ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٨

سألت محمد بن المبارك هذا عن مولده ، فقال : في سنة خمس وأربعين وخمس مئة.

* * *

__________________

«الختان» بدل «الحناء».

وأخرجه الترمذي (١٠٨٠) و (١٠٨٠ م) ، والطبراني في الكبير (٤٨٠٥) ، وفي مسند الشاميين (٣٥٩٠) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٧٧١٩) من طريق حفص بن غياث وعباد بن العوام ، كلاهما عن الحجاج بن أرطاة ، عن مكحول ، عن أبي الشمال بن ضباب ، عن أبي أيوب وقال الترمذي : «وروى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطي ، وأبو معاوية وغير واحد عن الحجاج ، عن مكحول ، عن أبي أيوب ، ولم يذكروا فيه عن أبي الشمال. وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح». وينظر العلل لابن أبي حاتم ٢ / ٢٤٧ حديث رقم ٢٢٣١.

وأما «الحياء» و «الحناء» و «الختان» ، فقد جاء في طبعتنا من جامع الترمذي «الحياء» ، وقال العراقي في شرح الترمذي : في روايتنا بفتح الحاء المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت ، وصحّفه بعضهم بكسر الحاء وتشديد النون. وقال ابن القيّم في زاد المعاد ٤ / ٢٥٢ : «روي في الجامع بالنون والياء ، وسمعت أبا الحجاج (المزي) الحافظ يقول : الصواب أنه : الختان ، وسقطت النون من الحاشية ، وكذلك رواه المحاملي عن شيخ أبي عيسى الترمذي». قال بشار : وهو في رواية عبد الرزاق «الختان» أيضا ، لكنه من رواية يحيى بن العلاء الرازي عن الحجاج ، ويحيى رمي بالوضع ، فإسناده تالف.

١٠١

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محفوظ

٥٤٢ ـ محمد (١) بن محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذانيّ ، أبو جعفر ابن أبي الخطاب.

أحد الشّهود المعدّلين هو وأبوه. وكان والده أحد شيوخ الحنابلة وفقهائهم والمصنّفين لهم. شهد أبو جعفر هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النّحوي قراءة عليه ، قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار المندائيّ في «تاريخ الحكّام» له في ذكر من قبل قاضي القضاة الزّينبي شهادته ، قال : وأبو جعفر محمد بن محفوظ بن أحمد الكلوذاني يوم الثلاثاء سادس جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه القاضي أبو القاسم عليّ بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ والقاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن يعيش.

سمع شيئا من الحديث من أبيه ، وغيره. روى عنه أبو النّجم المبارك بن الحسن الفرضي المعروف بابن القابلة ، قال : أنشدني أبو جعفر محمد بن محفوظ الكلوذاني متمثلا :

أعملت فكري في دعاء له

يجمع ما جاء به طرّا

فقلت بيتا واحدا كافيا

لم يعد في مقداره سطرا

لا زالت الدّنيا له منزلا

يأويه والدهر له عمرا

توفّي أبو جعفر الكلوذاني يوم الاثنين العاشر من شعبان من سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة ، ودفن يوم الثلاثاء بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا (٢).

__________________

(١) ترجمه ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٠٣.

(٢) نقل ابن رجب عن القطيعي أنه قال : «وتوفي فيما ذكر لي ابن أخيه في سابع عشر جمادى

١٠٢

٥٤٣ ـ محمد بن محفوظ بن العلاء بن أسعد بن محمد بن إسرائيل ، أبو المفاخر الجرباذقانيّ الأصل البغداديّ الكاتب.

سمع الكثير بنفسه ، وطلب ، وكتب عن الشيوخ وأكثر ، غير أنه لم يكن محمود الأمر لحسد كان فيه ولحن غلب عليه ؛ سمعت غير واحد يذكر أنّ أبا المفاخر الجرباذقاني كان يستعير الأجزاء التي فيها سماع الشيوح ويحتجنها ولا يظهرها حتى لا يسمعها غيره ولا يشركه في روايتها سواه إلى غير ذلك من الأفعال التي لا تليق بطلبة العلم وأهل الحديث. قال الراوي لذلك : لا جرم أنّه لم ينتفع بما سمعه ؛ أولا ترك الاشتغال بالعلم وخدم في الأمور الدّنياوية ، والثاني أنه لم يطل عمره ولم تبلغ الحاجة إليه واخترم شابا.

