٥ ، والمشتبه ٥٠٠ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٥٥ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ٢٥٤.

(٤) قال المنذري : بضم الميم وفتح الكاف وتشديد الراء المهملة وفتحها.

١٥٧

الصّوفيّ.

أحد الصّوفية برباط شيخ الشيوخ. من أولاد المشايخ والرواة.

سمع أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبا منصور المظفّر بن أردشير العبّاديّ الواعظ ، وأبا الفضل محمد بن ناصر السّلامي وغيرهم. كتبنا عنه.

قرأت على أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرّم ، قلت له : أخبركم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد ابن البسريّ ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا العطّاف ابن خالد ، قال : حدثنا أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «غدوة في سبيل الله ، أو روحة في سبيل الله ، خير من الدّنيا وما فيها ، وموضع سوط في الجّنّة خير من الدّنيا وما فيها» (١).

سألت أبا جعفر بن المكرّم عن مولده ، فقال : ولدت في ليلة سابع عشري رمضان سنة سبع وثلاثين وخمس مئة فيما قال لي والدي.

وتوفي يوم الأحد خامس محرم سنة إحدى وعشرين وست مئة ، ودفن فيه بالشّونيزيّ.

* * *

__________________

(١) تقدم تخريجه في الترجمة (٥٨).

١٥٨

الأسماء المفردة في حرف الهاء في آباء من اسمه محمد

٦٠٦ ـ محمد (١) بن همّام بن يوسف بن أحمد بن مالك العاقوليّ الأصل البغداديّ المولد ، أبو منصور بن أبي محمد الوكيل بباب القضاة يعرف بابن المسكيّ.

شيخ كان فيه تسامح ليس من أهل هذا الشأن. سمع أباه همّاما ، ولم يرزق الرّواية. قال لي : لم يسمع عليّ أحد من مسموعاتي. ولا ظفرت أنا بشيء من سماعاته في حياته ، بل بعد وفاته ، وقفت له على مسموع له من أبيه.

كتبت عنه إنشادات ، منها ما أنشدني من حفظه ، قال : أنشدني أبو النّجم المبارك بن الحسن الفرضي المعروف بابن القابلة لبعضهم :

لا يؤيسنّك من مجد تباعده

فالمجد يدرك تدريجا وترتيبا

إن القناة التي أبصرت رفعتها

تبدو فتنبت أنبوبا فأنبوبا

وأنشدني أيضا ، قال : أنشدني أبو النجم المذكور :

فلا تغترر بالبشر من وجه صاحب

ببرد ابتسام الثّغر يخفي لظى الحقد

فإنّ نقيع السّمّ لا شكّ قاتل

وإن كان يخفي طعمه لذّة الشّهد

وأنشدني أيضا متمثلا :

من عاش أدرك في الأعداء بغيته

ومن يمت فله الأيام تنتصر

سألت أبا منصور ابن المسكي عن مولده ، فقال : في شهر رمضان سنة عشرين وخمس مئة.

وخرج عن بغداد حاجا في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة وحج ، وخرج منها إلى اليمن ، وصار إلى مصر ، وعاد إلى الشّام ، وتوجّه إلى بغداد منحدرا من

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٤٢.

١٥٩

الموصل فمات بالمرزفة (١) قبل دخولها بنصف يوم ، وذلك في ذي الحجة سنة ست مئة ، وحمل إلى باب حرب ، فدفن هناك ، رحمه‌الله وإيانا.

* * *

حرف الياء في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه يوسف

٦٠٧ ـ محمد (٢) بن يوسف بن أبي القاسم الشّاشيّ ، أبو المحاسن الشّاعر.

ذكره أبو المعالي سعد بن عليّ الحظيريّ الكتبيّ في كتابه الذي سمّاه «زينة الدّهر في ذكر لطائف شعراء العصر» ، وقال : أنشدني لنفسه ببغداد :

لا تحقرنّ أديبا راق رونقه

من الفصاحة إمّا راح في سمل

فالسّكّر العسكريّ الحلو من قصب

والنّرجس البابليّ الغضّ من بصل

٦٠٨ ـ محمد (٣) بن يوسف بن عليّ بن أبي منصور ، أبو شجاع الفقيه الشافعيّ.

من أهل همذان.

قدم بغداد واستوطنها ، وكان بالمدرسة النّظامية. وسمع بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن صهر هبة ، وحدّث عنه بها أيضا. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ الدّمشقي ، وغيره. وروى لنا عنه الشّريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد الهاشميّ بواسط.

__________________

(١) بليدة معروفة إلى يوم الناس هذا شمال بغداد.

(٢) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ٢٤٩.

(٣) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ٢٤٩.

١٦٠