ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

ويأبى الله إلّا أن يرفعهم ، وليأتين على النّاس زمان يقول الرجل : يا ليتني كان أبي أزديا ، يا ليتني كانت أمي أزدية» (١).

قال الحازميّ ، محمد بن موسى الحافظ : هذا حديث غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه.

هذا الحديث من كتاب صنّفه في معرفة الأنساب قرأناه جميعه عليه.

وأخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو منصور محمد بن أحمد بن الفرج الوكيل بقراءتك عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عليّ الصّوري في كتابه ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن بشر بن مروان الأزديّ ، قال (٢) : سمعت أبا عمران موسى بن عيسى الحنيفي يقول : سمعت أبا إسحاق النّجيرميّ ، يقول : «أولى الأشياء بالضّبط أسماء النّاس لأنّه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده شيء يدل عليه».

قرأت جميع كتاب «المؤتلف والمختلف في أسماء نقلة الحديث من الرّجال والنّساء» تأليف أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي (٣) على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي بهذا الإسناد المذكور إليه ، وغيره من كتب علوم الحديث.

__________________

(١) إسناده ضعيف ، لجهالة صالح بن عبد الكبير ، أخرجه الترمذي (٣٩٣٧) ، وابن جميع الصيداوي في معجمه ١٨١ ، والطبراني كما تقدم ، والمزي في تهذيب الكمال ١٣ / ٦٨ ، وقال الترمذي : «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وروي عن أنس بهذا الإسناد موقوفا ، وهو عندنا أصح».

(٢) المؤتلف والمختلف ، ص ٥.

(٣) حققه بإشرافي تلميذاي النجيبان : مثنى محمد حميد الشمري وقيس عبد إسماعيل التميمي تحقيقا علميا على سبع نسخ خطية ، ونالا به رتبة الماجستير من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي ببغداد سنة ١٤٢٤ ه‍ / ٢٠٠٣ م.

١٢١

وتوفي ببغداد في ليلة الاثنين الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وصلّى عليه جمع كثير يوم الاثنين برحبة جامع القصر الشّريف ، وحمل إلى الجانب الغربي فصلّي عليه مرة أخرى ، ودفن بمقبرة الشّونيزي إلى جانب سمنون مقابل قبر الجنيد ولم يبلغ الأربعين. كان مولده في سنة ثمان أو تسع وأربعين وخمس مئة ، ذكر لنا ذلك رحمه‌الله.

٥٦٢ ـ محمد (١) بن المطهّر بن يعلى بن عوض بن محمد الملقّب أميرجه بن حمزة بن جعفر بن كفل بن جعفر الملك بن محمد بن عبيد الله ابن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، أبو الفتوح العلويّ الهرويّ.

من بيت التصوف والوعظ. وهو ابن أخي الشريف أبي القاسم عليّ بن يعلى بن عوض الهروي العلوي الواعظ المشهور الذي قدم بغداد في سنة عشرين وخمس مئة ، ووعظ بها ، وروى لنا عنه الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي ، وأثنى عليه خيرا (٢).

وأبو الفتوح هذا ولد بهراة وسمع بنيسابور من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، ومن قاضي القضاة أبي سعيد محمد بن أحمد بن صاعد ، وغيرهما. وسافر الكثير ما بين خراسان وكرمان والعراق والحجاز وغيرها.

وقدم بغداد حاجا في سنة سبع وسبعين وخمس مئة. وحدّث بها ، ثم خرج إلى الحج ، وكنت في تلك السّنة حاجا أيضا ، فحدّث بمكة ـ شرّفها الله ـ وبمدينة الرّسول صلوات الله عليه وسلامه وبالطريق. سمعنا منه في منصرفنا من الحج ، ونعم الشيخ كان دينا وصلاحا.

ولما عاد من الحج إلى بغداد نزل برباط شيخ الشيوخ ، وحدّث «بصحيح» مسلم بن الحجاج وكتاب «غريب الحديث» تصنيف أبي سليمان الخطّابي بسماعه

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٨٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٥.

(٢) ينظر المنتظم ١٠ / ٣٢.

١٢٢

لهما من أبي عبد الله الفراوي ، وبغيرهما.

قرأت على الشّريف أبي الفتوح محمد بن المطهّر بن يعلى العلوي من أصل سماعه بطريق مكة على بركة بمنزل يعرف بالبطانيات في محرم سنة ثمانين وخمس مئة ، قلت له : أخبركم أبو سعيد محمد بن أحمد بن صاعد ، قراءة عليه وأنت تسمع ، بنيسابور ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر ، قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال : حدثنا أبو مسلم الكجّي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، وأبو عاصم النّبيل ، قالا : حدثنا بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله من أبرّ؟ قال : «أمّك. قلت : ثم. قال : ثم أمّك. ثم أباك ، ثم الأقرب فالأقرب» (١).