كان سمع أبا الوقت السّجزي ، والشّريف أبا جعفر أحمد بن محمد العبّاسي ، وأبا محمد محمد بن أحمد ابن المادح ، وأبا المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي ، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وغيرهم ؛ ذكر محمد بن أبي المكارم الواعظ أنّه سمع منه ، ومحمد أيضا ضعيف في الرّواية.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن فضل الواعظ من كتابه بدقوقا ، قلت له : حدّثكم أبو المفاخر محمد بن محفوظ بن العلاء الجرباذقاني لفظا في سلخ رجب سنة ست وخمسين وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عبد الرحمن الشافعي ، قال :

__________________

الأولى سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة». ثم قال ابن رجب معقبا : «وفي تاريخ ابن شافع : أنه توفي ليلة الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين ، ودفن في منزله بباب الأزج. ورأيت في تاريخ القضاة لابن المندائي : أن المتوفى في هذه السنة هو أبو الفرج أحمد ابن الإمام أبي الخطاب ، وكان من المعدلين ببغداد ، وأن وفاته يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين ، ودفن بمقبرة باب حرب عند أبيه». قال بشار : يتضح مما تقدم أن أبا الحسن القطيعي قد خلط بين ترجمة الأخوين ، وأن ما ذكره ابن الدبيثي هو الصواب. أما ابن العماد فقد تابع ابن رجب فيما ذكره من تاريخ الوفاة.

١٠٣

حدثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ، قال : حدثنا العباس بن محمد بن الحسن العسقلاني ، قال : حدثنا محمد بن (سعيد بن) (١) يزيد ، قال : حدثنا سلم بن قتيبة ، قال : حدثنا الذّيّال بن عبيد (٢) ، قال : سمعت حنظلة بن حذيم ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يتم بعد احتلام» (٣).

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه معالي

٥٤٤ ـ محمد (٤) بن معالي بن محمد ، أبو محمد يعرف بابن شدّقينيّ (٥).

من ساكني درب الشّعير ، محلة بين باب البصرة والنّصرية.

سمع أبا الحسن عليّ بن عبد الواحد الدّينوري ، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز وغيره.

__________________

(١) إضافة مني لأنه جاء منسوبا إلى جده.

(٢) هو الذيال بن عبيد بن حنظلة بن حذيم ، فهو يروي عن جده.

(٣) إسناده حسن ، محمد بن سعيد بن يزيد ، وسلم بن قتيبة ، والذيال بن عبيد صدوقون.

أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة ١ / ٢٠٤. وقد صححه العلامة الألباني من حديث علي بالطرق والشواهد ، ولم يقف على هذا الطريق (إرواء الغليل ٥ / ٧٩ ـ ٨٣).

(٤) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٥١٨ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٢٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤١ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٤١ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٦٤٢.

(٥) لم أقف على ضبط هذا الاسم بالحروف ، وما أثبته مجوّد في النسخة المنذرية ، وهو تشديد الدال وكسرها ثم كسر القاف. وهو كذلك مضبوط بالقلم في نسخ من إكمال الإكمال لابن نقطة وفي نسخة الوافي للصفدي. أما في تاريخ الإسلام فجاء بتشديد الدال وفتحها ، وأما في ترجمة أخيه شجاع من مشيخة النجيب عبد اللطيف الحراني فلم أجد سوى تشديد الدال ، وأظن الصواب ما قيدته هنا ، أعني تشديد الدال المكسورة ، وكسر القاف ، والله أعلم.

١٠٤

وكانت له معرفة بتعبير الرّؤيا ، وله موضع بجامع المنصور يكون فيه كل جمعة ويأتيه النّاس ويقصّون عليه رؤياهم ويفسّرها لهم. كتب النّاس عنه قبلنا بسنين ، وسمعنا منه ، وكان في تسميعاته أبو محمد بن معالي في شيء ومحمد بن معالي في شيء فسمّي أبو محمد محمد. والقرشي سمّاه في «معجم شيوخه» الفضل ، ومحمد هو الأصح ، إن شاء الله.

أخبرنا أبو محمد محمد بن معالي بن محمد قراءة عليه بالجانب الغربي وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن محمد ابن المذهب قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال (١) ، حدثنا يحيى ابن آدم ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا وضع جنبه على فراشه يقول : «قني عذابك يوم تبعث (٢) عبادك» (٣).

__________________

(١) مسند أحمد ١ / ٣٩٤.

(٢) الذي في المطبوع من المسند : «تجمع».

(٣) إسناده ضعيف لانقطاعه ، فإذ أبا عبيدة ، وهو ابن عبد الله بن مسعود ، لم يسمع من أبيه ، إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وسماعه من جده في غاية الإتقان للزومه إياه.