سئل الشّريف أبو الفتوح هذا عن مولده ، فقال : ولدت في سحرة يوم الثلاثاء رابع عشري شهر ربيع الأول سنة أربع وخمس مئة.

وسألت ولده محمدا عن وفاته ، فقال : توفي في سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وقال غيره : بأذربيجان ، في نقجوان أو غيرها.

٥٦٣ ـ محمد بن أبي محمد ، ويقال اسمه مؤيّد ، بن أبي المؤيّد ، أبو نصر.

من أهل غزنة. وهو والد أبي الفتوح نصر بن أبي نصر الواعظ الغزنوي الذي يأتي ذكره.

__________________

(١) إسناده حسن ، بهز بن حكيم هو ابن معاوية بن حيدة القشيري ، وإسناده عن أبيه عن جده حسن.

أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٢١) ، وأحمد ٥ / ٣ و ٥ ، والبخاري في الأدب المفرد (٣) ، وأبو داود (٥١٣٩) ، والترمذي (١٨٩٧) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٦٦٧) و (١٦٦٨) ، والطبراني في الكبير ١٩ / حديث (٩٥٧) ، والحاكم ٣ / ٦٤٢ و ٤ / ١٥٠ ، والبيهقي ٤ / ١٧٩ و ٢١٨ ، والبغوي (٣٤١٧) ، قال الترمذي : «وفي الباب عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وعائشة ، وأبي الدرداء ... وهذا حديث حسن».

١٢٣

قدم أبو نصر بغداد حاجا في سنة تسع وسبعين وخمس مئة أيضا ، وأجاز لنا بها ، وكتب خطّه بذلك في ثالث ذي القعدة من السنة ، وما أتحقق هل حدّث بها أم لا؟ وحجّ وعاد إلى بلده وتوفي بعد عوده ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٦٤ ـ محمد (١) بن مكارم بن أبي يعلى الحيريّ ، أبو بكر.

منسوب إلى الحيرة ، بلد من أعالي سقي الفرات قريبة من عانة.

وأبو بكر ولد ببغداد بالجانب الغربي. وكان يسكن بدرب شريك بشارع دار الرّقيق. سمع أبا بكر أحمد بن عليّ ابن الأشقر ، وأبا محمد المبارك بن أحمد الكندي ، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، ومن بعدهم ، ورى عنهم. سمع منه جماعة من أصحابنا ، وأجاز لنا.

توفّي في صفر سنة ست وتسعين وخمس مئة.

٥٦٥ ـ محمد (٢) بن مبشّر بن أحمد بن عليّ الرّازيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو الرّضا بن أبي الرّشيد الحاسب.

كان أحد الحجّاب بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ ووالده أبو الرّشيد شيخ فاضل في علم الحساب والفرائض ، يأتي ذكره في حرف الميم ، إن شاء الله.

سمع أبو الرّضا الكثير مع أبيه ، وبنفسه ، وكتب بخطّه عن جماعة منهم : أبو السّعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق ، وأبو الفتح محمد بن يحيى البرداني ، وأبو الفضل مسعود بن علي بن النّادر ، وأبو عبد الله محمد بن المبارك ابن الحلاوي ، والقاضي أبو العباس أحمد بن عليّ ابن المأمون ، وغيرهم. وكان سريّا كيّسا.

__________________

(١) ترجمه ياقوت في المشترك وضعا ١٥٠ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٤٨٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٢٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٤٩٧.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧١٩.

١٢٤

توفّي شابا قبل أوان الرّواية في ليلة الاثنين سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمس مئة ، وهي الليلة التي توفيت فيها والدة سيّدنا ومولانا الإمام أمير المؤمنين النّاصر لدين الله ـ أبقاه الله ورحمها ـ وصلّي عليه يوم الاثنين بالمدرسة النّظامية ، ودفن بداره بدرب البصريين شرقي بغداد. ومولده في سنة خمس وستين وخمس مئة ، سمعته منه ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٦٦ ـ محمد (١) بن المهنّا بن محمد ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو بكر ، البنانيّ.

من أهل باب الأزج.

أحد الشّعراء المشهورين ، ومن مدح الخلفاء رضي‌الله‌عنهم والوزراء والأكابر. وكبر وأسنّ. كتبت عنه قطعا من شعره.