أخرجه ابن أبي شيبة ٩ / ٧٦ و ١٠ / ٢٥١ ، وأحمد ١ / ٣٩٤ ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٧٥٦) ، وأبو يعلى (٥٠٠٥) و (٥٠٢١) ، والشاشي (٩٣٠) من طرق عن إسرائيل. وقال الدارقطني في العلل ٥ / ٢٩٦ : «يرويه أبو إسحاق ، واختلف عنه ، رفعه إسرائيل وعلي بن عابس (المعجم الكبير للطبراني ١٠٢٨٢) عن أبي إسحاق. ووقفه خديج ابن معاوية ، عن ابن مسعود. وغيره يرويه عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة قوله. وصحيحه عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة (في الأصل : سعد بن عبيدة ، خطأ) ، عن البراء. ويشبه أن يكون حديث أبي عبيدة ، عن عبد الله محفوظا. والله أعلم». وقال في موضع آخر من

١٠٥

قرأت على أبي محمد محمد بن معالي بن محمد بجامع المنصور ، قلت له : أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن عبد الرحمن بن عليّك النّيسابوريّ ، قدم علينا ، قال : أنشدني أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السّلمي ، قال : أنشدني نصر بن أبي نصر البستي لعلي بن بسّام :

أقصرت عن طلب البطالة والصّبى

لمّا علاني للمشيب قناع

لله أيام الشّباب ولهوه

لو أنّ أيام الشّباب تباع

فدع الصّبى يا قلب واسل عن الهوى

ما فيك بعد مشيبك استمتاع

وانظر إلى الدّنيا بعين مودّع

فلقد دنا سفر وحان وداع

والحادثات موكّلات بالفتى

والنّاس بعد الحادثات سماع

سألت أبا محمد بن شدّقيني عن مولده فقال : في سنة عشر وخمس مئة.

وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٤٥ ـ محمد (١) بن معالي بن غنيمة الحلاويّ ، أبو بكر المقرىء.

__________________

العلل ٣ / ١٦٧ ـ ١٦٨ : «والصواب عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله ، وقيل : عن البراء». ثم قال : «وجميعا صحيحين».

وحديث البراء أخرجه أحمد ٤ / ٢٨١ ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٧٥٤) ، وأبو يعلى (١٧١١) من طريق غندر عن شعبة ، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة ورجل آخر عن البراء بن عازب.

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ١٢٦ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٦٧ ، وابن الفوطي في الملقبين بعماد الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٥٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٤ ، والعبر ٥ / ٣٩ ، والمشتبه ٤٤٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤١ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٤٠ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٧٧ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٦ / ١٩٤ ، وابن حجر في التبصير

١٠٦

من ساكني المأمونية ، ويقيم في مسجد بها ، ويقرىء القرآن ، ويؤم بالنّاس في الصّلوات.

تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل على أبي الفتح بن المنّي ، وكان من قدماء أصحابه والمحصّلين لمعرفة مذهبهم.

سمع أبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي ، وأبا الفضل محمد بن ناصر السّلامي ، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، وغيرهم. سمعنا منه. وكان صالحا.

قرأت على أبي بكر محمد بن معالي بن غنيمة المقرىء ، قلت له : حدثكم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد إملاء ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد ابن البسري قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا محمد بن هشام المروزيّ ، قال : حدثنا هشيم ، عن عليّ بن زيد بن جدعان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنّة وأنّ منبري على ترعة من ترع الجنّة» (١).

__________________

٣ / ١٠٥٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢١٢ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٤٨.

(١) إسناده ضعيف ، لضعف علي بن زيد بن جدعان.

أخرجه أحمد ٣ / ٣٨٩ ، والبزار (كما في كشف الأستار ١١٩٦) ، وأبو يعلى (١٧٨٤) و (١٩٦٤) ، والطحاوي في شرح المشكل (٢٨٨٣) ، والخطيب في تاريخه ٤ / ٥٧٣ وقال بعد أن ساقه من طريق أبي القاسم المروزي عن محمد بن هشام : «قال أبو القاسم : سمعت محمد بن هشام يقول : أحمد كتب عني هذا الحديث. قلت (يعني الخطيب) : ولم يروه عن هشيم غيره فيما قيل ، والله أعلم». قال أفقر العباد بشار بن عواد : هكذا قال ، وقد رواه عنه سريج بن النعمان الجوهري ، كما في مسند أحمد ٣ / ٣٨٩ ، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني عند أبي يعلى (١٧٨٤) ، وزكريا بن يحيى الواسطي ، عنده أيضا (١٩٦٤) ، وغيرهم! على أن متن الحديث صحيح من حديث أبي هريرة ، فهو في الصحيحين : البخاري ٢ / ٧٧ و ٣ / ٢٩ و ٨ / ١٥١ و ٩ / ١٢٩ ، ومسلم ٤ / ١٢٣.

١٠٧

سألت أبا بكر ابن الحلاوي عن مولده فلم يحقّقه ، والظاهر أنّه بعد سنة ثلاثين وخمس مئة بيسير.

وتوفّي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وست مئة ، وصلّي عليه يوم الجمعة بجامع القصر الشّريف ، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة باب حرب.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه منصور

٥٤٦ ـ محمد بن منصور بن القاسم ، أبو بكر المقرىء.

روى عن أبي الخطّاب محفوظ بن أحمد الكلوذانيّ شيئا من شعره. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفّاف ، عنه ، وأخرج عنه في «معجمه» إنشادا عن أبي الخطّاب.

٥٤٧ ـ محمد (١) بن منصور بن عبد الواحد بن محمد بن إلياس التّميميّ ، أبو المحاسن بن أبي الفضل البالسيّ.

كان والده من بالس ، قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته وسيأتي ذكره فيمن اسمه منصور ، إن شاء الله.

وأبو المحاسن هذا ولد ببغداد ، وسمع بها من أبي القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ ، وغيره سمعنا منه.

قرأت على أبي المحاسن محمد بن منصور بن عبد الواحد من أصل سماعه

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤١٤ ، وابن الفوطي في الملقبين بقوام السنة من تلخيصه ٤ / الترجمة ٣١٥٠ نقلا من هذا الكتاب فقط ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٥٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٢.

١٠٨

بشرقي بغداد في درب دينار ، قلت له : أخبركم أبو القاسم نصر بن نصر العكبري فيما قرىء عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد ابن البسريّ ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو بن سليمان (١) ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وليكرم جاره وليقل خيرا أو ليسكت» (٢).

سألت أبا المحاسن ابن البالسي عن مولده ، فقال : ولدت ضحى يوم الخميس سابع شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وخمس مئة ببغداد بحجرة مجاورة للمدرسة النّظامية.

وبلغنا أنه توفي بواسط في رجب سنة اثنتي عشرة وست مئة ، ودفن بها.

* * *

__________________

(١) هو المعروف بابن أبي مذعور ، وثقه الدارقطني ، وترجمه الخطيب في تاريخه ٤ / ٢١٩ ، والسمعاني في «المذعوري» من الأنساب.

(٢) إسناده ضعيف ، لانقطاعه ، فإن الحسن بن أبي الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة ، لكن متن الحديث صحيح من حديث أبي هريرة ، فهو في الصحيحين من رواية أبي صالح ذكوان السمان عنه : البخاري ٨ / ١٣ (٦٠١٨) و ٨ / ٣٩ (٦١٣٦) ، ومسلم ١ / ٥٠ (٤٧).

١٠٩

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه المحسّن

٥٤٨ ـ محمد (١) بن المحسّن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكيّ ، أبو عبد الله الدّمشقيّ.

أنبأنا أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدّمشقي ، قال : أبو عبد الله بن أبي المضاء ، ولد بالشّام ، وحمله أبوه إلى مصر ، فنشأ بها وقرأ الأدب ، وعاد إلى الشّام ، وسمع بدمشق من أبي القاسم عليّ بن الحسن بن عساكر ، وغيره. ورحل إلى بغداد وسمع بها ، وقرأ شيئا من الفقه والأدب ، وكتب من ذلك ما اتّسع له. وكان له خطّ حسن. وعاد إلى الشام ، وخرج إلى مصر ، واتصل بخدمة صلاح الدين ملك مصر والشّام وولّاه الخطابة بمصر ، وهو الذي خطب للإمام المستضيء بأمر الله رضي‌الله‌عنه بمصر. ونفّذه صلاح الدين رسولا إلى بغداد وحصل له بالرّسالة وجاهة ، وأثرى حاله ، ورجع من بغداد إلى دمشق فمرض بها أياما يسيرة وتوفّي بها.

قلت : وكان دخوله بغداد أول مرّة طالبا للعلم في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة ، فسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبي بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ، وظافر بن معاوية وجامع بن الطّيّب الحربيين ، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، وجماعة غيرهم. وحدّث بدمشق بعد عوده عن أبي زرعة المذكور.

قال ابن صصرى : وتوفّي بدمشق ليلة ثاني عشر صفر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ولم يبلغ الأربعين ، ودفن بجبل قاسيون ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥١٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٢ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٨٩ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٩٧.