أنشدني محمد بن المهنّا البنانيّ لنفسه ، رحمه‌الله :

ظلما ترى مغرما بالحبّ تزجره

وغرة بالهوى أمسيت تنكره

يا عاذل الصّبّ لو عاينت قاتله

بوجنة وعذار كنت تعذره

أفدي الذي سحر عينيه يعلّمني

إذا تصدّى لهجري كيف أسحره

مزنّر الخضر مجبولا على هيف

يهفو لساني اختلالا حين أذكره

أمسى ينادمني لطفا ويسكرني

رشفا ويحسو الطّلى صرفا فتسكره

لكنّه بعد قرب الدّار غادرني

أذمّ بالبعد عيشا كنت أشكره

ولم يجر من سقام صرت أعرفه

مذ صار محتجبا عنّي وينكره

يستمتع الليل في نوم وأسهره

إلى الصّباح ، وينساني وأذكره

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٥ / ٤٨٠ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٢٥ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ١٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٢٢٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٦ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٨٢ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٤٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٦٠٦.

١٢٥

وأنشدني أيضا إملاء علي لنفسه :

دعني فما أصغي إلى من لاما

واعذر فقد كتب البنفسج لاما

في خدّ ظبي سلّ يوم طويلع

من لحظه السّاجي عليّ حساما

سفك الدّما بغزارة لمّا رأى

بغروره ترك الحرام حراما

ولقد تثنّى وانثنى متعتّبا

فرأيت قدّا باهرا وقواما

ومعاطفا فاقت نضارة روضة

أضحى الرّبيع لوشيها رقّاما

وبروع جفوته وأرعن ردفه

ما زال لي ولخصره ظلّاما

سألت البناني عن مولده ، فقال : ولدت في سابع عشر محرم سنة تسع وخمس مئة.

وتوفي ليلة الجمعة ، ودفن يوم الجمعة الرابع من شوّال سنة ست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٦٧ ـ محمد (١) بن معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر بن أحمد بن القاسم بن الفاخر القرشيّ ، أبو عبد الله بن أبي أحمد بن أبي القاسم.

من أهل أصبهان ، من أولاد المحدّثين المذكورين ، والرّواة المعروفين ، والثّقات المعتمدين.

سمع أبو عبد الله هذا ببلده بإفادة أبيه وبنفسه الكثير من أبي الفضل جعفر

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في التقييد ١١٣ ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ٢٠٧ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٩٦١ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٤٣٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٢٨ ، والعبر ٥ / ٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٧ ، والمشتبه ٥٧٩ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٤٤ ، والسبكي في الطبقات ٨ / ١٠٤ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ٩٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٩٣ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١١ وغيرهم.

١٢٦

ابن عبد الواحد الثّقفي ، وأبي نصر أحمد بن عمر الغازي ، وأبي سعد إسماعيل ابن أبي صالح المؤذّن ، وأبي عيسى أحمد بن أبي بكر المديني ، وأبي القاسم عبد الله بن محمد الخطيبي ، وأبي بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني ، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي ، وخلق كثير.

قدم بغداد مرارا حاجا وغير حاج ، وسمع بها ، وحدّث أيضا. وآخر مرّة كان بها في سنة إحدى وتسعين وخمس مئة ، وأملى بها مجالس عدّة كتبها النّاس برباط الأرجوان بدرب زاخي عنه باستملاء أخيه وغيرها من أصوله. وكان مكثرا.

سئل عن مولده ، فقال : ولدت في ليلة الاثنين خامس عشري جمادى الآخرة سنة عشرين وخمس مئة.

وخرج قبل موته عن أصبهان إلى شيراز من بلاد فارس فتوفي بها في سنة (ثلاث و) (١) ست مئة ، فيما بلغنا ، والله أعلم.

٥٦٨ ـ محمد (٢) بن المأمون بن الرّشيد بن هبة الله المطّوّعيّ ، أبو عبد الله.

من أهل لهاور ، أحد بلاد الهند.

رحل من بلده في طلب العلم ، وأقام بخراسان مدة ، وتفقّه على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه وسمع بنيسابور من أصحاب : أبي بكر الشّيرويي ، وأبي نصر القشيري ، ومن بعدهم.

ورد العراق ، وأقام ببغداد مديدة ، وكتب عن جماعة من أهلها. وكان يذكر أنّه سمع من الحافظ أبي طاهر السّلفي بالإسكندرية. ولقيته بواسط وعلّقت عنه

__________________

(١) ما بين الحاصرتين من حاشية نسخة المنذري ، وهو الصواب من غير ارتياب.

(٢) ترجمه ياقوت في «لهاور» من معجم البلدان ٥ / ٢٧ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٩٩٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٥ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٨.

١٢٧

شيئا. وظاهره الصّدق.

أنشدني أبو عبد الله محمد بن المأمون اللهاوريّ من لفظه ، قال : أنشدني الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي بالإسكندرية لنفسه ، رحمه‌الله :

دين الرّسول وشرعه أخباره

وأجلّ علم يقتفى آثاره

من كان مشتغلا بها وبنشرها

بين البريّة لا عفت آثاره (١)

طاف محمد بن المأمون البلاد وشرّق وغرّب ، وسكن بأخرة بلدة من بلاد أذربيجان وكان يعظ به ويحدّث ، فقصده قوم من الملاحدة وقتلوه بها في سنة ثلاث وست مئة فتكا ، ويقال : إنه كان في الصّلاة ، فدفن بالمسجد الجامع به ، رحمه‌الله ، والله الموفق.

٥٦٩ ـ محمد (٢) بن مظفّر بن شجاع ، أبو عبد الله البزّاز يعرف بابن البوّاب.

سمع أبا الوقت عبد الأوّل السّجزي ، وجماعة بعده ، وحدّث باليسير. كتبنا عنه.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن المظفّر البزّاز بقراءتي عليه : أخبركم أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى ، قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفّر ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري ، قال : حدثنا محمد ابن إسماعيل البخاري ، قال (٣) : حدثنا مكي بن إبراهيم ، عن يزيد بن أبي عبيد ،

__________________

(١) ساق أبو سعد السمعاني هذين البيتين في «السلفي» من الأنساب عن أربعة من شيوخه عن السّلفي ، وتأخرت وفاة السلفي بعد وفاته بأربعة عشر عاما!

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٥٣١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٢٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٨.

(٣) البخاري ١ / ٣٨ (١٠٩).

١٢٨

عن سلمة بن الأكوع ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يقل عليّ ما لم أقل فليتبوّء مقعده من النّار».

سئل محمد بن مظفّر عن مولده ، فقال : في سنة سبع وأربعين وخمس مئة. وتوفّي في ربيع الآخر سنة أربع عشرة وست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

«آخر الجزء الثاني عشر من الأصل»

٥٧٠ ـ محمد بن مسلم بن إبراهيم الحمويّ ، أبو عبد الله.

قدم بغداد واستوطنها مدّة. وشهد بها عند قاضي القضاة أبي طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري في ولايته الأوّلة يوم الجمعة رابع جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وزكّاه العدلان : أبو عبد الله محمد بن محمود ابن الحرّاني ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمّاد. وولي النّظر في الوقوف على المدارس الحنفية جميعها ، وبقي على ذلك إلى أواخر جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة فإنّه عزل عن الجميع وأبعد عن بغداد إلى واسط فكان بها مدة ، ثم خرج منها مختفيا فلحق بالشّام ، ويقال : إنه عاد إلى بلده ، وانقطع خبره.

٥٧١ ـ محمد (١) بن المؤمّل بن نصر بن المؤمّل ، أبو بكر بن أبي طاهر ابن أبي القاسم.

من قرية تعرف بقباب ليث قريبة من بعقوبا. كان يذكر أنّه من ولد اللّيث بن نصر بن سيّار الشيباني ، وسكن بعقوبا.

قدم بغداد مرارا كثيرة ، وسمع بها من أبي الوقت السّجزي ، وغيره. سمعنا

__________________

(١) ترجمه ياقوت في «قباب ليث» من معجم البلدان ٤ / ٣٠٣ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٥ / ١٦ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٧٤٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٣٠ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٠ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٠٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٧ / ١٥٥.

١٢٩

منه. وكان سماعه صحيحا.

قرأت على أبي بكر محمد بن المؤمّل اللّيثيّ من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب الصّوفي ، قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاريّ ، قال : حدثنا أبو عاصم محمد بن محمد بن يوسف الباشاني ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حامد الماليني ، قال : حدثنا أبو سعد يحيى بن منصور الزّاهد ، قال : حدثنا عمرو بن عليّ الصّيرفي ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا يونس ابن يزيد ، عن الزّهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا نذر في معصية ، وكفّارته كفارة يمين» (١).

__________________

(١) إسناده ضعيف لانقطاعه ، فإن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة ، بينهما اثنان ، فقد رواه غير واحد منهم موسى بن عقبة وابن أبي عتيق ، عن الزهري ، عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، به.

أخرجه من حديث الزهري عن أبي سلمة : أحمد ٦ / ٢٤٧ ، والبخاري في تاريخه الكبير ٤ / ٢ ، والصغير ٢ / ١٩٧ ، وأبو داود (٣٢٩٠) ، والترمذي (١٥٢٤) ، وابن ماجة (٢١٢٥) ، والنسائي ٧ / ٢٦ ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٣ / ٣ ، وابن عدي في الكامل ٣ / ١١٠٣.