١١٠

٥٤٩ ـ محمد (١) بن المحسّن بن هبة الله بن محمد ، أبو الحسن بن أبي عليّ الوكيل بباب القضاة.

كان أبوه واعظا يعرف بصفي القضاة ، وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب ، إن شاء الله.

سمع أبو الحسن هذا من الشّريف أبي جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العبّاسي نقيب مكة ببغداد ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وغيرهما. واشتغل بملازمة باب القضاة فلم يعرف ، ولا سمع أحد منه لخموله.

ذكر لي صديقنا أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النّجّار أنّه استجازه فأجاز له.

وتوفي في ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مئة.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٦١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٨.

١١١

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محاسن

٥٥٠ ـ محمد بن محاسن بن الضجة (١) المقرىء.

من أهل دار القز.

هكذا سمّاه بعض من قرأ عليه. وغيره يقول : هو محمد بن محمد ، أبو المحاسن. وقد تقدم ذكرنا له في «محمد بن محمد» (٢) وأعدناه هاهنا جمعا بين القولين واستغنينا بذكره ثم عن إعادة ذكر شيوخه ووفاته ، والله الموفّق!

٥٥١ ـ محمد (٣) بن محاسن بن أبي منصور ، أبو محمد الخيّاط.

من أهل محلة العتّابيين ، يعرف بابن السّنّور.

هكذا قرأت بخطّه في إجازته لنا. ورأيت بخط أحمد بن سلمان الحربي المعروف بالسّكّر طبقة سماع عليه وقد كتب اسمه عبد الله وكنّاه بأبي محمد (٤).

سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وغيره. وأجاز لنا في سنة سبع وثمانين وخمس مئة ـ والله المشكور ـ وسنذكره فيمن اسمه عبد الله جمعا بين القولين ، إن شاء الله.

__________________

(١) جود الناسخ تقييدها وصحح عليها.

(٢) الترجمة ٤٥٣.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٢٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٧٨ ، وهو فيهما : عبد الله بن أبي المحاسن ، كما سيعيده المؤلف بعد.

(٤) هذا الكلام يوحي أن السّكّر سماه «عبد الله بن محاسن» ، وليس الأمر كذلك ، فهو «عبد الله ابن أبي المحاسن» كما سيأتي.

١١٢

ذكر الأسماء المفردة والمثاني في حرف الميم

في آباء من اسمه محمد

٥٥٢ ـ محمد (١) بن مكّي ابن الرّميليّ ، أبو المعالي المنجّم.

أديب فاضل ، له شعر حسن. كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين البغداديّ شيئا من شعره في سنة سبع وتسعين وأربع مئة ، فمن ذلك ما قرأت بخط أبي الوفاء ابن الحصين ، قال : أنشدني أبو المعالي محمد بن مكي ابن الرّميلي لنفسه ملغزا :

وأبيض محجوب عن العين شخصه

إذا ما بدا يوما يضرّ وينفع

فإن شاء ضرا كان ذلك هيّنا

عليه ولكن للمنافع يوضع

٥٥٣ ـ محمد بن مكي بن محمد بن هبيرة ، أبو عبد الله بن أبي جعفر.

من بيت معروف بالتّقدّم والفضل. تولّى النّظر بديوان الزّمام المعمور في رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وكان على ذلك إلى أن عزل عنه في سادس عشري صفر سنة خمس وثمانين وخمس مئة.

وتوفي في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.

٥٥٤ ـ محمد (٢) بن موهوب بن عبد الله ، ويقال : موهوب بن الحسن ، أبو نصر الضّرير الفرضيّ.

كانت له معرفة جيّدة بالفرائض والحساب وقسمة التّركات ، وله في ذلك مصنّفات حسنة. وكان يقرىء في مسجد مقابل لدرب الدّواب. حكى بعضهم عنه أنّه كان يقرىء علم الفرائض ولا يأخذ على ذلك جزاء ، فإذا جاءه من يريد

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ٥٧.

(٢) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٦٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٥١٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٢ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٠٠ ، وفي نكت الهميان ٢٧٦.

١١٣

تعليم الجبر والمقابلة لا يقرؤه إلا بشيء ويقول : هذا ليس بمهم.

ذكره الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ ابن الجوزي في كتابه المسمى «بالمنتظم في تاريخ الأمم» ، فقال في سنة ثلاثين وخمس مئة (١) : توفي أبو نصر الفرضي وكان غاية في علمه.

وذكره أبو بكر بن كامل في شيوخه الذين سمع منهم.

٥٥٥ ـ محمد (٢) بن معاوية بن الفضل بن عبيد الله ، أبو الفتوح.

من أهل أصبهان. سمع بها أباه أبا المعالي ، وأبا الفتح أحمد بن محمد بن الحدّاد. قدم بغداد في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة ، وحدّث بها عنهما ؛ سمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب فيما قرأت بخطّه ، قال : وسألته عن مولده ، فقال : في سنة سبع وسبعين وأربع مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٥٥٦ ـ محمد بن مواهب بن عبد الباقي ، أبو الفتح العطّار.

من أهل الجانب الغربي ، قيل : كان يسكن الحريم الطّاهري ، وقيل : بل كان يسكن محلة دار القز. سمع أبا علي محمد بن محمد بن عبد العزيز ابن المهدي.

ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق في «معجم شيوخه» ، وقال : سمعت منه.

٥٥٧ ـ محمد (٣) بن مرجّى بن أبي العز بن مرجّى البتمّاري ، أبو البدر.

وبتمّارى المنسوب إليها قرية من قرى السّواد قريبة من بغداد.

سمع أبا عليّ الحسن بن إسحاق الباقرحيّ ، وروى عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي ، وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ٦٤.

(٢) ترجمه الصفدي في الوافي ٥ / ٤١.

(٣) ترجمه ياقوت في «بتمار» من معجم البلدان ١ / ٣٣٥.

١١٤

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر الدّمشقيّ ، ومن خطّه نقلت ، قال : أخبرنا أبو البدر محمد بن مرجّى بن أبي العز ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن إسحاق الباقرحي ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ماسي ، قال : حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا سليمان التّيمي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن نبيذ الجرّ وأن يخلط بسر وتمر وأن يخلط تمر وزبيب (١).

قال القرشيّ : سألت محمد بن مرجّى عن مولده فقال ما يدل أنّه في سنة سبع وخمس مئة.

وقال عبيد الله بن عليّ المارستاني : سألته عن مولده ، فقال : في سنة سبع وخمس مئة.

٥٥٨ ـ محمد (٢) بن المؤيّد بن محمد بن عليّ بن أحمد ، أبو المظفّر بن أبي سعيد الآلوسيّ الأصل.

وآلوس : قرية قريبة من هيت كان والده المؤيّد شاعرا مذكورا يأتي ذكره في حرف الميم ، إن شاء الله تعالى.

وأبو المظفر هذا روى عن أبيه شيئا من شعره. سمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشي فيما قرأت بخطه ، عن أبيه ولنفسه.

__________________

(١) حديث صحيح.

أخرجه أحمد ٣ / ٣ و ٩ و ٧١ و ٩٠ ، ومسلم ٦ / ٩٠ (١٩٨٧) ، والترمذي (١٨٧٧) ، وفي الوليمة من السنن الكبرى للنسائي (٦٨٠٤) ، وأبو يعلى (١١٧٧) ، وابن حبان (٥٣٧٨) ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

(٢) ترجمه العماد في القسم العراقي من الخريدة ٢ / ١٨٠ ، والصفدي في الوافي ٥ / ١٠١ ، وصاغ له شيخنا العلامة محمد بهجة الأثري ـ طيّب الله ثراه ـ ترجمة رائقة في كتابه : «محمود شكري الآلوسي وآراؤه اللغوية» المطبوع بالقاهرة.

١١٥

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن ، قال : أنشدني أبو المظفّر محمد بن المؤيّد بن محمد لنفسه (١) :

أنا ابن من شرفت علما خلائقه

فراح متّزرا بالمجد متّشحا

أمّ الحجا بجنين قطّ ما حملت

من بعده وإناء الفضل ما نضحا

إن كنت نورا فنبت من سحابته

أو كنت نارا فذاك الزّند قد قدحا

٥٥٩ ـ محمد (٢) بن المؤيّد بن عبد المؤمن بن أبي الفرج بن عمر ، القاضي أبو بكر.

من أهل همذان. سمع بها من أبي الوقت السّجزي.

قدم بغداد حاجا في سنة ثلاث عشرة وست مئة ، فحج وعاد في صفر من سنة أربع عشرة وست مئة ، وحدّث بها عن أبي الوقت المذكور ، فسمعنا منه.

قرأت على أبي بكر محمد بن المؤيّد بن عبد المؤمن الهمذاني ببغداد ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السّجزي قراءة عليه وأنت تسمع بهمذان فأقرّ بذلك ، قال : أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الدّاودي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحمويي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، قال (٣) : حدثنا أبو عاصم ومكي بن إبراهيم ، قالا : حدثنا يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع ، قال : أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا من أسلم أن أذّن في النّاس : «من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإنّ

__________________

(١) هذه الأبيات الثلاثة ذكرها ياقوت في «ألوس» من معجم البلدان ١ / ٢٤٧.