وأما الحديث المتصل فرواه : البخاري في تاريخه الكبير ٤ / ٢ ، والصغير ٢ / ١٩٧ ، وأبو داود (٣٢٩٢) ، والترمذي (١٥٢٥) ، والنسائي ٧ / ٢٧ ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٣ / ٤ ، والطحاوي في شرح المشكل (٢١٥٩) ، وفي شرح المعاني ٣ / ١٣٠ ، والطبراني في الأوسط (٤٦٠١) ، وابن عدي في الكامل ٣ / ١١٠٢ ، وتمام الرازي في فوائده (٩٤٢) ، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠ / ٢٦٩ ، وإسناد هذا الطريق ضعيف جدا ، فإن سليمان بن أرقم متروك ذاهب الحديث ، على أن الرواية الصحيحة هي هذه على ضعفها ، كما بينه الدارقطني في العلل ٥ / الورقة ٧٣.

وقد رواه أبو داود الطيالسي (١٤٨٤) عن حرب بن شداد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، به. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات ، وبه يصح متن الحديث ، والله الموفق.

١٣٠

سألت أبا بكر المؤمّل هذا عن مولده ، فقال : قال لي والدي : ولدت في سنة أربعين وخمس مئة ببعقوبا.

قلت : وتوفي بها ليلة الجمعة ثامن عشري جمادى الأولى سنة سبع عشرة وست مئة ، ودفن يوم الجمعة هناك.

٥٧٢ ـ محمد (١) بن مسعود بن محمد المالينيّ الهرويّ ـ ومالين : من رستاق هراة ـ أبو يعلى.

أديب له معرفة بالنّحو واللّغة ، ويقول الشّعر الجيّد بالفارسية والعربية ، ويذهب إلى مذهب الكرّامية (٢).

قدم بغداد حاجا في سنة سبع (أو) (٣) ثمان وست مئة ، وكتبت عنه بها شيئا من شعره ، فحجّ وعاد إلى بلده. وسألت عنه ، فقيل : لم يكن محمود الطّريقة وأنّه كان متسامحا في الأمور الدينية.

ومن شعره العربي :

أصون المحيّا لا أرقرق ماءه

إذا ابتذلت عند الطّماعة أوجه

أأنزل بالأدنى ومن تحت أخمصي

من الفلك الأعلى تطامن أوجه

سئل عن مولده فكتمه ولم يخبر به ، وأظنه أجاز لنا ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجمه القفطي في إنباه الرواة ٣ / ٢١٤ ـ ٢١٥ ونقل عن ابن الدبيثي وإن لم يشر إليه ، وترجمه ابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢٣٢ ونقل عن ابن النجار. الصفدي في الوافي ٥ / ٢١ ـ ٢٢ ونقل عن ابن النجار أيضا وأورد له ثلاثة أبيات رواها ابن النجار عنه ، والسيوطي في البغية ١ / ٢٤٦.

(٢) الكرامية ، منسوبون إلى محمد بن كرّام النيسابوري ، يغالون في التشبيه والتجسيم.

(٣) كتبت في النسخة «سبع» وفوقها «ثمان». وقد أشار كاتب النسخة إلى أنه وجدها هكذا في أصل النسخة فقال في الهامش : «هذا في الأصل : سبع فوقها ثمان» وحينما نقل ابن القفطي من تاريخ ابن الدبيثي هذا يبدو أنه اختار «ثمان» فأوردها في كتابه.

١٣١

٥٧٣ ـ محمد (١) بن أبي البدر ، واسمه مقبل ، بن فتيان بن مطر ، أبو عبد الله يعرف بابن المنّي.

هو ابن أخي أبي الفتح نصر بن فتيان الفقيه ، وسيأتي ذكره ، وذكر أبي البدر مقبل أخيه في موضعهما ، إن شاء الله.

ومحمد هذا حافظ للقرآن المجيد ، قد قرأ بالقراءات العشر على شيخنا أبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني بواسط وقصده. وسمع ببغداد من أبي أحمد الأسعد بن يلدرك ، ومن عمّه ، وتفقّه عليه. ومن أبي الغنائم عبد الرحمن بن جامع البنّاء ، وجماعة ، وحدّث عنهم ، وبإجازته من سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام أمير المؤمنين النّاصر لدين الله ، خلّد الله ملكه.

٥٧٤ ـ محمد (٢) بن معدّ بن عليّ بن رافع العلويّ الموسويّ ، أبو جعفر.

من أهل الحلّة المزيدية ، وقدم بغداد واستوطنها ، وروى بها الحديث بإجازة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أعزّ الله أنصاره وضاعف اقتداره ـ وحدّث بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام بشيء من «مسند» أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، ومن غيره.