(٢) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٦٢٣ من تاريخ الإسلام ١٣ / ٧٥٢ ، واختاره في المختصر المحتاج.

(٣) البخاري ٣ / ٣٨ (١٩٢٤) وهو عن أبي عاصم النبيل ، وفي ٣ / ٥٨ (٢٠٠٧) عن مكي بن إبراهيم ، فترى أن البخاري فرّقهما. وقد رواه في ٩ / ١١١ (٧٢٦٥) عن مسدد ، وهو عند مسلم أيضا ٣ / ١٥١ (١١٣٥). وقد تقدم الحديث من هذا الوجه في الترجمة ٢٣٨.

١١٦

اليوم يوم عاشوراء».

٥٦٠ ـ محمد (١) بن المنجح بن عبد الله ، أبو شجاع الفقيه الواعظ الصّوفيّ.

تفقه ببغداد على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه على أبي محمد عبد الله بن أبي بكر الشّاشي ، وبالجزيرة على أبي القاسم ابن البزريّ. وحصّل معرفة المذهب والخلاف. وخرج إلى الشّام ، وتولّى القضاء ببعلبك وأقام بها مدة. ثم عاد إلى بغداد وأقام بالرّباط الأرجواني بدرب زاخي على قدم التّصوف ويفتي ويحدّث ، وقد كان يعظ في مبدأ أمره.

سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن طاهر الميهني وغيرهما. وكانت له إجازة من أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي. وله شعر حسن. سمعت غير واحد يثني على ابن المنجح ويصفه بالفضل والعلم والصّلاح.

أنشدني أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن أبي المظفّر الهاشمي لفظا من كتابه ، قال : أنشدني أبو شجاع محمد بن المنجح بن عبد الله الشّافعي ببغداد لنفسه في ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمس مئة (٢) :

عذيري من زمن كلّما

شددت عرى أملي حلّها

عرائس فكري قد عنّست

لأنّي عدمت لها أهلها

ونفسي تنهل من مورد

ترى الموت في الورد إن علّها

عليها من الدّهر أثقاله

ولا يغلط الدهر يوما لها

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة (الورقة ٣ من نسختي الخطية) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٤١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٤٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٦٥ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٤٠١ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ١١٢.

(٢) الأبيات في الوافي للصفدي.

١١٧

ومن شعر ابن المنجح أيضا وقد أجاد فيه (١) :

سلام على وادي الغضا ما تناوحت

على ضفّتيه شمأل وجنوب

أحمّل أنفاسي الخزامى تحية

إذا آن منها بالعشيّ هبوب

لعمري لئن شطّت بنا غربة النّوى

وحالت صروف دوننا وخطوب

وبدّدنا ريب الزّمان وخيّلت

إياس تلاقيكم إليّ شعوب

فما كلّ رمل جئته رمل عالج

وما كلّ ماء عمت فيه شروب

رعى الله هذا الدّهر كلّ محاسني

لديه وإن أكثرهنّ ذنوب

ذكر أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني أنّ مولد محمد بن المنجح هذا في سنة خمس وخمس مئة ، وأنّه توفي يوم الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمس مئة ، وأنه صلّي عليه بقية يومه برباط الشّيخ أبي النّجيب السّهروردي ، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة الشّونيزي.

٦٦١ ـ محمد (٢) بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم ، أبو بكر الحازميّ.

ولد بطريق همذان ، وحمل إليها ، ونشأ بها ، وحفظ القرآن ، وسمع بها. ثم قدم بغداد بعد بلوغه واستوطنها وتفقه بها على مذهب الشّافعي ، وسمع بها ، وجالس علماءها وأدباءها ، وأخذ عنهم حتى تميّز وفهم ، وصار من أحفظ النّاس للحديث ، وأعرفهم بعلومه من معرفة الأسانيد والاطلاع على حال الرّواة ،

__________________

(١) الأبيات ، خلا الرابع ، في تاريخ الإسلام والوافي.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٢٠٦ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٥ ، وأبو شامة في الروضتين ٢ / ١٣٧ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٤ / ٢٩٤ ، والذهبي في كتبه ومنها : تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٦٧ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٣ ، والصفدي في الوافي ٥ / ٨٨ ، والسبكي في طبقاته الكبرى ٧ / ١٣ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٣٣٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٢٥ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٦٣ ، وغيرهم.