وهو علويّ خيّر ، اشتغل بالعلم والخير. مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.

__________________

(١) تأخرت وفاته إلى سنة ٦٤٩. وقد ترجم له ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٤٦٢ و ٥ / ٤٦١ ومات قبله بعشرين عامّا ، والحسيني في صلة التكملة ، الورقة ٦٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٦٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٥٢ ، والعبر ٥ / ٢٠٤ ، والمشتبه ٥٦٩ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥٠ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٥٢ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٢٤٨ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ٣٣ و ٢٩٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٧ / ٢٤ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٢٤٦ وغيرهم.

(٢) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ٤٢ ، ونقل عن غير المؤلف ، وذكر أنه كان من علماء الشيعة الإمامية ، وأنه توفي في رمضان سنة ٦٢٠ وحمل إلى كربلاء فدفن فيها.

١٣٢

حرف النّون في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه نصر الله

٥٧٥ ـ محمد (١) بن نصر الله بن محمد بن سالم الهيتيّ ، أبو عبد الله ابن أبي الفرج.

من أهل هيت ، بلدة من سقي الفرات معروفة (٢).

أحد الشهود المعدّلين هو وأبوه وعمّه القاضي أبو منصور إبراهيم بن محمد الهيتي شهدوا كلهم عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي ، وسيأتي ذكر أبيه نصر الله في حرف النون ، إن شاء الله.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النّحويّ قراءة عليه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءة عليه وأنت تسمع في «تاريخ الحكّام» له ، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته ، قال : وأبو عبد الله محمد بن نصر الله بن محمد الهيتيّ يوم الجمعة العشرين من صفر سنة خمس وثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه القاضيان أبو القاسم عليّ بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ وأبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي.

ذكره أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» وقال : تولّى قضاء هيت إلا أنه عزل قبل موته. وكان سمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ولم يحدّث. آخر كلام ابن شافع.

وقال صدقة بن الحسين الفرضي في «تاريخه» : توفّي ابن أخي القاضي الهيتي في يوم الأحد سادس عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وخمس مئة ، وصلّي عليه بجامع القصر الشّريف ، ودفن عند عمّه بمقبرة محلة أبي

__________________

(١) ترجمه القرشي في الجواهر المضيئة ٢ / ١٣٦.

(٢) عامرة إلى يوم الناس هذا.

١٣٣

حنيفة (١) ، رحمهم‌الله وإيانا.

٥٧٦ ـ محمد (٢) بن نصر الله ، ويقال : نصر بن موسى بن نصر ، ويقال : موسى بن الفضل ، بن شبزق ـ بالشين المعجمة والزاي ـ أبو طالب ابن أبي الفضائل الرّفّاء.

أخو شيخنا أبي القاسم عبد الرحمن ، وسيأتي ذكر أبيه وأخيه في موضعهما ، إن شاء الله.

سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي وأبا القاسم ابن الحصين وغيرهما.

ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق في «معجم شيوخه» وقال : أجاز لي.

* * *

__________________

(١) هي المعروفة بمقبرة الخيزران ، وفيها دفن والدي وأخي وأعمامي وأخوالي وكثير من أهل بيتي ، رحمهم‌الله تعالى. ولابن خالتي الشاعر الكبير وليد الأعظمي كتاب تناول فيه من دفن فيها من الأعيان سماه : «أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران» مطبوع مشهور.

(٢) ذكرت كتب المشتبه أباه وأخويه عبد الله وعبد الرحمن ، وتخطته لقلة أهميته كما يظهر (إكمال ابن نقطة ٣ / ٣٩٦ ، ومشتبه الذهبي ٣٨٨ ، وتوضيح ابن ناصر الدين ٥ / ٢٧٨ ، وتبصير ابن حجر ١ / ٣٨٨) ، وشبزق قيده ابن نقطة بكسر الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة وكسر الزاي وبعدها قاف.

١٣٤

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه نصر

٥٧٧ ـ محمد (١) بن نصر بن الحسن بن عنين (٢) ، أبو المحاسن.

من أهل دمشق.

شاعر مجيد ، حسن النّظم ، كثير القول في المدح والهجاء والغزل والنّسيب. جال في أقطار الأرض ، وسافر ما بين الشام ومصر والعراق وخراسان وما وراء النهر وغزنة وقطعة من بلاد الهند ، ومدح أكثر ملوك هذه الأقاليم وكبراءها واكتسب منهم وخالط أهلها.

قدم بغداد واردا وصادرا غير مرّة ولقيته بها وكتبت عنه شيئا من شعره بالجّهد لأنه كان ضنينا به.

أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر بن عنين الدّمشقي ببغداد لنفسه مبدأ قصيدة (٣) :

أهاجك شوق أم سنا بارق نجدي

يضيء سناه ما يجنّ من الوجد

__________________

(١) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٦٦١ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٢٠٧ ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ١٠٠ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٦٩٦ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٤٥٤ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٥ / ١٤ ، والكتاب المسمى بالحوادث ٧٧ ، والمختصر لأبي الفدا ٣ / ١٦٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٩٣٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٦٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥١ ، والعبر ٥ / ١٢٢ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٢٢ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٣٧ ، وابن دقماق في نزهة الأنام ، الورقة ٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٤ / ٢٨٧ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٨٢ ، ٩٣ ، وغيرهم.

(٢) قيده ابن خلكان فقال : بضم العين المهملة وفتح النون وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون.

(٣) قال هذه القصيدة يتشوق إلى دمشق ويحيى الملك العزيز صاحب اليمن في سنة ٥٨٨ ، وهي في ديوانه ، ص ٧٢ ـ ٧٤.

١٣٥

تعرّض وهنا والنجوم كأنّها

مصابيح رهبان تشبّ على بعد

حننت إليه بعدما نام صحبتي

حنين العشار الخامصات (١) إلى الورد

يذكّرني عيشا (٢) تقضّى على الحمى

وأيامنا عن (٣) أيمن العلم الفرد

وإذ أمّ عمرو كالغزالة ترتعي

بوادي الخزامى روض ذات الثرى الجعد

ومنها :

فما زالت الأيام تمهي شفارها

وتسحت حتى استأصلت كلّ ما عندي

فأقبلت أجتاب البلاد كأنني

قذى حال دون الغمض في أعين رمد

فلم يبق حزن ما توقّلت متنه

ولم يبق سهل ما جررت به بردي

أكدّ ويكدي الدهر في كلّ مطلب

فيا بؤس دهري كم أكدّ وكم يكدي

وأنشدني أيضا لنفسه يهجو ابن مازة البخاري (٤) :

مال ابن مازة دونه لعفاته

خرط القتادة أو منال الفرقد

مال لزوم الجمع يمنع صرفه

في راحة مثل النّداء المفرد

وأنشدني أيضا لنفسه ملغزا (٥) :

وما حيوان يتّقي النّاس بطشه (٦)

على أنّه واهي القوى واهن البطش

إذا ضعّفوا نصف اسمه فهو طائر

وإن ضعّفوا باقيه كان من الوحش

سمعت ابن عنين يقول : أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النّجّار ، ونحن من الأنصار. فسألته عن مولده ، فقال : ولدت بدمشق في سنة

__________________

(١) في الديوان : الحائمات.

(٢) في الديوان : عصرا.

(٣) هكذا في نسخ الديوان أيضا ، لكن محققه غيرها إلى «في».

(٤) ديوانه ٢٢١.

(٥) ديوانه ١٥٠ ، وهو يلغز في العقرب.

(٦) في الديوان : شرّه.

١٣٦

سبع وأربعين وخمس مئة ، لم يحقّق الشهر (١).

٥٧٨ ـ محمد بن نصر بن المبارك ابن البردغوليّ ، أبو المعالي بن أبي الفتوح بن أبي المظفّر بن أبي القاسم يعرف بابن الطّاهري.

هكذا سمّى أباه نصرا ، وقد لقيت أباه وسمعت منه وسمّى نفسه صدقة ، وخطّه معنا بذلك ، وقيل : سمّى نفسه أيضا نصرا ، وأما نحن فما نعرفه إلا صدقة ، وسيأتي ذكره في حرف الصّاد على ما كتبناه عنه.

سمع أبو المعالي هذا أبا الحسن عليّ بن محمد بن بركة الزّجّاج وغيره ، وروى عنه شيئا يسيرا.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ناصر

٥٧٩ ـ محمد (٢) بن ناصر بن مهدي بن حمزة الرّازيّ ، أبو عبد الله بن أبي الحسن.

قدم مع أبيه بغداد وهو صبي في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، ونشأ بها ، وترقّت بهم الحال في خدمة الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ حتى وزر أبوه على ما سيأتي شرحه. وتولّى أبو عبد الله هذا صدرية المخزن المعمور في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وست مئة وناب عن أبيه في ديوان المجلس. ولم يزل على ولايته إلى أن عزل يوم السّبت لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وست مئة ، وعزل أبوه ليلة الأحد ثالثه ، وألزما منزلهما مقصورين.

__________________

(١) وتوفي سنة ٦٣٠.

(٢) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٦٤٨ من تاريخ الإسلام ١٤ / ٦٠٩ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٠٧.

١٣٧

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه النّفيس

٥٨٠ ـ محمد (١) بن النّفيس بن عليّ بن محمد بن محمد ابن الخطيب ، أبو نصر.

من أهل الأنبار ؛ من بيت الخطابة بها والرّواية والتّحديث. وقد روى من بيتهم غير واحد.

ذكر محمد بن مشّق محمد بن النّفيس هذا في «معجمه» ، وقال : أجاز لي. ولم يذكر ممن سمع ، والله الموفق.

٥٨١ ـ محمد (٢) بن النّفيس بن مسعود ، أبو سعد يعرف بابن صعوة وهو لقب لجده مسعود ـ.

كان أبوه النّفيس تفقّه على أبي الفتح ابن المنّي ، وعرف طرفا من الفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وسيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله. وابنه محمد تفقه أيضا على أبي الفتح ابن المنّي ، وكان يحفظ القرآن ، وقد سمع شيئا من الحديث من جماعة منهم : أبو علي ابن الرّحبي ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب ، والكاتبة شهدة بنت الإبري. ولم يرزق رواية شيء مما سمعه ، بل سمع منه قوم من أقرانه شيئا ألّفه من غير الحديث.

بلغني أنّ مولده في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة. وتوفي ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شوال سنة أربع وست مئة ، وصلّي عليه

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ١٣٢.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٥٨٩ ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ٢٥٤ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٣٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٠٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٣٣ ، وابن رجب في الذيل ٢ / ٤٣ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ٥ / ٤٣٢ ، والقنوجي في التاج ٢١٩.

١٣٨

يوم الجمعة ، ودفن بالجانب الشرقي بالمقبرة المعروفة بالزّرّادين بالمأمونية.

٥٨٢ ـ محمد (١) بن النّفيس بن محمد بن عطاء ، أبو الفتح بن أبي المعالي.

من بيت معروف ، قد كان منهم فقهاء ووعاظ.

وأبو الفتح هذا صوفيّ سمع الحديث من أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، ولبس منه خرقة التّصوف فيما ذكر لنا ، وروى عنه. سمعنا منه ، وكان سماعه صحيحا ، مع شيخنا عبد العزيز ابن الأخضر ، رضي‌الله‌عنهما.

قرأت على أبي الفتح محمد بن النّفيس بن عطاء ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفّر الدّاودي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية السّرخسي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، قال (٢) : حدثني خليفة (٣) ، قال : حدثنا عمر بن عليّ ، قال : حدثنا أبو حازم ، عن سهل بن سعد السّاعديّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من توكّل لي بما بين رجليه وما بين لحييه توكّلت له بالجنّة».

سألت أبا الفتح بن عطاء عن مولده ، فقال : ولدت في ليلة ثاني عشري جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة (٤).

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في التقييد ١١٧ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢١٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٠٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٦١ ، والعبر ٥ / ١٠٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٥١ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٣٣ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١١٧.

(٢) البخاري ٨ / ٢٠٣ (٦٨٠٧). وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٢٤٠٨).

(٣) هو خليفة بن خياط المعروف بشباب.

(٤) وتوفي سنة ٦٢٥.

١٣٩

٥٨٣ ـ محمد (١) بن النّفيس بن بقاء ، أبو عبد الله يعرف بالخدميّ منسوب إلى خدمة الخدم بدار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز.

سمع أبا القاسم يحيى بن ثابت البقّال وغيره ، وروى عنه. سمع منه بعض الطّلبة من أصحابنا.

* * *

الأسماء المفردة في حرف النون من آباء من اسمه محمد

٥٨٤ ـ محمد (٢) بن نجم بن محمد بن عبد الواحد بن يونس اليزديّ ، أبو عبد الله.

من أهل يزد ، بلدة بين أصبهان وكرمان.

قدم بغداد حاجا ، فحج وعاد ، وحدّث بها في صفر سنة ستين وخمس مئة بباب المراتب عن أبي العلاء غياث بن محمد العقيلي. سمع منه الشّريف أبو الحسن عليّ بن أحمد الزّيدي ، والحافظ أبو بكر أحمد بن أبي غالب الباقداري ، والقاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار.

وحدّثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، والأمير أبو منصور عبد الله بن عليّ الرّبيبي (٣) وغيرهما.

قرأت على الشّيخ أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن نجم بن محمد اليزديّ قراءة عليه وأنت تسمع ،

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ١١٦ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٣٣٩ ، وابن حجر في التبصير ١ / ٣١٣.

(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٥٢.

(٣) جوّد ناسخ «ش» إهمال الراء وصحح عليها ، وهذه النسبة مستفادة مع «الزبيبي» بالزاي ، لكن كتب المشتبه لم تذكرها ، ولا ذكرت أبا منصور عبد الله بن علي هذا.

١٤٠