١١٨

وتمييز الصّحيح من السّقيم ، وفهم المتون وفقهها ، ودخولها في أبواب الأحكام وتعلّقها بالحلال والحرام. مع زهد كان يأخذ به نفسه وتعبّد ورياضة واشتغال بذكر وقراءة وحسن طلب للعلم ودوام عمل.

سمع معنا كثيرا ، وقبلنا ؛ فأوّل سماعه بهمذان من أبي الوقت عبد الأول ابن عيسى السّجزي ، لمّا قدمها ، حضورا ، ثم بعده سماع من أبي منصور شهردار ابن شيروية الدّيلمي ، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، وأبي العلاء الحسن ابن أحمد ابن العطّار الحافظ ، وأبي الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف الأديب ، وأبي الفرج عبد الحميد وأبي طاهر عبد الرزاق ابني إسماعيل القومساني ، وأبي القاسم عبد الله بن حيدر القزويني ، وأبي داود محمود بن سليمان الواعظ وغيرهم. وبأصبهان من أبي طاهر معاوية بن عليّ بن معاوية ، وأبي أحمد معمر ابن الفاخر القرشي ، ومن الحافظ أبي موسى محمد بن عمر المديني ، وأبي الوفاء محمود بن أبي القاسم بن حمكان ، وأبي العباس أحمد بن أبي منصور المعروف بترك الصوفي ، وأبي الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي ، وخلق من أصحاب : أبي سعد المطرّز وأبي الفتح الحدّاد وأبي عليّ الحدّاد وغيرهم. وببغداد من أبي محمد عبد الله بن عبد الصّمد السّلمي ، وأبي الثناء محمد بن محمد ابن الزّيتوني ، وأبي نصر عبد الرحيم وأبي الحسين عبد الحق ابني عبد الخالق بن يوسف ، وأبي إسحاق إبراهيم بن عليّ ابن الفرّاء السّلمي ، وأبي الفائز المبارك بن عليّ البرداني ، ومن في طبقتهم وبعدهم. وبالموصل من أبي الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطّوسي ، ومن غيره. وبواسط من أبي طالب محمد بن عليّ ابن الكتّاني ، وأبي العباس أحمد بن سالم المقرىء ، وغيرهما. وبالبصرة من أبي أحمد محمد بن طلحة المالكي ، وأبي الخير بدر بن عمر العامري. وفي أسفاره وتطوافه من خلق كثير.

وكانت له إجازة من أبي عبد الله الحسن بن العباس الرّستمي ، وأبي سعد عبد الكريم بن محمد ابن السّمعاني ، وأبي طاهر أحمد بن محمد

١١٩

السّلفي ، وغيرهم.

وصنّف في علم الحديث مصنّفات كثيرة حسنة مفيدة ، وأملى مجالس عدّة تكلّم فيها على الإسناد والمتون كلاما جيّدا.

كتبت عنه ببغداد وبواسط ، وسمعت معه وبإفادته ـ رحمه‌الله ـ من جماعة ، وسألته عن مسائل حديثية فأجاب عنها ، وعلّقت مما سمعته في حال المذاكرة فوائد كثيرة.

وكان حسن المذاكرة كثير المحفوظ يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام والمتون الفقهية. وله كتاب «ناسخ الحديث ومنسوخه» نحو مجلّد لم يسبق إلى مثله ؛ ذكر فيه الأحاديث المنسوخة ومن أخذ بها والأحاديث النّاسخة ومن ذهب إليها ، وضمّنه مذاهب العلماء وترجيحاتهم واختلافاتهم ، سمعناه منه. وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب «المهذّب» تصنيف الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن عليّ الشيرازي وأسندها ، وتوفي قبل إتمامه ، وغير ذلك من الكتب التي ينتفع بها الفقيه والحديثي.

قرأت على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي ببغداد برباط الكاتبة برحبة جامع القصر الشّريف ، قلت له : أخبركم أبو بكر محمد بن إبراهيم الخطيب ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد القارىء ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد اللّخمي ، قال (١) : حدثنا محمد بن صالح بن الوليد ، قال : حدثنا عبد القدوس بن محمد الحبحابي ، قال : حدثنا عمّي صالح بن عبد الكبير ، قال : حدثنا عمي عبد السّلام بن شعيب بن الحبحاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الأزد أسد الله في الأرض يريد النّاس أن يضعوهم

__________________

(١) أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط عن شيخه محمد بن أبان ، عن عبد القدوس ، به (٧٣٩٩).

١٢٠